المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

لهم معرفة بك من قبل، فكيف وهم عارفون بأنك كنت - تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن - جـ ٢٠

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌21

- ‌22

- ‌23

- ‌24

- ‌25

- ‌26

- ‌27

- ‌28

- ‌29

- ‌30

- ‌31

- ‌32

- ‌33

- ‌34

- ‌35

- ‌36

- ‌37

- ‌38

- ‌39

- ‌40

- ‌41

- ‌42

- ‌43

- ‌ 44

- ‌45

- ‌46

- ‌47

- ‌48

- ‌49

- ‌50

- ‌51

- ‌52

- ‌53

- ‌54

- ‌55

- ‌56

- ‌57

- ‌58

- ‌59

- ‌60

- ‌61

- ‌62

- ‌63

- ‌64

- ‌65

- ‌66

- ‌67

- ‌68

- ‌69

- ‌70

- ‌71

- ‌72

- ‌73

- ‌74

- ‌75

- ‌76

- ‌77

- ‌سورة الشعراء

- ‌1

- ‌2

- ‌3

- ‌4

- ‌5

- ‌(6

- ‌7

- ‌8

- ‌9

- ‌10

- ‌11

- ‌12

- ‌13

- ‌14

- ‌15

- ‌16

- ‌17

- ‌18

- ‌19

- ‌20

- ‌21

- ‌22

- ‌23

- ‌24

- ‌25

- ‌26

- ‌27

- ‌28

- ‌29

- ‌30

- ‌31

- ‌32

- ‌33

- ‌34

- ‌35

- ‌36

- ‌37

- ‌38

- ‌39

- ‌40

- ‌41

- ‌42

- ‌43

- ‌44

- ‌45

- ‌46

- ‌47

- ‌48

- ‌49

- ‌50

- ‌ 51

- ‌52

- ‌53

- ‌54

- ‌55

- ‌56

- ‌57

- ‌58

- ‌59

- ‌60

- ‌61

- ‌62

- ‌63

- ‌64

- ‌65

- ‌66

- ‌67

- ‌68

- ‌69

- ‌70

- ‌71

- ‌72

- ‌73

- ‌74

- ‌75

- ‌76

- ‌77

- ‌78

- ‌ 79

- ‌ 80

- ‌ 81

- ‌ 82

- ‌83

- ‌84

- ‌85

- ‌86

- ‌87

- ‌88

- ‌89

- ‌90

- ‌91

- ‌92

- ‌93

- ‌94

- ‌95

- ‌96

- ‌97

- ‌98

- ‌99

- ‌100

- ‌101

- ‌102

- ‌103

- ‌104

- ‌105

- ‌106

- ‌107

- ‌108

- ‌ 109

- ‌110

- ‌111

- ‌112

- ‌113

- ‌114

- ‌115

- ‌116

- ‌117

- ‌118

- ‌119

- ‌120

- ‌121

- ‌122

- ‌123

- ‌124

- ‌125

- ‌126

- ‌127

- ‌128

- ‌129

- ‌130

- ‌131

- ‌132

- ‌133

- ‌134

- ‌135

- ‌136

- ‌137

- ‌138

- ‌139

- ‌140

- ‌141

- ‌142

- ‌143

- ‌144

- ‌145

- ‌146

- ‌147

- ‌148

- ‌149

- ‌150

- ‌151

- ‌152

- ‌153

- ‌154

- ‌155

- ‌156

- ‌157

- ‌158

- ‌159

- ‌160

- ‌161

- ‌162

- ‌163

- ‌164

- ‌165

- ‌166

- ‌167

- ‌168

- ‌169

- ‌170

- ‌171

- ‌172

- ‌173

- ‌174

- ‌175

- ‌176

- ‌177

- ‌178

- ‌179

- ‌180

- ‌181

- ‌182

- ‌183

- ‌184

- ‌185

- ‌186

- ‌187

- ‌188

- ‌189

- ‌190

- ‌191

- ‌192

- ‌193

- ‌194

- ‌195

- ‌196

- ‌197

- ‌198

- ‌199

- ‌200

- ‌201

- ‌202

- ‌203

- ‌204

- ‌205

- ‌206

- ‌207

- ‌208

- ‌209

- ‌210

- ‌211

- ‌212

- ‌213

- ‌214

- ‌215

- ‌216

- ‌217

- ‌218

- ‌219

- ‌220

- ‌221

- ‌222

- ‌223

- ‌224

- ‌225

- ‌226

- ‌227

- ‌سورة النمل

- ‌1

- ‌(2)

- ‌3

- ‌4

- ‌5

- ‌6

- ‌7

- ‌8

- ‌9

- ‌10

- ‌11

- ‌12

- ‌(13)

- ‌14

- ‌15

- ‌16

- ‌17

- ‌18

- ‌19

- ‌20

- ‌21

- ‌22

- ‌23

- ‌24

- ‌25

- ‌26

- ‌27

- ‌28

- ‌29

- ‌30

- ‌31

- ‌(32)

- ‌33

- ‌34

- ‌35

- ‌36

- ‌37

- ‌38

- ‌39

- ‌40

- ‌41

- ‌42

- ‌43

- ‌44

- ‌45

- ‌46

- ‌47

- ‌48

- ‌49

- ‌50

- ‌51

- ‌52

- ‌53

- ‌54

- ‌55

الفصل: لهم معرفة بك من قبل، فكيف وهم عارفون بأنك كنت

لهم معرفة بك من قبل، فكيف وهم عارفون بأنك كنت قبل الرسالة أصدقهم لهجة، وأعظمهم أمانة، وأغزرهم عقلًا، وأبعدهم عن كل ذي دنس.

‌191

- {وَإِنَّ رَبَّكَ} يا محمد {لَهُوَ الْعَزِيزُ} الغالب القادر على كل شيء. ومن عزته نصر أنبيائه على أعدائه. {الرَّحِيمُ} بالإمهال، فلا يعاجل العقوبة لمن استحقها.

وهذا آخر (1) القصص السبع التي ذكرها الله سبحانه تسلية لرسوله صلى الله عليه وسلم، وتهديدًا للمكذبين له. وكل قصة من هذه القصص ذكر مستقل متجدد النزول، قد أتاهم من الله تعالى وما كان أكثرهم مؤمنين بعدما سمعوها على التفصيل قصة بعد قصة، بأن لا يعتبروا بما في كل واحدة منها من الدواعي إلى الإيمان، والزواجر عن الكفر والطغيان، وبأن لا يتأملوا في شأن الآيات الكريمة الناطقة بتلك القصص على ما هي عليه، مع علمهم بأنه صلى الله عليه وسلم لم يسمع شيئًا منها من أحد أصلًا، وصاروا كأنهم لم يسمعوا شيئًا يزجرهم عن الكفر والضلال واستمروا على ذلك.

تتمة: وقد كرر (2) سبحانه في هذه السورة في أول كل قصة وآخرها ما كرر تقريرًا لمعانيها في الصدور؛ ليكون أبلغ في الوعظ والزجر، ولأن كل قصة منها كتنزيل برأسه. وفيها من الاعتبار مثل ما في غيرها، فكانت جديرة بأن تفتتح بما افتتحت به صاحبتها، وأن تختتم بما اختتمت به.

تنبيه: جاءت (3) هذه القصص السبع مختصرة هنا، وفيها البرهان الساطع على أن القرآن جاء من عالم الغيب، فإن النتائج التي حصل عليها النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكن حين نزولها ذا شوكة ولا ذا قوة، وأن ما أصيب به من التكذيب والأذى وكانت عاقبته الفتح والنصر المبين نموذج لما حدث للأنبياء السالفين قبله.

(1) المراح.

(2)

النسفي.

(3)

المراغي.

ص: 307

فائدة: فإن قلت (1): لم لا يجوز أن يقال: إن العذاب النازل بعاد وثمود، وقوم لوط وغيرهم .. لم يكن لكفرهم، وعنادهم، بل كان كذلك بسبب اقترانات الكواكب، واتصالاتها على ما اتفق عليه أهل النجوم، ومع قيام هذا الاحتمال لم يحصل الاعتبار بهذه القصص. وأيضًا أن الله تعالى قد ينزل العذاب محنة للمكلفين، وابتلاء لهم، وقد ابتلى المؤمنون بأنواع البليات، فلا يكون نزول العذاب على هؤلاء الأقوام دليلًا على كونهم مبطلين مؤاخذين بذلك؟

قلت: إطراد نزول العذاب على تكذيب الأمم بعد إنذار الرسل به واقتراحهم لهم استهزاء، وعدم مبالاة به يدفع أن يقال: إنه كان بسبب اتصالات فلكية، أو كان ابتلاء لهم، لا مؤاخذة على تكذيبهم؛ لأن الابتلاء لا يطرد.

الإعراب

{كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ (141) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (142) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (143) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (144)} .

{كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ (141)} : فعل وفاعل ومفعول به، والجملة مستأنفة، ولم ينون {ثَمُودُ}؛ لمنعه من الصرف بالعلمية والتأنيث المعنوي. {إِذْ}: ظرف لما مضى، متعلق بـ {كَذَّبَتْ}. {قَالَ}: فعل ماض. {لَهُمْ} : متعلق به. {أَخُوهُمْ} : فاعل ومضاف إليه، والجملة في محل الجر مضاف إليه لـ {إِذْ}. {صَالِحٌ}: بدل من {أَخُوهُمْ} ، أو عطف بيان له. {أَلَا}: أداة عرض. {تَتَّقُونَ} : فعل وفاعل، والجملة في محل النصب مقول {قَالَ}. {إِنِّي}: ناصب واسمه. {لَكُمْ} : حال من {رَسُولٌ} . و {رَسُولٌ} : خبر {إن} . {أَمِينٌ} : صفة {رَسُولٌ} ، وجملة {إن}: في محل النصب مقول {قال} . {فَاتَّقُوا اللَّهَ} : {الفاء} : فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عرفتم أني رسول الله، وأردتم بيان ما هو اللازم لكم .. فأقول لكم اتقوا الله. {اتقوا الله}: فعل وفاعل ومفعول،

(1) روح البيان.

ص: 308

والجملة في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة في محل النصب مقول {قَالَ}. {وَأَطِيعُونِ}:{الواو} : عاطفة. {أطيعون} : فعل أمر وفاعل ونون وقاية، وياء المتكلم المحذوفة للفاصلة في محل النصب مفعول به، والجملة في محل النصب معطوفة على جملة {اتقوا الله} .

{وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (145) أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ (146) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (147) وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ (148) وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ (149) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (150)} .

{وَمَا} : {الواو} : عاطفة. {مَا} : نافية. {أَسْأَلُكُمْ} : فعل مضارع وفاعل مستتر ومفعول أول. {عَلَيْهِ} : حال من {أَجْرٍ} ، و {مِنْ}: زائدة، و {أَجْرٍ}: مفعول ثان لسأل، والجملة الفعلية في محل النصب معطوفة على جملة إن على كونها مقول {قَالَ}. {إِن}: نافية. {أَجْرِيَ} : مبتدأ ومضاف إليه. {إِلَّا} : أداة استثناء مفرغ. {عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} : جار ومجرور ومضاف إليه خبر المبتدأ، والجملة في محل النصب مقول {قَالَ}. {أَتُتْرَكُونَ}:{الهمزة} : للاستفهام الإنكاري التوبيخي، {تتركون}: فعل ونائب فاعل، والجملة في محل النصب مقول {قَالَ}. {فِي}: جار ومجرور متعلق بـ {تتركون} . {مَا هَاهُنَا} : {ها} : حرف تنبيه، {هنا}: اسم إشارة للمكان القريب في محل النصب على الظرفية المكانية، والظرف صلة لـ {ما} الموصولة. {آمِنِينَ}: حال من {الواو} في {تتركون} . {فِي جَنَّاتٍ} : بدل من قوله: {فِي مَا هَاهُنَا} بإعادة الجار. {وَعُيُونٍ (147) وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ} : معطوفات على {جَنَّاتٍ} . {طَلْعُهَا هَضِيمٌ} : مبتدأ وخبر، والجملة في محل الجر صفة لـ {نخل}. {وَتَنْحِتُونَ}: فعل وفاعل معطوف على {تتركون} ، فهو في حيز الاستفهام الإنكاري التوبيخي. {مِنَ الْجِبَالِ}: متعلق بـ {تنحتون} . {بُيُوتًا} : مفعول به. {فَارِهِينَ} حال من واو {تنحتون} . {فَاتَّقُوا اللَّهَ} : {الفاء} : فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر تقديره: إذا عرفتم ما ذكرته لكم، وأردتم بيان ما هو اللازم لكم .. فأقول لكم: اتقوا الله. {اتقوا الله} : فعل وفاعل ومفعول، والجملة في النصب مقول لجواب إذا

ص: 309

المقدرة، وجملة إذا المقدرة في محل النصب مقول {قَالَ}. {وَأَطِيعُونِ}: فعل وفاعل ومفعول محذوف ونون وقاية معطوف على {اتقوا الله} .

{وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (151) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (152) قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (153)} .

{وَلَا} : {الواو} : عاطفة. {لَا} : ناهية جازمة. {تُطِيعُوا} : فعل وفاعل مجزوم بـ {لَا} الناهية، والجملة معطوفة على جملة وأطيعوا الله، أو الجملة في محل النصب حال من فاعل أطيعوا. {أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ}: مفعول به ومضاف إليه. {الَّذِينَ} : اسم موصول للجمع المذكر في محل الجر صفة لـ {الْمُسْرِفِينَ} . {يُفْسِدُونَ} : فعل وفاعل صلة الموصول. {فِي الْأَرْضِ} : متعلق به. {وَلَا} : {الواو} : عاطفة. {لَا} : نافية. {يُصْلِحُونَ} : فعل وفاعل معطوف على {يُفْسِدُونَ} . {قَالُوا} : فعل وفاعل، والجملة مستأنفة. {إِنَّمَا}: أداة حصر، أو حرف كاف ومكفوف. {أَنْتَ}: مبتدأ. {مِنَ الْمُسَحَّرِينَ} : خبر المبتدأ، والجملة في محل النصب مقول {قَالُوا} .

{مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (154)} .

{مَا} : نافية. {أَنْتَ} : مبتدأ. {إِلَّا} : أداة حصر. {بَشَرٌ} : خبر. {مِثْلُنَا} : صفة لـ {بَشَرٌ} ، والجملة في محل النصب مقول {قَالُوا}. {فَأْتِ}:{الفاء} : فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر تقديره: إذا عرفت ما قلنا لك، وأردت بيان ما هو اللازم لك .. فنقول لك أئت. {ائت}: فعل أمر مبني على حذف حرف العلة. {بِآيَةٍ} : جار ومجرور متعلق به، والجملة في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة في محل النصب مقول {قَالُوا}. {إن}: حرف شرط. {كُنْتَ} : فعل ناقص واسمه في محل الجزم بـ {إن} الشرطية على كونه فعل شرط لها. {مِنَ الصَّادِقِينَ} : خبر كان، وجواب {إن} الشرطية معلوم مما قبلها تقديره: إن كنت من الصادقين فات بآية، وجملة {إن} الشرطية في محل النصب مقول {قَالُوا} .

ص: 310

{قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (155) وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ (156) فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ (157) فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (158) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (159)} .

{قَالَ} : فعل ماض وفاعل مستتر يعود على صالح، والجملة مستأنفة. {هَذِهِ} مبتدأ. {نَاقَةٌ}: خبر، والجملة في محل النصب مقول {قَالَ}. {لَهَا}: خبر مقدم. {شِرْبٌ} مبتدأ مؤخر، والجملة صفة لـ {نَاقَةٌ}. {وَلَكُمْ} {الواو}: عاطفة. {لَكُمْ} : خبر مقدم. {شِرْبُ يَوْمٍ} : مبتدأ مؤخر ومضاف إليه. {مَعْلُومٍ} : صفة {يَوْمٍ} والجملة في محل النصب معطوفة على جملة {هَذِهِ نَاقَةٌ} فكأنه قال: هذه ناقة لها، شرب، وأنتم أقوام لكم شرب يوم معلوم. {وَلَا}:{الواو} : عاطفة. {لَا} : ناهية جازمة. {تَمَسُّوهَا} : فعل وفاعل ومفعول به مجزوم بـ {لا} الناهية. {بِسُوءٍ} : متعلق به، والجملة معطوفة على جملة {هَذِهِ نَاقَةٌ}. {فَيَأْخُذَكُمْ}:{الفاء} : عاطفة سببية، {يأخذكم}: فعل ومفعول به منصوب بأن مضمرة وجوبًا بعد الفاء السببية الواقعة في جواب النهي. {عَذَابُ يَوْمٍ} : فاعل ومضاف إليه. {عَظِيمٍ} : صفة {يَوْمٍ} ، والجملة الفعلية في تأويل مصدر معطوف على مصدر متصيد من الجملة التي قبلها من غير سابك لإصلاح المعنى تقديره: لا يكن مسكم إياها بسوء فأخذ عذاب يوم عظيم إياكم. {فَعَقَرُوهَا} : {الفاء} : عاطفة {عقروها} : فعل وفاعل ومفعول به معطوف على جملة {قَالَ} . {فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ} : فعل ناقص واسمه، وخبره معطوف على {فَعَقَرُوهَا}. {فَأَخَذَهُمُ}: فعل ومفعول به. {الْعَذَابُ} : فاعل، والجملة معطوفة على جملة {أصبحوا} . {فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (158) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (159)} تقدم إعراب هذه الجمل مرارًا فراجعه.

{كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (160) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ (161) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (162) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (163)} .

{كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ} : فعل وفاعل ومفعول به، والجملة مستأنفة مسوقة

ص: 311

لبيان قصة قوم لوط. {إِذْ} : ظرف لما مضى متعلق بـ {كَذَّبَتْ} . {قَالَ} : فعل ماض. {لَهُمْ} : متعلق به. {أَخُوهُمْ} : فاعل. {لُوطٌ} : بدل منه، والجملة في محل الجر مضاف إليه لـ {إِذْ}. {أَلَا}: حرف عرض. {تَتَّقُونَ} : فعل وفاعل، والجملة في محل النصب مقول {قَالَ}. {إِنِّي}: ناصب واسمه. {لَكُمْ} : حال. {رَسُولٌ} : خبره. {أَمِينٌ} : صفة {رَسُولٌ} ، وجملة {إن} في محل النصب مقول {قَالَ}. {فَاتَّقُوا اللَّهَ}:{الفاء} : فاء الفصيحة، {اتقوا الله}: فعل وفاعل ومفعول به، والجملة في محل النصب مقول {قَالَ}. {وَأَطِيعُونِ}: فعل وفاعل ومفعول به محذوف معطوف على {فَاتَّقُوا اللَّهَ} .

{وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (164) أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (165) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ (166)} .

{وَمَا} : {الواو} : عاطفة. {مَا} : نافية {أَسْأَلُكُمْ} : فعل وفاعل مستتر ومفعول به. {عَلَيْهِ} : متعلق به، والجملة في محل النصب معطوفة على جملة {إن} على كونها مقول {قَالَ}؛ {مِنْ أَجْرٍ} متعلقًا به. {إن}: نافية. {أَجْرِيَ} : مبتدأ. {إِلَّا} : أداة حصر. {عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} : خبر المبتدأ، والجملة في محل النصب مقول {قَالَ}. {أَتَأْتُونَ}:{الهمزة} : للاستفهام الإنكاري، {تأتون}: فعل وفاعل. {الذُّكْرَانَ} مفعول به، والجملة في محل النصب مقول {قَالَ}. {مِنَ الْعَالَمِينَ}: حال من {الذُّكْرَانَ} . {وَتَذَرُونَ} : فعل وفاعل معطوف على {تأتون} . {مَا} : اسم موصوف في محل النصب مفعول به. {خَلَقَ} : فعل ماض. {لَكُمْ} : متعلق به. {رَبُّكُمْ} : فاعل، والجملة صلة الموصول، والعائد محذوف تقديره: ما خلقه. {مِنْ أَزْوَاجِكُمْ} : حال من {مَا} ، أو من العائد المحذوف. {بَلْ}: حرف للإضراب الانتقالي. {أَنْتُمْ قَوْمٌ} : مبتدأ وخبر. {عَادُونَ} : صفة {قَوْمٌ} ، والجملة في محل النصب مقول {قَالَ} .

{قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ (167) قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ (168) رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ (169) فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (170) إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ (171) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (172) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (173)}

ص: 312

{قَالُوا} : فعل وفاعل، والجملة مستأنفة. {لَئِنْ}:{اللام} : موطئة للقسم، {إن}: حرف شرط. {لَمْ} : حرف جزم. {تَنْتَهِ} : فعل مضارع، وفاعل مستتر مجزوم بـ {لَمْ} ، والجملة في محل الجزم بـ {إن} الشرطية على كونها فعل شرط لها، وجواب {إن} الشرطية محذوف دل عليه جواب القسم تقديره: إن لم تنته تكن من المخرجين، وجملة {إن} الشرطية في محل النصب مقول {قَالُوا} على كونها معترضة بين القسم وجوابه. {يَا لُوطُ}: منادى مفرد العلم، وجملة النداء في محل النصب مقول {قَالُوا} على كونها معترضة. {لَتَكُونَنَّ}:{اللام} : موطئة للقسم مؤكدة للأول. {تكونن} : فعل مضارع ناقص في محل الرفع مبني على الفتح؛ لاتصاله بنون التوكيد، واسمها ضمير مستتر يعود على {لوط} {مِنَ الْمُخْرَجِينَ}: خبرها، وجملة {تكونن} جواب القسم، وجملة القسم في محل النصب مقول {قَالُوا}. {قَالَ}: فعل ماض وفاعل مستتر، والجملة مستأنفة. {إِنِّي}: ناصب واسمه. {لِعَمَلِكُمْ} : متعلق بـ {الْقَالِينَ} . {مِنَ الْقَالِينَ} : خبر {إن} وجملة {إن} في محل النصب مقول {قَالَ} . {رَبِّ} : منادى مضاف، وجملة النداء في محل النصب مقول {قَالَ}. {نَجِّنِي}: فعل دعاء وفاعل مستتر ونون وقاية ومفعول به. {وَأَهْلِي} : معطوف على ياء المتكلم، أو مفعول معه، والجملة الفعلية في محل النصب مقول {قَالَ} على كونها جواب النداء. {مِمَّا}: جار ومجرور متعلق بـ {نَجِّنِي} ، وجملة {يَعْمَلُونَ} صلة لـ {مَا} ، والعائد محذوف تقديره: مما يعملونه. {فَنَجَّيْنَاهُ} : {الفاء} : حرف عطف وتفريع، {نجيناه}: فعل وفاعل ومفعول معطوف على {قَالَ} . {وَأَهْلَهُ} : معطوف على هاء المفعول، أو مفعول معه. {أَجْمَعِينَ}: توكيد لـ {أهله} . {إِلَّا} : أداة استثناء. {عَجُوزًا} : مستثنى. {فِي الْغَابِرِينَ} : صفة لـ {عَجُوزًا} . كأنه قيل: إلا عجوزًا غابرة. {ثُمَّ} : حرف عطف. {دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ} : فعل وفاعل ومفعول به معطوف على {نجيناه} . {وَأَمْطَرْنَا} : فعل وفاعل معطوف على {دَمَّرْنَا} . {عَلَيْهِمْ} : متعلق بـ {أمطرنا} . {مَطَرًا} : مفعول به. {فَسَاءَ} : {الفاء} : عاطفة، أو استئنافية، {ساء}: فعل ماض من أفعال الذم، {مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ}: فاعل ومضاف إليه، والجملة معطوفة على {أمطرنا} ، أو مستأنفة، والمخصوص بالذم

ص: 313

محذوف تقديره: مطرهم، والجمل في قوله:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (174) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (175)} . تقدم إعرابها فراجعه إن شئت.

{كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (176) إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ (177) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (178) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (179) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (180)} .

{كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ} : فعل وفاعل ومفعول به، والجملة مستأنفة مسوقة لبيان قصة قوم شعيب. {إِذْ}: ظرف لما مضى من الزمان متعلق بـ {كَذَّبَ} . {قَالَ} : فعل ماض. {لَهُمْ} : متعلق به. {شُعَيْبٌ} : فاعل، والجملة في محل الجر مضاف إليه لـ {إِذْ}. {أَلَا}: أداة عرض. {تَتَّقُونَ} : فعل وفاعل، والجملة في محل النصب مقول {قَالَ}. {إِنِّي}: ناصب واسمه. {لَكُمْ} : حال من {رَسُولٌ} ، و {رَسُولٌ}: خبره. {أَمِينٌ} : صفة {رَسُولٌ} ، والجملة في محل النصب مقول {قَالَ}. {فَاتَّقُوا اللَّهَ}:{الفاء} : فاء الفصيحة. {اتقوا الله} : فعل وفاعل ومفعول به، والجملة في محل النصب مقول {قَالَ}. {وَأَطِيعُونِ}: فعل وفاعل ومفعول محذوف معطوف على {اتقوا الله} . {وَمَا} : {الواو} : عاطفة. {مَا} : نافية. {أَسْأَلُكُمْ} : فعل وفاعل مستتر ومفعول به أول. {عَلَيْهِ} : حال من {أَجْرٍ} . {مِنْ أَجْرٍ} : مفعول ثان، والجملة الفعلية في محل النصب مقول {قَالَ}. {إن}: نافية. {أَجْرِيَ} : مبتدأ. {إِلَّا} : أداة حصر. {عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} : خبر المبتدأ، والجملة في محل النصب مقول {قَالَ} .

{أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (181) وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ (182) وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (183) وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ (184) قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (185)} .

{أَوْفُوا الْكَيْلَ} : فعل وفاعل ومفعول به، والجملة في محل النصب مقول {قَالَ}. {وَلَا}:{الواو} : عاطفة. {لا} : ناهية جازمة. {تَكُونُوا} : فعل ناقص واسمه. {مِنَ الْمُخْسِرِينَ} : خبره، والجملة في محل النصب معطوفة على جملة {أَوْفُوا}. {وَزِنُوا}:{الواو} : عاطفة. {زنوا} فعل وفاعل معطوف على

ص: 314

{أَوْفُوا} . {بِالْقِسْطَاسِ} : متعلق بـ {زنوا} . {الْمُسْتَقِيمِ} : صفة لـ {القسطاس} . {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ} : فعل وفاعل ومفعول به أول مجزوم بـ {لا} الناهية. {أَشْيَاءَهُمْ} : مفعول ثان، والجملة في محل النصب معطوفة على جملة {أَوْفُوا}. {وَلَا تَعْثَوْا}: فعل وفاعل مجزوم بـ {لا} الناهية. {فِي الْأَرْضِ} : متعلق به، والجملة معطوفة على جملة {أَوْفُوا}. {مُفْسِدِينَ}: حال مؤكدة لمعنى عاملها. {وَاتَّقُوا الَّذِي} : فعل وفاعل ومفعول به معطوف على {أَوْفُوا} . {خَلَقَكُمْ} : فعل وفاعل مستتر ومفعول به {وَالْجِبِلَّةَ} : معطوفة على الكاف. {الْأَوَّلِينَ} : صفة لـ {جبلة} ، وجملة {خَلَقَكُمْ}: صلة الموصول. {قَالُوا} : فعل وفاعل، والجملة مستأنفة. {إِنَّمَا}: أداة حصر. {أَنْتَ} : مبتدأ. {مِنَ الْمُسَحَّرِينَ} : خبر المبتدأ، والجملة في محل النصب مقول {قَالُوا} .

{وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (186)} .

{وَمَا} : {الواو} : عاطفة. {ما} : نافية. {أَنْتَ} : مبتدأ. {إِلَّا} : أداة حصر. {بَشَرٌ} : خبر المبتدأ. {مِثْلُنَا} : صفة {بَشَرٌ} ، والجملة في محل النصب معطوفة على جملة {إِنَّمَا أَنْتَ} على كونها مقولًا لـ {قَالُوا}. {وَإِنْ}:{الواو} : عاطفة. {إن} : مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن؛ أي: إنه {نَظُنُّكَ} : فعل وفاعل مستتر ومفعول أول. {لَمِنَ} : {اللام} : حرف ابتداء. {من الكاذبين} : في محل المفعول الثاني لظن، وجملة ظنّ في محل الرفع خبر {إن} المخففة، وجملة {إن} المخففة في محل النصب معطوفة على جملة {إِنَّمَا أَنْتَ} على كونها مقولًا لـ {قَالُوا} .

{فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (187) قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (188) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (189)}

{فَأَسْقِطْ} : {الفاء} : فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر وتقديره: إذا سمعت يا شعيب ما قلنا لك، وأردت إثبات نبوتك. فنقول لك أسقط. {أسقط}: فعل أمر، وفاعل مستتر يعود على شعيب. {عَلَيْنَا}: متعلق به. {كِسَفًا} : مفعول به. {مِنَ السَّمَاءِ} : صفة لـ {كِسَفًا} ، والجملة الفعلية في

ص: 315

محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة في محل النصب مقول {قَالُوا}. {إن}: حرف شرط. {كُنْتَ} : فعل ناقص، واسمه في محل الجزم بـ {إن} الشرطية على كونها فعل شرط لها. {مِنَ الصَّادِقِينَ}: خبر كان، وجواب {إن} الشرطية معلوم مما قبله تقديره: إن كنت من الصادقين فأسقط علينا، وجملة {إن} الشرطية في محل النصب مقول {قَالُوا}. {قَالَ}: فعل ماض وفاعل مستتر، والجملة مستأنفة. {رَبِّي أَعْلَمُ}: مبتدأ وخبر، والجملة في محل النصب مقول {قَالَ}. {بِمَا}: بـ {أَعْلَمُ} ، وجملة {تَعْمَلُونَ} صلة لـ {ما} الموصولة. {فَكَذَّبُوهُ}:{الفاء} : عاطفة. {كذبوه} : فعل وفاعل ومفعول به معطوف على {قَالُوا} . {فَأَخَذَهُمْ} : {الفاء} : عاطفة، {أخذهم}: فعل ومفعول به. {عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ} : فاعل ومضاف إليه، والجملة الفعلية معطوفة على جملة {كذبوه}. {إِنَّهُ}: ناصب واسمه. {كَانَ} : فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر يعود على {عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ} . {عَذَابَ يَوْمٍ} خبر ومضاف إليه. {عَظِيمٍ} صفة لـ {يَوْمٍ} . وجملة {كَانَ} في محل الرفع خبر {إن} ، وجملة {إن} مستأنفة مسوقة لتعليل ما قبلها، وقوله:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (190) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (191)} تقدم إعرابه مرارًا فلا عود ولا إعادة، والله أعلم.

التصريف ومفردات اللغة

{وَنَخْلٍ} النخل والنخيل: شجر التمر المعروف، له ساق مستقيم طويل ذو عقد، واحدته نخلة ونخيلة. وفي "المصباح" ما ملخصه: النخل: اسم جمع، الواحدة نخلة، وكل اسم جمع كذلك يؤنث ويذكر، وأما النخيل بالياء فمؤنثة اتفاقًا. اهـ.

{طَلْعُهَا} : هو ثمرها في أول ما يطلع، وبعده يسمى خلالًا، ثم بلحًا، ثم بسرًا، ثم رطبًا، ثم تمرًا. وفي "البيضاوي": طلعها: وهو ما يطلع منها كنصل السيف في جوفه شماريخ القنو، وتشبيهه بنصل السيف من حيث الهيئة والشكل. وفي "المختار": ويقال للطلع {هَضِيمٌ} ما لم يخرج؛ لدخول بعضه في بعض، من قولهم: كشح هضيم. وفي "القاموس" و"التاج": الطلع: المقدار، تقول:

ص: 316

الجيش طلع ألف، ومن النخل شيء يخرج كأنه نعلان مطبقان، والحمل بينهما منضود، والطرف محدد، أو ما يبدو من ثمرته في أول ظهورها، والهضيم: النضيح الرخص اللين اللطيف.

وفي "أبي السعود": والهضيم: اللطيف اللين للطف الثمر، أو لأن النخل أنثى وطلع الإناث ألطف؛ وهو ما يطلع منها كنصل السيف في جوفه شماريخ القنو، أو مدل متكسر من كثرة الحمل، وإفراد النخل؛ لفضله على سائر أشجار الجنات، أو لأن المراد به غيرها من الأشجار. اهـ.

{وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ} يقال: نحته ينحته - من باب ضرب - نحتًا ونحاتة، والنحت: النجر والبري، والنحاتة البراية، والمنحت ما ينحت به.

{فَارِهِينَ} قال الراغب: معنى قراءة من قرأ: {فَارِهِينَ} - بالألف - حاذقين؛ أي: ماهرين في العمل، من الفراهة؛ وهي النشاط، فإن الحاذق يعمل بنشاط وطيب قلب. ومن قرأ:{فرهين} جعله بمعنى مرحين أشرين بطرين، فهو على الأول من فره بالضم، وعلى الثاني من فره بالكسر.

{شِرْبٌ} - بالكسر - الحظ والنصيب من الماء، كالسقي من السقي. قال الفراء: الشرب: الحظ من الماء. قال النحاس: فأما المصدر فيقال فيه: شرب شربًا وشُربًا، وأكثرها المضموم، والشرب بفتح الشين جمع شارب. والمراد هنا الشِرب بالكسر.

{فَعَقَرُوهَا} يقال: عقرت البعير: نحرته، وأصل العقر ضرب الساق بالسيف، كما في "كشف الأسرار" والمعنى هنا؛ أي: رموها بسهم، ثم قتلوها، كما مر في مبحث التفسير.

{نَادِمِينَ} : اسم فاعل من ندم من باب فرح، والندم والندامة التحسر من تغير رأي في أمر فائت.

{أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ} والذكران والذكور جمع الذكر ضد الأنثى من كل حيوان، وجعل الذكر كناية عن العضو المخصوص، كما في "المفردات".

ص: 317

{وَتَذَرُونَ} ؛ أي: تتركون، يقال: فلان يذر الشيء؛ أي: يقذفه لقلة إعداده به، ولم يستعمل ماضيه.

{مِنَ الْقَالِينَ} : من المبغضين، جمع قال، اسم فاعل من قليته أقليه قلى: وقلاء، والقلى أشد البغض؛ وهو مما يجب كسر عين مضارعه؛ لوجود داعي الكسر، وهو كون لامه ياء، كما هو مقرر في محله. وفي "المصباح": قليت الرجل أقليه - من باب رمى - قلى بالكسر والقصر، وقد يمد إذا أبغضه، ومن باب تعب لغة. وعبارة "القاموس": قلاه - كـ: رماه ورضيه - قلى وقلا وقليه أبغضه وكرهه غاية الكراهة فتركه، أو قلاه في الهجر وقليه في البغض.

{إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ (171)} قال الراغب: سميت العجوز عجوزًا لعجزها عن كثير من الأمور. قال في "المفردات": الغابر: الماكث بعد مضي من معه. قال في "الكشاف": ومعنى الغابرين في العذاب والهلاك: غير الناجين. وفي "المصباح": غبر غبورا - من باب قعد - بقي، وقد يستعمل فيما مضى أيضًا فيكون من الأضداد. وقال الزبيدي: غبر غبورًا مكث، وفي لغة بالمهملة للماضي، وبالمعجمة للباقي. وغُبَّر الشيء - وزان سكر - بقيته. وفي "القاموس": غبر غبورًا مكث وذهب، ضدٌّ، وهو غابر من غُبَّر كرُكَّع، وغُبر الشيء - بالضم - بقيته، اهـ.

{ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (172)} والتدمير: إدخال الهلاك على الشيء، والدمار: الهلاك على وجهه عجيب هائل.

{الْأَيْكَةِ} في اللغة: الشجرة الكثيفة، وجمعها أيك. قال في "القاموس": أيك يأيك - من باب تعب - أيكًا، واستأيك الشجر التف وصار أيكة، والأيك: الشجر الكثيف الملتف، الواحدة أيكة، فتطلق الأيكة على الواحدة من الأيك، وعلى غيضة شجر ملتفة قرب مدين. قالوا: وكان شجرهم الدوم، وهي قرية شعيب سميت باسم بانيها مدين بن إبراهيم، بينها وبين مصر مسير ثمانية أيام.

{وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ} يقال: خسرته وأخسرته: نقصته.

ص: 318

{وَزِنُوا} : أمر من وزن يزن وزنًا وزنة، والوزن معرفة قدر الشيء.

{بِالْقِسْطَاسِ} قال في "القاموس": القُسطاس بكسر القاف وضمّها، وقد قرىء بهما الميزان، أو أقوم الموازين، فإن كان من القسط وهو العدل، وجعلت العين مكررة فوزنه فعلاس، وإلا فهو رباعي. وقيل: هو بالرومية العدل.

{وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ} ؛ أي: ولا تفسدوا، يقال: عثا في الأرض وعثي فيها، وذلك نحو قطع الطريق والغارة، وإهلاك الزروع. وفي "المختار" عثا في الأرض أفسد، وبابه سما، وعثي بالكسر عثوًا أيضًا، وعثى بفتحتين بوزن فتى. قال الله تعالى:{وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} قلت: قال الأزهري: القراء كلهم متفقون على فتح الثاء دل على أن القرآن نزل باللغة الثانية. وفي "القاموس": عثى كسعى ورمى ورضي. اهـ.

{الجبلة} - بكسر الجيم والباء وتشديد اللام المفتوحة -: الخلق المتحد الغليظ، وفي "القاموس": الجبلة والجبلة والجبلة والجبلة وهي التي قرىء بها الوجه وما استقبلك منه، والخلقة والطبيعة، والأصل والقوة وصلابة الأرض. والجبل - بفتح الجيم مع سكون الباء -: مصدر جبله الله على كذا؛ أي: طبعه وخلقه، واسم الطبيعة جبلة. ويقال: جبل فلان على كذا؛ أي: خلق، والمراد أنهم كانوا على خلقة عظيمة.

{كِسَفًا} : جمع كسفة، مثل سدر وسدرة، كقطعة وقطع وزنًا ومعنًى. وقال الجوهري: الكسفة: القطعة من الشيء، يقال أعطني كسفة من ثوبك؛ أي: قطعة، ويقال: الكسف والكسفة واحد. وقال الأخفش: من قرأ {كسفًا من السماء} جعله واحدًا، ومن قرأ {كسفًا} جعله جمعًا.

{يَوْمِ الظُّلَّةِ} والظلة: السحابة التي استظلوا بها، والمظلة الضيَّقة وما يستظل به من الحر أو البرد، وما أظله كالشجر، والجمع ظلل وظلال. ويوم الظلة اشتهر بعذابهم، فقد وقفت فوقهم سحابة أظلتهم بعد حر شديد أصابهم، فأمطرت عليهم نارًا فاحترقوا.

ص: 319

البلاغة

وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:

فمنها: إطلاق الجمع على المفرد في قوله: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ (141)} للتعظيم؛ لأن المراد بالمرسلين صالح.

ومنها: الاستفهام الإنكاري التوبيخي في قوله: {أَتُتْرَكُونَ} .

ومنها: المجاز العقلي في قوله: {وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (151)} ؛ لأن الأمر لا يطاع وإنما هو صاحبه؛ أي: ولا تطيعوا المسرفين في أمرهم.

ومنها: الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: {وَلَا تُطِيعُوا} ؛ أي: ولا تمتثلوا، حيث شبه الامتثال الذي للأمر على صيغة المصدر بالطاعة التي للأمر على صيغة اسم الفاعل، من حيث إن كلًّا منهما يفضي إلى وجود المأمور به، فأطلق اسم المشبه به؛ وهو الطاعة على المشبه؛ وهو الامتثال، فاشتق من الطاعة بمعنى الامتثال لا تطيعوا بمعنى لا تمتثلوا، على طريقة الاستعارة التصريحية التبعيَّة.

ومنها: الطباق بين {يُفْسِدُونَ} و {يُصْلِحُونَ} .

ومنها: الإرداف في قوله: {وَلَا يُصْلِحُونَ} فقد كان يكفي أن يقول: {الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ} ولكنه لما كان قوله: {يُفْسِدُونَ} لا ينفي صلاحهم أحيانًا أردفه بقوله: {وَلَا يُصْلِحُونَ} ؛ لبيان كمال إفسادهم وإسرافهم فيها.

ومنها: الحصر في قوله: {مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا} .

ومنها: التنوين في قوله: {هَذِهِ نَاقَةٌ} للتعظيم والتفخيم.

ومنها: الاستفهام الإنكاري التوبيخي في قوله: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (165)} .

ومنها: الجناس غير التام في قوله: {قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ (168)} الأول

ص: 320

من القول، والثاني من قلى إذا أبغض.

ومنها: إطلاق ما للبعض على الكل في قوله: {فَعَقَرُوهَا} لرضاهم به واتفاقهم عليه.

ومنها: الإبهام في قوله: {وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ} فإن فيه الإبهام بقوله: {مَا خَلَقَ لَكُمْ} وقد أراد به أقبالهن، وفي ذلك مراعاة للحشمة والتصون.

ومنها: العدول عن الجملة الفعلية إلى الصفة في قوله: {لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ} ، وقوله:{مِنَ الْقَالِينَ} وكثيرًا ما ورد في القرآن خصوصًا في هذه السورة العدول عن التعبير بالفعل إلى التعبير بالصفة المشتقة، ثم جعل الموصوف بها واحدًا من جمع، كقول فرعون:{لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ} وأمثاله كثيرة في القرآن، والسر في ذلك أن التعبير بالفعل إنما يفهم وقوعه خاصة، وأما التعبير بالصفة ثم جعل الموصوف بها واحدًا من جمع، فإنه يفهم أمرًا زائدًا على وقوعه، وهو الصفة المذكورة كالسمة للموصوف ثابتة العلوق به، كأنها لقب، وكأنه من طائفة صارت من هذا النوع المخصوص المشهور ببعض السمات الرديئة.

ومنها: الإطناب في قول: {أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (181)} ؛ لأن وفاء الكيل هو في نفسه نهي عن الخسران، وفائدته زيادة التحذير من العدوان.

ومنها: توافق الفواصل مراعاة لرؤوس الآيات مثل {يُفْسِدُونَ} {يُصْلِحُونَ} {الْأَرْذَلُونَ} .

ومنها: التأكيد في قوله: {وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} ؛ لأن الإفساد نفس العثي، فهي حال مؤكدة لعاملها. فائدتها: إخراج ما ليس من العثي والعدوان بفساد كمقابلة الظالم المعتدي بفعله، وكقتل الخضر الغلام وخرقه السفينة، كما مر في مبحث التفسير.

ص: 321

ومنها: التكرير في هذه القصص السبع، فإنه كرر في أول كل قصة، وفي آخرها ما كرر مما أشرنا إليه؛ لأن في التكرير تقريرًا للمعاني في الأنفس، وترسيخًا لها في الصدور، وربما اشتبه على أكثر الناس بالإطناب مرة وبالتطويل مرة أخرى.

والتكرير ينقسم إلى قسمين:

أحدهما: التكرير في اللفظ والمعنى، كقولك لمن تستدعيه: أسرع أسرع.

والثاني: التكرير في المعنى دون اللفظ، كقولك: أطعني ولا تعص أوامري، فإن الأمر بالطاعة نهي عن المعصية، وعلى كل حال ليس في القرآن مكرر لا فائدة فيه.

ونعود إلى الآيات فنقول: إنما كرر القرآن هذه الآيات في أول كل قصة وآخرها؛ لأن هذه القصص قرعت بها آذان أصابها وقر، وقلوب غلف، فلم يكن بد من مراجعتها بالترديد والتكرير، لعل ذلك يفتح مغالقها، ويجلو ما صدأها من رين.

ومنها: الزيادة والحذف في عدة مواضع.

والله سبحانه وتعالى أعلم

* * *

ص: 322

قال الله سبحانه جلَّ وعلا:

{وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195) وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ (196) أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ (197) وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (198) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ (199) كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (200) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (201) فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (202) فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ (203) أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (204) أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ (205) ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ (206) مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ (207) وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ (208) ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ (209) وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (210) وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (211) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (212) فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (213) وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (216) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (220) هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ (223) وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (227)} .

المناسبة

قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192)

} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى، لما اختتم هذا القصص (1)، وبين ما دار بين الأنبياء وأقوامهم من الحجاج والجدل، وذكر أنه قد أهلك المكذبين وكان النصر في العاقبة لرسله المتقين، فإن سنته في كل صراع بين الحق والباطل أن تدول دولة الباطل وينتصر الحق وإن طال الزمن {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ}

(1) المراغي.

ص: 323

وفي ذلك سلوة لرسوله، وعدة له بأنه مهما أوذي من قومه ولقي منهم من الشدائد، فإن الفلج والفوز له. {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (62)} .. أردف هذا ببيان أن هذا القرآن الذي جاء بذلك القصص وحي من الله سبحانه أنزله على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل عليه السلام بلسان عربي مبين؛ لينذر به العصاة ويبشر به عباده المتقين، وأن ذكره في الكتب المتقدمة المأثورة عن الأنبياء الذين بشروه.

قوله تعالى: {فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ

} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما (1) بالغ في تسلية رسوله صلى الله عليه وسلم، وأقام الحجة على نبوته، ثم أورد سؤال المنكرين وأجاب عنه .. أردف ذلك بأمره بعبادته وحده، وإنذار العشيرة الأقربين، ومعاملة المؤمنين بالرفق، ثم ختم هذه الأوامر بالتوكل عليه تعالى وحده، فإنه هو العليم بكل شؤونه وأحواله.

قوله تعالى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221)

} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما أبان امتناع تنزل الشياطين بالقرآن، وأثبت أنه تنزيل من رب العالمين .. أعقب هذا ببيان استحالة تنزلهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنها لا تنزل إلا على كل كذاب فاجر، ورسول الله صادق أمين، ثم ذكر أن الكذابين يلقون السمع إلى الشياطين فيتلقون وحيهم، وهو تخيلات لا تطابق الحق والواقع، وبعدئذ ذكر أن محمدًا صلى الله عليه وسلم ليس بشاعر؛ لأن الشعراء يهيمون في كل واد من أودية القول من مدح وهجو، وتشبيب ومجون بحسب الهوى والمنفعة، فأقوالهم لا تترجم عن حقيقة، وليس بينها وبين الصدق نسب، ومحمد صلى الله عليه وسلم لا يقول إلا الصدق، فأنى له أن يكون شاعرًا.

أسباب النزول

قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ (205)

} الآية، سبب نزول هذه الآية: ما أخرجه ابن أبي حاتم عن أبي جهم قال: رؤي النبي صلى الله عليه وسلم كأنه متحير،

(1) المراغي.

ص: 324