المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وقيل: في (1) الآية تقديم وتأخير، تقديرها: فالقه إليهم، فانظر - تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن - جـ ٢٠

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌21

- ‌22

- ‌23

- ‌24

- ‌25

- ‌26

- ‌27

- ‌28

- ‌29

- ‌30

- ‌31

- ‌32

- ‌33

- ‌34

- ‌35

- ‌36

- ‌37

- ‌38

- ‌39

- ‌40

- ‌41

- ‌42

- ‌43

- ‌ 44

- ‌45

- ‌46

- ‌47

- ‌48

- ‌49

- ‌50

- ‌51

- ‌52

- ‌53

- ‌54

- ‌55

- ‌56

- ‌57

- ‌58

- ‌59

- ‌60

- ‌61

- ‌62

- ‌63

- ‌64

- ‌65

- ‌66

- ‌67

- ‌68

- ‌69

- ‌70

- ‌71

- ‌72

- ‌73

- ‌74

- ‌75

- ‌76

- ‌77

- ‌سورة الشعراء

- ‌1

- ‌2

- ‌3

- ‌4

- ‌5

- ‌(6

- ‌7

- ‌8

- ‌9

- ‌10

- ‌11

- ‌12

- ‌13

- ‌14

- ‌15

- ‌16

- ‌17

- ‌18

- ‌19

- ‌20

- ‌21

- ‌22

- ‌23

- ‌24

- ‌25

- ‌26

- ‌27

- ‌28

- ‌29

- ‌30

- ‌31

- ‌32

- ‌33

- ‌34

- ‌35

- ‌36

- ‌37

- ‌38

- ‌39

- ‌40

- ‌41

- ‌42

- ‌43

- ‌44

- ‌45

- ‌46

- ‌47

- ‌48

- ‌49

- ‌50

- ‌ 51

- ‌52

- ‌53

- ‌54

- ‌55

- ‌56

- ‌57

- ‌58

- ‌59

- ‌60

- ‌61

- ‌62

- ‌63

- ‌64

- ‌65

- ‌66

- ‌67

- ‌68

- ‌69

- ‌70

- ‌71

- ‌72

- ‌73

- ‌74

- ‌75

- ‌76

- ‌77

- ‌78

- ‌ 79

- ‌ 80

- ‌ 81

- ‌ 82

- ‌83

- ‌84

- ‌85

- ‌86

- ‌87

- ‌88

- ‌89

- ‌90

- ‌91

- ‌92

- ‌93

- ‌94

- ‌95

- ‌96

- ‌97

- ‌98

- ‌99

- ‌100

- ‌101

- ‌102

- ‌103

- ‌104

- ‌105

- ‌106

- ‌107

- ‌108

- ‌ 109

- ‌110

- ‌111

- ‌112

- ‌113

- ‌114

- ‌115

- ‌116

- ‌117

- ‌118

- ‌119

- ‌120

- ‌121

- ‌122

- ‌123

- ‌124

- ‌125

- ‌126

- ‌127

- ‌128

- ‌129

- ‌130

- ‌131

- ‌132

- ‌133

- ‌134

- ‌135

- ‌136

- ‌137

- ‌138

- ‌139

- ‌140

- ‌141

- ‌142

- ‌143

- ‌144

- ‌145

- ‌146

- ‌147

- ‌148

- ‌149

- ‌150

- ‌151

- ‌152

- ‌153

- ‌154

- ‌155

- ‌156

- ‌157

- ‌158

- ‌159

- ‌160

- ‌161

- ‌162

- ‌163

- ‌164

- ‌165

- ‌166

- ‌167

- ‌168

- ‌169

- ‌170

- ‌171

- ‌172

- ‌173

- ‌174

- ‌175

- ‌176

- ‌177

- ‌178

- ‌179

- ‌180

- ‌181

- ‌182

- ‌183

- ‌184

- ‌185

- ‌186

- ‌187

- ‌188

- ‌189

- ‌190

- ‌191

- ‌192

- ‌193

- ‌194

- ‌195

- ‌196

- ‌197

- ‌198

- ‌199

- ‌200

- ‌201

- ‌202

- ‌203

- ‌204

- ‌205

- ‌206

- ‌207

- ‌208

- ‌209

- ‌210

- ‌211

- ‌212

- ‌213

- ‌214

- ‌215

- ‌216

- ‌217

- ‌218

- ‌219

- ‌220

- ‌221

- ‌222

- ‌223

- ‌224

- ‌225

- ‌226

- ‌227

- ‌سورة النمل

- ‌1

- ‌(2)

- ‌3

- ‌4

- ‌5

- ‌6

- ‌7

- ‌8

- ‌9

- ‌10

- ‌11

- ‌12

- ‌(13)

- ‌14

- ‌15

- ‌16

- ‌17

- ‌18

- ‌19

- ‌20

- ‌21

- ‌22

- ‌23

- ‌24

- ‌25

- ‌26

- ‌27

- ‌28

- ‌29

- ‌30

- ‌31

- ‌(32)

- ‌33

- ‌34

- ‌35

- ‌36

- ‌37

- ‌38

- ‌39

- ‌40

- ‌41

- ‌42

- ‌43

- ‌44

- ‌45

- ‌46

- ‌47

- ‌48

- ‌49

- ‌50

- ‌51

- ‌52

- ‌53

- ‌54

- ‌55

الفصل: وقيل: في (1) الآية تقديم وتأخير، تقديرها: فالقه إليهم، فانظر

وقيل: في (1) الآية تقديم وتأخير، تقديرها: فالقه إليهم، فانظر ماذا يرجعون، ثم قول عنهم؛ أي: انصرف إلى. فأخذ الهدهد الكتاب، وأتى به إلى بلقيس، وكانت بأرض مارب من اليمن على ثلاثة مراحل من صنعاء، فوجدها نائمة مستلقية على قفاها وقد غلقت الأبواب، ووضعت المفاتيح تحت رأسها،

‌29

- فألقى الكتاب على نحرها، وتوارى في الكوة، فانتبهت فزعة، فلما رأت الخاتم ارتعدت وخضعت؛ لأن ملك سليمان كان في خاتمه، فعند ذلك {قَالَتْ} بلقيس لأشراف قومها.

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة أن أهل مشورتها كانوا ثلاث مئة واثني عشر رجلًا. {يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ} وهم عظماء قومها، يجمع على أملاء كنبا وأنباء {إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ}؛ أي: مختوم، وفي الكلام حذف، والتقدير: فذهب الهدهد، فألقاه إليهم، فسمعها تقول: يا أيها الملأ إني ألقي إلى كتاب كريم؛ أي (2): مكرم علي معظم لدي؛ لكونه مختومًا بخاتم عجيب وأصلًا على نهج غير معتاد، كما قال في "الأسئلة المقحمة": معجزة سليمان كانت في خاتمه، فختم الكتاب بالخاتم الذي فيه ملكه، فأوقع الرعب في قلبها حتى شهدت بكرم كتابه إظهارًا لمعجزته، انتهى.

ويدل على أن الكريم هنا بمعنى المختوم. قوله صلى الله عليه وسلم: "كرم الكتاب ختمه". وقيل: معنى {كَرِيمٌ} : مرضي في لفظه ومعانيه، أو {كَرِيمٌ}: شريف؛ لأنه صدر بالبسملة.

‌30

- وقوله: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ} استئناف بياني، كأنه قيل: ممن هو، وماذا مضمونه فقالت: إنه من سليمان؛ أي: إن هذا الكتاب مرسل من سليمان. {وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ؛ أي (3): وإن ما اشتمل عليه من الكلام، وتضمنه من القول مفتتح بالتسمية، وبعد التسمية

‌31

- {أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ} ؛ أي: لا تتكبروا عليَّ كما

(1) الخازن بتصرف.

(2)

روح البيان.

(3)

الشوكاني.

(4)

روح البيان.

ص: 421

يفعله جبابرة الملوك.

و {أن} هي المفسرة، أو مصدرية، و {لا} ناهية، وقيل: نافية، ومحل الجملة الرفع على أنها بدل من {كِتَابٌ} ، أو خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هو أن لا تعلوا، وهذه (1) البسملة ليست بآية تامة مثل {بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} بخلاف ما وقع في أوائل السور، فإنها آية منفردة نزلت مئة وأربع عشرة مرة، عدد السور، كذا قاله بعضهم.

قرأ الجمهور (2): {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ} بكسرهما على الاستئناف، وقرأ عكرمة وابن أبي عبلة بفتحهما على إسقاط حرف الجر؛ أي: لأنه. وقرأ أبي: {أن من سليمان وأن بسم الله} بحذف الضميرين وإسكان النونين على أنهما مفسرتان، أو مخففتان من الثقيلة. وقرأ عبد الله بن مسعود:{وإنه من سليمان} بزيادة {الواو} عطفًا على {إِنِّي أُلْقِيَ} . وروى ذلك أيضًا عن أبي. وقرأ أشهب العقيلي وابن السميقع: {أن لا تغلوا} بالغين المعجمة من الغلو؛ وهو تجاوز الحد في الكبر.

فإن قلت: لم قدم (3) سليمان اسمه على اسم الله سبحانه في قوله: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30)} ؟.

قلت: قدم سليمان اسمه على اسم الله تعالى مع أن المناسب عكسه؛ لأنه عرف أن بلقيس تعرف اسمه دون اسم الله تعالى، فخاف أن تستخف باسم الله تعالى أول ما يقع نظرها عليه، أو كان اسمه على عنوان الكتاب واسم الله تعالى في باطنه.

{وَأْتُونِي} حال كونكم {مُسْلِمِينَ} ؛ أي: منقادين للدين مؤمنين بما جئت به، فإن الإيمان لا يستلزم الإِسلام والانقياد، دون العكس. وهذا (4) الكلام كان في غاية الإيجاز مع كمال الدلالة على المقصود؛ لاشتماله على البسملة الدالة على

(1) الشوكاني.

(2)

فتح الرحمن.

(3)

البيضاوي.

(4)

البحر المحيط.

ص: 422

ذات الصانع وصفاته صريحًا، أو التزامًا، والنهي عن الترفع الذي هو أم الرذائل، والأمر بالإِسلام الجامع لأمهات الفضائل، وليس الأمر فيه بالانقياد قبل إقامة الحجة على رسالته، حتى يكون استدعاء للتقليد، فإن إلقاء الكاتب إليها على تلك الحالة من أعظم الأدلة.

وروي (1): أنه لم يكتب أحد بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قبل سليمان عليه السلام، والظاهر أن الكاتب هو ما نص الله عليه فقط، واحتمل أن يكون مكتوبًا بالعربي؛ إذ الملوك يكون عندهم من يترجم بعدة ألسن، فكتب بالخط العربي، واللفظ العربي؛ لأنها كانت عربية من نسل تبع بن شراحيل الحميري، واحتمل أن يكون باللسان الذي كان سليمان يتكلم به، وكان عندها من يترجم لها؛ إذ كانت هي عارفة بذلك اللسان.

ونص هذا الكتاب مع وَجازَيه يدل على أمور:

1 -

إنه مشتمل على إثبات الإله ووحدانيته وقدرته، وكونه رحمانًا رحيمًا.

2 -

نهيهم عن اتباع أهوائهم، ووجوب اتباعهم للحق.

3 -

أمرهم بالمجيء إليه منقادين خاضعين. وبهذا يكون الكتاب قد جمع كل ما لا بد منه في الدين والدنيا.

الإعراب

{طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1) هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (3)}

{طس} قد تقدم إعراب هذه الكلمة، وتقدم لنا أن القول الأسلم في معنى هذه الكلمة تفويض علمها إلى الله سبحانه، وعلى هذا القول ليس لهذه الكلمة محل من الإعراب؛ لأن الإعراب فرع عن إدراك المعنى {تِلْكَ}: مبتدأ. {آيَاتُ}

(1) روح البيان.

ص: 423

الْقُرْآنِ}: خبر ومضاف إليه، والجملة مستأنفة. {وَكِتَابٍ}: معطوف على {الْقُرْآنِ} . {مُبِينٍ} : صفة لـ {كِتَابٍ} . {هُدًى وَبُشْرَى} : حالان من {آيَاتُ} ، والعامل فيها ما في {تِلْكَ} من معنى الإشارة؛ أي: هادية ومبشرة، ويجوز فيهما الرفع على أنهما خبران لمبتدأ محذوف؛ أي: هي هدى وبشرى، ومعنى هداها للمؤمنين، وهم مهديون، زيادتها في هداهم. {لِلْمُؤْمِنِينَ}: تنازع فيه كل من {هُدًى وَبُشْرَى} . {الَّذِينَ} : اسم موصول للجمع المذكر في محل الجر صفة لـ {المؤمِنين} ، ويجوز قطعه على أنه خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: هم الذين. {يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ} : فعل وفاعل ومفعول به صلة الموصول. {وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} : فعل وفاعل ومفعول معطوف على {يُقِيمُونَ} . {وَهُم} : {الواو} : حالية، أو عاطفة. {هُمْ}: مبتدأ، {بِالْآخِرَةِ}: متعلق بـ {يُوقِنُونَ} . {هُمْ} : تأكيد لفظي للمبتدأ، ولما فصل بين المبتدأ والخبر بالمتعلق الذي هو {بِالْآخِرَةِ} .. أعيد المبتدأ ثانيًا؛ ليتصل بخبره في الصورة، وجملة {يُوقِنُونَ} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل النصب حال من فاعل {وَيُؤْتُونَ} ، أو معطوفة على جملة الصلة.

{إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ (4) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (5) وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (6)}

{إِنَّ الَّذِينَ} : ناصب واسمه. {لَا يُؤْمِنُونَ} : فعل وفاعل صلة الموصول. {بِالْآخِرَةِ} : متعلق بـ {يُؤْمِنُونَ} {زَيَّنَّا} : فعل وفاعل، {لَهُمْ}: متعلق به. {أَعْمَالَهُمْ} : مفعول به، والجملة الفعلية في محل الرفع خبر {إِنَّ} ، والجملة مستأنفة، {فَهُمْ}:{الفاء} : عاطفة، {هم} مبتدأ، وجملة {يَعْمَهُونَ} خبره، والجملة الاسمية في محل الرفع معطوفة على جملة {زَيَّنَّا}. {أُولَئِكَ الَّذِينَ}: مبتدأ وخبر، والجملة مستأنفة. {لَهُمْ}: خبر مقدم. {سُوءُ الْعَذَابِ} : مبتدأ مؤخر، والجملة صلة الموصول. {وَهُمْ}: مبتدأ. {فِي الْآخِرَةِ} : متعلق بـ {الْأَخْسَرُونَ} . {هُمْ} : تأكيد للمبتدأ. {الْأَخْسَرُونَ} : خبر المبتدأ، والجملة معطوفة على جملة الصلة {وَإِنَّكَ} {الواو}: استئنافية. {إنك} : ناصب واسمه. {لَتُلَقَّى} :

ص: 424

{اللام} : حرف ابتداء، تلقى: فعل مضارع مغير الصيغة، ونائب فاعله ضمير يعود على محمد. {الْقُرْآنَ} مفعول ثان {لَتُلَقَّى} {مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ}: جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بـ {تُلَقَّى} . {عَلِيمٍ} : صفة {حَكِيمٍ} ، وجملة {تلقى} في محل الرفع خبر {إن} ، وجملة {إن} مستأنفة.

{إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (7)}

{إِذْ} : ظرف لما مضى من الزمان متعلق بمحذوف تقديره: اذكر يا محمد لقومك قصة إذ قال موسى، والجملة المحذوفة مستأنفة. {قَالَ مُوسَى}: فعل وفاعل. {لِأَهْلِهِ} : متعلق بـ {قَالَ} ، والجملة الفعلية في محل الجر مضاف إليه لـ {إِذْ}. {إِنِّي}: ناصب واسمه. {آنَسْتُ نَارًا} : فعل وفاعل ومفعول به، والجملة في محل الرفع خبر {إن} ، وجملة {إن} في محل النصب مقول {قَالَ}. {سَآتِيكُمْ} {السين}: حرف تنفيس واستقبال، {آتِيكُمْ}: فعل وفاعل مستتر ومفعول به. {مِنْهَا} : جار ومجرور حال من خبر؛ لأنه صفة نكرة قدمت عليها. {بِخَبَرٍ} : متعلق بـ {آتِيكُمْ} ، والجملة الاسمية في محل النصب مقول {قَالَ} على كونها مستأنفة، {أَوْ}: حرف عطف وتنويع، وهي مانعة خلو. {آتِيكُمْ}: فعل وفاعل ومفعول به معطوف على {آتِيكُمْ} الأول. {بِشِهَابٍ} : متعلق بـ {آتِيكُمْ} . {قَبَسٍ} : بدل من {بِشِهَابٍ} ، أو نعت له على تأويله بمشتق؛ أي: شهاب مقتبس؛ أي: مأخوذ من نار. {لَعَلَّكُمْ} : ناصب واسمه، وجملة {تَصْطَلُونَ} في محل الرفع خبر {لَعَلَّ} ، وجملة {لعل} في محل النصب مقول {قَالَ} على كونها معللة لما قبلها.

{فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (8)} .

{فَلَمَّا} : {الفاء} : عاطفة على محذوف معلوم من السياق تقديره: فذهب موسى من عند أهله، فلما جاءها نودي. {لَمَّا} اسم شرط غير جازم في محل نصب مفعول فيه ظرف زمان. {جَاءَهَا}: فعل ومفعول به، وفاعله ضمير مستتر

ص: 425

يعود على {مُوسَى} ، والجملة فعل شرط ومحلها الجر بالإضافة لـ {لَمَّا}. {نُودِيَ}: فعل ماض مغير الصيغة، ونائب فاعله ضمير يعود على {مُوسَى} والجملة جواب {لَمَّا} وجملة لما معطوفة على تلك المحذوفة. {أَن}: مفسرة بمعنى أي؛ لأن في النداء معنى القول دون حروفه، والمعنى: قيل له بورك، ويجوز أن تكون مصدرية، ودخلت هنا على الماضي، أو مخففة من الثقيلة، و {أَنْ} ما بعدها {بُورِكَ} في تأويل مصدر منصوب بنزع الخافض؛ أي: بأن بورك. {مَنْ} : اسم موصول في محل الرفع نائب فاعل لـ {بُورِكَ} . {فِي النَّارِ} : جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة {مَنْ} والموصولة؛ أي: استقر في مكان النار، وجملة {بُورِكَ} جملة مفسرة لا محل لها من الإعراب، و {مَنْ} الثانية: معطوفة على {مَن} الأولى. {حَوْلَهَا} : ظرف صلة {مَنْ} الثانية. {وَسُبْحَانَ اللَّهِ} : {الواو} : استئنافية. {وَسُبْحَانَ} : منصوب على المفعولية المطلقة بفعل محذوف وجوبًا. {اللَّهِ} : مضاف إليه. {رَبِّ الْعَالَمِينَ} : بدل منه، أو نعت له، والجملة المحذوفة مستأنفة، وهي من جلمة لمّا نودي.

{يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9) وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10) إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (11)} .

{يَا مُوسَى} : منادى مفرد العلم، وجملة النداء مستأنفة. {إِنَّهُ}: ناصب واسمه والهاء: إما ضمير الشأن، أو عائدة إلى ما دل عليه ما قبلها، يعني إن مكلمك. {أَنَا}: مبتدأ. {اللَّهُ} : خبره، والجملة في محل الرفع خبر {إن}. {الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}: صفتان للجلالة. {وَأَلْقِ} : {الواو} : عاطفة. {أَلْقِ} : فعل أمر، وفاعل مستتر يعود على {مُوسَى}. {عَصَاكَ}: مفعول به ومضاف إليه، والجملة معطوفة على {بُورِكَ} لأن المعنى: نودي أن بورك من النار وأن ألق عصاك، وهذا مما يرجح كون {أن} مفسرة. {فَلَمَّا}:{الفاء} : عاطفة على محذوف تقديره: فألقاها فاستحالت حية فلما رآها. {لما} : اسم شرط غير جازم. في محل نصب مفعول فيه ظرف زمان {رَآهَا} : فعل وفاعل مستتر

ص: 426

ومفعول به، و {رأى} هنا بصرية تتعدى إلى مفعول واحد. {تَهْتَزُّ}: فعل مضارع، وفاعله ضمير يعود على العصا، والجملة في محل النصب حال من مفعول رآها. {كَأَنَّهَا}: ناصب واسمه. {جَانٌّ} خبره، وجملة كان في محل النصب حال ثانية من ضمير {رَءَاهَا} أو هي حال من ضمير {تَهْتَزُّ} فتكون حالًا متداخلة. {وَلَّى}: فعل ماض، وفاعل مستتر يعود على {مُوسَى}. {مُدْبِرًا}: حال من فاعل {وَلَّى} والجملة الفعلية جواب {لَمَّا} لا محل لها من الإعراب، وجملة {لَمَّا} معطوفة على الجملة المحذوفة. {وَلَمْ}:{الواو} : عاطفة. {لَمْ} : حرف جزم. {يُعَقِّبْ} : فعل مضارع مجزوم بـ {لَمْ} ، وفاعله ضمير يعود على {مُوسَى} ، والجملة معطوفة على جملة {وَلَّى}. {يَا مُوسَى}: منادى مفرد العلم، وجملة النداء في محل النصب مقول لقول محذوف تقديره: قال الله سبحانه يا موسى. {لَا} : ناهية جازمة. {تَخَفْ} : فعل مضارع مجزوم بـ {لَا} الناهية، وفاعله ضمير يعود على {مُوسَى} ، والجملة في محل النصب مقول للقول المحذوف على كونها جواب النداء. {إِنِّي}: ناصب واسمه. {لَا} : نافية. {يَخَافُ} : فعل مضارع. {لَدَيَّ} ظرف ومضاف إليه متعلق بـ {يَخَافُ} . {الْمُرْسَلُونَ} فاعل، والجملة الفعلية في محل الرفع خبر {إن} ، وجملة {إن} في محل النصب مقول للقول المحذوف على كونها معللة لما قبلها {إِلَّا}: أداة استثناء بمعنى لكن؛ لأن الاستثناء منقطع. {مَنْ} : اسم موصول في محل النصب على الاستثناء. {ظَلَمَ} : فعل ماض، وفاعله ضمير يعود على {مَنْ} ، والجملة صلة {مَنْ} الموصولة. {ثُمَّ}: حرف عطف. {بَدَّلَ} : فعل ماض وفاعل مستتر. {حُسْنًا} : مفعول به. {بَعْدَ سُوءٍ} : ظرف ومضاف إليه صفة لـ {حُسْنًا} ، والجملة الفعلية معطوفة على جملة {ظَلَمَ}. {فَإِنِّي}:{الفاء} : تعليلية، {إِنِّي}: ناصب واسمه. {غَفُورٌ رَحِيمٌ} : خبر أول لها. {رَحِيمٌ} خبر ثان لها، والجملة في محل النصب مقول القول المحذوف على كونها معلل للاستثناء.

{وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (12) فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (13) وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (14)}

ص: 427

{وَأَدْخِلْ} : {الواو} : عاطفة. {أَدْخِلْ} فعل أمر وفاعل مستتر يعود على {مُوسَى} . {يَدَكَ} : مفعول به ومضاف إليه. {فِي جَيْبِكَ} : متعلق بـ {أَدْخِلْ} والجملة معطوفة على جملة {أَلْقِ} ، {تَخْرُجْ}: فعل مضارع مجزوم بالطلب السابق، وفاعله ضمير يعود على {يَدَكَ}. {بَيْضَاءَ}: حال من فاعل {تَخْرُجْ} . {مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} : جار ومجرور ومضاف إليه صفة {بَيْضَاءَ} ، أو حال أخرى من فاعل {تَخْرُجْ}. {فِي تِسْعِ آيَاتٍ}: جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بمحذوف حال أخرى من فاعل {تَخْرُجْ} ؛ أي: حالة كونها آية مندرجة في جملة الآيات التسع {إِلَى فِرْعَوْنَ} : جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من فاعل {أدخل} ؛ أي: أدخل يدك في جيبك حال كونك مرسلًا بها إلى فرعون. {وَقَوْمِهِ} : معطوف على {فِرْعَوْنَ} . {إِنَّهُمْ} : ناصب واسمه. {كَانُوا قَوْمًا} : فعل ناقص واسمه وخبره. {فَاسِقِينَ} : صفة {قَوْمًا} وجملة {كَان} في محل الرفع خبر {إن} ، وجملة {إن} مستأنفة مسوقة لتعليل الأمر بالذهاب. {فَلَمَّا}:{الفاء} : فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر تقديره: إذا عرفت أنا بعثناه إلى فرعون وقومه في تسع آيات، وأردت بيان حالهم حين جاءهم موسى

فأقول لك. {لَمَّا جَاءَتْهُمْ} : {لَمَّا} اسم شرط. {جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا} : فعل ومفعول به وفاعل. {مُبْصِرَةً} : حال من {آيَاتُنَا} . {قَالُوا} : فعل وفاعل جواب {لَمَّا} ، وجملة {لَمَّا} في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة مستأنفة. {هَذَا سِحْرٌ}: مبتدأ وخبر. {مُبِينٌ} : صفة {سِحْرٌ} ، والجملة في محل النصب مقول {قَالُ}. {وَجَحَدُوا}: فعل وفاعل معطوف على {قَالُوا} . {بِهَا} : متعلق بـ {جَحَدُوا} . {وَاسْتَيْقَنَتْهَا} {الواو} : حالية. {استيقنتها} : فعل ومفعول به. {أَنْفُسُهُمْ} : فاعل، والجملة في محل النصب حال من فاعل {جَحَدُوا} ولكنها على تقدير قد. {ظُلْمًا}: مفعول لأجله لـ {جَحَدُوا} ، أو حال من فاعل {جَحَدُوا}؛ أي: ظالمين ومستكبرين. {وَعُلُوًّا} : معطوف على {ظُلْمًا} . {فَانْظُرْ} : {الفاء} : فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر تقديره: إذا عرفت جحدهم بآيات الله سبحانه، وأردت بيان ما هو اللائق بك .. فأقول لك انظر وفكر واعجب. {انْظُرْ}: فعل أمر، وفاعله ضمير يعود على

ص: 428

محمد، والجملة في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة. {كَيْفَ}: اسم استفهام التعجبي في محل النصب خبر {كَانَ} مقدم عليه وجوبًا {كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} : فعل واسمه ومضاف إليه، وجملة {كَانَ} في محل النصب مفعول به لـ {فانْظُرْ} معلقة عنها باسم الاستفهام. وعبارة "السمين": والجملة في محل نصب على إسقاط الخافض؛ لأنها معلقة لـ {انظر} بمعنى: تفكر.

{وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15) وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16) وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17)}

{وَلَقَدْ} : {الواو} : اسئنافية، و {اللام}: موطئة للقسم، {قَدْ}: حرف تحقيق. {آتَيْنَا دَاوُودَ} : فعل وفاعل ومفعول أول. {وَسُلَيْمَانَ} : معطوف على {دَاوُودَ} . {عِلْمًا} : مفعول ثان لـ {آتَيْنَا} ، والجملة الفعلية جواب القسم لا محل لها من الإعراب. {وَقَالَا}:{الواو} : عاطف على محذوف تقديره: فعملا بما أعطياه بالقلب بالعزم وعملا به بالجوارح بالمباشرة، وعملا به باللسان، وقالا الحمد لله، والجملة المحذوفة معطوفة على {آتَيْنَا}. {قَالَا}: فعل وفاعل معطوف على الجملة المحذوفة. {الْحَمْدُ} : مبتدأ. {لِلَّهِ} : جار ومجرور خبر المبتدأ، والجملة في محل النصب مقول {قَالَا}. {الَّذِي} صفة للجلالة. {فَضَّلَنَا}: فعل وفاعل مستتر ومفعول به، والجملة صلة الموصول. {عَلَى كَثِير}: متعلق بـ {فَضَّلَنَا} . {مِنْ عِبَادِهِ} : جار ومجرور ومضاف إليه صفة لـ {كَثِيرٍ} . {الْمُؤْمِنِينَ} : صفة لـ {عِبَادِهِ} . {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} : فعل وفاعل ومفعول به، والجملة مستأنفة. {وَقَالَ}: فعل ماض، وفاعل مستتر يعود على {سُلَيْمَانُ} معطوف على {وَرِثَ}. {يَا أَيُّهَا}: حرف نداء. {أي} : منادى نكرة مقصودة، و {ها}: حرف تنبيه زائد تعويضًا عما فات؛ أي: من الإضافة. {النَّاسُ} : بدل من {أي} وجملة النداء في محل النصب مقول {قَالَ} . {عُلِّمْنَا} : فعل ونائب فاعل. {مَنْطِقَ الطَّيْرِ} : مفعول ثان لـ {عُلِّمْنَا} ، والجملة في

ص: 429

محل النصب مقول {قَالَ} على كونها جواب النداء. {أُوتِينَا} : فعل ونائب فاعل معطوف على {عُلِّمْنَا} . {مِنْ} : زائدة، أو تبعيضية. {كُلِّ شَيْءٍ} مفعول ثان لـ {أُوتِينَا}. {إِنَّ هَذَا}: ناصب واسمه. {لَهُوَ} : {اللام} : حرف ابتداء، {هُوَ}: ضمير فصل. {الْفَضْلُ} خبر {إِنَّ} . {الْمُبِينُ} : صفة {الْفَضْلُ} ، وجملة {إنَّ} مستأنفة على كونها مقول {قَالَ}. {وَحُشِرَ}: فعل ماض مغيَّر الصيغة. {لِسُلَيْمَانَ} : متعلق به. {جُنُودُهُ} : نائب فاعل لـ {وَحُشِرَ} ، والجملة مستأنفة. {مِنَ الْجِنِّ}: حال من {جُنُودُهُ} . {وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ} : معطوفان على {الْجِنِّ} . {فَهُمْ} : {الفاء} : فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر تقديره: إذا عرفت حشر جنوده، وأردت بيان حالهم عند الحشر .. فأقول لك هم. {هم}: مبتدأ. {يُوزَعُونَ} : فعل ونائب فاعل، والجملة خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة.

{حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19)} .

{حَتَّى} : حرف جر وغاية لمحذوف تقديره: فساروا حتى إذا أتوا. {إِذَا} : ظرف لما يستقبل من الزمان. {أَتَوْا} : فعل وفاعل، والجملة في محل الخفض بإضافة إذا إليها، والظرف متعلق بالجواب الآتي. {عَلَى}: حرف جر. {وَادِ} : مجرور بـ {عَلَى} ، وحذفت الياء في الخط تبعًا للفظ. {النَّمْلِ}: مضاف إليه، الجار والمجرور متعلق بـ {أَتَوْا}. {قَالَتْ نَمْلَةٌ}: فعل وفاعل، والجملة جواب {إِذَا} ، وجملة {إِذَا} الشرطية في محل الخفض بـ {حَتَّى} الجارة تقديره: فساروا إلى قول النملة وقت إتيانهم وادي النمل. {يَا أَيُّهَا} : {يا} حرف نداء {أَيّ} : منادى نكرة مقصودة، {ها}: حرف تنبيه. {النَّمْلُ} : بدل من {أَي} ، وجملة النداء في محل النصب مقول {قَالَتْ}. {ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ}: فعل وفاعل ومفعول به على السعة، والجملة في محل النصب مقول {قَالَتْ} على كونها جواب

ص: 430

النداء. {لَا} ناهية جازمة. {يَحْطِمَنَّكُمْ} : فعل مضارع، ونون توكيد ثقيلة، ومفعول به في محل الجزم بـ {لَا} الناهية مبني على الفتح؛ لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة. {سُلَيْمَانُ}: فاعل. {وَجُنُودُهُ} : معطوف عليه، والجلمة في محل النصب مقول {قَالَتْ} على كونها مستأنفة؛ لأنها لا تعلق لها بما قبلها. {وَهُمْ}:{الواو} : حالية {هُمْ} : مبتدأ، وجملة {لَا يَشْعُرُونَ} خبره، والجملة الاسمية في محل النصب حال من {سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ}. {فَتَبَسَّمَ}:{الفاء} : عاطفة على محذوف تقديره: فسمع قولها فتبسم {تَبَسَّمَ} فعل ماض، وفاعل مستتر يعود على {سُلَيْمَانُ} . {ضَاحِكًا} حال مؤكدة من فاعل {تَبَسَّمَ} ، والجملة معطوفة على تلك المحذوفة. {مِنْ قَوْلِهَا}: متعلق بـ {ضَاحِكًا} . {وَقَالَ} : فعل وفاعل مستتر معطوف على {تَبَسَّمَ} . {رَبِّ} : منادى مضاف حذف منه حرف النداء في محل النصب مقول {قَالَ} . {أَوْزِعْنِي} : فعل دعاء وفاعل مستتر ومفعول به ونون وقاية، والجملة في محل النصب مقول {قَالَ} على كونها جواب النداء. {أَنْ}: حرف نصب ومصدر. {أَشْكُرَ} : فعل مضارع منصوب بـ {أَنْ} المصدرية، وفاعله ضمير مستتر يعود على {سُلَيْمَانُ}. {نِعْمَتَكَ}: مفعول به ومضاف إليه. {الَّتِي} : صفة لـ {نِعْمَتَكَ} ، وجملة {أَنْ} المصدرية مع صلتها في تأويل مصدر منصوب على كونه مفعولًا ثانيًا لـ {أَوْزِعْنِي}؛ لأنه بمعنى: ألهمني، أو منصوب بنزع الخافض؛ أي: رب أوزعني شكر نعمتك. {أَنْعَمْتَ} : فعل وفاعل صلة الموصول، والعائد محذوف تقديره: أنعمتها. {عَلَيَّ} : جار ومجرور متعلق بـ {أَنْعَمْتَ} . {وَعَلَى وَالِدَيَّ} : معطوف على قوله: {عَلَيَّ} . {وَأَنْ أَعْمَلَ} : ناصب وفعل مضارع، وفاعل مستتر معطوف على {أَنْ أَشْكُرَ}. {صَالِحًا}: مفعول به، أو مفعول مطلق. {تَرْضَاهُ} فعل مضارع وفاعل مستتر ومفعول به، والجملة صفة {صَالِحًا}. {وَأَدْخِلْنِي}:{الواو} : عاطفة {أَدْخِلْنِي} فعل دعاء ونون وقاية وفاعل مستتر ومفعول به معطوف على {أَوْزِعْنِي} . {بِرَحْمَتِكَ} : جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بـ {أَدْخِلْنِي} ، والباء سببية، أو بمحذوف حال من مفعول {أَدْخِلْنِي}؛ أي: حالة كوني متلبسًا برحمتك. {فِي عِبَادِكَ} : متعلق بـ {أَدْخِلْنِي} أيضًا. {الصَّالِحِينَ} : نعت لـ {عِبَادِكَ} .

ص: 431

{وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20)} .

{وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ} : فعل وفاعل مستتر ومفعول به، والجملة مستأنفة مسوقة في سرد أمر آخر حدث لسليمان أثناء مسيره الذي كان فيه قصة النمل. {فَقَالَ}: فعل وفاعل مستتر معطوف على {تَفَقَّدَ} . {مَا} : اسم استفهام في محل الرفع مبتدأ مبني على السكون. {لي} : جار ومجرور خبر المبتدأ، والجملة في محل النصب مقول {قَالَ}. {لَا}: نافية. {أَرَى} : فعل مضارع وفاعل مستتر. {الْهُدْهُدَ} : مفعول به، والجملة في محل النصب حال من ياء المتكلم. {أَمْ}: منقطعة بمعنى بل. {كَانَ} : فعل ماض ناقص، واسمه ضمير يعود على {الْهُدْهُدَ}. {الْغَائِبِينَ}: خبره، والجملة في محل النصب مقول {قَالَ} .

وفي "الفتوحات": قوله: {أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ} : {أَمْ} : منقطعة، كأنه لما لم يره ظن أنه حاضر ولا يراه لساتر أو غيره، فقال:{مَا لِيَ لَا أَرَى} ، ثم احتاط فلاح له أنه غائب فأضرب عن ذلك، وأخذ يقول: أهو غائب، كأنه يسأل عن صحة ما لاح له. اهـ. "بيضاوي". وعلى هذا فتقدر ببل والهمزة، أو ببل وحدها، أو بالهمزة وحدها، اهـ.

{لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (21)} .

{لَأُعَذِّبَنَّهُ} : {اللام} : موطئة للقسم، {أُعَذِّبَنّ}: فعل مضارع في محل الرفع مبني على الفتح؛ لاتصاله بنون التوكيد القيلة، وفاعله ضمير مستتر يعود على {سُلَيْمَانُ} ، و {الهاء}: مفعول به {عَذَابًا} مفعول مطلق. {شَدِيدًا} : صفة له، والجملة جواب القسم. {أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ}: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بالنون، وفاعله ضمير يعود على {سُلَيْمَانُ} ، و {الهاء}: مفعول به، والجملة معطوفة على جملة {لَأُعَذِّبَنَّهُ}. {أَوْ لَيَأْتِيَنِّي} {أَوْ}: حرف عطف، و {اللام}: حرف موطئة للقسم. {يَأْتِيَنِّي} : فعل مضارع في محل الرفع؛ لتجرده عن الناصب والجازم مبني على الفتح؛ لاتصاله بنون التوكيد، وفاعله ضمير يعود على {الْهُدْهُدَ} ، ونون الوقاية حرف لا محل لها من الإعراب؛ لأن أصله: لياتينني بثلاث نونات، و {الياء}: مفعول به. {بِسُلْطَانٍ} : متعلق بـ {يَأْتِيَنِّي} .

ص: 432

{مُبِينٍ} : صفة {سُلْطَانٍ} ، والجملة معطونة على جملة {لَأُعَذِّبَنَّهُ} .

{فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22)} .

{فَمَكَثَ} : {الفاء} : استئنافية، {مَكَثَ}: فعل ماض وفاعل مستتر، والجملة مستأنفة. {غَيْرَ بَعِيدٍ}: منصوب على الظرفية الزمانية؛ أي: زمانًا غير بعيد، أو على المكانية؛ أي: مكانًا غير بعيد. {فَقَالَ} : فعل وفاعل مستتر يعود على {الْهُدْهُدَ} ، معطوف على {مَكَثَ}. {أَحَطْتُ}: فعل وفاعل، والجملة في محل النصب مقول {قَالَ}. {بِمَا}: متعلق بـ {أَحَطْتُ} . {لَمْ} : حرف جزم. {تُحِطْ} : فعل مضارع، وفاعل مستتر يعود على {سُلَيْمَانُ} مجزوم بـ {لَمْ}. {بِهِ}: متعلق بـ {تُحِطْ} ، والجملة صلة الموصول. {وَجِئْتُكَ}: فعل وفاعل ومفعول به معطوف على {أَحَطْتُ} . {مِنْ سَبَإٍ} : متعلق بمحذوف حال من {نَبَأ} ؛ لأنه صفة نكرة قدمت عليها. {بِنَبَإٍ} : متعلق بـ {جِئْتُكَ} . {يَقِينٍ} صفة {نباء} .

{إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23)} .

{إِنِّي} : ناصب واسمه. {وَجَدْتُ امْرَأَةً} فعل وفاعل ومفعول به، ووجد هنا يتعدى لمفعول واحد؛ لأنه من وجدان الضالة، والجملة في محل الرفع خبر إن، وجملة {إن} في محل النصب مقول {قَالَ}. {تَمْلِكُهُمْ}: فعل وفاعل مستتر يعود على {امْرَأَةً} ، ومفعول به، والجملة صفة لـ {امْرَأَةً}. {وَأُوتِيَتْ}: فعل ماض مغير الصيغة، ونائب فاعله ضمير يعود على {امْرَأَةً} والجملة معطوفة على جملة {تَمْلِكُهُمْ}. {مِنْ كُلِّ شَيْءٍ}: جار ومجرور متعلق بـ {أُوتِيَتْ} . {وَلَهَا} : خبر مقدم. {عَرْشٌ} : مبتدأ مؤخر. {عَظِيمٌ} : صفة لـ {عَرْشٌ} ، والجملة في محل النصب حال من نائب فاعل {أوتيت} .

{وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24)}

{وَجَدْتُهَا} : فعل وفاعل ومفعول به {وَقَوْمَهَا} : معطوف على الهاء، أو مفعول معه، والجملة الفعلية بدل من جملة قوله:{وَجَدْتُ امْرَأَةً} ، فهي داخلة في

ص: 433

حيز خبر {إنَّ} ، ووجد يتعدى لواحد، كما مر آنفًا؛ لأنه بمعنى لقيتها. {يَسْجُدُونَ}: فعل وفاعل. {لِلشَّمْسِ} : متعلق به. {مِنْ دُونِ اللَّهِ} : حال من فاعل {يَسْجُدُونَ} ؛ أي: مجاوزين الله، وجملة {يَسْجُدُونَ}: في محل النصب حال من مفعول {وَجَدْتُ} وما عطف عليه. {وَزَيَّنَ} : {الواو} : عاطفة. {زَيَّنَ} : فعل ماض. {لَهُمُ} : متعلق به. {الشَّيْطَانُ} : فاعل: {أَعْمَالَهُمْ} : مفعول به، والجملة في محل النصب معطوفة على جملة {يَسْجُدُونَ}. {فَصَدَّهُمْ}:{الفاء} : حرف عطف وتفريع، {صَدَّهُمْ}: فعل ومفعول به، وفاعله ضمير يعود على {الشَّيْطَانُ} ، والجملة معطوفة على جملة {زَيَّنَ}. {عَنِ السَّبِيلِ}: متعلق بـ {صَدَّهُمْ} . {فَهُمْ} : {الفاء} : عاطفة تفريعية، {هم}: مبتدأ، وجملة {لَا يَهْتَدُونَ}: خبره، والجملة الاسمية معطوفة على جملة {فَصَدَّهُمْ} .

{أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26)}

{أَلَّا} : {أن} : حرف نصب ومصدر مبني بسكون على النون المدغمة في لام {لا} ، وحذفت في الخط اتباعًا لرسم المصحف العثماني، {لا}: زائدة. {يَسْجُدُوا} : فعل وفاعل منصوب بحذف النون، وجملة {أن} المصدرية مع صلتها في تأويل مصدر منصوب على المفعولية لـ {يَهْتَدُونَ} ، لكن بنزع الخافض، وهو إلى. والمعنى: فهم لا يهتدون إلى السجود، وعلى هذا الإعراب لا يصح الوقف على {يَهْتَدُونَ} . ويجوز أن يكون المصدر بدلًا من {أَعْمَالَهُمْ} ، و {لَا}: نافية حينئذ، والتقدير: وزين لهم الشيطان أعمالهم عدم السجود، ويجوز أن يكون بدلًا من {السَّبِيلِ} ، و {لا}: زائدة، وفيه أوجه آخر كما أشرنا إليها في مبحث التفسير. {لِلَّهِ}: جار ومجرور متعلق بـ {يَسْجُدُوا} . {الَّذِي} : صفة للجلالة. {يُخْرِجُ الْخَبْءَ} : فعل وفاعل مستتر ومفعول به، والجملة صلة الموصول. {فِي السَّمَاوَاتِ}: متعلق بـ {يُخْرِجُ} . {وَالْأَرْضِ} : معطوف على {السَّمَاوَاتِ} . {وَيَعْلَمُ} : فعل وفاعل مستتر معطوف على {يُخْرِجُ} . {مَا} : مفعول {يَعْلَمُ} ، وجملة {تُخْفُونَ} صلة الموصول، والعائد محذوف؛ أي: ما تخفونه.

ص: 434

{وَمَا تُعْلِنُونَ} : معطوف على {مَا تُخْفُونَ} . {اللَّهُ} : مبتدأ، وجملة {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}: خبره، والجملة مستأنفة. {رَبُّ الْعَرْشِ}: خبر ثان للجلالة. {الْعَظِيمِ} : بالجر صفة لـ {الْعَرْشِ} ، وبالرفع صفة لـ {رَبُّ} .

{قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27) اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28)}

{قَالَ} : فعل ماض، وفاعل مستتر يعود على {سُلَيْمَانُ} ، والجملة مستأنفة استئنافًا بيانيًا. {سَنَنْظُرُ}: فعل مضارع، وفاعل مستتر يعود على {سُلَيْمَانُ} ، والجملة في محل النصب مقول {قَالَ}. {أَصَدَقْتَ}:{الهمزة} : فيه للاستفهام، {صَدَقْتَ}: فعل وفاعل، والجملة في محل النصب مفعول {نَنْظُر} معلق عنها بهمزة الاستفهام. {أَمْ}: متصلة معادلة للهمزة. {كُنْتَ} : فعل ناقص واسمه. {مِنَ الْكَاذِبِينَ} : خبر {كان} ، والجملة في محل النصب معطوفة على جملة {صَدَقْتَ}. {اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا}: قبله محذوف تقديره: ثم كتب سليمان كتابًا، فقال اذهب بكتابي هذا. {اذْهَبْ}: فعل أمر، وفاعل مستتر يعود على {الْهُدْهُدَ}. {بِكِتَابِي}: متعلق به. {هَذَا} صفة لـ {كِتَابِي} ، أو بدل منه، والجملة الفعلية في محل النصب مقول للقول المحذوف، كما قدرنا. {فَأَلْقِهْ} {الفاء}: عاطفة، {أَلْقِهْ}: فعل أمر وفاعل مستتر ومفعول به. {إِلَيْهِمْ} : متعلق به، والجملة معطوفة على جملة {اذْهَبْ} ، {ثُمَّ}: حرف عطف. {تَوَلَّ} : فعل أمر وفاعل مستتر معطوف على {أَلْقِ} . {عَنْهُمْ} : متعلق بـ {تَوَلَّ} ، أو بمحذوف حال من فاعل {تَوَلَّ}؛ أي: متجاوزًا إياهم إلى مكان قريب تتوارى فيه {فَانْظُرْ} : {الفاء} : عاطفة، {انْظُرْ}: فعل أمر، وفاعل مستتر معطوف على {تَوَلَّ}. {مَاذَا}: اسم استفهام مركب في محل النصب مفعول مقدم لـ {يَرْجِعُونَ} . {يَرْجِعُونَ} : فعل وفاعل؛ أي: أي شيء يرجعون؟، أو {ما}: اسم استفهام مبتدأ {ذَا} : اسم موصول بمعنى الذي في محل الرفع خبره، وجملة {يَرْجِعُونَ}: صلة {ذَا} ، والعائد محذوف تقديره: أي شيء الذي يرجعونه؛ وعلى كلا التقديرين، فالجملة الاستفهامية قد علق عنها العامل، وهو {انْظُرْ} بالاستفهام، فمحلها

ص: 435

النصب على نزع الخافض؛ أي: ثم انظر في أي شيء يرجعونه.

{قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31)}

{قَالَتْ} : فعل ماض، وفاعل مستتر يعود على بلقيس، والجملة مستأنفة. {يَا}: حرف نداء. {أي} : منادى نكرة مقصودة، {هَا}: حرف تنبيه زائد. {الْمَلَأُ} : صفة لـ {أي} ، وجملة النداء في محل النصب مقول {قَالَ}. {إِنِّي}: ناصب واسمه. {أُلْقِيَ} : فعل ماض مغير الصيغة. {إِلَيَّ} : متعلق به. {كِتَابٌ} : نائب فاعل. {كَرِيمٌ} : صفة لـ {كِتَابٌ} ، وجملة {أُلْقِيَ} في محل الرفع خبر {إِنِّ} ، وجملة {إن} في محل النصب مقول {قَالَتْ} على كونها جواب النداء. {إِنَّهُ}: ناصب واسمه. {مِنْ سُلَيْمَانَ} : خبر {إنَّ} ، وجملة {إنَّ} مستأنفة مسوقة للرد على سؤال مقدر، كأنهم قالوا: ممن هو وما هي منطوياته. {وَإِنَّهُ} : {الواو} : عاطفة. {إِنَّهُ} : ناصب واسمه، وجملة البسملة خبرها، وجملة {إِنَّ} معطوفة على جملة {إن} الأولى. {أَلَّا}:{أن} : مفسرة. {لَّا} : ناهية. {تَعْلُوا} : فعل وفاعل مجزوم بـ {لا} الناهية. {عَلَيَّ} : متعلق به، والجملة الفعلية مفسرة لـ {كِتَابٌ}؛ لتضمنه معنى القول دون حروفه؛ أي: ألقي إلى أن لا تعلوا علي. ويجوز أن تكون {أن} مصدرية ناصبة للفعل، و {لَّا}: نافية، و {أن} وما في حيزها مصدر مؤول في محل رفع بدل من {كِتَابٌ} ، أو خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: مضمونه أن لا تعلوا، أو في محل النصب بنزع الخافض؛ أي: بأن لا تعلوا. {وَأْتُونِي} : {الواو} : عاطفة. {وَأْتُونِي} : فعل أمر مبني على حذف النون، والواو: فاعل، و {النون}: للوقاية، و {الياء}: مفعول به. {مُسْلِمِينَ} : حال من فاعل {وَأْتُونِي} .

التصريف ومفردات اللغة

{هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} : هما مصدران أقيما مقام الفاعل للمبالغة، كأنهما نفس الهدى والبشارة.

ص: 436

{فَهُمْ يَعْمَهُونَ} ؛ أي: يترددون ويتحيرون في أودية الضلال من العمه، وهو التردد في الأمر من التحير؛ أي: يترددون بين تركها؛ لأنها واضحة البطلان، ظاهر السوء، وبين الاستمرار عليها. وقيل: معنى {يَعْمَهُونَ} : يستمرون من غير تردد؛ إذ لم يدر في خلدهم لحظة الإقلاع عنها. ويقال في تصريفه: عمه يعمه - من باب ضرب وفتح - عمهًا وعموهًا وعموهية وعمهانًا إذا تحير في طريقه أو أره، وتردد في الضلال فهو عمه، وجمعه عمهون وعامه، وجمعه عامهون وعمه.

{سُوءُ الْعَذَابِ} والسوء: كل ما يسوء الإنسان ويغمه.

{الْأَخْسَرُونَ} أي: أشد الناس خسرانًا لحرمانهم الثواب، واستمرارهم في العذاب.

{وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ} ؛ أي: لتلقن وتعطي، يقال: تلقى الكلام من فلان ولقنه إذا أخذه من لفظه وفهمه. وعبارة "القرطبي": أي: يلقى إليك فتتلقاه، وتعلمه وتأخذه من لدن حكيم عليم. وفي "السمين": لقي مخففًا يتعدى لواحد، ومضعفًا يتعدى لاثنين، فأقيم أولهما هنا مقام الفاعل، والثاني:{الْقُرْآنَ} . اهـ.

{إِنِّي آنَسْتُ نَارًا} أي: أبصرت إبصارًا حصل لي به أنس، يقال: آنست نارًا، وآنست فزعًا، وآنست منه رشدًا، فهو يطلق على المادي والمعنوي.

{بِخَبَرٍ} أي: عن الطريق وحاله. {أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ} ؛ أي: بشعلة نار قبس؛ أي: بقطعة من النار مقبوسة، ومأخوذة من أصلها. يقرأ بإضافة {بِشِهَابٍ} إلى {قَبَسٍ} ، فالإضافة فيه للبيان؛ لأن الشهاب يكون قبسًا وغيره، كالكوكب فهو من إضافة النوع إلى جنسه، كخاتم حديد وثوب خز، وهي بمعنى من؛ أي: شهاب من قبس، ويقرأ بتنوين {شِهَابٍ} ، فـ {قَبَسٍ} على هذا بدل منه، أو نعت له على تأويله بالمفعول؛ أي: شهاب مقتبس؛ أي: مأخوذ من نار، فالشهاب الشعلة، والقبسس النار. والشهاب في الأصل كل مضيء متولد من النار، وما يرى كأنه كوكب انقض، والكوكب عمومًا، والسنان لما فيه من البريق، وجمعه شهب وشُهبان وشِهبان وأشهب، ويقال: فلان شهاب حرب إذا كان ماضيًا فيها،

ص: 437

والقَبَس - بفتحتين -: النار المقبوسة. تقول: خذ لي قبسًا من النار ومقبسًا ومقباسًا، واقبس لي نارًا واقتبس، ومنه: ما أنت إلا كالقابس العجلان؛ أي: المقتبس، وما زورتك إلا كقبسة العجلان. وتقول: ما أنا إلا قبسة من نارك وقبضة من آثارك، وقبسته نارًا وأقبسته، كقولك بغيته الشيء وأبغيته، ومن المجاز قبسته علمًا وخبرًا وأقبسته.

وفي "المفردات": الشهاب: الشعلة الساطعة من النار المتوقدة، والقبس: المتناول من الشعلة، والاقتباس، ثم استعير لطلب العلم والهداية.

{لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ} : فيه الإبدال من تاء الافتعال؛ لأن أصله تصتلون، فقلبت التاء طاء لوقوعها بعد حرف الإطباق، وهو الصاد على القاعدة التصريفية، وهو من صلي بالنار - بكسر اللام - من باب تعب. وفي "المصباح": صلى بالنار وصليها صلى - من باب تعب -: وجد حرها، والصلاء - بوزن كتاب - حر النار، والنار العظيمة، وصليت اللحم أصليه - من باب رمى - شويته. وفي "الأساس": وصلي النار وصلى بها يصلى النار الكبرى وتصلاها وتصلى بها، وأصلاه وصلاه، وشاة مصلية: مشوية، وقد صليتها. ومعنى {تَصْطَلُونَ}: تستدفئون بها. قال الشاعر:

النَّارُ فَاكِهَةُ الشِّتَاءِ فَمَنْ يُرِدْ

أَكْلَ الْفَوَاكِهِ شَاتِيًا فَلْيَصْطَلِ

{كَأَنَّهَا جَانٌّ} والجان: حية صغيرة سريعة الحركة، هذا بالنظر إلى أصل معناها، وإلا فجثتها كانت كبيرة جدًّا. وفي "القاموس" و"التاج": والجان: اسم جمع للجن، وحية أكحل العين لا تؤذي كثيره في الدور.

{وَلَّى مُدْبِرًا} قال: ولى عنها: أعرض عنها، وأدبر عنها: جعلها تلي ظهره. {وَلَمْ يُعَقِّبْ} لم يعطف ولم ينتظر من عقب المقاتل إذا كر بعد الفر.

قال الشاعر:

فَمَا عَقبُوْا إِذْ قِيْلَ هَلْ مِنْ مُعَقِّبٍ

وَلَا نَزَلَوُا يَوْمَ الْكَرِيْهَةِ مَنْزِلَا

يصف قومًا بالجبن، وأنهم إن قيل لهم: هل من معقب وراجع على عقبه

ص: 438

للحرب لم يرجعوا إليها، ولا نزلوا يوم الحرب منزلًا من منازلها.

{فِي جَيْبِكَ} ؛ أي: طوق قميصك، وسمي جيبك؛ لأنه يجاب؛ أي: يقطع ليدخل فيه الرأس. {جَحَدُوا بِهَا} أي: كذبوها. {وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ} ؛ أي: علمت علمًا يقينيًا أنها من عند الله، والجحود: إنكار الشيء بعد المعرفة والإيقان تعنتًا، وأريد هنا التكذيب؛ لئلا يلزم استدراك قوله:{وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ} .

{وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} ؛ أي: قام مقامه في النبوة والملك.

{عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ} ؛ أي: أعطينا فهم ما يريده كل طائر إذا صوت. والمنطق: مصدر ميمي لنطق ينطق - من باب ضرب - نطقًا ومنطقًا ونطوقًا؛ أي: تكلم بصوت وحروف تعرف بها المعاني، والمنطق: الكلام، وقد يستعمل في غير الإنسان. يقال: سمعت منطق الطير.

وقال البيضاوي: والنطق والمنطق في المتعارف: كل لفظ يعبر به عما في الضمير مفردًا كان أو مركبًا، مفيدًا كان أو غير مفيد، وقد يطلق على ما يصوت به على التشبيه أو التبع، كقولهم: نطقت الحمامة إذا صوتت، ومنه الناطق والصامت للحيوان والجماد، وعلم المنطق: هو علم يبحث في صحيح الفكر وفاسده، فهو يضع القواعد التي تعصم الذهن من الوقوع في الأخطاء.

والطير جمع طائر، كريب وراكب، وهو كل ذي جناح يسبح في الهواء ويجري، وكان سليمان يعرف نطق غير الطير أيضًا، كما يجيء من قصة النمل، لكنه أدرج هذا في قوله {وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} وخص منطق الطير؛ لشرف الطير على سائر الحيوان.

{وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ} الحشر: إخراج الجماعة من مقرهم وإزعاجهم عنه إلى الحرب وغيرها.

{فَهُمْ يُوزَعُونَ} ؛ أي: يحبس أولهم ليلحق آخرهم، فيكونون مجتمعين لا يتخلف منهم أحد. وفي "المختار": وزعه يزعه وزعًا مثل وضعه يضعه وضعًا؛ أي: كله فانتزع هو؛ أي: كف، وأوزعه بالشيء أغراه به، واستوزعت الله

ص: 439

شكره، فأوزعني؛ أي: استلهمته، فالهمني. والوازع: الذي يتقدم الصف فيصلحه ويقدم ويؤخر، وجمعه وزعة. وقال الحسن: لا بد للناس من وازع؛ أي: سلطان يكفهم. يقال: وزعت الجيش إذا حبست أولهم على آخرهم.

{قَالَتْ نَمْلَةٌ} النَمل والنُمل - بضم الميم - حيوان حريص على جمع الغذاء، يتخذ قرى تحت الأرض، فيها منازل ودهاليز، وغرف وطبقات منعطفة يملؤها حبوبًا وذخائر للشتاء. الواحدة: نملة، ونملة للذكر والأنثى. والجمع: نمال كرملة ورمال. وفي "الروح": ونملة مؤنث حقيقي بدليل لحوق علامة التأنيث فعلها؛ لأن نملة تطلق على الذكر والأنثى، فإذا أريد تمييزها احتيج إلى مميز خارجي، نحو نملة ذكر، ونملة أنثى، وكذلك لفظة حمامة ويمامة من المؤنثات اللفظية. اهـ

{وَادِ النَّمْلِ} والوادي: الموضع الذي يسيل فيه الماء، والنمل معروف، الواحدة: نملة، سميت نملة لتنملها؛ وهي كثرة حركتها وقلة قوائمها، ومعنى وادي النمل: واد يكثر فيه النمل، والمراد: واد بالشام أو بالطائف كثير النمل، والمشهور أنه النمل الصغير.

{لَا يَحْطِمَنَّكُمْ} أي: لا يكسرنكم ويهشمنكم سليمان وجنوده. وفي "المختار": حطمه من باب ضرب؛ أي: كسره فانحطم وتحطم، والتحطيم: التكسير، والحطام: ما تكسر من اليبس. اهـ.، وسمي حجر الكعبة الحطيم؛ لأنه كسر منها.

{أَوْزِعْنِي} ألهمني، وحقيقته: اجعلني أزع شكر نعمتك عندي، وأكفه وارتبطه لا ينفلت عني حتى لا أنفك شاكرًا لك، وقد تقدم شرح هذه المادة قريبًا.

{وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ} قال في "القاموس": تفقده طلبه عن غيبة. وفي "كشف الأسرار": التفقد: طلب المفقود، وإنما قيل له التفقد؛ لأن طالب الشيء درك بعضه ويفقد بعضه. في المفردات: التفقد التعهد، لكن حقيقة التفقد تعرف فقدان

ص: 440

الشيء، والتعهد: تعرف العهد المقدم، والطير: اسم جامع للجنس كما في "الوسيط".

{الْهُدْهُدَ} - بضمتين مع سكون الدال - والهُدَهِد - بضم ففتح فكسر - والهداهد: طائر ذو خطوط وألوان كثيرة، الواحدة: هدهدة بضمتين بينهما سكون، وهدهدة بضم ففتح فكسر، وهداهدة، والجمع: هداهد وهداهيد.

ويقولون: هو أبصر من هدهد؛ لأنهم يزعمون أنه يرى الماء تحت الأرض، وفي "حياة الحيوان": الهدهد: منتن الريح طبعًا؛ لأنه يبني أفحوصه في الزبل. وهذا عام في جنسه وإن بخر المجنون بعرف الهدهد أبرأه ولحمه إذا بخر به معقود عن المرأة، أو مسحور أبرأه. وفي "الفتاوى الزينية": سئل عن أكل الهدهد أيجوز أم لا؛ أجاب نعم يجوز. انتهى.

{عَذَابًا شَدِيدًا} : الإيجاع الشديد، وعذبه تعذيبًا أكثر حبسه في العذاب. {أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ} وأصل الذبح شق حلق الإنسان. اهـ. "روح".

{أَوْ لَيَأْتِيَنِّي} بنون مشددة مفتوحة؛ هي نون التوكيد الثقيلة بعدها نون مكسورة؛ هي نون الوقاية، وقرىء {لَيَأْتِيَنِّي} بنون مشددة مكسورة أصله: ليأتينني بثلاث نونات، فحذفت النون التي قبل ياء المتكلم لتوالي الأمثال.

{فَمَكَثَ} بضم الكاف وفتحها، والأول من باب قرب، والثاني من باب نصر، وفي "القاموس" وغيره: مكث يمكث - من باب نصر - مكثًا بفتح فسكون ومكثًا بفتحتين ومكوثًا ومكيثي بالمكان أقام ولبث فهو ماكث. والاسم المكث بضم الميم، والمِكث بكسرها، ومكث يمكث - من باب قرب - مكاثة نبت ورزن. اهـ والمكث: ثبات مع انتظار.

{بِمَا لَمْ تُحِطْ} والإحاطة بالشيء علمًا: أن يعلمه من جميع جهاته حتى لا يخفى عليه معلوم ما. اهـ "خازن".

{مِنْ سَبَإٍ} وسبأ: بلاد واقعة جنوبي غربي الجزيرة العربية في اليمن،

ص: 441

ذكرت في كتاب العهد القديم، وفي مؤلفات العرب، واليونان، والرومان كانت على جانب عظيم من الحضارة، كان يتعاطى سكانها تجارة الذهب والفضة والأحجار الكريمة.

{تَمْلِكُهُمْ} ؛ أي: تسوسهم وتدبر أمورهم، لا ملك الرقبة {وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} والعرش في الأصل: شيء مسقف، ويراد به هنا سرير عظيم، أعني: سرير الملك. {فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ} والسبيل من الطريق ما هو معتاد السلوك.

{الْخَبْءَ} : مصدر بمعنى المخبوء، يقال: خبأت الشيء أخبؤه خبأ - من باب نفع -؛ أي: سترته، والخبء في السموات المطر وفي الأرض النبات.

{سَنَنْظُرُ} من النظر بمعنى التأمل، والسين للتأكيد؛ لنعرف بالتجربة البتة.

{تَوَلَّ عَنْهُمْ} ؛ أي: تنح عنهم إلى مكان قريب تتوارى فيه؛ ليكون ما يقولونه بسمع منك. {فَانْظُرْ} ؛ أي: تأمل وفكر. {يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ} والملأ: عظماء القوم الذين يملؤون العيون مهابة، والقلوب جلالة، جمعه أملاء كنبأ وأنباء. {أَلَّا تَعْلُوا}؛ أي: ألا تتكبروا ولا تنقادوا للهوى والنفس. {مُسْلِمِينَ} ؛ أي: منقادين خاضعين.

البلاغة

وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:

فمنها: الإشارة بالبعيد عن القريب في قوله: {تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ} للإيذان ببعد منزلته في الفضل والشرف.

ومنها: التنكير للتعظيم والتفخيم في قوله: {وَكِتَابٍ مُبِينٍ} ؛ أي: كتاب عظيم الشأن رفيع القدر.

ومنها: الإتيان بالمصدر بدل اسم الفاعل؛ للمبالغة في قوله: {هُدًى

ص: 442

وَبُشْرَى}؛ أي: هاديًا ومبشرًا، كأنها نفس الهدى والبشارة.

ومنها: تكرير الضمير في قوله: {وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} لإفادة الحصر والاختصاص، وأما وجه تكراره هنا فهو أنه كان أصل الكلام هم يوقنون بالآخرة، ثم قدم المجرور على عامله عناية به، فوقع فاصلًا بين المبتدأ والخبر، فأريد أن يلي المبتدأ خبره. وقد حال المجرور بينهما، فطرّي ذكره ليليه الخبر، ولم يفت مقصود العناية بالجار والمجرور حيث بقي على حاله مقدمًا، ولا يستنكر أن تعاد الكلمة مفصولة له وحدها بعدما يوجب التطرية. ومثله {وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ} وفيه المقابلة اللطيفة بين الجملتين.

ومنها: العدول في الصلة عن الجملة الفعلية إلى الجملة الاسمية؛ لإفادة التأكيد والمبالغة والدوام، فإن الإيمان والإيقان بالآخرة أمر ثابت مطلوب دوامه، ولذلك أتي به جملة اسمية، وجعل خبرها فعلًا مضارعًا، فقال:{وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} ؛ للدلالة على أن إيقانهم يستمر على سبيل التجدد، أما إقامة الصلاة ايتاء الزكاة مما يتكرر ويتجدد في أوقاتهما المعينة، ولذلك أتى بهما فعلين، فقال:{الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} .

ومنها: التأكيد بـ {إن} واللام في قوله: {إِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ} ؛ أي: لوجود المتشككين في القرآن.

ومنها: تنوين الاسمين للتعظيم في قوله: {مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} .

ومنها: الجمع بين الحكيم والعليم إشعارًا بأن علوم القرآن منها ما هو حكمة كالعقائد والشرائع، ومنها ما ليس كذلك كالقصص والأخبار الغيبية.

ومنها: استعمال أو بدل {الواو} في قوله: {أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ} آثر {أو} على {الواو} ؛ نكتة بلاغية رائعة، فإن {أَوْ} تفيد التخيير، وقد بني رجاءهُ على أنه إن لم يظفر بحاجتيه جميعًا فلن يعدم بواحدة منهما، وهما: إما هداية الطريق، وإما اقتباس النار هضمًا لنفسه، واعترافًا بقصوره نحو ربه.

ص: 443

ومنها: إيجاز الحذف في قوله: {وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ} حذفت قبل الرؤية جمل تقديرها: فألقاها فانقلبت إلى حية الخ.

ومنها: التعجيب من عظمة ما رأى في قوله: {وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} .

ومنها: التشبيه في قوله: {كَأَنَّهَا جَانٌّ} حيث شبه الحية العظيمة المسماة بالثعبان بالجان؛ أي: الحية الصغيرة في سرعة الحركة والالتواء.

ومنها: التعريض بظلم موسى بقتل القبطي في قوله: {إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ} .

ومنها: الطباق بين الحسن والسوء في قوله: {حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ} ، وبين {وَلَّى مُدْبِرًا {وَلَمْ يُعَقِّبْ} .

ومنها: التشبيه المرسل المجمل في قوله: {كَأَنَّهَا جَانٌّ} ذكرت أداة التشبيه وحذفت وجه الشبه، فصار مرسلًا مجملًا.

ومنها: المجاز العقلي في إسناد الإبصار إلى الآيات في قوله: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً} حيث نسب الإبصار إليها مجازًا؛ لأنه بها يبصر، ويجوز أن يكون مجازًا مرسلًا، والعلاقة السببية؛ لأنها سبب الإبصار، وهذا أولى من قول بعضهم: إن مبصرة اسم فاعل بمعنى اسم المفعول نحو ماء دافق؛ أي: مدفوق إشعارًا بأنها لفرط وضوحها وإنارتها كأنها تبصر نفسها لو كانت مما يبصر.

ومنها: التنوين والتنكير في قوله: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا} ؛ لتعظيم العلم الذي أوتياه وتكثيره، كأنه قال: علمًا أي، علم، وهو كذلك فإن علمهما كان مما يستغرب ويستعظم، ومن ذلك علم منطق الطير وسائر الحيوانات على أن كل علم بالإضافة إلى علم الله سبحانه قليل ضئيل.

ومنها: استعمال حرف الاستعلاء لإفادة الفوقية في قوله: {حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ} فعدى {أَتَوْا} بـ {عَلَى} ؛ لأن الإتيان كان من فوق، فأتى بحرف الاستعلاء.

ص: 444

ومنها: التوليد في قوله تعالى: {قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} فإن هذه الآية اشتملت على أحد عشر نوعًا من البلاغة يتولد بعضها من بعض: أولها: النداء بـ {يَا} ، وثانيها: كنت بـ {أَيُّ} ، وثالثها: نبهت بـ {هَا} التنبيه، ورابعها: سمت بقولها: {النَّمْلُ} ، وخامسها: أمرت بقولها: {ادْخُلُوا} ، وسادسها: نصت بقولها: {مَسَاكِنَكُمْ} ، وسابعها: حذرت بقولها: {لَا يَحْطِمَنَّكُمْ} ، وثامنها: خصصت بقولها: {سُلَيْمَانُ} ، وتاسعها: عممت بقولها: {وَجُنُودُهُ} وعاشرها: أشارت بقولها؛ {وَهُمْ} ، وحادي عشرها: عذرت بقولها: {لَا يَشْعُرُونَ} . هذا وقد أنشدوا ملغزين في نملة سليمان وبقرة بني إسرائيل.

فَمَا مَيْتٌ أَحْيَا لَهُ اللهُ مَيِّتًا

لِيُخْبِرَ قَوْمًا أُنْذِرُوْا بِبَيَانِ

وَعَجْفَاءُ قَدْ قَامَتْ لِتُنْذِرَ قَوْمَهَا

وَأَهْلَ قُرَاهَا رَهْبَةَ الْحَدَثَانِ

ومنها: أسلوب التعجب في قوله: {مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ} .

ومنها: التأكيد المكرر في قوله: {لَأُعَذِّبَنَّهُ} ، {أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ} ، {أَوْ لَيَأْتِيَنِّي} ؛ لتأكيد الأمر.

ومنها: طباق السلب في قوله: {أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ} .

ومنها: جناس التصريف في قوله: {وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ} اختلاف صيغة الكلمتين بإبدال حرف من حرف إما من مخرجه، أو من قريب من مخرجه؛ وهو من محسنات الكلام المتعلقة باللفظ. وقال أبو حيان في تعريفه: وهو أن تنفرد كل كلمة من الكلمتين عن الأخرى بحرف. انتهى.

قال صاحب "الكشاف": وهذا من محاسن الكلام بشرط أن يجيء مطبوعًا غير متكلف، أو يصنعه عالم بجوهر الكلام، ولقد حسن في الآية، وباع لفظًا ومعنى، ألا ترى أنه لوهوضع مكان {بِنَبَإٍ} لفظة بخبر .. لكان المعنى صحيحًا، ولكن يفوت ما في النبأ من الزيادة التي معناها الخبر الهام، والتي يطابقها وصف الحال؛ لأنه جاء منغومًا عذب الجرس؛ لاتفاق سبأ ونبأ.

ص: 445

ومنها: الطباق في اللفظ في قوله: {تُخْفُونَ} و {تُعْلِنُونَ} .

ومنها: الزيادة والحذف في عدة مواضع.

والله سبحانه وتعالى أعلم

* * *

ص: 446