الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ إِنِّي اذا شاهدت امرا مُنْكرا أججت نَارِي ودعوت قنبرا والقصة مَعْرُوفَة قَالَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى
فصل فِي مُقَدّمَة نافعة قبل التَّحْكِيم
…
يَا أَيهَا الرجل المريد نجاته
…
إسمع مقَالَة نَاصح معوان
كن فِي أمورك كلهَا متمسكا
…
بِالْوَحْي لَا بزخارف الهذيان
وانصر كتاب الله وَالسّنَن الَّتِي
…
جَاءَت عَن الْمَبْعُوث بالفرقان
وَاضْرِبْ بِسيف الْوَحْي كل معطل
…
ضرب الْمُجَاهِد فَوق كل بنان
واحمل بعزم الصدْق حَملَة مخلص
…
متجرد لله غير جبان
واثبت بصبرك تَحت ألوية الْهدى
…
فَإِذا أصبت فَفِي رضى الرَّحْمَن
وَاجعَل كتاب الله وَالسّنَن الَّتِي
…
ثبتَتْ سِلَاحك ثمَّ صَحَّ بجنان
من ذَا يبارز فليقدم نَفسه
…
أومن يسابق يبد فِي الميدان
واصدح بِمَا قَالَ الرَّسُول وَلَا تخف
…
من قلَّة الانصار والاعوان
فَالله نَاصِر دينه وَكتابه
…
وَالله كَاف عَبده بِأَمَان
لَا تخش من كيد الْعَدو ومكرهم
…
فقتالهم بِالْكَذِبِ والبهتان
…
.. فجنود اتِّبَاع الرَّسُول ملائك
…
وجنودهم فعساكر الشَّيْطَان
شتان بَين العسكرين فَمن يكن
…
متحيزا فَلْينْظر الفئتان
واثبت وَقَاتل تَحت رايات الْهدى
…
واصبر فنصر الله رَبك دَان
وَاذْكُر مقاتلهم لفرسان الْهدى
…
لله در مقَاتل الفرسان
وادرء بِلَفْظ النَّص فِي نحر العدى
…
وارجمهم بثواقب الشهبان
لَا تخش كثرتهم فهم همج الورى
…
وذبابه أتخاف من ذبان
واشغلهم عِنْد الْجِدَال ببعضهم
…
بَعْضًا فَذَاك الحزم للفرسان
واذا هم حملو عَلَيْك فَلَا تكن
…
فَزعًا لحملتهم وَلَا بجبان
واثبت وَلَا تحمل بِلَا جند فَمَا
…
هَذَا بمحمود لَدَى الشجعان
فَإِذا رَأَيْت عِصَابَة الاسلام قد
…
وافت عساكرها مَعَ السُّلْطَان
فهناك فاخترق الصُّفُوف وَلَا تكن
…
بالعاجز الواني وَلَا الفزعان
…
هَذَا شُرُوع فِي وَصِيَّة نافعة ومقدمة جَامِعَة قبل الشُّرُوع فِي المحاكمة بَين الطوائف أوصى بهَا المُصَنّف قدس الله روحه وَنور ضريحه لمن يعقل عَن الله وَذَلِكَ أَن الانسان لم يخلق سدى مهملا بل خلقه الله لامر عَظِيم وخطب جسيم خلقه الله سُبْحَانَهُ لعبادته الجامعة لمحبته وخشيته والذل والخضوع لَهُ وهيأ دارين دَار جَزَاء للمحسنين وَدَار عِقَاب للمخالفين فَتعين على من طلب نجاة نَفسه التهيؤ والا ستعداد لما يقربهُ من رضى ربه وينجيه
من عِقَابه وعذابه وَلَا سَبِيل إِلَى ذَلِك الا مُتَابعَة الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فِي الدق والجل وَتَقْدِيم طَاعَته على طَاعَة غَيره فَلهَذَا قَالَ يَا ايها الرجل المريد نجاته الخ وكما قَالَ المُصَنّف فِيمَا يَأْتِي يَا من يُرِيد نجاته يَوْم الْحساب من الْجَحِيم وموقد النيرَان اتبع رَسُول الله فِي الاعمال والاقوال الخ قَوْله مُقَدّمَة بِكَسْر الدَّال كمقدمة الْجَيْش أول مَا يتَقَدَّم مِنْهُ وَبِفَتْحِهَا على قلَّة وَقَوله معوان هُوَ اسْم فَاعل وعاونه معاونة وعوانا أَعَانَهُ والمعوان الْحسن المعونة اَوْ كثيرها قَالَه فِي (الْقَامُوس (قَوْله اضْرِب بِسيف الْوَحْي اسْتعَار اسْم السَّيْف للوحي اشارة الى قطعه المنازع لِأَن الْوَحْي دَلِيل قَاطع سَمْعِي عَقْلِي وَالْوَحي هُوَ الْعلم النافع وَالدَّلِيل الْقَاطِع لازخارف الْمُتَكَلِّمين وهذيان الفلاسفة والمتصوفين القاطعة عَن الله وَرَسُوله من تبعها وقدمها على الْوَحْي الْمُبين والمنهج الْوَاضِح المستبين وَهُوَ كتاب الله المتين وَسنة رَسُوله الصَّادِق الامين فقد ضل سَوَاء السَّبِيل وَللَّه در الْقَائِل
…
الْعلم قَالَ الله قَالَ رَسُوله
…
قَالَ الصَّحَابَة لَيْسَ خلف فِيهِ
مَا الْعلم نصبك للْخلاف سفاهة
…
بَين الرَّسُول وَبَين رَأْي سَفِيه
كلا وَلَا نصب الْخلاف جَهَالَة
…
بَين النُّصُوص وَبَين رَأْي فَقِيه
كلا وَلَا رد النُّصُوص تعمدا
…
حذرا من التجسيم والتشبيه
مَا شا النُّصُوص من الَّذِي رميت بِهِ
…
من فرقة التعطيل والتمويه
…
قَوْله وأدر بِلَفْظ النَّص فِي نحر العدى الدرء الدّفع وبابه قطع
قَوْله همج الهمج بِفتْحَتَيْنِ جمع همجة وَهِي ذُبَاب صَغِير كالبعوض يسْقط على وُجُوه الْغنم وَالْحمير وأعينها وَيُقَال للرعاع الحمقى انما هم همج (مُخْتَار الصِّحَاح (قَوْله ذُبَاب الذب الْمَنْع وَالدَّفْع وبابه رد والذبانة بِالضَّمِّ وَتَشْديد الْبَاء وَنون قبل الْهَاء وَاحِدَة الذُّبَاب وَلَا تقل ذبانة بِالْكَسْرِ وَجمع الذُّبَاب فِي الْقلَّة أذبة وَالْكثير ذبان كغراب وأغربة وغربان (مُخْتَار الصِّحَاح (قَالَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى
…
وتعر من ثَوْبَيْنِ من يَلْبسهُمَا
…
يلقى الردى بمذمة وهوان
ثوب من الْجَهْل الْمركب فَوْقه
…
ثوب التعصب بئست الثوبان
وَتحل بالانصاف أَفْخَر حلَّة
…
زينت بهَا الاعطاف والكتفان
وَاجعَل شعارك خشيَة الرَّحْمَن مَعَ
…
نصح الرَّسُول فحبذ الامران
وتمسكن بحبله وبوحه
…
وتوكلن حَقِيقَة التكلان
فَالْحق وصف الرب وَهُوَ صراطه ال
…
هادي اليه لصَاحب الايمان
وَهُوَ الصِّرَاط عَلَيْهِ رب الْعَرْش أَي
…
ضا ذَا وَذَا قد جَاءَ فِي الْقُرْآن
وَالْحق مَنْصُور وممتحن فَلَا
…
تعجب فهذي سنة الرَّحْمَن
وبذاك يظْهر حزبه من حزبه
…
وَلَا جلّ ذَاك النَّاس طَائِفَتَانِ
ولاجل ذَاك الْحَرْب بَين الرُّسُل وَال
…
كفار مذ قَامَ الورى سجلان
…
.. لكنما العقبى لأهل الْحق إِن
…
فَاتَت هُنَا كَانَت لَدَى الديَّان
…
قَوْله تعره فعل أَمر من التعري يُقَال عري من ثِيَابه بِالْكَسْرِ عريا بِالضَّمِّ فَهُوَ عَار وعريان وَالْمَرْأَة عُرْيَانَة وَمَا كَانَ على فعلان فمؤنثه بِالْهَاءِ قَالَه فِي (مُخْتَار الصِّحَاح (قَوْله الْجَهْل الْمركب هُوَ تصور الشَّيْء على غير مَا هيته وَذَلِكَ أَن حكم الْعقل بِأَمْر على أَمر جازم غير مُطَابق فِي الْخَارِج هُوَ الإعتقاد الْفَاسِد وَهُوَ الْجَهْل الْمركب لتركبه من عدم الْعلم بالشَّيْء واعتقاد غير مُطَابق فَهُوَ أَن يجهل الْحق ويجهل جَهله بِهِ وَالْجهل الْبَسِيط عدم الْعلم وَقيل عدم معرفَة الْمُمكن بِالْفِعْلِ لَا بِالْقُوَّةِ قَوْله فَالْحق وصف الرب وَهُوَ صراطه الْهَادِي اليه لصَاحب الايمان اما اشتقاق الصِّرَاط فَالْمَشْهُور أَنه من صرطت الشَّيْء أصرطه إِذا بلعته بلعا سهلا فَسُمي الطَّرِيق صراطا لِأَنَّهُ يصترط الْمَارَّة فِيهِ والصراط مَا جمع خَمْسَة أَوْصَاف أَن يكون طَرِيقا مُسْتَقِيمًا سهلا مسلوكا وَاسِعًا موصلا إِلَى الْمَقْصُود فَلَا تسمي الْعَرَب الطَّرِيق المعوج صراطا وَلَا الصعب الْمشق وَلَا المسدود غير الْموصل وَمن تَأمل موارد الصِّرَاط فِي لسانهم واستعمالهم تبين ذَلِك قَالَ
…
امير الْمُؤمنِينَ على صِرَاط
…
إِذا أَعْوَج الْوَارِد مُسْتَقِيم
…
وبنوا الصِّرَاط على زنة فعال لِأَنَّهُ يشْتَمل على سالكه اشْتِمَال الْحق على الشَّيْء المسروط وَهَذَا الْوَزْن كثير فِي المشتملات على الاشياء كاللحاف والخمار والرداء والغطاء والفراش كَذَا أَفَادَهُ النَّاظِم قَوْله فَالْحق وصف الرب وَهُوَ صراطه الْهَادِي إِن الرب تَعَالَى يُوصف بِأَنَّهُ الْحق كَمَا فِي الحَدِيث
الصَّحِيح فِي (صَحِيح البُخَارِيّ (من حَدِيث عبد الله بن عَبَّاس (اللَّهُمَّ أَنْت الْحق وَوَعدك حق ولقاؤك حق (الحَدِيث وَقَوله وَهُوَ الصِّرَاط عَلَيْهِ رب الْعَرْش يُشِير الى قَوْله تَعَالَى {إِن رَبِّي على صِرَاط مُسْتَقِيم} هود 56 أَي هُوَ على الْحق وَا لعدل
قَوْله وَهُوَ صراطه الخ قَالَ الله تَعَالَى {وَأَن هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبعُوهُ وَلَا تتبعوا السبل فَتفرق بكم عَن سَبيله} الانعام 153 قَالَ ابْن مَسْعُود خطّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خطا بِيَدِهِ ثمَّ قَالَ هَذَا سَبِيل الله مُسْتَقِيمًا ثمَّ خطّ خُطُوطًا عَن يَمِينه وشماله وَقَالَ هَذِه سبل وعَلى كل سَبِيل شَيْطَان يَدْعُو إِلَيْهِ ثمَّ قَرَأَ قَوْله تَعَالَى {وَأَن هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبعُوهُ وَلَا تتبعوا السبل فَتفرق بكم عَن سَبيله ذَلِكُم وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون} وَهَذَا لِأَن الطَّرِيق الموصلة الى الله وَاحِدَة وَهُوَ مَا بعث بِهِ رسله وَأنزل بِهِ كتبه لَا يصل اليه أحد الا من هَذِه الطَّرِيق وَلَو اتى النَّاس من كل طَرِيق واستفتحوا من كل بَاب فالطرق عَلَيْهِم مسدودة والابواب عَلَيْهِم مغلقة الا من هَذَا الطَّرِيق الْوَاحِد فَإِنَّهُ مُتَّصِل بِاللَّه موصل إِلَى الله قَالَ تَعَالَى {هَذَا صِرَاط عَليّ مُسْتَقِيم} الْحجر 41 قَالَ الْحسن مَعْنَاهُ صِرَاط إِلَيّ مُسْتَقِيم وَهَذَا يحْتَمل أَمريْن ان يكون أَرَادَ بِهِ أَنه من بَاب إِقَامَة الادوات بَعْضهَا مقَام بعض فَقَامَتْ أَدَاة (عَليّ) مقَام (إِلَيّ) وَالثَّانِي أَنه أَرَادَ التَّفْسِير على الْمَعْنى وَهُوَ الاشبه بطرِيق السّلف أَي صِرَاط موصل إِلَيّ وَقَالَ مُجَاهِد الْحق يرجع الى الله وَعَلِيهِ طَرِيقه لَا يعرج على شَيْء وَمثل قَول الْحسن وَأبين مِنْهُ وَهُوَ من أصح مَا قيل فِي الاية وَقيل (على) فِيهِ للْوُجُوب أَي عَليّ بَيَانه
وتعريفه وَالدّلَالَة عَلَيْهِ وَالْقَوْلَان نَظِير الْقَوْلَيْنِ فِي آيَة النَّحْل وَهِي {وعَلى الله قصد السَّبِيل} النَّحْل 9 وَالصَّحِيح فِيهَا كَالصَّحِيحِ فِي آيَة الْحجر أَن السَّبِيل القاصد وَهُوَ الْمُسْتَقيم المعتدل يرجع الى الله ويوصل اليه قَالَ طفيل الغنوي
…
مضوا سلفا قصد السَّبِيل عَلَيْهِم
…
وَصرف المنايا بِرِجَال تقلب
…
أَي مرورنا عَلَيْهِم واليهم وصولنا وَقَالَ الاخر
…
فهن المنايا أَي وَاد سلكته
…
عَلَيْهَا طريقي أَو عَليّ طريقها
…
افاده المُصَنّف فِي تَفْسِير هَذِه الْآيَات قَالَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى
…
وَاجعَل لقلبك هجرتين وَلَا تنم
…
فهما على كل امرء فرضان
فالهجرة الاولى إِلَى الرَّحْمَن بَال
…
إخلاص فِي سرو وَفِي إعلان
فالقصد وَجه الله بالاقوال وَال
…
أَعمال والطاعات والشكران
فبذاك ينجو العَبْد من إشراكه
…
وَيصير حَقًا عَابِد الرَّحْمَن
وَالْهجْرَة الاخرى الى الْمَبْعُوث بَال
…
حق الْمُبين وواضح الْبُرْهَان
فيدور مَعَ قَول الرَّسُول وَفعله
…
نفيا واثباتا بِلَا روغان
وَيحكم الْوَحْي الْمُبين على الَّذِي
…
قَالَ الشُّيُوخ فَعنده حكمان
لَا يحكمان بباطل أبدا وكل
…
الْعدْل قد جَاءَت بِهِ الحكمان
…
.. وهما كتاب الله أعدل حَاكم
…
فِيهِ الشفا وهداية الحيران
وَالْحَاكِم الثَّانِي كَلَام رَسُوله
…
مَا ثمَّ غَيرهمَا لذِي ايمان
فَإِذا دعوك لغير حكمهمَا فَلَا
…
سمعا لداعي الْكفْر والعصيان
قل لَا كَرَامَة لَا وَلَا نعما وَلَا
…
طَوْعًا لمن يَدْعُو الى طغيان
واذا دعيت الى الرَّسُول فَقل لَهُم
…
سمعا وطوعا لست ذَا عصيان
واذا تكاثرت الْخُصُوم وصيحوا
…
فَاثْبتْ فصيحتهم كَمثل دُخان
يرقى الى الاوج الرفيع وَبعده
…
يهوي الى قَعْر الحضيض الداني
…
شرع النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى فِي ذكر الهجرتين فالهجرة الاولى الى الله تَعَالَى باخلاص الْأَعْمَال والتوجه اليه بامتثال أمره وَاجْتنَاب نَهْيه وَالْهجْرَة الثَّانِيَة الى الرَّسُول صلى الله عليه وسلم باتباعه وَتَقْدِيم قَوْله فِي الدق والجل وَترك قَول غَيره لقَوْله وللمصنف رَحمَه الله تَعَالَى كتاب سَمَّاهُ (سفر الهجرتين وَطَرِيق السعادتين (اتى بِمَا لَا مزِيد عَلَيْهِ فَرَاجعه إِن شِئْت وَقَوله إِلَى الاوج الرفيع الاوج مُعرب أوك وَهُوَ كلمة أَعْجَمِيَّة مَعْنَاهَا الْعُلُوّ والحضيض الْقَرار من الارض عِنْد مُنْقَطع الْجَبَل وَفِي الحَدِيث انه أهدي إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم هَدِيَّة فَلم يجد شَيْئا يَضَعهُ عَلَيْهِ فَقَالَ (ضَعْهُ بالحضيض فَإِنَّمَا انا عبد آكل كَمَا يَأْكُل العَبْد (يعْنى ضَعْهُ بالارض قَالَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى
.. هَذَا وان قتال حزب الله بَال
…
أَعمال لَا بكتائب الشجعان
وَالله مَا فتحُوا الْبِلَاد بِكَثْرَة أَنى وأعداهم بِلَا حسبان
…
وكذاك مَا فتحو الْقُلُوب بِهَذِهِ ال
آراء بل بِالْعلمِ والايمان
…
وشجاعة الفرسان نفس الزّهْد فِي
نفس وَذَا مَحْذُور كل جبان
…
وشجاعة الْحُكَّام وَالْعُلَمَاء زه
د فِي الثنامن كل ذِي بطلَان
…
فاذا هما اجْتمعَا لقلب صَادِق
شدت ركائبه الى الرَّحْمَن
…
واقصد الى الأقران لَا أطرافها
فالعز تَحت مقَاتل الاقران
…
واسمع نصيحة من لَهُ خبر بِمَا
عِنْد الورى من كَثْرَة الجولان
…
مَا عِنْدهم وَالله خير غير مَا
أَخَذُوهُ عَمَّن جَاءَ بِالْقُرْآنِ
…
وَالْكل بعد فبدعة أَو فِرْيَة
اَوْ بحث تشكيك ورأي فلَان
…
فَاصْدَعْ بِأَمْر الله لَا تخش الورى
فِي الله اخشاه تفز بِأَمَان
…
واهجر وَلَو كل الورى فِي ذَاته
لَا فِي هَوَاك ونخوة الشَّيْطَان
…
واصبر بِغَيْر تسخط وشكاية
واسفح بِغَيْر عتاب من هُوَ جَان
…
واهجرهم الهجر الْجَمِيل بِلَا أَذَى
ان لم يكن بُد من الهجران
…
قَوْله وَالله مَا فتحُوا الْبِلَاد بِكَثْرَة الخ أَي ان الاسلام فِي بدايته كَانَ غَرِيبا كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم (بَدَأَ الْإِسْلَام غَرِيبا وَسَيَعُودُ غَرِيبا كَمَا بَدَأَ (وكما فِي حَدِيث عَمْرو بن عبسة لما قدم على النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مستخف بِمَكَّة فَقَالَ لَهُ من مَعَك على هَذَا قَالَ حر وَعبد يَعْنِي أَبَا بكر وبلالا رضي الله عنهما ثمَّ فتح الله عَلَيْهِ وعَلى أَصْحَابه من بعده مَا هُوَ مَعْرُوف فِي كتب السّير والكتائب جمع كَتِيبَة وَهُوَ الْجَمَاعَة من الْخَيل والجيش
قَوْله وَالْكل بعد فبدعة أَو فِرْيَة الْبِدْعَة هِيَ مَا أحدث مِمَّا يُخَالف كتاب أَو سنة والفرية الْكَذِب يُقَال فرى كذبا خلقه وَالِاسْم الْفِرْيَة وَقَوله تَعَالَى {شَيْئا فريا} مَرْيَم 27 أَي مصنوعا مختلقا وَقَوله الجولان جال من بَاب قَالَ وجولانا أَيْضا بِفَتْح الْوَاو والجولان بِسُكُون الْوَاو جبل بِالشَّام وتجاولوا فِي الْحَرْب جال بَعضهم على بعض (مُخْتَار الصاح (
قَوْله نخوة الشَّيْطَان النخوة الْكبر وَالْعَظَمَة يُقَال انتخى فلَان علينا أَي افتخر وتعظم قَالَه فِي (مُخْتَار الصِّحَاح (
قَوْله واهجرهم الهجر الْجَمِيل الخ قَالَ النَّاظِم فِي (بَدَائِع الْفَوَائِد (سَمِعت شيخ الاسلام يَقُول ذكر الله الصَّبْر الْجَمِيل والصفح الْجَمِيل والهجر الْجَمِيل فالصبر الْجَمِيل الَّذِي لَا شكوى مَعَه والهجر الْجَمِيل الَّذِي لَا أَذَى مَعَه والصفح الْجَمِيل الَّذِي لَا عتاب مَعَه انْتهى
قَالَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى
.. وَانْظُر الى الاقدار جَارِيَة بِمَا
قد شَاءَ من غي وَمن ايمان
…
وَاجعَل لقلبك مقلتين كِلَاهُمَا
بِالْحَقِّ فِي ذَا الْخلق ناظرتان
…
فَانْظُر بِعَين الحكم وارحمهم بهَا
اذ لَا ترد مَشِيئَة الديَّان
…
وَانْظُر بِعَين الامر واحملهم على
احكامه فهما إِذا نظران
…
وَاجعَل لوجهك مقلتين كِلَاهُمَا
من خشيَة الرَّحْمَن باكيتان
…
لوشاء رَبك كنت أَيْضا مثله
فالقلب بَين أَصَابِع الرَّحْمَن
…
وَاحْذَرْ كمائن نَفسك اللَّاتِي مَتى
خرجت عَلَيْك كسرت كسر مهان
…
واذا انتصرت لَهَا فَأَنت كمن بغى
طفي الدُّخان بموقد النيرَان
…
وَالله أخبر وَهُوَ أصدق قَائِل
أَن سَوف ينصر عَبده بِأَمَان
…
من يعْمل السوآء سيجزى مثلهَا
اَوْ يعْمل الْحسنى يفز بجنان
…
هذي وَصِيَّة نَاصح ولنفسه
وصّى وَبعد لسَائِر الاخوان
…
مُرَاد المُصَنّف رَحمَه الله تَعَالَى بِهَذِهِ الابيات أَن يبين الحكم الكوني القدري وَالْحكم الديني الامري الشَّرْعِيّ فَإِن جَمِيع أَفعَال الْخلق من الطَّاعَات والايمان وَالْكفْر والايمان لَا تخرج عَن حكم الرب تَعَالَى الكوني القدري فان جَمِيع الاشياء خلقه تَعَالَى بقدرته ومشيئته وَلَكِن مَعَ ذَلِك لَا بُد من النّظر الى الحكم الديني الشَّرْعِيّ فَمَعْنَى كَلَامه انك اذا نظرت الى الْخلق بِعَين الحكم رحمتهم لَان مشيئه الله تَعَالَى لَا ترد وَمَا شَاءَ
الله كَانَ ومالم يَشَأْ لم يكن وَلَكِن مَعَ ذَلِك انْظُر الى عين الامر واحملهم عَلَيْهَا أَي فحد الزَّانِي واقطع السَّارِق واجلد الْقَاذِف واقتل الْقَاتِل وَنَحْو ذَلِك مِمَّا أَمر الله وَرَسُوله بِهِ وَهَذَا معنى قَوْله فَانْظُر بِعَين الحكم وارحهم بهَا الخ وَمعنى قَوْله وَانْظُر بِعَين الامر واحملهم على الخ قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله تَعَالَى فِي (شرح منَازِل السائرين (فِي منزلَة الفكرة لما تكلم على الفناء الَّذِي يذكرهُ الصُّوفِيَّة فصل وأصل هَذَا الفناء الِاسْتِغْرَاق فِي تَوْحِيد الربوبية وَهُوَ رُؤْيَة تفرد الله بِخلق الاشياء وملكها واختراعها وَأَنه لَيْسَ فِي الْوُجُود قطّ الا مَا شاءه وَكَونه فَيشْهد مَا اشتركت فِيهِ الْمَخْلُوقَات من خلق الله اياها ومشيئته لَهَا وَقدرته عَلَيْهَا وشمول قيوميته وربوبيته لَهَا وَلَا يشْهد مَا افْتَرَقت فِيهِ من محبَّة الله لهَذَا وبغضه لهَذَا وَأمره 2 بِمَا أَمر بِهِ وَنَهْيه عَمَّا نهى عَنهُ وموالاته لقوم ومعاداته لآخرين فَلَا 2 يشْهد التَّفْرِقَة فِي الْجمع وَهِي تَفْرِقَة الْخلق والامر فِي جمع الربوبية وتفرقه مُوجب الالهية فِي جمع الربوبية وتفرقة الارادة الدِّينِيَّة فِي جمع الارادة الكونية وتفرقه مَا يُحِبهُ ويرضاه فِي جمع مَا قدره وقضاه وَلَا يشْهد الْكَثْرَة فِي الْوُجُود وَهِي كَثْرَة مَعَاني الاسماء الْحسنى وَالصِّفَات العلى واقتضاؤها لآثارها فِي وحدة الذَّات الموصوفة بهَا فَلَا يشْهد كَثْرَة دلالات أَسمَاء الرب تَعَالَى وَصِفَاته على وحدة ذَاته فَهُوَ الله الَّذِي لَا اله الا هُوَ الرَّحْمَن الرَّحِيم الْملك القدوس السَّلَام الْمُؤمن الْمُهَيْمِن الْعَزِيز الْجَبَّار المتكبر وكل اسْم لَهُ صفة وللصفة حكم فَهُوَ سُبْحَانَهُ وَاحِد الذَّات كثير الاسماء وَالصِّفَات فَهَذِهِ كَثْرَة فِي وحدة وَالْفرق بَين مأموره ومنهيه ومحبوبه ومبغوضه ووليه وعدوه تفرقه فِي جمع فَمن لم يَتَّسِع شُهُوده لهَذِهِ الامور الاربعة فَلَيْسَ من خَاصَّة اولياء الله العارفين بل لَو ضَاقَ شُهُوده عَنْهَا مَعَ اعترافه بهَا فَهُوَ مُؤمن نَاقص وان جَحدهَا أَو شَيْئا مِنْهَا فَكفر صَرِيح أَو بِتَأْوِيل