المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل…هذا وثامن عشرها تنزيهه…سبحانه عن موجب النقصانوعن العيوب وموجب التمثيل والتشبيه جل الله ذو السلطان - توضيح المقاصد شرح نونية ابن القيم الكافية الشافية - جـ ١

[أحمد بن عيسى]

فهرس الكتاب

- ‌رب يسر وأعن يَا كريم

- ‌فصل فِي تَرْجَمَة النَّاظِم

- ‌قَوْله بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌أأغصان بَان مَا أرى أم شمائل

- ‌فَصِل

- ‌فصل…وَقضى بِأَن الله كَانَ معطلاوَالْفِعْل مُمْتَنع بِلَا إِمْكَان…ثمَّ اسْتَحَالَ وَصَارَ مَقْدُورًا لَهُمن غير أَمر قَامَ بالديان…بل حَاله سُبْحَانَهُ فِي ذَاتهقبل الْحُدُوث وَبعده سيان

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل فِي مُقَدّمَة نافعة قبل التَّحْكِيم

- ‌فصل وَهَذَا أول عقد مجْلِس التَّحْكِيم

- ‌وَهِي تِسْعَة وَعِشْرُونَ بَيْتا وَالثَّانيَِة أَولهَا

- ‌فِي قدوم ركب آخر

- ‌فصل فِي قدوم ركب آخر

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فَصْل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل…هَذَا وَثَانِيها صَرِيح علوه…وَله بِحكم صَرِيحه لفظانلفظ الْعلي وَلَفظه الاعلى معرفَة(أتتك هُنَا) لقصد بَيَانإِن الْعُلُوّ لَهُ بمطلقه على التَّعْمِيم والاطلاق بالبرهان…وَله الْعُلُوّ من الْوُجُوه جَمِيعهَاذاتا وقهرا مَعَ علو الشاني…لَكِن نفاة علوه سلبوه إكما

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌قَالَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل…هَذَا وَثَانِي عشرهَا وصف الظهور لَهُ كَمَا قد جَاءَ فِي الْقُرْآن…وَالظَّاهِر العالي الَّذِي مَا فَوْقهشَيْء كَمَا قد قَالَ ذُو الْبُرْهَان…حَقًا رَسُول الله ذَا تَفْسِيرهوَلَقَد رَوَاهُ مُسلم بِضَمَان…فاقبله لَا تقبل سواهُ من التفاسير الَّتِي قيلت بِلَا برهَان…وَالشَّيْء حِين يتم

- ‌فصل…هَذَا وثالث عشرهَا أخباره…انا نرَاهُ بجنة الْحَيَوَانفسل الْمُعَطل هَل يرى من تحتنا…أم عَن شَمَائِلنَا وَعَن أَيْمَانأم خلفنا وأمامنا سُبْحَانَهُ…أم هَل يرى من فَوْقنَا بِبَيَانيَا قوم مَا فِي الامر شَيْء غير ذَا…أَو أَن رُؤْيَته بِلَا إِمْكَانإِذْ رُؤْيَة لَا فِي مُقَابلَة من

- ‌فصل…هَذَا ورابع عشرهَا إِقْرَار سائله بِلَفْظ الاين للرحمن…وَلَقَد رَوَاهُ أَبُو رزين بَعْدَمَاسَأَلَ الرَّسُول بِلَفْظِهِ بوزان…وَرَوَاهُ تبليغا لَهُ ومقررالما أقربه بِلَا نكران…هَذَا وَمَا كَانَ الْجَواب جَوَاب من لَكِن جَوَاب اللَّفْظ بالميزان

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل…هَذَا وسابع عشرهَا أخبارهسُبْحَانَهُ فِي مُحكم الْقُرْآن…عَن عَبده مُوسَى الكليم وحربهفِرْعَوْن ذِي التَّكْذِيب والطغيان…تَكْذِيبه مُوسَى الكليم بقولهالله رَبِّي فِي السما نباني

- ‌فصل…هَذَا وثامن عشرهَا تنزيهه…سُبْحَانَهُ عَن مُوجب النُّقْصَانوَعَن الْعُيُوب وَمُوجب التَّمْثِيل والتشبيه جلّ الله ذُو السُّلْطَان

- ‌فصل…هَذَا وتاسع عشرهَا الزام ذِي التعطيل أفسد لَازم بِبَيَان…وَفَسَاد لَازم قَوْله هُوَ مُقْتَضلفساد ذَاك القَوْل بالبرهان…فسل الْمُعَطل عَن ثَلَاث مسَائِل تقضي على التعطيل بِالْبُطْلَانِمَاذَا تَقول أَكَانَ يعرف ربه…هَذَا الرَّسُول حَقِيقَة الْعرْفَانأم لَا وَهل كَانَت نصيحة لنا…كل

- ‌فصل…هَذَا وَخَاتم هَذِه الْعشْرين وَجها…وَهُوَ أقربها الى الاذهانسرد النُّصُوص فانها قد نوعت…طرق الادلة فِي أتم بَيَانوَالنّظم يَمْنعنِي من استيفائها…وسياقه الالفاظ بالميزانفاشير بعض إِشَارَة لمواضع…مِنْهَا وَأَيْنَ الْبَحْر من خلجانفاذكر نُصُوص الاسْتوَاء

- ‌فصل…هَذَا وحاديها وَعشْرين الَّذِي…قد جَاءَ فِي الاخبار وَالْقُرْآنإتْيَان رب الْعَرْش جل جلاله…ومجيئه للفصل بالميزانفَانْظُر الى التَّقْسِيم والتنويع فِي الْقُرْآن تلفيه صَرِيح بِبَيَان…ان الْمَجِيء لذاته لَا أمرهكلا وَلَا ملك عَظِيم الشان…اذ ذَانك الامران قد ذكرا

- ‌فصل

- ‌يعْنى حَدِيث جَابر فِي خطبَته صلى الله عليه وسلم يَوْم عَرَفَة وَقد تقدم

الفصل: ‌فصل…هذا وثامن عشرها تنزيهه…سبحانه عن موجب النقصانوعن العيوب وموجب التمثيل والتشبيه جل الله ذو السلطان

زه ويذهبون الى رَأْي سُفْيَان فَقَالَ أعجب لقوم سمعُوا الحَدِيث وَعرفُوا الاسناد وَصِحَّته يَدعُونَهُ ويذهبون الى رَأْي سُفْيَان وَغَيره قَالَ الله {فليحذر الَّذين يخالفون عَن أمره أَن تصيبهم فتْنَة أَو يصيبهم عَذَاب أَلِيم} النُّور 63 أَتَدْرِي مَا الْفِتْنَة الْفِتْنَة الْكفْر قَالَ الله تَعَالَى {والفتنة أكبر من الْقَتْل} الْبَقَرَة 217 فَيدعونَ الحَدِيث عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وتغلبهم أهواؤهم الى الرَّأْي ذكر ذَلِك شيخ الاسلام

وَقَالَ الامام أَحْمد رضي الله عنه لَا تقلدوني وَلَا تقلدوا مَالِكًا وَالثَّوْري والاوزاعي وَلَكِن تعلمُوا كَمَا تعلمنا

قَوْله اذ أجمع الْعلمَاء أَن مُقَلدًا الخ قد نقل هَذَا الاجماع الْحَافِظ ابو عمر بن عبد الْبر

قَوْله مثل البغاث قَالَ الْفراء بغاث الطير بِفَتْح الْبَاء وضمهوكسرها شِرَارهَا اومالا يصيد مِنْهَا ثمَّ قيل هُوَ جمع بغاثة وَهِي اسْم للذّكر والانثى مثل نعَامَة ونعام وَقيل هُوَ فَرد وَجمعه بفتان كغزال وغزلان قَالَه فِي (مُخْتَار الصِّحَاح (والعقبان جمع عِقَاب بِضَم الْعين طَائِر مَعْرُوف

قَالَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى

‌فصل

هَذَا وثامن عشرهَا تنزيهه

سُبْحَانَهُ عَن مُوجب النُّقْصَان

وَعَن الْعُيُوب وَمُوجب التَّمْثِيل والتشبيه جلّ الله ذُو السُّلْطَان

ص: 492

.. ولذاك نزه نَفسه سُبْحَانَهُ

عَن أَن يكون لَهُ شريك ثَان

اَوْ أَن يكون لَهُ ظهير فِي الورى

سُبْحَانَهُ عَن إفْك ذِي بهتان

أَو أَن يوالي خلقه سُبْحَانَهُ

من حَاجَة أَو ذلة وهوان

أَو أَن يكون لَدَيْهِ أصلا شَافِع

الا بِإِذن الْوَاحِد المنان

وكذاك نزه نَفسه عَن وَالِد

وكذاك عَن ولدهما نسبان

وكذاك نزه نَفسه عَن زوجه

وكذاك عَن كُفْء يكون مدان

وَلَقَد أَتَى التَّنْزِيه عَمَّا لم يقل

كي لَا يَدُور بخاطر الانسان

فَانْظُر الى التَّنْزِيه عَن طعم وَلم

ينْسب اليه قطّ من انسان

وَكَذَلِكَ التَّنْزِيه عَن موت وَعَن

نوم وَعَن سنة وَعَن غشيان

وكذإلك التَّنْزِيه عَن نسيانه

والرب لم ينْسب الى نِسْيَان

وَكَذَلِكَ التَّنْزِيه عَن ظلم وَفِي الى

أَفعَال عَن عَبث وَعَن بطلَان

وَكَذَلِكَ التَّنْزِيه عَن تَعب وَعَن

عجز يُنَافِي قدرَة الرَّحْمَن

هَذَا هُوَ الدَّلِيل الثَّامِن عشر من أَدِلَّة علو الله تَعَالَى على خلقه وَهُوَ انه سُبْحَانَهُ نزه نَفسه عَن مُوجب النُّقْصَان وَعَما يُوجب التَّمْثِيل والتشبيه ونزه سُبْحَانَهُ نَفسه عَن الشّركَة وَعَن أَن يكون لَهُ ظهير فِي الورى أَو أَن يشفع عِنْده أحد الا باذنه اَوْ ان يوالي خلقه من حَاجَة أَو ذلة وَكَذَا نزه نَفسه سُبْحَانَهُ عَن الْوَالِد وَالْولد وَالزَّوْجَة والكفء وَكَذَا ن

ص: 493

نَفسه سُبْحَانَهُ عَمَّا لم يقل أَي نزه نَفسه سُبْحَانَهُ عَن اشياء لم يقلها أحد فِيهِ تَعَالَى كالطعم وَالْمَوْت وَالنَّوْم وَالسّنة والغشيان وَالنِّسْيَان وَالظُّلم والتعب وَالْعجز فاذا كَانَ سُبْحَانَهُ قد نزه نَفسه عَمَّا يُوجب النَّقْص مِمَّا قيل وَمَا لم يقل وَمَعْلُوم أَن القَوْل بعلو الله تَعَالَى على خلقه ومباينته لَهُم قد طبقت شَرق الْبِلَاد وغربها فلاي شي لم ينزه نَفسه سُبْحَانَهُ عَنْهَا فِي الْقُرْآن وَكَذَا لم ينزه الرَّسُول ربه سُبْحَانَهُ عَنْهَا فِي السّنة بل دَائِما يُبْدِي سُبْحَانَهُ فِي الْقُرْآن إِثْبَاتهَا بأنواع الادلة وَكَذَا رَسُوله صلى الله عليه وسلم لَا سِيمَا وَتلك الْمقَالة عِنْد المعطلة كعبادة الاوثان أَو كَقَوْل الْمُثَلَّثَة عباد الصَّلِيب وهم النَّصَارَى فلأي شَيْء لم يحذر الله تَعَالَى خلقه عَنْهَا وينزه نَفسه عَنْهَا كَمَا نزه نَفسه عَمَّا يُوجب النَّقْص اَوْ التَّشْبِيه والتمثيل

قَالَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى

وَلَقَد حكى الرَّحْمَن قولا قَالَه

فنحَاص ذُو الْبُهْتَان والكفران

إِن الْإِلَه هُوَ الْفَقِير وَنحن أَصْحَاب الْغَنِيّ ذُو الْجد والامكان

ولذاك أضحى رَبنَا مستقرضا

أَمْوَالنَا سُبْحَانَ ذِي الاحسان

أما قصَّة فنحَاص الْمَذْكُورَة فَهِيَ على مَا حكى ابْن اسحاق فِي (سيرته (قَالَ دخل ابو بكر بَيت الْمِدْرَاس على يهود فَوجدَ مِنْهُم نَاسا كثيرا كَانُوا قد اجْتَمعُوا الى رجل مِنْهُم يُقَال لَهُ فنحَاص وَكَانَ من عُلَمَائهمْ وَأَحْبَارهمْ وَمَعَهُ حبر من أَحْبَارهم يُقَال لَهُ أشيع فَقَالَ أَبُو بكر لفنحاص وَيلك يَا فنحَاص أسلم فوَاللَّه إِنَّك لتعلم ان مُحَمَّدًا رَسُول الله قد جَاءَكُم بِالْحَقِّ من عِنْد الله تجدونه مَكْتُوبًا عنْدكُمْ فِي التَّوْرَاة والانجيل فَقَالَ فنح

ص: 494

قَالَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى وَحكى مقَالَة قَائِل من قومه

ان الْعَزِيز ابْن من الرَّحْمَن

هَذَا وَمَا الْقَوْلَانِ قطّ مقَالَة

منصورة فِي مَوضِع وزمان

يَعْنِي أَن الله سُبْحَانَهُ قد حكى قَول الْيَهُود إِن عُزَيْر ابْن الله كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَقَالَت الْيَهُود عُزَيْر ابْن الله} التَّوْبَة 30 وَحكى مقَالَة فنحَاص لَعنه الله وَمَا الْقَوْلَانِ منصورين فَلَو كَانَت الْمقَالة الْمَذْكُورَة وَهِي إِثْبَات علو الله تَعَالَى على خلقه بَاطِلا لحكاه الله سُبْحَانَهُ وَنهى عَنْهَا لَا سِيمَا وَتلك الْمقَالة عِنْد المعطلة كعبادة الاوثان اَوْ كمقالة الْمُثَلَّثَة عباد الصَّلِيب وَلم تزل المعطلة ينبزون المثبتة بالالقاب القبيحة ويرمونهم بالعظائم والبهت وَالْكذب الْفَاحِش وَقد حكى الْحَافِظ ابو الْفرج عبد الرَّحْمَن بن رَجَب فِي (طَبَقَات الْحَنَابِلَة (فِي تَرْجَمَة شيخ الاسلام ابي اسماعيل عبد الله بن مُحَمَّد الانصاري قَالَ قَالَ ابْن طَاهِر وَسمعت بعض أَصْحَابنَا ب (هراة (يَقُولُونَ لما قدم السُّلْطَان ألب ارسلان هراة فِي بعض قدماته اجْتمع مَشَايِخ الْبَلَد ورؤساؤه ودخلوا على الشَّيْخ ابي اسماعيا الأنصارى وسلموا عَلَيْهِ وَقَالُوا قد ورد السُّلْطَان وَنحن عزم أَن خرج ونسلم عَلَيْهِ فأحببنا أَن نبدأ بِالسَّلَامِ على الشَّيْخ الامام ثمَّ نخرج (الى) هُنَا وَقد تواطؤوا على أَن حملُوا مَعَهم صنما صَغِيرا من صفر وجعلوه فِي الْمِحْرَاب تَحت سجادة الشَّيْخ وَخَرجُوا وَخرج الشَّيْخ من ذَلِك الْموضع الى خلوته ودخلوا على السُّلْطَان واستغاثوا من الانصاري وَقَالُوا إِنَّه مجسم وَإنَّهُ يتْرك فِي محرابه صنما يَقُول إِن الله عز وجل على صورته وَإِن يبْعَث السُّلْطَان الْآن اليه يجد الصَّنَم فِي قبْلَة الْمَسْجِد فَعظم ذَلِك على السُّلْطَان وَبعث غُلَاما وَمَعَهُ جمَاعَة

ص: 496

ودخلوا الدَّار وقصدوا الْمِحْرَاب وَأخذُوا الصَّنَم من تَحت السجادة وَرجع الْغُلَام بالصنم فَوَضعه بَين يَدي السُّلْطَان فَبعث السُّلْطَان بغلمان فأحضروا الانصاري فَلَمَّا دخلُوا رأى شُيُوخ الْبَلَد جُلُوسًا وَرَأى ذَلِك الصَّنَم بَين يَدي السُّلْطَان مطروحا وَالسُّلْطَان قد اشْتَدَّ غَضَبه فَقَالَ لَهُ السُّلْطَان مَا هَذَا قَالَ هَذَا صنم يعْمل من الصفر شبه اللعبة فَقَالَ لست عَن هَذَا أَسأَلك فَقَالَ عَمَّا ذَا يسْأَل السُّلْطَان قَالَ إِن هَؤُلَاءِ يَزْعمُونَ أَنَّك تعبد هَذَا وانك تَقول إِن الله عز وجل على صورته فَقَالَ الانصاري سُبْحَانَكَ هَذَا بهتان عَظِيم بِصَوْت جَهورِي وصولة فَوَقع فِي قلب السُّلْطَان أَنهم كذبُوا عَلَيْهِ فَأمر بِهِ فَأخْرج الى دَاره مكرما وَقَالَ لَهُم تصدقوني الْقِصَّة أَو أفعل بكم وأفعل وَذكر تهديدا عَظِيما فَقَالُوا نَحن فِي يَد هَذَا الرجل فِي بلية من استيلائه علينا بالعامة وأردنا ان نقطع شَره عَنَّا فَأمر بهم ووكل بِكُل وَاحِد مِنْهُم فَلم يرجع الى منزله حَتَّى كتب بِخَطِّهِ مبلغا عَظِيما من المَال يُؤَدِّيه الى خزانَة السُّلْطَان جِنَايَة لما فَعَلُوهُ وسلموا بأرواحهم بعد الهوان الْعَظِيم انْتهى وَكَذَلِكَ شيخ الاسلام ابْن تَيْمِية فَلَا يخفى مَا افتروه عَلَيْهِ ورموه بِهِ من الافك وجعلوه يَقُول بالتجسيم وحاشاه وَذكر ابْن بطوطة فِي رحلته الْمَشْهُورَة قَالَ وَكَانَ دخولي لبعلبك عَشِيَّة النَّهَار وَخرجت مِنْهَا بِالْغُدُوِّ لفرط اشتياقي الى دمشق وصلت يَوْم الْخَمِيس التَّاسِع من شهر رَمَضَان الْمُعظم عَام سِتّ وَعشْرين وَسَبْعمائة الى مَدِينَة دمشق الشَّام فَنزلت فِيهَا بمدرسة الْمَالِكِيَّة الْمَعْرُوفَة ب (الشرابيشية) الى أَن قَالَ وَكَانَ بِدِمَشْق من كبار الْفُقَهَاء الْحَنَابِلَة تَقِيّ الدّين بن تَيْمِية كَبِير الشَّام يتَكَلَّم فِي الْفُنُون الى أَن قَالَ فحضرته يَوْم الْجُمُعَة وَهُوَ يعظ النَّاس على مِنْبَر الْجَامِع وَيذكرهُمْ فَكَانَ من جملَة كَلَامه أَن قَالَ

ص: 497

إِن الله ينزل الى سَمَاء الدُّنْيَا كنزولي هَذَا وَنزل دَرَجَة من الْمِنْبَر فعارضه فَقِيه مالكي يعرف بِابْن الزهراء الى آخر مَا هَذَا بِهِ ابْن بطوطة أَقُول وأغوثاه بِاللَّه من هَذَا المكذب الَّذِي لم يخف الله كاذبه وَلم يستحي مفتريه وَفِي الحَدِيث (إِذا لم تستح فَاصْنَعْ مَا شِئْت) ووضوح هَذَا الْكَذِب أظهر من أَن يحْتَاج الى الاطناب وَالله حسيب هَذَا المفتري الْكذَّاب فانه ذكر أَنه دخل دمشق فى 9 رَمَضَان سنة 726 وَشَيخ الاسلام ابْن تَيْمِية اذ ذَاك قد حبس فِي القلعة كَمَا ذكر ذَلِك الْعلمَاء الثِّقَات كتلميذه الْحَافِظ مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْهَادِي والحافظ ابي الْفرج عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن رَجَب فِي (طَبَقَات الْحَنَابِلَة (قَالَ فى تَرْجَمَة الشَّيْخ من (طبقاته (الْمَذْكُورَة مكث الشَّيْخ فِي القلعة من شعْبَان سنة سِتّ وَعشْرين الى ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَعشْرين وَزَاد ابْن عبد الْهَادِي انه دَخلهَا فِي سادس شعْبَان فَانْظُر الى هَذَا المفتري يذكر انه حَضَره وَهُوَ يعظ النَّاس على مِنْبَر الْجَامِع فياليت شعري هَل انْتقل مِنْبَر الْجَامِع الى دَاخل قلعة دمشق وَالْحَال أَن الشَّيْخ رحمه الله لما دخل القلعة الْمَذْكُورَة فِي التَّارِيخ الْمَذْكُور لم يخرج مِنْهَا الا على النعش وَكَذَا ذكر الْحَافِظ عماد الدّين بن كثير فِي (تَارِيخه (قَالَ وَفِي يَوْم الِاثْنَيْنِ بعد الْعَصْر السَّادِس من شعْبَان سنة 726 اعتقل الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن تَيْمِية بقلعة دمشق حضر إِلَيْهِ من جِهَة نَائِب السلطنة مشد الاوقاف وَابْن الخطير أحد الْحجاب وأخبراه أَن مرسوم السُّلْطَان حضر

ص: 498

بذلك وأحضر إِلَيْهِ مَعَهُمَا مركوبا وَأظْهر السرُور بذلك وَقَالَ أَنا كنت منتظرا لذَلِك وَفِيه خير كثير وركبوا جَمِيعًا من دَاره الى بَاب القلعة واخليت لَهُ قاعة واجري إِلَيْهَا المَاء ورسم لَهُ بالاقامة فِيهَا وَكَانَ مَعَه اخوه زين الدّين يَخْدمه باذن السُّلْطَان ورسم بِمَا يقوم بكفايته انْتهى كَلَامه فَانْظُر كَلَام تلامذته وَغَيرهم من العارفين بِحَالهِ أهل الْوَرع والامانة والديانة يَتَّضِح لَك كذب هَذَا المغربي عَامله الله بِمَا يسْتَحق وَالله اعْلَم وَكم كذبُوا عَلَيْهِ وبهتوه وقالوه اشياء هُوَ بَرِيء مِنْهَا والامر كَمَا قَالَ تِلْمِيذه النَّاظِم

فالبهت عنْدكُمْ رخيص سعره

حثوا بِلَا كيل وَلَا ميزَان

وَللَّه در الْقَائِل

إِن كَانَ إِثْبَات الصِّفَات لديكم

فِيمَا أَتَى مستوجبا لومي

وأصير تيميا بذلك عنْدكُمْ

فالمسلمون جَمِيعهم تيمى

وَكَذَا كذبُوا على غَيره من عُلَمَاء الاثبات رَحِمهم الله تَعَالَى وَعَفا عَنْهُم

قَالَ النَّاظِم رحمه الله

لَكِن مقَالَة كَونه فَوق الورى

وَالْعرش وَهُوَ مباين الاكوان

قد طبقت شَرق الْبِلَاد وغربها

وغدت مقررة لذِي الاذهان

فلأي شَيْء لم ينزه نَفسه

سُبْحَانَهُ فِي مُحكم الْقُرْآن

عَن ذِي الْمقَالة مَعَ تفاقم أمرهَا

وظهورها فِي سَائِر الاديان

ص: 499

.. بل دَائِما لنا إِثْبَاتهَا

ويعيده بأدلة التِّبْيَان

لَا سِيمَا تِلْكَ الْمقَالة عنْدكُمْ

مقرونة بِعبَادة الاوثان

أَو انها كمقالة لمثلث

عبد الصَّلِيب الْمُشرك النَّصْرَانِي

إِذْ كَانَ جسما كل مَوْصُوف بهَا

لَيْسَ الاله منزل الْفرْقَان

فالعابدون لمن على الْعَرْش اسْتَوَى

بِالذَّاتِ لَيْسُوا عابدي الديَّان

لكِنهمْ عباد أوثان لَدَى

هَذَا الْمُعَطل جَاحد الرَّحْمَن

ولذاك قد جعل الْمُعَطل كفرهم

هُوَ مُقْتَضى الْمَعْقُول والبرهان

هَذَا رَأَيْنَاهُ بكتبهم وَلم

نكذب عَلَيْكُم فعل ذِي الْبُهْتَان

ولاي شَيْء لم يحذر خلقه

عَنْهَا وَهَذَا شَأْنهَا بِبَيَان

هَذَا وَلَيْسَ فَسَادهَا بمبين

حَتَّى يُحَال لنا على الاذهان

ولذاك قد شهِدت فأفضلكم لَهَا

بظهورها للوهم فِي الانسان

وخفاء مَا قَالُوهُ من نفي على الاذهان بل تحْتَاج للبرهان

مَضْمُون هَذِه الابيات أَن القَوْل بعلو الله تَعَالَى على خلقه صرحت بِهِ الْكتب الالهية كالتوراه والانجيل وَكَذَا الْفرْقَان يُبْدِي إِثْبَاتهَا ويعيده بِجَمِيعِ انواع الادلة فَلَو كَانَ هَذَا كفرا كَمَا زعمت المعطلة لنهى عَنْهَا الْقُرْآن لانها عِنْد المعطلة كالشرك وَعبادَة الاوثان وَهَذَا أظهر من الشَّمْس لمن لَهُ عينان ونعوذ بِاللَّه من الخذلان قَوْله ولذاك قد شهِدت

ص: 500