المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الله افواجا علم أَن الله عز وجل لم يعرفهُ وَاحِد - توضيح المقاصد شرح نونية ابن القيم الكافية الشافية - جـ ١

[أحمد بن عيسى]

فهرس الكتاب

- ‌رب يسر وأعن يَا كريم

- ‌فصل فِي تَرْجَمَة النَّاظِم

- ‌قَوْله بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌أأغصان بَان مَا أرى أم شمائل

- ‌فَصِل

- ‌فصل…وَقضى بِأَن الله كَانَ معطلاوَالْفِعْل مُمْتَنع بِلَا إِمْكَان…ثمَّ اسْتَحَالَ وَصَارَ مَقْدُورًا لَهُمن غير أَمر قَامَ بالديان…بل حَاله سُبْحَانَهُ فِي ذَاتهقبل الْحُدُوث وَبعده سيان

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل فِي مُقَدّمَة نافعة قبل التَّحْكِيم

- ‌فصل وَهَذَا أول عقد مجْلِس التَّحْكِيم

- ‌وَهِي تِسْعَة وَعِشْرُونَ بَيْتا وَالثَّانيَِة أَولهَا

- ‌فِي قدوم ركب آخر

- ‌فصل فِي قدوم ركب آخر

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فَصْل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل…هَذَا وَثَانِيها صَرِيح علوه…وَله بِحكم صَرِيحه لفظانلفظ الْعلي وَلَفظه الاعلى معرفَة(أتتك هُنَا) لقصد بَيَانإِن الْعُلُوّ لَهُ بمطلقه على التَّعْمِيم والاطلاق بالبرهان…وَله الْعُلُوّ من الْوُجُوه جَمِيعهَاذاتا وقهرا مَعَ علو الشاني…لَكِن نفاة علوه سلبوه إكما

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌قَالَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل…هَذَا وَثَانِي عشرهَا وصف الظهور لَهُ كَمَا قد جَاءَ فِي الْقُرْآن…وَالظَّاهِر العالي الَّذِي مَا فَوْقهشَيْء كَمَا قد قَالَ ذُو الْبُرْهَان…حَقًا رَسُول الله ذَا تَفْسِيرهوَلَقَد رَوَاهُ مُسلم بِضَمَان…فاقبله لَا تقبل سواهُ من التفاسير الَّتِي قيلت بِلَا برهَان…وَالشَّيْء حِين يتم

- ‌فصل…هَذَا وثالث عشرهَا أخباره…انا نرَاهُ بجنة الْحَيَوَانفسل الْمُعَطل هَل يرى من تحتنا…أم عَن شَمَائِلنَا وَعَن أَيْمَانأم خلفنا وأمامنا سُبْحَانَهُ…أم هَل يرى من فَوْقنَا بِبَيَانيَا قوم مَا فِي الامر شَيْء غير ذَا…أَو أَن رُؤْيَته بِلَا إِمْكَانإِذْ رُؤْيَة لَا فِي مُقَابلَة من

- ‌فصل…هَذَا ورابع عشرهَا إِقْرَار سائله بِلَفْظ الاين للرحمن…وَلَقَد رَوَاهُ أَبُو رزين بَعْدَمَاسَأَلَ الرَّسُول بِلَفْظِهِ بوزان…وَرَوَاهُ تبليغا لَهُ ومقررالما أقربه بِلَا نكران…هَذَا وَمَا كَانَ الْجَواب جَوَاب من لَكِن جَوَاب اللَّفْظ بالميزان

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل…هَذَا وسابع عشرهَا أخبارهسُبْحَانَهُ فِي مُحكم الْقُرْآن…عَن عَبده مُوسَى الكليم وحربهفِرْعَوْن ذِي التَّكْذِيب والطغيان…تَكْذِيبه مُوسَى الكليم بقولهالله رَبِّي فِي السما نباني

- ‌فصل…هَذَا وثامن عشرهَا تنزيهه…سُبْحَانَهُ عَن مُوجب النُّقْصَانوَعَن الْعُيُوب وَمُوجب التَّمْثِيل والتشبيه جلّ الله ذُو السُّلْطَان

- ‌فصل…هَذَا وتاسع عشرهَا الزام ذِي التعطيل أفسد لَازم بِبَيَان…وَفَسَاد لَازم قَوْله هُوَ مُقْتَضلفساد ذَاك القَوْل بالبرهان…فسل الْمُعَطل عَن ثَلَاث مسَائِل تقضي على التعطيل بِالْبُطْلَانِمَاذَا تَقول أَكَانَ يعرف ربه…هَذَا الرَّسُول حَقِيقَة الْعرْفَانأم لَا وَهل كَانَت نصيحة لنا…كل

- ‌فصل…هَذَا وَخَاتم هَذِه الْعشْرين وَجها…وَهُوَ أقربها الى الاذهانسرد النُّصُوص فانها قد نوعت…طرق الادلة فِي أتم بَيَانوَالنّظم يَمْنعنِي من استيفائها…وسياقه الالفاظ بالميزانفاشير بعض إِشَارَة لمواضع…مِنْهَا وَأَيْنَ الْبَحْر من خلجانفاذكر نُصُوص الاسْتوَاء

- ‌فصل…هَذَا وحاديها وَعشْرين الَّذِي…قد جَاءَ فِي الاخبار وَالْقُرْآنإتْيَان رب الْعَرْش جل جلاله…ومجيئه للفصل بالميزانفَانْظُر الى التَّقْسِيم والتنويع فِي الْقُرْآن تلفيه صَرِيح بِبَيَان…ان الْمَجِيء لذاته لَا أمرهكلا وَلَا ملك عَظِيم الشان…اذ ذَانك الامران قد ذكرا

- ‌فصل

- ‌يعْنى حَدِيث جَابر فِي خطبَته صلى الله عليه وسلم يَوْم عَرَفَة وَقد تقدم

الفصل: الله افواجا علم أَن الله عز وجل لم يعرفهُ وَاحِد

الله افواجا علم أَن الله عز وجل لم يعرفهُ وَاحِد مِنْهُم الا بِتَصْدِيق النَّبِيين وأعلام النُّبُوَّة وَدَلَائِل الرسائل لَا من قبل حَرَكَة وَسُكُون وَلَا من بَاب الْكل وَالْبَعْض وَلَا من بَاب كَانَ وَيكون وَلَو كَانَ النّظر فِي الْحَرَكَة والسكون عَلَيْهِم وَاجِبا وَفِي الْجِسْم ونفيه والتشبيه ونفيه لَازِما مَا أضاعوه وَلَو أضاعوا الْوَاجِب لما نطق الْقُرْآن بتزكيتهم وتقديمهم وَلَا أطنب فِي مدحهم وتعظيمهم وَلَو كَانَ من علمهمْ مَشْهُورا وَمن أَخْلَاقهم مَعْرُوفا لاستفاض عَنْهُم وشهروا بِهِ كَمَا شهروا بِالْقُرْآنِ وَالرِّوَايَات انْتهى كَلَامه

قَالَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى

‌فصل

فِي الرَّد على الْجَهْمِية المعطلة الْقَائِلين بِأَنَّهُ لَيْسَ على الْعَرْش اله يعبد وَلَا فَوق السَّمَوَات اله يصلى لَهُ وَيسْجد وَبَيَان فَسَاد قَوْلهم عقلا ونقلا ولغة وفطرة

وَالله كَانَ وَلَيْسَ شَيْء غَيره

وبرى الْبَريَّة وَهِي ذُو حدثان

فسل الْمُعَطل هَل يَرَاهَا خَارِجا

عَن ذَاته أم فِيهِ حلت ذان

لابد من إِحْدَاهمَا أَو أَنَّهَا

هِيَ عينه مَا ثمَّ موجودان

مَا ثمَّ مَخْلُوق وخالقه وَمَا

شَيْء مُغَاير هَذِه الاعيان

لابد من احدى ثَلَاث مَالهَا

من رَابِع خلو عَن الروغان

ولذاك قَالَ مُحَقّق الْقَوْم الَّذِي

رفع الْقَوَاعِد مدعي الْعرْفَان

ص: 385

.. هُوَ عين هَذَا الْكَوْن لَيْسَ بِغَيْرِهِ

أَنى وَلَيْسَ مباين الاكوان

كلا وَلَيْسَ مجانبا ايضا لَهَا

فَهُوَ الْوُجُود بِعَيْنِه وعيان

ان لم يكن فَوق الْخَلَائق رَبهَا

فَالْقَوْل هَذَا القَوْل فِي الْمِيزَان

اذ لَيْسَ يعقل بعد إِلَّا أَنه

قد حل فِيهَا وَهِي كالابدان

وَالروح ذَات الْحق جل جلاله

حلت بهَا كمقالة النَّصْرَانِي

فاحكم على من قَالَ لَيْسَ بِخَارِج

عَنْهَا وَلَا فِيهَا بِحكم بَيَان

بِخِلَافِهِ الوحيين والاجماع وَالْعقل

الصَّرِيح وفطرة الرَّحْمَن

فَعَلَيهِ اوقع حد مَعْدُوم بلَى

حد الْمحَال بِغَيْر مَا فرقان

يَا للعقول اذا نفيتم مخبرا

ونقيض حد ذَاك فِي امكان

ان كَانَ نفي دُخُوله وَخُرُوجه

لَا يصدقان مَعًا لذى امكان

الا على عدم صَرِيح نَفْيه

مُتَحَقق ببديهة الانسان

أيصح فِي الْمَعْقُول يَا أهل النهى

ذاتان لَا بِالْغَيْر قائمتان

لَيست تبَاين مِنْهُمَا ذَات لاخرى

أَو تحايثها فيجتمعان

قَوْله أَو تحايثها قَالَ فِي الْقَامُوس حَيْثُ كلمة دَالَّة على الْمَكَان كحين فِي الزَّمَان ويثلث آخِره انْتهى

ان كَانَ فِي الدُّنْيَا محَال فَهُوَ ذَا

فَارْجِع الى الْمَعْقُول والبرهان

فلئن زعمتم ان ذَلِك فِي الَّذِي

هُوَ قَابل من جسم أَو جثمان

ص: 386

.. والرب لَيْسَ كَذَا فنفي دُخُوله

وَخُرُوجه مَا فِيهِ من بطلَان

فَيُقَال هَذَا أَولا من قَوْلكُم

دَعْوَى مُجَرّدَة بِلَا برهَان

ذَاك اصْطِلَاح من فريق فارقوا الْوَحْي

الْمُبين بحكمة اليونان

احْتج النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى على بطلَان قَول الْجَهْمِية النفاة لعلو الله سُبْحَانَهُ على خلقه بِهَذِهِ الْحجَج القاطعة والبراهين الساطعة فَقَالَ وَالله كَانَ وَلَيْسَ شَيْء غَيره يُشِير الى الحَدِيث الصَّحِيح الْمَرْفُوع (كَانَ الله وَلم يكن شَيْء غَيره وَكَانَ عَرْشه على المَاء يَقُول إِذا كَانَ الله تَعَالَى فِي الْأَزَل لم يكن مَعَه غَيره وَخلق الْمَخْلُوقَات وَهَذَا معنى قَوْله وبرى الْبَريَّة الخ فسل الْمُعَطل هَل خلقهَا خَارِجا عَن ذَاته المقدسة أَو خلقهَا فِي ذَاته المقدسة تَعَالَى عَن ذَلِك أَو هِيَ عينه كَمَا يَقُوله الوجودية لعنهم الله تَعَالَى وَهَذِه قسْمَة حاصرة لَان الْمَخْلُوقَات إِمَّا أَن تكون خلقهَا فِي ذَاته أَو خَارِجهَا عَنْهَا أَو هِيَ عينه وَلَا قسم غير هَذِه الثَّلَاثَة وَلذَلِك قَالَ النَّاظِم ولذاك قَالَ مُحَقّق الْقَوْم الَّذِي رفع الْقَوَاعِد يَعْنِي الْقَائِلين بوحدة الْوُجُود فانهم قَالُوا وجود الْمَخْلُوقَات هُوَ عين وجود الْخَالِق مَا ثمَّ غير وَلَا سوى الْبَتَّةَ تَعَالَى الله عَن قَوْلهم علوا كَبِيرا وَلِهَذَا قَالَ إِن لم يكن فَوق الْخَلَائق رَبهَا الخ أَي إِن لم يكن الرب تَعَالَى فَوق خلقه فَالْقَوْل هَذَا القَوْل فِي الْمِيزَان أَي فِي الْعدْل وَالْقِيَاس فانه إِذا لم يكن تَعَالَى مباينا للاكوان وَلَا محايثا لَهَا دَاخِلا فِيهَا لم يبْق الا هَذَا القَوْل إِذْ لَيْسَ يعقل الا هَذَا وَأَن الرّوح ذَات

ص: 387

الْحق تَعَالَى حلت بِهَذَا الْعَالم كَمَا تَقوله النَّصَارَى فِي عِيسَى عليه السلام

قَوْله فاحكم على من قَالَ لَيْسَ بِخَارِج الخ هَذَا الْكَلَام لابي مُحَمَّد عبد الله بن سعيد بن كلاب الْقطَّان حَكَاهُ عَنهُ الامام ابو بكر ابْن فورك فِي كتاب (الْمُجَرّد (فِيمَا جمعه من كَلَام ابْن كلاب أَنه قَالَ وَأخرج من الْخَبَر وَالنَّظَر قَول من قَالَ لَا هُوَ فِي الْعَالم وَلَا خَارِجا مِنْهُ فنفاه نفيا مستويا لانه لَو قيل لَهُ صفة بِالْعدمِ لما قدر أَن يَقُول أَكثر من هَذَا ورد أَخْبَار الله أَيْضا وَقَالَ فِي ذَلِك مَالا يجوز فِي نَص وَلَا مَعْقُول ثمَّ قَالَ وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ صفوة الله من خلقه وَخيرته من بريته أعلمهم بالاين واستصوب قَول الْقَائِل إِنَّه فِي السَّمَاء وَشهد لَهُ بالايمان عِنْد ذَلِك وجهم بن صَفْوَان وَأَصْحَابه لَا يجيزون الاين ويحيلون القَوْل بِهِ قَالَ وَلَو كَانَ خطأ لَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَحَق بالانكار لَهُ وَكَانَ يَنْبَغِي أَن يَقُول لَهَا لَا تقولي ذَلِك فتوهمي أَنه مَحْدُود وَأَنه فِي مَكَان دون مَكَان وَلَكِن قولي إِنَّه فِي كل مَكَان لانه هُوَ الصَّوَاب دون مَا قلت كلا فقد أجَازه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَعَ علمه بِمَا فِيهِ وانه من الايمان بل الامر الَّذِي يجب بِهِ الايمان لقائله وَمن أَجله شهد لَهَا بالايمان حِين قالته وَكَيف يكون الْحق فِي خلاف ذَلِك وَالْكتاب نَاطِق بذلك وَشَاهد لَهُ وَقد غرس فِي نبيه الْفطْرَة ومعارف الْآدَمِيّين من ذَلِك مَا لَا شَيْء أبين مِنْهُ وَلَا أوكد لانك لَا تسْأَل أحدا من النَّاس عَنهُ عَرَبيا وَلَا عجميا وَلَا مُؤمنا وَلَا كَافِرًا فَتَقول أَيْن رَبك إِلَّا قَالَ فِي السَّمَاء أفْصح أَو أَوْمَأ بِيَدِهِ أَو أَشَارَ بطرفه إِن كَانَ لَا يفصح وَلَا يُشِير الى غير ذَلِك وَمَا رَأينَا أحدا إِذا عَن لَهُ دُعَاء الا رَافعا يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاء وَلَا وجدنَا أحدا غير الْجَهْمِية يسْأَل عَن ربه فَيَقُول فِي كل مَكَان كَمَا يَقُولُونَ وهم يدعونَ

ص: 388

أَنهم أفضل النَّاس كلهم فتاهت الْعُقُول وَسَقَطت الاخبار واهتدى جهم وَخَمْسُونَ رجلا مَعَه نَعُوذ بِاللَّه من مضلات الْفِتَن انْتهى كَلَامه

قَوْله ياللعقول اذا نفيتم مخبرا الخ بِفَتْح اللَّام اسْم منادى مجرور بِاللَّامِ إِذا استغيث اسْم منادى وَجب كَون الْحَرْف يَا وَكَونهَا مَذْكُورَة وَغلب جَرّه بلام وَاجِبَة الْفَتْح كَقَوْل عمر رضي الله عنه يالله للْمُسلمين معنى كَلَام النَّاظِم إِنَّكُم نفيتم عَنهُ تَعَالَى النقيضين وهما لَا يَجْتَمِعَانِ وَلَا يرتفعان فَإِذا كَانَ تَعَالَى عنْدكُمْ لَا دَاخل الْعَالم وَلَا خَارجه فَهَذَا حد الْمَعْدُوم لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي لَا دَاخل الْعَالم وَلَا خَارجه فهم وصفوا وَاجِب الْوُجُود تَعَالَى بِمَا يمْتَنع مَعَه وجوده فضلا عَن وُجُوبه لَان الْمَعْدُوم لَا يُوصف الا بِمَا وصفوا بِهِ وَاجِب الْوُجُود تَعَالَى ثمَّ قَالَ النَّاظِم فلئن زعمتم أَن ذَلِك فِي الَّذِي هُوَ قَابل الخ أَي أَن هَذَا إِنَّمَا يَتَأَتَّى فِي الاجسام الَّتِي تقبل أَن تُوصَف بذلك والرب تَعَالَى لَيْسَ بجسم فوصفه بِأَنَّهُ لَا دَاخل الْعَالم وَلَا خَارجه غير مَحْذُور فأجابهم النَّاظِم بقوله فَيُقَال هَذَا اولا من قَوْلكُم دَعْوَى الخ هَذِه دَعْوَى مُجَرّدَة عَن الْبُرْهَان وَإِنَّمَا هِيَ من اصْطِلَاح فلاسفة اليونان

قَالَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى

وَالشَّيْء يصدق نَفْيه عَن قَابل

وسواه فِي مَعْهُود كل لِسَان

أنسيت نفي الظُّلم عَنهُ وقولك

الظُّلم الْمحَال وَلَيْسَ ذَا إِمْكَان

ونسيت نفي النّوم وَالسّنة الَّتِي

لَيست لرب الْعَرْش فِي الْإِمْكَان

ونسيت نفي الطّعْم عَنهُ وَلَيْسَ ذَا

مَقْبُولَة وَالنَّفْي فِي الْقُرْآن

ص: 389

.. ونسيت نفي ولادَة أَو زَوْجَة

وهما على الرَّحْمَن ممتنعان

وَالله قد وسف الجماد بِأَنَّهُ

ميت أَصمّ وَمَاله عينان

وَكَذَا نفى عَنهُ الشُّعُور ونطقه

والخلق نفيا وَاضح التِّبْيَان

هَذَا وَلَيْسَ لَهَا قبُول للَّذي

يَنْفِي وَلَا من جملَة الْحَيَوَان

معنى كَلَام النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى أَن الشَّيْء يصدق نَفْيه عَن قَابل وَغير قَابل كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {لَا تَأْخُذهُ سنة وَلَا نوم} الْبَقَرَة 255 مَعْنَاهُ أَن الرب تَعَالَى لَا يجوز عَلَيْهِ النّوم وَالسّنة كَمَا نفى الطّعْم عَنهُ سُبْحَانَهُ فِي قَوْله {وَهُوَ يطعم وَلَا يطعم} الانعام 14 وكما فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا خلقت الْجِنّ وَالْإِنْس إِلَّا ليعبدون مَا أُرِيد مِنْهُم من رزق وَمَا أُرِيد أَن يطْعمُون} الذاريات 56 57 وكما نفى سُبْحَانَهُ الظُّلم عَن نَفسه وَهُوَ عنْدكُمْ محَال فِي حق الرب وَلَيْسَ بممكن وَقد تقدم معنى ذَلِك فِي قَول النَّاظِم وَالظُّلم عِنْدهم الْمحَال لذاته الخ بِمَا يُغني عَن الاعادة

قَالَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى

وَيُقَال أَيْضا ثَانِيًا لَو صَحَّ هَذَا

الشَّرْط كَانَ لما هما ضدان

لَا فِي النقيضين اللَّذين كِلَاهُمَا

لَا يثبتان وَلَيْسَ يرتفعان

يتَوَقَّف فهم كَلَام النَّاظِم على معرفَة النقيضين والضدين فالنقيضان هما اللَّذَان لَا يَجْتَمِعَانِ وَلَا يرتفعان كالحركة والسكون والضدان هما اللَّذَان لَا يَجْتَمِعَانِ وَقد يرتفعان كالسواد وَالْبَيَاض فَمَعْنَى كَلَام النَّاظِم أَن هَذَا الشَّرْط لَو صَحَّ وَهُوَ ان النَّفْي لَا يَصح إِلَّا عَن الْقَابِل لَكَانَ ذَلِك فِي الضدين لَا فِي النقيضين

ص: 390

قَالَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى

وَيُقَال أَيْضا نفيكم لقبوله

لَهما يزِيل حَقِيقَة الامكان

بل ذَا كنفي قِيَامه بِالنَّفسِ أَو

بِالْغَيْر فِي الفطرات والاذهان

فَإِذا الْمُعَطل قَالَ إِن قِيَامه

بِالنَّفسِ اَوْ بِالْغَيْر ذُو بطلَان

إِذْ لَيْسَ يقبل وَاحِدًا من ذَيْنك ال

أَمريْن إِلَّا وَهُوَ ذُو إِمْكَان

جسم يقوم بِنَفسِهِ أَيْضا كَذَا

عرض يقوم بِغَيْرِهِ أَخَوان

فِي حكم إِمْكَان وَلَيْسَ بِوَاجِب

مَا كَانَ فِيهِ حَقِيقَة الامكان

أَي اذا نفيتم قبُوله سُبْحَانَهُ لَان يكون دَاخل الْعَالم أَو خَارجه فَهَذَا كنفي قِيَامه بِالنَّفسِ اَوْ بِالْغَيْر فاذا قَالَ الْمُعَطل إِن قِيَامه بِنَفسِهِ اَوْ بِغَيْرِهِ بَاطِل فعلى هَذَا يَسْتَحِيل وجوده تَعَالَى وتقدس وَمَعْلُوم أَن الْخُلُو عَن النقيضين مُمْتَنع كَمَا أَن الْجمع بَين النقيضين مُمْتَنع لانه قد يُقَال إِن جَمِيع الممتنعات ترجع الى الْجمع بَين النقيضين

قَالَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى فِي (الصَّوَاعِق (هَذِه الْحجَّة الْعَقْلِيَّة وَهِي الِاحْتِجَاج بِكَوْن الرب تَعَالَى قَائِما بِنَفسِهِ على كَونه مباينا للْعَالم وَذَلِكَ ملزوم بِكَوْنِهِ فَوْقه عَالِيا عَلَيْهِ بِالذَّاتِ لما كَانَت حجَّة صَحِيحَة لَا يُمكن مدافعتها وَكَانَت مِمَّا نَاظر بهَا الكرامية لأبي اسحق الاسفراييني فر أَبُو اسحاق الى كَون الرب قَائِما بِنَفسِهِ بِالْمَعْنَى الْمَعْقُول وَقَالَ لَا نسلم أَنه قَائِم بِنَفسِهِ إِلَّا بِمَعْنى أَنه غَنِي عَن الْمحل فَجعل قِيَامه بِنَفسِهِ وَصفا عدميا لَا ثبوتيا

ص: 391

وَهَذَا لَازم لسَائِر المعطلة النفاة لعلوه وَمن الْمَعْلُوم أَن كَون الشَّيْء قَائِما بِنَفسِهِ أبلغ من كَونه قَائِما بِغَيْرِهِ وَإِذا كَانَ قيام الْعرض بِغَيْرِهِ يمْتَنع ان يكون عدميا بل وجوديا فقيام الشَّيْء بِنَفسِهِ إحق ان لَا يكون أمرا عدميا بل وجوديا وَإِذا كَانَ قيام الْمَخْلُوق بِنَفسِهِ صفة كَمَال وَهُوَ مفتقر بِالذَّاتِ الى غَيره فقيام الْغَنِيّ بِذَاتِهِ بِنَفسِهِ أَحَق وَأولى انْتهى

قَالَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى

فكلاكما يَنْفِي الاله حَقِيقَة

وكلا كَمَا فِي نَفْيه سيان

مَاذَا يرد عَلَيْهِ من هُوَ مثله

فِي النَّفْي صرفا إِذْ هما عَدْلَانِ

وَالْفرق لَيْسَ بممكن لَك بَعْدَمَا

ضاهيت هَذَا النَّفْي فِي الْبطلَان

فوزان هَذَا النَّفْي مَا قد قلته

حرفا بِحرف انتما صنْوَان

والخصم يزْعم أَن مَا هُوَ قَابل

لكليهما فكقابل لمَكَان

فافرق لنا فرقا يبين مواقع ال

إِثْبَات والتعطيل بالبرهان

أَولا فاعط الْقوس باريها وخل الفشر عَنْك وَكَثْرَة الهذيان

قَالَ الرضي فِي (شرح الكافية (قد يقدر نصب الْيَاء فِي السعَة أَيْضا وَذكر الْمثل فَأن (باريها (مفعول أعْط وَهُوَ سَاكن الْيَاء وَهُوَ فِي هَذَا تَابع للزمخشري فِي (الْمفصل (قَالَ الميداني فِي أَمْثَاله أَي اسْتَعِنْ على عَمَلك بِأَهْل الْمعرفَة والحذق فِيهِ وينشد

يَا باري الْقوس بريا لست تحسنها

لَا تفسدنها وَأعْطِ الْقوس باريها

قَوْله فكلاكما يَنْفِي الاله حَقِيقَة الخ أَي ان الْمُعَطل إِذا قَالَ

ص: 392