المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل…هذا وتاسع عشرها الزام ذي التعطيل أفسد لازم ببيان…وفساد لازم قوله هو مقتضلفساد ذاك القول بالبرهان…فسل المعطل عن ثلاث مسائل تقضي على التعطيل بالبطلانماذا تقول أكان يعرف ربه…هذا الرسول حقيقة العرفانأم لا وهل كانت نصيحة لنا…كل - توضيح المقاصد شرح نونية ابن القيم الكافية الشافية - جـ ١

[أحمد بن عيسى]

فهرس الكتاب

- ‌رب يسر وأعن يَا كريم

- ‌فصل فِي تَرْجَمَة النَّاظِم

- ‌قَوْله بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌أأغصان بَان مَا أرى أم شمائل

- ‌فَصِل

- ‌فصل…وَقضى بِأَن الله كَانَ معطلاوَالْفِعْل مُمْتَنع بِلَا إِمْكَان…ثمَّ اسْتَحَالَ وَصَارَ مَقْدُورًا لَهُمن غير أَمر قَامَ بالديان…بل حَاله سُبْحَانَهُ فِي ذَاتهقبل الْحُدُوث وَبعده سيان

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل فِي مُقَدّمَة نافعة قبل التَّحْكِيم

- ‌فصل وَهَذَا أول عقد مجْلِس التَّحْكِيم

- ‌وَهِي تِسْعَة وَعِشْرُونَ بَيْتا وَالثَّانيَِة أَولهَا

- ‌فِي قدوم ركب آخر

- ‌فصل فِي قدوم ركب آخر

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فَصْل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل…هَذَا وَثَانِيها صَرِيح علوه…وَله بِحكم صَرِيحه لفظانلفظ الْعلي وَلَفظه الاعلى معرفَة(أتتك هُنَا) لقصد بَيَانإِن الْعُلُوّ لَهُ بمطلقه على التَّعْمِيم والاطلاق بالبرهان…وَله الْعُلُوّ من الْوُجُوه جَمِيعهَاذاتا وقهرا مَعَ علو الشاني…لَكِن نفاة علوه سلبوه إكما

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌قَالَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل…هَذَا وَثَانِي عشرهَا وصف الظهور لَهُ كَمَا قد جَاءَ فِي الْقُرْآن…وَالظَّاهِر العالي الَّذِي مَا فَوْقهشَيْء كَمَا قد قَالَ ذُو الْبُرْهَان…حَقًا رَسُول الله ذَا تَفْسِيرهوَلَقَد رَوَاهُ مُسلم بِضَمَان…فاقبله لَا تقبل سواهُ من التفاسير الَّتِي قيلت بِلَا برهَان…وَالشَّيْء حِين يتم

- ‌فصل…هَذَا وثالث عشرهَا أخباره…انا نرَاهُ بجنة الْحَيَوَانفسل الْمُعَطل هَل يرى من تحتنا…أم عَن شَمَائِلنَا وَعَن أَيْمَانأم خلفنا وأمامنا سُبْحَانَهُ…أم هَل يرى من فَوْقنَا بِبَيَانيَا قوم مَا فِي الامر شَيْء غير ذَا…أَو أَن رُؤْيَته بِلَا إِمْكَانإِذْ رُؤْيَة لَا فِي مُقَابلَة من

- ‌فصل…هَذَا ورابع عشرهَا إِقْرَار سائله بِلَفْظ الاين للرحمن…وَلَقَد رَوَاهُ أَبُو رزين بَعْدَمَاسَأَلَ الرَّسُول بِلَفْظِهِ بوزان…وَرَوَاهُ تبليغا لَهُ ومقررالما أقربه بِلَا نكران…هَذَا وَمَا كَانَ الْجَواب جَوَاب من لَكِن جَوَاب اللَّفْظ بالميزان

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل…هَذَا وسابع عشرهَا أخبارهسُبْحَانَهُ فِي مُحكم الْقُرْآن…عَن عَبده مُوسَى الكليم وحربهفِرْعَوْن ذِي التَّكْذِيب والطغيان…تَكْذِيبه مُوسَى الكليم بقولهالله رَبِّي فِي السما نباني

- ‌فصل…هَذَا وثامن عشرهَا تنزيهه…سُبْحَانَهُ عَن مُوجب النُّقْصَانوَعَن الْعُيُوب وَمُوجب التَّمْثِيل والتشبيه جلّ الله ذُو السُّلْطَان

- ‌فصل…هَذَا وتاسع عشرهَا الزام ذِي التعطيل أفسد لَازم بِبَيَان…وَفَسَاد لَازم قَوْله هُوَ مُقْتَضلفساد ذَاك القَوْل بالبرهان…فسل الْمُعَطل عَن ثَلَاث مسَائِل تقضي على التعطيل بِالْبُطْلَانِمَاذَا تَقول أَكَانَ يعرف ربه…هَذَا الرَّسُول حَقِيقَة الْعرْفَانأم لَا وَهل كَانَت نصيحة لنا…كل

- ‌فصل…هَذَا وَخَاتم هَذِه الْعشْرين وَجها…وَهُوَ أقربها الى الاذهانسرد النُّصُوص فانها قد نوعت…طرق الادلة فِي أتم بَيَانوَالنّظم يَمْنعنِي من استيفائها…وسياقه الالفاظ بالميزانفاشير بعض إِشَارَة لمواضع…مِنْهَا وَأَيْنَ الْبَحْر من خلجانفاذكر نُصُوص الاسْتوَاء

- ‌فصل…هَذَا وحاديها وَعشْرين الَّذِي…قد جَاءَ فِي الاخبار وَالْقُرْآنإتْيَان رب الْعَرْش جل جلاله…ومجيئه للفصل بالميزانفَانْظُر الى التَّقْسِيم والتنويع فِي الْقُرْآن تلفيه صَرِيح بِبَيَان…ان الْمَجِيء لذاته لَا أمرهكلا وَلَا ملك عَظِيم الشان…اذ ذَانك الامران قد ذكرا

- ‌فصل

- ‌يعْنى حَدِيث جَابر فِي خطبَته صلى الله عليه وسلم يَوْم عَرَفَة وَقد تقدم

الفصل: ‌فصل…هذا وتاسع عشرها الزام ذي التعطيل أفسد لازم ببيان…وفساد لازم قوله هو مقتضلفساد ذاك القول بالبرهان…فسل المعطل عن ثلاث مسائل تقضي على التعطيل بالبطلانماذا تقول أكان يعرف ربه…هذا الرسول حقيقة العرفانأم لا وهل كانت نصيحة لنا…كل

أفاضلكم الخ أَي أفاضل النفاة قد شهدُوا بِظُهُور مقَالَة الاثبات فِي الْكتاب وَالسّنة وخفاء مَا قَالُوا من النَّفْي كَمَا قَالَ السعد التَّفْتَازَانِيّ فِي (شرح الْمَقَاصِد (فَإِن قيل إِذا كَانَ الدّين الْحق نفي الحيز والجهة فَمَا بَال الْكتب السماوية والاحايث النَّبَوِيَّة مشعرة فِي مَوَاضِع لَا تحصى بِثُبُوت ذَلِك من غير أَن يَقع فِي مَوضِع مِنْهَا تَصْرِيح بِنَفْي ذَلِك وَتَحْقِيق كَذَا كَمَا كررت الدّلَالَة على وجود الصَّانِع ووحدته وَعلمه وَقدرته وَحَقِيقَة الْمعَاد وَحشر الاجساد فِي عدَّة مَوَاضِع وأكدت غَايَة التَّأْكِيد مَعَ أَن هَذَا أَيْضا حقيق بغاية التَّأْكِيد وَالتَّحْقِيق لما تقرر فِي فطْرَة الْعُقَلَاء مَعَ اخْتِلَاف الاديان والآراء فِي التَّوْحِيد إِلَى الْعُلُوّ عِنْد الدُّعَاء وَرفع الايدي الى السَّمَاء ثمَّ أجَاب عَن ذَلِك التَّفْتَازَانِيّ بِمَا يظْهر ضعفه من اول وهلة وَكَذَا ذكر ذَلِك غَيره

قَالَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى

‌فصل

هَذَا وتاسع عشرهَا الزام ذِي التعطيل أفسد لَازم بِبَيَان

وَفَسَاد لَازم قَوْله هُوَ مُقْتَض

لفساد ذَاك القَوْل بالبرهان

فسل الْمُعَطل عَن ثَلَاث مسَائِل تقضي على التعطيل بِالْبُطْلَانِ

مَاذَا تَقول أَكَانَ يعرف ربه

هَذَا الرَّسُول حَقِيقَة الْعرْفَان

أم لَا وَهل كَانَت نصيحة لنا

كل

النَّصِيحَة لَيْسَ بالخوان

ص: 501

.. أم لَا وَهل حَاز البلاغة كلهَا

فاللفظ وَالْمعْنَى لَهُ طوعان

فَإِذا انْتَهَت هذي الثَّلَاثَة فِيهِ كَا

مِلَّة مبرأة من النُّقْصَان

فلأي شَيْء عَاشَ فِينَا كَاتِما

للنَّفْي والتعطيل فِي الازمان

بل مفصحا بالضد مِنْهُ حَقِيقَة ال

إفصاح مُوضحَة بِكُل بَيَان

ولأي شَيْء لم يُصَرح بِالَّذِي

صرحتم فِي رَبنَا الرَّحْمَن

ألعجزه عَن ذَاك أم تَقْصِيره

فِي النصح أم لخفاء هَذَا الشان

حاشاه بل ذَا وصفكم يَا أمة التعطيل لَا الْمَبْعُوث بِالْقُرْآنِ

هَذَا هُوَ الدَّلِيل التَّاسِع عشر من أَدِلَّة علو الله تَعَالَى على خلقه وَحَاصِله أَن النَّاظِم سَأَلَ عَن ثَلَاث مسَائِل وَكلهَا مسلمة عِنْد المنازعين وَهُوَ أَن تسْأَل الْمُعَطل هَل تَقول إِن الرَّسُول صلى الله عليه وسلم يعرف ربه فبالضرورة يَقُول نعم ثمَّ سَله هَل كَانَ فِي غَايَة النصح فَلَا بُد أَن يَقُول نعم ثمَّ سَله هَل حَاز البلاغة كلهَا فَلَا بُد ان يَقُول نعم فَإِذا أقرّ بِهَذِهِ الثَّلَاثَة فَقل لَهُ فلأي شَيْء عَاشَ مُنْذُ أرْسلهُ الله تَعَالَى الى أَن توفّي صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِ وَهُوَ يفصح بالاثبات وَيُعِيد فِيهِ فِي كل محْضر وَمجمع ولأي شَيْء كتم النَّفْي والتعطيل ولأي شَيْء لم يُصَرح بِمَا صرحتم بِهِ فِي رَبنَا تَعَالَى وَهل كَانَ عَاجِزا عَن أَن يَقُول استولى وَينزل أمره أَو ملك وَيَقُول (من الله) مَوضِع (أَيْن الله) فلازم قَوْلكُم عدم معرفَة الرَّسُول بربه اَوْ عدم النصح اَوْ عدم البلاغة وَهَذَا اللَّازِم من أفسد اللوازم وأبطلها فَيدل على فَسَاد لَازمه وبطلانه لَان فَسَاد اللَّازِم يدل على فَسَاد الْمَلْزُوم

ص: 502

قَالَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى

ولأي شَيْء كَانَ يذكر ضد ذَا

فِي كل مُجْتَمع وكل زمَان

أتراه أصبح عَاجِزا عَن قَوْله استولى وَينزل أمره وَفُلَان

وَيَقُول أَيْن الله يَعْنِي من بِلَفْظ الاين هَل هَذَا من التِّبْيَان

وَالله مَا قَالَ الائمة كل مَا قد قَالَه من غير مَا كتمان

لَكِن لَان عقول أهل زمانهم

ضَاقَتْ بِحمْل دقائق الايمان

وغدت بصائرهم كخفاش أَتَى

ضوء النَّهَار فَكف عَن طيران

حَتَّى اذا مَا اللَّيْل جَاءَ ظلامه

ابصرته يسْعَى بِكُل مَكَان

وَكَذَا عقولكم لَو استشعرتم

يَا قوم كالحشرات والفئران

أنست بايحاش الظلام وَمَا لَهَا

بمطالع الانوار قطّ يدان

الخفاش مَعْرُوف تقدم تَعْرِيفه والحشرات قَالَ فِي (الْقَامُوس (الْهَوَام اَوْ الدَّوَابّ الصغار كالحشرة محركة فيهمَا انْتهى والفئران جمع فأر بِالْهَمْز وَهُوَ حَيَوَان مَعْرُوف يَعْنِي النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى أَن هَؤُلَاءِ المعطلة ضَاقَتْ عُقُولهمْ عَن حمل دقائق الايمان فصاروا كالحشرات والخفاش الَّتِي لَا تسْعَى الا بِاللَّيْلِ فان هَؤُلَاءِ المعطلة لم تحمل عُقُولهمْ مَا فِي كتاب الله وَسنة رَسُوله صلى الله عليه وسلم مِمَّا وصف الرب تَعَالَى بِهِ نَفسه اَوْ وَصفه بِهِ رَسُوله صلى الله عليه وسلم فَصَارَ ذَلِك لبصائر المعطلة كالنهار لابصار الخفاش والحشرات وَنَحْوهَا نَعُوذ بِاللَّه من عمى البصائر

ص: 503

قَالَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى

لَو كَانَ حَقًا مَا يَقُول معطل

لعلوه وَصِفَاته الرَّحْمَن

لزمتكم شنع ثَلَاث فأرتؤوا

أَو خلة مِنْهُنَّ أَو ثِنْتَانِ

تقديمهم فِي الْعلم أَو فِي نصحهمْ

أَو فِي الْبَيَان أذاك ذُو إِمْكَان

إِن كَانَ مَا قد قُلْتُمْ حَقًا فقد

ضل الورى بِالْوَحْي وَالْقُرْآن

إِذْ فيهمَا ضد الَّذِي قُلْتُمْ وَمَا

ضدان فِي الْمَعْقُول يَجْتَمِعَانِ

بل كَانَ أولى أَن يعطل مِنْهُمَا

ويحال فِي علم وَفِي عرفان

أما على جهم وجعد أَو على النظام أَو ذِي الْمَذْهَب اليونان

وكذاك أَتبَاع لَهُم فقع الفلا

صم وبكم تابعو العميان

وكذاك أفراخ القرامطة الالى

قد جاهزوا بعداوة الرَّحْمَن

كالحاكمية والالى وألوهم

كَأبي سعيد ثمَّ آل سِنَان

وَكَذَا ابْن سينا والنصير نصير أهل الشّرك والتكذيب والكفران

وكذاك أفراخ الْمَجُوس وشبههم

والصائبين وكل ذِي بهتان

إخْوَان ابليس اللعين وجنده

لَا مرْحَبًا بعساكر الشَّيْطَان

أَفَمَن حوالته على التَّنْزِيل وَالْوَحي الْمُبين ومحكم الْقُرْآن

كمحير أضحت حوالته على

أَمْثَاله أم كَيفَ يستويان

ص: 504

.. أم كَيفَ يشْعر تائه بمصابه

وَالْقلب قد جعلت لَهُ قفلان

قفل من الْجَهْل الْمركب فَوْقه

قفل التعصب كَيفَ ينفتحان

ومفاتح الاقفال فِي يَد من لَهُ التصريف سُبْحَانَ الْعَظِيم الشان

فَاسْأَلْهُ فتح القفل مُجْتَهدا على ال

أَسْنَان ان الْفَتْح بَال بالأسنان

أَي إِن كَانَ حَقًا مَا تَقوله المعطلة لعلو الرب وَصِفَاته لزمتم ثَلَاث شناعات

وَقَوله فارتؤوا أَي اطْلُبُوا رَأيا تخلصون بِهِ من هَذِه الشنع لَان الْكتاب وَالسّنة ضد لما قَالُوهُ والضدان لَا يَجْتَمِعَانِ فَكَانَ الْكتاب وَالسّنة على هَذَا سَببا لاضلال النَّاس فَكَانَ ترك النَّاس بِلَا كتاب وَلَا سنة أهْدى لَهُم ويحالون فِي الْعلم والعرفان على جهم وجعد والنظام وحكماء اليونان والقرامطة وَنَحْوهم وَهَذَا معنى مَا ذكره شيخ الاسلام فِي مُقَدّمَة (الحموية (قَالَ فَلَو كَانَ الْحق فِيمَا يَقُول هَؤُلَاءِ السالبون النافون للصفات الثَّابِتَة فِي الْكتاب وَالسّنة من هَذِه الْعبارَات وَنَحْوهَا دون مَا يفهم من الْكتاب وَالسّنة إِمَّا نصا وَإِمَّا ظَاهرا فَكيف يجوز على الله ثمَّ على رَسُوله ثمَّ على خير الامة أَنهم يَتَكَلَّمُونَ دَائِما بِمَا هُوَ نَص أَو ظَاهر فِي خلاف الْحق ثمَّ الْحق الَّذِي يجب اعْتِقَاده أَن لَا يبوحوا بِهِ قطّ وَلَا يدلون عَلَيْهِ قطّ لَا نصا وَلَا ظَاهرا حَتَّى يَجِيء انباط الْفرس والروس وفروخ الْيَهُود والفلاسفة يبينون للامة العقيدة الصَّحِيحَة الَّتِي يجب على كل مُكَلّف اَوْ كل فَاضل ان يعتقدها لَئِن كَانَ مَا يَقُوله هَؤُلَاءِ المتكلمون المتكلفون هُوَ الِاعْتِقَاد الْوَاجِب وهم مَعَ ذَلِك احيلوا فِي مَعْرفَته على مُجَرّد عُقُولهمْ وَأَن

ص: 505

يدفعوا بِمُقْتَضى قِيَاس عُقُولهمْ مَا د ل عَلَيْهِ الْكتاب وَالسّنة نصا اَوْ ظَاهرا لقد كَانَ ترك النَّاس بِلَا كتاب وَلَا سنة أهْدى لَهُم وانفع على هَذَا التَّقْدِير بل كَانَ وجود الْكتاب وَالسّنة ضَرَرا مَحْضا فِي أصل الدّين فان حَقِيقَة الامر على مَا يَقُوله هَؤُلَاءِ أَنكُمْ يَا معاشر الْعباد لَا تطلبون معرفَة الله وَمَا يسْتَحقّهُ من الصِّفَات نفيا واثباتا لَا من الْكتاب وَلَا من وَالسّنة وَلَا من طَرِيق سلف الامة وَلَكِن انْظُرُوا انتم فَمَا وجدتموه مُسْتَحقّا لَهُ من الصِّفَات فصفوة بِهِ سَوَاء كَانَ مَوْجُودا فِي الْكتاب وَالسّنة أَو لم يكن وَمَا لم تَجِدُوهُ مُسْتَحقّا لَهُ فِي عقولكم فَلَا تصفوه بِهِ ثمَّ هم هُنَا فريقان أَكْثَرهم يَقُولُونَ مَا لم تثبته عقولكم فانفوه وَمِنْهُم من يَقُول بل توقفوا فِيهِ وَمَا نَفَاهُ قِيَاس عقولكم الَّذِي انتم فِيهِ مُخْتَلفُونَ ومضطربون اخْتِلَافا اكثر من جَمِيع اخْتِلَاف (النَّاس) على وَجه الارض فانفوه واليه عِنْد التَّنَازُع فَارْجِعُوا فانه الْحق الَّذِي تعبدتكم بِهِ وَمَا كَانَ مَذْكُورا فِي الْكتاب وَالسّنة مِمَّا يُخَالف مقاييس عقولكم اَوْ يثبت مَا لم تُدْرِكهُ عقولكم على طَريقَة أَكْثَرهم فاعلموا أَنِّي أمتحنتكم بتنزيله لَا لِتَأْخُذُوا الْهدى مِنْهُ لَكِن ليجتهدوا فِي تَخْرِيجه على شواذ اللُّغَة وَوَحْشِي الالفاظ وغرائب الْكَلَام اَوْ ان تسكتوا عَنهُ مفوضين علمه الى الله مَعَ طي دلَالَته على شَيْء من الصِّفَات وَهَذَا حَقِيقَة الامر على رَأْي هَؤُلَاءِ الْمُتَكَلِّمين وَهَذَا كَلَام رَأَيْته قد صرح بِمَعْنَاهُ طَائِفَة مِنْهُم وَهُوَ لَازم لجماعتهم لُزُوما لَا محيد عَنهُ ومضمونه أَن كتاب الله لَا يَهْتَدِي بِهِ فِي معرفَة الله وَأَن الرَّسُول مَعْزُول عَن التَّعْلِيم والاخبار بِصِفَات من أرْسلهُ وَأَن النَّاس عِنْد التَّنَازُع لَا يردون مَا تنازعوا فِيهِ الى الله وَالرَّسُول بل الى مثل مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّة اَوْ الى مثل من يتحاكم اليه من لَا يُؤمن بالانبياء كالبراهمة

ص: 506

والفلاسفة وهم الْمُشْركُونَ وَالْمَجُوس وَبَعض الصابئين وان كَانَ هَذَا الرَّد لَا يزِيد الامر الا شدَّة وَلَا يرْتَفع الْخلاف بِهِ اذ لكل فريق طواغيت يُرِيدُونَ أَن يتحاكموا اليهم وَقد أمروا ان يكفروا بهم

وَقَوله فقع الفلا قَالَ فِي (الْقَامُوس (الفقع وَيكسر الْبَيْضَاء الرخوة من الكمأة جمع كعنبة وَيُقَال للذيل هُوَ أذلّ من فقع بقرقرة لانه لَا يمْتَنع على من اجتناه أَو لانه يُوطأ بالارجل

قَوْله أفراخ قَالَ فِي (الْقَامُوس (الفرخ ولد الطَّائِر وكل صَغِير من الْحَيَوَان والنبات جمع أفرخ وافراخ وفراخ وفروخ وأفرخة وفرخان وَالرجل الذَّلِيل المطرود انْتهى

قَوْله والحاكمية هم شيعَة الْحَاكِم العبيدي المعتقدون فِيهِ الالهية وَهُوَ ابو عَليّ مَنْصُور بن نزار الْعَزِيز بِاللَّه ابْن معد الْمعز لدين الله العبيدي لاتباعه فِيهِ من الاعتقادات الخبيثة مَا تصم عَنهُ الاذان وَيَقْضِي على معتقده بالزور والبهتان وَقد ذكر طرفا من ذَلِك الْحَافِظ الذَّهَبِيّ والحافظ ابْن كثير فِي (تاريخهما (وَغَيرهمَا والامام أَبُو شامة فِي كتاب (الروضتين فِي أَخْبَار الدولتين (وَأَبُو سعيد هُوَ الْحسن بن بهْرَام القرمطي رَئِيس القرامطة قَالَ الشَّيْخ عز الدّين أَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بِابْن الاثير الْجَزرِي فِي تَارِيخه الْكَبِير الْمُسَمّى ب (الْكَامِل (قَالَ فِي هَذِه السّنة يَعْنِي سنة ثَمَان وَسبعين وَمِائَتَيْنِ تحرّك قوم بسواد الْكُوفَة يعْرفُونَ بالقرامطة ثمَّ بسط القَوْل فِي ابْتِدَاء امرهم وَحَاصِله أَن رجلا اظهر الْعِبَادَة والزهد والتقشف وَكَانَ يسف الخوص وَيَأْكُل من كَسبه كَانَ يَدْعُو النَّاس الى امام من اهل الْبَيْت رضي الله عنهم واقام على ذَلِك مُدَّة فَاسْتَجَاب لَهُ خلق كثير وَجَرت لَهُ أَحْوَال اوجبت لَهُ حسن الِاعْتِقَاد فِيهِ وانتشر

ص: 507

ذكرهم بسواد الْكُوفَة ثمَّ قَالَ ابْن الاثير بعد هَذَا فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وَفِي هَذِه السّنة ظهر رجل من القرامطة يعرف بِأبي سعيد الجنابي بِالْبَحْرَيْنِ وَاجْتمعَ إِلَيْهِ نَاس كثير من الاعراب والقرامطة وَقَوي أمره فَقتل من حوله من أهل تِلْكَ الْقرى وَكَانَ أَبُو سعيد الْمَذْكُور يَبِيع النَّاس الطَّعَام ويحسب لَهُم بيعهم ثمَّ عظم أَمرهم وقربوا من نواحي الْبَصْرَة فَجهز اليهم الْخَلِيفَة المقتدر بِاللَّه جَيْشًا فَقَاتلهُمْ مقدمه الْعَبَّاس بن عَمْرو الغنوي فتواقعوا وقْعَة شَدِيدَة وَانْهَزَمَ أَصْحَاب الْعَبَّاس واسر الْعَبَّاس وَكَانَ ذَلِك فِي آخر شعْبَان من سنة سبع وَثَمَانِينَ فِيمَا بَين الْبَصْرَة والبحرين وَقتل ابو سعيد الاسرى وَأَحْرَقَهُمْ واستبقى الْعَبَّاس ثمَّ أطلقهُ بعد أَيَّام وَقَالَ لَهُ امْضِ إِلَى صَاحبك وعرفه مَا رَأَيْت فَدخل بَغْدَاد فِي شهر رَمَضَان من السّنة وَحضر بَين يَدي المقتدر فَخلع عَلَيْهِ ثمَّ إِن القراقطة دخلُوا بِلَاد الشَّام فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وَجَرت بَين الطَّائِفَتَيْنِ وقعات يطول شرحها ثمَّ قتل ابو سعيد الْمَذْكُور فِي سنة إِحْدَى وثلاثمائة فتله خَادِم لَهُ فِي الْحمام وَقَامَ مقَامه وَلَده ابو طَاهِر سُلَيْمَان بن ابي سعيد وَلما قتل ابوه ابو سعيد كَانَ قد استولى على هجر والقطيف والطائف وَسَائِر بِلَاد الْبَحْرين وَفِي سنة احدى عشرَة وثلاثمائة فِي شهر ربيع الآخر مِنْهَا قصد ابو طَاهِر وَعَسْكَره الْبَصْرَة وملكها بِغَيْر قتال بل صعدوا إِلَيْهَا بلَيْل بسلالم الشّعْر فَلَمَّا حصلوا بهَا وأحسوا بهم ثَارُوا اليهم فَقتلُوا مُتَوَلِّي الْبَلَد وَوَضَعُوا السَّيْف فِي النَّاس فَهَرَبُوا مِنْهُم وَأقَام ابو طَاهِر سَبْعَة عشر يَوْمًا يحمل مِنْهُم الاموال ثمَّ عَاد الى بَلَده وَلم يزَالُوا يعيثون فِي الْبِلَاد ويكثرون فِيهَا الْفساد من الْقَتْل والسبي والنهب والحريق الى سنة سبع عشرَة وثلاثمائة فحج النَّاس فِيهَا وسلموا فِي طريقهم

ص: 508

ثمَّ وافاهم ابو طَاهِر القرمطي بِمَكَّة يَوْم التَّرويَة فنهبوا أَمْوَال الْحَاج وقتلوهم حَتَّى فِي الْمَسْجِد الْحَرَام وَفِي الْبَيْت نَفسه وَقلع الْحجر الاسود وانفذه الى هجر فَخرج اليه أَمِير مَكَّة فِي جمَاعَة من الاشراف فقاتلوهم فَقَتلهُمْ أَجْمَعِينَ وَقلع بَاب الْكَعْبَة وأصعد رجلا ليقلع الْمِيزَاب فَسقط فَمَاتَ فَطرح الْقَتْلَى فِي بِئْر زَمْزَم وَدفن البَاقِينَ فِي الْمَسْجِد الْحَرَام من غير كفن وَلَا غسل وَلَا صَلَاة على أحد مِنْهُم وَأخذ كسْوَة الْبَيْت فَقَسمهَا فِي اصحابه وَنهب دور أهل مَكَّة ثمَّ ذكر ابْن الاثير فِي سنة سِتِّينَ وثلاثمائة ان القرامطة وصلوا الى دمشق فملكوها وَقتلُوا جَعْفَر بن فلاح نَائِب المصريين ثمَّ بلغ عَسْكَر القرامطة الى عين شمس وَهِي على بَاب الْقَاهِرَة وظهروا عَلَيْهِم ثمَّ انتصر أهل مصر عَلَيْهِم فَرَجَعُوا عَنْهُم انْتهى قَالَ ابْن خلكان وعَلى الْجُمْلَة فَالَّذِي فَعَلُوهُ فِي الاسلام لم يَفْعَله أحد قبلهم وَلَا بعدهمْ من الْمُسلمين وملكوا كثيرا من بِلَاد الْعرَاق والحجاز وبلاد الشرق وبلاد الشَّام الى بَاب مصر وَلما أخذُوا الْحجر تَرَكُوهُ عِنْدهم فِي هجر وَقتل أَبُو طَاهِر الْمَذْكُور فِي سنة اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ وثلثمائة والقرمطي بِكَسْر الْقَاف وَسُكُون الرَّاء وَكسر الْمِيم وَبعدهَا طاء مُهْملَة والقرمطة فِي اللُّغَة تقَارب الشَّيْء بعضه من بعض يُقَال خطّ مقرمط ومشي مقرمط اذا كَانَ كَذَلِك وَكَانَ أَبُو سعيد الْمَذْكُور قَصِيرا مُجْتَمع الْخلق اسمر كريه المنظر فَلذَلِك قيل لَهُ قرمطي وَقد ذكر القَاضِي ابو بكر البا قلاني فصلا طَويلا من أَحْوَالهم فِي كتاب (كشف اسرار الباطنية (وَأما الجنابي فَإِنَّهُ بِفَتْح الْجِيم وَتَشْديد النُّون وَبعد الالف بَاء مُوَحدَة وَهَذِه النِّسْبَة الى جَنَابَة وَهِي بَلْدَة من اعمال فَارس مُتَّصِلَة بِالْبَحْرَيْنِ عِنْد سيراف والقرامطة مِنْهَا فنسبوا اليها انْتهى كَلَام ابْن خلكان رَحمَه الله تَعَالَى

ص: 509