الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُقَال أَيْن الله ويكاد قائلكم يكفرنا بِهِ بل قد أَي يُقَارب قائلكم أَن يكفرنا بِهِ بل قد أَي كفرنا بِهِ وَهَذَا على طَرِيق الإكتفاء وَقد عرفه عُلَمَاء البديع بِأَنَّهُ هُوَ أَن يَأْتِي الشَّاعِر بِبَيْت من الشّعْر وقافيته مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف فَلم يفْتَقر إِلَى ذكر الْمَحْذُوف لدلَالَة بَاقِي لفظ الْبَيْت عَلَيْهِ ويكتفى بِمَا هُوَ مَعْلُوم فِي الذِّهْن كَقَوْلِه لَا أَنْتَهِي لَا أنثني لَا أرعوي مَا دمت فِي قيد الحياه وَلَا إِذا
وَقَوله وَالله مَا كَانَ الرَّسُول بعاجز عَن لفظ من أَي لَو كَانَ مُرَاده بقوله أَيْن الله السُّؤَال من الله لما كَانَ عَاجِزا عَن ذَلِك وَلَفظ (من) حرفان وَلَفظ أَيْن ثَلَاثَة أحرف
وَقَوله وَالله مَا الْملكَانِ أفْصح مِنْهُ إِذْ أَي مَا الْملكَانِ اللَّذَان يسألان الْمَيِّت فَيَقُولَانِ من رَبك وَمن نبيك وَمَا دينك بأفصح مِنْهُ أفيقول الرَّسُول صلى الله عليه وسلم أَيْن الله يَعْنِي من الله فَلَا وَالله مَا اللفظان بِسَوَاء ولامعناهما أَيْضا بِسَوَاء لَا فِي لُغَة وَلَا شرع وَالله أعلم
قَالَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى
فصل
…
هَذَا وخامس عشرهَا الْإِجْمَاع من
رسل الْإِلَه الْوَاحِد المنان
…
فالمرسلون جَمِيعهم مَعَ كتبهمْ
قد صَرَّحُوا بالفوق للرحمن
…
وَحكى لنا إِجْمَاعهم شيخ الورى
وَالدّين عبد الْقَادِر الجيلاني
…
لَا
…
وَأَبُو الْوَلِيد الْمَالِكِي أَيْضا حكى
إِجْمَاعهم أَعنِي ابْن رشد الثَّانِي وَكَذَا أَبُو الْعَبَّاس أَيْضا قد حكى
…
إِجْمَاعهم علم الْهدى الْحَرَّانِي
وَله إِ طلاع لم يكن من قبله
…
لسواه من مُتَكَلم بِلِسَان
…
قَالَ الشَّيْخ الإِمَام شيخ الْإِسْلَام سيد الوعاأبو مُحَمَّد عبد الْقَادِر ابْن أبي صَالح الجيلي فِي كتاب (الغنية (لَهُ أما معرفَة الصَّانِع بِالْآيَاتِ والإختصار فَهُوَ أَن يعرف ويتيقن أَن الله وَاحِد أحد إِلَى أَن قَالَ وَهُوَ بِجِهَة الْعُلُوّ مستو على الْعَرْش يحنو على الْملك مُحِيط علمه بالأشياء إِلَيْهِ يصعد الْكَلم الطّيب وَالْعَمَل الصَّالح يرفعهُ يدبر الْأَمر من السَّمَاء إِلَى الأَرْض ثمَّ يعرج إِلَيْهِ فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره ألف سنة مِمَّا تَعدونَ وَلَا يجوز وَصفه بِأَنَّهُ فِي كل مَكَان بل يُقَال إِنَّه فِي السَّمَاء على الْعَرْش كَمَا قَالَ {الرَّحْمَن على الْعَرْش اسْتَوَى} طه 5 وَذكر آيَات وَأَحَادِيث إِلَى أَن قَالَ وَيَنْبَغِي إِطْلَاق صفة الإستواء من غير تَأْوِيل وَإنَّهُ إستواء الذَّات على الْعَرْش قَالَ وَكَونه على الْعَرْش مَذْكُور فِي كل كتاب أنزل على كل نَبِي أرسل بِلَا كَيفَ وَذكر كلَاما طَويلا
وَقَالَ النَّاظِم فِي كِتَابه (إغاثة اللهفان (قَالَ أَبُو الْوَلِيد ابْن رشد فِي كتاب (الْكَشْف (عَن مناهج الْأَدِلَّة القَوْل فِي الْجِهَة أما هَذِه الصّفة فَلم يزل أهل الشَّرِيعَة من أول الْأَمر بثبوتها لله سُبْحَانَهُ حَتَّى نفتها الْمُعْتَزلَة ثمَّ تَبِعَهُمْ على نَفيهَا متأخرو الأشاعرة كَأبي الْمَعَالِي وَمن اقْتدى بقوله
عى إِلَى أَن قَالَ والشرائع كلهَا مبينَة على أَن الله فِي السَّمَاء وَأَن مِنْهَا تنزل الْمَلَائِكَة بِالْوَحْي إِلَى النَّبِيين وَأَن من السَّمَوَات أنزلت الْكتب وإليها كَانَ الْإِسْرَاء بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَجَمِيع الْحُكَمَاء قد اتَّفقُوا على أَن الله وَالْمَلَائِكَة فِي السَّمَاء كَمَا اتّفق جَمِيع الشَّرَائِع على ذَلِك ثمَّ ذكر تَقْرِير ذَلِك بالمعقول وَبَين بطلَان الشُّبْهَة الَّتِي لأَجلهَا نفتها الْجَهْمِية وَمن وافقهم إِلَى أَن قَالَ فقد ظهر لَك من هَذَا أَن إِثْبَات الْجِهَة وَاجِب بِالشَّرْعِ وَالْعقل وَأَن إِبْطَاله إبِْطَال الشَّرَائِع كلهَا انْتهى
وَقَالَ شيخ الْإِسْلَام رَحمَه الله تَعَالَى فِي بعض أجوبته بعد كَلَام سبق مَعَ أَن أصل الإستواء على الْعَرْش ثَابت بِالْكتاب وَالسّنة وإتفاق سلف الْأمة وأئمة السّنة بل هُوَ ثَابت فِي كل كتاب أنزل على كل نَبِي أرسل فَهَذَا إِجْمَاع الرُّسُل الَّذِي نقل شيخ الْإِسْلَام رَحمَه الله تَعَالَى
قَالَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى
…
هَذَا ونقطع نَحن أَيْضا أَنه
…
إِجْمَاعهم قطعا على الْبُرْهَان
وكذاك نقطع أَنهم جاؤوا بِإِثْبَات الصِّفَات لخالق الأكوان
…
وكذاك نقطع أَنهم جاؤوا بِإِثْبَات الْكَلَام لربنا الرَّحْمَن
وكذاك نقطع أَنهم جاؤوا بِإِثْبَات الْمعَاد لهَذِهِ الْأَبدَان
…
وكذاك نقطع أَنهم جاؤوا بتوحيد الْإِلَه وَمَاله من ثَان
وكذاك نقطع أَنهم جاؤوا بِإِثْبَات الْقَضَاء وَمَا لَهُم قون
…
فالرسل متفقون قطعا فِي أصُول الدّين دون شرائع الْإِيمَان
…
كل لَهُ شرع ومنهاج وَذَا
…
فِي الْأَمر لَا التَّوْحِيد فَافْهَم ذان
فالدين فِي التَّوْحِيد دين وَاحِد
…
لم يخْتَلف مِنْهُم عَلَيْهِ إثنان
دين الْإِلَه اخْتَارَهُ لِعِبَادِهِ
…
ولنفسه هُوَ قيم الْأَدْيَان
فَمن الْمحَال بِأَن يكون لرسله
…
فِي وَصفه خبران مُخْتَلِفَانِ
…
شرع النَّاظِم رحمه الله فِي ذكر أَشْيَاء مِمَّا يقطع بِأَنَّهَا دين الرُّسُل عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام وَذَلِكَ كعلو الله تَعَالَى على خلقه وَإِثْبَات صِفَاته تَعَالَى وَكَلَامه وَإِثْبَات معاد الْأَبدَان والتوحيد وَإِثْبَات الْقَضَاء وَالْقدر وَذَلِكَ مِمَّا يقطع بِهِ ضَرُورَة ثمَّ قَالَ فالرسل متفقون قطعا فِي أصُول الدّين وَذَلِكَ بِغَيْر شكّ وَأما شرائعهم فمختلفة كَمَا قَالَ تَعَالَى {لكل جعلنَا مِنْكُم شرعة ومنهاجا} الْمَائِدَة 48
قَالَ ابْن كثير قَالَ ابْن ابي حَاتِم وسَاق السَّنَد إِلَى ابْن عَبَّاس {لكل جعلنَا مِنْكُم شرعة} قَالَ سَبِيلا وسَاق أَيْضا عَن ابْن عَبَّاس (منهاجا) قَالَ وَسنة وَكَذَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس (شرعة ومنهاجا) أَي سَبِيلا وَسنة وَكَذَا رُوِيَ عَن مُجَاهِد وَعِكْرِمَة وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَقَتَادَة وَالضَّحَّاك والس دي وَأبي إِسْحَاق السبيعِي أَنهم قَالُوا فِي قَوْله (شرعة ومنهاجا) أَي سَبِيلا وَسنة وَعَن ابْن عَبَّاس أَيْضا وَمُجاهد وَعَطَاء الْخُرَاسَانِي عَكسه أَي سنة وسبيلا وَالْأول أنسب فَإِن الشرعة هِيَ مَا يبتدأ فِيهِ إِلَى الشيئ وَمِنْه يُقَال شرع فِي كَذَا أَي أبتدأ فِيهِ وَكَذَا الشَّرِيعَة وَهِي مَا يشرع فِيهَا المَاء أما الْمِنْهَاج فَهُوَ الطَّرِيق الْوَاضِح السهل وَالسّنَن الطرائق فتفسير قَوْله (شَرّ
.. تِلْكَ الْأُصُول للإعتزال وَكم لَهَا
…
فرع فَمِنْهُ الْخلق لِلْقُرْآنِ
وجحود أَوْصَاف الْإِلَه ونفيهم
…
لعلوه والفوق للرحمن
…
وكذاك نفيهم لرؤيتنا لَهُ
يَوْم اللِّقَاء كَمَا يرى القمران
…
وَنَفَوْا قَضَاء الرب وَالْقدر الَّذِي
سبق الْكتاب بِهِ هما حتمان
…
من أجل هاتيك الْأُصُول وخلدوا
أهل الْكَبَائِر فِي لظى النيرَان
…
ولأجلها نفوا الشَّفَاعَة فيهم
ورموا رُوَاة حَدِيثهَا بطعان
…
ولأجلها قَالُوا بِأَن الله لم
يقدر على إصْلَاح ذِي الْعِصْيَان
…
ولأجلها قَالُوا بِأَن الله لم
يقدر على إِيمَان ذِي الكفران
…
ولأجلها حكمُوا على الرَّحْمَن بِالشَّرْعِ الْمحَال شَرِيعَة الْبُهْتَان
ولأجلها هم يوجبون رِعَايَة للأصلح الْمَوْجُود فِي الْإِمْكَان
…
حَقًا على رب الورى بعقولهم
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ ذَا السبحان
…
أَي نقطع أَن الرُّسُل دعوا لأصول الْإِيمَان الْخَمْسَة وَهِي الْإِيمَان بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَكتبه وَرُسُله وَالْيَوْم الآخر
وَقَوله
…
هذي أصُول الدّين حَقًا لَا الأصو
…
ل الْخمس للْقَاضِي هُوَ الهمذاني
…
أَي أَن هَذِه أصُول الدّين لَا الْأُصُول الْخَمْسَة للمعتزلة وَذَلِكَ أَن أصولهم خَمْسَة يسمونها التَّوْحِيد وَالْعدْل والمنزلة بَين المنزلتين وإنفاذ الْوَعيد وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر لَكِن معنى التَّوْحِيد عِنْدهم يتَضَمَّن نفي الصِّفَات وَلِهَذَا سمي ابْن التومرت أَصْحَابه الْمُوَحِّدين وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ
إلحاد فِي اسماء الله وآياته وَمعنى الْعدْل عِنْدهم يتَضَمَّن التَّكْذِيب بِالْقدرِ وَهُوَ خلق أَفعَال الْعباد وَإِرَادَة الكائنات أَو الْقُدْرَة على شيئ وَمِنْهُم من يُنكر تقدم الْعلم بِالْكتاب لَكِن هَذَا لَيْسَ قَول أئمتهم وَأما الْمنزلَة بَين المنزلتين فَهِيَ عِنْدهم أَن الْفَاسِق لَا يُسمى مُؤمنا بِوَجْه من الْوُجُوه كَمَا لَا يُسمى كَافِرًا فنزلوه منزلَة بَين منزلتين وإنفاذ الْوَعيد عِنْدهم مَعْنَاهُ أَن فساق الْملَّة مخلدون فِي الدَّار لَا يخرجُون مِنْهَا بشفاعة وَلَا غير ذَلِك كَمَا تَقوله الْخَوَارِج وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر يتَضَمَّن عِنْدهم جَوَاز الْخُرُوج على الْأَئِمَّة وقتالهم بِالسَّيْفِ
وَقَول النَّاظِم تِلْكَ الْأُصُول للإعتزال وَكم لَهَا فرع فَمِنْهُ الخ أَي أَن الْمُعْتَزلَة قَالُوا بِخلق الْقُرْآن وَنَفَوْا صِفَات الله تَعَالَى وعلوه على خلقه وَنَفَوْا رُؤْيَته تَعَالَى فِي الْآخِرَة وَنَفَوْا الْقَضَاء وَالْقدر والشفاعة فِي عصاة الْمُوَحِّدين وَقَالُوا بِأَن الله لَا يقدر على إصْلَاح العصاة وَلَا يقدر على إِيمَان الْكفَّار وأوجبوا على الله رِعَايَة الْأَصْلَح وَنَحْو ذَلِك
وَقَوله للْقَاضِي هُوَ الهمذاني أَي القَاضِي عبد الْجَبَّار بن احْمَد الهمذاني المعتزلي شَافِعِيّ الْفُرُوع معتزلي الْأُصُول وَهُوَ عبد الْجَبَّار بن أَحْمد بن عبد الْجَبَّار بن أَحْمد بن الْخَلِيل أَبُو الْحُسَيْن الهمذاني قَاضِي الرّيّ وأعمالها وَكَانَ شيخ الْمَذْهَب وَهُوَ مَعَ ذَلِك شيخ الإعتزال
قَالَ ابْن كثير فِي (تَارِيخه (وَمن أجل مصنفاته واعظمها كتاب (دَلَائِل النُّبُوَّة (فِي مجلدين ابان فِيهِ عَن علم وبصيرة جَيِّدَة وَقد طَال عمره ورحل النَّاس إِلَيْهِ من الأقطار واستفادوا بِهِ مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة 415 خمس عشرَة وَأَرْبَعمِائَة