الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي مَال الْخمس والفيء هُوَ مَال الله وَرَسُوله وَمن هَذَا الْوَجْه فَعبَّاد الله هم الَّذين عبدوه أوطاعوا أمره فَهَذِهِ اضافة تَتَضَمَّن ألوهيته وشرعه وَدينه وَتلك اضافة تَتَضَمَّن ربوبيته وخلقه انْتهى مُلَخصا
قَالَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى
فصل
…
واتى ابْن حزم بعد ذَاك فَقَالَ مَا
…
للنَّاس قُرْآن وَلَا إثنان
بل أَربع كل يُسمى بالقرآ
…
ن وَذَاكَ قَول بَين الْبطلَان
هَذَا الَّذِي يُتْلَى وَآخر ثَابت
…
فِي الرَّسْم يدعى الْمُصحف العثماني
وَالثَّالِث الْمَحْفُوظ بَين صدورنا
…
هذي الثَّلَاث خَلِيقَة الرَّحْمَن
وَالرَّابِع الْمَعْنى الْقَدِيم كعلمه
…
كل يعبر عَنهُ بِالْقُرْآنِ
وَأَظنهُ قد رام شَيْئا لم يجد
…
عَنهُ عبارَة نَاطِق بِبَيَان
إِن الْمعِين ذُو مَرَاتِب أَربع
…
عقلت فَلَا تخفى على إِنْسَان
فِي الْعين ثمَّ الذِّهْن ثمَّ اللَّفْظ ثمَّ
…
الرَّسْم حِين تخطه ببنان
وعَلى الْجَمِيع الِاسْم يُطلق لَكِن ال
…
أولى بِهِ الْمَوْجُود فِي الاعيان
بِخِلَاف قَول ابْن الْخَطِيب فانه
…
قد قَالَ ان الْوَضع للاذهان
فالشيء شَيْء وَاحِد لَا أَربع
…
فدهى ابْن حزم قلَّة الْعرْفَان
…
ابْن حزم هُوَ الامام أَبُو مُحَمَّد عَليّ بن أَحْمد بن سعيد بن حزم الْقُرْطُبِيّ الظَّاهِرِيّ الْمَشْهُور عَالم الاندلس صَاحب المصنفات الْمَشْهُورَة ك (الْملَل والنحل (و (الْمحلى شرح المجلى (وَكتاب (الاجماع (وَكتاب (الايصال (وَغير ذَلِك وشهرته تغني عَن الاطناب فِي ذكره والاسهاب فِي أمره وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي (تذكرة الْحَافِظ (ولد رَحمَه الله تَعَالَى بقرطبة سنة 384 أَربع وَثَمَانِينَ وثلاثمائة وَسمع من أبي عمر أَحْمد بن الحسور ويحي بن مَسْعُود ويوسف بن عبد الله القَاضِي وحمام بن أَحْمد القَاضِي وَعبد الله ابْن ربيع التَّمِيمِي وَأبي عمر الطلمنكي وَخلق روى عَنهُ ابوعبد الله الْحميدِي فَأكْثر وَابْنه ابو رَافع الْفضل وَطَائِفَة وَكَانَ أليه الْمُنْتَهى فِي الذكاء وَالْحِفْظ وسعة الدائرة فِي الْعُلُوم وَكَانَ شافعيا ثمَّ انْتقل الى القَوْل بِالظَّاهِرِ وَنفى القَوْل بِالْقِيَاسِ وَتمسك بِالْعُمُومِ والبراءة الاصلية وَكَانَ صَاحب فنون فِيهِ دين وتورع وتزهد وتحر للصدق وَكَانَ أَبوهُ وزيرا جَلِيلًا محتشما كَبِير الشَّأْن وَكَانَ لابي مُحَمَّد كتب عَظِيمَة لَا سِيمَا كتب الحَدِيث وَالْفِقْه وَقد صنف كتابا كَبِيرا فِي فقه الحَدِيث سَمَّاهُ (الايصال الى فهم كتاب الْخِصَال الجامعة لجمل شرائع الاسلام والحلال وَالْحرَام (اورد فِيهِ أَقْوَال الصَّحَابَة فَمن بعدهمْ وَالْحجّة لكل قَول وَله كتاب (الاحكام لاصول الاحكام (مجلدان وَكتاب (المجلى (فِي الْفِقْه على مذْهبه واجتهاده مُجَلد وَشَرحه وَهُوَ (الْمحلى فِي ثَمَانِي مجلدات وَكتاب (الْفَصْل فِي الْملَل والنحل (ثَلَاث مجلدات وَكتاب (إِظْهَار تَبْدِيل الْيَهُود
وَالنَّصَارَى للكتابين التَّوْرَاة والانجيل (وَكتاب (التَّقْرِيب لحد الْمنطق (والمدخل اليه بِأَلْفَاظ أهل الْعلم لَا بِأَلْفَاظ أهل الفلسفة وَمثله بالامثلة الْفِقْهِيَّة أَخذ الْمنطق عَن مُحَمَّد بن الْمذْحِجِي وأمعن فِيهِ فَبَقيَ فِيهِ قسط من نحلة الْحُكَمَاء
قَالَ أَبُو حَامِد الْغَزالِيّ وجدت فِي اسماء الله تَعَالَى كتابا أَلفه أَبُو مُحَمَّد بن حزم يدل على عظم حفظه وسيلان ذهنه
وَقَالَ صاعد بن أَحْمد كَانَ ابْن حزم أجمع أهل الاندلس قاطبة لعلوم الاسلام وأوسعهم معرفَة مَعَ توسعه فِي علم اللِّسَان ووفور حَظه من البلاغه وَالشعر ومعرفته بالسنن والْآثَار اخبرني وَلَده الْفضل أَنه اجْتمع عِنْده بِخَط أَبِيه أبي مُحَمَّد من تآليفه أَرْبَعمِائَة مُجَلد يحتوي على نَحْو من ثَمَانِينَ الف ورقة
قَالَ الْحميدِي كَانَ أَبُو مُحَمَّد حَافِظًا للْحَدِيث وفقهه مستنبطا للاحكام من الْكتاب وَالسّنة متقنا فِي عُلُوم جمة عَاملا بِعِلْمِهِ مَا رَأينَا مثله فِيمَا اجْتمع لَهُ من الذكاء وَسُرْعَة الْحِفْظ وكرم النَّفس والتدين وَكَانَ لَهُ فِي الادب وَالشعر نفس وَاسع وَبَاعَ طَوِيل مَا رَأَيْت من يَقُول الشّعْر على البديهة أسْرع مِنْهُ وشعره كثير جمعه على حُرُوف المعجم
قَالَ ابو مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد المغربي صَحِبت ابْن حزم سَبْعَة أَعْوَام وَسمعت مِنْهُ جَمِيع مصنفاته سوى المجلد الاخير من كتاب (الْفَصْل (وقرأنا عَلَيْهِ من كتاب (الايصال (سبع مجلدات فِي سنة سِتّ وَخمسين وَهُوَ اربعة وَعِشْرُونَ مجلدا وَمن تآليفه كتاب (الصادع (فِي الرَّد على من قَالَ بالتقليد وَكتاب (شرح أَحَادِيث الْمُوَطَّأ (وَكتاب (الْجَامِع (فس صَحِيح الحَدِيث بِاخْتِصَار الاسانيد وَكتاب (منتقى الاجماع (وَكتاب
(كشف الالتباب لما بَين الظَّاهِرِيَّة وَأَصْحَاب الْقيَاس (وَله (السِّيرَة النَّبَوِيَّة (فِي مُجَلد وتصانيفه كَثِيرَة
قَالَ أَبُو مَرْوَان بن حَيَّان كَانَ ابْن حزم حَامِل فنون من حَدِيث وَفقه وجدل وَنسب وَمَا يتَعَلَّق بأذيال الادب مَعَ الْمُشَاركَة فِي أَنْوَاع التعاليم الْقَدِيمَة من الْمنطق والفلسفة وَله كتب كَثِيرَة لم يخل فِيهَا من غلط لجراءته فِي التسور على الْفُنُون لاسيما الْمنطق فَإِنَّهُم زَعَمُوا انه زل هُنَالك وضل فِي سلوك المسالك وَخَالف أرسطو وَاضعه مُخَالفَة من لم يفهم غَرَضه وَلَا ارتاض وَمَال اولا فِي النّظر الى الشَّافِعِي وناضل عَنهُ حَتَّى وسم بِهِ فاستهدف بذلك لكثير من الْفُقَهَاء وعيب بالشذوذ ثمَّ عدل عَن ذَلِك الى الظَّاهِر فنقحه وجادل عَنهُ وَلم يكن يلطف صدعه بِمَا عِنْده بتعريض وَلَا بتدريج بل يصك بِهِ معارضه صك الجندل وينشقه انْشِقَاق الْخَرْدَل فتنفر عَنهُ الْقُلُوب وَتَقَع بِهِ الندوب حَتَّى استهدف الى فُقَهَاء وقته فتمالؤوا عَلَيْهِ وَأَجْمعُوا على تضليله وشنعوا عَلَيْهِ وحذروا سلاطينهم من فتنته ونهوا عوامهم عَن الدنو مِنْهُ فَطَفِقَ الْمُلُوك يقصدونه ويسيرونه عَن بِلَادهمْ الى ان انْتَهوا بِهِ مُنْقَطع أَثَره وَهِي بَلْدَة من بادية لبلة وَهُوَ فِي ذَلِك غير مرتدع وَلَا رَاجع الى آخر كَلَام لابي حَيَّان تركته اختصارا انْتهى توفّي 456 سنة سِتَّة وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة وَله اثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ سنة رَحمَه الله تَعَالَى وَقَوله فِي الْقُرْآن قَول مهجور لَا نعلم قَائِلا بِهِ وَهُوَ من جملَة مجازفته وتهوره رحمه الله وَلَكِن النَّاظِم لما ذكر جَمِيع مَا قَالَه النَّاس فِي الْقُرْآن الْعَظِيم ذكر هَذَا القَوْل لِأَنَّهُ من جملَة الْأَقْوَال الَّتِي قيلت وَإِلَّا فَشَيْخ الْإِسْلَام رَحمَه الله تَعَالَى قد ذكر فِي الْمَسْأَلَة المصرية أَقْوَال النَّاس فِي الْقُرْآن فبلغت
سَبْعَة أَقْوَال أَو ثَمَانِيَة وَلم يذكر قَول ابْن حزم هَذَا وَحَيْثُ ذكره النَّاظِم فَلَا بُد من بَيَان مَعْنَاهُ فَقَوله بل أَربع كل يُسمى بِالْقُرْآنِ هَذَا الَّذِي يُتْلَى وَالثَّانِي الْمَكْتُوب فِي الْمَصَاحِف وَالثَّالِث الْمَحْفُوظ فِي الصُّدُور وَالْمرَاد بالرسم الْخط وَقَوله هَذِه الثَّلَاث خَلِيقَة الرَّحْمَن وَهَذَا القَوْل من أبطل الاقوال الَّتِي قيلت فِي الْقُرْآن وَلذَلِك قَالَ النَّاظِم وَذَاكَ قَول بَين الْبطلَان
قَوْله وَالرَّابِع الْمَعْنى الْقَدِيم الخ كَأَنَّهُ وَالله أعلم وَافق الاشاعرة والكلابية فِي إِثْبَات الْمَعْنى النَّفْسِيّ وَقد تقدم القَوْل فِي الْمَعْنى النَّفْسِيّ بِمَا أغْنى عَن الاعادة
وَقَول النَّاظِم وَأَظنهُ قد رام شَيْئا لم يجد الى قَوْله ان الْمعِين ذُو مَرَاتِب أَربع الخ أَي ان الْمعِين كزيد مثلا لَهُ أَربع وجودات وجود خارجي وَوُجُود ذهني وَوُجُود لَفْظِي أَي فِي اللَّفْظ اذا تلفظت بِلَفْظ زيد وَوُجُود رسمي أَي خطي فَهَذِهِ الوجودات الاربعة وَهِي الَّتِي ذكرهَا الله تَعَالَى فِي قَوْله {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق خلق الْإِنْسَان من علق اقْرَأ وَرَبك الأكرم الَّذِي علم بالقلم} الْقَلَم 1 4 فَذكر الْمَرَاتِب الاربعة وَهِي الْوُجُود الْعَيْنِيّ الْخَارِجِي الَّذِي هُوَ خلقه وَذكر الْوُجُود الرسمي المطابق للفظي الدَّال على العلمي فمذهب ابْن حزم أَن الْقُرْآن فِي الْمَرَاتِب الثَّلَاثَة مَخْلُوق وَهِي وجوده الْعَيْنِيّ واللفظي والرسمي وَلَكِن الاولى بِالتَّسْمِيَةِ بِالْقُرْآنِ وَهُوَ وجوده الْعَيْنِيّ بَقِي عِنْده الْمَعْنى الْقَدِيم فَهُوَ غير مَخْلُوق كَالْعلمِ
وَقَول النَّاظِم بِخِلَاف قَول ابْن الْخَطِيب الخ أَي أَن قَول ابْن
الْخَطِيب أَي الْفَخر الرَّازِيّ قَالَ ان الْكَلَام مَوْضُوع لما فِي الذِّهْن وهوالمعنى النَّفْسِيّ على مَا هُوَ مَعْرُوف من مَذْهَب الاشاعرة وَإنَّهُ معنى وَاحِد وَالله أعلم
قَالَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى
…
وَالله أخبر أَنه سُبْحَانَهُ
…
مُتَكَلم بِالْوَحْي وَالْفرْقَان
وكذاك أخبرنَا بِأَن كَلَامه
…
بصدور أهل الْعلم والايمان
وكذاك أخبر أَنه الْمَكْتُوب فِي
…
صحف المطهرة من الرَّحْمَن
وكذاك أخبر أَنه المتلو وَال
…
مقروء عِنْد تِلَاوَة الانسان
وَالْكل شَيْء وَاحِد لَا انه
…
هُوَ أَربع وَثَلَاثَة وَاثْنَانِ
وتلاوة الْقُرْآن أَفعَال لنا
…
وَكَذَا الْكِتَابَة فَهِيَ خطّ بنان
لكنما المتلو والمكتوب وَال
…
مَحْفُوظ قَول الْوَاحِد المنان
وَالْعَبْد يَقْرَؤُهُ بِصَوْت طيب
…
وبضده فهما لَهُ صوتان
وكذاك يَكْتُبهُ بِخَط جيد
…
وبضده فهما لَهُ خطان
أصواتنا ومدادنا وأداتنا
…
وَالرّق ثمَّ كِتَابَة الْقُرْآن
وَلَقَد أَتَى فِي نظمه من قَالَ قو
…
ل الْحق فِيهِ وَهُوَ غير جبان
ان الَّذِي هُوَ فِي الْمَصَاحِف مُثبت
…
بأنامل الاشياخ والشبان
هُوَ قَول رَبِّي آيه وحروفه
…
ومدادنا وَالرّق مخلوقان
…
.. فشفى وَفرق بَين متلو
…
ومصنوع وَذَاكَ حَقِيقَة الْعرْفَان
الْكل مَخْلُوق وَلَيْسَ كَلَامه المتلو
…
مخلوقا هما شَيْئَانِ
فَعَلَيْك بالتفصيل والتمييز فال
…
إِطْلَاق والاجمال دون بَيَان
قد أفسدا هَذَا الْوُجُود وخبطا
…
الاذهان والآراء كل زمَان
وتلاوة الْقُرْآن فِي تَعْرِيفهَا
…
بِاللَّامِ قد يعْنى بهَا شَيْئَانِ
يعْنى بهَا المتلو فَهُوَ كَلَامه
…
هُوَ غير مَخْلُوق كذي الاكوان
وَيُرَاد افعال الْعباد كصوتهم
…
وأدائهم وَكِلَاهُمَا خلقان
هَذَا الَّذِي نصت عَلَيْهِ أَئِمَّة ال
…
إِسْلَام اهل الْعلم والعرفان
وَهُوَ الَّذِي قصد البُخَارِيّ الرضى
…
لَكِن تقاصر قَاصِر الاذهان
عَن فهمه كتقاصر الافهام عَن
…
قَول الامام الاعظم الشَّيْبَانِيّ
فِي اللَّفْظ لما أَن نفى الضدين عَنهُ
…
واهتدى للنَّفْي ذُو عرفان
فاللفظ يصلح مصدرا هُوَ فعلنَا
…
كتلفظ بِتِلَاوَة الْقُرْآن
وَكَذَلِكَ يصلح نفس ملفوظ بِهِ
…
وَهُوَ الْقُرْآن فذان محتملان
فلذاك انكر أَحْمد الاطلاق فِي
…
نفي وَإِثْبَات بِلَا فرقان
…
شرع النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى فِي بَيَان الْقِرَاءَة والمقروء والتلاوة والمتلو وَا لكتابة والمكتوب وَالْمَحْفُوظ وَاللَّفْظ والملفوظ
وَأَطْنَبَ فِي ذَلِك لِكَثْرَة مَا وَقع فِي ذَلِك من التخبيط والتخليط فَقَالَ وَالله أخبر أَنه سُبْحَانَهُ مُتَكَلم الخ كَمَا قَالَ تَعَالَى {حَتَّى يسمع كَلَام الله} التَّوْبَة 6 وَقَالَ تَعَالَى {بل هُوَ آيَات بَيِّنَات فِي صُدُور الَّذين أُوتُوا الْعلم} العنكبوت 49 وَقَالَ تَعَالَى {فِي صحف مكرمَة مَرْفُوعَة مطهرة} عبس 13 14 وَقَالَ {فَإِذا قرأناه فَاتبع قرآنه} الْقِيَامَة 18 ثمَّ قَالَ وَالْكل شَيْء وَاحِد لانه هُوَ أَربع وَثَلَاثَة وَاثْنَانِ ثمَّ قَالَ
…
وتلاوة الْقُرْآن أَفعَال لنا
…
وَكَذَا الْكِتَابَة فَهِيَ خطّ بنان
…
قَالَ شيخ الاسلام بعد كَلَام سبق وَكَانَ أهل الحَدِيث قد افْتَرَقُوا فِي ذَلِك أَي فِي مَسْأَلَة اللَّفْظ فِي الْقُرْآن فَصَارَ طَائِفَة مِنْهُم يَقُولُونَ لفظنا بِالْقُرْآنِ غير مَخْلُوق ومرادهم أَن الْقُرْآن المسموع غير مَخْلُوق وَلَيْسَ مُرَادهم صَوت العَبْد كَمَا يذكر ذَلِك عَن أبي حَاتِم الرَّازِيّ وَمُحَمّد بن دَاوُد المصِّيصِي وَطَوَائِف غير هَؤُلَاءِ وَفِي أَتبَاع هَؤُلَاءِ من قد يدْخل صَوت العَبْد أَو فعله فِي ذَلِك أَو يقف فِيهِ ففهم ذَلِك بعض الائمة فَصَارَ يَقُول أَفعَال الْعباد (و) أَصْوَاتهم مخلوقة ردا لهَؤُلَاء كَمَا فعل البُخَارِيّ وَمُحَمّد بن نصر الْمروزِي وَغَيرهمَا من أهل الْعلم وَالسّنة وَصَارَ يحصل بِسَبَب كَثْرَة الْخَوْض فِي ذَلِك الفاظ مُشْتَركَة وَأَهْوَاء للنفوس حصل بِسَبَب ذَلِك نوع من الْفرْقَة والفتنة وَحصل بَين البُخَارِيّ وَبَين مُحَمَّد بن يحيى الذهلي فِي ذَلِك مَا هُوَ مَعْرُوف وَصَارَ قوم مَعَ البُخَارِيّ كمسلم بن الْحجَّاج وَنَحْوه وَقوم عَلَيْهِ كَأبي زرْعَة وَأبي حَاتِم وَنَحْوهمَا وكلا هَؤُلَاءِ من أهل الْعلم وَالسّنة والْحَدِيث وهم من أَصْحَاب أَحْمد بن حَنْبَل وَلِهَذَا قَالَ ابْن قُتَيْبَة إِن أهل السّنة لم يَخْتَلِفُوا فِي شَيْء من أقواهم إِلَّا فِي مَسْأَلَة اللَّفْظ وَصَارَ قوم يطلقون القَوْل بِأَن التِّلَاوَة هِيَ المتلو وَالْقِرَاءَة هِيَ المقروء وَلَيْسَ
مُرَادهم بالتلاوة الْمصدر فَالَّذِينَ قَالُوا التِّلَاوَة هِيَ المتلو من أهل الْعلم وَالسّنة قصدُوا بذلك أَن التِّلَاوَة هِيَ القَوْل وَالْكَلَام المقترن بالحركة وَهِي الْكَلَام المتلو وَآخَرُونَ قَالُوا بل التِّلَاوَة غير المتلو وَالْقِرَاءَة غير المقروء وَالَّذين قَالُوا ذَلِك من أهل السّنة والْحَدِيث أَرَادو بذلك أَن أَفعَال الْعباد لَيست هِيَ كَلَام الله وَلَا أصوات الْعباد هِيَ صَوت الله وَهَذَا الَّذِي قَصده البُخَارِيّ وَهُوَ مَقْصُود صَحِيح انْتهى كَلَامه مُلَخصا من كتاب (الْعقل وَالنَّقْل (
وَقَالَ الْحَافِظ الذَّهَبِيّ فِي كتاب (الْعُلُوّ (قَالَ عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الْحَافِظ حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن الْفضل الصَّيْدَاوِيُّ سَمِعت اسحق بن دَاوُد الشعراني يذكر أَنه عرض على مُحَمَّد بن أسلم الطوسي كَلَام بعض من تكلم فِي الْقُرْآن فَقَالَ مُحَمَّد الْقُرْآن كَلَام الله غير مَخْلُوق أَيْن ماتلي وَحَيْثُ ماكتب لَا يتَغَيَّر وَلَا يتَحَوَّل وَلَا يتبدل قَالَ الذَّهَبِيّ صدق وَالله فانك تنقل من الْمُصحف مائَة مصحف وَذَاكَ الاول لايتحول فِي نَفسه وَلَا يتَغَيَّر وتلقن الْقُرْآن ألف نفس وَمَا فِي نَفسك بَاقٍ بهيئته لَا يفصل عَنْك وَلَا يتَغَيَّر وَذَلِكَ لِأَن الْمَكْتُوب وَاحِد وَالْكِتَابَة تعدّدت وَالَّذِي فِي صدرك وَاحِد وَمَا فِي صُدُور المقرئين هُوَ عين مَا فِي صدرك سَوَاء والمتلو وان تعدد التالون بِهِ وَاحِد مَعَ كَونه سور وآيات وأجزاء مُتعَدِّدَة وَهُوَ كَلَام الله ووحيه وتنزيله وإنشاؤه لَيْسَ هُوَ بكلامنا أصلا نعم وتكلمنا بِهِ وتلاوتنا لَهُ ونطقنا بِهِ من أفعالنا وَكَذَلِكَ كتابتنا لَهُ وأصواتنا بِهِ من أَعمالنَا قَالَ الله عز وجل {وَالله خَلقكُم وَمَا تَعْمَلُونَ} الصافات 96 فالقرآن المتلو مَعَ قطع النّظر عَن أَعمالنَا كَلَام الله لَيْسَ بمخلوق وَهَذَا إِنَّمَا يحصله الذِّهْن وَأما فِي الْخَارِج فَلَا يَتَأَتَّى وجود الْقُرْآن إِلَّا من تال وَفِي مصحف فَإِذا سَمعه الْمُؤْمِنُونَ فِي الْآخِرَة من
رب الْعَالمين فالتلاوة اذا ذَاك والمتلو ليسَا بمخلوقين وَلِهَذَا يَقُول الامام أَحْمد من قَالَ لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوق يُرِيد بِهِ الْقُرْآن فَهُوَ جهمي فَتَأمل هَذَا فَالْمَسْأَلَة صعبة وَمَا فصلته فِيهَا وَإِن كَانَ حَقًا فَأَحْمَد رَحمَه الله تَعَالَى وعلماء السّلف لم يأذنوا فِي التَّعْبِير عَن ذَلِك وفروا عَن الْجَهْمِية وَمن الْكَلَام بِكُل مُمكن حَتَّى إِن حَرْب بن اسماعيل قَالَ سَمِعت ابْن رَاهَوَيْه وَسُئِلَ عَن الرجل يَقُول الْقُرْآن لَيْسَ بمخلوق وقراءتي إِيَّاه مخلوقة لِأَنِّي أحكيه فَقَالَ هَذَا بِدعَة لَا يقار على هَذَا حَتَّى يدع قَوْله
قلت أَظن اسحق نفر من قَوْله لاني أحكيه بِحَيْثُ أَن الْحَافِظ الثبت عبد الله بن الامام أَحْمد رضي الله عنه قَالَ سَأَلت أبي فِي رجل قَالَ التِّلَاوَة مخلوقة وألفاظنا بِالْقُرْآنِ مخلوقة وَالْقُرْآن كَلَام الله لَيْسَ بمخلوق قَالَ هَذَا كَلَام الْجَهْمِية قَالَ الله تَعَالَى {وَإِن أحد من الْمُشْركين استجارك فَأَجره حَتَّى يسمع كَلَام الله} التَّوْبَة 6 وَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم (حَتَّى أبلغ كَلَام رَبِّي (وَقَالَ (إِن هَذِه الصَّلَاة لَا يصلح فِيهَا شَيْء من كَلَام النَّاس (
وَكَانَ أبي يكره أَن يتَكَلَّم فِي اللَّفْظ بِشَيْء اَوْ يُقَال مَخْلُوق أوغير مَخْلُوق
قلت فعل الامام أَحْمد رضي الله عنه هَذَا حسما للمادة والا فالملفوظ كَلَام الله والتلفظ بِهِ فَمن كسبنا انْتهى كَلَام الذَّهَبِيّ وَقَول النَّاظِم وَهُوَ الَّذِي قصد البُخَارِيّ الرضى الى آخِره يَعْنِي ان الامام أَحْمد قَالَ فِيمَا نقل عَنهُ نقلا مستفيضا أَنه قَالَ من قَالَ لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوق فَهُوَ جهمي وَمن قَالَ غير مَخْلُوق فَهُوَ مُبْتَدع
قَالَ النَّاظِم فِي كتاب (الصَّوَاعِق الْمُرْسلَة (فان قيل فاذا كَانَ الامر كَمَا قررتم فَكيف أنكر الامام احْمَد على من قَالَ لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوق وبدعة وَنسبه الى التجهم وَهل كَانَت محنة أبي عبد الله البُخَارِيّ الا على ذَلِك حَتَّى هجره أهل الحَدِيث ونسبوه الى القَوْل بِخلق الْقُرْآن قيل معَاذ الله أَن يظنّ بأئمة الاسلام هَذَا الظَّن الْفَاسِد فقد صرح البُخَارِيّ فِي كِتَابه (خلق أَفعَال الْعباد (وَفِي آخر (الْجَامِع (بِأَن الْقُرْآن كَلَام الله غير مَخْلُوق وَقَالَ حَدثنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ أدْركْت مشيختنا مُنْذُ سبعين سنة مِنْهُم عَمْرو بن دِينَار يَقُولُونَ الْقُرْآن كَلَام الله غير مَخْلُوق الى أَن قَالَ فَالْبُخَارِي أعلم بِهَذِهِ الْمَسْأَلَة وَأولى بِالصَّوَابِ فِيهَا من جَمِيع من خَالفه وَكَلَامه أوضح وأمتن من كَلَام أبي عبد الله فان الامام احْمَد سد الذريعة حَيْثُ منع اطلاق لفظ الْمَخْلُوق نفيا وإثباتا على اللَّفْظ وَهَذَا الْمَنْع فِي النَّفْي والاثبات من كَمَال علمه باللغة وَالسّنة وتحقيقه لهَذَا الْبَاب فَإِنَّهُ امتحن بِمَا لم يمْتَحن بِهِ غَيره وَصَارَ كَلَامه قدوة وإماما لحزب الرَّسُول صلى الله عليه وسلم الى يَوْم الْقِيَامَة وَالَّذِي قَصده حمد ن اللَّفْظ يُرَاد بِهِ أَمْرَانِ أَحدهمَا
الملفوظ نَفسه وَهُوَ غير مَقْدُور للْعَبد وَلَا فعل لَهُ وَالثَّانِي التَّلَفُّظ بِهِ والادالة وَفعل العَبْد فاطلاق الْخلق على اللَّفْظ قد يُوهم الْمَعْنى الاول وَهُوَ خطأ واطلاق نفي الْخلق عَلَيْهِ قد يُوهم الْمَعْنى الثَّانِي وَهُوَ خطأ فَمنع الاطلاقين وَأَبُو عبد الله البُخَارِيّ ميز وَفصل وَأَشْبع الْكَلَام فِي ذَلِك وَفرق بَين مَا قَامَ بالرب وَبَين مَا قَامَ بِالْعَبدِ وأوقع الْمَخْلُوق على تلفظ الْعباد وأصواتهم وحركاتهم وأكسابهم وَنفى اسْم الْخلق عَن الملفوظ وَهُوَ الْقُرْآن الَّذِي سَمعه جِبْرِيل من الله تَعَالَى وسَمعه مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم من جِبْرِيل وَقد شفى فِي هَذِه الْمَسْأَلَة فِي كتاب (خلق أَفعَال الْعباد (وأتى فِيهَا من الْفرْقَان وَالْبَيَان بِمَا يزِيل الشُّبْهَة ويوضح الْحق وَيبين مَحَله من الامامة وَالدّين ورد على الطَّائِفَتَيْنِ أحسن الرَّد وَقَالَ أَبُو عبد الله البُخَارِيّ فَأَما مَا احْتج بِهِ الْفَرِيقَانِ لمَذْهَب احْمَد ويدعيه كل لنَفسِهِ فَلَيْسَ بِثَابِت كثير من اخبارهم وَرُبمَا لم يفهموا دقة مذْهبه بل الْمَعْرُوف عَن احْمَد وَأهل الْعلم ان كَلَام الله تَعَالَى غير مَخْلُوق وَمَا سواهُ فَهُوَ مَخْلُوق وانهم كَرهُوا الْبَحْث والتفتيش عَن الاشياء الغامضة و (كَانَ) يجْتَنب اهل الْكَلَام والخوض والتنازع الا فِيمَا جَاءَ بِهِ الْعلم وَبَينه النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَالْفَرِيقَانِ اللَّذين عناهما البُخَارِيّ وتصدى للرَّدّ عَلَيْهِمَا وابطال قَوْلهمَا ثمَّ أخبر البُخَارِيّ ان كل وَاحِدَة من الطَّائِفَتَيْنِ الزائغتين تحتج بِأَحْمَد وتزعم ان قَوْلهَا قَوْله وَهُوَ كَمَا قَالَ رحمه الله فَإِن اولئك اللفظية يَزْعمُونَ أَنه كَانَ يَقُول لَفْظِي بِالْقُرْآنِ غير مَخْلُوق وَأَنه على ذَلِك اسْتَقر أمره وَهَذَا قَول من يَقُول التِّلَاوَة هِيَ المتلو وَالْقِرَاءَة هِيَ المقروء وَالْكِتَابَة هِيَ الْمَكْتُوب والطائفة الثَّانِيَة الَّذين يَقُولُونَ التِّلَاوَة وَالْقِرَاءَة مخلوقة وَيَقُولُونَ ألفاظنا بِالْقُرْآنِ مخلوقة ومرادهم بالتلاوة وَالْقِرَاءَة نفس أَلْفَاظ الْقُرْآن الْعَرَبِيّ الَّذِي
سمع من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم والمتلو والمقروء عِنْدهم هُوَ الْمَعْنى الْقَائِم بِالنَّفسِ وَهُوَ غير مَخْلُوق وَهُوَ اسْم لِلْقُرْآنِ فاذا قَالُوا الْقُرْآن غير مَخْلُوق أَرَادوا بِهِ ذَلِك الْمَعْنى وَهُوَ المتلو والمقروء واما المقروء والمسموع الْمُثبت فِي الْمَصَاحِف فَهُوَ عبارَة عَنهُ وَهُوَ مَخْلُوق وَهَؤُلَاء يَقُولُونَ التِّلَاوَة غير المتلو وَالْقِرَاءَة غير المقروء وَالْكِتَابَة غير الْمَكْتُوب وَهِي مخلوقة والمتلو المقروء غير مَخْلُوق وَهُوَ غير مسموع فانه لَيْسَ بحروف وَلَا أصوات وَالْفَرِيقَانِ مَعَ كل مِنْهُمَا حق وباطل
فَنَقُول وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق اما الْفَرِيق الاول فَأَصَابُوا فِي قَوْلهم إِن الله تَعَالَى تكلم بِهَذَا الْقُرْآن على الْحَقِيقَة حُرُوفه ومعانيه تكلم بِهِ بِصَوْتِهِ وأسمعه من شَاءَ من مَلَائكَته وَلَيْسَ هَذَا الْقُرْآن الْعَرَبِيّ مخلوقا من جملَة الْمَخْلُوقَات وأخطؤوا فِي قَوْلهم إِن هَذَا الصَّوْت المسموع من القارىء هُوَ الصَّوْت الْقَائِم بِذَات الرب تَعَالَى وانه غير مَخْلُوق وان تلاوتهم قراءتهم وَأَلْفَاظهمْ الْقَائِمَة بهم غير مخلوقة فَهَذَا غلو فِي الاثبات يجمع بَين الْحق وَالْبَاطِل وَأما الْفَرِيق الثَّانِي فَأَصَابُوا فِي قَوْلهم إِن أصوات الْعباد وتلاوتهم وقراءتهم وَمَا قَامَ بهم من أفعالهم وتلفظهم بِالْقُرْآنِ وكتابتهم لَهُ مَخْلُوق وأخطؤوا فِي قَوْلهم إِن هَذَا الْقُرْآن الْعَرَبِيّ الَّذِي بلغه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن الله مَخْلُوق وَلم يتَكَلَّم بِهِ الرب وَلَا سمع مِنْهُ وَإِن كَلَام الله هُوَ الْمَعْنى الْقَائِم بِنَفسِهِ لَيْسَ بحروف وَلَا سور وَلَا آيَات وَلَا لَهُ بعض وَلَا كل وَلَيْسَ بعربي وَلَا عبراني بل هَذِه عِبَارَات مخلوقه تدل على هَذَا الْمَعْنى وَالْحَرب وَاقع بَين هذَيْن الْفَرِيقَيْنِ من بعد موت الامام أَحْمد الى الْآن فانه لما مَاتَ الامام أَحْمد قَالَ طَائِفَة مِمَّن ينْسب اليه مِنْهُم مُحَمَّد بن دَاوُد المصِّيصِي وَغَيره ألفاظنا بِالْقُرْآنِ غير مخلوقة وحكوا
ذَلِك عَن الامام أَحْمد فَأنْكر عَلَيْهِم صَاحب الامام أَحْمد وأخص النَّاس بِهِ أَبُو بكر الْمَرْوذِيّ ذَلِك وصنف كتابا مَشْهُورا ذكره الْخلال فِي (السّنة ثمَّ نصر هَذَا القَوْل أَبُو عبد الله بن حَامِد وَأَبُو نصر السجْزِي وَغَيرهمَا ثمَّ نصرهما بعده القَاضِي أَبُو يعلى وَغَيره ثمَّ ابْن الزَّاغُونِيّ وَهُوَ خطأ على أَحْمد فقابل هَؤُلَاءِ الْفَرِيق الثَّانِي وَقَالُوا إِن نفس هَذِه الالفاظ مخلوقة لم يتَكَلَّم الله بهَا وَلم تسمع مِنْهُ وَإِنَّمَا كَلَامه هُوَ الْمَعْنى الْقَائِم بِنَفسِهِ وَقَالُوا هَذَا قَول أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وأئمة السّنة برَاء من هذَيْن الْقَوْلَيْنِ وَالثَّابِت الْمُتَوَاتر عَن الامام أَحْمد هُوَ مَا نَقله عَنهُ خَواص أَصْحَابه وثقاتهم كابنيه صَالح وَعبد الله والمروذي وَغَيرهم الانكار على الطَّائِفَتَيْنِ جَمِيعًا كَمَا ذكره البُخَارِيّ فَأَحْمَد وَالْبُخَارِيّ على خلاف قَول الْفَرِيقَيْنِ وَكَانَ يَقُول من قَالَ لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوق فَهُوَ جهمي وَمن قَالَ غير مَخْلُوق فَهُوَ مُبْتَدع وَإِن الْقُرْآن وَإِن الْقُرْآن الَّذِي يَقْرَؤُهُ الْمُسلمُونَ هُوَ كَلَام الله على الْحَقِيقَة وَحَيْثُ تعرف كَلَام الله فَهُوَ غير مَخْلُوق وَكَانَ يَقُول بِخلق أَفعَال الْعباد وأصواتهم وَأَن الصَّوْت المسموع من القارىء هُوَ صَوته وَهُوَ مَخْلُوق وَيَقُول فِي قَول النَّبِي صلى الله عليه وسلم (لَيْسَ منا من لم يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ (مَعْنَاهُ يُحسنهُ بِصَوْتِهِ كَمَا قَالَ (زَينُوا الْقُرْآن بِأَصْوَاتِكُمْ (انْتهى كَلَام النَّاظِم