المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

والابخرة والاغيرة لَا يُؤثر فِي نور الشَّمْس وَالْقَمَر والهواء وَالْوَاقِع - توضيح المقاصد شرح نونية ابن القيم الكافية الشافية - جـ ١

[أحمد بن عيسى]

فهرس الكتاب

- ‌رب يسر وأعن يَا كريم

- ‌فصل فِي تَرْجَمَة النَّاظِم

- ‌قَوْله بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌أأغصان بَان مَا أرى أم شمائل

- ‌فَصِل

- ‌فصل…وَقضى بِأَن الله كَانَ معطلاوَالْفِعْل مُمْتَنع بِلَا إِمْكَان…ثمَّ اسْتَحَالَ وَصَارَ مَقْدُورًا لَهُمن غير أَمر قَامَ بالديان…بل حَاله سُبْحَانَهُ فِي ذَاتهقبل الْحُدُوث وَبعده سيان

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل فِي مُقَدّمَة نافعة قبل التَّحْكِيم

- ‌فصل وَهَذَا أول عقد مجْلِس التَّحْكِيم

- ‌وَهِي تِسْعَة وَعِشْرُونَ بَيْتا وَالثَّانيَِة أَولهَا

- ‌فِي قدوم ركب آخر

- ‌فصل فِي قدوم ركب آخر

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فَصْل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل…هَذَا وَثَانِيها صَرِيح علوه…وَله بِحكم صَرِيحه لفظانلفظ الْعلي وَلَفظه الاعلى معرفَة(أتتك هُنَا) لقصد بَيَانإِن الْعُلُوّ لَهُ بمطلقه على التَّعْمِيم والاطلاق بالبرهان…وَله الْعُلُوّ من الْوُجُوه جَمِيعهَاذاتا وقهرا مَعَ علو الشاني…لَكِن نفاة علوه سلبوه إكما

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌قَالَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل…هَذَا وَثَانِي عشرهَا وصف الظهور لَهُ كَمَا قد جَاءَ فِي الْقُرْآن…وَالظَّاهِر العالي الَّذِي مَا فَوْقهشَيْء كَمَا قد قَالَ ذُو الْبُرْهَان…حَقًا رَسُول الله ذَا تَفْسِيرهوَلَقَد رَوَاهُ مُسلم بِضَمَان…فاقبله لَا تقبل سواهُ من التفاسير الَّتِي قيلت بِلَا برهَان…وَالشَّيْء حِين يتم

- ‌فصل…هَذَا وثالث عشرهَا أخباره…انا نرَاهُ بجنة الْحَيَوَانفسل الْمُعَطل هَل يرى من تحتنا…أم عَن شَمَائِلنَا وَعَن أَيْمَانأم خلفنا وأمامنا سُبْحَانَهُ…أم هَل يرى من فَوْقنَا بِبَيَانيَا قوم مَا فِي الامر شَيْء غير ذَا…أَو أَن رُؤْيَته بِلَا إِمْكَانإِذْ رُؤْيَة لَا فِي مُقَابلَة من

- ‌فصل…هَذَا ورابع عشرهَا إِقْرَار سائله بِلَفْظ الاين للرحمن…وَلَقَد رَوَاهُ أَبُو رزين بَعْدَمَاسَأَلَ الرَّسُول بِلَفْظِهِ بوزان…وَرَوَاهُ تبليغا لَهُ ومقررالما أقربه بِلَا نكران…هَذَا وَمَا كَانَ الْجَواب جَوَاب من لَكِن جَوَاب اللَّفْظ بالميزان

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل…هَذَا وسابع عشرهَا أخبارهسُبْحَانَهُ فِي مُحكم الْقُرْآن…عَن عَبده مُوسَى الكليم وحربهفِرْعَوْن ذِي التَّكْذِيب والطغيان…تَكْذِيبه مُوسَى الكليم بقولهالله رَبِّي فِي السما نباني

- ‌فصل…هَذَا وثامن عشرهَا تنزيهه…سُبْحَانَهُ عَن مُوجب النُّقْصَانوَعَن الْعُيُوب وَمُوجب التَّمْثِيل والتشبيه جلّ الله ذُو السُّلْطَان

- ‌فصل…هَذَا وتاسع عشرهَا الزام ذِي التعطيل أفسد لَازم بِبَيَان…وَفَسَاد لَازم قَوْله هُوَ مُقْتَضلفساد ذَاك القَوْل بالبرهان…فسل الْمُعَطل عَن ثَلَاث مسَائِل تقضي على التعطيل بِالْبُطْلَانِمَاذَا تَقول أَكَانَ يعرف ربه…هَذَا الرَّسُول حَقِيقَة الْعرْفَانأم لَا وَهل كَانَت نصيحة لنا…كل

- ‌فصل…هَذَا وَخَاتم هَذِه الْعشْرين وَجها…وَهُوَ أقربها الى الاذهانسرد النُّصُوص فانها قد نوعت…طرق الادلة فِي أتم بَيَانوَالنّظم يَمْنعنِي من استيفائها…وسياقه الالفاظ بالميزانفاشير بعض إِشَارَة لمواضع…مِنْهَا وَأَيْنَ الْبَحْر من خلجانفاذكر نُصُوص الاسْتوَاء

- ‌فصل…هَذَا وحاديها وَعشْرين الَّذِي…قد جَاءَ فِي الاخبار وَالْقُرْآنإتْيَان رب الْعَرْش جل جلاله…ومجيئه للفصل بالميزانفَانْظُر الى التَّقْسِيم والتنويع فِي الْقُرْآن تلفيه صَرِيح بِبَيَان…ان الْمَجِيء لذاته لَا أمرهكلا وَلَا ملك عَظِيم الشان…اذ ذَانك الامران قد ذكرا

- ‌فصل

- ‌يعْنى حَدِيث جَابر فِي خطبَته صلى الله عليه وسلم يَوْم عَرَفَة وَقد تقدم

الفصل: والابخرة والاغيرة لَا يُؤثر فِي نور الشَّمْس وَالْقَمَر والهواء وَالْوَاقِع

والابخرة والاغيرة لَا يُؤثر فِي نور الشَّمْس وَالْقَمَر والهواء وَالْوَاقِع خِلَافه وَتَقْرِير هَذَا يطول انْتهى كَلَامه

وَقَالَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى فِي معنى قَوْله تَعَالَى {لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله لفسدتا} الانبياء 22 الْآيَة قَالَ فان قوام السَّمَوَات والارض والخليقة بِأَن تأله الآله الْحق فَلَو كَانَ فيهمَا آلِهَة أُخْرَى غير الله لم يكن إِلَهًا حَقًا اذ الآله الْحق لَا شريك لَهُ وَلَا سمي لَهُ وَلَا مثل لَهُ فَلَو تألهت غَيره لفسدت كل الْفساد بِانْتِفَاء مَا فِيهِ صَلَاحهَا بتأله الآله الْحق كَمَا أَنَّهَا لَا تُوجد الا باسنادها الى الرب الْوَاحِد القهار ويستحيل أَن تستند فِي وجودهَا الى ربين متكافئين فَكَذَلِك يَسْتَحِيل أَن تستند فِي تألهها الى إِلَهَيْنِ متساويين انْتهى

قَالَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى

‌فصل

فِي اعتراضهم على القَوْل بدوام فاعلية الرب تَعَالَى وَكَلَامه والانفصال عَنهُ

فلئن زعمتم ان ذَاك تسلسل

قُلْنَا صَدقْتُمْ وَهُوَ ذُو إِمْكَان

كتسلسل التَّأْثِير فِي مُسْتَقْبل

هَل بَين ذَيْنك قطّ من فرقان

وَالله مَا افْتَرقَا لَدَى عقل وَلَا

نقل وَلَا نظر وَلَا برهَان

فِي سلب إِمْكَان وَلَا فِي ضِدّه

هذي الْعُقُول وَنحن ذُو أذهان

فليأت بالفرقان من هُوَ فَارق

فرقا يبين لصالح الاذهان

ص: 368

.. وكذاك سوى الجهم بَينهمَا كَذَا

العلاف فِي الانكار والبطلان

وَلأَجل ذَا حكما بِحكم بَاطِل

قطعا على الجنات والنيران

فالجهم افنى الذَّات والعلاف

للحركات أفنى قَالَه الثوران

وَأَبُو عَليّ وَابْنه والاشعري

وَبعده ابْن الطّيب الرباني

وَجَمِيع أَرْبَاب الْكَلَام الْبَاطِل

المذموم عِنْد أَئِمَّة الايمان

فرقوا وَقَالُوا ذَاك فِيمَا لم يزل

حق وَفِي أزل بِلَا إِمْكَان

قَالُوا لاجل تنَاقض الازلي وَال

احداث مَا هَذَانِ يَجْتَمِعَانِ

لَكِن دوَام الْفِعْل فِي مُسْتَقْبل

مَا فِيهِ مَحْذُور من النكران

فَانْظُر الى التلبيس فِي ذَا الْفرق تَرَ

ويجا على العوران والعميان

مَا قَالَ ذُو عقل بِأَن الْفَرد ذُو

أزل لذِي ذهن وَلَا أَعْيَان

بل كل فَرد فَهُوَ مَسْبُوق بفر

ذ قبله ابدا بِلَا حسبان

وَنَظِير هَذَا كل فَرد فَهُوَ ملحوق

بفرد بعده حكمان

النَّوْع والآحاد مَسْبُوق وملحوق

وكل فَهُوَ مِنْهَا فان

وَالنَّوْع لَا يفنى أخيرا فَهُوَ لَا

يفنى كَذَلِك اولا بِبَيَان

وتعاقب الآنات أَمر ثَابت

فِي الذِّهْن وَهُوَ كَذَاك فِي الاعيان

أما تَعْرِيف التسلسل فَهُوَ تَرْتِيب أُمُور غير متناهية وَاعْلَم أَن التسلسل نَوْعَانِ تسلسل فِي المؤثرين وتسلسل فِي الْآثَار فَأَما الأول فَهُوَ

ص: 369

محَال بِاتِّفَاق الْعُقَلَاء وَأما الثَّانِي فَفِيهِ قَولَانِ للنظار وَغَيرهم وَجوزهُ قَول الاثير الابهري والارموي فَقَوْل النَّاظِم فلئن زعمتم أَن ذَاك تسلسل أَي إِن زعمتم أَن القَوْل بدوام فاعلية الرب تَعَالَى تسلل قُلْنَا نعم وَذَلِكَ صَحِيح كَمَا جوز ارباب الْكَلَام كالأشعري وَابْن الباقلاني وَغَيرهمَا من الصفاتية القَوْل بذلك فِي الابد والمستقبل وَكَذَلِكَ أَئِمَّة الْمُعْتَزلَة كَأبي عَليّ وَابْنه أبي هَاشم وَغَيرهمَا من الْمُعْتَزلَة جوزو ذَلِك فِي الابد فألزمهم النَّاظِم القَوْل بِجَوَاز التسلسل فِي الازل كَمَا جوزوه فِي الابد وَأما الْجَهْمِية وَأَبُو الْهُذيْل العلاف فَقَالُوا بامتناع التسلسل فِي الطَّرفَيْنِ الازل والابد لانهم قَالُوا إِذا قُلْنَا كل خلق قبله لَا الى غَايَة وكل خلق بعده لَا الى نِهَايَة لزمنا القَوْل بِعَدَمِ الْعَالم وانما قَالَ الْجَمِيع بذلك لِئَلَّا يبطل عَلَيْهِم دَلِيل الاكوان الَّذِي استدلوا بِهِ على حُدُوث الْعَالم لَان مبناه على امْتنَاع التسلسل وَسَيَرِدُ النَّاظِم عَلَيْهِم هَذَا القَوْل فِيمَا يَأْتِي والاشعري هُوَ أَبُو الْحسن عَليّ بن اسماعيل ابْن أبي بشر بن أسْحَاق بن سَالم بن اسماعيل بن عبد الله بن مُوسَى بن بِلَال ابْن ابي بردة ابْن ابي مُوسَى عبد الله بن قيس الاشعري قدم بَغْدَاد أَخذ الْفِقْه عَن زَكَرِيَّا بن يحيى السَّاجِي وتفقه فضائحهم وقبائحم وَذكر لَهُ من التصانيف (الموجز (وَغَيره وَحكي عَن بِابْن سريح وَقد كَانَ مُعْتَزِلا فَتَابَ بِالْبَصْرَةِ فَوق الْمِنْبَر وَأظْهر ابْن حزم أَنه صنف خَمْسَة وَخمسين تصنيفا وَذكر أَن دخله فِي كل سنة كَانَ سَبْعَة عشر درهما وَأَنه كلن من أَكثر دعابة وَأَنه ولد سنة وَمِائَتَيْنِ وَقيل سنة 260 سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ وَمَات سنة 324 أَربع وَعشْرين وثلاثمائة وَقيل 30 سنة وَقيل سنة بضع وَثَلَاثِينَ وَالله أعلم

ص: 370

قلت وللحافظ ابْن عَسَاكِر كتاب (تَبْيِين كذب المفتري فِيمَا نسب الى الشَّيْخ ابي الْحسن الاشعري (مُجَلد

وَابْن الطّيب هُوَ أَبُو بكر مُحَمَّد بن الطّيب الباقلاني القَاضِي رَأس الْمُتَكَلِّمين على مَذْهَب الشَّيْخ أبي الْحسن الاشعري وَمن اكثر النَّاس كلَاما وتصنيفا فِي الْكَلَام يُقَال إِنَّه كَانَ لَا ينَام كل لَيْلَة حَتَّى يكْتب عشْرين ورقة فِي مُدَّة طَوِيلَة من عمره فانتشرت عَنهُ تصانيف كَثِيرَة مِنْهَا كتاب (التَّبْصِرَة (و (دقائق الْحَقَائِق (و (التَّمْهِيد (فِي أصُول الْفِقْه و (شرح الابانة (وَغير ذَلِك من المجاميع الْكِبَار وَالصغَار وَمن أحْسنهَا كتاب الرَّد على الباطنية الَّذِي سَمَّاهُ (كشف الاسرار وهتك الاستار (وَقد اخْتلفُوا فِي مذْهبه على الْفُرُوع فَقيل شَافِعِيّ وَقيل مالكي حكى ذَلِك عَنهُ أَبُو ذَر الْهَرَوِيّ وَقد قيل إِنَّه كَانَ يكْتب على الفتاوي كتبه مُحَمَّد بن الطّيب الْحَنْبَلِيّ وَقد كَانَ فِي غَايَة الذكاء والفطنة مَاتَ فِي الْحجَّة سنة 403 ثَلَاث واربعمائة

وَأَبُو عَليّ هُوَ مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن سَلام بن يزِيد بن ابي السكن الجبائي ولد سنة 235 خمس وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَهُوَ من معتزلة الْبَصْرَة وَهُوَ الَّذِي ذلل الْكَلَام وسهله وَإِلَيْهِ انْتَهَت رئاسة الْمُعْتَزلَة فِي زَمَانه لَا يدافعه أحد عَن ذَلِك أَخذ عَن أبي يَعْقُوب يُوسُف بن عبد الله الشحام وَتُوفِّي سنة 303 ثَلَاث وثلاثمائة فَدفن ب (جبى) وَله خمس وَسَبْعُونَ مصنفا وَابْنه أَبُو هَاشم وَهُوَ عبد السَّلَام ابْن أبي عَليّ الجبائي قدم بَغْدَاد سنة 314 أَربع عشرَة وثلاثمائة وَتُوفِّي سنة 321 إِحْدَى وَعشْرين وثلاثمائة وَكَانَ

ص: 371

ذكيا حسن الْفَهم ثاقب الفطنة صانعا للْكَلَام مقتدرا عَلَيْهِ قيمًا بِهِ لَهُ مصنفات

قَالَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى فاذا أَبَيْتُم ذَا وقلتم

أول الاانات مفتتح بِلَا نكران

مَا كَانَ ذَاك الْآن مَسْبُوقا يرى

الا بسبل وجوده الحقان

فَيُقَال مَا تعنون بالانات هَل

تعنون مُدَّة هَذِه الازمان

من حِين إِحْدَاث السَّمَوَات العلى

والارض والافلاك والقمران

ونظنكم تعنون ذَاك وَلم يكن

من قبلهَا شَيْء من الاكوان 5

هَل جَاءَكُم فِي ذَاك من أثر وَمن

نَص وَمن نظر وَمن برهَان

هَذَا الْكتاب وَهَذِه الاثار والمعقول

فِي الفطرات والاذهان

إِنَّا نحاكمكم الى مَا شِئْتُم

مِنْهَا فَحكم الْحق فِي تبيان

اوليس خلق الْكَوْن فِي الايام كَا

ن وَذَاكَ مَأْخُوذ من الْقُرْآن

اَوْ لَيْسَ ذَلِكُم الزَّمَان بِمدَّة

لحدوث شَيْء وَهُوَ عين زمَان

فحقيقة الازمان نِسْبَة حَادث

لسواه تِلْكَ حَقِيقَة الازمان

وَاذْكُر حَدِيث السَّبق للتقدير

والتوقيت قبل جَمِيع ذِي الاعيان

خمسين ألفا من سِنِين عدهَا الْمُخْتَار

سَابِقَة لذِي الاكوان

هَذَا وعرش الرب فَوق المَاء من

قبل السنين بِمدَّة وزمان

ص: 372

يَقُول النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى فاذا أَبَيْتُم مَا ذكرنَا وقلتم ان الانات لَهَا اول وَلَا يصير ذَاك اولا الا بسلب وجوده والا لم يكن أَولا فَنَقُول مَا تعنون بالانات هَل تعنون مُدَّة هَذِه الازمان أَي من حِين خلق الله السَّمَوَات وَالشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم والارض وَأَن عنْدكُمْ لم يكن قبلهَا شَيْء من الاكوان أَي من الْمَخْلُوقَات فَهَل عنْدكُمْ حجَّة على أَنه لَيْسَ قبلهَا شَيْء فهاتوا برهانكم على ذَاك من الاثر وَالنَّظَر وَنحن نحاكمكم الى مَا شِئْتُم من ذَلِك وَيدل على أَن قبلهَا مخلوقات أَن الله أخبر فِي الْقُرْآن بانه خلق السَّمَوَات والارض فِي سِتَّة أَيَّام فَتلك الايام قبل وجود السَّمَوَات والارض والنجوم وَالْجِبَال وَيدل على ذَلِك حَدِيث عبد الله ابْن عَمْرو بن الْعَاصِ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ (إِن الله كتب مقادير الْخَلَائق قبل أَن يخلق السَّمَوَات والارض بِخَمْسِينَ ألف سنة وَكَانَ عَرْشه على المَاء (وَهَذَا معنى هَذِه الابيات الَّتِي ذكرهَا النَّاظِم

قَوْله فحقيقة الازمان نِسْبَة حَادث الخ أَي أَن نفس قدر الْفِعْل هُوَ الْمُسَمّى بِالزَّمَانِ فان الزَّمَان إِذا قيل إِنَّه مِقْدَار حَرَكَة الشَّمْس أَو الْفلك وَأهل الْملَل متفقون على أَن الله خلق السَّمَوَات والارض فس سِتَّة أَيَّام وَخلق ذَلِك من مَادَّة كَانَت مَوْجُودَة قبل هَذِه السَّمَوَات وَهُوَ الدُّخان الَّذِي هُوَ البخار كَمَا قَالَ تَعَالَى {ثمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِي دُخان فَقَالَ لَهَا وللأرض ائتيا}

ص: 373

ني

هَل كَانَ قبل الْعَرْش أَو هُوَ بعده

قَولَانِ عِنْد أبي العلى الهمذاني

وَالْحق أَن الْعَرْش قيل لانه

قبل الْكِتَابَة كَانَ ذَا أَرْكَان

وَكِتَابَة الْقَلَم الشريف تعقبت

إجاده من غير فصل زمَان

لما براه الله قَالَ اكْتُبْ كَذَا

فغدا بِأَمْر الله ذَا جَرَيَان

فَجرى بِمَا هُوَ كَائِن ابدا الى

يَوْم الْمعَاد بقدرة الرَّحْمَن

أَفَكَانَ رب الْعَرْش جل جلاله

من قبل ذَا عجز وَذَا نُقْصَان

أم لم يزل ذَا قدرَة وَالْفِعْل مَقْدُور

لَهُ أبدا وَذُو إِمْكَان

قَوْله وَالنَّاس مُخْتَلفُونَ الخ قَالَ شيخ الاسلام قد ذكرنَا أَن للسلف فِي الْعَرْش والقلم أَيهمَا خلق قبل الآخر قَوْلَيْنِ كَمَا ذكر ذَلِك الْحَافِظ أَبُو الْعَلَاء الهمذاني وَغَيره أَحدهمَا أَن الْقَلَم خلق أَولا كَمَا أطلق ذَلِك غير وَاحِد وَهَذَا هُوَ الَّذِي يفهم فِي الظَّاهِر من كتب من صنف فِي الاوائل كَابْن أبي عرُوبَة الْحَرَّانِي وَأبي الْقَاسِم الطَّبَرَانِيّ للْحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي (سنَنه (عَن عبَادَة بن الصَّامِت وفيسمعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول (أول مَا خلق الله الْقَلَم فَقَالَ اكْتُبْ (الحَدِيث وَالثَّانِي أَن الْعَرْش خلق أَولا قَالَ الامام عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ فِي مُصَنفه فِي

ص: 375

الرَّد على الْجَهْمِية حَدثنَا ابْن كثير الْعَبْدي أَنبأَنَا سُفْيَان الثَّوْريّ حَدثنَا أَبُو هَاشم عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِن الله كَانَ على عَرْشه قبل أَن يخلق شَيْئا فَكَانَ أول مَا خلق الله الْقَلَم فَأمره أَن يكْتب مَا هُوَ كَائِن وَإِنَّمَا يجْرِي النَّاس على أَمر قد فرغ مِنْهُ وَكَذَلِكَ ذكر الْحَافِظ الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الْأَسْمَاء وَالصِّفَات لما ذكر بَدْء الْخلق ثمَّ ذكر حَدِيث الْأَعْمَش عَن الْمنْهَال بن عَمْرو عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن قَول الله تَعَالَى {وَكَانَ عَرْشه على المَاء} على أَي شَيْء كَانَ المَاء قَالَ عَن متن الرّيح

وَرُوِيَ حَدِيث الْقَاسِم ابْن أبي بردة عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يحدث أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أول شَيْء خلقه الله الْقَلَم وَأمره فَكتب كل شَيْء يكون قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَإِنَّمَا إأراد وَالله أعلم أول شَيْء خلقه بعد المَاء وَالرِّيح وَالْعرش والقلم وَذَلِكَ فِي حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن ثمَّ خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض أَقُول حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ هُوَ مَا رَوَاهُ البُخَارِيّ من غير وَجه مَرْفُوعا كَانَ الله وَلم يكن شَيْء قبله وَكَانَ عَرْشه على المَاء ثمَّ خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَكتب فِي الذّكر كل شَيْء وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ كَمَا رَوَاهُ مُحَمَّد بن هَارُون الرويا

ص: 376

فِي (مُسْنده (وَعُثْمَان بن سعيد الدِّرَامِي وَغَيرهمَا من حَدِيث الثِّقَات الْمُتَّفق على ثقتهم عَن أبي إِسْحَاق الْفَزارِيّ عَن الْأَعْمَش عَن جَامع بن شَدَّاد عَن صَفْوَان بن مُحرز عَن عمرَان بن حُصَيْن عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ (كَانَ الله وَلم يكن شيئ غَيره وَكَانَ عَرْشه على المَاء ثمَّ كتب فِي الذّكر كل شيئ ثمَّ خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض (وَذكر أَحَادِيث وآثارا ثمَّ قَالَ مَا مَعْنَاهُ فَثَبت بالنصوص الصَّحِيحَة أَن الْعَرْش خلق أَولا قَالَ ابْن كثير قَالَ قَائِلُونَ خلق الْقَلَم أَولا وَهَذَا اخْتِيَار ابْن جرير وَابْن الْجَوْزِيّ وَغَيرهمَا قَالَ ابْن جرير وَبعد الْقَلَم السَّحَاب الرَّقِيق وَبعده الْعَرْش وَاحْتَجُّوا بِحَدِيث عبَادَة وَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور أَن الْعَرْش مَخْلُوق قبل ذلأك كَمَا دلّ عَلَيْهِ الحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ مُسلم فِي (صَحِيحه (يَعْنِي حَدِيث عبد الله ابْن عَمْرو بن الْعَاصِ الَّذِي تقدم قَالُوا وَهَذَا التَّقْدِير هُوَ كِتَابه بالقلم الْمَقَادِير وَقد دلّ هَذَا الحَدِيث ان ذَلِك بعد خلق الْعَرْش فَثَبت تقدم الْعَرْش على الْقَلَم الَّذِي كتب بِهِ الْمَقَادِير كَمَا ذهب إِلَى ذَلِك الجماهير وحملوا حَدِيث الْقَلَم على أَنه أول الْمَخْلُوقَات من هَذَا الْعَالم انْتهى

قَالَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى

فلئن سَأَلت وَقلت مَا هَذَا الَّذِي

أداهم لخلاف ذَا التِّبْيَان

ولاي شَيْء لم يَقُولُوا إِنَّه

سُبْحَانَ هُوَ دَائِم الاحسان

فَاعْلَم بِأَن الْقَوْم لما أسسوا

أصل الْكَلَام عموا عَن الْقُرْآن

ص: 377

.. وجنوا على الاسلام كل جِنَايَة

إِذْ سلطوا الاعداء بالعدوان

حملُوا بأسلحة الْمحَال فخانهم

ذَاك السِّلَاح فَمَا اشتفوا بطعان

وأتى الْعَدو الى سِلَاحهمْ فقا

تلهم بِهِ فِي غيبَة الفرسان

يَا محنة الاسلام وَالْقُرْآن من

جهد الصّديق وبغي ذِي طغيان

وَالله لَوْلَا الله نَاصِر دينه

وَكتابه بِالْحَقِّ والبرهان

لتخطفت أعداؤه أَرْوَاحنَا

ولقطتعت منا عرى الايمان

أَيكُون حَقًا ذَا الدَّلِيل وَمَا اهْتَدَى

خير الْقُرُون لَهُ محَال ذان

وفقتم للحق اذ حرمُوهُ فِي

أصل الْيَقِين ومقعد الْعرْفَان

وهديتمونا للَّذي لم يهتدوا

أبدا بِهِ واشدة الحرمان

ودخلتم للحق من بَاب وَمَا

دَخَلُوهُ وَاعجَبا لذا الخذلان

وملكتم طرق الْهدى وَالْعلم دو

ن الْقَوْم وَاعجَبا لذا الْبُهْتَان

وعرفتم الرَّحْمَن بالاجسام وَال

أَعْرَاض والحركات والالوان

وهم فَمَا عرفوه مِنْهَا بل من ال آيَات وَهِي فَغير ذِي برهَان

الله أكبر أَنْتُم أَو هم على

حق وَفِي غي وَفِي خسران

دع ذَا األيس الله قد أبدى لنا

حق الادلة وَهِي فِي الْقُرْآن

متنوعات صرفت وتظاهرت

فِي كل وَجه فَهِيَ ذُو أفنان

ص: 380

.. مَعْلُومَة لِلْعَقْلِ أَو مَشْهُودَة

للحس أَو فِي فطْرَة الرَّحْمَن

أسمعتم لدليلكم فِي بَعْضهَا

خَبرا اَوْ احسستم لَهُ بِبَيَان

أَيكُون أصل الدّين مَا تمّ الْهدى

إِلَّا بِهِ وَبِه قوى الايمان

وسواه لَيْسَ بِمُوجب من لم يحط

علما بِهِ لم ينج من كفران

وَالله ثمَّ رَسُوله قد بَينا

طرق الْهدى فِي غَايَة التِّبْيَان

فلأي شَيْء إعرضا عَنهُ وَلم

نَسْمَعهُ فِي أثر وَلَا قُرْآن

لَكِن أَتَانَا بعد خير قروننا

فظهور أَحْدَاث من الشَّيْطَان

وعَلى لِسَان الجهم جَاءَ وَحزبه

من كل صَاحب بِدعَة حيران

وَلذَلِك اشْتَدَّ النكير عَلَيْهِم

من سَائِر الْعلمَاء فِي الْبلدَانِ

صاحوا بهم فِي كل قطر بل رموا

فِي إثرهم بثواقب الشهبان

عرفُوا الَّذِي يُفْضِي اليه قَوْلهم

ودليلهم بِحَقِيقَة الْعرْفَان

وأخو الْجَهَالَة فِي خفارة جَهله

وَالْجهل قد يُنجي من الكفران

أَقُول قد تقدم الْكَلَام فِي دَلِيل الاكوان مَبْسُوطا فِي الْفَصْل الَّذِي أَوله وَقضى بِأَن الله كَانَ معطلا عَن شيخ الاسلام وَغَيره وَنحن نشِير الى ذَلِك بعض الاشارة

قَالَ شيخ الاسلام فِي كتاب (الْعقل وَالنَّقْل (فِي الْكَلَام على اصول الدّين بعد كَلَام سبق وَأما مَا يدْخلهُ بعض النَّاس فِي هَذَا الْمُسَمّى من الْبَاطِل فَلَيْسَ ذَلِك من أصُول الدّين وان أدخلهُ فِيهِ مثل الْمسَائِل والدلائل الْفَاسِدَة

ص: 381

مثل الِاسْتِدْلَال على حُدُوث الْعَالم بحدوث الاعراض الَّتِي هِيَ صِفَات الاجسام الْقَائِمَة بهَا إِمَّا الاكوان وَإِمَّا غَيرهَا وَتَقْرِير الْمُقدمَات الَّتِي يحْتَاج اليها هَذَا الدَّلِيل من إِثْبَات الاعراض الَّتِي هِيَ الصِّفَات أَولا أَو إِثْبَات بَعْضهَا كالاكوان الَّتِي هِيَ الْحَرَكَة والسكون والاجتماع والافتراق واثبات حدوثها باثبات إبِْطَال ظُهُورهَا بعد الكمون وابطال انتقالها من مَحل الى مَحل ثمَّ اثبات امْتنَاع خلو الْجِسْم إِمَّا عَن كل جنس من أَجنَاس الاعراض باثبات أَن الْجِسْم قَابل لَهَا وان الْقَابِل للشَّيْء لَا يَخْلُو عَنهُ وَعَن ضِدّه وَإِمَّا عَن الاكوان وَامْتِنَاع حوادث لَا أول لَهَا رَابِعا وَهُوَ مَبْنِيّ على مقدمتين احداهما ان الْجِسْم لَا يَخْلُو عَن الاعراض باثبات أَن الْجِسْم لَا يَخْلُو عَن الاعراض الَّتِي هِيَ الصِّفَات وَالثَّانيَِة أَن مَا لَا يَخْلُو عَن الصِّفَات الَّتِي هِيَ الاعراض فَهُوَ مُحدث لِأَن الصِّفَات الَّتِي هِيَ الاعراض لاتكون إِلَّا محدثة وَقد يفرضون ذَلِك فِي بعض الصِّفَات الَّتِي هِيَ الْإِعْرَاض كالالوان وَمَا لَا يخلوا عَن جنس الْحَوَادِث فَهُوَ حَادث لِامْتِنَاع حوادث لَا تتناهى فَهَذِهِ الطَّرِيقَة مِمَّا يعلم بالاضطرار أَن مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم لم يدع النَّاس بهَا الى الاقرار بالخالق ونبوة أنبيائه ولهذ اقد اعْترف حذاق أهل الْكَلَام كالاشعري وَغَيره انها لَيست طَريقَة الرُّسُل وأتباعهم وَلَا سلف الامة وأئمتها وَذكروا انها مُحرمَة عِنْدهم بل الْمُحَقِّقُونَ على انها طَريقَة بَاطِلَة وَأَن مقدماتها فِيهَا تَفْصِيل وتقسيم يمْنَع ثُبُوت الْمُدعى بهَا مُطلقًا وَلِهَذَا تَجِد من اعْتمد عَلَيْهَا فِي أصُول دينه فأحد الامرين لَازم لَهُ إِمَّا أَن يطلع على ضعفها ويقابل بَينهَا وَبَين أَدِلَّة الْقَائِلين بقدم الْعَالم فتتكافأ عِنْده الادلة أَو يرجح هَذَا تَارَة وَهَذَا تَارَة كَمَا هُوَ حَال طوائف مِنْهُم وَإِمَّا أَن يلْتَزم لاجلها لَوَازِم مَعْلُومَة الْفساد فِي الشَّرْع وَالْعقل كَمَا

ص: 382

الْتزم جهم لاجلها فنَاء الْجنَّة وَالنَّار وَالْتزم لاجلها أَبُو الْهُذيْل انْقِطَاع حركات أهل الْجنَّة وَالْتزم قوم لاجلها كالاشعري وَغَيره ان المَاء والهواء وَالتُّرَاب وَالنَّار لَهُ طعم ولون وريح وَنَحْو ذَلِك وَالْتزم قوم لاجلها وَأجل غَيرهَا ان جَمِيع الاعراض كالطعم واللون وَغَيرهمَا لَا يجوز بَقَاؤُهَا بِحَال لإنهم احتاجوا الى جَوَاب النَّقْض الْوَارِد عَلَيْهِم لما أثبتوا الصِّفَات لله مَعَ الِاسْتِدْلَال على حُدُوث الاجسام بصفاتها فَقَالُوا صِفَات الاجسام أَعْرَاض أَي انها تعرض فتزول بِخِلَاف صِفَات الله فانها بَاقِيَة وَأما مَا اعْتمد عَلَيْهِ طَائِفَة مِنْهُم من أَن الْعرض لَو بَقِي لم يُمكن عَدمه لَان عَدمه إِمَّا أَن يكون باحداث ضد أَو بِفَوَات شَرط اَوْ اخْتِيَار الْفَاعِل وكل ذَلِك مُمْتَنع فَهَذِهِ الْعُمْدَة لَا يختارها آخَرُونَ مِنْهُم بل يجوزون أَن الْفَاعِل الْمُخْتَار بِعَدَمِ الْمَوْجُود كَمَا يحث الْمَعْدُوم وَلَا يَقُولُونَ إِن عدم الاجسام لَا يكون الا بِقطع الاعراض عَنْهَا كَمَا قَالَه أُولَئِكَ وَلَا يخلق ضد هُوَ الفناء لافي مَحل كَمَا قَالَه من قَالَه من الْمُعْتَزلَة وَأما جُمْهُور عقلاء بني آدم فَقَالُوا هَذِه مُخَالفَة للمعلوم بالحس وَالْتزم طوائف من أهل الْكَلَام من الْمُعْتَزلَة وَغَيرهم لأَجلهَا نفي صِفَات الرب مُطلقًا أَو نفي بَعْضهَا لِأَن الدَّال عِنْدهم على حُدُوث هَذِه الاشياء هُوَ قيام الصِّفَات بهَا وَالدَّلِيل يجب طرده فالتزموا حُدُوث كل مَوْصُوف بِصفة قَائِمَة بِهِ وَهُوَ ايضا فِي غَايَة الْفساد والضلال وَلِهَذَا التزموا القَوْل بِخلق الْقُرْآن وانكار رُؤْيَة الله فِي الْآخِرَة وعلوه على عَرْشه الى امثال ذَلِك من اللوازم الَّتِي التزمها من طرد مُقَدمَات هَذِه الْحجَّة الَّتِي جعلهَا الْمُعْتَزلَة وَمن اتبعهم أصل دينهم فَهَذِهِ دَاخِلَة فِيمَا سَمَّاهُ هَؤُلَاءِ أصُول الدّين وَلَكِن لَيست فِي الْحَقِيقَة من أصُول الدّين الَّذِي شَرعه الله لِعِبَادِهِ

ص: 383

وَقَالَ فِي كَلَامه على (حَدِيث النُّزُول (لما تكلم على هَذِه الطَّرِيقَة أما قَوْلكُم إِن هَذَا الطَّرِيق هُوَ الاصل فِي معرفَة دين الاسلام ونبوة الرُّسُل فَهَذَا مِمَّا يعلم بالاضطرار من دين الاسلام فَسَاده فانه من الْمَعْلُوم لكل من علم حَال الرَّسُول وَأَصْحَابه وَمَا جَاءَ بِهِ من الايمان وَالْقُرْآن انه لم يدع النَّاس بِهَذِهِ الطَّرِيقَة أبدا وَلَا تكلم بهَا أحد من الصَّحَابَة وَلَا التَّابِعين لَهُم باحسان فَكيف تكون هِيَ أصل الايمان وَالَّذِي جَاءَ بالايمان وَأفضل النَّاس إِيمَانًا لم يتكلموا بهَا الْبَتَّةَ وَلَا سلكها مِنْهُم أحد وَالَّذين علمُوا ان هَذِه طَريقَة مبتدعة حزبان حزب ظنُّوا أَنَّهَا صَحِيحَة فِي نَفسهَا لَكِن أعرض السّلف عَنْهَا لطول مقدماتها وغموضها وَمَا يخَاف على سالكها من الشَّك والتطويل وَهَذَا قَول جمَاعَة كالاشعري فِي رسَالَته الى الثغر الْخطابِيّ والحليمي وَالْقَاضِي ابي يعلى وَابْن عقيل وَأبي بكر الْبَيْهَقِيّ وَغير هَؤُلَاءِ وَالثَّانِي قَول من يَقُول بل هَذِه الطَّرِيقَة بَاطِلَة فِي نَفسهَا وَلِهَذَا ذمها السّلف وَعدلُوا عَنْهَا وَهَذَا قَول أَئِمَّة السّلف كَابْن الْمُبَارك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد ابْن حَنْبَل واسحق بن رَاهْوَيْةِ وَأبي يُوسُف وَمَالك بن أنس وَابْن الماجسون عبد الْعَزِيز وَغير هَؤُلَاءِ من السّلف انْتهى

وَقَالَ الامام الْحَافِظ ابو عمر بن عبد الْبر الَّذِي أَقُول إِنَّه إِذا نظر الى إِسْلَام ابي بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي وَسعد وَسَعِيد وَعبد الرَّحْمَن ابْن عَوْف وَسَائِر الْمُهَاجِرين والانصار وَجَمِيع الْوُفُود الَّذين دخلُوا فِي دين

ص: 384