المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من معاني هذا الدعاء العظيم - ثلاث صلوات عظيمة مهجورة فأحيها يا عبد الله

[عدنان العرعور]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة الطبعة الثالثة

- ‌مقدمة الطبعة الثانية

- ‌المقدمة

- ‌الصلاة الأولىصلاة الاستخارة

- ‌[بين يدي الاستخارة] [*]

- ‌كيف تكون الاستخارة الشرعية؟أو كيف يستخير العبد ربه

- ‌هل للاستجابة موانع .. وما هي

- ‌هل من أسباب يفعلها العبد، تكون سبباً في قبول استخارته

- ‌هل لكم أن تضربوا مثلاً في صفة الدعاء كيف تكون

- ‌ما الدليل عليها

- ‌ معنى الاستخارة

- ‌من معاني هذا الدعاء العظيم

- ‌ما هي الأمور التي يستخار فيها

- ‌هل تكون الاستخارة في الأمور المعروفة النتائج

- ‌ما هي الفائدة أو الحكمة أو الجدوى من الاستخارة

- ‌ماذا يفعل العبد بعد الاستخارة؟أو كيف يعرف نتيجة الاستخارة

- ‌إذن ما شأن رؤية منام، أو تبييت استخارة، وغير ذلك من الأمور

- ‌هل يجوز تكرارها في الأمر الواحد

- ‌هل لها وقت معين أو مفضل

- ‌هل تجوز صلاة الاستخارة في أوقات النهي؟ وما هي تلك الأوقات

- ‌هل هناك زمن محدد قبل الأمر المستخار له

- ‌هل من دعاء مأثور بعد حصول المطلوب

- ‌هل لصلاة الاستخارة قراءة معينة

- ‌هل دعاء الاستخارة قبل السلام أم بعده

- ‌إذا نسي المستخير دعاء الاستخارة عقب الصلاة، ثم تذكر ذلك فماذا يفعل

- ‌هل يشرع دعاء الاستخارة بعد صلاة فرض

- ‌هل تشرع الاستخارة في صلاة نفل راتبة، أو ذات سبب

- ‌إذا شرع العبد بصلاة، أو انتهى منها، ثم تذكر أن يستخير، فهل يجزئه ذلك

- ‌هل تجزيء الاستخارة بالدعاء دون الصلاة

- ‌هل يجب الالتزام بنص الدعاء

- ‌هل يلقن الدعاء من لا يحفظه أو يقرأه من كتاب

- ‌ما حكم الاستخارة

- ‌هل يسن رفع اليدين في دعاء الاستخارة

- ‌هل يختم دعاء الاستخارة بشيء، أو يقدم بين يديه شيئاً من الحمدلة، أو الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌هل تشرع الاستخارة لأمرين في صلاة واحدة، ودعاء واحد

- ‌إذا كان القلب مائلاً إلى الشيء قبل الاستخارة، فهل يستخير المرء؟وما فائدة الاستخارة والحال هذه

- ‌هل يوفق المستخير يقيناً

- ‌هل يمكن للمستخير أن يعرف أنه وفق أم لا

- ‌هل يستشير المستخير أحدًا .. ومتى؟وما فائدة الاستشارة مع الاستخارة

- ‌هل هناك طرق للاستخارة غير هذا

- ‌هل تشرع الاستخارة عن الغير

- ‌تحقيق الأحاديث التي وردت في الاستخارة

- ‌[الحديث الأول]:

- ‌[الحديث الثاني: ]

- ‌الحديث الثالث:

- ‌[الحديث الرابع:

- ‌الحديث الخامس:

- ‌الخلاصة:

- ‌الصلاة الثانيةصلاة التوبة

- ‌[بين يدي الصلاة]

- ‌شروط التوبة:

- ‌[وأما زمن قبول التوبة:

- ‌المعينات على التوبة:

- ‌المعين الأول:

- ‌المعين الثاني:

- ‌المعين الثالث:

- ‌المعين الرابع:

- ‌المعين الخامس:

- ‌المعين السادس:

- ‌المعين السابع:

- ‌ثلاث لا بد منها للتائبوثلاث يحذر منها الآيب

- ‌كيفية صلاة التوبة

- ‌الصلاة الثالثةصلاة التسابيحصلاة الغفران

- ‌صلاة التسابيحوأقوال بعض أهل العلم فيها

- ‌كيفية الصلاة

- ‌هل لصلاة التسبيح أحكام خاصة بها

- ‌فضل الذكر والتسبيح المجرد عن الصلاة

- ‌دليلها:

- ‌بيان صحة صلاة التسابيح مع دراسة حديثية لأسانيدها

- ‌ حديث ابن عباس:

- ‌ حديث الأنصاري

- ‌حديث العباس رضي الله عنه

- ‌حديث عبدالله بن عمرو بن العاص

- ‌ حديث علي رضي الله عنه

- ‌مناقشة هذه الطرق

- ‌ ذكر من صحح الصلاة وضعّفها، وذكر شبهات المضعّفين

- ‌فأما الذين ضعفوها فهم:

- ‌وأما الذين صححوها:

- ‌ شبهات المانعين والرد عليها

- ‌الأولى:

- ‌الشبهة الثانية:

- ‌الشبهة الثالثة:

- ‌الشبهة الرابعة:

- ‌شبهة أخرى عجيبة:

- ‌الخلاصة

الفصل: ‌من معاني هذا الدعاء العظيم

خار الأمرُ: صار فيه خيرًا (1).

وخرتُ الأمرَ: انتقيته لما فيه من الخير.

وعندي: أن ((اختار)) بمعنى: انتقى، غير أن ((اختار)) لا تستعمل إلا في الخير ((وانتقى)) تستعمل في الخير وفي غيره.

قال تعالى:

{وربك يخلق ما يشاء ويختار} [القصص: 68]

وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث الإسراء:

((فاخترت اللبن)) (2) بدل الخمر.

وقوله صلى الله عليه وسلم:

((المدينة كالكير تنقي خبيثها [ويَنْصع طيبها)) قال في النهاية (5/ 111): ((الرواية المشهورة بالفاء وقد جاء في رواية بالقاف (3) فإن كانت مخففة

أي تستخرج خبثها، وإن كانت مشددة فهو من التنقية، وهو إفراد الجيد من الرديء)) اهـ] [*]

واستخرت: طلبت الأمر الذي فيه خير، أو طلبت انتقاء الأمر الخير.

واستخار الرجل الله تعالى: طلب منه الإرشاد والهداية إلى الخير، أو اختيار ما فيه خير له.

والاستخارة: اسم لهذا الطلب أو الفعل.

والاستخارة الشرعية: أن يستخير العبد ربه، على ما وصف له رسول الله صلى الله عليه وسلم، من صلاة ركعتين من غير الفريضة، ثم دعاء مخصوص بعدهما، لفعل أمر مباح، أو تركه، أو في الواجب والمستحب المخيّر.

‌من معاني هذا الدعاء العظيم

قول جابر بن عبد الله: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها)): يأتي شرحه في باب ما هي الأمور التي يستخار فيها؟

قوله: ((كالسورة من القرآن)): أي يعلمهم حفظ دعاء الاستخارة وإتقانه، كما كان يعلمهم سور القرآن وآياته وإتقانها (4).

(1) القاموس المحيط: لسان العرب.

(2)

رواه مسلم (162، 164) وابن خزيمة (301) وغيرهما عن مالك بن صعصعة رضي الله عنه.

(3)

أما الرواية المشهورة بالفاء فقد رواها البخاري (1784، 6790) ومسلم (1383) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه وأما رواية القاف التي ذكرنا فقد رواها المفضل الجندي في (فضائل المدنية)(23) حدثنا ابن أبي عمر وسعيد قالا ثنا سفيان عن محمد بن المنكدر عن جابر ورواية البخاري: حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن محمد بن المنكدر عن جابر وابن أبي عمر هو شيخ مسلم وقد رواه مسلم عنه حدثنا سفيان بإسناده عن أبي هريرة ورواه من طريق أخرى عن مالك عن سفيان عن محمد بن المنكدر عن جابر وكلها بالفاء.

(4)

يراجع بهجة النفوس (2/ 87).

[*] قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هذا من زيادات النسخة الإلكترونية، وليس في المطبوع

ص: 20

ويؤيد هذا المعنى؛ ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في تعليمه دعاء النوم، وأمره بالالتزام بنص الدعاء، ويأتي تفصيل الجواب في باب هل يلتزم بالدعاء.

قوله: ((إذا هم أحدكم بالأمر)): أي إذا خطر الأمر بباله، ثم عزم عليه، أو إذا عُرض عليه، ثم نوى فعله، أو عرض له عارض لا يدري مخرجه.

قوله: ((اللهم إني أستخيرك بعلمك)):

أي أطلب إليك أن تختار لي ما هو خير لي.

وأستعين على حاجتي هذه، وأتوسل إليك بعلمك، الذي لا يعزب عنه شيء في الأرض ولا في السماء.

والاستعانة بعلم الله الذي هو صفة من صفاته سبحانه، والتوسل إليه بها، من أنسب الاستعانة وأجلها في هذا المقام، لأن حاجة المستخير متعلقة بالغيب، والغيب من علم الله، لذا كانت صفة علم الله الذي وسع كل شيء، وأحاط بكل شيء، هي الصفة المناسبة للاستعانة بها، والتوسل إلى الله تعالى بها.

قوله: ((وأستقدرك بقدرتك)):

أي: أطلب منك العون على ما تقدره لي، وأتوسل إليك بقدرتك، وما يقال في التوسل بصفة العلم، يقال هنا بصفة القدرة .. فإن أمر الله وفعله سبحانه لا يكون إلا بعلم وقدرة، ولذلك ناسب بعد توسله إليه بالعلم، أن يتوسل إليه بالقدرة.

والاستقدار بالقدرة، والاستخارة بالعلم، يتضمن الاستعانة والتوسل وهما من أجل أنواع الاستعانة والتوسل المشروعين، والله أعلم.

قوله: ((وأسألك من فضلك العظيم)):

بعد أن استشفع بصفة العلم، وتوسل إليه بصفة القدرة، ناسب أن يسأله من فضله الذي لا ينفد، وكرمه الذي لا يحجب.

أي أنت الذي يعلم ما غاب من الخير والشر، وأنا جاهل ذلك لا أعلمه، فاختر لي الخير بعلمك، ويسره لي بقدرتك، وبارك لي فيه بفضلك.

فلا أحد يعلم الغيب غيره، إلا بإذن منه سبحانه.

والإذن إذنان:

إذن عن طريق الوحي والكلام، وهو خاص بالرسل والأنبياء.

قال تعالى: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدًا إلا من ارتضى من رسول فإنه

ص: 21

يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا} [الجن 26 - 27].

وإذن من الله لمعرفة الغيب، بإدراك السنن الكونية، واكتشاف الحقائق العلمية.

وما عرفه البشر وسيعرفه، مؤمنهم وكافرهم، من الأمور التي كانت غيبًا من قبل، كاكتشاف الكهرباء، ومعرفة الذكر والأنثى في بطن أمه، وغير ذلك مما يعتمد على العلم لا على الخرافة والدجل، فهو من هذا الباب، باب الغيب المؤقت الذي أناطه الله بأسباب، فهو يغيب بغياب أسبابه، ويظهر بظهورها، وليس من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، ولم يأذن باكتشافه ومعرفته.

قوله: ((اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي ويسره لي

.. وإن كنت تعلم

.. ))

[وبعد أن تم التمهيد للدعاء، بمنتهى الحكمة، وحصلت التوطئة للطلب بالتوسل المشروع، شرع السائل بطلب مقصوده .. ولما كان ذلك متعلقاً بعلم الله لا بعلمه، وباختيار الله لا باختياره، علق السائل الأمر بالله

أي: لما كنتَ أنت الذي يعلم عواقب الأمور، خيرها من شرها، فقد فوضت الأمر إليك، لتختار لي ما هو خير، وتصرف عني ما هو شر.

ثم لما كان يُخشى من عوائق تعيق هذا الأمر، ولا يزيلها إلا بالله، بادر بسؤاله التيسير، فقال: فاقدره لي ويسره لي.] [*]

فجماع مقام الاستخارة منوطٌ بثلاثة:

- علم الله، لمعرفة ما هو خير.

- تقدير هذا الخير، وقضاؤه الذي يحتاج إلى قدرة.

- فضل الله الذي لا ينفد، وكرمه الذي لا يرد.

لذا كان من التوفيق العظيم، والحكمة البالغة، أن يجمع بين هذه الثلاثة في دعائه.

فيستفتح دعاءه متوسلاً إلى الله بعلمه، مستعينًا به على اختيار الخير له، ثم أتبع ذلك بما يحتاج إليه بعد الاختيار، من القدرة على الفعل، والإعانة على العمل، لذا استغاث بقدرة الله، وتوسل إليه بهذه الصفة العلية.

ثم ختم ذلك بسؤال الله من فضله وكرمه، كيما يبارك له في المختار، وينفعه به.

وفي هذا تحقيق للتوحيد، بسؤاله بصفاته سبحانه {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها} [الأعراف 180]

قوله: ((فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب))

هذا إقرار بصفات عظيمة من صفات الله، وبوء بعجز العبد في مقابلها، وفي هذا تحقيق للتوحيد، واستعطاف الضعيف القويَّ، واسترشادُ الجاهلِ العليمَ.

وفي هذا غاية الأدب بالاعتراف بضعف العبد {يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد} [فاطر 15]، وإقرار بكمال العرفان بفضله وكرمه {واسألوا الله من فضله} [النساء 32].

فإن من أدب الدعاء، أن يحقق العبد العبودية فيه، وأن يقر بذلك في نفسه، وينطق بلسانه، بعلم الله الواسع، وقدرته العظيمة، وأنهما صفتان عظيمتان من صفات الرحمن.

وإن من كمال العبودية، أن يتبع ذلك

[*] قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هذا من زيادات النسخة الإلكترونية، وليس في المطبوع

ص: 22