الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقدمة
الحمد لله الذي شرع لعباده ما ينفعهم، في دينهم ودنياهم وآخرتهم، وأشهد أن لا إله إلا الذي له الخلق والأمر، والصلاة والسلام على معلم الناس الخير، ومرشدهم إلى طريق البر
…
فما ترك أمراً يقربهم إلى الله تعالى إلا أرشدهم إليه، ولا أمرًا يبعدهم عن الله تعالى إلا حذرهم منه.
أما بعد:
فبين يديك - أخي المسلم - بيان ثلاث صلوات عظيمات مباركات، قد هجرها المسلمون إلا من رحم الله تعالى.
أما الأولى: فهي صلاة الاستخارة .. التي يستخير فيها العبد ربه، ويستشير خالقه، ويحقق بها العبد لله تعالى عبوديته .. وينبئ عن صدق يقينه، وثقته بربه.
فيا لها من صلاة روحية عظيمة، تهب للمسلم الطمأنينة، وتزيده إيماناً مع إيمانه، بحكمة الله البالغة، وشريعته الباهرة، فضلاً عن منحها الاستقرار، والرضى والتسليم بقضاء الجبار، فما أعظمها من صلاة .. وما أجلّها من عبادة.
وأما الثانية: فهي صلاة التوبة .. التي يمحو الله بها الخطايا، ويكفر بها الذنوب .. ومن منا لا يذنب؟ ومن منا لا يخطئ؟
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ((كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون)) (1).
فبهذه الصلاة المباركة، تظهر العبودية الحقة لله تعالى، وإيمان العبد بربه، وأن مصيره بيده سبحانه، ويظهر فيها خوف العبد من عذاب ربه، وطمعه في غفرانه وجنته.
(1) رواه أحمد (13072) والترمذي (2499) وابن ماجه (4251) والحاكم (4/ 272) عن أنس موفوعاً وقال هذا حديث صحيح الإسناد وصححه شيخنا في صحيح الجامع.
فلو لم يكن في هذا الصلاة إلا إظهار الذل، والاعتراف بالذنب، والإنابة إلى الرب، لكفى بها خيرا عظيماً، وتوفيقاً كبيراً، فسارع إليها - يا عبد الله - تكن من المفلحين إن شاء الله تعالى.
وأما الثالثة: فهي صلاة التسابيح .. وإن شئت فسمها صلاة الغفران .. وإن شئت فسمها صلاة التكفير .. أو صلاة التوبة، أو صلاة الإنابة.
ففيها كل هذه المعاني السامية، والثمار اليانعة، فسارع إلى قطافها، فقد أصبحت في زماننا هذا نسياً منسياً، وصلاة مهجورة .. !
فاغتنم شبابك قبل هرمك .. وصحتك قبل مرضك .. وفراغك قبل شغلك .. وقدرتك على العبادة قبل العجز .. وقبل أن تندم يوم لا ينفع الندم.
هذا؛ ولم أشأ أن تكون رسالة جامعية مفصلة، أتتبع فيها مذاهب الفقهاء، واختلاف العلماء، إنما أردت أن تكون ميسورة بين يدي كل مسلم، بعيدة عن التحقيقات الحديثية المطولة، والتفريعات الفقهية المستفيضة، والتخريجات المفصلة، إلا ما كان منه ضرورياً، كالتفصيل في طرق أسانيد حديث صلاة التسبيح، للاختلاف الواقع فيها، ومع ذلك لم أتتبع الطرق كافة، إذ الغاية الوصول إلى صحة الحديث من أقرب الطرق، وتقرير الحكم بأسهلها، كيما تكون رسالة سهلة لدى جمهور المسلمين، مفهومة لدى عامتهم، تجيب عن أسئلتهم، وتحل إشكالاتهم.
ولذلك رتبت أبوابها ترتيباً يناسب عموم المسلمين، فموضوعها يخص كل مسلم - متعلم وغير متعلم - فهي صلوات تجمع خير الدنيا والآخرة،
فمن منا يستغني عن استخارة ربه؟ ومن منا لا يحتاج إلى توبة من ذنبه؟
هذا؛ والله أسأل أن يجعلنا وإياكم من المستخيرين حقًا، والتائبين صدقًا، والمسبحين حمدًا، والموفقين عملاً وقبولاً، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
كتبه
…
عدنان العرعور
…
رمضان 1410 هـ