الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثاً: يدعو بدعاء الاستخارة، وذلك بعد الانتهاء من الصلاة، وهو: ((اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علَاّم الغيوب.
اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر [ثم يسميه](1) خير لي في ديني، ومعاشي، وعاقبة أمري، عاجله وآجله، (2) فاقدره لي ويسّره لي، ثم بارك لي فيه.
وإن كنت تعلم أن هذا الأمر [يذكر الأمر ويسميه] شرٌ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، عاجله وآجله، فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به)).
رابعاً: يجب أن تكون ثقته بالله كبيرة، وتوكله عليه صادقاً، موقنًا بالهداية، منتظرًا الإجابة، غير مستعجل لها.
خامساً: أن يكون متجنبًا موانع استجابة الدعاء جميعها.
هل للاستجابة موانع .. وما هي
؟
نعم؛ إن لاستجابة الله عز وجل موانع، إذا ما حصلت، كانت حائلاً دون استجابة دعاء العبد، وتلبية طلبه.
والاستخارة دعاء، فعلى المسلم تحقيق شروط الدعاء، والالتزام بآدابه، واجتناب موانع استجابته، كي يستجاب له في استخارته، وتقضى له حاجته.
واعلم أن كثيراً من الناس يدعون فلا يستجاب لهم، وذلك لإخلالهم بالشروط، أو فعلهم بعض الموانع التي تحول دون الاستجابة.
ومن موانع استجابة الدعاء فيما يخص الاستخارة ما يلي:
(1) أن يذكر ما يريد.
(2)
تم ضم هذه الزيادة التي أوردها الراوي على الشك، كذا فعل شيخ الإسلام في ((الكلم الطيب)) قال شيخنا:((ليكون الداعي على يقين أنه أتى باللفظ النبوي لم يفته منه شيء)) وكذا رجح ابن عابدين في ((حاشيته)) (2/ 26).
1 ـ أن يكون في كسب الرجل حرام، من اغتصاب حق أو تعامل بالربا، أو أكل أموال الناس بالباطل، أو ظلم، أو غش، أوعدم وفاء بالعقود التجارية، والصناعية، أو غير ذلك، فيدخل عليه المال الحرام، فيأكل منه، ويشرب منه، ويلبس منه، فلا يستجيب الله له.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيهَا الناسُ! إن الله طيبٌ لا يقبلُ إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمرَ به المرسلين، فقال: {يا أيهَا الرسل كلوا منَ الطيِّبات واعمَلُوا صالحًا إنِّي بما تعملون عليم} [المؤمنون 51] وقال {يا أيهَا الذينَ آمنُوا كلوا منْ طيِّبات ما رزقناكُمْ} [البقرة 172] ثمَّ ذكرَ الرجل يطيلُ السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء، يا رب! يا رب! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجابُ لذلك؟ )) (1).
2 ـ أن تكون الاستخارة والدعاء في إثم أو ظلم، فإن كانت في مثل ذلك فلا يستجاب له، كأن يستخير في أمر يكون فيه أذية مسلم، أو سببًا في ظلم مؤمن.
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((ما على الأرض مسلم يدعو بدعوة إلا آتاه الله إياها، أو صرف عنه من السوء مثلها، ما لم يدع بإثم، أو قطيعة رحم)) فقال رجل من القوم: إذن نكثر؛ قال: ((الله أكثر)) (2).
أي: الله أكثر استجابة وعطاء من العبد مهما دعا وطلب.
(1) رواه مسلم (1015) وغيره.
(2)
رواه الترمذي رقم (3568) وحسنه ووافقه شيخنا العلامة الألباني في صحيح الجامع.
3 ـ ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
من موانع استجابة الدعاء، هجر المسلم نصيحةَ إخوانه المسلمين، فلا يأمر بمعروف ولا ينهى عن منكر!
وكيما يستجيب الله الدعاء، ينبغي على المسلم أن يكون مستقيم الحال، صادق المآل، يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر.
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أوسع من أن تكون له هيئة مختصة به، أو جماعة تقوم به، بل هو من واجبات كل مسلم في بيته وأهله، وفي ماله وإخوانه، وفي من حوله، بشرط العلم والاستطاعة والحكمة، وعدم جر مفسدة أكبر مما ينهى عنه.
عن حذيفة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((والذي نفسي بيده، لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكنَّ الله أن يبعثَ عليكم عقابًا منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم)) (1).
4 ـ أن يعتدي في دعائه، كأن يرفع صوته، أو يحدث فيه بدعة، أو يشرك في دعائه أحدًا من خلقه، أو يصرف قلبه تلقاء أحد من عبيده.
قال تعالى: {ادعوا ربكم تضرعًا وخفية، إنه لا يحب المعتدين} [الأعراف: 55]
فمن اعتدى لم يحبه الله ولا يستجيب الله لمن لا يحب.
وقال صلى الله عليه وسلم: ((سيكون قوم يعتدون في الدعاء)) (2).
5 ـ أن يكون الداعي غافلاً عن الله، معرضًا عن دينه، ناسيًا أوامره، مرتكبًا نواهيه.
(1) رواه أحمد (5/ 338) والترمذي رقم (2169) وحسنه وكذلك العلامة الألباني في صحيح الجامع.
(2)
رواه أحمد (1/ 172، 183) وأبو داود (1480) وحسنه شيخنا في صحيح الجامع.
حتى إذا ما أصيب بالضراء، وكان من قبل يعصي الله في الرخاء، قال: يا رب يا رب .. فأنى يستجاب له.
ومن نسي الله في الرخاء، نسيه الله في الشدة .. والجزاء من جنس العمل .. ولا يظلم ربك أحدًا.
قال صلى الله عليه وسلم: ((من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب، فليكثر الدعاء في الرخاء)) (1).
وقال صلى الله عليه وسلم: ((ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاءً من قلب غافل لاهٍ)) (1).
6 ـ مخالفته لبعض الأحكام الشرعية، ومنها:
1 ـ سكوته عن سوء خلق زوجته، وعدم تطليقها.
2 ـ إقراضه مالاً دون إشهاد، إلا لمن غلب على الظن أنهم من أهل الوفاء.
3 ـ دفْعه مالاً للسفهاء، ولو كانوا أولاده أو إخوانه.
قال صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثة يدعون الله عز وجل فلا يستجاب لهم: رجلٌ كانت تحته امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها، ورجل كان له على رجل مال فلم يشهد عليه، ورجل آتى سفيهًا ماله، والله تعالى يقول: ولا تؤتوا السفهاء أموالكم)) (2).
(1) رواهما الترمذي (3479، 3382) والحاكم (1997، 1817) وحسنهما شيخنا الألباني عن أبي هريرة في صحيح الجامع.
(2)
رواه الحاكم (3181) وصححه ووافقه الذهبي والبيهقي في الكبرى 10/ 146 وغيرهما عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه وصححه شيخنا العلامة الألباني في السلسلة (1805)
[ذهب بعض أهل العلم إلى أن لفظ الحديث وإن كان عاماً في عدم الاستجابة إلا أن مقصوده الخصوص. أي: لا يستجيب الله لمن يدعو على هؤلاء الثلاثة لاأن لايستجيب له بالكلية، وذلك عقوبة لتفريطه في هذه الأمور
…
والله أعلم.] قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ما بين المعكوفين من زيادات النسخة الإلكترونية، وليس في المطبوع