الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كما قال معن بن زائدة: ((إنما نعيش بعقل غيرنا)).
وقال بعضهم: الناس ثلاثة:
فواحد كالغذاء لا يستغنى عنه.
وواحد: كالدواء، يحتاج إليه في بعض الأوقات.
وواحد: كالداء لا يحتاج إليه أبدًا.
هل هناك طرق للاستخارة غير هذا
؟
لا يوجد طريقة شرعية للاستخارة غير ما ذكرنا، من الصلاة والدعاء.
إذن ما حكم هذه الاستخارات التي يفعلها الناس؟
ما يفعله كثير من الناس غير الاستخارة الشرعية، إنما هو من محدثات الأمور، عدا عن أنها كانت سببًا في الإِعراض عن الاستخارة الشرعية، وقمين أن لا يستجاب لصاحبها إلا أن يشاء الله تعالى، الأمر الذي يؤدي به إلى ضعف إيمانه، وشكه في قدرة ربه، وسوء ظنه بالله سبحانه.
قال صلى الله عليه وسلم: ((إياكم ومحدثات الأمور)) (1).
وصدق ابن عباس:
((ما من بدعة تحيا إلا وسنة تموت)) (2) 2).
ومن الاستخارات البدعية:
1 -
فتح المصحف، فإن وقف على آية عذاب لم يفعل، وإن وقف على آية رحمة فعل.
2 -
ومنهم من يذهب إلى شيخ ليُبيّت له استخارة، فيخبره الشيخ في اليوم التالي، بما يفعل أو يذر، بناء على منام يراه، أو رأي ارتآه، أو تدجيل دجّله.
(1) أحمد 4/ 126 وأبو داود (4607) والترمذي (2676) عن العرباض بن سارية رضي الله عنه وصححه في الإرواء (2455)
(2)
سبق تخريجه.
3 -
ومنهم من يستخير بالسبحة ((المسبحة)) فإن كان نهاية عده وترًا (فردًا) مضى في فعله، وإن كان نهاية عده شفعًا (زوجًا) لم يفعل، أو عكس ذلك.
ومنهم من يستخير بقطف وريقات الزهرة وهو يقول: أفعل .. لا أفعل، فإن انتهت آخر وريقة مع (أفعل) فعل، وإذا انتهت مع (لا أفعل) ترك!
4 -
ومنهم من يستخير بالألوان والطيور، والأصوات، والكلمات، أو الأمكنة، والأزمنة والأيام.
وغير ذلك من الاستخارات البدعية التي ما أنزل الله بها من سلطان.
5 -
وأعظم من هذا كله أن يستخير المسلم عند الكهان، والسحرة والعرافين.
واعلم أن كل صفة من صفات الاستخارة غير الصفة المشروعة إنما هي بدعة محدثة محرمة.
قال تعالى: {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله} [الشورى 21].
واحذر - يا عبد الله - أن تشرع لنفسك ما لم يأذن الله به، أو يفعله رسول الله، فتفسد عملك، وتبطل أجرك.
واعلم أن أخطر هذه الأنواع الأخيران منها.
أما الرابع: فإنه ضرب من ضروب التشاؤم، الذي هو باب من أبواب الشرك والعياذ بالله، وهو تعليق المستخير أمره بغير الله، وبغير قضاء الله وقدره، وهو عمل من أعمال الشرك والشيطان، الذي كان يتعاطاه أهل الجاهلية الأولى دينًا لهم.
قال صلى الله عليه وسلم: ((ليس منا من تَطَيّر أو تُطيِّر له، أو تَكهَّن أو تُكهِّن له، أو تَسحّر أو تُسحِّر له)) (1).
(1) رواه الطبراني 18/ 162 والبزاز (3578)، صحيح الجامع.
وقال صلى الله عليه وسلم: ((الطِيرَةُ شرك)). (1) أي: التشاؤم شرك وهو تعليق الأحداث بغير الله كالألوان والطيور وما شابه ذلك.
وقال ((من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك)). (2)
وأما الأخير منها، وهو الاستخارة بالعرافة والتكهن، فهو شرك بالله العظيم، وكفر بشرعه القويم، فالغيب لا يعلمه إلا الله، ومن ادعى علم الغيب لنفسه، أو لغيره، ارتد عن الإسلام يستتاب وإلا قتل.
فإنه بفعله هذا، قد حادَّ الله تعالى، وزعم - افتراءً وكذبًا - أن أحدًا من خلقه يشاركه في علم الغيب.
قال صلى الله عليه وسلم ((من أتى عرافًا أو كاهنًا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد)) (3).
وقال صلى الله عليه وسلم: ((من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة)) (4).
وقال صلى الله عليه وسلم: ((من أتى كاهنًا فصدقه بما يقول، أو أتى امرأة حائضًا، أو أتى امرأة في دبرها، فقد كفر بما أنزل على محمد)) (5).
فسارع يا عبد الله إلى التوبة والإنابة، فإن صدق هؤلاء الكهنة والعرافون مرة، فقد كذبوا مائة مرة.
واعلم - رحمك الله - أن بعض صور الاستخارة عند بعض الناس كالأزلام التي كان يتعاطاها أهل الجاهلية، والتي هي ضرب من ضروب الاستخارة التي حرمها الإسلام أشد تحريم، وقرنها
(1) رواه أحمد (3687، 4194) وأبو داود (3910) وابن ماجه (3538) وغيرهم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه (صحيح الجامع).
(2)
رواه أحمد (7045) وغيره عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، (صحيح الجامع).
(3)
رواه الإمام أحمد 2/ 429 والحاكم 1/ 49، (صحيح الجامع).
(4)
رواه مسلم (2230) والحاكم (138).
(5)
رواه أحمد 2/ 476 والترمذي (135) وابن ماجه (639)، (صحيح الجامع).