المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الخلع وَهُوَ: فِرَاقُ زَوْجَتَهُ بِعِوَضٍ بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ وَيُبَاحُ لِسُوءِ عِشْرَةٍ - حاشية ابن قائد على منتهى الإرادات - جـ ٤

[ابن قائد]

الفصل: ‌ ‌كتاب الخلع وَهُوَ: فِرَاقُ زَوْجَتَهُ بِعِوَضٍ بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ وَيُبَاحُ لِسُوءِ عِشْرَةٍ

‌كتاب الخلع

وَهُوَ: فِرَاقُ زَوْجَتَهُ بِعِوَضٍ بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ وَيُبَاحُ لِسُوءِ عِشْرَةٍ ولِمُبْغِضَةِ تَخْشَى أَنْ لَا تُقِيمَ حُدُودَ اللَّهِ تعالى

كتاب الخلع

الخلع: بضم الخاء، اسم من الخلع بفتحها: بمعنى النزع، استعير لافتداء المرأة نفسها من زوجها، فهو استعارةٌ من خَلع اللباس؛ لأن كل واحدٍ منهما لباس للآخر، فإذا فعلا ذلك، فكأن كل واحدٍ نزع لباسه عنه، وفي الدُّعاء:"ونخلع ونهجر من يكفرك"، أي: نبغضه ونتبرأ منه.

قوله: (بعوض) يعني: لزوجها فقط، ولو من غيرها، كطلاقٍ فيهما. تاج. قوله:(بألفاظ) وفائدة الخلع: تخليصها منه على وجهٍ لا رجعة له عليها. إلا برضاها وعقدٍ جديدٍ، وعدم نقص عدد الطلاق، فمجموع هذين الأمرين، هو فائد الخلع. وأما الأمر الأول وحده، فيوجد أيضاً في الطلاق، فإنه تخليص للزوجة من زوجها على وجهٍ لا رجعة له عليها، إلا برضاها وعقدٍ جديدٍ، لكن ينقص به عدد الطلاق. قوله:(لسوءِ عشرةٍ) أي: بأن كره كلٌّ منهما صاحبه.

ص: 197

فِي حَقِّهِ وَتُسَنُّ إجَابَتُهَا حَيْثُ أُبِيحَ إلَّا مَعَ مَحَبَّتِهِ لَهَا فَيُسَنُّ صَبْرُهَا وَعَدَمُ افْتِدَائِهَا وَيُكْرَهُ وَيَصِحُّ مَعَ اسْتِقَامَةِ وَيَحْرُمُ وَلَا يَصِحُّ إنْ عَضَلَهَا لِتَخْتَلِعَ وَيَقَعُ رَجْعِيًّا بِلَفْظِ طَلَاقٍ أَوْ نِيَّتِهِ وَيُبَاحُ ذَلِكَ مَعَ زِنَاهَا وَإِنْ أَدَّبَهَا لِنُشُوزِهَا أَوْ تَرْكِهَا فَرْضًا فَخَالَعَتْهُ لِذَلِكَ صَحَّ وَيَصِحُّ، وَيَلْزَمُ

قوله: (إجابتها) يعني: إذا سألته. قوله: (حيث أُبيحَ) كما في الصورتين السابقتين. قوله: (إلا مع محبته) أي: فلا يسن أن يجيبها. قوله: (ويكره) أي: الخلع. قوله: (ويحرم ولا يصح إن عضلها) أي: منعها من الواجب، أو ضربها ضربا محرمًا. أما لو منعها كمال الاستمتاع مع أداء الواجب، وقصد بقطع ما عوَّدها من الزيادة، إلجاءها إلى الافتداء، كره ذلك، وصحَّ الخلع. فتدبر. قوله:(ويقع رجعيًا) أي: حين إذ عضلها. قوله: (أو نيته) أي: ولم تبن منه؛ لفساد العوض، فإن لم يكن بلفظ طلاق أو نيته، فلغو. قوله:(ويباح ذلك) أي: العضل لتفتدي منه. قوله: (صح) أي: وأبيح له العوض.

ص: 198

مِمَّنْ يَقَعُ طَلَاقُهُ وبَذْلُ عِوَضِهِ مِنْ مَنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ وَلَوْ مِمَّنْ شَهِدَا بِطَلَاقِهَا وَرُدَّا فِي افْتِدَاءِ أَسِيرٍ فَيَصِحُّ اخْلَعْهَا عَلَى كَذَا عَلَى أَوْ عَلَيْهَا، وَأَنَا ضَامِنٌ وَلَا يَلْزَمُهَا إنْ لَمْ تَأْذَنْ وَيَصِحُّ سُؤَالُهَا عَلَى مَالِ أَجْنَبِيٍّ بِإِذْنِهِ وبِدُونِهِ إنْ ضَمِنَتْهُ، وَيَقْبِضُهُ زَوْجٌ وَلَوْ صَغِيرًا أَوْ سَفِيهًا أَوْ قِنًّا كَمَحْجُورٍ عَلَيْهِ لِفَلَسٍ، وَمُكَاتَبٍ الْمُنَقِّحُ، وَقَالَ الْأَكْثَرُ وَلِيُّ وَسَيِّدُ وَهُوَ أَصَحُّ انْتَهَى وَإِنْ قَالَ َلِّقْ بِنْتِي وَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ مَهْرِهَا فَفَعَلَ فرَجْعِيٍّ وَلَمْ يَبْرَأْ

قوله: (ممن يقع طلاقه) يعني: ولو عبدًا أو صغيرًا يعقله، حتى الحاكم في إيلاء ونحوه، والسفيه. قوله:(ممن يصح تبرعه) وهو المكلف غير المحجور عليه. قوله: (وردًا) أي: لمانع. قوله: (كفي افتداءِ أسيرٍ) أي: كمبذول

إلخ. قوله: (على مال أجنبيٍّ) أي: غير زوجها، كقولها: اخلعني على عبد زيدٍ وأنا ضامنته.

قوله: (أن ضمنته) فيلزمها بدله، وإن لم تضمنه، ولم يصحَّ الخلع. قوله:(ويقبضه زوج) أي: عاقل. قوله: (ولو صغيرًا) أي: يعقل الخلع. قوله: (ولي) أي: ولي صغيرٍ وسفيهٍ. قوله: (وهو أصح) وهو المذهب.

ص: 199

وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْأَبِ وَلَا تَطْلُقُ إنْ قَالَ طَلَّقْتُهَا إنْ بَرِئْتُ مِنْهُ وَلَوْ قَالَ زَوْجٌ إنْ أَبْرَأْتَنِي أَنْتَ مِنْهُ فَهِيَ طَالِقٌ فَأَبْرَأهُ لَمْ تَطْلُقْ

قوله: (إن قال: طلقها إن برئت) يعني: لأنه لا يبرأ. قوله: (لم تطلق) يعني: رشيدة كانت أو لا. ومن قال لزوجته: أن أبرأتني من حقوق الزوجية، ومن العدة، أي: نفقتِها، فأنتِ طالقٌ، فأبرأته، فأفتى ابن نصر الله: بعدم صحة البراءةِ، وعدم وقوع الطلاقِ، وعلَّل ذلك، فقال: أما عدم صحة البراءة؛ فلأنَّها قصدت المعاوضة في الطلاق، ولم يقع الطلاق، فلم تصح البراءة، وأما عدم وقوع الطلاق؛ فلأنه علقه على الإبراء من العدة، والمراد: من نفقتها، ولا تصح البراءة منها، إلا بعد وجوبها، ولا تجب العدة، إلا بالطلاق، فلا يتصور وقوعُ الطلاق؛ لتوفقه على ما هو متوقف عليه، فيدور. انتهى. كتب بعضهم عليه ما صورتُه: يؤخذ من مسألة الخرقي؛ فيما إذا خالع حاملا فأبرأته من حملها، ومما ذكره المصنف بعد هذا، يعني: صاحب "الفروع" وفي "المحرر"؛ فيما إذا خالعها على نفقة عدتها، ما يمنع ذلك. انتهى. وأقول: لا نسلِّم ذلك؛ لأن نفقة الحمل في الصورة المذكورة مستحقَّة على الزوج؛ بسببٍ موجود، وهو الحمل، فصحَّ الخلع بها، بخلاف مسالة المحب ابن نصر الله، رحمه الله، فإن الطلاق فيها على

ص: 200

وَلَيْسَ لِأَبِ صَغِيرَةٍ أَنْ يُخَالِعَ مِنْ مَالِهَا وَلَا لِأَبِ سَيِّدِهِمَا أَنْ يُخَالِعَا أَوْ يُطَلِّقَا عَنْهُمَا وَإِنْ خَالَعَتْ عَلَى شَيْءٍ أَمَةٌ بِلَا إذْنِ سَيِّدِ أَوْ خَالَعَتْ مَحْجُورَةٌ لِسَفَهٍ أَوْ صِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ أَذِنَ فِيهِ وَلِيٌّ، وَيَقَعُ بِلَفْظِ طَلَاقٍ أَوْ نِيَّتِهِ رَجْعِيًّا

نفقه العدة، ولم يوجد سببها، أعني: الطلاق الرجعي؛ إذ لا سبب لها غيره. فتدبر. قوله أيضًا على قوله: (لم تطلق) يعني: ما لم يكن قصده مجرد تلفظٍ بالإبراء، كما في "الاقناع".

قوله: (وليس لأب صغيرةٍ) هذا كقوله:

بأبه اقتدى

قوله: (من مالها) لأنه لا حظَّ لها في ذلك. قوله: (أمةٌ) يعني: ولو مكاتبة. قوله: (ولو أذن فيه ولي) لأنه لا إذن له في التبرع. قال في "المبدع": والأظهر: الصحة مع الإذن.

ص: 201

وَلَا يَبْطُلُ إبْرَاءُ مَنْ ادَّعَتْ سَفَهًا حَالَتَهُ بِلَا بَيِّنَةٍ وَيَصِحُّ مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهَا لِفَلَسٍ فِي ذِمَّتِهَا

فصل

وهو طلاق بائن ما لم يقع بلفظ صريح في خلع كفسخت

قوله: (بلا بينة) أي: على سفهها، كمن باع، ثم ادعى سفهاً، ونحوه. قوله:(في ذمتها) أي: ويأخذ منها إذا انفكَّ الحجر عنها، وعلم منه: أنه لا يصح بمعين؛ لتعلق حق الغرماء به.

قوله: (وهو طلاقٌ بائن

إلخ) اعلم: أن لفظ الخلع ونحوه، من الألفاظ التي ليس فيها لفظُ الطلاق، إما أن يقترن بعوض أو لا، وعلى التقديرين، إما أن ينوي الزوج بذلك اللفظ الطلاق، أو لا. فهذه أربع صورٍ مختلف حكمها. فيكون طلاقا في صورتي النيَّة بعوض أو دونه، وفسخا لا ينقص عدد الطلاق في صورة العوض بلا نيةٍ، ولا فسخًا ولا طلاقاً، بل لغوا في صورة عدم العوض والنية. قوله:(بلفظ صريحٍ) أي: أو كناية خلع، وأولى. وحينئذ فلم يبق شيء من ألفاظه سوى تلك، فكيف يكون طلاقاً بائناً بأي لفظٍ غير تلك؟ تاج. إذا تقرر ذلك، فقول المصنف:(مالم يقع بلفظ صريح في خلع) يعني: أو بلفظ كناية وأولى، كما يفهم مما

ص: 202

وخلعت وفاديت ولم ينو به طلاقا فيكون فسخا لا ينقص به عدد طلاق ولَمْ يَنْوِ خُلْعًا وَكِنَايَاتُهُ بَارَيْتُكَ، وَأَبْرَأْتُكِ، وَأَبَنْتُكِ فَمَعَ سُؤَالِ وَبَذْلِ يَصِحُّ بِلَا نِيَّةٍ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْهَا مِمَّنْ أَتَى بِكِنَايَةٍ،

قدمه في "الفروع" وكأنه إنما ذكر الصريح؛ ليرتب عليه قوله: (ولو لم ينو خلعًا)، وإنما صح الخلع بالصريح بلا نيةٍ، أي: لأن الصريح في شيء لا يحتاج إليها.

قوله: (فمع سؤال وبذل) أي: إن أردت حكم الكناية. فمع سؤال الزوجة الخلع، والتزامها العوض، يصح الخلع بلا نيةٍ؛ لن مجموع ذلك، قرينة على إرادته، ولعل سؤال غير الزوجة، وبذله العوض، كذلك. وبخطه أيضاً على قوله:(فمع سؤال وبذل) إنما كان البذل والسؤال ونحوُهما، قائمة مقام نية الزوج للكناية، مع أنها ليست من فعله - والقاعدة: أن لا يُستدل على قصد شخص بفعل غيره، بل فعله - تنزيلا لإجابته للسؤال، ولقبضه للعوض منزلة فعلهما، كنعم وبلى، عقب كلام آخر من آخر. تاج الدين البهوتي. قوله: (وإلا فلا بد

إلخ) أي: وإن لم تسأله الخلع وتبذل له العوض، فلا يصحُّ الخلعُ بالكنايةِ، إلا بالنيةِ. والحاصل: أنه لا بد في الكناية من أحد أمرتن: النية، أو القرينة.

ص: 203

وَتُعْتَبَرُ الصِّيغَةُ مِنْهُمَا فمِنْهُ خَلَعْتُكِ أَوْ نَحْوُهُ عَلَى كَذَا ومِنْهَا رَضِيتُ أَوْ نَحْوُهُ وَيَصِحُّ بِكُلِّ لُغَةٍ مِنْ أَهْلِهَا لَا مُعَلَّقًا كَإنْ بَذَلْتِ لِي كَذَا فَقَدْ خَالَعْتكِ وَيَلْغُو شَرْطُ رَجْعَةٍ أَوْ خِيَارٍ فِي خُلْعٍ دُونَهُ، وَيَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى فِيهِ وَلَا يَقَعُ بِمُعْتَدَّةٍ مِنْ خُلْعٍ طَلَاقٌ وَلَوْ وَجَّهَتْ بِهِ وَمَنْ خُولِعَ جُزْءٌ مِنْهَا كَنِصْفِهَا أَوْ يَدِهَا لَمْ يَصِحَّ الْخُلْعُ

قوله: (وتعتبر الصيغةُ) أي: يُشترط لصحةِ الخلعِ: الإيجابُ من الزوجِ، أو وكيله، والقبول من الزوجةِ، أو من يقوم مِقامها، فلا يصح الخلع بمجرد بذل المال، وقبوله، ولا بد وأن يكون ذلك في المجلس، كالبيع. قوله:(ويصحُّ بكل لغةٍ من أهلها) أي: أهل تلك اللغة، أي: العارفِ بها. قوله: (لا معلقا) أي: لا يصحُّ تعليق الخلع على مستقبل غير إن شاء الله تعالى، كقوله: خلعتك إذا جاء رأس الشهر، أو إن رضي زيد إلحاقا له بعقود المعاوضات، ثم إن كان بنية الطلاق، فطلاق معلق، وإلا فلغو. وقد تقدمت هذه المسألة في قول المصنف في باب الشروط في البيع:(ويصح تعليق فسخ غير خلع بشرط). قوله: (ويستحق المسمى فيه) أي: في الخلع بشرط رجعة، أو خيار. قوله:(ومن خولع جزء منها) أي: مشاعًا، (كنصفها)، أو معينا، (كيدها). ويصير طلاقها بنيته.

ص: 204

فصل

ولا يصح إلا بعوض وَكُرِهَ بِأَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا

قوله: (ولا يصح) أي: الخلع. (إلا بعوض) أي: لأنه ركنٌ فيه، فلم يصح تركه، كالثمن في البيع. لا يقال: هلا يصح الخلع في صورة تجرده عن العوض، ويجب مهر المثل؟ لأنَّا نقول: خروج البضع من ملك الزوج غير متقوَّم، فإذا رضي بغيرِ عوضٍ، لم يكن له شيء، كما لو طلقها، أو علقه على فعل، ففعلته، وفارق النكاح، فإنَّ دخول البضع في ملك الزوج متقوم، ثم العوض في الخلع، كالعوض في البيع والصداق، يدخل في ضمان الزوج بالعقد إن لم يكن نحو مكيلٍ، أو برؤية متقدِّمة أو صفة، وإلا فمن ضمانِ الزوجة. قوله:(وكره بأكثر مما أعطاها) لعل المراد: إذا كان العوض منها.

ص: 205

وَهُوَ عَلَى مُحَرَّمٍ يَعْلَمَانِهِ كَخَمْرٍ، وَخِنْزِيرٍ كَبِلَا عِوَضٍ فَيَقَعُ رَجْعِيًّا بِنِيَّةِ طَلَاقٍ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَاهُ كعَبْدٍ فَبَانَ حُرًّا أَوْ مُسْتَحَقًّا صَحَّ وَلَهُ بَدَلُهُ وَإِنْ بَانَ مَعِيبًا فَلَهُ أَرْشُهُ أَوْ قِيمَتُهُ، وَيَرُدُّهُ وَإِنْ تَخَالَعَ كَافِرَانِ بِمُحَرَّمٍ ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَيَصِحُّ عَلَى رَضَاعِ وَلَدِهِ مُطْلَقًا، وَيَنْصَرِفُ إلَى حَوْلَيْنِ أَوْ تَتِمَّتِهِمَا

قوله: (وهو على محرم يعلمانه) لعل مثله إذا علمه الزوج وحده؛ لأنه حينئذ رضي بلا عوضٍ. قوله: (فيقع رجعيا

إلخ) أي: فيقع الخلع بلا عوض، أو بعوض محرم يعلمانه، أو الزوج على ما ذكرنا، طلاقاً رجعيًا إن نوى به الطلاق، وإلا فلغوٌ. قوله:(أو قيمته) أي: إن كان متقوَّمًا، كالعبد في مثاله، وإلا فمثله، ولو بدله، لشملها. قوله:(فلا شيء له) أي: للزوج؛ لأن المحرم ثبت في ذمتها بالخلع، فلم يكن له غيره، وقد سقط بالإسلام، فلم يجب غيره. قوله:(ويصحُّ) أي: الخلع. (على رضاع ولده) أي: على إرضاعها ولده المعين منها، أو من غيرها، أي: بلا تقدير مدة. قوله: (وينصرف إلى حولين) أي: إن كان الخلع عند الوضع، أو قبله. قوله:(أو تتمتهما) أي: بقيةِ الحولينِ، إن مضى منهما شيء قبل الخلع.

ص: 206

وعَلَيْهِ أَوْ عَلَى كَفَالَتِهِ أَوْ نَفَقَتِهِ أَوْ سُكْنَى دَارِهَا مُدَّةً مُعَيَّنَةً فَلَوْ لَمْ تَنْتَهِ حَتَّى انْهَدَمَتْ أَوْ جَفَّ لَبَنُهَا أَوْ مَاتَتْ أَوْ الْوَلَدُ رَجَعَ بِبَقِيَّةِ حَقِّهِ يَوْمًا فَيَوْمًا وَلَا يَلْزَمُهَا كَفَالَةُ بَدَلِهِ أَوْ لِرَضَاعَةٍ وَلَا يُعْتَبَرُ تَقْدِيرُ نَفَقَةٍ، وَوَصْفِهَا وَيَرْجِعُ لِعُرْفٍ، وَعَادَةٍ وَيَصِحُّ عَلَى نَفَقَةٍ مَاضِيَةٍ

قوله: (وعليه أو على كفالته

إلخ) عطف على قوله: (على رضاع ولده) أي: ويصح على رضاعِ ولده مدةً معيَّنة، وكذا ما بعده. قوله:(رجع) أي: الزوج على المخالعة في صور الانهدام، والجفاف، وموت الولد، وعلى تركتها في صورة موتها ببقية حقِّه على الصفة التي وقع عليها العقد، كما أشار إلى ذلك المصنف بقوله:(يومًا فيومًا) أي: يدفع له ما بقي كل يوم بحسبه، فلا يستحقه معجلا، وهذا واضح في غير صورة موتها، إذا لم توثق الورثة. أما فيها، فينبغي أن يأخذه معجلا؛ لحلوله بالموت، كما تقدم في الحجر. قوله: (ولا يعتبر تقدير نفقته

إلخ) فلا يشترط ذكر طعام، وجنسه، ولا قدر أُدم، وجنسه، اكتفاءً بالعرف، والأولى ذكر ذلك وتقديرُ المدةِ. وللوالد أن يأخذ منها ما شرط لولده، وينفقه بعينه، أو يأخذه لنفسه، وينفق عليه غيره. قوله:(ويصحُّ على نفقة ماضية) أي: في ذمة الزوج لزوجته، كسائر الديون.

ص: 207

ومِنْ حَامِلٍ عَلَى نَفَقَةِ حَمْلِهَا، وَيَسْقُطَانِ وَلَوْ خَالَعَهَا فَأَبْرَأَتْهُ مِنْ نَفَقَةِ

قوله: (ومن حامل على نفقة حملها) أي: ويبرأ إلى فطامه. قوله: (ويسقطان) أي: النفقة الماضية. ونفقة الحمل عن الزوج. قوله: (ولو خالعها فأبرأته

إلخ) الظاهر: أن المراد بهذه العبارة: أن تبرئه من نفقة حملها قبل الخلع؛ بأن تجعل الإبراء عوضاً فيه فيخالعها، كما صرَّح بذلك في "الإقناع". وبخطه على قوله:(ولو خالعها) أي: على عوضٍ، ثم أبرأته من نفقة حملها؛ بريء إلى فطامه، ويحتمل أن المراد: أنها أبرأته قبل خلعه من نفقة حملها؛ بأن جعلت الإبراء عوضًا في الخلع، فخالعها صح، وبريء إلى فطامه، كما تقدم في "الإقناع" وهذا أولى. فتأمل، والله أعلم. أما لو خالعها على عوض، ثم أبرأته من نفقة حملها، فإنه يبرأ إلى فطامه. كما في "شرح الإقناع". وإنما صح الخلع في صورة جعل العوض الإبراء من نفقة الحمل، مع أن الإبراء من النفقة ليس من مالكها، فإنها للحمل، لكنَّها كالمالكة لها، كما قاله القاضي. أما كونها كالمالكة للنفقة مدة الحمل، فواضح، وأما بعد الوضع؛ فلأنَّها لولا ذلك لأحذت أجرة رضاعها، أو ما زاد على ذلك من كُسوة الطفل، ودهنه، فلا يدخل

ص: 208

حَمْلِهَا بَرِئَ إلَى فِطَامِهِ وَيَصِحُّ عَلَى مَا لَا يَصِحُّ مَهْرًا لِجَهَالَةٍ أَوْ غَرَرٍ فمُخَالِعٍ عَلَى مَا بِيَدِهَا أَوْ بَيْتِهَا مِنْ دَرَاهِمَ أَوْ مَتَاعٍ مَا بِهِمَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ فَلَهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ أَوْ مَا يُسَمَّى مَتَاعًا وعَلَى مَا تَحْمِلُ أَمَةٌ أَوْ مَا فِي بَطْنِهَا

تحت الإبراء؛ لأنه ليس في يدها ولا في حكمه، على أنا نقول: إن الإبراء في الصورة المذكورة، ليس على حقيقته، بل هو محمول على معناه، وهو أنها تقوم عنه بما يجب عليه مما ذكرنا، فهو نظير ما إذا خالعها على نفقة ولدِه المعيَّن، ولو كان إبراءً حقيقة، لم يصح لا من المالك، ولا ممَّن هو في حكمه؛ لأنه إبراءٌ مما سيجب، فهو كما لو قالت الزوجةُ لزوجها: أبرأتك من نفقة غدٍ، فإنَّه لا يصح، والله أعلم.

قوله: (ما بهما) أي: ما في اليد أو البيت من ذلك، ولو أقلَّ من ثلاثة، فلو كان فيهما غير المسمى، كما لو خالعها على ما بيدِها من دراهمَ، فكان فيها دنانيرٌ، فهل يستحقها، أو يكون كما لو لم يكن بيدها شيء؟ الظاهر: الثاني

ص: 209

مَا يَحْصُلُ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ وَجَبَ فِيهِ وفِيمَا يُجْهَلُ مُطْلَقًا كَثَوْبٍ وَنَحْوِهِ مُطْلَقُ مَا تَنَاوَلَهُ الِاسْمُ وعَلَى ذَلِكَ الثَّوْبِ الْهَرَوِيِّ فَبَانَ مَرْوِيًّا لَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ وَيَصِحُّ عَلَى هَرَوِيٌّ فِي الذِّمَّةِ وَيُخَيَّرُ إنْ أَتَتْهُ بمَرْوِيٍّ بَيْنَ رَدِّهِ، وَإِمْسَاكِهِ

فصل

وطلاق معلق بعوض كخلع في إبانة فَلَوْ قَالَ إنْ أَعْطَيْتِنِي عَبْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلَقَتْ بَائِنًا

قوله: (ما يحصل) أي: من الشجرة والأمة، لكن قياس ما تقدَّم في الوصيةِ، له قيمةُ ولد الأمة؛ لحرمة التفريق.

قوله: (وطلاق معلَّق بعوض) أي: وطلاقٌ بشرط عوض، سواء كان الطلاق في نفسه منجزًا، كقوله: إن أعطيتني ألفًا، فأنت طالق الآن، أو معلقا، كقوله: إن أعطيتني ألفًا، فأنت طالق، إذا جاء زيد، ونحوه.

ص: 210

بِأَيِّ عَبْدٍ أَعْطَتْهُ وَمَلَكَهُ وَإِنْ إنْ أَعْطَيْتِنِي هَذَا الْعَبْدَ أَوْ هَذَا الثَّوْبَ لْهَرَوِيَّ فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَأَعْطَتْهُ إيَّاهُ طَلَقَتْ مَرْوِيًّا وَإِنْ بَانَ مُسْتَحَقَّ الدَّمِ فَقُتِلَ. فَلَهُ أَرْشُ عَيْبِهِ وَإِنْ خَرَجَ أَوْ بَعْضُهُ مَغْصُوبًا أَوْ حُرًّا فِيهِمَا لَمْ تَطْلُقْ

قوله: (بأي عبد) أي: يصحُّ تمليكُه، لا نحو منذور عتقه نذز تبرر. وظاهره: حتى المكاتب؛ لجواز نقل الملك فيه خلافا لـ "الإقناع". قوله: (أعطته) أي: ولو متراخيًا. قوله: (وإن أعطيتني هذا العبد) مثله، كما في "الإقناع": إن اعطيتني عبدًا. ويمكن أن يكون قول المصنِّف بعد هذا: (ولا شيء له إن بان معيبا) أي: في الصورتين، أعني: صورة التنكير، أو التعريف والإشارة، فيكون كلام المصنف مساوياً لما في "الإقناع". قوله:(وإن بان مستحقَّ الدم) أي: مباح الدم بقصاص، أو غيره. قوله:(فأرش عيبه) قاله القاضي، خلافاً لابن البنا. قوله:(لم تطلق) أي: بإعطائه؛

ص: 211

وَإِنْ عَلَّقَهُ عَلَى خَمْرٍ أَوْ نَحْوِهِ فَأَعْطَتْهُ فرَجْعِيٌّ وإنْ أَعْطَيْتِنِي ثَوْبًا هَرَوِيًّا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ مَرْوِيًّا أَوْ هَرَوِيًّا مَغْصُوبًا لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ أَعْطَتْهُ هَرَوِيًّا مَعِيبًا، فَلَهُ مُطَالَبَتُهَا بسَلِيمٍ وإنْ أَوْ إذَا أَوْ مَتَى أَعْطَيْتنِي أَوْ أَقْبَضْتِنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ لَزِمَ مِنْ جِهَتِهِ فَأَيَّ وَقْتٍ أَعْطَتْهُ عَلَى صِفَةٍ يُمْكِنُهُ الْقَبْضُ أَلْفًا فَأَكْثَرَ وَازَنَهُ بِإِحْضَارِهِ وَإِذْنُهَا فِي قَبْضِهِ وَلَوْ مَعَ نَقْصٍ فِي الْعَدَدِ بَانَتْ وَمَلَكَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ وطَلِّقْنِي أَوْ اخْلَعْنِي بِأَلْفٍ أَوْ عَلَى أَلْفٍ، أَوْ وَلَك أَلْفٌ، أَوْ إنْ طَلَّقْتَنِي أَوْ خَلَعْتَنِي فَلَكَ أَوْ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْهُ فَقَالَ لَهَا طَلَّقْتُكِ أَوْ قَالَ لَهَا خَلَعْتُكِ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ لْأَلْفَ بَانَتْ وَاسْتَحَقَّهُ مِنْ غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ إنْ أَجَابَهَا عَلَى الْفَوْرِ وَلَهَا الرُّجُوعُ قَبْلَ إجَابَتِهِ عَلَى شَيْءٍ فَطَلَّقَ لَمْ يَسْتَحِقَّهُ، وَوَقَعَ رَجْعِيًّا

لأنه إنما يتناول ما يصح إعطاؤها إياه.

قوله: (بإحضاره) أي: بين يدَيْه متمكنًا من قبضه، ولا يدٌ ظالمة حائلة. تاج الدين البهوتي.

قوله: (ووقع رجعيًا) أي: بشرطِه الآتي؛ بأن يكون أقل من ثلاث في مدخول بها.

ص: 212

وَمَنْ سُئِلَ الطَّلَاقَ فَخَلَعَ لَمْ يَصِحَّ وطَلِّقْنِي أَوْ طَلِّقْهَا بِأَلْفٍ إلَى شَهْرٍ أَوْ بَعْدَ شَهْرٍ لَمْ يَسْتَحِقَّهُ إلَّا بِطَلَاقِهَا بَعْدَهُ ومِنْ الْآنِ إلَى شَهْرٍ لَمْ يَسْتَحِقَّهُ إلَّا بِطَلَاقِهَا قَبْلَهُ وطَلِّقْنِي بِهِ عَلَى أَنْ تُطَلِّقَ ضَرَّتِي عَلَى أَنْ لَا تُطَلِّقَهَا صَحَّ

قوله: (فخلع، لم يصح) أي: لعدم الصيغة منهما فيه، وعدم العوض أيضا، فإنها إنما للطلاق، ومحل ذلك ما لم ينو بالخلع الطلاق، وإلا وقع طلاقاً بائنا، واستحقَّ العوض. قوله:(بألف إلى شهر)"إلى" هنا، بمعنى "من" الابتدائية؛ لأن الطلاق لا غاية لانتهائه، وإنما الغاية لابتدائه. فقوله:(إلى شهرٍ) أي: طلاقاً مبتدأ من شهر، أي: من مضي شهر، فلا بد في استحقاق العوض في الصورة المذكورة أن يوقع الطلاق بعد مضي شهر من حين السؤال، سواء أوقعه منجزا؛ بأن صبر إلى أن مضى الشهر، ثم نجز الطلاق، أو أوقعه معلَّقًا، كما لو قال حين السؤال: إذا جاء رأس الشهر. والظاهر: أنه لا يملكُ المطالبة بالعوض، حتى يمضي الشهر، ويقع الطلاق. فتدبر.

ص: 213

الشَّرْطُ، وَالْعِوَضُ وَإِنْ لَمْ يَفِ فَلَهُ الْأَقَلُّ مِنْهُ، وَمِنْ الْمُسَمَّى وطَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ أَوْ عَلَى أَلْفٍ أَوْ وَلَك أَلْفٌ، وَنَحْوَهُ فَطَلَّقَ أَكْثَرَ اسْتَحَقَّهُ وَلَوْ أَجَابَ بأَنْتِ طَالِقٌ، وَطَالِقٌ، وَطَالِقٌ بَانَتْ بِالْأُولَى

قوله: (وإن لم يف فله الأقل

إلخ) أي: إذا لم يطلِّق ضرتها في الصورة الأولى، أو طلَّقها في الثانية، فإن طلاق السائلة بائن؛ لأنه بعوض، ثم إن كان العوض المذكور في الطلاق أكثر من الصداق المسمى، فليس له ما سمى في الطلاق؛ لأنه لم يف بالشرط، لكنه لم يطلق إلا بعوض، فإذا لم يسلم له، رجع إلى ما رضي به عوضًا، وهو الصداق، وأما إن كان المسمى في الطلاق أقل من الصداق، فليس له إلا ما سمي في الطلاق؛ لأنه رضي بكونه عوضًا عن زوجته، وعن شيء آخر، فإذا جعل كله عنها، كان أحظ له. قوله:(فطلق أكثر استحقه) أي: من غالب نقد البلد، إن أجابها على الفوز، ولها الرجوع قبل إجابته، كما تقدَّم آخر الفصل قبله. قوله:(بانت بالأولى) أي: إن نوى كون الألف في مقابلتها، فظاهر: أنها تبين بالأولى، ويستحق الألف، ولا يلحقها ما بعدها، وأما إن نواه بعد الثانية، وجعل الألف في مقابلتها، فالأولى رجعية، وتبين بالثانية، ويستحق الألف، فإن

ص: 214

وَإِنْ ذَكَرَ الْأَلْفَ عَقِبَ الثَّانِيَةِ بَانَتْ بِهَا والْأُولَى رَجْعِيَّةً وَلَغَتْ الثَّالِثَةُ وَإِنْ ذَكَرَهُ عَقِبَهَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا وطَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ أَقَلَّ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَقِيَ مِنْ الثَّلَاثِ إلَّا مَا أَوْقَعَهُ وَلَوْ لَمْ تَعْلَمْ اسْتَحَقَّ الْأَلْفَ وَلَوْ قَالَ امْرَأَتَاهُ طَلِّقْنَا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً بَانَتْ بِقِسْطِهِمَا وَلَوْ قَالَتْهُ إحْدَاهُمَا فَرَجْعِيٌّ وَلَا شَيْءَ لَهُ

نوى جعل الألف في مقابلة الأولى والثانية، بانت بالأولى بنصف الألف، وإن نواه بعد الثالثة، وجعله في مقابلتها وحدها، فكذلك تبين بها، وما قبلها رجعي، وإن نوى الألف بعد الثالثة، وجعله في مقابلة الثلاث، بانت بالأولى بثلث الألف، وإن جعله في مقابلة الثالثة والثانية، فالأولى رجعية، وتبين بالثانية بنصف الألف. هذا مقتضى ما ذكروه في هذا المحل.

قوله: (ولو قال امرأتاه) بخذف تاء التأنيث من الفعلِ، كما هو بخط المصنف. وهو لغة، سمع سيبويه: قال فلانةٌ. قوله: (بانت بقسطها) أي: من الألف، ويسقط على مهرِ مثليهما، فإذا كان مهر مثل المطلَّقة ستين، والأخرى أربعين، كان له من الألف ست مئة. قوله:(ولو قالته) أي: طلقنا بألفٍ، (إحداهما، فرجعيٌّ) سواء طلق السائلة، أو ضرتها؛ لخلوه من العوض؛

ص: 215

وأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ وَاحِدَةٌ طَلَقَتْ بِقِسْطِهَا وأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ بِأَلْفٍ إنْ شِئْتُمَا فَقَالَتَا شِئْنَا، وَإِحْدَاهُمَا غَيْرُ رَشِيدَةٍ وَقَعَ بِهَا رَجْعِيًّا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا وبِالرَّشِيدَةِ ; بَائِنًا بِقِسْطِهَا مِنْ الْأَلْفِ وأَنْتِ طَالِقٌ، وَعَلَيْكِ أَلْفٌ أَوْ عَلَى أَلْفٍ أَوْ بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ بِالْمَجْلِسِ بَانَتْ، وَاسْتَحَقَّهُ وَإِلَّا وَقَعَ رَجْعِيًّا وَلَا يَنْقَلِبُ الطَّلَاقُ بَائِنًا إنْ بَذَلَتْهُ بِهِ بَعْدَ رَدِّهَا

لعدم وفائه بما طَلَبت. فإنها جعلت الألف في مقابلة طلاقها مع ضرتها، ولم يف به، بخلاف السابقة، فإن كل واحدةٍ منهما بذلت له قسطاً من الألف في مقابلة طلاقها وحدها.

قوله: (فقالتا: شئنا) عُلم منه: أنه لو شاءت الرشيدة فقط، لم يقع طلاق؛ لعدم وجود المعلق عليه. قوله:(وبالرشيدة بائناً بقسطها) أي: من الألف، يقسط على مهر مثليهما، خلافا لـ "الإقناع"، حيث ألزم الرشيدة بنصف الألف. قال في "الإنصاف": على الصحيح في المذهب. قوله: (وأنت طالق وعليك ألف

إلخ) اعلم: أن الزوج تارة يجعل الطلاق معلقاً على العوض، كقوله: إن أعطيتني كذا، فأنت طالق، أو أنت طالق،

ص: 216

وَيَصِحُّ رُجُوعُهُ قَبْلَ قَبُولِهَا

فصل

إذا خالعته في مرض موتها فَلَهُ الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى أَوْ إرْثِهِ مِنْهَا وَإِنْ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ثُمَّ وَصَّى أَوْ أَقَرَّ لَهَا بِزَائِدٍ عَنْ إرْثِهَا لَمْ تَسْتَحِقَّ الزَّائِدَ وَإِنْ خَالَعَهَا، وَحَابَاهَا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَمَنْ وَكَّلَ فِي خلع امْرَأَتِهِ مُطْلَقًا

إن أعطيتني كذا، فلا يقع الطلاق، إلا بوجود المعلق عليه، كما تقدم ويأتي، وتارةً يوقع الطَّلاق، ثم يشترط العوض كما هنا، فيقع الطلاق منجزًا مطلقا، أي: سواء قبلت أو لا، وأما العوض، فإن التزمته وقع الطلاق بائنا، واستحقه بشرطين: أن تلتزم العوض بالمجلس. وأن لا يتقدم التزامها ردها لالتزام العوض، فإن عدما أو أحدهما، فالطلاق رجعي.

قوله: (ويصح رجوعه) أي: عن طلب العوض (قبل قبولها) أي: التزامها العوض، فيكون رجعيًا، ولا تبين منه ببذل العوض بعد. قوله:(فله الأقلُّ من المسمَّى) أي: العوض المذكور في الخلع. قوله: (مطلقا) هو مفعول مطلقٌ، أي: توكيلا مطلقا من غير تقدير عوض،

ص: 217

فَخَالَعَ بأَنْقَصَ مِنْ مَهْرِهَا ضَمِنَا لنَّقْصَ وَإِنْ عَيَّنَ لَهُ الْعِوَضَ فَنَقَصَ مِنْهُ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ زَادَ مَنْ وَكَّلَتْهُ، وَأَطْلَقَتْ عَلَى مَهْرِهَا أَوْ مَنْ عَيَّنَتْ لَهُ الْعِوَضَ عَلَيْهِ صَحَّ الْخُلْعُ وَلَزِمَتْهُ الزِّيَادَةُ وَإِنْ خَالَفَ جِنْسًا أَوْ حُلُولًا أَوْ نَقْدًا لِبَلَدٍ لَمْ يَصِحَّ لَا وَكِيلَهَا حلولا

والمستحب: التقدير.

قوله: (فخالع بأنقص

إلخ) اعلم: أن صور مخالفة الوكيل المذكورة هنا أربع؛ لأن وكيل الزوج، تارة يخالع بأنقص من المهر، أو مما قدر له، ووكيل الزوجة تارةً يختلعُها بأزيدَ من المهر، أو مما قدَّرت له، والخلع في الأربع صحيح، ويضمن النقص أو الزيادة، إلا في الصورة الثانية، وهي ما إذا عيَّن الزوج لوكيله العوض فتقص منه، ووجهه: أن مخالفته إذن صريحةٌ، فيشبه الفضولي، فلا يصح الخلع، وكأن الفرق بينه وبين البيع: أنَّ النكاح يحافظ على بقائه، ويحتاط له أزيد من الملك. وأما الفرق بين هذه، وبين ما إذا اختلع وكيلها بأزيد مما قدرته، فهو: أن الخلع من جانب الزوج دون الزوجة؛ إذ يصح أن يختلعها الأجنبي بغير علمها، ففي صورة الزِّيادة، حصل منها الرضى بما قدرته، وتبرع الأجنبي بالزائد، ولو وقع الخلع بما قدرته فقط أو بما ألزمنا به الوكيل فقط، لكان صحيحًا، فكذا إذا اجتمعا. قوله:(لا وكيلها حلولا) أي: لا يضرُّ، بل يصح الخلع إن خالف وكيل الزوجة حلولا؛ بأن

ص: 218

وَلَا يَسْقُطُ مَا بَيْنَ مُتَخَالِعَيْنِ مِنْ حُقُوقِ نِكَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ بِسُكُوتٍ عَنْهَا وَلَا نَفَقَةِ عِدَّةِ حَامِلٍ وَلَا بَقِيَّةِ مَا خُولِعَ بِبَعْضِهِ وَيَحْرُمُ الْخُلْعُ حِيلَةً لِإِسْقَاطِ يَمِينِ طَلَاقٍ، وَلَا يَصِحُّ وَغَالِبُ النَّاسِ وَاقِعٌ فِي ذَلِكَ

فصل

إذا قال خالعتك بألف فأنكرته أَوْ قَالَتْ إنَّمَا خَالَعْتَ غَيْرِي بَانَتْ وَتَحْلِفُ لِنَفْيِ الْعِوَضِ وَإِنْ أَقَرَّتْ، وَقَالَتْ ضَمِنَهُ غَيْرِي فِي ذِمَّتِهِ قَالَ فِي ذِمَّتِكَ لَزِمَهَا وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ عِوَضِهِ أَوْ عَيْنِهِ أَوْ صِفَتِهِ أَوْ تَأْجِيلِهِ فقَوْلُهَا

وكلته أن يختلعها بحال، فاختلعها بمؤجَّل؛ لأنه زادها خيرًا، وكذا لو خالف وكيل الزوج تأجيلا؛ بأن وكله أن يخلعها بمؤجل، فخلعها بحال.

قوله: (ويحرم الخلع) أي: ولا يصحُّ، أي: لا يقع؛ لأنه ليس المقصود منه الفرقة، بل بقاء المرأة مع زوجها، ومثل ذلك كما في "شرح الإقناع": من يخلع الأخت، ثم يتزوج أختها، ثم يخلع الثانية ويعيد الأولى، وهلمَّ جرا.

قوله: (أو تأجيله، فقولها) قال منصور البهوتي: لعل المراد: إذا أقرَّت به

ص: 219

وَإِنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِصِفَةٍ ثُمَّ أَبَانَهَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَوُجِدَتْ طَلَقَتْ وَلَوْ كَانَتْ وُجِدَتْ حَالَ بَيْنُونَتِهَا

ابتداءً مؤجلا متَّصلاً، بخلاف ما لو أقرَّت به، ثم سكتَتْ، ثم ادَّعت تأجيلَه، وأنكرها، فقوله، كما يأتي في الإقرار.

قوله: (وإن علَّق طلاقها بصفةٍ ثم أبانها) أي: لا حيلةً على إسقاط يمين الطلاق، وإلا فلا يصحُّ الخلع، كما تقدَّم. قوله:(ولو كانت وجدت) الصفة

إلخ، أي: كلُّها أو بعضها، كما لو قال: إن أكلت هذا الرغيف فأنت طالق، ثم أبانها فأكلت بعضَهُ، ثم أعادَها إلى نكاحه، فأكلت بقيَّته، فتطلقُ، كما ذكره ابن نصر الله في "حواشي الفروع".

ص: 220