الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب صريح الطلاق وكنايته
الصَّرِيحُ مَا لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَالْكِنَايَةُ مَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ وَيَدُلُّ عَلَى مَعْنَى الصَّرِيحِ وَصَرِيحُهُ لَفْظُ طَلَاقٍ وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُ غَيْرَ أَمْرٍ ومُضَارِعٍ ومُطَلِّقَةٍ اسْمُ فَاعِلٍ فَيَقَعُ مِنْ مُصَرِّحٍ وَلَوْ هَازِلًا أَوْ لَاعِبًا أَوْ فَتَحَ تَاءَ أَنْتِ أَوْ لَمْ يَنْوِهِ وَإِنْ أَرَادَ طَاهِرًا أَوْ نَحْوَهُ فَسَبَقَ لِسَانُهُ أَوْ طَالِقًا مِنْ وَثَاقٍ أَوْ مِنْ زَوْجٍ كَانَ قَبْلَهُ، وَادَّعَى ذَلِكَ أَوْ قَالَ إنْ قُمْت ثُمَّ قَالَ أَرَدْتُ وَقَعَدْتِ أَوْ نَحْوَهُ فَتَرَكْتُهُ وَلَمْ أُرِدْ طَلَاقًا دِينَ
قوله: (فيقع من مصرح) أي: غير حاكٍ، ونحوه. قوله:(من وثاق) بفتح الواو وكسرها: ما يوثق به الشيء من حبلٍ ونحوِه. قال تعالى: (فشدوا الوثاق)[محمد: 4]. "مطلع". قوله: (وادعى ذلك) أي: إرادة ما ذكر. قوله: (دين) مبني للمفعول، ويجوز أن يكون من دين بمعنى: ملك، وأن يكون من ديَّنت الرجلَ تديينًا: إذا وكلته إلى دينه، فهو قد وكل في نيته إلى دينه. "مطلع".
وَلَمْ يُقْبَلْ حُكْمًا ومَنْ قِيلَ: لَهُ: أَطَلَّقْتَ امْرَأَتَكَ؟ فَقَالَ نَعَمْ، وَأَرَادَ الْكَذِبَ طَلَقَتْ وأَخَلَّيْتَهَا؟ ، وَنَحْوَهُ فَقَالَ: نَعَمْ فَكِنَايَةٌ وَكَذَا لَيْسَ لِي امْرَأَةٌ أَوْ لَا امْرَأَةَ لِي فَلَوْ قِيلَ: أَلَكَ امْرَأَةٌ؟ قَالَ: لَا، ، وَأَرَادَ لْكَذِبَ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ قِيلَ: لِعَالِمٍ بِالنَّحْوِ: أَلَمْ تُطَلِّقْ امْرَأَتَكَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ قَالَ بَلَى، طَلَقَتْ وَمَنْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ بطَلَاقٍ ثَلَاثٍ ثُمَّ أُفْتِيَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ
قوله: (ولم يقبل حكمًا) فإن صرَّح في اللفظ بالوثاق، لم يقع. قوله:(ونحوه) أي: من الكنايات. قوله: (أو لا امرأة لي) أي: فهو كناية. قوله: (فقال) أي: العالم. وتطلق امرأة غير النحوي. قوله: (وإن قال: بلى) أي: العالم بالنحو، أو غيره. قوله:(ومن أُشهد) أي: أقرَّ أنه وقع عليه الطلاقُ الثلاث، وكان تقدم من يمين، توهم وقوعها عليه.
وصورةُ ذلك: أن يحلف إنسانٌ بالطلاق الثلاث أن لا يُكلم زيدا، فيمر على جماعة، ويسلم عليهم، فتبين له أن زيداً معهم، فيتوهم وقوع الطلاق عليه، فيقرَّ عند بينةٍ بوقوع الطلاق عليه، ثم يستفتي، فيخبر بأنه لا طلاق عليه، فإذا رفعته زوجته إلى الحاكم، وأقامت البيِّنة على إقراره بالطلاق، فادعى أن سبب إقراره توهمه وقوع الطلاق عليه، وكان ممن يجهل ذلك،
لَمْ يُؤَاخَذْ بِإِقْرَارِهِ لِمَعْرِفَةِ مُسْتَنَدِهِ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ أَنَّ مُسْتَنَدَهُ فِي إقْرَارِهِ بِذَلِكَ مِمَّنْ يَجْهَلُ مِثْلَهُ وَإِنْ أَخْرَجَ زَوْجَتَهُ مِنْ دَارِهَا أَوْ لَطَمَهَا أَوْ أَطْعَمَهَا أَوْ أَسْقَاهَا أَوْ أَلْبَسَهَا أَوْ قَبَّلَهَا، وَنَحْوَهُ، وَقَالَ هَذَا طَلَاقُكِ طَلَقَتْ فَلَوْ فَسَّرَهُ بِمُحْتَمَلٍ كَأَنْ نَوَى أَنَّ هَذَا سَبَبُ طَلَاقِكِ قُبِلَ حُكْمًا وَإِنْ قَالَ كُلَّمَا قُلْت لِي شَيْئًا وَلَمْ أَقُلْ لَك مِثْلَهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَتْ لَهُ أَنْتِ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَ مِثْلَهُ طَلَقَتْ وَلَوْ عَلَّقَهُ
فإنه يقبل قوله بغير يمينٍ على ما قدَّمه المصنف في "شرحه"، ومع اليمين على ما في "الإقناع"، ولا يقع عليه طلاقٌ في هذه الحال، وما أشبهها، والله أعلم.
قوله: (ويقبلُ قوله) أي: بغير يمينٍ، وفي "الإقناع": بيمين. قوله: (وقال: هذا طلاقُك) أي: طلقتُك بسببِ هذا، فهو مول؛ لأن الفعل نفسه لا يكون طلاقاً. قوله:(كأن نوى أن هذا سبب طلاقك) أي: في زمنٍ بعد هذا.
وَلَوْ نَوَى فِي وَقْتِ كَذَا
…
نَحْوِهِ تَخَصَّصَ بِهِ
قوله: (تخصَّص به) أي: فلا يقعُ عليه طلاقٌ حتى يوجد ما خصَّصه به.
والفرق بين هذه المسألة، وهي: ما إذا قال لها مثل قولها المذكور، ونوى تعليقه بوقتٍ مثلا، وبين المسألة الأولى، وهي: ما إذا قال لها مثل قولها، متلفظاً بالتعليق، حيث أوقعنا عليه الطلاق في مسألة التلفظ بالتعليق، ولم نوقعه عليه فيما إذا لم يتلفظ بالتعليق، بل نواه فقط: أن في مسألة التلفظ بالتعليق لم يقل لها مثل قولها؛ لأن المعلَّق غير المنجَّز، فوقع عليه بالتعليق الأولِ، وهو قوله: (كلما قلت لي شيئا
…
إلخ)، بخلاف ما إذا نوى تخصيصه فقط من غير أن يتلفظ بالتعليق، فإنه قد قال لها مثل قولها في اللفظ، وإن اختلفا في المعنى، ومنه يؤخذ صريحا أنَّ (كلما) في الصيغة المذكورة للفور؛ لأن "لم" في حيزها. والمعنى: كلما لم أقل لك شيئا إذا قلته لي، فإنت طالق، خلافاً لابن الجوزي: في أن له التمادي في الجواب إلى قبيل الموت، والله أعلم. قوله أيضاً على قوله:(تخصَّص به) لأن تخصيص اللفظ العام بالنية كثير، ومجرد النية لا يخرج لفظه عن مماثلة لفظها. قال منصور البهوتي: قلت: وكذا لو قال: أنت طالق. ونوى: من وثاق ونحوه. وإن كانت نيَّته، أو سبب اليمين يقتضي قولا غيرَ هذا، عمل به على قياس ما يأتي في جامع الأيمان. انتهى.
وَمَنْ طَلَّقَ أَوْ ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَةٍ ثُمَّ قَالَ عَقِبَهُ لِضَرَّتِهَا شَرَكْتُكِ أَوْ أَنْتِ شَرِيكَتُهَا أَوْ مِثْلُهَا أَوْ كَهِيَ فصَرِيحٌ فِيهِمَا، وَيَقَعُ أَنْتِ طَالِقٌ لَا شَيْءٌ أَوْ لَيْسَ بِشَيْءٍ أَوْ لَا يَلْزَمُكِ أَوْ طَلْقَةً لَا تَقَعُ عَلَيْك أَوْ لَا يَنْقُصُ بِهَا عَدَدُ الطَّلَاقِ لَا بِأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَا طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ لَا وَمَنْ كَتَبَ صَرِيحَ طَلَاقِ امْرَأَتِهِ بِمَا يُبَيِّنُ وَقَعَ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ ; لِأَنَّهَا صَرِيحَةٌ فِيهِ فَلَوْ قَالَ لَمْ أُرِدْ إلَّا تَجْوِيدَ خَطِّي أَوْ إلَّا غَمَّ أَهْلِي أَوْ قَرَأَ مَا كَتَبَهُ، وَقَالَ: لَمْ أَقْصِدْ إلَّا الْقِرَاءَةَ قُبِلَ وَيَقَعُ بِإِشَارَةٍ مِنْ أَخْرَسَ فَقَطْ فَلَوْ لَمْ يَفْهَمْهَا إلَّا بَعْضُ فكِنَايَةٌ،
قوله: (لا بأنت طالق) أي: لا يقع بقوله: أنت طالق، أو لا؟ لأنه اسفهام. قوله:(ومن كتب صريح طلاق) أي: وإن كتب كناية كذلك، فكناية. قوله:(بما يبين) أي: يظهر. قوله: (إلا القراءة) أي: الحكاية للمكتوب، وإلا فالإنشاء قراءةٌ. تاج الدين البهوتي.
وَتَأْوِيلُهُ مَعَ صَرِيحٍ كَمَعَ نُطْقٍ وَيَقَعُ مِمَّنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ لِعَدَمِ الْمَانِعِ، وَصَرِيحِهِ بِلِسَانِ الْعَجَمِ بهشتم فَمَنْ قَالَهُ عَارِفًا مَعْنَاهُ وَقَعَ مَا نَوَاهُ فَإِنْ زَادَ بِسَيَّارٍ فَثَلَاثٌ وَإِنْ أَتَى بِهِ أَوْ بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ مَنْ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ لَمْ يَقَعْ وَلَوْ نَوَى مُوجِبَهُ
قوله: (مع صريح) أي: إشارةٍ مفهومةٍ. قوله: (كمع نطق) أي: بصريح طلاق. قوله: (عارفًا معناه) وهو عندهم: خليتك، التي لفراق الزوجة: بهشتم، من عرف معناها لا تفتقر إلى نيَّةٍ؛ لأنها لا تستعمل عندهم إلا للفراق، بخلاف خليتك. قوله:(ما نواه) فإن لم ينو شيئاً، فواحدة.
قوله: (موجَبَه) موجبه بفتح الجيم، وهو اسم مفعولٍ من أوجب الشيء ألزمه، فموجبه: مقتضاه، ومطلوبُه، ومدلوله تشبيهًا بذلك. "مطلع".
فصل
وكناياته نوعان
فالظَّاهِرَةُ أَنْتِ خَلِيَّةٌ، وبَرِيَّةٌ، وبَائِنٌ، وبَتَّةٌ، وبَتْلَةٌ، وأنت حُرَّةٌ،
قوله: (فالظاهرة
…
إلخ) الظاهرةُ: ستَّ عشرة، ترك منها هنا واحدة، ذكرها فيما بعد؛ لطول الكلام عليها، وهي: أمرك بيدك، فالظاهرة: ما وضع للبينونة، والطلاق فيها أظهر. قوله:(خلية) هي في الأصل: الناقة تطلق من عقالها ويخلى عنها، ثم كني بها عن الطلاق. قوله:(وبرية) برية: أصله بريئة بالهمز؛ لأنه صفةٌ من برأ الشيء براءة فهو بريء، والأنثى بريئة، ثم خفِّف همزه، كما خفف برية في (خير البرية). [البينة: 7] فعلى هذا يجوز: أنت بريئة بالهمز، وبرية بغير همزٍ. "مطلع". قوله:(وبائن) منفصلة. قوله: (وبتة) أي: مقطوعةٌ. قوله: (وبتلة) أي: منقطعة، وسميت مريم: البتول؛
لانقطاعها عن الرجال. وفاطمةُ: البتول؛ لانقطاعها عن نساء زمانها، حسبا، وفضلا، وديناً. شهاب فتوحي. قوله:(وأنتِ حرَّةٌ) أي: من رقِّ النكاح، وفي الخبر:«اتقوا الله في النساء، فإنهن عوان عندكم» أي: أسراء. فإذا أخبر الزوج بزوال الرق، وانصرف إلى المعهود، وهو رقُّ الزوجيَّة؛ إذ ليس له عليها غيره.
وَأَنْتِ الْحَرَجُ وَحَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ، ، وَتَزَوَّجِي مَنْ شِئْتِ، حَلَلْتِ لِلْأَزْوَاجِ، وَلَا سَبِيلَ أَوْ لَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْكِ، وَأَعْتَقْتُكِ، وَغَطِّي شَعْرَكِ وَتَقَنَّعِي، والْخَفِيَّةُ اُخْرُجِي، وَاذْهَبِي، وَذُوقِي، وَتَجَرَّعِي، وَخَلَّيْتُكِ، ، وَأَنْتِ مُخْلَاةٌ وَاحِدَةً وَلَسْتِ لِي بِامْرَأَةٍ، وَاعْتَدِّي وَاسْتَبْرِئِي، وَاعْتَزِلِي، وَشِبْهُهُ، وَالْحَقِي بِأَهْلِكِ، وَلَا حَاجَةَ لِي فِيكِ،
قوله: (وأنت الحرج) أي: الحرام والإثم. قال في "المطلع": قولهم في الكناية: أنت الحرج، من باب الوصف بالمصدر مبالغةً، أو: على حذف المضاف. أي: ذاتُ الحرج. قوله: (على غاربك) هو مقدم السَّنام، وأي: مرسلةٌ مطلقة غير مشدودةٍ ولا ممسكةٍ بالنكاحِ. قوله: (أو لا سلطان) أي: لا ولاية لي عليك.
قوله: (والخفيَّة) ما وضع لواحدةٍ. قوله: (مخلاة) أي: مطلقة.
قوله: (واعتدِّي) يعني: وإن لم يدخل بها.
وَمَا بَقِيَ شَيْءٍ، وَأَغْنَاكِ اللَّهُ، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ طَلَّقَكِ، وَاَللَّهُ قَدْ أَرَاحَكِ مِنِّي، وَجَرَى الْقَلَمُ وَلَفْظُ فِرَاقٍ، وسَرَاحٍ وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُمَا غَيْرُ مَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ لَفْظِ الصَّرِيحِ وَلَا يَقَعُ بِنِيَّةٍ مُقَارِنَةٍ لِلَّفْظِ
قوله: (وسراح) السَّراح بفتح السين: الارسال، تقول: سرَّحتُ الماشية، إذا أرسلتها، وتسريح المرأة: تطليقها. والاسم السَّراح، كالتبليغ والبلاغ. "مطلع". قوله:(من لفظ الصَّريح) وهو: الأمر، والمضارع، واسم الفاعل. قوله:(مقارنة للفظ) المذهب أنه يعتبر كونها مقارنة لجميع اللفظ، على ما يؤخذ من "الفروع" و "التنقيح". شهاب فتوحي. وفي "شرح" المصنف ما يخالفه من أنه يكفي اقترانها بأوَّله. وتابعه منصور البهوتي على ذلك، ثم هل لا بد من اقترانها بأوَّله، وأم يكفي أيَّ جزءٍ كان. ولا يضر عزوبها أو عدمها في البقية؟ جزم المصنف في "شرحه" بالأول،
وَلَا تُشْتَرَطُ حَالَ خُصُومَةٍ أَوْ غَضَبٍ أَوْ سُؤَالِ طَلَاقِهَا فَلَوْ لَمْ يُرِدْهُ أَوْ أَرَادَ غَيْرَهُ إذَنْ دُيِّنَ وَلَمْ يُقْبَلْ حُكْمًا، وَيَقَعُ بظَاهِرَةٍ ثَلَاثُ وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً، وبِ خَفِيَّةٍ رَجْعِيَّةً فِي مَدْخُولٍ بِهَا فَإِنْ نَوَى أَكْثَرَ وَقَعَ، وَقَوْلُهُ أَنَا طَالِقٌ أَوْ بَائِنٌ أَوْ حَرَامٌ أَوْ بَرِيءٌ أَوْ زَادَ مِنْك لَغْوٌ وكُلِي، وَاشْرَبِي، وَاقْعُدِي، وَقَرِّبِي، وَبَارَكَ اللَّهُ عَلَيْك، وَأَنْتِ مَلِيحَةٌ، وقَبِيحَةٌ، وَنَحْوَهُ لَغْوٌ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ وَإِنْ نَوَاهُ
ومقتضى "الإنصاف": الثاني.
قوله: (ولا تشترط
…
إلخ) أي: ظاهرًا، وأما باطنًا، فلا بد منها؛ بقرينة قوله بعد:(فلو يرده) أي: الطلاق، (ديِّن
…
إلخ). قوله: (ويقع بظاهرة) كان الإمام أحمد - رحمه الله تعالى- يكره الفُتيا في الكنايات الظاهرةِ، مع ميله أنها ثلاث، وعنه: يقع بها ما نواه فقط. قوله: (وإن نوى واحدة) لأنها لفظ يقتضي البينونة بالطلاق فوقع ثلاثاً، وبه قال غير واحد من الصحابة. قوله:(واقرُبي) بضم الراء: أمر من قرب -بضم الراء- من الشيء قربًا: صار قريبًا منه، والله أعلم. "مطلع".
و: أَنْتِ أَوْ الْحِلُّ أَوْ مَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَيَّ حَرَامٌ ظِهَارٌ وَلَوْ نَوَى طَلَاقًا كَنِيَّتِهِ بأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَإِنْ قَالَهُ مُحَرَّمَةٍ بِحَيْضٍ وَنَحْوِهِ، وَنَوَى أَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ بِهِ فَلَغْوٌ ومَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَيَّ حَرَامٌ أَعْنِي بِهِ: الطَّلَاقَ يَقَعُ ثَلَاثًا وَأَعْنِي بِهِ: طَلَاقًا يَقَعُ وَاحِدَةٌ وأَنْتِ حَرَامٌ، وَنَوَى فِي حُرْمَتِك عَلَى غَيْرِهِ فَكَطَلَاقٍ وَلَوْ قَالَ: فِرَاشِي عَلَيَّ حَرَامٌ، فإن نوى امرأته فظهار، وإن نوى فراشه، فيمين
قوله: (و: أنت، أو: الحل
…
إلخ) وكذا قوله: علي الحرام، أو: يلزمني الحرام، أو الحرام لازم لي، بنية، ظهار، أو قرينةٍ. ظهار، وإلا فلغو. قوله:(أو: ما أحلَّ الله علي حرام) زاد في "الرعاية": أو حرمتك. قوله: (و: ما أحل الله علي حرام) وكذا قوله: أنت عليَّ حرام، أو: الحل علي حرام، أعني به الطلاق، أو طلاقًا. قوله:(فكطلاق) أي: فكنيَّته بذلك الطلاق، فيكون ظهارًا، كما تقدم. وصرح به في "شرحه".
وأَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ، وَالدَّمِ يَقَعُ مَا نَوَاهُ مِنْ طَلَاقٍ وظِهَارٍ ويَمِينٍ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فظِهَارٌ وَمَنْ قَالَ حَلَفْتُ بِالطَّلَاقِ، وَكَذَبَ دُيِّنَ وَلَزِمَهُ حُكْمًا
فصل
وامرك بيدك كناية ظاهرة تملك بها ثَلَاثًا واخْتَارِي نَفْسَك خَفِيَّةٌ وَلَا بطَلِّقِي نَفْسَك أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ
قوله: (كالميتة والدم) في "الفروع" و"المبدع": والخمر. قوله: (من طلاق) أي: واحدة أو أكثر على حسب ما نواه.
قوله: (بيدك) أي: وكذا بيد فلانٍ. قوله: (تملك بها ثلاثاً) أفتى به الإمام مرارًا. ورواه البخاري في "تاريخه" عن عثمان رضي الله عنه. ولا يقبل قوله: أردت واحدة، ولا يدين. قوله:(أكثر من واحدةٍ) إلا أن يجعله لها بلفظه أو نيَّته؛ بأن ينوي بقوله: اختاري عددًا. فيقع ما نواه إذا أوقعته، وإن نقصت، وقع ما أوقعته فقط.
وَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا مَتَى شَاءَتْ مَا لَمْ يَحُدَّ لَهَا حَدًّا أَوْ يَفْسَخُ أَوْ يَطَؤُهَا أَوْ تَرُدُّ هِيَ إلَّا فِي اخْتَارِي نَفْسَك فَيَخْتَصُّ بِالْمَجْلِسِ مَا لَمْ يَشْتَغِلَا بِقَاطِعٍ وَيَصِحُّ جَعْلُهُ لَهَا بَعْدَهُ وبِجُعْلٍ وَيَقَعُ بِكِنَايَتِهَا مَعَ نِيَّتِهِ وَلَوْ جَعَلَهُ لَهَا بِصَرِيحِ وَكَذَا وَكِيلٌ وَلَا يَقَعُ بِقَوْلِهَا اخْتَرْتُ بِنِيَّةِ حَتَّى تَقُولَ نَفْسِي أَوْ أَبَوَيَّ أَوْ الْأَزْوَاجَ
قوله: (ولها أن تطلِّق نفسَها) ولا يقع بقولها لزوجها: أنت طالق، أو طلقتك. قال في "الروضة": صفة طلاقها: طلقت نفسي، أو: أنا منك طالق، لا: أنا طالق. وحكم الوكيل في ذلك حكمها. قاله في "الإقناع" قوله: (فيختص بالمجلس) أي: إن لم يحد بمدة. قوله: (بقاطع) كشروع في صلاة لا إتمامها. قوله: (وبجعل) أي: منها أو غيرها. قوله: (بصريحٍ) كطلقي نفسك ونحوه، لا إذا اشترط الصريح عليها في تطليقها نفسها، كطلقي نفسك بصريحٍ، فلا يقع بكناية. تاج الدين البهوتي.
وَمَتَى اخْتَلَفَا فِي فَقَوْلٌ مُوقِعٌ وفِي رُجُوعٍ فقَوْلُ الزَّوْجِ وَلَوْ بَعْدَ إيقَاعِ وَنَصَّ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ بَعْدَهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ الْمُنَقِّحُ وَهُوَ أَظْهَرُ وَكَذَا دَعْوَى عِتْقِهِ ورَهْنٍ وَنَحْوِهِ ووَهَبْتُكَ لِأَهْلِك أَوْ لِنَفْسِك فَمَعَ قَبُولٍ تَقَعُ رَجْعِيَّةٌ وَإِلَّا فلَغْوٌ بِعْتُهَا وَتُعْتَبَرُ نِيَّةُ وَاهِبٍ ومَوْهُوبٍ وَيَقَعُ أَقَلَّهُمَا وَإِنْ نَوَى بِهِبَتِهِ الطَّلَاقُ وَقَعَ أَوْ أَمْرٍ أَوْ خِيَارٍ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ وَقَعَ وَمَنْ طَلَّقَ فِي قَلْبِهِ لَمْ يَقَعْ وَإِنْ تَلَفَّظَ بِهِ أَوْ حَرَّكَ لِسَانَهُ وَقَعَ وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ بِخِلَافِ قِرَاءَةٍ فِي صَلَاةٍ ومُمَيِّزٌ ومُمَيِّزَةٌ كَبَالِغَيْنِ فِيمَا تَقَدَّمَ،
قوله: (وهو أظهر) أي: وهو مقتضى ما تقدَّم في الوكالة. قوله: (كبعتها) أي: فلغو مطلقا، أي: نوى الطلاق به، أو لا. قوله:(في صلاة) فإنها لا تجزئه حيث لم يسمع نفسه.