المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب الكتابة: بَيْعُ سَيِّدٍ رَقِيقَهُ نَفْسَهُ بِمَالٍ - حاشية ابن قائد على منتهى الإرادات - جـ ٤

[ابن قائد]

الفصل: ‌ ‌باب الكتابة: بَيْعُ سَيِّدٍ رَقِيقَهُ نَفْسَهُ بِمَالٍ

‌باب

الكتابة:

بَيْعُ سَيِّدٍ رَقِيقَهُ نَفْسَهُ بِمَالٍ

اسم مصدر بمعنى: المكاتبة من الكتب، وهو: الجمع؛ لأنها تجمع نجوماً. ومنه سمي الخراز كاتباً، قال الحريري:

وكاتبين وما خطت أناملهم

حرفاً ولا قرؤوا ما خط في الكتب

قوله: (بيع سيد) هو مصدر مضاف لفاعله. وقوله: (رقيقه) مفعوله الأول، و (نفسه) مفعوله الثاني. فإن المصدر يعمل عمل فعله. وباع يتعدى إلى مفعولين، كما صرح به صاحب "المصباح"، قال: وأكثر الاقتصار على الثاني؛ لأنه المقصود بإلاسناد، ولهذا تتم به الفائدة، نحو: بعتُ الدارَ، ويجوز الاقتصار على الأول عند عدم اللبس، نحو بعت الأمير؛ لأن الأمير لا يكون مملوكا يباع، وقد تدخل "من" على المفعول الأول على وجه التأكيد، فيقال: بعت من زيدٍ الدار، كما يقال: كتمت زيدًا الحديث، وكتمت منه الحديث، وسرقت زيدا المال، وسرقت منه المال وربما دخلت اللام مكان "من"، يقال: بعتك الشيء، وبعته لك، واللام زائدة انتهي. قوله (رقيقه) ذكراً، أو أنثى. قوله:(بمال) أي: لا خمر، ونحوه.

ص: 24

فِي ذِمَّتِهِ مُبَاحٍ مَعْلُومٍ يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ مُنَجَّمٍ بِنَجْمَيْنِ فَصَاعِدًا بِعِلْمِ قِسْطٍ كُلِّ نَجْمٍ وَمُدَّتِهِ بِمَنْفَعَةٍ عَلَى أَجَلَيْنِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَجَلٌ لَهُ وَقَعَ فِي الْقُدْرَةِ عَلَى الْكَسْبِ فِيهِ وَتَصِحُّ عَلَى خِدْمَةٍ مُفْرَدَةٍ أَوْ مَعَهَا مَالٌ إنْ كَانَ مُؤَجَّلًا وَلَوْ أَثْنَائِهَا وَتُسَنُّ لِمَنْ عَلِمَ فِيهِ خَيْرًا وَهُوَ الْكَسْبُ وَالْأَمَانَةُ

قوله: (في ذمته) أي: لا معين. قوله: (مباح) أي: لا آنية ذهب، وفضة. قوله:(معلوم) أي: لا مجهول. قوله: (يصح السلم فيه) أي: لا نحو جوهر. قوله: (منجم) النجم هنا، الوقت؛ لأن العرب كانت لا تعرف الحساب، وإنما تعرف الأوقات بطلوع النجم، كما قال بعضهم:

إذا سهيل أول الليل طلع .... فابن اللبون الحق والحق جذع

قوله: (على أجلين) فأكثر، كأن يكاتبه في المحرم على خدمته فيه، وفي رجب، لا على خدمة شهر أو سنةٍ، ولو معيناً؛ لأنه نجم واحد، ولا يشترط في الخدمة تأجيل نجمها، بخلاف المال. قوله:(على الكسب) خلافاً "للإقناع"، فيصحُّ لساعتين.

ص: 25

وَتُكْرَهُ لِمَنْ لَا كَسْبَ لَهُ وَتَصِحُّ لِمُبَعَّضٍ ومُمَيِّزٍ لَا مِنْهُ إلَّا بِإِذْنِ وَلِيِّهِ وَلَا مِنْ غَيْرِ جَائِزِ التَّصَرُّفِ وَلَا بِغَيْرِ قَوْلٍ وَتَنْعَقِدُ بكَاتَبْتُك عَلَى كَذَا مَعَ قَبُولِهِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ فَإِذَا أَدَّيْتَ فَأَنْتَ حُرٌّ وَمَتَى أَدَّى مَا عَلَيْهِ فَقَبَضَهُ سَيِّدُهُ أَوْ وَلِيُّهُ أَوْ أَبْرَأَهُ سَيِّدُهُ أَوْ وَارِثٌ مُوسِرٌ مِنْ حَقِّهِ عَتَقَ وَمَا فَضُلَ بِيَدِهِ فَلَهُ

قوله: (وتكره لمن لا كسب له) وكذا تكره لمن خيف منه زناً، أو فساد، أو ردة ولحوق بدار حرب، وتحرم لمن علم، أو ظن منه ذلك. كما تقدم في أول العتق في "المتن" و "شرحه". قوله:(لمبعض) أي: بعضه حر. قوله: (ومميز) أي: رقيق مميز، لا طفل، ومجنون، لكن يعتقان بالتعليق إن علق عتقهما على الأداء صريحاً. منصور البهوتي. قوله:(ولا من غير جائز التصرف) كسفيه ومحجور عليه لفلس، وراهن لعبد رهناً مقبوضاً. قوله:(أو بغير قولٍ) لأن المعاطاة لا تمكن فيها صريحاً. قوله: (أو أبرأه سيده) أي: جائز التصرف. قوله: (موسر) فإن كان معسراً؛ عتق حقه بلا سراية. قوله: (وما فضل بيده) أي: بعد الأداء لجميع مال الكتابة، فللمكاتب

ص: 26

وَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ قَبْلَ أَدَائِهِ وَمَا بِيَدِهِ لِسَيِّدِهِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُعَجِّلَهَا وَيَضَعُ عَنْهُ بَعْضَهَا وَيَلْزَمُ سَيِّدًا أَخْذُ مُعَجَّلِهِ بِلَا ضَرَرٍ فَإِنْ أَبَى جَعَلَهَا إمَامٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَحَكَمَ بِعِتْقِهِ

كما صرح بذلك في "الإقناع" و "شرحه" بخلاف ما إذا أبرأه، فإن ما في يده يكون للسيد. وهذا مقتضى ما قدمه المصنف في قوله:(ومال معتق بغير أداء عند عتق لسيد). فقول الشارح هنا: أو إبرائه من، فيه نظر. فتدبر. قوله:(وتنفسخ بموته) يعني: وقتله، كموته، فإن كان القاتل سيده، فماله له، ولاشيء عليه، وإن كان أجنبياً؛ فللسيد قيمته. قوله:(قبل أدائه) أي: أداء الجميع، ولو خلَّف وفاء. قوله:(ويضع عنه بعضها) كما لو كان النجم مئةً؛ فعجَّل منه ستين، أو صالحه عليها، وأبراه من الباقي، فيصح؛ لأنه غير مستقر، وليس بدين صحيح؛ إذ لا يجبر على أدائه، ولا تصح الكفالة به، وإن اتفقا على الزيادة في الأجل والدين، كأن حل عليه نجم، فقال: أخره إلى كذا، وأزيدك كذا؛ لم يجز. قوله:(بلا ضرر) كطريق مخوف، أو احتاجت إلى مخزنٍ كطعام، وقطن، ونحوهما. قوله:(في بيت المال) وظاهره أنه: إن تلف بيت المال ضاع على السيد؛ ليقام قبض الإمام مقام قبضه.

ص: 27

وَمَتَى بَانَ بِعِوَضٍ دَفَعَهُ عَيْبٌ فَلَهُ أَرْشُهُ أَوْ عَوَّضَهُ بِرَدِّهِ وَلَمْ يَرْتَفِعْ عِتْقُهُ وَلَوْ أَخَذَ سَيِّدُهُ حَقَّهُ ظَاهِرًا ثُمَّ قَالَ هُوَ حُرٌّ ثُمَّ بَانَ مُسْتَحَقًّا لَمْ يُعْتَقْ وَإِنْ ادَّعَى تَحْرِيمَهُ قُبِلَ بِبَيِّنَةٍ وَإِلَّا حَلَفَ الْعَبْدُ ثُمَّ يَجِبُ أَخْذُهُ وَيُعْتَقُ بِهِ ثُمَّ يَلْزَمُهُ رَدُّ إلَى مَنْ أَضَافَهُ إلَيْهِ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ سَيِّدُهُ وَلَهُ قَبَضَ مَا لَا يَفِي بِدَيْنِهِ وَدَيْنِ الْكِتَابَةِ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَى مُكَاتَبِهِ وتَعْجِيزُهُ لَا قَبْلَ أَخْذِهِ ذَلِكَ عَنْ جِهَةِ الدَّيْنِ وَالِاعْتِبَارُ بِقَصْدِ سَيِّدِهِ وَفَائِدَتُهُ يَمِينَهُ عِنْدَ النِّزَاعِ

قوله: (ظاهرا) يعني: عملا بالظاهر في كون ما بيد الإنسان ملكه. قوله: (ثم قال: هو حر) أي: بمقتضى أدائه مال الكتابة. قوله: (ثم بان) أي: ما دفعه. قوله: (مستحقاً) أي: مغصوباً. قوله: (وله قبض

إلخ) أي: سيد المكاتب إذا كان له عليه دينان: دين الكتابة، ودين نحو قرض. قوله:(من دين له على مكاتبه) أي: له أن ينوي أنَّ ما قبضه من مكاتبه من دين غير الكتابة، حيث كان المقبوض لا يفي بالدينين. قوله:(لا قبل أخذ ذلك) أي: الذي بيد المكاتب.

ص: 28

فصل

ويملك كسبه ونفعه وكل تصرف يصلح ماله كبيع وشراء وإجارة واستئجار وَتَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ يُتْبَعُ بِهَا بَعْدَ عِتْقٍ وَسَفَرُهُ كَغَرِيمٍ وَلَهُ أَخْذُ صَدَقَةٍ وَيَلْزَمُ شَرَطَ تَرْكَهُمَا كَالْعَقْدَ فَيَمْلِكُ تَعْجِيزَهُ هُمْ عَلَى شُرُوطِهِمْ شَرْطُهُ نَوْعَ تِجَارَةٍ وأَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ وَرَقِيقِهِ وَوَلَدِهِ التَّابِعِ لَهُ كَمِنْ أَمَتِهِ فَإِنْ وَلَمْ يَفْسَخْ سَيِّدُهُ كِتَابَتَهُ لِعَجْزِهِ لَزِمَتْهُ النَّفَقَةُ وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ النَّفَقَةُ عَلَى وَلَدِهِ مِنْ أَمَةٍ لِغَيْرِ سَيِّدِهِ وَيَتْبَعُهُ مِنْ أَمَةِ سَيِّدِهِ

قوله: (وتتعلق) أي: الاستدانة. قوله: (يتبع بها بعد عتق) فإن مات؛ سقط ما عليه، ولم يلزم السيد. وكذا إن عجز. وكلام "الإقناع" مؤول. قوله:(وسفره كغريم) أي: حكمه حكم سفر غريم يملكه مع توثقه برهن يحرز، أو كفيل مليء، على القول به، وإلا؛ فللسيد منعه منه. قوله:(وله أخذ صدقة) أي: ولو واجبة. قوله: (تركهما) أي: السفر والصَّدقة. قوله: (لا شرط نوع تجارةٍ) كأن لا يتجر إلا في نوع كذا. قوله: (وينفق) أي: من كسبه. قوله: (على نفسه) أي: وزجته. قوله: (لعجزه) علة للمنفي، لا للنفي. قوله:(لزمته) أي: السيد. قوله: (لغير سيِّده) لأنه تابع لأمه.

ص: 29

بِشَرْطِهِ وَنَفَقَتُهُ مِنْ مُكَاتِبِهِ وَلَوْ لِسَيِّدِهِ عَلَى أُمِّهِ وَلَهُ أَنْ يَقْتَصَّ لِنَفْسِهِ مِنْ جَانٍ عَلَى طَرَفِهِ لَا مِنْ بَعْضِ رَقِيقِهِ الْجَانِي عَلَى بَعْضِهِ وَلَا أَنْ يُكَفِّرَ بِمَالٍ أَوْ يُسَافِرَ لِجِهَادٍ أَوْ يَتَزَوَّجَ أَوْ يَتَسَرَّى أَوْ يَتَبَرَّعَ أَوْ يُقْرِضَ أَوْ يُحَابِيَ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ يَرْهَنَ أَوْ يُضَارِبَ أَوْ يَبِيعَ نَسَاءً وَلَوْ بِرَهْنٍ أَوْ يَهَبَ وَلَوْ بِعِوَضٍ أَوْ يُزَوِّجَ رَقِيقَهُ أَوْ يَحُدُّهُ أَوْ يُعْتِقَهُ وَلَوْ بِمَالٍ أَوْ يُكَاتِبَهُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَالْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ وَلَهُ تَمَلُّكُ رَحِمِهِ الْمَحْرَمِ بِهِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ وشِرَاؤُهُمْ وَفِدَاؤُهُمْ وَلَوْ أَضَرَّ ذَلِكَ بِمَالِهِ وَلَهُ كَسْبُهُمْ وَلَا يَبِيعُهُمْ فَإِنْ عَجَزَ رَقُّوا مَعَهُ وَإِنْ أَدَّى عَتَقُوا مَعَهُ وَكَذَا وَلَدُهُ مِنْ أَمَتِهِ وَإِنْ أَعْتَقَ صَارُوا أَرِقَّاءَ لِلسَّيِّدِ وَلَهُ شِرَاءُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ وَإِنْ عَجَزَ عَتَقَ

قوله: (بشرطه) أي: اشتراطه. قوله: (ونفقته) أي: ولد المكاتب. قوله: (على أمه) لأنه تابع لها. قوله: (ولو بعوض) أي: مجهولٍ، أو معلوم فيه محاباة. كما استظهره الشيخ منصور البهوتي أما إذا كانت بمعلوم لا محاباة فيه؛ فهي بيع حقيقي، فتصح.

ص: 30

وَوَلَدُ مُكَاتَبَةٍ وَلَدَتْهُ بَعْدَهَا يَتْبَعُهَا فِي عِتْقٍ بِأَدَاءِ أَوْ إبْرَاءٍ وَلَا بِإِعْتَاقِهَا وَلَا إنْ مَاتَتْ وَوَلَدُ بِنْتِهَا كَوَلَدِهَا لَا وَلَدُ ابْنِهَا وَإِنْ اشْتَرَى مُكَاتَبٌ زَوْجَتَهُ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا وَإِنْ اسْتَوْلَدَ أَمَتَهُ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَعَلَى سَيِّدِهِ بِجِنَايَتِهِ عَلَيْهِ أَرْشُهَا وبِحَبْسِهِ مُدَّةً أَرْفَقُ الْأَمْرَيْنِ بِهِ مِنْ إنْظَارِ مِثْلِهَا أَوْ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَلَا بِنْتٍ لَهَا

قوله: (بعدها) أي لا قبلها. قوله: (كولدها) تبعاً لأمه. قوله: (لا ولد ابنها) من غير أمته؛ لأنه تابع لأمِّه دون أبيه. قوله: (وإن استولد أمته) ثم عتق بأداءٍ، أو إبراء. قوله:(أرشها) إن لم يكن فيها تمثيل، وإلا عَتَق كما سبق. قوله:(أرفق الأمرين) أي: على السَّيِّد. قوله: (به) أي: المكاتب. قوله: (من إنظاره) بيان للأرقف؛ فإنه أحدهما. لا بيان للأمرين؛ فإنهما مجموع الإنظار، وأجرة المثل، كما توهمه بعض المحققين. فتنبه.

قوله: (مكاتبته) لبقاء أصل الملك. قوله: (لا بنت لها) أي: لا شرط

ص: 31

فَإِنْ وَطِئَهَا بِلَا شَرْطٍ أَوْ بِنْتَهَا الَّتِي فِي مِلْكِهِ أَوْ أَمَتَهَا فَلَهَا الْمَهْرُ وَلَوْ مُطَاوِعَةً وَمَتَى تَكَرَّرَ وَكَانَ قَدْ أَدَّى لِمَا قَبْلَهُ لَزِمَهُ آخَرُ وَإِلَّا فَلَا وَعَلَيْهِ قِيمَةُ أَمَتِهَا إنْ أَوْلَدَهَا لَا بِنْتِهَا وَلَا قِيمَةُ وَلَدِهِ مِنْ أَمَةِ مُكَاتَبِهِ أَوْ مُكَاتَبَتِهِ

وطء بنت لها، ثبتت كتابتها بطريق التبعية؛ لأن وطأها إذ ذاك غير مباح؛ لعدمها، والمعدوم لا يتصف بالإباحة، وما لا يباح، لا يصح شرطه.

قوله: (فلها) أي: المكاتبة فيهن. قوله: (ولو مطاوعة) أي: ولو كانت الموطوءة فيهن مطاوعة. هذا ظاهر في أمتها، وأمَّا فيها وفي بنتها؛ ففيه أنها مالكة لمنافعها، وكذا ابنتها بطريق التبعية لها. وسياتي أن الزانية المطاوعة لا مهر لها. ويمكن الجواب: بأن المكاتبة وإن ملكت منافعها، غير أنها يغلب فيها جانب المالية، وهي رقيقة ما بقي عليها درهم. فلهذا كانت مطاوعتها كمطاوعة الأمة، لا كمطاوعة الحرة. ويدلك علي تغليب جانب المالية فيها قول المصنف في "شرحه" في الاستدلال على ذلك: ولهذا لو رأى مالك مال من يتلفه، فلم يمنعه؛ لم يسقط عنه الضمان فتدبر. قوله:(وإلا، فلا) يلزم إلا مهر واحد؛ لاتحاد الشبهة، وهي كونها مملوكته، أو مملوكة مملوكته. قوله:(لا بنتها) لأنها كانت ممنوعة من التصرف فيها قبل استيلادها، فلم يفوت عليها شيء باستيلادها. قوله:(أو مكاتبته) لأن ولد السيد، كجزء منه، فيؤخذ منه: أنه لا تلزمه قيمة ولده من مكاتبته، ولا بنتها. منصور البهوتي.

ص: 32

وَيُؤَدَّبُ إنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ وَتَصِيرُ إنْ وَلَدَتْ أُمَّ وَلَدٍ ثُمَّ إنْ أَدَّتْ عَتَقَتْ وَإِنْ مَاتَ وعَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ كِتَابَتِهَا سَقَطَ وَعَتَقَتْ وَمَا بِيَدِهَا لِوَرَثَتِهِ وَلَوْ لَمْ تَعْجِزْ وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ سَيِّدٌ مُكَاتَبَهُ وَعِتْقُهُ فَسْخٌ لِلْكِتَابَةِ وَلَوْ فِي غَيْرِ كَفَّارَةٍ وَمَنْ كَاتَبَهَا شَرِيكَانِ ثُمَّ وَطِئَهَا فَلَهَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مَهْرٌ وَإِنْ وَلَدَتْ مِنْ أَحَدِهِمَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدِهِ وَلَوْ لَمْ تَعْجِزْ وَيَغْرَمُ لِشَرِيكِهِ قِيمَةَ حِصَّتِهِ مِنْهَا ونَظِيرَهَا مِنْ وَلَدِهَا وَإِنْ أُلْحِقَ بِهِمَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدِهِمَا يَعْتِقُ نِصْفُهَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وبَاقِيهَا بِمَوْتِ الْآخَرِ

قوله: (إن ولدت) أي: الموطوءة بشرط، أو غيره. قوله:(وإن مات) أي: السيد. قوله: (وعتقه) أي: السيد، أي: إعتاقه. قوله: (ولو في غير كفارة) وصح -إن لم يكن أدى شيئاً- عتق فيها. قوله: (ولو لم تعجز) فتبقى على كتابتها. قوله: (قيمة حصته) أي: مكاتبه، والكتابة بحالها. قوله:(أم ولدهما) فإن أدَّت إليهما؛ عتقت، أو أدت إلى أحدهما؛ عتق نصيبه، وإلا؛ فإنه يعتق نصفها .. إلخ.

ص: 33

فصل

ويصح نقل الملك في المكاتب وَلِمُشْتَرٍ جَهِلَهَا الرَّدُّ أَوْ الْأَرْشُ وَهُوَ كَبَائِعٍ فِي عِتْقٍ بِأَدَاءٍ وَلَهُ الْوَلَاءُ وعَوْدِهِ قِنًّا بِعَجْزِهِ فَلَوْ اشْتَرَى كُلُّ مِنْ مُكَاتِبِي شَخْصٍ أَوْ اثْنَيْنِ الْآخَرَ صَحَّ شِرَاءُ الْأَوَّلِ وَحْدَهُ فَإِنْ جُهِلَ أَسْبَقُهُمَا بَطَلَا وَإِنْ أُسِرَ فَاشْتُرِيَ فَأَحَبَّ سَيِّدُهُ أَخْذَهُ بِمَا اشْتَرَى بِهِ وَإِلَّا فَإِذَا أَدَّى لِمُشْتَرِيهِ مَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ عَتَقَ وَوَلَاؤُهُ لَهُ وَلَا يُحْتَسَبُ عَلَيْهِ بِمُدَّةِ الْأَسْرِ فَلَا يَعْجِزُ حَتَّى يَمْضِيَ بَعْدَ الْأَجَلِ مِثْلُهَا

قوله: (وحده) أي: دون الثاني؛ لأنه لا يصح أن يملك العبد سيده؛ لإفضائه إلى تناقض الأحكام. قوله: (وإن أسر) أي: أسره الكفار. قوله: (بما اشتري به) فله ذلك، وهو على كتابته. قوله:(لمشتريه) أي: أو من وقع في قسمته. قوله: (له) أي: لمشتريه؛ لعتقه في ملكه. وهذا الحكم مبني على ثلاث قواعد:

الأولى: أن الكفار يملكون أرقاء المسلمين بالقهر.

الثانية: أن من وجد ماله، من مسلم، أو معاهد، بيد من اشتراه منهم، فهو أحق به بثمنه.

ص: 34

وَعَلَى مُكَاتَبٍ جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ فِدَاءُ نَفْسِهِ بِقِيمَتِهِ فَقَطْ مُقَدِّمًا عَلَى كِتَابَتِهِ فَإِنْ أَدَّى مُبَادِرًا وَلَيْسَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ عَتَقَ وَاسْتِقْرَارُ الْفِدَاءِ وَإِنْ قَتَلَهُ سَيِّدُهُ لَزِمَهُ وَكَذَا إنْ أَعْتَقَهُ وَيَسْقُطُ إنْ كَانَتْ عَلَى سَيِّدِهِ وَإِنْ عَجَزَ مُكَاتَبٌ وَهِيَ عَلَى سَيِّدِهِ فَلَهُ تَعْجِيزُهُ وَإِنْ فَدَاهُ وَإِلَّا بِيعَ فِيهَا قِنًّا وَيَجِبُ فِدَاءُ جِنَايَتِهِ مُطْلَقًا بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ أَرْشِهَا وَإِنْ عَجَزَ عَنْ دُيُونِ مُعَامَلَةٍ لَزِمَتْهُ تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ فَيُقَدِّمُهَا

الثالثة: أن المكاتب يصح نقل الملك فيه. وهذا المذهب في الثلاث، قاله في "الإنصاف".

قوله: (عليه) أي: المكاتب. قوله: (لزمه) أي: أقل الأمرين من أرشها، وقيمته. قوله:(فله تعجيزه) أي: بعودِه إلى الرِّق. قوله: (قنا) أي: وتبطل الكتابة. قوله: (مطلقاً) أي: سواء كانت سيِّده، أو أجنبي. قوله:(عن ديون معاملة) وأما أرشُ الجناية؛ فتقدم أنه يتعلق برقبته. قوله: (فيقدِّمها) أي: المكاتب على دين كتابة.

ص: 35

مَحْجُورًا عَلَيْهِ لعدَم تَعَلُّقِهَا بِرَقَبَتِهِ فَلِهَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ مَالٌ فَلَيْسَ لِغَرِيمِهِ تَعْجِيزُهُ بِخِلَافِ أَرْشِ ودَيْنِ كِتَابَةٍ وَيَشْتَرِطُ رَبُّ دَيْنٍ وأَرْشٍ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلِ غَيْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ أَيِّ دَيْنٍ شَاءَ

فصل

والكتابة عقد لازم لَا يَدْخُلُهَا خِيَارٌ وَلَا يَمْلِكُ أَحَدُهُمَا فَسْخَهَا وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا عَلَى شَرْطٍ مُسْتَقْبَلٍ وَلَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ سَيِّدٍ وَلَا جُنُونِهِ وَلَا حَجْرٍ عَلَيْهِ وَيَعْتِقُ بِأَدَاءٍ إلَى مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ أَوْ وَارِثِهِ وَإِنْ حَلَّ نَجْمٌ فَلَمْ يُؤَدِّهِ فَلِسَيِّدِهِ الْفَسْخُ بِلَا حُكْمِ وَيَلْزَمُ إنْظَارُهُ

قوله: (محجورًا عليه) أي: بأن ضاق ماله عن ديونه، فسأل غرماؤه الحاكم الحجْر عليه، فحجر عليه. قوله:(ربُّ دينٍ) أي: دين معاملة. قوله: (بعد موته) أي: في تركه مكاتب.

قوله: (والكتابة) أي: الصحيحة. قوله: (عقد لازم) أي: من الطرفين، لأنها بيع. قوله:(ولا حجر عليه) أي: لسفه أو فلس كبقية العقود اللازمة. قوله: (مقامه) أي: السيد من ولي وغيره. قوله: (فلسيده الفسخ) كما لو أعسر مشتر بالثمن قبل دفعه. قوله: (ويلزم إنظاره) أي:

ص: 36

ثَلَاثًا لِبَيْعِ عَرْضٍ وَلِمَالٍ غَائِبٍ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ يَرْجُو قُدُومَهُ وَلِدَيْنٍ حَالٍّ عَلَى مَلِيءٍ أَوْ مُودَعٍ وَلِمُكَاتَبٍ قَادِرٍ عَلَى كَسْبٍ تَعْجِيزُ نَفْسِهِ إنْ لَمْ يَمْلِكْ وَفَاءً لَا فَسْخَهَا فَإِنْ مَلَكَهُ أُجْبِرَ عَلَى أَدَائِهِ ثُمَّ عَتَقَ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ انْفَسَخَتْ وَيَصِحُّ فَسْخُهَا بِاتِّفَاقِهِمَا وَلَوْ زَوَّجَ امْرَأَةً تَرِثُهُ مِنْ مُكَاتَبِهِ وَصَحَّ ثُمَّ مَاتَ انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَكَذَا لَوْ وَرِثَ زَوْجَتَهُ الْمُكَاتَبَةَ أَوْ غَيْرَهَا

يلزم السيد إنظاره قبل فسخ كتابته.

قوله: (ثلاثاً) إن استنظره المكاتب. قوله: (على كسب) أي: أن يكتسب. قوله: (تعجيز نفسه) يعني: بترك الكسب. قوله: (فإن ملكه) أي: الوفاء. قوله: (فإن مات) يعني: المكاتب. قوله: (انفسخت) يعني: ولو ملك وفاء، ويكون لسيده. قوله:(باتفاقهما) فتصحُّ الإقالة. قوله: (ترثه) أي: السيد كبنته. قوله: (وصح) أي بأن قلنا: إن الكفاءة شرط للزوم، لا للصحة، أو حكم به من يراه. قوله:(ثم مات) أي: السيد. قوله: (انفسخ النِّكاح) لملكِها زوجها، أو بعضه.

ص: 37

وَيَلْزَمُ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَى مَنْ أَدَّى كِتَابَتَهُ رُبْعَهَا وَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ بَدَلِهِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ فَلَوْ وَضَعَ بِقَدْرِهِ أَوْ عَجَّلَهُ جَازَ الْكِتَابَةُ عَلَى نَجْمَيْنِ وَالْإِيتَاءُ مِنْ الثَّانِي وَلِسَيِّدٍ الْفَسْخُ بِعَجْزِ مُكَاتَبٍ عَنْ رُبْعِهَا وَلِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُصَالِحَ سَيِّدَهُ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ لَا مُؤَجَّلًاوَمَنْ أُبْرِئَ مِنْ كِتَابَتِهِ عَتَقَ وَإِنْ أُبْرِئَ مِنْ بَعْضِهَا فَهُوَ عَلَى الْكِتَابَةِ فِيمَا بَقِيَ وَيُقَسَّطُ الْعِوَضُ عَلَى الْقِيَمِ يَوْمَ الْعَقْدِ وَيَكُونُ كُلٌّ مُكَاتَبًا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ يَعْتِقُ بِأَدَائِهَا وَيَعْجِزُ بِعَجْزِهِ عَنْهَا وَحْدَهُ وَإِنْ أَدَّوْا وَاخْتَلَفُوا فِي قَدْرِ مَا أَدَّى كُلُّ وَاحِدٍ فقَوْلُ مُدَّعِي أَدَاءِ الْوَاجِبِ

قوله: (ولا يلزمه) أي: المكاتب. قوله: (من غير جنسه) ولزم من الجنس، والأولى من عينه. قوله:(بغير جنسه) أي: حالاً. قوله: (لا مؤجلا) أي: أو بحال لم يقبض، لأنه بيع دين بدين.

قوله: (بعوض) كثلاثة بألف. قوله: (على القيم) أي: لا على عدد الرؤوس. قوله: (يعتق بأدائها

إلخ) وإن شرط عليهم ضمان بعضهم بعضاً؛ لم يصحَّ الشرط، وتصح الكتابة.

ص: 38

وَيَصِحُّ أَنْ يُكَاتِبَ بَعْضَ عَبْدِهِ فَإِنْ أَدَّى عَتَقَ كُلُّهُ وشِقْصًا مِنْ مُشْتَرَكٍ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَيَمْلِكُ مِنْ كَسْبِهِ بِقَدْرِهِ فَإِذَا أَدَّى مَا كُوتِبَ عَلَيْهِ ولِلْآخَرِ مَا يُقَابِلُ حِصَّتَهُ عَتَقَ إنْ كَانَ مَنْ كَاتَبَهُ مُوسِرًا مُوسِرًا وَعَلَيْهِ قِيمَةُ حِصَّةِ شَرِيكِهِ وَإِنْ أَعْتَقَهُ الشَّرِيكُ قَبْلَ أَدَائِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ كُلُّهُ إنْ كَانَ مُوسِرًا

قوله: (عتق كله) أي: بالسراية إلى باقيه. قوله: (بقدره) أي: الجزء المكاتب، ولا يستحق الشريك شيئاً. فما أخذه من الصدقة بذلك الجزء كما لو ورث المبعض شيئاً بجزئه الحر. قوله:(ما يقابل حصته) فليس له أن يؤدي إلى من كاتبه شيئا حتى يؤدي إلى الشريك الذي لم يكاتبه ما يقابل حصَّته منه، سواء أذن في كتابته أم لا، فلو أدى الكتابة من جميع كسبه؛ لم يعتق؛ لأنه دفع ما ليس له. قوله:(موسرًا) أي: فيعتق المكاتب كله، أما جزؤه المكاتب؛ فبالأداء. وأما الآخر؛ فبالسِّراية. قوله:(وعليه) أي: الموسر. قوله: (قيمة حصَّةِ شريكِه) أي: إن كان موسرا بكلها، وإلا سرى العتق إلى قدر ما هو موسر به من القيمة. قوله:(وإن أعتقه) أي: أعتق نصيبه. قوله: (الشريك) أي: الذي لم يكاتب.

ص: 39

وَعَلَيْهِ قِيمَةُ مَا لِلشَّرِيكِ مُكَاتَبًا وَلَهُمَا كِتَابَةُ عَبْدِهِمَا عَلَى تَسَاوٍ وتَفَاضُلٍ وَلَا يُؤَدِّي إلَيْهِمَا إلَّا عَلَى قَدْرِ مِلْكَيْهِمَا

فَإِنْ كَاتَبَاهُ مُنْفَرِدَيْنِ فَوَفَّى أَحَدَهُمَا أَوْ أَبْرَأَهُ عَتَقَ نَصِيبُهُ خَاصَّةً إنْ كَانَ مُعْسِرًا وَإِلَّا كُلُّهُ

وَإِنْ كَاتَبَاهُ كِتَابَةً وَاحِدَةً فَوَفَّى أَحَدَهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ

وَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ عَتَقَ نَصِيبُهُ وَسَرَى إلَى بَاقِيهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَضَمِنَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ بِقِيمَتِهِ مُكَاتَبًا

قوله: (على تساوٍ

إلخ) أي: ولو بلا إذن الآخر، ولعله حيث دفع للآخر من المال بقدر ملكه، فلو دفع المكاتب جميع ما في يده لأحدهما؛ لم يعتق منه شيء؛ لأنه ليس له أن يخص أحدهما بشيء، والقبض فاسد. قوله:(ملكيهما) أي: فلا يزيد أحدهما ولا يُقدِّمه على الآخر. قوله: (منفردين) يعني: في صفقتين. قوله: (فوفى أحدهما) أي: ولو بلا إذن الآخر، ولعله حيث دفع للآخر من المال بقدر ملكه. فلو دفع المكاتب جميع ما في يده لأحدهما؛ لم يعتق منه شيء؛ لأنه ليس له أن يخص أحدهما بشيء، والقبض فاسد. قوله:(كتابة واحدة) أي: في صفقة.

ص: 40

وإذا كاتب ثلاثة عبداً، فادعى الأداء إليهم، فأنكره أحدهم؛ شاركهما فيما أقرا بقبضه. ونصه: تقبل شهاتهما عليه.

ومن قبل كتابة عن نفسه وغائب؛ صح، كتدبير. فإن أجاز الغائب، وإلا، لزمه الكل.

فصل

وإن اختلفا في كتابة؛ فقول منكر.

وفي قدر عوضها، أو جنسه، أو أجلها، أو وفاء مالها؛ فقول سيدٍ.

وإن قال: قبضتها إن شاء الله، أو زيد، عتق، ولم يؤثر، ولو في مرضه.

قوله: (وغائب) كما لو قال لبعض عبيده: كاتبتك وفلاناً الغائب على مئتين تؤديانهما علي قسطين سلخ كل شهر النصف، فقال العبد: قبلت ذلك لنفسي ولفلان الغائب. قوله: (كتدبير) أي: بجامع السببية في العتق. قوله: (الكل) أي: الذي كوتبا عليه. قوله: (في كتابة) أي: بأن ادعى أحدهما صدور الكتابة وأنكر الآخر. قوله: (وفي قدر عوضها) يعني: قبل العتق. أو بعدَه. قوله: (فقول سيِّد) أي: بيمينه. قوله: (ولم يؤثر) أي: الاستثناء.

ص: 41

وَيَثْبُتُ الْأَدَاءُ وَيَعْتِقُ بِشَاهِدٍ مَعَ امْرَأَتَيْنِ أَوْ يَمِينِ فصل

والْفَاسِدَةُ كَعَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ مجْهُولٍ يَغْلِبُ فِيهِ حُكْمُ الصِّفَةِ فِي أَنَّهُ إذَا أَدَّى عَتَقَ لَا إنْ أُبْرِئَ وَيُتْبَعُ وَلَدٌ لَا كَسْبٌ فِيهَا

قوله: (أو يمين) أي: كسائر الديون.

قوله: (يغلب فيها حكم الصفة

إلخ) الصفة، هي: الأداء، وحكمها: العتق، فلذلك متي أدى؛ عتق، نظرًا إلى الصفة، ولا يبقى رقيقا، نظرا إلى فساد الكتابة، سواء صرح بالصفة؛ بأن قال: إذا أديت إلي؛ فأنت حرٌّ، أم لا، ولكن لما كانت هذه الصفة مبنية على المعاوضة، وتابعةً لها، والمعاوضة هي المقصودة؛ كان للسيد إبطالها بالفسخ، كما سيأتي؛ لانبنائها على فاسد، فتفسد بإلافساد، بخلاف الصفة المجردة. فإنه لا يملك إبطالها، كما تقدَّم. فتأمل. قوله:(ويتبع ولد) أي: بشرطه. قوله: (لا كسب) فما بيده حين العتق، فإنه لسيده، ولم يلزم فيها أداءُ الربع. والحاصل: أن الفاسدة كالصحيحة في أربع أحكام:

عتقه بالأداء مطلقاً، صرح له بذلك أم لا.

وأنه إذا عتق بالأداء؛ لم تلزمه قيمة نفسه، ولم يرجع على سيده بما أعطاه. وأن المكاتب يملك التصرف في كسبه، ويملك أخذ الصدقات.

ص: 42

وَلِكُلٍّ فَسْخُهَا وَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِ سَيِّدٍ وَجُنُونِهِ وَحَجْرٍ عَلَيْهِ لِسَفَه

وأنه إذا كاتب جماعة فاسدة، فأدى إليه أحدهما حصته؛ عتق المؤدي.

وتفارق الصحيحة في ثلاثة:

أنه إذا أبريء من العوض؛ لم يصح، ولم يعتق.

وأن لكل منهما فسخها، سواء كان هناك صفة صريحة، أم لا.

وأنه لا يلزم السيد أن يؤدي إليه ربع الكتابة.

قوله: (وتنفسخ) فاسدة؛ لعدم لزومها.

ص: 43