المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب اللعان وَهُوَ شَهَادَاتٌ مُؤَكَّدَاتٌ بِأَيْمَانٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مَقْرُونَةٌ بِلَعْنٍ وَغَضَبٍ - حاشية ابن قائد على منتهى الإرادات - جـ ٤

[ابن قائد]

الفصل: ‌ ‌كتاب اللعان وَهُوَ شَهَادَاتٌ مُؤَكَّدَاتٌ بِأَيْمَانٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مَقْرُونَةٌ بِلَعْنٍ وَغَضَبٍ

‌كتاب اللعان

وَهُوَ شَهَادَاتٌ مُؤَكَّدَاتٌ بِأَيْمَانٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مَقْرُونَةٌ بِلَعْنٍ وَغَضَبٍ قَائِمَةٌ مَقَامَ حَدِّ قَذْفٍ أَوْ تَعْزِيرٍ فِي جَانِبِهِ وحَبْسٍ في جَانِبِهَا

كتاب اللعان

مصدر لاعن من اللعن، وهو: الطردُ والإبعادُ. قال ابن عادل: قال بعض العلماء: وليس من الأيمان شيء متعدد في جانب المدَّعي ابتداءً سوى اللعان والقسامةِ. انتهى.

قوله: (بلعنٍ) أي: من زوجٍ. قوله: (وغضبٍ) أي: من زوجة. قوله: (حد قذفٍ) يعني: إن كانت محصنةً. قوله: (أو تعزير) إن لم تكن كذلك. منصور البهوتي. وسمي اللِّعان؛ لقول الرجل: وعلي لعنة الله، واختير لفظ اللعان على الغضب، وإن كانا موجودين في لعانهما؛ لأن اللعنة متقدمة في الآية الكريمة، ولأن جانب الرجل فيه أقوى؛ لأنه قادر على الابتداءِ دونها، ولأنه قد ينفكُّ لعانه عن لعانها، ولا ينعكس. وقيل: سمي لعانًا من اللعن، وهو: الطردُ والإبعاد؛ لأن كلا منهما يبعد عن صاحبِه، ويحرم النكاح بينهما أبدًا، بخلاف المطلق وغيره. ابن عادل. قوله:(وحبسٍ في جانبها) أي: إن لم تقرَّ بالزنا، فتُحبس إلى أن تقرَّ، أو تلاعن، أو قائمة مقام حد زنًا إن أقرَّت، كما في "الإقناع". وظاهر كلام المصنف: أن اللعان في جانب الزوجة إنما يقوم مقام الحبس، سواء أقرَّت بالزنا أو لم تقرَّ،

ص: 369

مَنْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ بِزِنًا وَلَوْ بِطُهْرٍ وَطِئَ فِيهِ فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ فَكَذَّبَتْهُ لَزِمَهُ مَا يَلْزَمُ بِقَذْفِ أَجْنَبِيَّةٍ وَيَسْقُطُ بِتَصْدِيقِهَا إيَّاهُ وَلَهُ إسْقَاطُهُ بِلِعَانِهِ وَلَوْ وَحْدَهُ حَتَّى جَلْدَةً لَمْ يَبْقَ غَيْرُهَا

فأما إذا لم تقر، فظاهرٌ، وأما إذا أقرَّت بالزنا أربع مراتٍ، فإن الواجب عليها في هذا الحال الحدُّ، ولا يسقطه عنها إلا الرجوع عن إقرارها، سواء لاعنت، أو لا.

واللعان إنما أفادها سقوط الحبس، فم سلكه المصنف هو التحقيق. فتأمله، فإنه دقيقٌ.

قوله: (بقذف أجنبيةٍ) من الحد إن كانت محصنةً، والتعزير إن لم تكن كذلك. قوله:(ويسقط) أي: مالزمه. قوله: (بتصديقها) أو بإقامة البينة عليها به، كما لو كان المقذوفُ غيرها. منصور البهوتي. قوله:(وله إسقاطُه) أي: ما لزمه.

ص: 370

وَلَهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ لِعَانِهِ وَيَثْبُتُ مُوجِبُهَا وَصِفَتُهُ أَنْ يَقُولَ زَوْجٌ أَرْبَعًا أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتُهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا وَيُشِيرُ إلَيْهَا وَلَا حَاجَةَ لَأَنْ تُسَمَّى أَوْ تُنْسَبَ إلَّا مَعَ غَيْبَتِهَا ثُمَّ يَزِيدَ فِي خَامِسَةٍ وَأَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ

قوله: (ويثبت موجبها) أي: البيِّنة من حدِّ الزنا. منصور البهوتي. قوله: (ويشيرُ إليها) أي: مع حضورِها. قوله: (إلا مع غيبتها) مقتضاه، عدم اشتراط اجتماع الزوجين حال اللعان، وهو مبني على ما اختاره في "عيون المسائل"، والمفهوم مما قدمه في "الفروع"، وجعله في "الإنصاف" المذهب: أنه لا بدَّ من اجتماعهما، كما ذكروا ذلك في مسألة الخفرة، على ما سيأتي في كلام المصنف. فتدبر. قوله: (ثم يزيد في خامسة

إلخ) المتبادر من لفظ الزيادة أنه يأتي في الخامسة بالشهادة، ويقول بعدها: (وأنَّ لعنة الله

إلخ) وهو غير ظاهر؛ لأنها تكون حينئذٍ خمس شهاداتٍ، مع أن الآية الكريمة مصرِّحة بأنها أربعُ شهاداتٍ، ولذلك عبر غيره كـ "المحرر" بقوله: ثم يقول في خامسة

إلخ، وهي أولي.

فتدبر. قوله: (إن كان من الكاذِبين) أي: ولا يشترطُ أن يقول: فيما رماها به من الزنا.

ص: 371

ثُمَّ زَوْجُهُ أَرْبَعًا أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنْ الزِّنَا ثُمَّ تَزِيدُ فِي خَامِسَةٍ وَأَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ فَإِنْ نَقَصَ لَفْظٌ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ أَتَيَا بِالْأَكْثَرِ وَحُكِمَ حُكْمٌ أَوْ بَدَأَتْ بِهِ أَوْ قَدَّمَتْ الْغَضَبَ أَوْ أَبْدَلَتْهُ بِاللَّعْنَةِ أَوْ السَّخَطِ أَوْ قَدَّمَ اللَّعْنَةَ أَوْ أَبْدَلَهَا بِالْغَضَبِ أَوْ الْإِبْعَادِ أَوْ أَبْدَلَ لَفْظَ أَشْهَدُ بأقسم أَوْ أَحْلِفْ أَوْ أَتَى بِهِ قَبْلَ إلْقَائِهِ عَلَيْهِ أَوْ بِلَا حُضُورٍ حَاكِمٍ أَوْ نَائِبِهِ أَوْ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ مَنْ يُحْسِنُهَا وَلَا يَلْزَمُهُ تَعَلُّمُهَا إنْ عَجَزَ عَنْهُ بِهَا أَوْ عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ أَوْ عُدِمَتْ مُوَالَاةُ الْكَلِمَاتِ لَمْ يَصِحَّ وَيَصِحُّ مِنْ أَخْرَسَ وَمِمَّنْ اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ وَأَيِسَ مِنْ نُطْقِهِ إقْرَارٌ

قوله: (فإن نقص لفظ من ذلك) أي: جملةٌ من الجمل الخمس، أو ما يختل به المعنى. منصور البهوتي. قوله:(وحكم حاكم) لم ينفذ؛ لمخالفته لنص القرآن الوارد على خلافِ القياس. قوله: (أو قدمت الغضب) أي: قبل الخامسةِ. قوله: (أو قدَّم اللعنة) اي: قبل الخامسة. قوله: (قبل إلقائه عليه) أي: أو قبل طلبها، إن لم يكن ولدٌ يريد نفيه. قوله:(أو نائبه) أي: أو من حكماه. شهاب فتوحي. أي: ممن يكون أهلا للقضاء. قوله: (لم يصح) جواب (فإن نقص

إلخ).

ص: 372

بِزِنًا ولِعَانٌ بِكِتَابَةٍ وَإِشَارَةٍ مَفْهُومَةٍ فَلَوْ نَطَقَ وَأَنْكَرَ لِعَانًا قُبِلَ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ حَدٍّ وَنَسَبٍ لَا فِيمَا لَهُ مِنْ عَوْدِ زَوْجَتِهِ وَلَهُ أَنْ يُلَاعِنَ لَهُمَا وَيُنْتَظَرُ مَرْجُوٌّ نُطْقُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَسُنَّ تَلَاعُنُهُمَا قِيَامًا بِحَضْرَةِ جَمَاعَةٍ وأَنْ لَا يَنْقُصُوا عَنْ أَرْبَعَةِ وبِوَقْتٍ وَمَكَانٍ مُعَظَّمَيْنِ

قوله: (من حد) فيقام عليه الحدُّ بطلبها، ويلحقه النسبُ. قوله:(لا فيما له من عود زوجية) أي: فلا تحلُّ له. قوله: (وله) أي: لمن أنكر لعانه الإشارة بعد أن نطق. قوله: (أن يُلاعنَ لهما) أي: لإسقاط الحدِّ ونفي النسب. قوله: (وينتظر مرجو) بقول عدلين من أطباء المسلمين. قوله: (نطقه) أي: نطقُ من اعتُقل لسانُه بعد قذف زوجتِه. قوله: (ثلاثة أيامٍ) فإن نطقَ، وإلا فبالكتابةِ والإشارةِ. قوله:(قيامًا) لو قيل: قائمين كان أبين؛ لكونه حينئذٍ حالا، وأما قيامًا فإنه مصدر، فيحتاج إلى عاملٍ مقدَّر. شهاب فتوحي على "المحرر". قوله:(عن أربعةٍ) أي: اربعة رجالٍ؛ لاحتمال الإقرار. قوله: (بوقتٍ) كبعد عصر الجمعة. قوله: (ومكان) كبين الركن والمقام بمكة، وعند الصخرة بالمقدس، وعند منبر باقي المساجد.

ص: 373

وأَنْ يَأْمُرَ حَاكِمٌ مَنْ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى فَمِ زَوْجٍ وَزَوْجَةٍ عِنْدَ الْخَامِسَةِ وَيَقُولُ: اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّهَا الْمُوجِبَةُ وَعَذَابُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ وَيَبْعَثَ حَاكِمٌ إلَى خَفِرَةٍ مَنْ يُلَاعِنُ بَيْنَهُمَا وَمَنْ قَذَفَ زَوْجَتَيْنِ فَأَكْثَرَ وَلَوْ بِكَلِمَةٍ أَفْرَدَ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِلِعَانٍ

قوله: (من يضعُ يدَه) أي: من رجلٍ أو امرأةٍ من محارم الزوجِ، ومن امرأة رجل من محارم الزوجة. قوله:(إلى خفرةٍ) أي: شديدةِ الحياءِ، وهي ضد البررة، فالخفرة، هي: التي لا تخرج في حوائجها، والبرزةُ، هي: التي تبرز لحوائجها. فتوحي. قوله: (بينهما) كذا في "المحرر" قال الشهاب الفتوحي، فيما رأيتُه بخطهِ: يفهم منه أنه يشترط اجتماعُهما حالة التلاعن، وقد تقدَّم: أنها إن لم تكن حاضرةً، أسماها ونسبَها، وكذا وقع لغيره كالشيخ في "المقنع" و "المغني" وصاحب "المستوعب" و "الوجيز" و "الفروع" إلا أن صاحب "الفروع" عند ذكر مسألة الخفرة، نقل عن ابن شهاب في "عيون المسائل": أن للزوج أن يلاعن في غيبتها، ولها أن تلاعن في غيبته، فأفاد ذلك أنَّ المقدم عنده اشتراط اجتماعهما، كما فهم ذلك صاحب "الإنصاف" من كلامه حيث جعله

ص: 374

فصل

وشروطه ثلاثة

الأول: كَوْنُهُ بَيْنَ زَوْجَيْنِ مُكَلَّفَيْنِ وَلَوْ قِنَّيْنِ أَوْ فَاسِقَيْنِ أَحَدُهُمَا فَيُحَدُّ بِقَذْفِ أَجْنَبِيَّةٍ بِزِنًا وَلَوْ نَكَحَهَا بَعْدَ أَوْ قَالَ لَهَا زَنَيْتِ قَبْلَ أَنْ أَنْكَحَكِ كَمَنْ أَنْكَرَ قَذْفَ زَوْجَتِهِ مَعَ بَيِّنَةٍ أَوْ كَذَّبَ نَفْسَهُ وَمَنْ مَلَكَ زَوْجَتَهُ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ

المذهب، ثم قابله بكلام "عيون المسائل"، وحيئنذٍ فيحملُ كلامهم في صفة اللعان، حيث قالوا: وإن كانت غائبةً أسماها ونسبَها، على ما نقله صاحب "الفروع" عن "عيون المسائل"؛ ليجمع به بين كلامهم. انتهى.

قوله: (مكلَّفين) لأن قذف غير المكلَّف لا يوجب حدًا، واللعان إنما وجب لإسقاطه. قوله:(قبل أن أنكحك) فيحد للقذف، ولا لعان، ولو لنفي الولد، كما ذكره صاحب "الإقناع". قوله:(مع بيِّنة) أي: على قذفه، فيحد ولا لعان. قوله: (ومن ملك زوجته

إلخ) يعني: أن الزوج إذا ملك زوجته بشراء أو غيره، فأتت بولد لدون ستة أشهر

ص: 375

لَا يُمْكِنُ مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ فَلَهُ نَفْيُهُ بِلِعَانٍ وَيُعَزَّرُ بِقَذْفِ زَوْجَةٍ صَغِيرَةٍ أَوْ وَلَا لِعَانَ وَيُلَاعِنُ مَنْ قَذَفَهَا ثُمَّ أَبَانَهَا أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ يَا زَانِيَةُ ثَلَاثًا وَإِنْ قَذَفَهَا فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ مُبَانَةً فِي النِّكَاحِ أَوْ الْعِدَّةِ

من الملك، سواء أقر بوطئها في الملك أو لا، فإن هذا الولد ملحق بالنكاح لا بالملك، فله نفيه باللعان، وإن أنت به لستة أشهر فأكثر من الملك وقبل مضيِّ أربع سنين من الملك أيضًا، ولم يكن أقر بوطئها في الملك، أو أقر به وأتت به لدون ستة أشهر من الوطء، فمُلحقٌ بالنكاح أيضًا، فله نفيه باللعان. وإن أتت به لستة أشهر فأكثر من وطئه في الملك، فأم ولد، إلا أن يدعي الاستبراء بعد الوطء، فينتفي عنه الولد، ولا لعان فيهما. فتدبر.

قوله: (لا يمكن) أي: لا يمكن كونه من ملك اليمين، كأن أتت به لدون ستة أشهر منذ ملكها وعاش. قوله:(فله نفيه بلعانٍ) ويثبت به التحريم المؤبَّد في ظاهر كلامهم.

قوله: (صغيرة) أي: لا يوطأ مثلها، كما في "الإقناع" فلو قذف بنت تسع فصاعدًا، حد، لكن بطلبها بعد بلوغها، ثم له إذن إسقاطُه باللعان. قوله:(في النكاح أو العدَّة) هو متعلق بقوله: (بزنا) والمعنى: أنه

ص: 376

أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا زَانِيَةُ لَاعَنَ لِنَفْيِ وَلَدٍ وَإِلَّا حد

الثَّانِي: سَبْقُ قَذْفِهَا بِزِنًا وَلَوْ فِي دُبُرٍ كَزَنَيْتِ أَوْ يَا زَانِيَةُ أَوْ رَأَيْتُكِ تَزْنِينَ وَإِنْ قَالَ لَيْسَ وَلَدُكِ مِنِّي أَوْ قَالَ مَعَهُ وَلَمْ تَزْنِ أَوْ لَا أَقْذِفُكِ أَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ أَوْ مُكْرَهَةً أَوْ نَائِمَةً أَوْ مَعَ إغْمَاءٍ أَوْ وَلَا لِعَانَ

إذا أبان زوجته بفسخ أو غيره، ثم قال لها: زنيت في النكاح، أو في العدة إذا كانت رجعية، ولكنه لم يقذفها إلا بعد انقضاء عدتِها، فإنَّه في الصورتين قد أضافَ الزنا إلى زمانِ العقدِ، أو ما هو في حكمه، فلاعن لنفي الولد، سواء كان النكاحُ الذي أضيف إليه الزنا صحيحًا أو فاسدًا، فليست (أل) في قوله:(في النكاح) للعهد السابق في قوله: (في نكاحٍ فاسدٍ) كما يُعلم من "الإقناع".

قوله: (ولم تزنِ) كذا بضبطِ المصنف، وعليه فالتاءُ للتأنيث لا للخطاب، كما في هند لم ترم. قوله أيضًا على قوله:(ولم تزن) بحذف الياء، كما في بعض النسخ، وبإثباتها، كما في البعض الآخر، وكلاهما

ص: 377

وَمَنْ أَقَرَّ بِأَحَدِ تَوْأَمَيْنِ لَحِقَهُ الْآخَرُ وَيُلَاعِنُ لِنَفْيِ الْحَدِّ الثَّالِثُ أَنْ تُكَذِّبَهُ وَيَسْتَمِرُّ إلَى اسْتِيفَاءِ اللِّعَانِ فَإِنْ صَدَّقَتْهُ وَلَوْ مَرَّةً أَوْ عَفَتْ أَوْ سَكَتَتْ أَوْ ثَبَتَ زِنَاهَا بأَرْبَعَةٍ سِوَاهُ أَوْ قَذَفَ مَجْنُونَةً بِزِنَا قَبْلَهُ أَوْ مُحْصَنَةً فَجُنَّتْ أَوْ خَرْسَاءَ أَوْ نَاطِقَةً فَخَرِسَتْ وَلَمْ تُفْهَمْ إشَارَتُهَا أَوْ قَذَفَ صَمَّاءَ لَحِقَهُ النَّسَبُ

صواب، لكن تكون التاءُ للتأنيث على حذف الياء، والتقدير أن يقول لزوجته: ليس ولدك مني، وهي لم تزن على طريق الالتفات من الخطاب إلى الغيبة، فجزمه على هذا بحذفِ الياء، كما في الأفعال المعتلة بالياء: هي لم ترم. وأمَّا على إثبات الياء فالتاء للخطاب، والأصل: تزنين، فيجزم بحذف النون، كما في الأفعال الخمسة. فتقول: أنت يا هند لم تزني. كما تقول: لم ترمي، ولم تقومي، ونحو ذلك.

قوله: (لنفي الحد) أي: لا الولد. قوله: (أو عفت) أي: عن طلب حد القذف. قوله: (أو سكتَتْ) أي: فلم تقرَّ، ولم تنكر. قوله:(قبله) أي: قبل الجنون، ويؤخذ منه: أنه يُشترط في وجوب الحد إحصانها حالة الزنا المقذوفة به، كما يشترطُ إحصانها حالة القذف به. فتوحي على "المحرر" قوله:(لحقه) جواب الشرط، أعني: (فإن صدقته

إلخ). قوله: (وثبت النسب) لأنَّ اللعان لم يوجَد.

ص: 378

وَلَا لِعَانَ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ تَتِمَّتِهِ تَوَارَثَا وَثَبَتَ النَّسَبُ وَلَا لِعَانَ وَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ فَلَهُ لِعَانُهَا وَنَفْيُهُ وَإِنْ لَاعَنَ وَنَكَلَتْ حُبِسَتْ حَتَّى تُقِرَّ أَرْبَعًا أَوْ تُلَاعِنَ فصل

ويثبت بتمام تلاعنهما أربعة أحكام

الأول: سقوط الحد أَوْ التَّعْزِيرُ حَتَّى لِمُعَيَّنٍ قَذَفَهَا بِهِ وَلَوْ أَغْفَلَهُ فِيهِ «أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ» - الْخَبَرُ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا مُسْلِمًا وَالنَّسَائِيُّ وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ حُدَّ بَعْدَ اللِّعَانِ. الْحُكْمُ الثَّانِي الْفُرْقَةُ وَلَوْ بِلَا فِعْلِ حَاكِمٍ

الثَّالِثُ: التَّحْرِيمُ الْمُؤَبَّدُ وَلَوْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ أَوْ كَانَتْ أَمَةً

قوله: (ولا لعانَ) أي: لعدم تصوره من الميت. قال "في الإقناع": مالم تطالب في حياتها بالحدِّ، فوارثها طلبه، وللزوج إسقاطُه باللعان. قوله:(أو تلاعن) أي: أو يكذب الزوج نفسه. فتوحي.

قوله: (سقوط الحد) أي: عنهما. قوله: (أو التعزير) أي: عنه. قوله: (الفرقة) بالضم: اسم بمعنى: الافتراق. قوله: (ولو بلا فعل حاكمٍ) أي: بأن يفرِّق بينهما الحاكم. قوله: (المؤبد) فمتى وقع اللعان بعد البينونة، أو في نكاح فاسد، فهل يفيد الحرمة المؤبدة؟ على وجهين، ذكره في "المحرر"، قال الشهاب الفتوحي: أصحهما: نعم؛ لعموم الأحاديث، والثاني: لا؛ لأنَّ

ص: 379

فَاشْتَرَاهَا بَعْدَهُ الرَّابِعُ انْتِفَاءُ الْوَلَدِ وَيُعْتَبَرُ لَهُ ذِكْرُهُ صَرِيحًا كَأَشْهَدُ بِاَللَّهِ لَقَدْ زَنَتْ وَمَا هَذَا وَلَدِي وَتَعْكِسُ هِيَ أَوْ تَضَمُّنًا كَقَوْلِ مُدَّعٍ زِنَاهَا فِي طُهْرٍ لَمْ يَطَأْهَا فِيهِ، وَأَنَّهُ اعْتَزَلَهَا حَتَّى وَلَدَتْ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا ادَّعَيْتُ عَلَيْهَا أَوْ رَمَيْتُهَا بِهِ مِنْ زِنًا وَنَحْوِهِ وَلَوْ نَفَى عَدَدًا كَفَاهُ لِعَانٌ وَاحِدٌ وَإِنْ نَفَى حَمْلًا أَوْ اسْتَلْحَقَهُ، أَوْ لَاعَنَ عَلَيْهِ مَعَ ذِكْرِهِ لَمْ يَصِحَّ وَيُلَاعِنُ لِدَرْءِ حَدٍّ، وَثَانِيًا بَعْدَ وَضْع ولد

الفرقَةَ لم تحصل باللعان، بل حصلت قبله، فلم يؤثر اللعان في الفرقة، فلم يتأبد؛ لمغايرتها لفرقةِ اللعان. انتهى.

قوله: (فاشتراها) إذ هو أولى من مطلق ثلاثاً اشتراها. قوله: (ويعتبر له) أي: لانتفاء الولد. قوله: (وما هذا ولدِي) أي: ويتمُّ اللعان. قوله: (وتعكس هي) فتقول: أشهدُ بالله لقد كذبَ، وهذا الولدُ ولده، وتتمم. قوله:(ولو نفى عددًا) أي: من الأولاد. منصور البهوتي. قوله: (لم يصح) نفيه؛ لأنَّه لا تثبت له أحكام غير إرثٍ ووصيةٍ.

ص: 380

وَلَوْ نَفَى حَمْلَ أَجْنَبِيَّةٍ لَمْ يُحَدَّ كَتَعْلِيقِهِ قَذْفًا بِشَرْطٍ إلَّا أَنْتِ زَانِيَةٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَا زَنَيْتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَشُرِطَ لِنَفْيِ وَلَدٍ بِلِعَانٍ إنْ لَا يَتَقَدَّمَهُ إقْرَارٌ بِهِ أَوْ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ نَفَاهُ وَسَكَتَ عَنْ تَوْأَمِهِ أَوْ هُنِّئَ بِهِ فَسَكَتَ أَوْ أَمَّنَ عَلَى الدُّعَاءِ أَوْ أَخَّرَ نَفْيَهُ مَعَ إمْكَانِهِ أَوْ رَجَاءَ مَوْتِهِ وَإِنْ قَالَ لَمْ أَعْلَمْ بِهِ أَوْ أَنَّ لِي نَفْيَهُ أَوْ أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ وَأَمْكَنَ صِدْقُهُ قُبِلَ وَإِنْ أَخَّرَهُ لِعُذْرٍ كَحَبْسٍ وَمَرَضٍ وَغَيْبَةٍ وَحِفْظِ مَالٍ أَوْ ذَهَابِ لَيْلٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَمْ يَسْقُطْ نَفْيُهُ وَمَتَى أَكْذَبَ نَفْسَهُ بَعْدَ نَفْيِهِ حُدَّ مُحْصَنَةٍ وَعُزِّرَ لِغَيْرِهَا مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ إلَى جِهَةِ الْأَبِ كَوَلَاءٍ وَتَوَارَثَا

قوله: (لم يحد) لأن نفيه مشروطٌ بوجوده، والقذف لا يصح تعليقه. قوله:(إن شاء الله) أي: فهو قذف. منصور البهوتي. قوله: (لا: زنيت إن شاء الله) أي: فليس قذفًا. منصور البهوتي. والفرق دلالة الاسمية على الثبوت فلا تقبلُ التعليق. قوله: (إلى جهة الأب) وعليه ما أنفقته الأم قبل استلحاقِه.

ص: 381

وَلَا يَلْحَقُهُ بِاسْتِلْحَاقِ وَرَثَتِهِ بَعْدَهُ وَالتَّوْأَمَانِ الْمَنْفِيَّانِ أَخَوَانِ لِأُمٍّ وَمَنْ نَفَى مَنْ لَا يَنْتَفِي وَقَالَ إنَّهُ مِنْ زِنًا حُدَّ إنْ لَمْ يُلَاعِنْ

فصل فيما يلحق من النسب

مَنْ أَتَتْ زَوْجَتُهُ بِوَلَدٍ بَعْدَ نِصْفِ سَنَةٍ مُنْذُ أَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُ بِهَا وَلَوْ مَعَ غَيْبَةٍ فَوْقَ أَرْبَعِ سِنِينَ وَلَا يَنْقَطِعُ الْإِمْكَانُ بِحَيْضٍ أَوْ لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ مُنْذُ أَبَانَهَا وَلَوْ ابْنَ عَشْرِ فِيهِمَا لَحِقَهُ نَسَبُهُ

قوله: (من لا ينتفي) كمن أقر به، أو هنيء فأمَّن أو سكت.

فصل فيما يلحق من النسب

والقاعدة في لحوق النسب: أنه متى ما ثبت الفراش لحق النسبُ بأدنى إمكان، ولم ينتف الولد إلا باللعان، وإن لم يثبتِ الفراش، جاز نفي الولد بأدنى إمكان. ابن عادل.

قوله: (فوق أربع سنين) ولعلَّ المراد: ويخفى سيره. قاله في "الفروع" و "المبدع". قوله: (فيهما) أي: فيما إذا أتَتَ به لستة أشهرٍ منذ أمكن اجتماعه بها، أو لدونِ أربعِ سنين منذ أبانَها.

ص: 382

وَمَعَ هَذَا لَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ وَلَا يَكْمُلُ بِهِ مَهْرٌ وَلَا تَثْبُتُ بِهِ عِدَّةٌ وَلَا رَجْعَةٌ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ كَوْنُهُ مِنْهُ كَأَنْ أَتَتْ بِهِ لِدُونِ نِصْفِ سَنَةٍ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا وَعَاشَ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مُنْذُ أَبَانَهَا أَوْ أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ

قوله: (ومع هذا) أي: لحوق الولد بابن عشر، لا يحكم ببلوغه، أي: إذا كان من ألحقنا به الولد، لم يثبت بلوغُه بغير ذلك، لم يحكم ببلوغه بلحوق الولد؛ لأنه إنما أُلحق به الولد مع الإمكان حفظًا للنسب واحتياطًا له، وأما البلوغ، فالحكم به موقوف على ثبوت سببه، ولم يوجد. وكذلك لا يستقر المهر على الزوج؛ لأنَّ المقرر للمهر لم يثبت؛ لعدم ثبوت الدخول وما يقوم مقامه، كالخلوة، ولذلك لا تثبت على المرأة العدة من هذا الزوج؛ لأن سبب العدة، وهو الدخول أو ما يقوم مقامه، لم يثبت. وكذلك إذا كان الزوج قد طلَّق قبل الدخول بائنًا؛ لأن الطلاق قبل الدخول بائن، فإذا بانت حاملاً بذلك الولد الذي يلحقُه لا يحكم بأنَّ الطلاق كان رجعيًا، وأن له رجعتها، وإن كنا ألحقنا به الولد، ولا يلزم من لحوق الولد الوطء؛ لأن الولد كما تقدم ألحقناه به حفظًا لنسبه، وأمَّا الوطء الذي تكون به المطلقة رجعية، فلم يثبت فتوحي على "المحرر". قوله:(وعاش) أي: لم يلحقه، فإن لم يعش، لحقه إن أمكن، كابن عشرٍ.

ص: 383

عِدَّتِهَا بِالْقُرُوءِ ثُمَّ وَلَدَتْ لِفَوْقِ نِصْفِ سَنَةٍ مِنْهَا أَوْ فَارَقَهَا حَامِلًا فَوَضَعَتْ ثُمَّ آخَرَ بَعْدَ نِصْفِ سَنَةٍ أَوْ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ بِهَا بِأَنْ تَزَوَّجَهَا بِمَحْضَرِ حَاكِمٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ أَبَانَهَا أَوْ مَاتَ بِالْمَجْلِسِ أَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا وَقْتَ عَقْدٍ مَسَافَةٌ لَا يَقْطَعُهَا فِي الْمُدَّةِ الَّتِي وَلَدَتْ فِيهَا أَوْ كَانَ الزَّوْجُ لَمْ يَكْمُلْ لَهُ عَشْرُ أَوْ قُطِعَ ذَكَرُهُ مَعَ أُنْثَيَيْهِ لَمْ يَلْحَقْهُ وَيَلْحَقُ عِنِّينًا وَمَنْ قُطِعَ ذَكَرُهُ فَقَطْ وَكَذَا مَنْ قُطِعَ أُنْثَيَاهُ فَقَطْ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَقِيلَ لَا الْمُنَقِّحُ وَهُوَ الصَّحِيحُ

قوله: (منها) أي: العدة، أو انقضائها. قوله:(لا يقطعُها في المدة) المذكورة، المراد بهذا: أن تكون مدة الحمل زائدة على مدة المسافة بأقلَّ من ستة أشهر، فإنه على هذا التقدير إذا أسقطنا لمدة الحمل ستة أشهر، لم يبق من المدة ما يمكن أن يقطع فيه تلك المسافة. قوله أيضًا على قوله:(لا يقطعها في المدة) المراد بهذه المدة التي ولدت فيها: أن تكون أقل من مدة الحمل، وأن تكون زائدة على مدة المسافة التي بينهما، فالمعنى أن يكون مجموع مدة المسافة مع مدة وضع الحمل أقلَّ من مجموع مدة المسافة مع مدة أقل الحمل، فإن كان مدة الوضع بقدر مدة المسافة مع مدة أقل الحمل، فإن كان مدة الوضع بقدر مدة المسافة أقل الحمل فصاعدًا، لحقه نسبه. فتوحي على "المحرر". قوله:(لم يلحقه) لاستحالة الإيلاج والإنزال منه. قوله: (وهو الصحيح) وجزم به في

ص: 384

وَإِنْ وَلَدَتْ رَجْعِيَّةٌ بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ مُنْذُ طَلَّقَهَا وَقَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا

"الإقناع". وعبارة الشهاب الفتوحي على هامش "المحرر" بخطه: الصحيح عند مشايخ المذهب، أنه يلحقهُ نسبه بالخصاء فقط، أو بالحب فقط. انتهى.

قوله: (وإن ولدت رجعيةٌ بعد أربع سنين منذ طلَّقَها، وقبل انقضاء عدتها) إلى قوله: (لحق نسبُه) أقول: دل منطوقُ هذه العبارة على مسألتين: فمثال الأولى: أن يطلِّق زيد زوجته هندًا طلاقا رجعيًا في رمضان سنة تمانين، وتنقضي عدتها في ذي القعدة من تلك السنةِ، ثم تأتي بولدٍ في شوالٍ سنة أربع وثمانين، فهذا يصدق عليه أنه بعد أربع سنين من حين الطلاق، وقيل: أربع سنين من حين انقضاء العدَّة، فيلحق به إذن زيدٌ المذكور؛ لأن الرجعية في حكم الزوجات في السكنى والنفقة، ووقوع الطلاق عليها. وأمَّا المسألة الثانية: فهي أن تأتي بولد قبل مضي أربع سنين من حين انقضاء العدة، مع قطع النظر عن زمن الطلاق. وهذا هو الفرق بين المسألتين، والله أعلم. ولو قال في العبارة: وإن وَلدت رجعيةٌ لأقلَّ من أربع سنين منذ انقضاء عدَّتها ولو بعدها منذ طلَّقها لحق نسبُه، لحصل المقصود باختصار. قوله:(وقبل انقضاء عدَّتها) حلَّ المصنف بما صورته: وقبل مضي أربع سنين منذ انقضاء عدتها. انتهى. فافهمه.

ص: 385

أَوْ لِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مُنْذُ انْقَضَتْ لَحِقَ نَسَبُهُ وَمَنْ أُخْبِرَتْ بِمَوْتِ زَوْجِهَا فَاعْتَدَّتْ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ لَحِقَ بِثَانٍ مَا وَلَدَتْهُ لِنِصْفِ سَنَةٍ فَأَكْثَرَ

فصل

ومن ثبت أَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ وَطِئَ أَمَتَهُ فِي الْفَرْجِ أَوْ دُونَهُ فَوَلَدَتْ لِنِصْفِ سَنَةٍ لَحِقَهُ وَلَوْ قَالَ عَزَلْتُ أَوْ لَمْ أُنْزِلْ لَا إنْ ادَّعَى اسْتِبْرَاءً وَيَحْلِفُ عَلَيْهِ ثُمَّ تَلِدُ لِنِصْفِ سَنَةٍ بَعْدَهُ وَإِنْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ مَرَّةً ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَوْ بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَطْئِهِ لَحِقَهُ وَمَنْ اسْتَلْحَقَ وَلَدًا لَمْ يَلْحَقْهُ مَا بَعْدَهُ بِدُونِ إقْرَارٍ آخَرَ وَمَنْ أَعْتَقَ أَوْ بَاعَ

قوله: (منذ انقضت) أي: سواءٌ أخبرت بانقضاء عدَّتها بالقروء، أو لا. ولا يعارضه ما تقدم؛ لأنه في البائنة لا في الرجعيةِ.

قوله: (أو دونه) لأنه قد يسبق الماء إلى الفرج. قوله: (لا إن ادعى استبراءً) أي: بعد وطء بحيضةٍ. قوله: (بعده) فينتفي الولدُ. قوله: (ومن أعتق، أو باع

إلخ) اعلم. أنه إذا ظهر بالأمةِ المبيعةِ حمل، لم تخل من خمسة أحوالٍ:

أحدها: أن يكون البائعُ قد أقرَّ بوطئِها عند بيع أو قبله، وأتت بولدٍ

ص: 386

مَنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا فَوَلَدَتْ لِدُونِ نِصْفِ سَنَةٍ لَحِقَهُ وَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَلَوْ اسْتِبْرَاؤُهَا قَبْلَهُ وَكَذَا إنْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا وَوَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ وَادَّعَى مُشْتَرٍ أَنَّهُ مِنْ بَائِعٍ

لدون ستةِ أشهر وعاش، أو لم يقر بالوطء، لكن ادعى الولد وصدقه مشتر، فلبائع، وهي أمُّ ولده. والبيع باطل الثاني: أن يستبرئها أحدهما، ثم تلد لستة أشهر من وطء مشتر، فالولد له، وهي أم ولده. الثالث: أن تلد لفوق ستة أشهرٍ من استبراءِ أحدِهما لها، ولدون ستة أشهرٍ من وطء مشترٍ، فليس ولد أحدهما، بل عبدٌ للمشتري، إلا إن ادَّعاه بائع وصدقه مشتر، (فيلحقه، ويبطل البيعُ). الرابع: أن تلد لستة أشهر من وطء مشتر، ولأقل من استبرائها، فيلحق بمشتر، إلا إن ادَّعاه بائع وصدقه مشتر، فيبطل البيع، وإن ادعى هنا كل منهما أنه ولد الآخر، عرض على القافة، فيلحق بمن ألحقته منهما، فإن ألحقته بهما، لحق، وينبغي أن يبطل البيع، وتكون أم ولد لبائع. الخامس: أن تلد لدون ستة أشهر من البيع، ولم يقر بائع بوطء، فالولد ملك للمشتري، إلا إن ادعاه بائع وصدقه مشتر فيلحقه، ويبطل البيع كما في الثالث. هذا ملخص ما في "الإقناع".

قوله: (أو باع) أي: وهب ونحوه. قوله: (من أقر بوطئها) أي: أمةً أقرَّ بوطئها. مفهومه: أنه إذا لم يقر بالوطء، فيه تفصيل يأتي في قول المصنف: (أو فيما إذا باع ولم يقرَّ بوطء

إلخ). قوله: (باطل) لأنها أم ولد، والعتق صحيح. قوله:(وكذا إن لم يستبرئها) يعني: قبل بيعها وقد أقر بوطئه. قوله: (من بائع) يعني: سواء ادعاه بائع، أو لا، حيث كان البائع قد أقرَّ بوطئها.

ص: 387

وَإِنْ ادَّعَاهُ مُشْتَرٍ لِنَفْسِهِ أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ لِلْآخَرِ وَالْمُشْتَرِي مُقِرٌّ بِوَطْئِهَا أُرِيَ الْقَافَةَ وَإِنْ اُسْتُبْرِئَتْ ثُمَّ وَلَدَتْ لِفَوْقِ نِصْفِ سَنَةٍ أَوْ لَمْ تُسْتَبْرَأْ وَلَمْ يُقِرَّ مُشْتَرٍ لَهُ بِهِ لَمْ يَلْحَقْ بَائِعًا وَإِنْ ادَّعَاهُ وَصَدَّقَهُ مُشْتَرٍ فِي هَذِهِ أَوْ فِيمَا إذَا بَاعَ وَلَمْ يُقِرَّ بِوَطْءٍ وَأَتَتْ بِهِ لِدُونِ نِصْفِ سَنَةٍ لَحِقَهُ وَبَطَلَ الْبَيْعُ ; لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهِ لَا يَعْدُوهُمَا وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ مُشْتَرٍ فَالْوَلَدُ عَبْدٌ لَهُ فِيهِمَا وَإِنْ وَلَدَتْ مِنْ مَجْنُونٍ مَنْ لَا مِلْكَ لَهُ عَلَيْهَا وَلَا شُبْهَةَ مِلْكٍ لَمْ يَلْحَقْهُ

قوله: (وإن ادَّعاه مشتر) أي: في مسألة: (وكذا إن لم يستبرئها

إلخ). قوله: (وإن استبرئت) أي: من أقر بائع بوطئها. قوله: (لفوق نصف سنة) أي: لم يلحق بائعًا. قوله: (به) أي: بالولد. قوله: (وإن ادَّعاه) أي: ادعى الولد بائع أقر بوطءٍ. قوله: (في هذه) وهي ما إذا لم تستبرأ، وأتت به لفوق ستة أشهرٍ. قوله: (أو فيما إذا باع

إلخ) أي: ادَّعاه بائع وصدق مشترٍ. قوله: (لحقه) أي: البائع. قوله: (فيهما) أي: فيما إذا أتت به لفوق ستة أشهرٍ، ولم تستبرأ. أو لدونها، ولم يقر بائع بوطئه. قوله:(من) أي: امرأة. قوله: (عليها) أي: على رقبتها، أو منفعةِ بضعها.

ص: 388

وَمَنْ قَالَ عَنْ وَلَدٍ بِيَدِ سُرِّيَّتِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ أَوْ مُطَلَّقَتِهِ مَا هَذَا وَلَدِي وَلَا وَلَدْتُهُ فَإِنْ شَهِدَتْ مَرْضِيَّةٌ بِوِلَادَتِهَا لَهُ لَحِقَهُ وَإِلَّا فَلَا وَلَا أَثَرَ لِشَبَهِ وَلَدٍ مَعَ فِرَاشٍ وَتَبَعِيَّةُ نَسَبٍ لِأَبٍ مَا لَمْ يَنْتَفِ كَابْنِ مُلَاعَنَةٍ وَتَبَعِيَّةُ مِلْكٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ لِأُمٍّ إلَّا مَعَ شَرْطِ أَوْ غُرُورٍ

قوله: (ولا ولدته) أي: بل التقطته. قال في "الإقناع": يلحق الولد بوطء شبهة ونكاح فاسدٍ كصحيحٍ، لا كملك. انتهى بالمعنى. أي: لأن الملك يتوقف لحوق النسب فيه على الإقرار بالوطءِ. وقال في "المبدع": إذا تحمَّلت ماء زوجها، لحقه نسب من ولدت منه. وفي العدة والمهر وجهان: فإن كان حرامًا أو ماء من ظنته زوجها، فلا نسب، ولا مهر، ولا عدة في الأصحِّ فيها. انتهى. وتقدم في الصداق قول المصنف:(ويثبت به نسب وعدة ومصاهرة ولو من أجنبي)، وذكر صاحب "الإقناع" في العدد: أن لا عدة بتحملها ماء الرجل. قوله: (لأب) لقوله تعالى: (ادعوهم لآبائهم). [الأحزاب: 5]. قوله: (كابن ملاعنة) أي: وإلا ولد زنا. قوله: (أو حريةٍ) أي: فولد حرة حر، ولو من رقيقٍ، وولد أمه قن،

ص: 389

وَتَبَعِيَّةُ دِينٍ لِخَيْرِهِمَا وَتَبَعِيَّةُ نَجَاسَةٍ وَحُرْمَةِ أَكْلٍ لِأَخْبَثِهِمَا

ولو من حر، إلا مع شرط الزوج حرية ولده، أو مع غرور؛ بأن شرطها، أو ظنَّها حرة، فتبين أمةً، ولو كان الأبُ رقيقًا، فالولدُ حر، ويفديه كما تقدم.

قوله: (لخيرهما) فولد مسلمٍ من كتابيةٍ مسلم، وولد كتابي من مجوسية كتابي، لكن لا تحل ذبيحتُهُ، ولا نكاحه لمسلم لو كان أنثى. قوله:(وتبعية نجاسة) فالبغل من الحمار الأهلي محرم نجس، وما تولَّد بين هر وشاة محرم.

ص: 390