الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب النكاح
وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي عَقْدِ التَّزْوِيجِ مَجَازٌ فِي الْوَطْءِ وَالْأَشْهَرُ مُشْتَرَكٌ وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْمَنْفَعَةُ وَسُنَّ لِذِي شَهْوَةٍ لَا يَخَافُ زِنًا وَاشْتِغَالُهُ بِهِ أَفْضَلُ مِنْ التَّخَلِّي لِنَوَافِلِ الْعِبَادَةِ لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ أَجَلِي إلَّا عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَأَعْلَمُ أَنِّي أَمُوتُ فِي آخِرِهَا وَمَا لِي فِيهِنَّ طَوْلُ النَّكْحِ لَتَزَوَّجْت مَخَافَةَ الْفِتْنَةِ وَيُبَاحُ لِمَنْ لَا شَهْوَةَ لَهُ
هو لغة: بمعنى الوطء، والعقد، والجمع بين الشيئين. قال ابن جني: سألت أبا علي الفارسي عن قولهم: نكحها، قال: فرقت العرب فرقاً لطيفاً، يعرف به موضع العقد من الوطء، فإذا قالوا: نكح فلانة، أو بنت فلانٍ. أرادوا: عقد عليها، وإذا قالوا: نكح امرأته، لم يريدوا إلا المجامعة.
"شرحه".
قوله: (وهو) أي: شرعاً. قوله: (في عقد) أي: في عقدٍ يعتبر فيه لفظ إنكاح، أو تزويج، أو تزوجته. ودليل الحقيقة؛ التبادر إلى الفهم عند الإطلاق. ودليلُ مجازيته في الوطء؛ صحة النفي عنه. فيقال: هذا سفاح وليس بنكاح. قوله: (والأشهر: مشترك) وقيل: بل هو متواطيء فيهما؛ لأن كلا من المجاز والاشتراك خلاف الأصل. قوله: (والمعقود عليه المنفعة) أي: منفعةُ الاستمتاع، لا ملكها. قوله:(لا يخاف زنا) يعني: ولو فقيرًا، عاجزا عن الإنفاق. قوله:(لمن لا شهوة له) يعني: كالعنين، والمريض، والكبير.
وَيَجِبُ عَلَى مَنْ يَخَافُ زِنًا وَلَوْ ظَنًّا مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَيُقَدَّمُ حِينَئِذٍ عَلَى حَجٍّ وَاجِبٍ وَلَا يَكْتَفِي بِمَرَّةٍ بَلْ يَكُونُ فِي مَجْمُوعِ الْعُمُرِ وَيَجُوزُ بِدَارِ حَرْبٍ لِضَرُورَةٍ لِغَيْرِ أَسِيرٍ وَيَعْزِلُ وَيُجْزِئُ تَسَرٍّ عَنْهُ وَسُنَّ تَخَيُّرُ ذَاتِ الدِّينِ الْوَلُودِ الْبِكْرِ الْحَسِيبَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَلَا يَسْأَلُ عَنْ دِينِهَا حَتَّى يُحْمَدَ جَمَالُهَا
قوله: (ويجب على من يخاف زنا) أي: وقدر على نكاح حرة. وعبارة "المقنع" بدل "الزنا": "المحظور". وهو أعم، إذ يشمل حتى الاستمناء باليد. قوله:(ولا يكتفى بمرة) أي: في الخروج من عهدة الوجوب، ولا بالعقد فقط. قوله:(لضرورة) مفهومه أنه يحرمُ لغيرها، وصرح به في "الإقناع"، وأنه يصحُّ مع الحرمة. قوله:(لغير أسير) مقتضاه ولو لضرورة. قاله منصور البهوتي. قوله: (ويَعزِل) أي: وجوباً إن حرم، واستحباباً إن جاز. قوله:(البِكر) أي: ما لم تكن المصلحة في نكاح الثيب أرجح. قوله: (الحسيبة) وهي النسيبة، أي: طيبة الأصل، لا بنت زنا، أو لقيطة، أو لا يعرف أبوها، ويستحب أن لا يزيد على واحدة، إن حصل بها الإعفاف.
فصل
ولمن اراد خطبة امرأة وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إجَابَتُهُ نَظَرُ مَا يَظْهَرُ غَالِبًا كَوَجْهٍ وَرَقَبَةٍ وَيَدٍ وَقَدَمٍ وَيُكَرِّرُهُ وَيَتَأَمَّلُ الْمَحَاسِنَ الْمَرْأَةِ مِنْ غَيْرِ خَلْوَةٍ وَلِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ نَظَرُ ذَلِكَ وَرَأْسٍ وَسَاقٍ مِنْ أَمَةٍ مُسْتَامَةٍ ومِنْ وَهِيَ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ أَبَدًا بِنَسَبٍ
قوله: (ولمن أراد
…
إلخ) أي: يباح. قال في "شرحه": أي في الأصح. انتهى. وقيل: يسن، وقدمه في "الإقناع"، وصوبه في "الإنصاف" قوله:(وغلب على ظنه) وإلا لم يجز، كما ذكره الجراعي في "حواشي الفروع". قوله:(إن أمن الشهوة) أي: ثورانها. قوله: (من غير خلوة) فإن لم يتيسر له النظر، أو كرهه؛ بعث إليها امرأة ثقة، تتأملها، ثم تصفها له، وتنظر المراة إلى الرجل، إذا عزمت على نكاحه. قاله في "الإقناع". وهذا على السنية ظاهر، وكذا على الإباحة حيث قلنا: لا تنظر المرأة من الرجل شيئاً. قوله: (مستامةٍ) أي: معروضة لبيع، يريد شراءها. قوله:(بنسب) كأمه.
أَوْ سَبَبٍ مُبَاحٍ لِحُرْمَتِهَا إلَّا نِسَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ولِلْعَبْدِ لَا مُبَعَّضٍ أَوْ مُشْتَرَكٍ نَظَرُ ذَلِكَ مِنْ مَوْلَاتِهِ وَكَذَا غَيْرُ أُولِي الْإِرْبَةِ كَعِنِّينٍ وَكَبِيرٍ وَنَحْوِهِمَا ويَنْظُرَ مِمَّنْ لَا تُشْتَهَى كَعَجُوزٍ وَبَرْزَةٍ وَقَبِيحَةٍ وَنَحْوِهِنَّ ومِنْ أَمَةٍ غَيْرِ مُسْتَامَةٍ إلَى غَيْرِ عَوْرَةِ صَلَاةٍ اكْشِفِي رَأْسَكِ وَلَا تَشَبَّهِي بِالْحَرَائِرِ وَحَرُمَ نَظَرُ خَصِيٍّ وَمَجْبُوبٍ وَمَمْسُوحٍ إلَى أَجْنَبِيَّةٍ
قوله: (مباح) كرضاع، ومصاهرة، بخلاف أمِّ المزني بها، والموطوءة بشبهةٍ. قوله:(لحرمتها) أي: لا ملاعنة. قوله: (من مولاته) أي: مالكته كله. قوله: (ونحوهما) كمريض، لا شهوة له. قوله:(وبرزة) أي: لا تشتهى. قوله: (ونحوهن) كمريضة لاتشتهى. قوله: (إلى غير عورة صلاة) وهو الوجه خاصة في الحرائر، وما عدا ما بين السرة والركبة في الأمة، لكن المصنف تبع "التنقيح" في ذلك، قال في "شرحه": والذي يظهر؛ التسوية بينَها وبين المستامة. أي فينظر منهما إلى الأعضاء الستة فقط. وصوب ذلك في "الإقناع". قوله: (خصي) أي: مقطوع الخصيتين. قوله: (ومجبوب) أي: مقطوع الذكر. قوله: (وممسوح) أي: مقطوعهما.
وَلِشَاهِدٍ وَمُعَامِلٍ نَظَرُ وَجْهٍ مَشْهُودٍ عَلَيْهَا وَوَجْهِ وَكَذَا كَفَّيْهَا لِحَاجَةٍ وَلِطَبِيبٍ وَمَنْ يَلِي خِدْمَةَ مَرِيضٍ وَلَوْ أُنْثَى فِي وُضُوءٍ وَاسْتِنْجَاءٍ نَظَرٌ وَمَسٌّ مَا دَعَتْ إلَيْهِ حَاجَةٌ أَنَّهُ أُتِيَ بِغُلَامٍ قَدْ سَرَقَ فَقَالَ اُنْظُرُوا فِي مُؤْتَزَرِهِ فَلَمْ يَجِدُوهُ أَنْبَتَ الشَّعْرِ فَلَمْ يَقْطَعْهُ وَكَذَا لَوْ حَلَقَ عَانَةَ مَنْ لَا يُحْسِنُهُ ولِامْرَأَةٍ مَعَ امْرَأَةٍ وَلَوْ كَافِرَةً مَعَ مُسْلِمَةٍ، وَلِرَجُلٍ مَعَ رَجُلٍ وَلَوْ أَمْرَدَ نَظَرُ غَيْرِ عَوْرَةٍ وَهِيَ مِنْ امْرَأَةٍ مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ ولِامْرَأَةٍ نَظَرٌ مِنْ رَجُلٍ إلَى غَيْرِ عَوْرَةٍ
قوله: (ومعامل) أي: في نحو بيع. قوله: (وكفيها لحاجة) فصله عما قبله، لاختصاصه بالقيد. ثم هل هو في حقِّ المعامَلِ فقط، كما يفهم من "شرح" منصور البهوتي، أم فيه، وفي الشاهد، كما هو صريح "الإقناع"؟ الثاني أظهر، والله أعلم. قوله:(ولو أمرد) أي: أبطأ نبات وجهه، وبابه تعب تعباً، وما أحسن ما قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
يا رامياً بسهام اللحظ مجتهدًا
…
أنت القتيل بما ترمي فلا تصبِ
وباعث الطرف يرتاد الشفاء به
…
توقَّه ربما يأتيك بالعطب
وَمُمَيِّزٌ لَا شَهْوَةَ لَهُ مَعَ امْرَأَةٍ كَامْرَأَةٍ وذُو الشَّهْوَةِ مَعَهَا وَبِنْتُ تِسْعٍ مَعَ رَجُلٍ كَمَحْرَمٍ وَخُنْثَى مُشْكِلٌ فِي نَظَرِ رَجُلٍ إلَيْهِ كَامْرَأَةٍ الْمُنَقِّحُ وَنَظَرُهُ إلَى رَجُلٍ كَنَظَرِ امْرَأَةٍ إلَيْهِ وإلَى امْرَأَةٍ كَنَظَرِ رَجُلٍ إلَيْهَا وَلِرَجُلٍ نَظَرٌ لِغُلَامٍ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ وَيَحْرُمُ نَظَرٌ لَهَا أَوْ مَعَ خَوْفِ ثَوَرَانِهَا إلَى أَحَدٍ مِمَّنْ ذَكَرْنَا وَلَمْسٌ كَنَظَرٍ بَلْ أَوْلَى وَصَوْتُ الْأَجْنَبِيَّةِ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ وَيَحْرُمُ تَلَذُّذٌ بِسَمَاعِهِ وَلَوْ بِقِرَاءَةٍ وخَلْوَةُ غَيْرِ مَحْرَمٍ عَلَى الْجَمِيعِ مُطْلَقًا وَكَرَجُلٍ مَعَ عَدَدٍ مِنْ نِسَاءٍ وَعَكْسِهِ وَلِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ نَظَرُ جَمِيعِ بَدَنِ الْآخَرِ وَلَمْسُهُ بِلَا كَرَاهَةٍ حَتَّى فَرْجِهِ كَبِنْتٍ دُونَ سَبْعِ وَكُرِهَ إلَيْهِ حَالَ الطَّمْثِ
قوله: (نظر لغلام) أي: المميز. قوله: (كنظر) أي: في التحريم. قوله: (ليس بعورة) أي: بخلاف شعرها المتصل، فإنه عورة. قوله:(ويحرم تلذذ بسماعه) ولعل مثله أمرد. قوله: (مطلقاً) أي: بشهوة، ودونها.
وتَقْبِيلُهُ بَعْدَ الْجِمَاعِ لَا قَبْلَهُ وَكَذَا سَيِّدٌ مَعَ أَمَتِهِ الْمُبَاحَةِ لَهُ وَيَنْظُرُ سَيِّدٌ مِنْ أَمَتِهِ غَيْرِ الْمُبَاحَةِ كَزَوْجَةٍ ومُسْلِمٌ مِنْ أَمَتِهِ الْوَثَنِيَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ إلَى غَيْرِ عَوْرَةٍ وَمَنْ لَا يَمْلِكُ إلَّا بَعْضَهَا كَمَنْ لَا حَقَّ لَهُ وَحَرُمَ تَزَيُّنُ لِمَحْرَمٍ غَيْرِ زَوْجٍ وَسَيِّدٍ
فصل
يحرم تصريح وهو ما لا يحتمل غير النكاح بِخِطْبَةِ مُعْتَدَّةٍ إلَّا لِزَوْجٍ تَحِلُّ لَهُ ويحرم تَعْرِيضٌ بِخِطْبَةِ رَجْعِيَّةٍ وَيَجُوزُ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ وَؤ بَائِنٍ وَلَوْ بِغَيْرِ ثَلَاثٍ لِأَنَّهَا بَائِنٌ أَشْبَهَتْ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا وَالْمُنْفَسِخُ نِكَاحُهَا لِنَحْوِ رَضَاعٍ وَلِعَانٍ مِمَّا تَحْرُمُ بِهِ أَبَدًا وَهِيَ فِي جَوَابِ كَهُوَ فِيمَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ
قوله: (المباحة) احترز به عن المشتركة، والمزوجة. والوثنية، ونحوها ممن لا تحل له، فإنه فيها كغيره، كما نص عليه المصنف بعد. قوله:(إلى غير عورة) وهي ما بين سرة وركبة. قوله: (كمن لا حق له) أي: في تحريم نظر، واستمتاع. قوله:(وسيد) لدعائه إلى الافتتان بها. قوله: (معتدة) مطلقاً، أي: بائنة، أو رجعية في عدة حياة، أو وفاة.
وَالتَّعْرِيضُ نحو إنِّي فِي مِثْلِك لَرَاغِبٌ وَلَا تَفُوتِينِي بِنَفْسِك وَتَحْبِيبُهُ مَا يَرْغَبُ عَنْك وَإِنْ قُضِيَ شَيْءٌ كَانَ وَنَحْوُهُمَا وَتَحْرُمُ خِطْبَةٌ عَلَى خِطْبَةِ مُسْلِمٍ أُجِيبَ وَلَوْ تَعْرِيضًا إنْ عَلِمَ الثَّانِي وَإِلَّا جَازَ أَوْ تَرَكَ أَوْ أَذِنَ أَوْ سَكَتَ عَنْهُ جَازَ وَالتَّعْوِيلُ فِي رَدِّ وَإِجَابَةِ عَلَى وَلِيٍّ مُجْبِرٍ وَإِلَّا فعَلَيْهَا وَفِي تَحْرِيمِ خِطْبَةِ مَنْ أَذِنَتْ لِوَلِيِّهَا فِي تَزْوِيجِهَا مِنْ مُعَيَّنٍ احْتِمَالَانِ وَيَصِحُّ عَقْدٌ مَعَ خِطْبَةٍ حَرُمَتْ
قوله: (على خطبة مسلم) أي: صريحة لا تعريضا، ولو في غير العدة، فلو كان التعريض من الأول في العدة، أو بعدها؛ لم يحرم على الثاني خطبتها، كما في "الاختيارات"، ونصه: إن عرض لها في العدة، أو بعدها؛ لم يحرم على الثاني خطبتها. وفي "الإقناع" تقييد بالعدة، فلعله لا مفهوم له. قوله:(ولو تعريضاً) أي: سواء أجيب الأول تصريحاً، أو تعريضاً. قوله:(أو سكت) أي: الخاطب الأول. قوله: (احتمالان) أظهرهما التحريم. قاله المصنف.
وَيُسَنُّ مَسَاءً يَوْمِ الْجُمُعَةِ وأَنْ يَخْطُبَ قَبْلَهُ بِخُطْبَةِ بْنِ مَسْعُودٍ وَيُجْزِي أَنْ يَتَشَهَّدَ وَيُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وأَنْ يُقَالَ لِمُتَزَوِّجٍ بَارَكَ اللَّهُ لَكُمَا وَعَلَيْكُمَا وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ وَعَافِيَةٍ فَإِذَا زُفَّتْ إلَيْهِ قَالَ: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه
قوله: (عبده ورسوله) أي: ويقرأ ثلاث آيات.