الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الاستثناء في الطلاق
وَهُوَ إخْرَاجُ بَعْضِ الْجُمْلَةِ بإلَّا أَوْ مَا قَامَ مَقَامَهَا
باب الاستثناء في الطلاق
من الثني، وهو: الرجوع، فكأن المستثني رجع في قوله إلى ما قبله. قوله: (وهو إخراج بعض الجملة
…
إلخ) اعلم: أن قول القائل: فلانة طالق ثلاثاً إلا واحدة، أو لفلان عليَّ عشرة إلا واحدًا. تناقضٌ بحسب الظاهر؛ لاقتضاء أو له ثبوت المستثنى واقتضاء آخره نفيه. قال السيد في "شرح المفتاح": وقد افترقوا في التفصي عن هذا الإشكال فرقًا:
فمنهم من زعم أن المستثنى، والمستثنى منه، وأداة الاستثناء بمنزلةِ كلمة واحدةٍ، حتى كأنَّ العربَ وضعته لمعنى واحدٍ، كمدلولِ التسعة مثلاً، عبارتان: إحداهما مختصرةٌ، وهي لفظُ تسعةٍ، والأخرى مطولة، كعشرةٍ إلا واحدًا، وضعفه ظاهر.
ومنهم من اختار أنه أُريد بلفظِ عشرةٍ مثلا آحادها بأسرها، وأخرج بأداة الاستثناء بعضها عن تعلق النسبة الذي تقتضيه العبارة بظاهرها، ثم حكم بالثبوت أو الانتفاء، فعلى هذا لفظة عشرةٍ باقية على معناها الحقيقي، الذي تدل عليه حال إفرادها، وقد أخرج بعض آحادها عن الحكم، فلا تناقض أصلا.
_________
ومنهم من ذهب إلى ما ذكره المصنف -يعني: السكاكي- من كون المستنثى منه مجازا فيما بقي بعد الاستثناء، فالعشرة مثلا مستعملة في التسعة، وقرينة المجاز قولك: إلا واحداً. فيكون من باب إطلاق الكل على الجزء. فإن قلت: إذا أريد بلفظ العشرة التسعة، لم يدخل الواحدُ فيها، فلم يكن إلا واحداً إخراجًا؛ إذ لا يتصور الإخراج إلا بعد الدخولِ، مع اتفاق الأدباء على أن الاستثناء المتصل: إخراج الشيء عما دخل فيه غيره.
قلت: قد أجاب عنه -تعني: السكاكي- في فصل الاستثناء بأنَّ دخول الواحد في حكمِ العشرةِ ليس مقدراً من قبل المتكلم بحسب إرادته، وإلا ناقض آخر كلامه أوله، بل من قبل السامع؛ لتناول العشرة للواحد بحسب الوضع. فظهر أن تحقق كون المستثنى منه مجازا، مبني على لزومِ التناقض. انتهى المقصود. وذهب الكمال ابن الهمام في "التحرير" إلى عدم صحة إطلاق العشرة على التسعة مجازا، ووجهه شارحه ابن أمير حاج: بأنه لا نسبة بينهما معنويةً، سوى الكلية والجزئية. وشرط التجوز به كون الجزء مختصا بالكل، فيصح إطلاق الكل على الجزء اللازم المختص، وليس ما دون العشرة كذلك؛ إذ كما
مِنْ مُتَكَلِّمٍ وَاحِدٍ وَشُرِطَ فِيهِ اتِّصَالٌ مُعْتَادٌ إمَّا لَفْظًا أَوْ حُكْمًا كَانْقِطَاعِهِ بِتَنَفُّسٍ وَنَحْوِهِ ووَكَذَا شَرْطٌ مُلْحَقٌ وعَطْفُ مُغَيِّرٍ وَيَصِحُّ فَأَقَلَّ مِنْ مُطَلَّقَاتٍ وطَلْقَاتٍ
يصلح جزءًا لها يصلح جزءا للعشرين وما فوقه. انتهى فحافظ عليه. قوله أيضًا على قوله: (إخراج) أي: لما هو داخلٌ لفظاً، غير مراد معنى. فليس الاستثناء رافعًا لواقع، بل مانعٌ من دخول المستثنى في المستثنى منه.
قوله: (بعض الجملة) أي: بعض ما تناوله اللفظ لو لم يُذكر الاستثناء.
قوله: (من متكلم واحد) فلا يصح استثناء غير موقع. قوله: (وشرط فيه اتصال) لأن غير المتصل يقتضي رفع ما وقع بالأول، وهو غير ممكنٍ، بخلاف المتصل؛ إذ الاتصال يجعل اللفظ جملة واحدة، فلا يقع الطلاق قبل تمامها، ولولا ذلك لما صحَّ التعليق. قوله:(لفظاً) أي: بأن يأتي به متواليًا.
قوله: (ونحوه) كسعالٍ وعطاس. قال الطوفي: فلا يبطلُه الفصل اليسير عرفاً، ولا ما عرض من سعالٍ ونحوِه، ولا طول كلامٍ متصل بعضه ببعض. قوله:(ملحقٌ) أي: متأخرٌ. قوله: (وعطف مغير) لحكم المعطوف عليه، نحو: أنت طالقٌ أو لا.
فأَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ إلَّا طَلْقَةً طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ لِرَفْعِهِ الثَّانِيَةَ بِالِاسْتِثْنَاءِ وثَلَاثًا إلَّا طَلْقَةً وإلَّا ثِنْتَيْنِ إلَّا طَلْقَةً أَوْإلَّا وَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً يَقَعُ ثِنْتَانِ أَوْ إلَّا وَاحِدَةً وَإِلَّا وَاحِدَةً أَوْ وَثِنْتَيْنِ إلَّا طَلْقَةً أَوْ أَرْبَعًا إلَّا ثِنْتَيْنِ يَقَعُ ثِنْتَانِ وأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا أَوْ إلَّا ثِنْتَيْنِ أَوْ إلَّا جُزْءَ طَلْقَةٍ كَنِصْفٍ وَثُلُثٍ وَنَحْوِهِمَا أَوْ إلَّا ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً أَوْ خَمْسًا أَوْ أَرْبَعًا إلَّا ثَلَاثًا أَوْ طَالِقٌ أَرْبَعًا إلَّا وَاحِدَةً أَوْ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إلَّا وَاحِدَةً أَوْ إلَّا طَالِقًا أَوْ ثِنْتَيْنِ وَطَلْقَةً إلَّا طَلْقَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ وَنِصْفَ إلَّا طَلْقَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ وَثِنْتَيْنِ إلَّا ثِنْتَيْنِ أَوْ إلَّا وَاحِدَةً يَقَعُ ثَلَاثُ كَعَطْفِهِ بِالْفَاءِ أَوْ ِثُمَّ
قوله: (إلا واحدة) أي: يقع ثلاث؛ لعود الاستثناء لما يليه، فهو كاستثناء الكلِّ. وإن أراد الاستثناء من المجموع في ذلك، دين وقبل حكمًا.
قاله في "الإقناع". منصور البهوتي. قوله: (إلا طلقةً) يعني: فيقع ثلاث. قوله: (أو ثم) بأن قال: أنت طالق ثنتين فثنتين إلا ثنتين، أو: إلا واحدة.
وأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ اسْتَثْنَى بِقَلْبِهِ إلَّا وَاحِدَةً تَقَعُ الثَّلَاثُ ونِسَائِي الْأَرْبَعُ طَوَالِقُ وَاسْتَثْنَى وَاحِدَةً بِقَلْبِهِ طَلُقْنَ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ الْأَرْبَعَ لَمْ تَطْلُقْ الْمُسْتَثْنَاةُ اسْتَثْنَى مَنْ سَأَلَتْهُ طَلَاقَهَا دُيِّنَ وَلَمْ يُقْبَلْ حُكْمًا وَإِنْ قَالَتْ نِسَائِي طَوَالِقُ. طَلُقَتْ مَا لَمْ يَسْتَثْنِهَا وَفِي الْقَوَاعِدِ قَاعِدَةُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَرْجِعُ إلَى مَا يَمْلِكُهُ
أو أنت طالق ثنتين إلا ثنتين، أو إلا واحدة فيقع بذلك ثلاث. قوله:(ما لم يستثنها) يعني: فيقبل حكمًا، خلافًا لـ "الإقناع" قوله:(وفي "القواعد" أي: لابن اللحام، وخالفه صاحب "الإقناع" فقال: والاستثناء يرجع إلى ما تلفظ به، لا إلى ما يملكه. انتهى. قوله: (إلى ما يملكه) أي: فيفيده تارة تخفيفًا، كما إذا قال: أنتِ طالقٌ أربعًا إلا واحدة،
والْعَطْفَ بِالْوَاوِ يُصَيِّرُ الْجُمْلَتَيْنِ وَاحِدَةً وَقَالَهُ جَمْعٌ الْمُنَقِّحُ وَلَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ
فيقع ثنتان، وتارة تغليظًا، كما لو قال في المثال: إلا ثنتين، فيقع ثلاثا؛ لعدم صحة استثناء الثنتين من الثلاث. هذا على ما في "القواعد"، وتقدَّم خلافه، وأنه يقع في الأولى ثلاثاً، وفي الثانية اثنتين.