المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب تعليق الطلاق بالشروط - حاشية ابن قائد على منتهى الإرادات - جـ ٤

[ابن قائد]

الفصل: ‌باب تعليق الطلاق بالشروط

‌باب تعليق الطلاق بالشروط

وَهُوَ تَرْتِيبُ شَيْءٍ غَيْرِ حَاصِلٍ عَلَى شَيْءٍ حَاصِلٍ

قوله: (وهو ترتيب

إلخ) أي: ربط الجزاء بالشرط، فيوجد بوجودِه، ويعدم بعدمه من جهته، وهذا الربط يسمى: شرطًا أيضًا.

والموضوع للربط "إن"، ثم إنه قد ضمِّن هذا المعنى جملةٌ من الأسماء، فربطت كربطها، فمنها:"إذا" و "متى"، وهما: ظرفان لما يُستقبل من الزمان غالبًا، متضمنين معنى الشرط غالبًا، فإذا قال: إذا قمت، أو متى قمت، فأنت طالقٌ، كان ذلك شائعًا في الزمن المستقبل، متى حصل قيامُها فيه، طلقت.

ومنها "من" وهو: اسم متضمن معنى الشرط، موضوع لمن يعقل، شائع فيه، فإذا قال: من دَخَلت الدار، فهي طالق أو حرة، كان شائعًا في نسائه، وإمائه.

ومنها "أي": وهي: اسم متضمن معنى الشرط، شائع فيما يضاف إليه، كائنا ما كان، كقوله: أي امرأة قامت، فهي طالق. أو: أي مكان جلست فيه، أو: أي زمان حللت فيه. وهذا معنى قول المصنف: و (من وأي

إلخ).

قوله أيضا على قوله: (وهو ترتيب) أي: من طلاق، وظهار، وعتق، ونذر، ونحوها.

ص: 279

أَوْ غَيْرِ حَاصِلٍ بإنْ أَوْ إحْدَى أَخَوَاتِهَا وَيَصِحُّ مَعَ تَقَدُّمِ شَرْطٍ وتَأَخُّرِهِ بِصَرِيحٍ وَبِكِنَايَةٍ مَعَ قَصْدِ وَلَا يَضُرُّ فَصْلٌ بَيْنَ الشَّرْطِ وحُكْمِهِ بِكَلَامٍ مُنْتَظِمٍ كَأَنْتِ طَالِقٌ يَا زَانِيَةُ إنْ قُمْتِ وَيَقْطَعُهُ سُكُوتُهُ وتَسْبِيحُهُ وَنَحْوُهُ وأَنْتِ طَالِقٌ مَرِيضَةٌ رَفْعًا وَنَصْبًا يَقَعُ بِمَرَضِهَا وَمَنْ وَأَيٌّ الْمُضَافَةُ إلَى الشَّخْصِ يَقْتَضِيَانِ عُمُومَ ضَمِيرِهِمَا فَاعِلًا أَوْ مَفْعُولًا وَلَا يَصِحُّ إلَّا مِنْ زَوْجٍ فإنْ تَزَوَّجْتُ أَوْ عَيَّنَ وَلَوْ عَتِيقَتَهُ فَهِيَ طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ بِتَزَوُّجِهَا وَإِنْ قَالَ إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ

قوله: (غير حاصل) أي: في الحال. قوله: (حاصل) أي: موجود في الحال. قوله: (أو إحدى أخواتها) من أدوات الشرط ولو غير جازمةٍ.

قوله: (وحكمه) أي: جوابه. قوله: (سكوته) أي: سكوتاً يمكنه الكلام فيه، ولو قل. قوله:(وتسبيحه) أي: المعلق بين شرطٍ وجزائِهِ. قوله: (ونحوه) أي: كتهليله. قوله: (المضافة إلى الشخص) كأيتكن قامت أو أقمتها، فهي طالق. فيعم من قامت أو أقمتها، كما تقتضي "أي" المضافة إلى الوقت عمومه، كقوله: أي وقت قمت، أو أقمتك، فأنت طالق، فإنه يعم كل الأوقات.

ص: 280

فتزوجها ثم قامت لم يَقَعْ كَحَلِفِهِ لَا فَعَلْت كَذَا فَلَمْ يَبْقَ لَهُ زَوْجَةٌ ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْرَى وَفَعَلَ مَا حَلَفَ لَا يَفْعَلُهُ وَيَقَعُ مَا عَلَّقَ زَوْجٌ بِوُجُودِ شَرْطٍ لَا قَبْلَهُ وَلَوْ قَالَ عَجَلَتَهُ وَإِنْ قَالَ سَبَقَ لِسَانِي بِالشَّرْطِ وَلَمْ أُرِدْهُ وَقَعَ

فصل وأدوات الشرط الْمُسْتَعْمَلَةُ

قوله: (ولو قال: عجَّلته) فإن أراد تعجيل طلاق غير المعلق، وقع، ثم إن وجد المعلق عليه، وهي يلحقها طلاقه، وقع أيضًا.

قوله: (وأدوات الشرط

إلخ) اعلم: أن الأدوات من جهة إفادة التكرار وعدمه، على قسمين:

أحدهما: ما يفيده، وهو "كلما" فقط.

والثاني: ما لا يفيده، وهو باقيها.

ومن جهة التراخي والفورية، على قسمين أيضًا:

أحدهما: ما يكون للتراخي بشرطين: عدم نية الفورية، وعدم قرينتها، ويكون للفورية بشرط واحد: نية الفورية، أو قرينتها، وهذا القسم هو "إن" فقط.

ص: 281

_________

وثانيهما: ما يكون للتراخي بثلاث شروط: عدم "لم"، وعدم نية الفورية، وعدم قرينتها.

ويكون للفورية بشرط واحد: وجود "لم"، أو نيَّة فور، أو قرينته، وهو باقي الأدوات.

فائدة: سئل ابن الوردي بما لفظه:

أدوات التعليق تخفى علينا

هل لكم ضابطٌ لكشف غطاها؟

فأجاب بما نصه:

كلما للتكرار وهي ومهما

إن إذا أي من متى معناها

للتراخي مع الثبوت إذا لم

يك معها إن شئت أو أعطاها

أو ضمان، والكل في جانب النفـ

ـي لفور، لا إن فذا في سواها

انتهى.

وقوله: إذا لم يك معها، أي: مع "إن" خاصة، خلافًا لما يوهمه النظم من العموم؛ إذ غير "إن" مع الصيغ الثلاث الآتية باقية على التراخي. وقوله: إن شئت، أي: هذا. وقوله: أو أعطاها، أي: صيغة تقتضي التعليق على الإعطاء، كإن أعطيتني كذا، فأنت طالق. وقوله: أو ضمان، أي: صيغة تفيده؛ بأن يكون الطلاق معلقًا عليه، كإن ضمنت لي ما على زيد، فأنت طالق، كذا أفاده العلامة نور الدين علي الشبراملسي الشافعي. تقرير شيخنا محمد الخلوتي.

ص: 282

غَالِبًا فِي طَلَاقٍ وَعَتَاقٍ سِتٌّ إنْ وَإِذَا وَمَتَى وَمَنْ وَأَيُّ وَكُلَّمَا وَهِيَ وَحْدَهَا لِلتَّكْرَارِ وَكُلُّهَا وَمَهْمَا بِلَا لَمْ أَوْ نِيَّةٍ فَوْرًا وَقَرِينَتِهِ لِلتَّرَاخِي ومَعَ لَمْ لِلْفَوْرِ إلَّا إنْ مَعَ عَدَمِ نِيَّةِ فَوْرٍ أَوْ قَرِينَةِ إنْ أَوْ إذَا أَوْ مَتَى أَوْ مَهْمَا أَوْ مَنْ أَوْ أَيَّتُكُنَّ قَامَتْ فَطَالِقٌ وَقَعَ بِقِيَامِ وَلَا يَقَعُ بِتَكَرُّرِهِ إلَّا مَعَ كُلَّمَا وَلَوْ قُمْنَ أَوْ أَقَامَ الْأَرْبَعُ فِي أَيَّتُكُنَّ أَوْ مَنْ قَامَتْ أَوْ أَقَمْتُهَا طَلُقْنَ وَلَوْ قَالَ أَيَّتُكُنَّ لَمْ أَطَأْ الْيَوْمَ فَضَرَّاتُهَا طَوَالِقُ وَلَمْ يَطَأْ طَلُقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا فَإِنْ وَطِئَ وَاحِدَةً فَثَلَاثٌ بِعَدَمِ وَطْءِ ضَرَائِرِهَا وَهُنَّ ثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ فَإِنْ وَطِئَ ثِنْتَيْنِ فَثِنْتَانِ ثِنْتَانِ وَهُمَا وَاحِدَةً وَاحِدَةً وَإِنْ وَطِئَ ثَلَاثًا

قوله: (غالبا) ومن غيره حيثما، ومهما، ولو، ونحوها. قوله:(ومع لم) أي: وكل الأدوات مع "لم" للفور، إلا مع نية تراخ، أو قرينة. قوله: (إلا إن

إلخ) أي: فهي للتراخي، ولو مع "لم" قوله:(فثلاث) يعني: تقع على الموطوءة. قوله: (فثنتان ثنتان) أي: بالموطوءتين. قوله: (وهما) أي: الباقيتان.

ص: 283

وَقَعَ بِالْمَوْطُوءَةِ فَقَطْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً وَإِنْ أَطْلَقَ

قوله: (فقط) أي: دون المتروكة. قوله: (وإن أطلق

إلخ) قال المصنف في "شرحه"؛ بأن قال: أيتكن لم أطأ اليوم ولا بعده، أو: أيتكن لم أطأ أبدًا، فضراتها طوالق. انتهى. فمعنى الإطلاق هنا: أن لا يقيد عدم الوطء بزمن معين، بل يأتي بما يعم جميع المستقبل، وهذا ظاهر لا إشكال عليه؛ لأن ذلك قرينة على إرادة التراخي، فلا يرد أن "أيا" مع "لم" للفور؛ لما ذكرنا، وصور منصور البهوتي في "شرحه" الإطلاق بما إذا لم يذكر الوقت؛ بأن قال: أيتكن لم أطأ، فضراتها طوالق، وجعل القرينة على إرادة التراخي استحالة وطئهن معًا، وفيه نظر؛ إذ الفورية في كل شيء بحسبه، كما قالوا: يجب قضاء الفوائت فورًا، أي: واحدةً عقب واحدةٍ بلا فصلٍ يمكنه الصلاةُ فيه، فكذا هنا، وكما نصَّ عليه النحاة في إفادة الفاء التعقيب، في نحو: جاء زيد فعمروٌ، وتزوَّج زيد فولد له ولد، فإن الفاء فيهما للتعقيب، لكنه مختلف، ففي جاء زيد فعمرو، معناه: أنه لم تحصل مهلة بين المجيئين، بل جاء عمرو على عقب زيدٍ، وفي تزوج زيدٌ فولد له، معناه لم يمض بعد العقد إلا مدَّة الدخول والحمل، فتعين المصير إلى ما ذكره المصنف في "شرحه" كيف وصاحب البيت أدرى بالذي فيه؟ ، وحينئذٍ فتحمل عبارة "الإقناع" على ما فسره المصنف؛ لأنَّ العبارة واحدة، وأصلُها لصاحب

ص: 284

تَقَيَّدَ بِالْعُمْرِ وَلَوْ قَالَ كُلَّمَا أَكَلْت رُمَّانَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ وَكُلَّمَا أَكَلْت نِصْفَ رُمَّانَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَكَلَتْ رُمَّانَةً فَثَلَاثٌ وَلَوْ كَانَ بَدَلَ كُلَّمَا أَدَاةٌ غَيْرُهَا فَثِنْتَانِ وَإِنْ عَلَّقَهُ عَلَى صِفَاتٍ فَاجْتَمَعْنَ فِي عَيْنٍ كَإنْ رَأَيْتِ رَجُلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ رَأَيْتِ أَسْوَدَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ رَأَيْتِ فَقِيهًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَرَأَتْ رَجُلًا أَسْوَدَ فَقِيهًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا وإنْ لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ فَضَرَّتُك طَالِقٌ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ أَحَدُهُمْ وَقَعَ إذَا بَقِيَ مِنْ حَيَاةِ الْمَيِّتِ مَا لَا يَتَّسِعُ لِإِيقَاعِهِ وَلَا يَرِثُ بَائِنًا

"الرعاية". والظاهر: أنه إذا لم يتعرض للزمن أصلا؛ بأن قال: أيتكن لم أطأ، فضراتها طوالق. ومضى زمن يمكن فيه وطء إحداهنَّ، وقع بثلاث منهن، طلقة طلقة، وبمضي زمنٍ يمكن فيه وطء الثانية، يقع كذلك، وكذا الثالثة والرابعة، فيطلقن ثلاثا ثلاثا؛ لأن هذا زمن الفورية، وقد فات، بل هذا مقتضى ما تقدم. فتدبر، ولا تعجل، والله أعلم.

قوله: (تقيَّد بالعمر) فإن مات ولم يطأ واحدة منهن، طلقن ثلاثا قبيل موته، وإن وطيء بعضهن، فعلى ما سبق. قوله:(ولو كان بدل كلَّما) أي: في نصف الرُّمانة لا مطلقًا. قوله: (فمات أحدهما) أي: القائل والمقول لها في الأول. قوله: (أو أحدهم) أي: القائل، والزوجتين في الثالثة.

ص: 285

وَتَرِثُهُ وَإِنْ نَوَى وَقْتًا أَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ بِفَوْرِ تَعَلُّقٍ بِهِ ومَتَى لَمْ أَوْ إذَا لَمْ أَوْ أَيُّ وَقْتٍ لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَيَّتُكُنَّ أَوْ مَنْ لَمْ أُطَلِّقْهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ إيقَاعُهُ فِيهِ وَلَمْ يَفْعَلْ طَلُقَتْ وكُلَّمَا لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَمَضَى مَا يُمْكِنُ إيقَاعُ ثَلَاثِ مُرَتَّبَةً فِيهِ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا إنْ دَخَلَ بِهَا وَإِلَّا بَانَتْ بالْأُولَى شَرْطٌ كَنِيَّتِهِ

قوله: (وترثه) يعني: إن مات قبلها، كما لو أبانها عند موته بلا سؤالها، وكذا: إن لم أتزوج عليك، فأنت طالق ثلاثا. نصا. قوله:(وإن نوى وقتًا) أي: بقوله: إن لم أطلقك، ونحوه.

قوله: (وإن قال عامي) اي: غير نحوي، وهو منسوب إلى العامة، الذين هم خلاف الخاصَّة؛ لأن العامة لا تعرف العلم، وإنما تعرفُه الخاصة، فكل واحد عامي بالنسبة إلى مالم يحصِّل علمه، وإن حصل علما سواه، قاله في "المطلع". قوله:(فشرط، كنيَّته) ولو من نحوي.

ص: 286

وَإِنْ قَالَهُ عَارِفٌ بِمُقْتَضَاهُ أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إذْ قُمْت أَوْ وَإِنْ قُمْت أَوْ وَلَوْ قُمْت طَلُقَتْ فِي الْحَالِ وَكَذَا إنْ أَوْ لَوْ قُمْتِ وَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ الْجَزَاءَ أَوْ أَنَّ قِيَامَهَا وَطَلَاقَهَا شَرْطَانِ لِشَيْءٍ ثُمَّ أَمْسَكْتُ دِينَ وَقُبِلَ حُكْمًا وأَنْتِ طَالِقٌ لَوْ قُمْتِ كَإنْ قُمْتِ وَإِنْ قَالَ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ دَخَلَتْ ضَرَّتُكِ، ....

قوله: (بمقتضاه) أي: التعليل. قوله: (أو قال) أي: رجل لامرأته. قوله: (في الحال) ظاهره: سواء وجد ما علل به في صورة التعليل، أو لا، وصرح في "الإقناع" بأنه لابد من كون العلة المذكورة موجودة، وإلا فلا يقع طلاق، وهو مقتضى ما تقدم فيمن أشهد على نفسه بطلاق زوجته، إلى آخر ما في صريح الطلاق وكنايته. فراجعه. قوله: (وكذا: إن

إلخ) أي: وكذا لو قال لزوجته: إن قمت وأنت طالق، وقع في الحال، إلغاء للشرط هنا والواو؛ لأنها لا تصلح في الجواب، أو قال لها: لو قمت وأنت طالق، وقع في الحال أيضًا، لما تقدم. فتدبر. قوله:(لشيء آخر) أي: من عتق، أو طلاق، أو ظهار، أو نحوه. قوله: (كـ:

إن قمت) أي: فلا تطلق حتى تقوم؛ لأن "لو" تستعمل شرطية، كـ "إن".

ص: 287

فَمَتَى دَخَلَتْ الْأُولَى طَلُقَتْ لَا الْأُخْرَى بِدُخُولِهَا وَإِنْ قَالَ أَرَدْت جَعْلَ الثَّانِيَ شَرْطًا لِطَلَاقِهَا أَيْضًا طَلُقَتْ ثِنْتَيْنِ وَإِنْ قَالَ أَرَدْت أَنَّ دُخُولَ الثَّانِيَةِ شَرْطٌ لِطَلَاقِهَا فعَلَى مَا أَرَادَ وإنْ دَخَلْتِ الدَّارَ وَإِنْ دَخَلْت هَذِهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِدُخُولِهِمَا وإنْ قُمْت فَقَعَدْت أَوْ ثُمَّ قَعَدْتِ أَوْ قَالَ إنْ قُمْتِ مَتَى قَعَدْتِ أَوْ إنْ قَعَدْتِ إذَا قُمْتِ أَوْ مَتَى قُمْتِ أَوْ إنْ قَعَدْتِ

قوله: (فمتى دخلتِ الأولى) وهي المخاطبة. قوله: (لطلاقها أيضًا) أي: لطلاق الأولى طلاقا ثانيًا، والحاصل: أنه أتى بالصيغة المذكورة فتارة يطلق، فيلغو الشرط الثاني، وتارة ينوي للثاني جوابا، هو طلاق الأولى، أو الثانية، فعلى ما أراد. فهذه الصور الثلاث مذكورةٌ في المتن، وبقيت صورة رابعة يحتملها المتن أيضا، وهي: ما إذا أراد جعل دخولها، ودخول ضرتها شرطاً للطلاق، فتصير نظيرة الصورة المذكورة بقوله: (وإن دخلت الدار، وإن دخلت هذه

إلخ) فلا تطلق إلا بدخولهما، لا بدخول إحداهما، وعلى هذا، فلا حذف في الجواب فتدبر. قوله:(إلا بدخولهما) لأنه رتب الطلاق على مجموع الدخولين. قوله: (وإن قمت متى قعدت) فيه نظر، فإنه من اعتراض الشرط على الشرط، فيقتضي تأخير المتقدم، وعكسه، إلا أن يكون على حذف الفاء. قوله:(متى قمت) أي: أو قال: إن قعدت متى قمت

إلخ.

ص: 288

إنْ قُمْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَقُومَ ثُمَّ تَقْعُدَ وَإِنْ عَكَسَ ذَلِكَ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَقْعُدَ ثُمَّ تَقُومَ وأَنْتِ طَالِقٌ إنْ قُمْت وَقَعَدْتِ أَوْ لَا قُمْت وَقَعَدْتِ تَطْلُقُ بِوُجُودِهِمَا كَيْفَمَا كَانَ أَوْ إنْ قُمْت وَإِنْ قَعَدْت أَوْ لَا قُمْتِ وَلَا قَعَدْتِ تَطْلُقُ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا وإنْ أَعْطَيْتُك إنْ وَعَدْتُك إنْ سَأَلْتِينِي فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَسْأَلَهُ ثُمَّ يَعِدُهَا ثُمَّ يُعْطِيَهَا وكُلَّمَا أَجْنَبْتُ فَإِنْ اغْتَسَلْتُ مِنْ حَمَّامٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَجْنَبَ ثَلَاثًا وَاغْتَسَلَ مَرَّةً فِيهِ فَطَلْقَة.

قوله: (ثم تقعد) لأنه من اعتراض الشرط على الشرط، فيقتضي تأخير المتقدم، وتقديم المتأخر. قوله:(بوجودهما) أي: لا بوجود أحدهما. قوله: (كيفما كان) لأن الواو لا تقتضي ترتيبًا. قوله: (أو إن قمت، وإن قعدت) أي: فتطلق بوجود أحدهما، وهذا مخالف لما تقدم في قوله: (وإن دخلت الدار، وإن دخلت هذه

إلخ) فإنها لا تطلق إلا بدخولهما، فيطلب الفرق. قوله:(بوجود أحدهما) لأن مقتضى ذلك: تعليق الجزاء على أحد المذكورين. قوله: (فطلقة) لأن الطلاق معلق على أمرين، ولم يوجد مجموعها إلا مرَّة.

ص: 289

وَيَقَعُ ثَلَاثًا مَعَ فِعْلٍ لَمْ يَتَرَدَّدْ مَعَ كُلِّ جَنَابَةٍ كَمَوْتِ زَيْدٍ وَقُدُومِهِ وَإِنْ أَسْقَطَ الْفَاءَ مِنْ جَزَاءِ مُتَأَخِّرٍ فكَبَقَائِهَا

فصل في تعليقه بالحيض

إذَا قَالَ إذَا حِضْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ يَقَعُ بِأَوَّلِهِ إنْ تَبَيَّنَ حَيْضًا وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ وَيَقَعُ فِي إذَا حِضْت حَيْضَةً بِانْقِطَاعِهِ وَلَا يُعْتَدُّ بِحَيْضَةٍ عُلِّقَ فِيهَا وكُلَّمَا حِضْت أَوْ زَادَ حَيْضَةً تَفْرُغُ عِدَّتُهَا بِآخِرِ

قوله: (لم يتردَّد) أي: يتكرر. قوله: (كموت) لقرينة الحال الدالةِ على عدم إرادة تكرر الثاني، فلو قال: كلما أجنبت ومات زيد، فأنت طالق، فأجنب ثلاثا، ثم مات زيد، طلقت ثلاثا. قوله:(فكبقائها) فلا تطلق حتى يوجد الجزاء، وإن قال: أردت الإيقاع في الحال، وقع.

فصل في تعليقه بالحيض

وجودا أو عدمًا.

قوله: (إن تبين

إلخ) انظر: ما فائدة قوله: (إن تبين حيضا)، مع الحكم عليه بأنه أول حيض؛ إذ أول الحيض، لا يكون إلا حيضًا؟ ! وقد يجاب بأنه أطلق الحيض، وأراد به العام، والمعنى: وقع بأوَّل الدم، إن تبين كون ذلك الدم حيضًا. محمد الخلوتي. قوله:(وإلا لم يقع) أي: وإلا؛ بأن نقص عن أقله، لم يقع. قوله:(بانقطاعه) أي: من حيضةٍ مستقبلة؛ لأن المرة تحمل على الكاملة، ويقع سنيًا. قوله:(علق فيها) لأنه لم يوجد منها بعد التعليق إلا بعض حيضةٍ، لا حيضة.

ص: 290

حَيْضَةٍ رَابِعَةٍ وَطَلَاقُهُ فِي ثَانِيَةٍ غَيْرُ بِدْعِيٍّ وإذَا حِضْت نِصْفَ حَيْضَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِذَا مَضَتْ حَيْضَةٌ تَبَيَّنَّا وُقُوعَهُ لِنِصْفِهَا وَمَتَى ادَّعَتْ حَيْضًا فَأَنْكَرَ فَقَوْلُهَا كَإنْ أَضْمَرْت بُغْضِي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَادَّعَتْهُ لَا فِي وِلَادَةٍ إنْ لَمْ يُقِرَّ بِالْحَمْلِ وَلَا فِي قِيَامٍ

قوله: (رابعة) لأن الرجعية إذا طلِّقت، بنت على عدة الطلاق الأول.

قوله: (في ثانية) أي: وثالثة؛ لأنه لا أثر له في تطويل العدة؛ لأن كليهما يحسب منها، بخلاف الأولى، وأما من قال: كلما حضت حيضة، فكل طلاقه غير بدعي. قال منصور البهوتي: وهو مقتضى كلام المصنف في "شرحه". وأصل العبارة لـ "الفروع".

قوله: (لنصفها) أي: عند مضي زمن نصفِ الحيضة المستقرة، وتبيَّن ذلك بطهرها دون خمسة عشر، أو بمضي سبعة أيامٍ ونصفٍ؛ لأنَّ نصف الحيضة لا يزيد على ذلك. فتدبر. قوله:(ومتى ادَّعت) أي: معلق طلاقها بحيضها. قوله: (فقولها) أي: بلا يمين، وفي "الإقناع" بيمين، وهو أولى في هذه الأزمنة. قوله:(لا في ولادة) علق عليها طلاقها؛ لأنها قد تُعلم من غيرها.

ص: 291

وَنَحْوِهِ وَلَوْ أَقَرَّ بِهِ طَلُقَتْ وَلَوْ أَنْكَرَتْهُ وإذَا طَهُرْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَهِيَ حَائِضٌ فَإِذَا انْقَطَعَ الدَّمُ وَإِلَّا فَإِذَا طَهُرَتْ مِنْ حَيْضَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ وإنْ حِضْت فَأَنْتِ وَضَرَّتُك طَالِقَتَانِ فَقَالَتْ: حِضْت فَكَذَّبَهَا طَلُقَتْ وَحْدُهَا وإنْ حِضْتُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ وَادَّعَتَاهُ فَصَدَّقَهُمَا طَلُقَتَا وَإِنْ أَكْذَبَهُمَا لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ أَكْذَبَ إحْدَاهُمَا

قوله: (ونحوه) لأنَّ الأصل عدمه. قوله: (فإذا انقطع الدم) ظاهره: ولو قبل تمام عادتها؛ لأنها بحصول النقاء تثبت لها أحكام الطاهرات، من وجوب صلاةٍ، وصوم، وغيرهما، لكن لو عاد الدم بقية العادة، فهل نقول: تبينا عدم وقوعه؛ لأن الظاهر: أنه أراد طلاقها بعد حيضة كاملة؛ نظرًا للعرف، أو لا؛ نظرًا للطهر الشرعي؟ توقف فيه منصور البهوتي. والظاهر: الأول؛ لأن الطلاق من قبيل الأيمان، ومبناها على العرف. قوله:(فأنتما طالقتان) أي: لم يقع طلاق حتى تحيضا؛ لتعليقه طلاق كل منهما على حيضهما.

ص: 292

طَلُقَتْ وَحْدَهَا وَإِنْ قَالَهُ لِأَرْبَعٍ فَادَّعَيْنَهُ وَصَدَّقَهُنَّ طَلُقْنَ وَإِنْ صَدَّقَ ثَلَاثًا طَلُقَتْ الْمُكَذَّبَةُ وَإِنْ قَالَ كُلَّمَا حَاضَتْ إحْدَاكُنَّ أَوْ أَيَّتُكُنَّ حَاضَتْ مِنْكُنَّ فَضَرَّاتُهَا طَوَالِقُ فَادَّعَيْنَهُ وَصَدَّقَهُنَّ طَلُقْنَ كَامِلًا وَإِنْ صَدَّقَ وَاحِدَةً لَمْ تَطْلُقْ وَطَلَّقَ ضَرَائِرَهَا طَلْقَةً طَلْقَةً وَإِنْ صَدَّقَ ثِنْتَيْنِ طَلُقَتَا طَلْقَةً طَلْقَةً والْمُكَذَّبَتَانِ ثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ وَإِنْ صَدَّقَ ثَلَاثًا طَلُقْنَ ثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ والْمُكَذَّبَةُ ثَلَاثًا وإنْ حِضْتُمَا حَيْضَةً طَلُقَتَا بِشُرُوعِهِمَا فِي حَيْضَتَيْنِ

قوله: (طلقت) أي: المكذبة؛ لقبول قولها في حقها، وتصديق زوجها لضرتها. قوله:(طلقن كاملا) أي: ثلاثا ثلاثا. قوله: (لم تطلق) لأن طلاقها بحيض ضراتها، ولم يثبت. قوله:(طلقة طلقة) لأن لكل واحدة منهما ضرة مصدقة. قوله: (ثنتين ثنتين) لأن لكل منهما ضرتين مصدقتين.

قوله: (طلقتا بشروعهما

إلخ) أي: إلغاءً لقوله: (حيضةً) لأنَّ وجود حيضةٍ واحدةٍ منهما محال، وهذا ما جزم به في "التنقيح"، وتبعه المصنف وصاحب "الإقناع"، وهو قول القاضي وغيره. والوجه الثاني:

ص: 293

فصل في تعليقه بالحمل والولادة

إذا قال إنْ كُنْت حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَبَانَتْ حَامِلًا زَمَنَ حَلِفِهِ. وَقَعَ مِنْهُ أَوْ وَطِئَ بَعْدَهُ وَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ أَوَّلِ وَطْئِهِ لَمْ تَطْلُقْ وإنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا فَبِالْعَكْسِ وَيَحْرُمُ وَطْؤُهَا قَبْلَ اسْتِبْرَاءٍ فِيهِمَا وقَبْلَ زَوَالِ رِيبَةٍ،

لا يطلقان إلا بحيضة من كل واحدة منهما، كأنه قال: إن حضتما كل واحدةٍ حيضة، فأنتما طالقتان. صححه في "الإنصاف"، قال: وهذه المسألة مبنية على قاعدة أصولية، وهي إذا لم ينتظم الكلام إلا بارتكابِ مجاز الزيادة، أو النقص، فالنقص أولى؛ لأن الحذف في كلام العرب أكثر من الزيادة. ذكره جماعة من الأصوليين. انتهى بمعناه. وقد ظهر أن ما في "التنقيح" وغيره، مبني على مجاز الزيادة، وما في "الإنصاف" على مجاز النقص. فتدبر، والله أعلم.

قوله: (فبانت حاملا) أي: بأن تلد لدون ستة أشهر من حلفه، ويعيش، أو لدون أربع سنين، ولم توطأ بعد حلفٍ. قوله:(فبالعكسِ) فلا تطلق، إن بانت حاملا. قوله:(فيهما) أي: صورتي الإثبات والنفي. قوله: (وقبل زوال ريبة) أي: يحرم على الزوج، أن يطأ زوجته قبل زوال ما يشك معه

ص: 294

أَوْ ظُهُورِ حَمْلٍ فِي الثَّانِيَةِ إنْ كَانَ بَائِنًا وَيَحْصُلُ بِحَيْضَةٍ مَوْجُودَةٍ أَوْ مُسْتَقْبَلَةٍ أَوْ مَاضِيَةٍ لَمْ يَطَأْ وإنْ أَوْ إذَا لَمْ يَقَعْ إلَّا بمُتَجَدِّدٍ وَلَا يَطَؤُهَا إنْ كَانَ وَطِئَ فِي طُهْرٍ حَلِفَهُ قَبْلَ حَيْضٍ وَلَا أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ كُلَّ طُهْرٍ

في حملها، من انتفاخ بطن وحركته، فيما إذا قال: إن لم تكوني حاملا، فأنت طالق. فلا يطؤها مع الريبة؛ لاحتمال أن لا تكون حاملا، فتبين منه، ومفهومه: أنها بعد زوال الريبة؛ بأن تبين عدم الحمل، يحرم من باب أولى، فهو مفهوم موافقةٍ، وأنه بعد ظهور الحمل لا يحرم، فهو مفهوم مخالفةٍ.

وأما في الصورة الأولى، وهي ما إذا قال: إن كنت حاملا، فأنت طالق، فيحرم قبل زوال الريبة؛ لاحتمال أن تكون حاملا، لا بعد زوال ريبة، بتبين أنها ليست بحاملٍ. والحاصل: أنه يحرم الوطء في الصورتين قبل الاستبراء، وزوال الريبة، وأنَّه يحرم قبل ظهوره في الثانية، لا بعده، بخلاف الأولى، فإنه يحرم بعده. فتدبر. ففي العبارة شيء.

قوله: (أو ظهور حملٍ) أي: لا بعده في الثانيةِ، وهي إن لم تكوني حاملاً، وأما الأولى، فيحرم فيها الوطء حتى بعد ظهورِ حملٍ. قوله:(بعدها) أي: الماضية. قال الإمام أحمد: فإن تأخَّر حيضها أريت النساء من أهلِ المعرفة، فإن لم يوجد، أو خفي عليهن، انتظر عليها تسعةَ أشهرٍ، غالب مدة الحمل.

ص: 295

وإنْ كُنْت حَامِلًا بِذَكَرٍ فطَلْقَةً وبِأُنْثَى فثِنْتَيْنِ فَوَلَدَتْ ذَكَرَيْنِ فَطَلْقَةٌ وأُنْثَى مَعَ ذَكَرٍ فَأَكْثَرَ فَثَلَاثُ وَإِنْ قَالَ إنْ كَانَ حَمْلُك أَوْ إنْ كَانَ مَا فِي بَطْنِك فَوَلَدَتْهُمَا لَمْ تَطْلُقْ وَلَوْ أَسْقَطَ مَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَمَا عُلِّقَ عَلَى وِلَادَةٍ يَقَعُ بِإِلْقَاءِ مَا تَصِيرُ بِهِ أَمَةٌ أُمَّ وَلَدٍ وإنْ وَلَدْت ذَكَرًا فطَلْقَةً وأُنْثَى فثِنْتَيْنِ فَثَلَاثٌ بِمَعِيَّةٍ بِحَيْثُ لَا يَسْبِقُ أَحَدَهُمَا وَإِنْ سَبَقَ أَحَدَهُمَا بِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَقَعَ مَا عُلِّقَ بِهِ وَبَانَتْ بالثَّانِي وَلَمْ تَطْلُقْ بِهِ وَكَ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ انْقِضَاءِ عِدَّتِك وبِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ وَقَدْ وَطِئَ بَيْنَهُمَا فَثَلَاثُ

قوله: (فولدتهما) اي: الذكر والأنثى، لم تطلق؛ لأنه جعل كلا من الذكر والأنثى خبرًا عن الحمل، أو ما في البطنِ، فيقتضي حصره في أحدهما. قوله:(ولو أسقط "ما") أي: بأن قال: إن كان في بطنك

إلخ. قوله: (ما تصير به أمة

إلخ) وهو ما تبين فيه بعض خلق إنسانٍ، ولو خفيًا. قوله:(وقع) أي: لوجوب تعقب الوقوع للصفة. قوله: (وبانت بالثاني) أي: إن لم يرتجعها قبله. قوله: (بينهما) أي: الوضعين. قوله: (فثلاث) أي: لحصول الرجعة بالوطء بينهما، كما يعلم من "الإنصاف"، وعبارته: فإن كان بينهما ستة أشهر فأكثر، فالثاني حمل مستأنف بلا خلاف بين الأمة، .... وفي الطلاق به الوجهان، إلا أن نقول: لا تنقضي به العدة، فتقع الثلاث، وكذا في أصح الوجهين، إن ألحقناه به؛

ص: 296

وَمَتَى أَشْكَلَ سَابِقٌ فَطَلْقَةٌ بِيَقِينٍ وَيَلْغُو مَا زَادَ لِلشَّكِّ فِي الثَّانِيَةِ وَالْوَرَعُ أَنْ يَلْتَزِمَهَا لِاحْتِمَالِ مَا سَبَقَ الْأُنْثَى، فَإِنْ وَلَدَتْ خُنْثَى فَقِيَاسُهُ يَقَعُ الْأَقَلُّ وَمَا زَادَ لِلشَّكِّ فِيهِ وَالْوَرَعُ الْتِزَامُهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ تَلِدُهُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا وإنْ وَلَدْت ذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ أَوْ حَيَّيْنِ أَوْ مَيِّتَيْنِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا حِنْثَ بذَكَرٍ وَأُنْثَى أَحَدُهُمَا فَقَطْ حَيٌّ وكُلَّمَا وَلَدْت أَوْ زَادَ وَلَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ ثَلَاثَةَ مَعًا فَثَلَاثُ ومُتَعَاقِبِينَ طَلُقَتْ بِأَوَّلٍ وَبِثَانٍ وَبَانَتْ بِثَالِثٍ وَإِنْ وَلَدَتْ اثْنَيْنِ وزَادَ لِلسُّنَّةِ فَطَلْقَةٌ بِطُهْرٍ ثُمَّ أُخْرَى بَعْدَ طُهْرٍ مِنْ حَيْضَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ

لثبوت وطئه، فتثبت الرجعة على أصح الروايتين فيها. انتهى المقصود منه.

قوله: (ويلغو ما زاد) والورع التزامُ ثنتين، وقياسُه: لو ولدت خنثى. قوله: (أحدهما فقط حي) أي: لأن الصفة لم توجد. قوله: (وبثان) لعدم انقضاء العدة به. قوله: (وبانت بثالثٍ) أي: ولم تطلق. قوله: (فطلقة بطهر) أي: من نفاسِها.

ص: 297

فصل في تعليقه بِالطَّلَاقِ

إذَا قَالَ إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ،

فصل في تعليقه بالطلاق

أي: بإيقاع الطلاق، أو بوقوعه، والفرق بينهما: أنَّ الإيقاع: الإتيان بلفظ يوجبه، إما بتنجيزٍ أو تعليق على صفةٍ متأخرين. أي: التعليق، والصفة.

فالتنجيز، كقوله: أنت طالق، إيقاع، وكذلك قوله: إن دخلت الدار مثلا، فأنت طالق، فإن التعليق مع وجودِ الصفة، إيقاعٌ للطلاق، فحيث تأخر تعليقه بدخول الدار، عن تعليقه بالإيقاع، كان عند دخول الدار قد حصل الإيقاع المعلق عليه، فقد علمت: أنَّ الطلاق المعلق على الإيقاع يحصل بأحد أمرين: أحدهما: أن ينجِّز الطلاق بعد تعليقه بالإيقاع. والثاني: أن يعلِّق طلاقها على أمر، كدخول الدار، تعليقًا متأخرًا، عن التعليق بالإيقاع، فإنها إذا دخلت الدار مثلا، تطلق طلقتين، واحدة بالتعليق على دخولها الدار، وأخرى بالتعليق على الإيقاع، كما أنه في صورة التنجيز يقع بها طلقتان، واحدة بالتنجيزِ، وواحدة بالتعليق على الإيقاع، وأما الوقوع، فهو عبارة عن حصول الطلاق، وقيامه بها، وذلك بأحد ثلاثة أمور:

أحدها: تنجيزه، فإنه يحصل به الإيقاع أولاً، ثم الوقوع ثانيا، كمن ألقى شخصا في بئر، فإن إيقاعه في البئر، وهو رميه يحصل أولا، ثم الوقوع ثانيًا، وهو حصوله في البئر، واستقراره فيها.

والثاني: بتعليقه على أمرٍ تعليقا متأخراً عن التعليق بالوقوع.

والثالث: بتعليقه على أمر تعليقا متقدما على تعليقه على الوقوع.

ص: 298

ثُمَّ أَوْقَعَهُ بَائِنًا لَمْ يَقَعْ مَا عُلِّقَ كَمُعَلَّقٌ عَلَى خُلْعٍ وَإِنْ أَوْقَعَهُ رَجْعِيًّا أَوْ عَلَّقَهُ بِقِيَامِهَا ثُمَّ بِوُقُوعِ طَلَاقِهَا فَقَامَتْ. وَقَعَ ثِنْتَانِ وَإِنْ عَلَّقَهُ بِقِيَامِهَا ثُمَّ بِطَلَاقِهِ لَهَا أَوْ بِإِيقَاعِهِ فَقَامَتْ. فَوَاحِدَةٌ وَإِنْ عَلَّقَهُ بِطَلَاقِهَا ثُمَّ بِقِيَامِهَا فَقَامَتْ. فَثِنْتَانِ

والطلاق المعلق على الإيقاع، أو على الوقوع لا بد وأن يصادفها غير بائنةٍ؛ لتكون أهلا لوقوع الطلاق عليها. وإذا أحكمتَ ما قررناه، سهل عليك ما ذكره المصنف في هذا الفصل الصعب. واعلم: أن قوله: كلَّما طلقتك، أو إن طلقتك، تعليق على الإيقاع، فهو كما لو قال: كلما أوقعت. وأن قوله: كلَّما، أو إن طلقت أنت، تعليق على الوقوع، كما لو قال: إن وقع عليك. فتدبر.

قوله: (ثم أوقعه بائناً) كعلى عوض، أو كانت غير مدخولٍ بها. قوله:(ثم بوقوع طلاقها) أي: بأن قال لها: إن قمتِ، فأنت طالقٌ، وإن وقع عليك طلاقي، فأنت طالق. قوله:(وإن علقه بطلاقها ثم بقيامها، فقامت، فثنتان) الفرق بين هذه المسألة، وبين قوله قبلها:(وإن علَّقه بقيامها ثم بطلاقه لها وإيقاعه، فقامت، فواحدةٌ) يعني: أنه إذا قال لها: إن طلقتك فأنت طالق، وإن قمت، فأنت طالق، فقامت، وقع عليها طلقتان: طلقة بالتعليق الثاني؛ لوجود صفته، وهو القيام، وطلقة بالتعليق الأول؛ لوجود

ص: 299

وإنْ طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ إنْ وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ نَجَّزَهُ. رَجْعِيًّا فَثَلَاثٌ فَلَوْ قَالَ أَرَدْت إذَا طَلَّقْتُك طَلُقْتِ وَلَمْ أُرِدْ عَقْدَ صِفَةٍ دِينَ وَلَا يُقْبَلُ حُكْمًا وكُلَّمَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ. فَثِنْتَانِ وكُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ وَقَعَ بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ سَبَبٍ فَثَلَاثٌ إنْ وَقَعَتْ الْأُولَى والثَّانِيَة رَجْعِيَّتَيْنِ وَمَنْ عَلَّقَ الثَّلَاثَ بِتَطْلِيقٍ يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ

صفته أيضًا، وهي التطليق؛ لأن تعليقَ الطلاق على صفةٍ حيث وُجدَت، تطليق وإيقاع، لا وقوعٌ فقط، لتأخير إنشائه عن التعليق الأول، وهذا بخلاف ما لو قال لها: إن قمت فأنت طالق، وإن طلقتك، أو أوقعت عليك طلاقي فأنت طالق. فقامت، فإنه لا يقع عليها إلا طلقةٌ بالقيام؛ لأنه لم يوجد بعد قوله لها: إن طلقتك، أو أوقعت عليك طلاقي، إنشاء طلاق، لا منجزٍ ولا معلقٍ، وإنما وجد وقوع طلاقٍ تقدَّم إنشاؤه على هذا التعليقِ.

قوله: (طلقت) أي: بما أوقعته في المستقبل. فهو إخبارٌ عنه لا إنشاءٌ.

قوله: (دين) أي: لأنه محتمل، ولم يقبل حكمًا؛ لأنه خلاف الظاهر. قوله:(بمباشرة) أي: تنجيز (أو سبب) أي: تعليق. قوله: (رجعيَّتين) أي: بأن كانت مدخولا بها، ولم تكن واحدة منهما بعوضٍ. قوله:(يملك فيه الرجعة) كإن قال: إن طلقتك طلاقا أملك فيه رجعتك، فأنت طالق ثلاثا.

ص: 300

ثُمَّ طَلَّقَ وَاحِدَةً وَقَعَ الثَّلَاثُ أَوْ كُلَّمَا إنْ وَقَعَ عَلَيْكِ طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فَثَلَاثٌ طَلْقَةٌ بِالْمُنَجَّزِ وَتَتِمَّتُهَا مِنْ الْمُعَلَّقِ وَيَلْغُو قَوْلُهُ قَبْلَهُ وَتُسَمَّى السُّرَيْجِيَّةُ وَيَقَعُ بِمَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا الْمُنَجَّزَةُ فَقَطْ إنْ وَطِئْتُكِ وَطْئًا مُبَاحًا أَوْ إنْ أَبَنْتُكِ أَوْ فَسَخْت نِكَاحَك

قوله: (ثم طلق واحدة) أي: أو ثنتين، وهي مدخول بها في نكاح صحيح. قوله:(وقع الثلاث)"أل" فيه للعهد الذهني، لا الذكري. قوله:(بالمنجز) أي: لأنه طلاق من زوج مختار في نكاح صحيح، فوجب أن يقع كما لو لم يعقد هذه الصفقة، ولعموم النصوص، وكون الطلاق المعلق قبلا بعدا، محال، فلغا قوله:(قبله) ووقع من المعلق تتمةُ الثلاث. قوله: (وتسمى السُّريجية) وفيها قولان آخران لابن سريج الشافعي: أنها لا تطلق أبدًا، وهو أول من أفتى فيها، والآخر لابن عقيل: أنها تطلق بالمنجز، ويلغو المعلق؛ لأنه طلاق في زمن ماض. قوله:(أو إن أبنتك، أو فسحت نكاحك) المراد بقوله: (إن أبنتك أو فسخت نكاحك) أي: قلت لك هذا اللفظ، فإنها لا تبين به، فيقع الطلاق المعلق عليه، بخلاف قوله: إذا بنت، أو إذا انفسخ نكاحك، فأنت طالق قبله ثلاثاً، ثم بانت منه بخلع أو غيره، أو فسخت نكاحها لمقتضٍ، فإنها لا تطلق. هذا حاصل كلام المصنف في "شرحه".

ص: 301

أَوْ إنْ ظَاهَرْتُ مِنْك أَوْ إنْ رَاجَعْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا. ثُمَّ وُجِدَ شَيْءٌ مِمَّا عُلِّقَ عَلَيْهِ وَقَعَ الثَّلَاثُ وَلَغَا قَوْلُهُ قَبْلَهُ وكُلَّمَا طَلَّقْتُ ضَرَّتَكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ

قاله في "شرح الإقناع".

قوله: (وكلما طلقت ضرتك فأنت طالق

إلخ) اعلم: أنه إذا خاطب إحدي زوجتيه بقوله: كلما طلقت ضرتك فأنت طالق فقد علق طلاق المخاطبة على إيقاع الطلاق بضرتها، مع الإتيان بأداة تقتضي التكرار، ولم يوجد منه إذن تعليق لطلاق الضرة أصلا، ثم إذا قال بعد ذلك للضرة مثل ذلك؛ بأن قال: كلما طلقت ضرتك فأنت طالق. فقد علق طلاق الضرة على إيقاع الطلاق على المخاطبة أولا، ولم يحصل منه الآن تنجيز، ولم يقع إذن على واحدة منهما شيء غير أنه علق طلاق كل واحدةٍ منهما على طلاق الأخرى، والمعلق طلاقها أولا هي المخاطبة أولا، وأما الضرة - في كلام المصنف - فهي المعلق طلاقها آخرًا، فإذا قال بعد ذلك كله للمخاطبة أولا: أنت طالق، وهو معنى قول المصنف:(ثم طلق الأولى)، وقع على الضرة طلقة؛ لأنه علق طلاقها على إيقاع الطلاق بالأولى، وقد وجد بالتنجيز، ووقع على الأولى طلقتين: واحدة بالتنجيز، وواحدة بإيقاع الطلاق على الضرة؛ لأن تعليق الضرة ووجود صفتها، متأخران عن تعليق طلاق الأولى، ومجموعهما إيقاع، كما يفهم ذلك مما قررناه أول

ص: 302

ثُمَّ قَالَ مِثْلَهُ لِلضَّرَّةِ ثُمَّ طَلَّقَ الْأُولَى طَلُقَتْ الضَّرَّةُ طَلْقَةً والْأُولَى ثِنْتَيْنِ وَإِنْ طَلُقَتْ الضَّرَّةُ فَقَطْ طَلُقَتَا طَلْقَةً طَلْقَةً وَمِثْلُ ذَلِكَ إنْ طَلَّقْتُ حَفْصَةَ فَعَمْرَةُ طَالِقٌ ثُمَّ .....

الفصل، وهذا معنى قول المصنف رحمه الله:(طلقت الضرة طلقة، والأولى ثنتين). هذا كله فيما إذا طلق الأولى فقط، وأما إذا طلَّق الضرة فقط، كما قال المصنف؛ بأن قال للضَّرة وحدها: أنت طالق، فإنه يقع بالضرة طلقة بالتنجيز، وعلى الأولى طلقة؛ لأنه علَّق طلاقها على إيقاع الطلاق بضرتِها، وقد وُجد بالتنجيز، ولا يقع على الضرة أخرى؛ لأن تعليق الأولى متقدم على تعليق الضرة، فلم يُوجد بعد تعليقِ طلاق الضَّرة، إلا تنجيز لها ووقع بالأولى، لا إيقاع، ولذلك قال المصنف:(طلقتا طلقةً طلقةً) فلو طلقهما معًا؛ بأن قال: أنتما طالقتان، وقع بالأولى ثلاثٌ، وبالضَّرة طلقتان، وذلك لأنه وقع على كل منهما واحدة بالتنجيزِ، وقد وُجد بعد تعليق الأولى إيقاعان بالضَّرة: إيقاع بالتنجيز، وإيقاع بالتعليق المتأخر، "كلما" تقتضي التكرار، فيحصل بكل إيقاع طلقة، فيحصل لها ثلاث، وأما الضرة، فلم يحصل بعد تعليق طلاقها إلا إيقاع واحد، وهو التنجيز؛ لتقدم تعليق الأولى عليه. فتدبر ذلك، فإنه دقيق. قوله:(ثم طلق الأولى) أي: فقط على قياس التي بعدها، ومحترز القيدِ في الموضعَين: ما لو طلَّق الزوجتين معًا، فإنه يقع بالأولى ثلاث، وبالثانية ثنتان.

قوله: (ومثل ذلك

إلخ) اعلم: أن عمرة هنا بمنزلة الأولى، فقدرها على يمين الزوج مثلا، وحفصة بمنزلة الضرة، فاجعلها على يساره، ثم إنه خاطب عمرة بمثل ما خاطب به الأولى؛ بأن علَّق طلاقها على إيقاع

ص: 303

قَالَ إنْ أَوْ كُلَّمَا طَلَّقْت عَمْرَةَ فَحَفْصَةُ طَالِقٌ فَحَفْصَةُ كَالضَّرَّةِ فِيمَا قَبْلُ وَعَكْسُ ذَلِكَ قَوْلُهُ لِعَمْرَةَ: إنْ طَلَّقْتُكِ فَحَفْصَةُ طَالِقٌ. ثُمَّ لِحَفْصَةَ: إنْ طَلَّقْتُكِ فَعَمْرَةُ طَالِقٌ فَحَفْصَةُ هُنَا كَعَمْرَةَ هُنَاكَ

الطلاق بحفصة، وهو معنى قول المصنف:(إن أو كلما طلقت حفصة) أي: أوقعتُ عليها الطلاق، فعمرة طالق، ثم التفت إلى حفصة وعلَّق طلاقها على إيقاع الطلاق بعمرة، فاحكم هنا لعمرة بما حكمت به هناك للأولى، ولحفصة بما حكمت به للضرة، فمتى نجزه لعمرة فقط، وقع بها ثنتان، وبحفصة واحدة، ومتى نجزه لحفصة فقط، وقع بكلٍّ منهما طلقة، ومتى نجزه لهما وقع بعمرة ثلاث وبحفصة ثنتان، والله أعلم.

قوله: (وعكس ذلك قوله لعمرة: إن طلقتك

إلخ) اعلم: أنَّه إذا قال لعمرة التي جعلناها على يمينه: إن طلقتك، فحفصة طالق، فقد علق طلاق حفصة أولا على إيقاع الطلاق بعمرة، ولم يوجد منه تعليق لطلاق عمرة إذن، ثم إذا التفت إلى حفصة، فقال لها: إن طلَّقتك، فعمرة طالقٌ، فقد علق طلاق عمرة على إيقاع الطلاق بحفصة تعليقًا متأخرًا عن تعليق طلاقِ حفصةَ، فإذا قال بعد ذلك لحفصة: أنت طالق، وقع بها ثنتان، واحدة بالتنجيز، وواحدةٌ بالتعليق على إيقاع الطلاق بعمرة، وقد وجد الإيقاع

ص: 304

ولِأَرْبَعٍ أَيَّتُكُنَّ وَقَعَ عَلَيْهَا طَلَاقِي فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ ثُمَّ أَوْقَعَهُ عَلَى إحْدَاهُنَّ طَلُقْنَ كَامِلًا وكُلَّمَا طَلَّقْتُ وَاحِدَةً فَعَبْدٌ حُرٌّ وثِنْتَيْنِ فَاثْنَانِ وثَلَاثًا فَثَلَاثَةٌ وأَرْبَعًا فَأَرْبَعَةٌ ثُمَّ طَلَّقَهُنَّ وَلَوْ مَعًا عَتَقَ خَمْسَةَ عَشَرَ عَبْدًا وَإِنْ أَتَى بَدَلَ كُلَّمَا بإنْ أَوْ نَحْوِهَا عَتَقَ عَشَرَةُ

بعمرة؛ لتأخر تعليقها عن تعليق حفصة، ولم يقع بعمرة إلا واحدة بتنجيز الطلاق لحفصة، ولا يقع بعمرة غيرها؛ لتقدم تعليق طلاق حفصة، وإذا قال لعمرة وحدها: أنت طالق، وقع بكل طلقة، وإذا نجزه لهما، وقع بحفصة ثلاث، وبعمرة ثنتان. وتوجيهه يعلم مما تقدَّم. وهذه الصورة عكس الشيء قبلها، كما قال المصنف؛ لأن عمرة في الأولى يقع عليها إما طلقة، أو طلقتان أو ثلاث على ما ذكرنا، وحفصة إما واحدة أو ثِنتانِ، وفي هذه الصورة بالعكس، أعني: أنه يقع فيها على حفصة واحدة أو ثنتان أو ثلاث، وعلى عمرة إما واحدة أو ثنتان، والله أعلم.

قوله: (أيتكن وقع عليها

إلخ) هذا تعليق على الوقوع، بخلاف ما لو علقه على الإيقاع، كما لو قال: أيَّتكن طلقتها، أو أوقعت عليها طلاقي، فضراتها طوالق، ثم أوقعه على إحداهنَّ، فإنه لا يقع بهنَّ إلا طلقة طلقة. قوله:(طَلَقن) أي: طلاقاً كاملاً، أي: ثلاثًا ثلاثًا.

ص: 305

وإنْ أَتَاكِ طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ. ثُمَّ كَتَبَ إلَيْهَا: إذَا أَتَاكِ كِتَابِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَتَاهَا كَامِلًا وَلَمْ يَنْمَحِ ذِكْرُ الطَّلَاقِ فَثِنْتَانِ فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ أَنَّكِ طَالِقٌ الْأَوَّلِ دِينَ وَقُبِلَ حُكْمًا مَنْ كَتَبَ إذَا قَرَأْت كِتَابِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقُرِئَ عَلَيْهَا وَقَعَ إنْ كَانَتْ أُمِّيَّةً وَإِلَّا فَلَا

فصل

إذا قال إن حلفت بطلاقك فأنت طالق،

قوله: (وإلا فلا). أي: ولا يثبت الكتاب إلا بشاهدين، مثل كتاب القاضي إلى القاضي، وإذا شهدا عندها، كفى، لا إن شهدا أنَّ هذا خطه. "إقناع" ملخصا.

فصل في تعليقه بالحلف

أي: بالحلف بالطلاق لا بمطلق الحلف، فإنَّ حقيقة الحلف القسم، وأما الحلف بالطلاق، فليس حلفاً حقيقة، بل مجازًا؛ لمشاركته للقسم في المعنى المشهور، أي: المتعارف من الحثِّ والمنع، والتصديق والتكذيب، وإلا فحقيقة الحلف بالطلاق تعليقٌ؛ لأنه ترتيب للطلاق على المحلوف عليه، وذلك حقيقة التعليق، كما سبق، قال أبو يعلى الصغير: ولهذا،

ص: 306

ثُمَّ عَلَّقَهُ بِمَا فِيهِ حِنْثٌ أَوْ مَنْعٌ أَوْ تَصْدِيقُ خَبَرٍ أَوْ تَكْذِيبُهُ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ لَا وَإِنْ عَلَّقَهُ بِمَشِيئَتِهَا أَوْ بِحَيْضٍ أَوْ طُهْرٍ أَوْ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ قُدُومِ الْحَاجِّ وَنَحْوَهُ وإنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِكِ أَوْ إنْ كَلَّمْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَأَعَادَهُ مَرَّةً فَطَلْقَةٌ ومَرَّتَيْنِ فَثِنْتَانِ وثَلَاثًا

ولكون الحلف بالطلاق تعليقا حقيقة: لو حلف، فعلق طلاقها بشرطٍ أو صفةٍ لم يحنث. انتهى. وبخطه أيضا على قوله:(في تعليقه بالحلف) أي: الحلف بالطلاق. واعلم: أن الحلف بالطلاق تعليق في الحقيقة - ولهذا لو حلف: لا حلفت فعلَّق، لم يحنث - مجاز في الحلف الذي حقيقته القسم؛ لمشاركته له في المعنى المشهور من الحث والمنع، والتصديق والتكذيب، وأمثلتها على الترتيب: إن لم أدخل الدار، فأنت طالق، وإن دخلت الدار، فأنت طالقٌ، وأنت طالقٌ لقد قدم زيد أو لم يقدم، فإنه شبيه بقوله: والله لا أدخل أو لأدخلن

إلخ. فأما التعليق على غير ذلك، كأنت طالق إذا طلعت الشمس، فشرطٌ لا حلف، فلا يقع به طلاق معلق على الحلف؛ لعدم مشاركته للحلف في ذلك المعنى المشهور.

قوله: (بما فيه حث) كإن لم أدخل الدار، فأنت طالق. قوله:(أو منع) كإن دخلت الدار، فأنت طالق. قوله:(بمشيئتها) أي: أو غيرها قبل وجودها. قوله: (ونحوه) أي: كهبوب ريح قبل حصوله؛ لأنه ليس فيه معنى الحلف. قوله: (فطلقة) لأنه حلف وكلام. قوله: (فثنتان) واحدة بالتعليق الأول، وأخرى بالثاني؛ لوجودِهما دون الثالثِ.

ص: 307

فَثَلَاثُ مَا لَمْ يَقْصِدْ إفْهَامَهَا فِي إنْ حَلَفْتُ وَتَبِينُ غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا بِطَلْقَةٍ وَلَمْ تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ الثَّانِيَة لَا الْكَلَامِ ولاإنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ وَأَعَادَهُ وَقَعَ بِكُلٍّ طَلْقَةٌ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِإِحْدَاهُمَا فَأَعَادَهُ بَعْدُ فَلَا طَلَاقَ وَلَوْ نَكَحَ الْبَائِنَ ثُمَّ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا طَلُقَتَا أَيْضًا طَلْقَةً طَلْقَةً وبِكُلَّمَا بَدَلَ

قوله: (فثلاث) أي: لوجودِ ما علِّقت عليه التعليقاتُ الثلاثةُ الأول. قوله: (في إن حلفت) أي: لا في: إن كلمتُك. وأخطأ بعض الأصحاب فيها، فجعلها كالأولى في عدم الوقوع عند قصدِ الإفهام، كما ذكره صاحب "الفروع"، رحمه الله تعالى. قوله:(ولم تنعقد) أي: في غير المدخول بها. قوله: (في مسألة الكلام) لأنها تبين بالشروع قبل الجواب، بخلاف مسألة الحلف فتنعقد الثانية؛ لأنها لا تبين إلا بعد انعقادها، ولا تنعقدُ الثالثة؛ للبينونة بفراغه من الثانية. قوله:(فأعاده بعد) أي: بعد وقع بكل طلقة. قوله: (فلا طلاق) لأن الحلف بطلاق البائن غير معتدٍّ به.

ص: 308

إنْ ثَلَاثًا طَلْقَةً عَقِبَ حَلِفِهِ ثَانِيًا وَطَلْقَتَيْنِ لَمَّا نَكَحَ الْبَائِنَ وَحَلَفَ بِطَلَاقِهَا وَمَنْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ حَفْصَةَ وَعَمْرَةَ إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِكُمَا فَعَمْرَةُ طَالِقٌ ثُمَّ أَعَادَهُ لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَة مِنْهُمَا وَلَوْ قَالَ بَعْدَهُ: إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِكُمَا فَحَفْصَةُ طَالِقٌ طَلُقَتْ عَمْرَةُ ثُمَّ إنْ قَالَ إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِكُمَا فَعَمْرَةُ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا ثُمَّ إنْ قَالَ إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِكُمَا فَحَفْصَةُ طَالِقٌ طَلُقَتْ حَفْصَةُ

قوله: (لم تطلُق واحدةٌ منهما) لأنه حلف بطلاق عمرة فقط. قوله: (ولو قال بعده) أي: بعدما ذكر من الإعادة، وأما لو قال ابتداء: إن حلفت بطلاقكما، فعمرة طالقٌ، ثم قال من غير إعادة: إن حلفت بطلاقكما، فحفصة طالقٌ، لم تطلق واحدة منهما، كما ذكر نظيره المصنف فيما بعد. قوله أيضًا على قوله:(ولو قال بعده) أي: بعد أن أعاده وفيه خفاء يدرك بالتأمل، كما أوضحناه. قوله:(لم تطلق واحدة منهما) لأنه لم يوجدْ بعد تعليق طلاق حفصة على الحلف بطلاقهما، إلا الحلفُ بطلاق عمرة، فلم توجد الصفة في حقِّ حفصة، وانحلت اليمين الأولى في حق عمرة بوقوع الطلاق عليها. فتدبر.

قوله: (فحفصة طالقٌ) هذا بمنزلة إعادة الصفة في الصورة السابقة، غير

ص: 309

ولِمَدْخُولٍ بِهِمَا كُلَّمَا حَلَفْتُ بِطَلَاقِ إحْدَاكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ أَوْ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ وَأَعَادَهُ طَلُقَتَا ثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ وَإِنْ قَالَ فَهِيَ أَوْ فَضَرَّتُهَا طَالِقٌ وَأَعَادَهُ فَطَلْقَةً طَلْقَةً وَإِنْ قَالَ فَإِحْدَاكُمَا طَالِقٌ فَطَلْقَةٌ بِإِحْدَاهُمَا تُعَيَّنُ بِقُرْعَةٍ ولِأَحَدِهِمَا إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِ ضَرَّتِك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَالَهُ لِلْأُخْرَى طَلُقَتْ الْأُولَى فَإِنْ أَعَادَهُ لِلْأُولَى طَلُقَتْ الْأُخْرَى

فصل في تعليقه بالكلام والإذن والقربان

إذَا قَالَ إنْ كَلَّمْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَحَقَّقِي أَوْ زَجَرَهَا فَقَالَ: تَنَحِّي أَوْ اُسْكُتِي أَوْ مُرِّي وَنَحْوَهُ أَوْ قَالَ لَهَا إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ

أن الإعادة هناك لم يتخللها شيء، بل وقع بعدها الحلف بطلاق الأخرى، وهنا العكس، أعني: أنه وقع الحلف بطلاق الأخرى قبل الإعادة. فتأمل وتمهل.

قوله: (فطلقة طلقة) أي: بكلٍّ منهما. قوله: (طلقت الأولى) لحلفِه بطلاق ضرَّتها.

فصل في تعليقه بالكلام والإذن والقربان

أي: بمعنى القربِ.

قوله: (ونحوه) أي: اتصل بيمينه، أو لا، ما لم ينو كلامًا غير ذلك.

ص: 310

طَلُقَتْ مَا لَمْ يَنْوِ غَيْرَهُ وإنْ بَدَأْتُكِ بِكَلَامٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَتْ إنْ بَدَأْتُكِ بِهِ فَعَبْدِي حُرٌّ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ إنْ لَمْ تَكُنْ نِيَّةٌ ثُمَّ إنْ بَدَأَتْهُ حَنِثَتْ وَإِنْ بَدَأَهَا انْحَلَّتْ يَمِينُهَا وَإِنْ عَلَّقَهُ بِكَلَامِهَا زَيْدًا فَكَلَّمَتْهُ فَلَمْ يَسْمَعْ لِغَفْلَةِ أَوْ شُغْلِهِ وَنَحْوَهُ أَوْ وَهُوَ مَجْنُونٌ أَوْ سَكْرَانُ أَوْ أَصَمُّ يَسْمَعُ لَوْلَا الْمَانِعُ أَوْ كَاتَبَتْهُ أَيْ رَاسَلَتْهُ وَلَمْ يَنْوِ مُشَافَهَتَهَا أَوْ كَلَّمَتْ غَيْرَهُ وَزَيْدٌ يَسْمَعُ تَقْصِدُهُ حَنِثَ لَا إنْ كَلَّمَتْهُ مَيِّتًا أَوْ غَائِبًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ نَائِمًا

قوله: (طلقت) أي: طلقت بذلك، وإن لم تقم، ثم إن قامت، فالظاهر: أنها تطلق ثانية، إن لم تبن بالأولى. قوله:(إن لم تكن نيةٌ) بأن نوى أنه لا يبدؤها مرة أخرى. قوله: (أو سكران) أي: غير مصروعين. منصور البهوتي، أي: بحيث يعلم السكران أنها تكلمُه، وبحيث يسمع المجنون كلامها فيحنث، أما لو كان السكران والمجنون مصروعين، فكلمتهما فلا حنث، كما في "الإقناع". قوله:(ولم ينو مشافهتها) أي: أو سلمت عليه، لا تسليم صلاةٍ لم تقصده.

ص: 311

أَوْ وَهِيَ مَجْنُونَةٌ أَوْ أَشَارَتْ إلَيْهِ وإنْ كَلَّمْتُمَا زَيْدًا وَعَمْرًا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فَكَلَّمَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ وَاحِدًا طَلُقَتَا لَا إنْ قَالَ إنْ كَلَّمْتُمَا زَيْدًا وَكَلَّمْتُمَا عَمْرًا فَلَا يَحْنَثُ حَتَّى يُكَلِّمَا كُلًّا مِنْهُمَا وإنْ خَالَفْت أَمْرِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَنَهَاهَا وَخَالَفَتْهُ وَلَا نِيَّةَ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ حَقِيقَتَهُمَا وإنْ خَرَجْتِ أَوْ زَادَ مَرَّةً

قوله: (أو وهي مجنونة) وإن كلمته وهي سكرى، حنث. صرح به في "الإقناع". قوله:(أو أشارت إليه) أي: لأنها ليست كلامًا شرعا. قوله: (طلقتا) لأنه يشبه: «إن ركبتما دابتكما» ، ونحوه. قوله:(وكلمتما عمرًا) فأنتما طالقتان. لم يحنث (حتى

إلخ). قوله: (فخالفته) بخطه في "شرحه" أي: أن ينوي مطلق المخالفة، وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه:«إن حبيبي أمرني أن لا أسال الناس شيئا» . انتهى. تاج الدين البهوتي. قوله: (حقيقتهما) أي: الأمر والنهي. فحقيقة الأمر. طلب فعل الشيء، والنهي: طلب نفي الفعل، وقيل: إنَّه طلب الكف عنه الذي هو ضدُّه، وعليه: فيحنث بمخالفة النهي؛ لأنه أمرٌ بالكفِّ فإن نوى مطلق المخالفة، حنث، وقياسها لو قال: إن خالفتِ نهيي، فأنتِ طالقٌ، فخالفت أمره.

ص: 312

بِغَيْرِ إذْنِي أَوْ إلَّا بِإِذْنِي أَوْ حَتَّى آذَنَ لَك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ وَلَمْ يَأْذَنْ أَوْ أَذِنَ ثُمَّ نَهَاهَا أَوْ أَذِنَ وَلَمْ تَعْلَمْ أَوْ وَعَلِمَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ ثَانِيًا بِلَا إذْنِهِ طَلُقَتْ لِخُرُوجِهَا لَا إنْ أَذِنَ فِيهِ كُلَّمَا شَاءَتْ أَوْ قَالَ إلَّا بِإِذْنِ زَيْدٍ فَمَاتَ زَيْدٌ ثُمَّ خَرَجَتْ

قوله: (ولم تعلم) أي: طلقت؛ لأن الإذن: الإعلام. قوله: (ثم خرجت) أي: بأن خَرجت مرة أخرى، بعد المرة التي أذن فيها، والحال: أنه كان قد قال لها إن خرجت بغير إذني، فأنت طالق، أو قال: إن خرجت مرة بغير إذني، فأنت طالق؛ لأن الخروج الثاني غير مأذون فيه، وهو محلوف عليه؛ لأن (خرجت) نكرة في سياق الشرط، فتعمُّ. قوله:(مرة) قيد في الخروج وهي صادقة بالمرة السابقة على الإذن والمأذون فيها، والمتأخرة عنه غير المأذون فيها، لا تؤثر؛ لأنها مستثناة فلو علَّق المرة بالإذن؛ بأن قال: إن خرجتِ بغير إذني مرةً، فأنت طالق، فأذن لها، فخرجت، ثم خرجت بعده بلا إذنه، لم تطلق؛ لأنه علق البر على وجود الإذن مرة، وقد وجد، فتنحل يمينه، وكذا لو لم يذكر مرة، بل قال: إن خرجت بغير إذني، فأنت طالق، ونوى: إلا إن أذنت لكِ مرةً، فإنه إذا أذن لها مرة، انحلَّت يمينه، فلا يحنث بخروجها بعد. كما صرح به في "الإقناع". قوله:(كلَّما شاءت) مالم ينهها بعد.

ص: 313

وإنْ خَرَجْتِ إلَى غَيْرِ حَمَّامٍ بِلَا إذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ لَهُ وَلِغَيْرِهِ أَوْ لَهُ ثُمَّ بَدَا لَهَا غَيْرُهُ طَلُقَتْ وَمَتَى قَالَ كُنْتُ أَذِنْتُ قُبِلَ بِبَيِّنَةٍ وإنْ قَرُبْت دَارَ كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَعَ بِوُقُوفِهَا تَحْتَ فِنَائِهَا وَلُصُوقِهَا بِجِدَارِهَا وبِكَسْرِ رَاءِ قَرِبْت لَمْ يَقَعْ حَتَّى تَدْخُلَهَا

قوله: (وإن قربت دار كذا) إلى قوله: (وبكسر راء قربت

إلخ) في الصحاح: قرب الشيء، بالضَّم، يقرب قربا، أي: دنا، إلى أن قال: وقربته بالكسر أقربه قربانا، أي: دنوتُ منه. وقربت أقرب قرابة، مثل كتبت كتابة: إذا سرت إلى الماء وبينك وبينه ليلة. والاسم: القرب. انتهى المقصود.

وعلى هذا فالفرق بين الأوليين بالاعتبار، فإذا قصدت قرب الشيء منك، قلت: قرب بالضم، وإن قصدت قربك منه، قلت: قربتُ بالكسر. وهو خلاف ما نقله الفقهاء عن أهل اللغة. قال ابن المقري: سمعت الشاشي يقول: إذا قيل: لا تقرب بفتح الراء، كان معناه: لا تتلبس بالفعل، وإذا كان بالضم، فمعناه: لاتدن منه. انتهى. وهذه الحاشية رأيتها في طيارة بخط شيخنا محمد الخلوتي موضوعة في نسخة شيخنا عثمان في هذا المحل.

ص: 314

فصل في تعليقه بالمشيئة

إذا قال أنت طالق إن أَوْ إذَا أَوْ مَتَى أَوْ أَنَّى أَوْ أَيْنَ أَوْ كَيْفَ أَوْ حَيْثُ أَوْ أَيَّ وَقْتٍ شِئْتِ فَشَاءَتْ وَلَوْ كَارِهَةً أَوْ بَعْدَ تَرَاخٍ أَوْ بَعْدَ رُجُوعِهِ وَقَعَ لَا إنْ قَالَتْ شِئْتُ إنْ شِئْتَ أَوْ إنْ شَاءَ أَبِي وَلَوْ شَاءَ وأَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْتِ وَشَاءَ أَبُوك أَوْ إنْ شَاءَ زَيْدٌ وَعُمَرُ لَمْ يَقَعْ حَتَّى يَشَاءَ وأَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ زَيْدٌ فَشَاءَ وَلَوْ مُمَيِّزًا يَعْقِلُهَا أَوْ سَكْرَانَ أَوْ بِإِشَارَةٍ مَفْهُومَةٍ مِمَّنْ خَرِسَ أَوْ كَانَ أَخْرَسَ وَقَعَ لَا إنْ مَاتَ أَوْ غَابَ أَوْ جُنَّ قَبْلَهَا وَلَوْ قَالَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ فَمَاتَ أَوْ جُنَّ أَوْ أَبَاهَا وَقَعَ إذَنْ وَإِنْ خَرِسَ وَفُهِمَتْ إشَارَتُهُ فَكَنُطْقِهِ وَإِنْ نَجَّزَ أَوْ عَلَّقَ طَلْقَةً إلَّا أَنْ تَشَاءَ هِيَ أَوْ زَيْدٌ ثَلَاثًا أَوْ

فصل في تعليقه بالمشيئة

أي: الإرادة. قوله: (فشاءت) أي: لفظاً. قوله: (أو رجوعه) أي: عن التعليق. قوله: (فكنطقه) قلت: وكذا كتابته. منصور البهوتي.

ص: 315

ثَلَاثًا إلَّا أَنْ تَشَائِي وَاحِدَةً أَوْ يَشَاءَ وَاحِدَةً فَشَاءَتْ أَوْ شَاءَ ثَلَاثًا فِي الْأُولَى وَقَعَتْ كَوَاحِدَةٍ فِي الثَّانِيَة وَإِنْ شَاءَتْ أَوْ شَاءَ ثِنْتَيْنِ فَكَمَا لَوْ لَمْ يَشَاءَا وأَنْتِ طَالِقٌ وَعَبْدِي حُرٌّ إنْ شَاءَ زَيْدٌ وَلَا نِيَّةَ فَشَاءَهُمَا وَقَعَا وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ ويَا طَالِقُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ عَبْدِي حُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ قَدَّمَ الِاسْتِثْنَاءَ أَوْ قَالَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ أَوْ عَبْدِي حُرٌّ إنْ لَمْ أَوْ مَا لَمْ يَشَأْ اللَّهُ وَقَعَا وإنْ قُمْت أَوْ إنْ لَمْ تَقُومِي فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لِأَمَتِهِ إنْ قُمْت أَوْ إنْ لَمْ تَقُومِي فَأَنْتِ حُرَّةٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ حُرَّةٌ إنْ قُمْت

قوله: (ولا نيةَ) أي: للقائل تخالف ظاهر لفظه، كما في "شرحه" وحاصله: أنه لا بدَّ من مشيئة زيد لأمرين معا، فلو لم يشأ شيئًا منهما، أو شاء أحدهما، لم يقع شيء؛ عملا بظاهر لفظه، وليس هناك نيةٌ تخالفه، فلو نوى ما يخالفه؛ بأن قصد بقوله: إن شاء زيد، أنه إن شاء الطلاق وحده أو مع غيره وقع، وإن شاء العتق وحده أو مع غيره وقع، فإنه يعمل بتلك النية، فيقع ما شاءه منهما كيف كان، والله أعلم.

ص: 316

أَوْ إنْ لَمْ تَقُومِي أَوْ لَتَقُومِينَ أَوْ لَا قُمْت إنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِنْ نَوَى رَدَّ الْمَشِيئَةِ إلَى الْفِعْلِ لَمْ يَقَعْ بِهِ وَإِلَّا وَقَعَ

قوله: (إلى الفعل) أي: وهو القيام في نحو: إن لم تقومي، فأنتِ طالقٌ إن شاء الله، فلا تطلقُ، سواءً قامت أو لم تقم؛ لأنها إن قامت، فقد حصل ما علق عليه البرَّ، وهو القيامُ، وإن لم تقم لم يحنث أيضا؛ لأنه لم يشأه الله؛ إذ لو شاءه، لكان. وأما لو قال: إن قمت فأنتِ طالقٌ إن شاء الله، فالفعل عدمُ القيام، فلا تطلق أيضاً سواءٌ قامت أو لم تقم؛ لأنها إن لم تقم، فقد حصل ما علق عليه البر، وهو عدم القيام، وإن قامت، لم يحنث أيضاً؛ لتبين أن الله لم يشأ الفعل، أي: عدم القيام؛ إذ لو شاءه لم تقم. والحاصل: أن المشيئة هنا قيد في الحالة التي يحصل بها البر، فإذا لم توجد، علمنا أن الله لم يشأها، فلا يحنث، لأنه علق الحنث على المشيئة، ولم توجد فلا يوجد. وفي المقام دقة تحتاج إلى تأمل لطيفٍ. قوله:(وإلا: وقع) أي: وإلا، بأن لم ينو شيئاً، أو ردها للطلاق أو العتق، أو نوى ردها إلى الفعل والطلاق، أو العتق وقع. قال في "الشرح": وإن لم تعلم نيته، فالظاهر: رجوعه إلى الدخول، ويحتمل أن يرجع إلى الطلاق.

ص: 317

وَإنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ إنْ شَاءَ زَيْدٌ لَمْ تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ حَتَّى يَشَاءَ أَنْ لَا يَفْعَلَ وأَوْ لِمَشِيئَتِهِ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ لِقِيَامِكِ وَنَحْوَهُ يَقَعُ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِقُدُومِ زَيْدٍ أَوْ لِغَدٍ وَنَحْوَهُ فَإِنْ قَالَ فِيمَا ظَاهِرُهُ التَّعْلِيلُ أَرَدْتُ الشَّرْطَ قُبِلَ مِنْهُ حُكْمًا وإنْ رَضِيَ أَبُوك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَبَى ثُمَّ رَضِيَ وَقَعَ وأَنْتِ طَالِقٌ إنْ كُنْتِ تُحِبِّينَ أَنْ يُعَذِّبَكِ اللَّهُ بِالنَّارِ أَوْ تُبْغِضِينَ الْجَنَّةَ أَوْ الْحَيَاةَ وَنَحْوِهِمَا فَقَالَتْ أُحِبُّ أَوْ أُبْغِضُ لَمْ تَطْلُقْ

قوله: (وإن حلف) أي: بطلاق أو غيره. قوله: (أن لا يفعله) لتعلق حلفه على ذلك. قوله: (في الحال) أي: لأنه إيقاعٌ معلل بعلةٍ. قوله: (أو لغدٍ) لأن اللام فيه للتأقيت. قوله: (قبل حكما) لأن لفظه يحتمله، فلو قالت: أريد أن تطلقني، فقال: إن كنت تريدين، فأنت طالقٌ، طلقت في الحال، على ما نصَّه ابن القيم في "إعلام الموقعين" نظرًا إلى دلالة الحال على أنه أراد إيقاعه للإرادة التي أخبرته بها، ومثله تكونين طالقا في حال غضب أو سؤال أو نحوه، وظاهر الكلام يقتضي: أن لا بد من إرادة مستقبلةٍ. قاله في "الفنون" فتدبر.

ص: 318

إنْ قَالَتْ كَذَبْت وَلَوْ قَالَ بِقَلْبِك وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ أَبُوك يَرْضَى بِمَا فَعَلْتِيهِ قرَضِيت طَلُقَتْ لَا إنْ قَالَ إنْ كَانَ أَبُوك رَاضِيًا بِهِ وَتَعْلِيقُ عِتْقٍ كَطَلَاقٍ وَيَصِحُّ بِالْمَوْتِ

فصل في مسائل متفرقة

إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا رَأَيْتِ الْهِلَالَ أَوْ عِنْدَ رَأْسِهِ وَقَعَ إذَا رُؤي

قوله: (إن قالت: كذبت) لاستحالة ذلك عادةً، فإن لم تقل: كذبت، لم تطلق، إن كانت كاذبة، كما في "التقيح". وفي "الإنصاف": الأولى أنها لا تطلق، إذا كانت تعقله، أو كانت كاذبة، وهو المذهب. وإن كنت تحبين، أو تبغضين زيدا، فأنت طالق فادعته ولو كاذبة طلقت. قوله:(ويصح) أي: يصح تعليق عتقٍ لا طلاق بموت.

- فصل في مسائل متفرقة

باعتبار أن المعلق عليه هنا أنواع مختلفة، بخلاف ما قبل.

قوله: (وقع إذا رؤي) لأن رؤيته شرعًا، ما يُعلم به دخول الشهر، بخلاف رؤية زيد؛ لأنه ليس لها عرف شرعي.

ص: 319

وَقَدْ غَرُبَتْ الشَّمْسُ أَوْ تَمَّتْ وَإِنْ نَوَى الْعِيَانَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ مَصْدَرُ عَايَنَ أَيْ نَوَى مُعَايَنَةَ الْهِلَالِ أَوْ حَقِيقَةَ رُؤْيَتِهَا قُبِلَ حُكْمًا وَهُوَ هِلَالٌ إلَى ثَالِثَةٍ ثُمَّ يُقْمِرُ وإنْ رَأَيْتِ زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَرَأَتْهُ لَا مُكْرَهَةً وَلَوْ مَيِّتًا أَوْ فِي مَاءٍ أَوْ زُجَاجٍ شَفَّافٍ طَلُقَتْ إلَّا مَعَ نِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةٍ

قوله: (أو تمت العدة) عطف على (رؤي) يعني: أنها تطلق في الصورتين بأحد أمرين:

أحدهما: رؤية الهلال بعد الغروب، وثانيهما: تمام ثلاثين يومًا. قوله: (العيان) أي: المعاينة، وكلاهما مصدر عاينَ. قوله:(ثم يقمر) أي: يصير قمرًا بعد الثالثة. قوله: (أو في ماءٍ) أي: بأن كان زيد منغمسًا في الماء، أو رأته من وارء زجاجٍ لا يحجب ما وراءه؛ بدليل قوله بعد: (لا

إن رأت خياله

إلخ). قوله: (إلا مع نيةٍ) تخص الرؤية بحال، فلا تطلق إذا رأته في غيرها، أو منامًا إن كانت رؤية المنام للأجسام، والأشباح، لا للأرواح فقط. تاج الدين البهوتي.

ص: 320

وَلَا تَطْلُقُ إنْ رَأَتْ خَيَالَهُ فِي مَاءٍ أَوْ فِي مِرْآةٍ أَوْ جَالِسَةً عَمْيَاءَ ومَنْ بَشَّرَتْنِي أَوْ أَخْبَرَتْنِي بِقُدُومِ أَخِي فَهِيَ طَالِقٌ فَأَخْبَرَهُ عَدَدُ مَعًا طَلُقْنَ وَإِلَّا فَسَابِقَةٌ صَدَقَتْ وَإِلَّا فَأَوَّلُ صَادِقَةٍ وَمَنْ حَلَفَ عَنْ شَيْءٍ ثُمَّ فَعَلَهُ مُكْرَهًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ نَائِمًا لَمْ يَحْنَثْ ونَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ عَقَدَهَا يَظُنُّ صِدْقَ نَفْسِهِ فَبَانَ بِخِلَافِهِ يَحْنَثُ فِي طَلَاقٍ وَعِتْقٍ فَقَطْ ولَيَفْعَلَنَّهُ فَتَرَكَهُ مُكْرَهًا أَوْ نَاسِيًا لَمْ يَحْنَثْ وَمَنْ يَمْتَنِعُ بِيَمِينِهِ وَقَصَدَ مَنْعَهُ كَهُوَ

قوله: (فأخبره عدد معا طلق) أي: ذلك العدد، قال في "المبدع": ويتوجَّه تحصل البشارة بالمكاتبة وإرسال رسول بها. "شرح إقناع". قوله: (صدقت) بالبناء للمفعول. قوله: (ومن يمتنع بيمينه) كزوجته، وولده، وغلامه، ونحوِهم. قوله:(وقصده منعه) أي: وقصد بيمينه منعه، فإن لم يقصد منعه؛ بأن قال: إن قدمت زوجتي بلد كذا، فهي طالق، ولم يقصد منعها، فهو تعليق محض يقع بقدومها كيف كان، كمن لا يمتنع بيمينه. "شرح إقناع".

ص: 321

ولَا يَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا أَوْ لَا يُكَلِّمُهُ أَوْ لَا يُسَلِّمُ عَلَيْهِ أَوْ يُفَارِقُهُ حَتَّى يَقْضِيَهُ فَدَخَلَ بَيْتًا هُوَ فِيهِ أَوْ سَلَّمَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى قَوْمٍ هُوَ فِيهِمْ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَوْ قَضَاهُ فُلَانٌ حَقَّهُ فَخَرَجَ رَدِيئًا أَوْ أَحَالَهُ بِهِ فَفَارَقَهُ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ قَدْ بَرِئَ حَنِثَ إلَّا فِي السَّلَامِ والْكَلَامِ وَإِنْ عَلِمَ بِهِ فِي سَلَامٍ وَلَمْ يَنْوِهِ وَلَمْ يَسْتَثْنِهِ بِقَلْبِهِ حَنِثَ ولَيَفْعَلَنَّ شَيْئًا لَمْ يَبْرَأْ حَتَّى يَفْعَلَ جَمِيعَهُ ولَا يَفْعَلُهُ أَوْ مَنْ يَمْتَنِعُ بِيَمِينِهِ كَزَوْجَةٍ وَقَرَابَةٍ وَقَصَدَ مَنْعَهُ وَلَا نِيَّةَ وَلَا سَبَبَ وَلَا قَرِينَةَ فَفَعَلَ بَعْضَهُ لَمْ يَحْنَثْ

قوله: (أو سلَّم عليه) أي: ولم يعلم به. قوله: (إلا في السلام) أي: إلا في السلام عليه، أو على قوم هو فيهم، ولم يعلم به فيهما. قوله:(والكلام) أي: وإلا في الكلام، إذا حلف لا يملكه، فسلم عليه، أو على قوم هو فيهم، أو كلمهم ولم يعلم به. قوله:(أو من يمتنع بيمينه) أي: أو حلف على من يمتنع بيمينه، لا يفعل شيئاً. قوله:(ولا نية) أي: ولا نية تخالق ظاهر لفظه. قوله: (ففعل) أي: الحالف، أو المحلوف عليه.

ص: 322

فَمَنْ حَلَفَ عَلَى مُمْسَكٍ مَأْكُولًا لَا آكُلُهُ وَلَا أَلْقَاهُ وَلَا أَمْسِكُهُ فَأَكَلَ بَعْضًا وَرَمَى الْبَاقِي أَوْ لَا يَدْخُلُ دَارًا فَأَدْخَلَهَا بَعْضَ جَسَدِهِ أَوْ دَخَلَ طَاقَ بَابِهَا أَوْ لَا يَلْبِسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا فَلَبِسَ ثَوْبًا فِيهِ مِنْهُ أَوْ لَا يَبِيعُ عَبْدَهُ وَلَا يَهَبُهُ فَبَاعَ أَوْ وَهَبَ بَعْضَهُ أَوْ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى فُلَانٍ شَيْئًا فَقَامَتْ بَيِّنَةٌ بِسَبَبِ الْحَقِّ مِنْ قَرْضٍ أَوْ نَحْوِهِ دُونَ أَنْ يَقُولَا وَهُوَ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ ولَا يَشْرَبُ مَاءَ هَذَا النَّهْرِ فَشَرِبَ مِنْهُ أَوْ لَا يَلْبِسُ مِنْ غَزْلِهَا فَلَبِسَ ثَوْبًا فِيهِ مِنْهُ حَنِثَ

قوله: (ورمى الباقي) أي: أمسكه لم يحنث. قوله: (فشرب منه) ولا شربت من ماءِ الفرات، فشرب من نهرٍ يأخذ منه، حنث، ولا شربت من الفرات، فشرب من نهرٍ يأخذ منه، فوجهان. "إقناع".

ص: 323

وإنْ لَبِسْت ثَوْبًا أَوْ لَمْ يَقُلْ ثَوْبًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى مُعَيَّنًا قُبِلَ حُكْمًا سَوَاءٌ بِطَلَاقٍ أَمْ بِغَيْرِهِ ولَا يَلْبِسُ ثَوْبًا أَوْ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا اشْتَرَاهُ أَوْ نَسَجَهُ أَوْ طَبَخَهُ زَيْدٌ فَلَبِسَ ثَوْبًا نَسَجَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ أَوْ اشْتَرَيَاهُ أَيْ زَيْدٌ أَوْ أَوْ أَكَلَ مِنْ طَعَامٍ طَبَخَاهُ حَنِثَ وَإِنْ اشْتَرَى غَيْرُهُ شَيْئًا فَخَلَطَهُ بِمَا اشْتَرَاهُ هُوَ فَأَكَلَ أَكْثَرَ مِمَّا اشْتَرَى شَرِيكُهُ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا ولَا يَبِيتُ عِنْدَ زَيْدٍ حَنِثَ بأَكْثَرَ اللَّيْلِ إنْ حَلَفَ لَا أَقَمْت عِنْدَهُ كُلَّ اللَّيْلِ أَوْ نَوَاهُ فَأَقَامَ عِنْدَهُ بَعْضَهُ وَلَا إنْ حَلَفَ لَا أَبَيْتُ أَوْ لَا آكُلُ بِبَلَدٍ فَبَاتَ أَوْ أَكَلَ خَارِجَ بُنْيَانِهِ

قوله: (فخلطه) أي: الحالف أو غيرُه. منصور البهوتي.

ص: 324