الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب العدد
وَاحِدُهَا عِدَّةٌ وَهِيَ مِنْ الْعَدَدِ التَّرَبُّصُ الْمَحْدُودُ شَرْعًا وَلَا عِدَّةَ فِي فُرْقَةِ حَيٍّ قَبْلَ وَطْءٍ أَوْ خَلْوَةٍ
كتاب العدد
العدة على أربعة أقسام: معنى محض، وتعبد محض، ويجتمع الأمران والمعنى أغلب، ويجتمع الأمران والتعبُّد أغلب.
فالأول: عدة الحامل.
والثاني: عدة المتوفى عنها زوجها التي لم يدخل بها، وفي التي وقع الطلاق عليها بيقين براءة الرحم، وفي موطوءة الصبي الذي يقطع بأنَّه لا يولد لمثله، وفي الصغيرة التي لا تحبل قطعًا.
والثالث: عدة الموطوءة التي يمكن حبلها ممن يولد لمثله، سواء كانت ذات أقراءٍ أو أشهرٍ، فإن معنى براءة الرحم أغلب من التعبُّد بالعدد المعتبر؛ لغلبة ظن البراءةِ.
والرابع: كما في عدَّة الوفاة للمدخول بها التي يمكن حملها، وتمضي أقراؤها في أثناء الشهر، فإنَّ العدد الخاص أغلب من براءة الرحم بمضي تلك الأقراء. فتوحي.
قوله: (ولا عدة في فرقة حي) أي: فراقا يقطع الإرث؛ ليخرج المفارقة في المرض لقصد حرمانها.
وَلَا لِقُبْلَةٍ أَوْ لَمْسٍ وَشُرِطَ لِوَطْءٍ كَوْنُهَا يُوطَأُ مِثْلُهَا وَكَوْنُهُ يُلْحَقُ بِهِ وَلَدٌ ولِخَلْوَةٍ طَوَاعِيَتُهَا وعِلْمُهُ بِهَا وَلَوْ مَعَ مَانِعٍ كَإِحْرَامٍ وَصَوْمٍ وَجَبٍّ وَعُنَّةٍ وَرَتْقٍ وَتَلْزَمُ لِوَفَاةٍ مُطْلَقًا وَلَا فَرْقَ فِي عِدَّةٍ بَيْنَ نِكَاحٍ َفَاسِدٍ وصحيح
قوله: (ولا لقبلة
…
إلخ) وأما التحمُّل للماء، فمقتضى كلام المصنف في الصداق وجوب العدة مطلقًا. ومقتضى كلام "الإقناع" هنا: لا عدة مطلقا. وفي "المبدع": إن كان من زوجٍ، وجبت العِدَّة. وإن كان حرامًا، أو ظنَّته ماء زوجها، فلا عدة. ويمكن أن يحمل كلام المصنف في الصداق، أعني: قوله: (ولو من أجنبي) على ما إذا ظنته ماء زوجها، فيكون قولاً رابعًا بالنسبة للثلاثة المذكورة، وهذا أقرب. فتدبر. قوله:(وعلمه بها) يحترزُ بذلك عن الخلوة بمن لا يعلم بها، كالأعمى، والطفل، فلا عدَّة عليها بالخلوة به. فتوحي "محرر". قوله:(وجبٍّ) أي: قطع الذكر؛ إذ لو كان مقطوع الذكر والخصيتين، لم يلحق به ولد، فلا تجب العدة. قوله:(مطلقا) كبيرا كان الزوج أو صغيرًا، خلا بها، أو لا، صغيرة أو كبيرة، يمكنه الوطء أو لا. قوله:(في عدة) أي: ولو بخلوة. قوله: (فاسدٍ) أي: مختلف فيه، كبلا ولي.
وَلَا عِدَّةَ فِي بَاطِلٍ إلَّا بِوَطْءٍ وَالْمُعْتَدَّاتُ سِتٌّ الْحَامِلُ وَعِدَّتُهَا مِنْ مَوْتٍ وَغَيْرِهِ إلَى وَضْعِ كُلِّ الْوَلَدِ أَوْ الْأَخِيرِ. مِنْ عَدَدٍ وَلَا تَنْقَضِي إلَّا بمَا تَصِيرُ بِهِ أَمَةٌ أُمَّ وَلَدٍ فَإِنْ لَمْ يَلْحَقْهُ لِصِغَرِهِ أَوْ لِكَوْنِهِ خَصِيًّا مَجْبُوبًا أَوْ لِوِلَادَتِهَا لِدُونِ نِصْفِ سَنَةٍ مُنْذُ نَكَحَهَا وَنَحْوَهُ وَيَعِيشُ لَمْ تَنْقَضِ بِهِ
قوله: (ولا عدة في باطل) أي: لا عدة مطلقًا في باطلٍ، أي: مجمع على عدم صحته، كفي عدة. قوله:(وعدتها) أي: حرة، أو أمة مسلمة، أو كافرة. قوله:(من موتٍ) احتراز من قول ابن عباس: إن المتوفى عنها تعتد بأطول الأجلين من الوضع وعدة الوفاة. فتوحي. قوله: (وغيره) كطلاق وفسخٍ. قوله: (من عدد) ظاهره: ولو مات ببطنها، قلت: ولا نفقة لها، حيث تجب للحامل؛ لما يأتي: أن النفقة للحمل، والميت ليس محلاً لوجوبها. منصور البهوتي. قوله:(ونحوه) كالذي تأتي به لأكثر من أربع سنين من الإبانة.
وَأَقَلُّ مُدَّةِ حَمْلٍ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَغَالِبُهَا تِسْعَةُ وَأَكْثَرُهَا أَرْبَعُ سِنِينَ وَأَقَلُّ مُدَّةِ تَبَيُّنِ خَلْقِ وَلَدٍ أَحَدٌ وَثَمَانُونَ يَوْمًا الثَّانِيَة الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا بِلَا حَمْلٍ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ اعْتَدَّتْ لِلْوَفَاةِ بَعْدَ وَضْعِ وَلَوْ لَمْ يُولَدْ لِمِثْلِهِ أَوْ لَمْ يُوطَأْ مِثْلُهَا أَوْ قَبْلَ خَلْوَةٍ وَعِدَّةُ حُرَّةٍ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرُ لَيَالٍ بِعَشَرَةِ أَيَّامٍ وأَمَةٍ نِصْفُهَا ومُنَصَّفَةٍ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ وَإِنْ مَاتَ فِي عِدَّةٍ مُرْتَدٌّ أَوْ زَوْجُ كَافِرَةٍ أَسْلَمَتْ أَوْ زَوْجُ رَجْعِيَّةٍ سَقَطَتْ وَابْتَدَأَتْ عِدَّةَ وَفَاةٍ مِنْ مَوْتِهِ وَإِنْ مَاتَ فِي عِدَّةٍ مَنْ أَبَانَهَا فِي الصِّحَّةِ لَمْ تَنْتَقِلْ وَتَعْتَدُّ مَنْ أَبَانَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ الْأَطْوَلِ مِنْ عِدَّةِ وَفَاةٍ وَمِنْ عِدَّةِ طَلَاقٍ مَا لَمْ تَكُنْ أَمَةً أَوْ ذِمِّيَّةً
قوله: (وإن كان من غيره) كأن وطئت بشبهة، فحملت، ثم مات زوجها، اعتدت بوضعه للشبهة، واعتدت
…
إلخ. قوله: (لم تنتقل) لأنها أجنبية منه حتى في الإرث. قوله: (في مرض موتِهِ) أي: المخوف. قوله: (مالم تكن أمةً) أي: المبانةُ في المرض المخوف. قوله: (أو ذمية) أي: والزوج مسلم.
أَوْ مَنْ جَاءَتْ الْبَيْنُونَةُ مِنْها فلِطَلَاقٍ لَا غَيْرُ وَلَا تَعْتَدُّ لِمَوْتٍ مَنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَهُ وَلَوْ وَرِثَتْ وَمَنْ طَلَّقَ مُعَيَّنَةً وَنَسِيَهَا أَوْ مُبْهَمَةً ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ قُرْعَةٍ اعْتَدَّ كُلُّ نِسَائِهِ سِوَى حَامِلٍ الْأَطْوَلِ مِنْهُمَا وَإِنْ ارْتَابَتْ مُتَوَفًّى عَنْهَا زَمَنَ تَرَبُّصِهَا أَوْ بَعْدَهُ بِأَمَارَةِ حَمْلٍ كَحَرَكَةٍ وَانْتِفَاخِ بَطْنٍ أَوْ رَفْعِ حَيْضٍ لَمْ يَصِحَّ نِكَاحُهَا حَتَّى تَزُولَ الرِّيبَةُ وَإِنْ ظَهَرَتْ بَعْدَهُ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَا لَمْ يَفْسُدْ وَلَمْ يَحِلَّ
قوله: (منها) أي: بأن سألته الطلاق. قوله: (معينة) أي: طلاقا بائنًا، وإلا فالرجعية تنتقل إلى عدة الوفاة، كما تقدم. قوله:(اعتد كل نسائه) أي: وتخرج المطلقة البائن بقرعة بعد الاعتداد؛ لأجل الميراث، لكن الترتيب غيرُ معتبر. فتدبر. قوله:(أو انتفاخ) بالخاءِ المعجمة: ارتفاعه. قوله: (أو رفع حيض) أي: وكنزول اللبن من ثديها، فإنه من أمارات الحمل. فتوحي.
وَطْؤُهَا حَتَّى تَزُولَ وَمَتَى وَلَدَتْ لِدُونِ نِصْفِ سَنَةٍ مِنْ عَقْدٍ تَبَيَّنَّا فَسَادَهُ الثَّالِثَةُ ذَاتُ الْأَقْرَاءِ الْمُفَارَقَةِ فِي الْحَيَاةِ وَلَوْ بِطَلْقَةٍ ثَالِثَةٍ فَتَعْتَدُّ حُرَّةٌ وَمُبَعَّضَةٌ بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ وَهِيَ الْحَيْضُ وغَيْرُهُمَا بِقُرْأَيْنِ لَيْسَ الطُّهْرُ عِدَّةً وَلَا تَعْتَدُّ بِحَيْضَةٍ طَلُقَتْ فِيهَا وَلَا تَحِلُّ لِغَيْرِهِ إذَا انْقَطَعَ دَمُ الْأَخِيرَةِ حَتَّى تَغْتَسِلَ أَوْ تَتَيَمَّمَ عِنْدَ التَّعَذُّرِ فِي قَوْلِ أَكَابِرِ وَتَنْقَطِعُ بَقِيَّةُ الْأَحْكَامِ بِانْقِطَاعِهِ وَلَا تُحْسَبُ مُدَّةُ نِفَاسٍ لِمُطَلَّقَةٍ بَعْدَ وَضْعٍ
قوله: (المفارقة) أي: لزوجها. قوله: (في الحياة) بعد دخول أوخلوة. قوله: (بثلاثة قروءٍ) أي: بلا خلاف. قوله: (وهي الحيض) على الأصح.
قوله: (وغيرهما) أي: وتعتد غير الحرة والمبعَّضة من ذوات الأقراء، وهي الرقيقة. قوله:(ولا تحلُّ) أي: رجعيةٌ. قوله: (حتى تغتسل) أي: أو تتيمم. قوله: (ولا تحسب مدَّة نفاس) يعني: أن النفاس لا يكون كالحيضة في العدة، كما تقدَّم التنبيه عليه في باب الحيض.
الرَّابِعَةُ مَنْ لَمْ تَحِضْ لِصِغَرٍ أَوْ إيَاسٍ الْمُفَارَقَةِ فِي الْحَيَاةِ فَتَعْتَدُّ حُرَّةٌ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِهَا وأَمَةٌ بِشَهْرَيْنِ عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ حَيْضَتَانِ وَلَوْ لَمْ تَحِضْ كَانَ عِدَّتُهَا شَهْرَيْنِ ومُبَعَّضَةٌ بِالْحِسَابِ وَعِدَّةُ بَالِغَةٍ لَمْ تَرَ حَيْضًا وَلَا نِفَاسًا ومُسْتَحَاضَةٍ نَاسِيَةٍ لِوَقْتِ حَيْضِهَا أَوْ مُبْتَدَأَةٍ كَآيِسَةٍ وَمَنْ عَلِمَتْ أَنَّ لَهَا حَيْضَةً فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مَثَلًا فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَمْثَالِ ذَلِكَ وَمَنْ لَهَا عَادَةٌ أَوْ تَمْيِيزٌ عَمِلَتْ بِهِ وَإِنْ حَاضَتْ صَغِيرَةٌ فِي عِدَّتِهَا اسْتَأْنَفَتْهَا بِالْقُرْءِ وَمَنْ يَئِسَتْ فِي عِدَّةِ أَقْرَاءٍ ابْتَدَأَتْ عِدَّةَ آيِسَةٍ وَإِنْ عَتَقَتْ مُعْتَدَّةٌ أَتَمَّتْ عِدَّةَ أَمَةٍ إلَّا الرَّجْعِيَّةَ فَتُتَمِّمُ عِدَّةَ حُرَّةٍ
قوله: (من وقتها) أي: الفرقة. قوله: (ومن لها) أي: المستحاضة التي لها
…
إلخ. قوله: (ومن يئست) أي: بلغت سنَّهُ.
فائدة: يتصور أن يمر على المرأة أكثر العدد، كما لو طلق زوجته الأمة طلاقا رجعيَّا، وكانت صغيرة لم تحض، فشرعت في العدة بالشهرين ثم حاضت، فتعتد بحيضتين، ثم إنها عُتقت، فتنتقل إلى تتمة الثلاث، كالحرة، ثم ارتفع حيضُها قبل الثالثة، ولم تدر سببهُ، فتعتد بسنةٍ، ثم مات، فتنتقل إلى عدة الوفاة.
قوله: (عدة حرةٍ) لأنها في حكم الزوجة.
الْخَامِسَةُ: مَنْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا وَلَمْ تَدْرِ سَبَبَهُ فَتَعْتَدُّ لِلْحَمْلِ غَالِبَ مُدَّتِهِ ثُمَّ تَعْتَدُّ كَآيِسَةٍ عَلَى مَا فُصِّلَ وَلَا تَنْقَضِي بِعَوْدِ الْحَيْضِ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَإِنْ عَلِمَتْ مَا رَفَعَهُ مِنْ مَرَضٍ أَوْ رِضَاعٍ وَنَحْوِهِ فَلَا تَزَالُ حَتَّى يَعُودَ فَتَعْتَدُّ بِهِ أَوْ تَصِيرَ آيِسَةً فَتَعْتَدُّ عِدَّتَهَا وَيُقْبَلُ قَوْلُ زَوْجٍ أَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ إلَّا بَعْدَ حَيْضَةٍ أَوْ وِلَادَةٍ أَوْ وَقْتِ كَذَا
قوله: (بعد المدة) أي: مدَّة غالب الحمل والعدَّة. قوله: (ونحوه) كنفاسٍ. قوله: (فلا تزال) أي: فلا تزال في عدة، ولو طال الزمن. قوله:(فتعتد عدتها) وعنه: تنتظر زوال نحو المرض والرضاع، ثم إن حاضت، وإلا اعتدت بسنة. "إقناع"، وهو ظاهر "عيون المسائل" بل و"الكافي". قوله:(ويقبل قول زوجٍ) اختلف مع مطلقته في وقت طلاق، لا في إسقاط نفقةٍ، فقول الزوجة.
السَّادِسَةُ: امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ فَتَتَرَبَّصُ حُرَّةٌ وَأَمَةٌ مَا تَقَدَّمَ فِي مِيرَاثِهِ ثُمَّ تَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ وَلَا تَفْتَقِرُ إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ بِضَرْبِ الْمُدَّةِ وَعِدَّةِ الْوَفَاةِ وَلَا إلَى طَلَاقِ وَلِيِّ زَوْجِهَا بَعْدَ اعْتِدَادِهَا وَيَنْفُذُ حُكْمُ لَا يَمْنَعُ طَلَاقِ الْمَفْقُودِ وَتَنْقَطِعُ النَّفَقَةُ بِتَفْرِيقِهِ أَوْ تَزْوِيجِهَا
قوله: (ما تقدم في ميراثِهِ) وهو تمام تسعين سنةٍ منذ ولد، إن كان ظاهر غيبته السلامة، وأربع سنين منذ فقد إن كان ظاهرها الهلاك، وساوت الأمة هنا الحرة؛ لأن التربص لعلم حال المفقودِ، وذلك لا يختلف بحال زوجته. قوله:(فقط) أي: لا باطنًا؛ لأن حكم الحاكم لا يغير الشيء عن صفته باطنًا؛ قوله: (بتفريقه) أي: الحاكم، أي: لا بضربه للمدَّة فقط، فلها النفقة ولو مع ضربه مدة التربص إلى أن تزوج، أو يفرق الحاكم بينهما. وفي "الإقناع": وإن ضرب لها حاكم مدة التربص، فلها فيها النفقة، لا في العدة. وهو وجهٌ. قوله:(أو تزويجها) إن لم يحكم بالفرقة، ولو بان حيَّاً.
ومَنْ تَزَوَّجَتْ قَبْلَ مَا ذُكِرَ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ بَانَ أَنَّهُ كَانَ طَلَّقَ أَوْ مَيِّتًا حِينَ التَّزْوِيجِ وَمَنْ تَزَوَّجَتْ بِشَرْطِهِ ثُمَّ قَدِمَ قَبْلَ وَطْءِ الثَّانِي رُدَّتْ إلَى قَادِمٍ وَيُخَيَّرُ إنْ وَطِئَ الثَّانِي
قوله: (قبل ما ذُكر) من التربص المذكور والاعتداد بعده، لم يصح، فليس لها أن تتزوج قبل ذلك مالم يتعذر الإنفاق عليها من ماله، فلها الفسخ بإذن حاكم، كما سيأتي، لا بتعذر الوطء مالم يقصد بغيبته الإضرار بتركه، وإلا فلها الفسخ إذا كان سفره أكثر من أربعة أشهر.
قاله في "الإقناع". أي: وإن لم يقصد الإضرار، ولا تعذرت النفقة، بل غاب فوق نصف سنة في غير غزو، أو حج واجبين، أو طلب رزق يحتاجه، وطلبت قدومه ولم يقدم، فلها الفسخ، وإن لم يقصد المضارَّة. وأما قصد المضارَّة، فمفيد للفسخ بعد الأربعة، إذا طلبت الفيئة وأبى، كما تقدم في الإيلاء. قوله:(حين التزويج) أي: قبله. قوله: (بشرطه) أي: بعد التربص السابق والعدة. منصور البهوتي. قوله: (ردت إلى قادم) لأنا تبينا بقدومه بطلان نكاح الثاني، ولا مانع من الردِّ، ويرد على الثاني ما أعطاه من الصداق؛ لبطلان نكاحه. قوله:(ويخير) أي: يخير المفقود إن وطيء الثاني قبل قدومه.
بَيْنَ أَخْذِهَا بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَلَوْ لَمْ يُطَلِّقْ الثَّانِي وَيَطَأْهَا الْأَوَّلُ بَعْدَ عِدَّتِهِ وَبَيْنَ تَرْكِهَا مَعَهُ بِلَا تَجْدِيدِ عَقْدٍ قَالَ الْمُنَقِّحُ: قُلْت الْأَصَحُّ بِعَقْدٍ انْتَهَى وَيَأْخُذُ الْأَوَّلُ قَدْرَ الصَّدَاقِ وَيَرْجِعُ الثَّانِي عَلَيْهَا بِمَا أَخَذَ مِنْهُ
قوله: (بالعقد الأول) يعني: لبقائه. قوله: (بلا تجديد عقدٍ) لصحته ظاهرًا. قوله: (المنقح: قلت: الأصح بعقدٍ. انتهى)، وفي "الرعاية": إن قلنا: يحتاج الثاني إلى عقدٍ جديدٍ، طلقها الأول لذلك. قلت: فعليه: لابد من العدة بعد طلاقه، وهو ظاهرٌ. منصور البهوتي. والمراد: حيث لزمت العدة من الأول، ولابدَّ أيضًا من اعتدادها من وطءِ الثاني، فلا يصح عقده عليها في زمن عدَّة الأول. قوله:(ويأخذ قدر الصَّداق الذي أعطاها من الثاني) لعل محله إذا قلنا: إنه عند تركها للثاني لا يحتاج الأول إلى طلاق، ولا يحتاج الثاني إلى تجديد عقدٍ بعد فراغ عدة الطلاق. وهو خلاف الأصح، وأما على ما صحَّحه المنقح، فالظاهر: أنه بعد طلاقِه باختياره، لا رجوع له. فليحرر. قوله:(ويرجع الثاني عليها بما) أي: بالمهر الذي أخذ منه؛ لأنها غرَّته.
وَإِنْ لَمْ يَقْدَمْ حَتَّى مَاتَ الثَّانِي وَرِثَتْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ الْأَوَّلُ بَعْدَ تَزَوُّجِهَا وَمَنْ ظَهَرَ مَوْتُهُ لِاسْتِفَاضَةٍ أَوْ بَيِّنَةٍ ثُمَّ قَدِمَ فَكَمَفْقُودٍ وَتَضْمَنُ الْبَيِّنَةُ مَا تَلِفَ مِنْ مَالِهِ
قوله: (وإن لم يقدم حتى مات الثاني ورثته) أي: لأنها زوجته ظاهرًا. قال منصور البهوتي: وهذا مبني على الأول، وأما على ما اختاره الموفق - أي: وصحَّحه المنقح - من تجديد العقد إذا تركها الأول، فلا ينبغي أن ترث الثاني، ولا أن يرث منها؛ لبطلان نكاحِه بظهور حياة الأول. انتهى. قال في "الإقناع": وإن رجع الأول بعد موتها، لم يرثها؛ لأنها زوجةُ الثاني ظاهرًا. قوله:(بعد تزوُّجها) أي: فلا ترثه، وعلم منه: أنه لو مات الأول بعد تفريق الحاكم، فإنها ترثه؛ لبقاء الزوجية باطنًا، وحكم الحاكم لا الشيء عن حكمه باطناً، وإنما لم نورثها فيما إذا تزوجت، لإسقاطها حقها من إرثه يتزوجها بالثاني. قوله:(فكمفقودٍ) إذا عاد، فترد إليه إن لم يطأ الثاني، ويخير إن كان وطيء على ما تقدم. منصور البهوتي. وعلم منه: جواز الإقدام على تزويجها، إذا استفاض موته وانقضت العدة. قوله:(من ماله) قلت: إن تعذر تضمين المباشر، وإلا فالضمان عليه؛ لأنَّه
ومَهْرَ الثَّانِي وَمَتَى فُرِّقَ بَيْنَ زَوْجَيْنِ لِمُوجِبٍ ثُمَّ ; بَانَ انْتِفَاؤُهُ فَكَمَفْقُودٍ وَمَنْ أَخْبَرَ بِطَلَاقِ غَائِبٍ وأَنَّهُ وَكِيلُ آخَرَ فِي نِكَاحِهِ بِهَا وَضَمِنَ الْمَهْرَ فَنَكَحَتْهُ ثُمَّ جَاءَ الزَّوْجُ فَأَنْكَرَ فَهِيَ زَوْجَتُهُ وَلَهَا الْمَهْرُ
مقدم على التسبب، قاله منصور البهوتي. والذي يظهر: أنه لا حاجة إلى القيد الذي ذكره، بل له تضمين كل من المتسبب، والمباشر، كما صرح به في "الإقناع". وقرار الضمان على المباشر، كما صرحوا به في مواضع.
قوله: (ومهر الثاني) أي: الذي أخذه منه الأول، أي: حيث اختار تركها مع الثاني، وأخذ منه قدر الصَّداق الذي أعطاها، فإن الثاني في هذا الحال لا يرجع على الزوجةِ، كما في المفقود، بل على البينة. قوله:(لموجب) أي: لمقتض، كإخوةٍ من رضاع، وتعذر نفقةٍ، وعنة. قوله:(فكمفقودٍ) أي: فترد لأول، قبل وطء الثاني، ويخير بعده. قوله:(ولها المهر) أي: على ما نكحته بوطئها، ولها الطلب على ضامنه، فإن لم يطأ، فلا مهر. وقوله قبله:(وضمن المهر) الظاهر: أنه ليس بقيدٍ، بل يكون ضامنًا للمهر، حيث ذكر أنه وكيل، سواء ضمنه أم لا، كالوكيل في الشراء يكون ضامنا للثمن.
وَإِنْ طَلَّقَ غَائِبٌ أَوْ مَاتَ اعْتَدَّتْ مُنْذُ الْفُرْقَةِ وَإِنْ لَمْ تَحِدَّ وَعِدَّةُ مَوْطُوءَةٍ بِشُبْهَةٍ أَوْ زِنًا مُطَلَّقَةٍ إلَّا أَمَةً غَيْرَ مُزَوَّجَةٍ فَتُسْتَبْرَأُ بِحَيْضَةٍ وَلَا يَحْرُمُ عَلَى زَوْجِ زَمَنَ عِدَّةٍ غَيْرُ وَطْءٍ فِي فَرْجٍ وَلَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُهَا بِزِنًا وَإِنْ أَمْسَكَهَا اسْتَبْرَأَهَا
فصل
وإن وطئت معتدة بشبهة أو نكاح فاسد أَتَمَّتْ عِدَّةَ الْأَوَّلِ
قوله: (وإن طلق غائب) تقييده بذلك نظرًا للغالب، وإلا فالحاضر حكمه كذلك. فتوحي. قوله أيضًا على يقوله:(وإن طلق غائب) وإن أقر زوج أنه طلق من مدة تزيد على العدة، قبل إن كان عدلا غير متهم، كان غائبًا، فلما حضر أخبر بذلك، لا إن كان فاسقًا، أو مجهول الحال؛ لأن العدة حق لله تعالى. قاله في "الاختيارات". قوله:(وإن لم تحد) يجوز فيه أن يكون من الرباعي، وأن يكون من الثلاثي من باب: ضرب وقتل. قوله: (استبرأها) أي: بعدتها.
قوله: (أو نكاح فاسد) يحتمل أن المراد بالفاسد هنا: الباطن، ويحتمل أن يراد به: ما اختلف في صحته، ويمثل بالواقع في عدَّة الزنا، أو بعد انقطاع الحيضة الثالثة قبل الغُسل. قاله في "الحاشية". وفي قوله: أو بعد انقطاع الحيضة
…
إلخ نظرٌ؛ إذ العدة تنقضي بانقطاع الثالثة، وإن كانت
وَلَا يُحسَبُ مِنْهَا مُقَامُهَا عِنْدَ الثَّانِي وَلَهُ رَجْعَةٌ رَجْعِيَّةٌ فِي التَّتِمَّةِ ثُمَّ اعْتَدَّتْ لِوَطْءِ الثَّانِي وَإِنْ وَلَدَتْ مِنْ أَحَدِهِمَا عَيْنًا أَوْ أَلْحَقَتْهُ بِهِ قَافَةٌ وَأَمْكَنَ بِأَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِنِصْفِ سَنَةٍ فَأَكْثَرَ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي وَلِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ مِنْ بَيْنُونَةِ الْأَوَّلِ لَحِقَهُ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِهِ ثُمَّ اعْتَدَّتْ لِلْآخَرِ وَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِهِمَا لَحِقَ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِهِ مِنْهُمَا وَإِنْ أَشْكَلَ أَوْ لَمْ تُوجَدْ قَافَةٌ
الرجعية لا تحل لغير مطلقها، حتى تغتسل أو تتيمم. فتأمل.
قوله: (عند الثاني) أي: بعد وطئِه، كما سيأتي. قوله:(ثم اعتدت لوطء الثاني) أي: ثم بعد تتميمها عدة الأول، تستأنف العدة لوطء الثاني، وأما في صورة ما إذا راجعها في التتمةِ، فتشرع في عدَّة الثاني عقب الرجعة؛ لزوال التتمة إذن. قوله:(عينًا) أي: بعينه؛ بأن تلده لدون ستة أشهر من وطء الثاني وعاش، فللأول، أو لأكثر من أربع سنين من إبانة الأول، فللثاني. قوله:(وإن ألحقَتهُ بهما) أي: وأمكن، كما في التي قبلها. قوله:(وإن أشكل) فأمَّا لو نفته عنهما، لم يُقبل لوجود الفراش، فيصير كما لو أشكل، وذلك بخلاف اللقيط إذا نفته عن المتداعيين، فإنه يقبل نفيها؛ لعدمِ الفراشِ.
وَنَحْوَهُ اعْتَدَّتْ بَعْدَ وَضْعِهِ بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ وَإِنْ وَطِئَهَا مُبِينُهَا فِيهَا عَمْدًا فَكَأَجْنَبِيٍّ وبِشُبْهَةٍ اسْتَأْنَفَتْ عِدَّةَ الْوَطْءِ وَدَخَلَتْ فِيهَا بَقِيَّةُ الْأُولَى وَمَنْ وُطِئَتْ زَوْجَتُهُ بِشُبْهَةٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا اعْتَدَّتْ لَهُ ثُمَّ تُتَمِّمُ لِلشُّبْهَةِ وَيَحْرُمُ وَطْءُ زَوْجٍ وَلَوْ مَعَ حَمْلٍ مِنْهُ قَبْلَ عِدَّةِ وَاطِئٍ وَمَنْ تَزَوَّجَتْ فِي عِدَّتِهَا لَمْ تَنْقَطِعْ حَتَّى يَطَأَ
قوله: (ونحوه) أي: كاختلاف قائفين. قوله: (ويحرم وطء زوج
…
إلخ) زوجة موطوءة بشبهة أو زنًا، هذا غير مكرر مع قوله قبل الفصل: (ولا يحرم على زوج
…
إلخ) لعدم تعرُّضه فيما تقدَّم لحالة الحمل من الزوج، فرفع بكلامه هنا توهم جواز الوطء إذا كانت حاملا من الزوج؛ لعدم كونها في عدة الغير إذن، فنصَّ على تحريم الوطء حتى قبل الشروع في العِدَّة. فتدبر. قوله:(ولو مع حمل منه) أي: الزوج؛ لاحتمال أن تكون قد علقت من وطء الشبهة، فيترك الزوج وطأها حتى تضع الحمل، ثم يستبريء رحمها باعتدادها من وطء الشبهة. قوله:(ومن تزوَّجت في عدتها) أي: فنكاحها باطل، وتسقط نفقة رجعيةٍ لنشوزها.
ثُمَّ إذَا فَارَقَهَا بَنَتْ عَلَى عِدَّتِهَا مِنْ الْأَوَّلِ وَاسْتَأْنَفَتْهَا لِلثَّانِي وَلِلثَّانِي
قوله: (ثم إذا فارقها بنت على عدتها من الأول
…
إلخ) ليس هذا أيضا مكررًا مع ما تقدم أول الفصل؛ لإفادتِه هنا وقت انقطاع عدة الأول، وأنها تنقطعُ بالوطء لا بالعقد، ووقتَ الشروع في التتمة، وأنها تشرع في التتمة وقت فراق الثاني، لا وقت تركه الوطء، وأنه يجوز للثاني أن ينكحها بعد العدتين، ولم تُعلم هذه الأمورُ مما تقدم. ثم اعلم: أن قوله: (وللثاني أن ينكحها بعد العدتين) دل بمنطوقه على أنه يجوز للواطيء الثاني بالنكاح في العدة أن يعقد عليها بعد فراغ عدته وعدة الأول، وهذا ظاهرٌ لا إشكال فيه، فإنها بعد فراغ العدتين، تحل لكل الأزواج، ومفهوم قوله:(بعد العدتين) أنه لا يجوز أن ينكحها قبل العدتين. فأما قبل انقضاء عدة الأول فظاهر؛ لأنه لو عقد عليها، لكان ناكحًا معتدَّة الغير، وهو لا يجوز. وأما بعد فراغ عدة الأول وقبل انقضاء عدة، فإن كان عالما ببطلان النكاح، فهو زان، وهي في عدة الزنا. وقد تقدم في محرمات النكاح: أن الزانية تحرم علي الزاني وغيره حتى تنقضي عدتها. وإن كان جاهلا ببطلان النكاح، فوطؤه وطء شبهةٍ، والنسب لا حق فيه، فهي كالمعتدة من نكاحه، بخلاف المعتدة من الزنا؛ لعدم لحوق النسب فيه، فالظاهر: جواز عقده عليها في عدة وطء الشبهة منه؛ لتصريحهم في محرمات النكاح بحل المعتدة منه إذا كان يلحقه نسبُ ولدها. ومفهوم قوله: (وللثاني): أنه يجوزُ للأول أن ينكحها قبل انقضاءِ العدتين، وهو ظاهر إن عقد عليها قبل انقضاء عدة نفسه، لا بعدها في عدة الثاني. فتدبر.
أَنْ يَنْكِحَهَا بَعْدَ الْعِدَّتَيْنِ وَتَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ وَاطِئٍ بِشُبْهَةٍ لَا بِزِنًا وَكَذَا أَمَةٌ فِي اسْتِبْرَاءٍ وَمَنْ طَلُقَتْ طَلْقَةً فَلَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا حَتَّى طَلُقَتْ أُخْرَى بَنَتْ
قوله: (بعد العدتين) لأنه قبل انقضاء عدة الأول يكون ناكحا في عدة غيره، وأما قبل انقضاء عدته؛ فلأنها عدة لم تثبت لحقِّه؛ لأن نكاحه لا أثر له، وإنما هي لحق الولد، فلم يجز له النكاح فيها، كعدة غيره. وللأول أن ينكحها قبل انقضاء العدتين، كما اقتضاه مفهوم كلامه؛ لأن وطء الثاني لا يمنع بقاءها في عصمته، فلا يمنع عودها إلى عصمته، لكن يحرم عليه وطؤُها قبل انقضاء عدة الثاني، كما لو كانت في العصمة. أما إذا زنى بالمعتدَّة منه، فإنها تحرم عليه حتى تنقضي عدتها من الزنا صرح به الزركشي في "شرح الوجيز" وعلل ذلك؛ بأن ولدها لا يلحق به، فيفضي نكاحه بها إلى اشتباه من لا يلحق نسبه بمن يلحق نسبه به، والله أعلم. فتوحي "محرر". قوله:(لا بزناً) خلافا لـ"الإقناع"حيث قال: تتعدد بتعدُّد زان. وما ذكره المصنف، قال في "شرحه": إنه الأصح، وفي "التنقيح": وهو أظهر. انتهى. والفرق لحوق النسب في الشبهة، لا في الزنا. فالقصد في الزنا العلم ببراءة الرحم فقط، وعليه فعدتها من آخر وطء.
وَإِنْ رَاجَعَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا اسْتَأْنَفَتْ كَفَسْخِهَا بَعْدَ رَجْعَةٍ لِعِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ أَبَانَهَا ثُمَّ نَكَحَهَا فِي عِدَّتِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ دُخُولِهِ بِهَا بَنَتْ وَإِنْ انْقَضَتْ قَبْلَ طَلَاقِهِ فَلَا عِدَّةَ لَهُ
قوله: (أو غيره) كعنَّة وإيلاء، فإنها تستأنف، فإن فسخت بلا رجعة بنت على ما مضى من عدتها. منصور البهوتي.
فائدة: امرأة تنتقل في عدة واحدة من وطءٍ واحد خمس انتقالات، وصورة ذلك: أن تطلق الأمة الصغيرة، فعدتها بالأشهر، ففي أثنائها حاضت، فوجب استئناف العدة بالحيض ففي أثنائها عتقت، فوجب تكميلها عدة حرة، ففي أثنائها ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه، فإنها تعتد سنة، فقبل تمامها مات زوجها، فإنها تستأنف عدة الوفاة. فقد مرت علي خمس عدد: عدد الأمة التي لا تحيض لصغر، وعدة الأمة التي تحيض، وعدة الحرة التي تيحض، وعدة من ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه، وعدة المتوفى عنها. فتوحي "محرر". قوله: (وإن انقضت
…
إلخ) أي: حيث تزوج المبانة في العدَّة، ولم يدخل بها حتى انقضت عدتها، ثم طلَّقها قبل الدخول، فلا عدة لهذا الطلاق، وعلم منه: أنَّ نكاحه معتدته لا يقطع عدتها، فيكون هذا مما يساوي فيه النكاح الفاسد للصحيح، حيث لا تنقطع العدة فيهما بالعقد، بل بالوطء.
فصل
يحرم إحداد فوق ثلاث عَلَى مَيِّتٍ غَيْرِ زَوْجٍ. وَيَجِبُ عَلَى زَوْجَتِهِ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ وَلَوْ ذِمِّيَّةً أَوْ أَمَةً أَوْ غَيْرَ مُكَلَّفَةٍ زَمَنَ عِدَّتِهِ وَيَجُوزُ لِبَائِنٍ وَهُوَ تَرْكُ زِينَةٍ وطِيبٍ كَزَعْفَرَانٍ وَلَوْ كَانَ بِهَا سَقَمٌ ولُبْسِ حُلِيٍّ وَلَوْ خَاتَمًا ومُلَوَّنٍ مِنْ ثِيَابٍ لِزِينَةٍ كَأَحْمَرَ وَأَصْفَرَ وَأَخْضَرَ وَأَزْرَقَ صَافِيَيْنِ وَمَا صُبِغَ قَبْلَ نَسْجٍ وتَحْسِينٍ بِحِنَّاءٍ وَإِسْفِيدَاجٍ وتَكَحُّلٍ بأَسْوَدَ بِلَا حَاجَةٍ وادِّهَانٍ بمُطَيِّبٍ وتَحْمِيرِ
قوله: (فوق ثلاث) أي: ثلاث ليال بأيامها. قوله: (ولو كان بها سقم) السقم كفرح وقرب: طول المرض. والسقام بالفتح: اسم منه. قوله: (أو إسفيداج) معروفٌ، يعمل من رصاصٍ، إذا دهن به الوجه يربو ويبرق. قوله:(بأَسود) أي: ولو سوادًا، ويجوز بنحو تُوتِياء. قوله:(بلا حاجة) فتكتحلُ ليلا، وتمسحه نهارًا. قاله في "الإقناع".
وَجْهٍ وَحَفِّهِ وَنَحْوِهِ وَلَا تُمْنَعُ مِنْ صَبْرٍ إلَّا فِي الْوَجْهِ وَلَا لُبْسِ أَبْيَضَ وَلَوْ حَسَنًا وَلَا مُلَوَّنٍ لِدَفْعِ وَسَخٍ كَكُحْلِيٍّ وَلَا مِنْ نِقَابٍ وأَخْذِ ظُفُرٍ وَنَحْوِهِ وَلَا مِنْ تَنْظِيفٍ وَغُسْلٍ وَيَحْرُمُ تَحَوُّلُهَا مِنْ مَسْكَنٍ وَجَبَتْ فِيهِ إلَّا لِحَاجَةٍ لِخَوْفٍ وَلِحَقٍّ وَتَحْوِيلِ مَالِكِهِ لَهَا وطَلَبِهِ ؤفَوْقَ أُجْرَتِهِ أَوْ لَا تَجِدُ مَا تَكْتَرِي بِهِ إلَّا مِنْ مَالِهَا فَيَجُوزُ إلَى حَيْثُ شَاءَتْ.
وَتُحَوَّلُ لِأَذَاهَا
قوله: (وحفِّه) يقال: حفت المرأة وجهها حفًا، من باب: قتل: زينته بأخذ شعره. قوله: (ونحوه) كنقشٍ. قوله: (من صبر) تطلي به جسدها. قوله: (ولو حسناً) كإبريسم. قوله: (ونحوه) كأخضر غير صاف. قوله: (ونحوه) كأخذ عانةٍ. قوله: (وجبت فيه) وهو المنزل الذي مات زوجها وهي به، سواء كان لزوجها، أوبإجارة، أو إعارة إذا تطوع به مالكُه. قوله:(كلخوفٍ) على نفسها أو مالها. قوله: (وتحول لأذاها) ومنه يؤخذ تحويل الجار السوء، ومن يؤذي غيره. منصور البهوتي.
لَا مَنْ حَوْلَهَا وَيَلْزَمُ مُنْتَقِلَةً بِلَا حَاجَةٍ الْعُودُ وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ حَيْثُ كَانَتْ وَلَا تَخْرُجُ إلَّا نَهَارًا لِحَاجَتِهَا وَمَنْ سَافَرَتْ بِإِذْنِهِ أَوْ مَعَهُ لِنُقْلَةٍ إلَى بَلَدٍ فَمَاتَ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْبُنْيَانِ أَوْ لِغَيْرِ النُّقْلَةِ وَلَوْ لِحَجٍّ وَلَمْ تُحْرِمْ قَبْلَ مَسَافَةِ قَصْرٍ اعْتَدَّتْ بِمَنْزِلِهِ وبَعْدَهُمَا تُخَيَّرُ
قوله: (ولا تخرج) أي: إذا كانت حرة، وأما الأمة فلسيدها استخدامها نهارا وإرسالها ليلا، كما في حياة زوجها، فلو أرسلها ليلا ونهارا، فكالحرة، كما في "الإقناع". قوله:(لحاجتها) أي: ولو وجدت من يقضيها. قوله: (بإذنه) أي: وإلا لزمها الرجوع مطلقًا، سواء فارقت البنيان أو لا، وأما إذا سافرت وحدها بإذنه، فكما لو سافرت معه، فقبل مفارقة البنيان ترجعُ. قوله:(وبعدهما) أي: بعد مفارقةِ البنيان إن كان سفرها لنقلةٍ، أو بعد مسافة القصر إن كان سفرها لغير نقلة. قوله:(تخير) أي: بين الرجوع والمضي.
وَإِنْ أَحْرَمَتْ وَلَوْ قَبْلَ مَوْتِهِ وَأَمْكَنَ الْجَمْعُ وَإِلَّا قُدِّمَ حَجٌّ مِنْ بُعْدِهَا وَإِلَّا فَالْعِدَّةُ وَتَتَحَلَّلُ لِفَوْتِهِ بِعُمْرَةٍ وَتَعْتَدُّ بَائِنٌ بمَأْمُونٍ مِنْ الْبَلَدِ حَيْثُ شَاءَتْ «طَلَّقَنِي زَوْجِي ثَلَاثًا فَأَذِنَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَعْتَدَّ فِي أَهْلِي» وَلَا تَبِيتُ إلَّا بِهِ وَلَا تُسَافِرُ
قوله: (عادت) أي: ولو بعدت المسافة، وصرح به في "الإقناع"، وهذا مخالف لما قيده المصنف به في "شرحه" من كونه قبيل المسافة. فتدبر. وما ذكره في "الإقناع" هو ظاهر كلام المصنف في المتن، قاله في "شرح الإقناع". قوله:(مع بعد) أي: عن بلدِها مسافة قصر. قوله: (بعمرة) حيث لزمها تقديم العدة؛ لأنه فات الحج باعتدادها بمنزلها وهي محرمة، كمن فاته الحج بغير ذلك. قال ابن نصر الله: ويتجه: أن تتحلل كمحصر. انتهى. قوله: (حيث شاءت) أي: لا بمنزل زوجها. قوله: (لا تسافر) أي: زمن عدة إلى غير بلدها. وظاهره: ولو لم تبت إلا ببلدِها.
وَإِنْ سكنت عُلُوًّا أَوْ سُفْلًا ومُبِينٌ فِي الْآخَرِ وَبَيْنَهُمَا بَابٌ مُغْلَقٌ أَوْ مَعَهَا مَحْرَمٌ وَإِنْ أَرَادَ إسْكَانَهَا بِمَنْزِلِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَصِحُّ لَهَا تَحْصِينًا لِفِرَاشِهِ وَلَا مَحْذُورَ فِيهِ لَزِمَهَا وَإِنْ لَمْ تَلْزَمْهُ نَفَقَةٌ كَمُعْتَدَّةٍ لِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ مُسْتَبْرَأَةٍ لِعِتْقٍ وَرَجْعِيَّةٌ فِي لُزُومِ مَنْزِلِ كَمُتَوَفًّى عَنْهَا وَإِنْ امْتَنَعَ مَنْ لَزِمَتْهُ سُكْنَى أُجْبِرَ وَإِنْ غَابَ اكْتَرَى عَنْهُ الْحَاكِمُ مِنْ مَالِهِ أَوْ اقْتَرَضَ عَلَيْهِ أَوْ فَرَضَ أُجْرَتَهُ وَإِنْ اكْتَرَتْهُ بِإِذْنِهِ أَوْ بِإِذْنِ حَاكِمٍ،
قوله: (كمعتدة
…
إلخ) أي: كما يلزم المعتدة لشبهةٍ، أو نكاح فاسد، والمستبرأة لعتق أن يسكنا في مكان صالح لهما بلا محذور، إذا طلب ذلك الواطيء، بالشبهة أو النكاح الفاسد، والسيد تحصينا لفراش من لزمت العدة لأجله، ولا يلزم السيد ولا الواطيء إسكانها، حيث لا حمل، كالبائن غير الحامل. قوله:(في لزوم منزل) أي: لا في إحدادٍ. قوله: (من لزمته) أي: من زوج رجعية أو مبين. قوله: (أو إذن حاكم) إن عجزت عن استئذانه. "شرح"
أَوْ بِدُونِهِمَا لعجز رَجَعَتْ وَلَوْ سَكَنَتْ فِي مِلْكِهَا فَلَهَا أُجْرَتُهُ وَلَوْ سَكَنَتْهُ أَوْ اكْتَرَتْ مَعَ حُضُورِهِ وَسُكُوتِهِ فَلَا
قوله: (أو بدونهما) أي: دون إذنه وإذن حاكم، ولو مع قدرة على استئذان حاكم. "شرح" منصور البهوتي. قوله:(لعجزٍ) أي: عن إذنهما، وأما مع القدرة على إذن الزوج، فلا رجوع لها، كما سيأتي قريبًا، وعلى إذن حاكم رجعت إن نوت الرجوع، كما في "الإقناع". قوله: (ولو سكنت
…
إلخ) أي: مع غيبته أو منعه أو بإذنه. منصور البهوتي. قوله: (ولو سكنته) أي: بنية الرجوع. "شرح".