المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الظهار وَهُوَ أَنْ يُشَبِّهَ امْرَأَتَهُ أَوْ عُضْوًا مِنْهَا بِمَنْ تَحْرُمُ - حاشية ابن قائد على منتهى الإرادات - جـ ٤

[ابن قائد]

الفصل: ‌ ‌كتاب الظهار وَهُوَ أَنْ يُشَبِّهَ امْرَأَتَهُ أَوْ عُضْوًا مِنْهَا بِمَنْ تَحْرُمُ

‌كتاب الظهار

وَهُوَ أَنْ يُشَبِّهَ امْرَأَتَهُ أَوْ عُضْوًا مِنْهَا بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَوْ إلَى أَمَدٍ أَوْ بِعُضْوٍ مِنْهَا أَوْ بِذَكَرٍ أَوْ عُضْوٍ مِنْهُ وَلَوْ بِغَيْرِ عَرَبِيَّةٍ وَلَوْ اعْتَقَدَ الْحِلَّ مَجُوسِيٌّ نَحْوُ أَنْتِ أَوْ يَدُكِ أَوْ وَجْهُكِ أَوْ أُذُنُكِ كَظَهْرِ أَوْ بَطْنِ أَوْ رَأْسِ أُمِّي أَوْ كَعَيْنِ أُمِّي أَوْ عَمَّتِي أَوْ خَالَتِي أَوْ حَمَاتِي أَوْ أُخْتِ زَوْجَتِي أَوْ عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ أَبِي أَوْ أَخِي أَوْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ زَيْدٍ أَوْ رَجُلٍ، وَلَا يُدَيَّنُ وأَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي طَالِقٌ أَوْ عَكْسَهُ يَلْزَمَانِهِ وأَنْتِ عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي أَوْ مِنِّي أَوْ مَعِي كَأُمِّي أَوْ مِثْلُ أُمِّي وَأَطْلَقَ فظِهَارٌ وَإِنْ نَوَى فِي الْكَرَامَةِ وَنَحْوِهَا دِينَ وَقُبِلَ حُكْمًا وأَنْتِ أُمِّي أَوْ كَأُمِّي أَوْ مِثْلُ أُمِّي لَيْسَ بِظِهَارٍ إلَّا مَعَ نِيَّةِ أَوْ قَرِينَةٍ

قوله: (أو اعتقد الحلَّ مجوسي) بأن قال لامرأته: أنت عليَّ كظهر أختي، معتقدًا حل أخته، فيثبت له حكم الظهار إذا أسلما، أو ترافعا إلينا. قوله:(ولا يديِّن) إن قال: أردت في الكرامة ونحوها. قوله: (أو عكسه) خلافا لـ"الإقناع" في كونه ليس ظهارًا إلا بالنية. قوله: (وأطلق) أي: فلم ينو ظهارًا ولا غيره. قوله: (أو مثل أمي) أي: ولم يقل: عليَّ، أو عندي،

ص: 355

وأَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ ظِهَارٌ وَلَوْ نَوَى بِهِ طَلَاقًا أَوْ يَمِينًا إلَّا إنْ زَادَ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ سَبَقَ بِهَا وأَنَا مُظَاهِرٌ أَوْ عَلَيَّ أَوْ يَلْزَمُنِي الظِّهَارُ أَوْ الْحَرَامُ وَأَنَا عَلَيْكِ حَرَامٌ أَوْ كَظَهْرِ رَجُلٍ مَعَ نِيَّةِ أَوْ قَرِينَةٍ ظِهَارٌ وَإِلَّا فَلَغْوٌ كأُمِّي أَوْ أُخْتِي امْرَأَتِي أَوْ مِثْلُهَا وَكَ كَظَهْرِ الْبَهِيمَةِ وَوَجْهِي مِنْ وَجْهِكِ حَرَامٌ وَكَالْإِضَافَةِ إلَى شَعْرٍ وَظُفُرٍ وَرِيقٍ وَلَبَنٍ وَدَمٍ وَرُوحٍ وَسَمْعٍ وَبَصَرٍ وَلَا ظِهَارَ إنْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا أَوْ عَلَّقَتْ بِتَزْوِيجِهِ نَظِيرَ مَا يَصِيرُ بِهِ مُظَاهِرًا وَعَلَيْهَا كَفَّارَتُهُ وَعَلَيْهَا التَّمْكِينُ قَبْلَهُ إنْ تَزَوَّجْتُ مُصْعَبَ بْنَ الزُّبَيْرِ فَهُوَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَسَأَلَتْ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَرَأَوْا أَنَّ عَلَيْهَا كَفَّارَةً وَرَوَى سَعِيدٌ وَيُكْرَهُ دُعَاءُ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ بِمَا يَخْتَصُّ بِذِي رَحِمٍ كَأَبِي وَأُمِّي وَأَخِي وَأُخْتِي

فصل

ويَصِحُّ من كل من يصح طَلَاقُهُ

أو مني، أو معي.

قوله: (أو سبق) أي: قدَّم المشيئة. قوله: (كأمي) امرأتي، أو مثلُها. قوله:(كظهر البهيمة) أي: فليس ظهارًا. قوله: (وكالإضافة) أي: إضافة التشبيه، أو التحريم، نحو: شعرك كظهرِ أمي أو أختي، أو أنت كشعر أمي ونحوه. قوله:(قبله) أي: ولا تجب عليها حتى يطأها مُطاوعةً.

قوله: (من يصح طلاقُه) أي: من زوجٍ يصح طلاقه، وهو العاقل المميز، فما فوقه.

ص: 356

وَيُكَفِّرُ كَافِرٌ بِمَالٍ ومِنْ كُلِّ زَوْجَةٍ فَلَا مِنْ أَمَتِهِ أَوْ أُمِّ وَلَدِهِ وَيُكَفِّرُ كَيَمِينِ يَحْنَثُ فِيهَا وَإِنْ نَجَّزَهُ لِأَجْنَبِيَّةٍ أَوْ عَلَّقَهُ بِتَزْوِيجِهَا أَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَنَوَى أَبَدًا صَحَّ ظِهَارًا لَا إنْ أَطْلَقَ أَوْ نَوَى إذَنْ وَيُقْبَلُ مِنْهُ وَيَصِحُّ الظِّهَارُ مُنَجَّزًا وَمُعَلَّقًا فَمَنْ حَلَفَ بِهِ أَوْ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ وَحَنِثَ لَزِمَهُ ومُطْلَقًا ومُؤَقَّتًا كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي شَهْرَ رَمَضَانَ إنْ وَطِئَ فِيهِ كَفَّرَ وَإِلَّا زَالَ «ظَاهَرْتُ مِنْ امْرَأَتِي حَتَّى يَنْسَلِخَ شَهْرُ رَمَضَانَ وَأَخْبَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَصَابَهَا فِيهِ فَأَمَرَهُ بِالْكَفَّارَةِ وَلَمْ يُنْكِرْ تَقَيُّدَهُ» وَيَحْرُمُ عَلَى مُظَاهَرٍ وَمُظَاهَرٍ مِنْهَا وَطْءٌ وَدَوَاعِيهِ قَبْلَ تَكْفِيرٍ وَلَوْ كَانَ بِإِطْعَامٍ «أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ فَوَقَعَ عَلَيْهَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي ظَاهَرْتُ مِنْ امْرَأَتِي فَوَقَعْتُ عَلَيْهَا قَبْلَ أَنْ أُكَفِّرَ فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ - رَحِمَكَ اللَّهُ - قَالَ: رَأَيْتُ خَلْخَالَهَا: فِي ضَوْءِ الْقَمَرِ؟ قَالَ: فَلَا تَقْرَبْهَا حَتَّى تَفْعَلَ مَا أَمَرَكَ اللَّهُ» بِخِلَافِ كَفَّارَةِ يَمِينٍ

قوله: (بمال) أي: بعتق أو إطعام، لا بصومٍ. قوله:(ومن كلِّ زوجةٍ) أي: يصح أن يظاهر الزوج من كل زوجةٍ. والمتبادر من العبارة: أن الظهار صادرٌ من الزوجة؛ لأنَّ قوله: (ومن كلِّ زوجة) معطوف على قوله: (من كل من يصح طلاقُه) وليس كذلك، بل الظهار لا يصح صدوره إلا من الزوج، كما قدَّمه المصنف آنفا، وحيئنذ فيكون قوله:(ومن كل زوجة) معطوفًا على محذوف، تقديره: ويصح الظهار من كل زوج يصح طلاقه من أجنبية ومن كل زوجةٍ. فتدبر. قوله: (ويكفر) أي: سيد ظاهر، كفارة يمين. قوله:(لا إن أطلق) أي: فلم ينو أبدًا. قوله: (أو عتقٍ) وقدر عليه، وإلا فكفارة يمين في عتق صرح به في النذر والطلاق. تاج الدين البهوتي. قوله:(بخلاف كفارة يمين) أي: فله إخراجُها قبل حنثٍ وبعده.

ص: 357

وَتَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ بِالْعَوْدِ وَهُوَ الْوَطْءُ مِنْ مُكْرَهٍ وَيَأْثَمُ مُكَلَّفٌ ثُمَّ لَا يَطَأُ حَتَّى يُكَفِّرَ وَتُجْزِيهِ وَاحِدَةٌ {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المجادلة: 3] كَمُكَرِّرٍ ظِهَارًا مِنْ وَاحِدَةٍ قَبْلَ تَكْفِيرٍ وَلَوْ بِمَجَالِسَ أَوْ أَرَادَ اسْتِئْنَافًا وَكَذَا مِنْ نِسَائِهِ بِكَلِمَةٍ وبِكَلِمَاتٍ بِأَنْ قَالَ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لِكُلٍّ كَفَّارَةٌ وَيَلْزَمُهُ إخْرَاجُ بِعَزْمٍ عَلَى وَطْءٍ «فَلَا تَقْرَبْهَا حَتَّى تَفْعَلَ مَا أَمَرَكَ اللَّهُ بِهِ» وَيُجْزِئُ قَبْلَهُ وَإِنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ أَوْ بَانَتْ زَوْجَةٌ مُظَاهَرٌ مِنْهَا قَبْلَ الْوَطْءِ ثُمَّ أَعَادَهَا مُطْلَقًا فَظِهَارُهُ بِحَالِهِ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَهُ سَقَطَتْ

فصل

وَكَفَّارَةُ وَطْءِ نَهَارِ رَمَضَانَ عَلَى التَّرْتِيبِ عِتْقُ رَقَبَةٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَكَذَا كَفَّارَةُ قَتْلٍ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهَا إطْعَامٌ

قوله: (ثم لا يطأ) أي: ولو غير مكلف. تاج الدين البهوتي. قوله: (مطلقاً) أي: ارتدَّ، أو لا. قوله:(قَبلَه) اي: الوطءِ، لو ظنَّ أنه ظاهر منها فكفر، ثم تبين أنه ظاهر من غيرها، لم يجزئه. "عيون". تاج الدين البهوتي.

ص: 358

وَالْمُعْتَبَرُ وَقْتَ وُجُوبِ كَحَدٍّ وَقَوَدٍ وَإِمْكَانُ الْأَدَاءِ مَبْنِيٌّ عَلَى وَطْءٍ فَلَوْ أَعْسَرَ مُوسِرٌ قَبْلَ تَكْفِيرٍ لَمْ يُجْزِئْهُ صَوْمٌ وَلَوْ أَيْسَرَ مُعْسِرٌ لَمْ يَلْزَمْهُ عِتْقٌ وَيُجْزِيهِ وَلَا يَلْزَمُ عِتْقٌ إلَّا لِمَالِكِ رَقَبَةٍ وَلَوْ مُشْتَبِهَةً بِرِقَابِ غَيْرِهِ فَيُعْتِقُ رَقَبَةً ثُمَّ يُقْرِعُ بَيْنَ الرِّقَابِ فَيُخْرِجُ مَنْ قُرِعَ أَوْ لِمَنْ يُمْكِنُهُ بِثَمَنِ مِثْلِهَا أَوْ مَعَ زِيَادَةٍ لَا يُحْجَفُ أَوْ نَسِيئَةً وَلَهُ مَالٌ غَائِبٌ أَوْ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ لَا بِهِبَةٍ وتَفْضُلَ عَمَّا يَحْتَاجُهُ مِنْ أَدْنَى مَسْكَنٍ صَالِحٍ لِمِثْلِهِ وخَادِمٍ لِكَوْنِ مِثْلِهِ لَا يَخْدِمُ نَفْسَهُ أَوْ عَجْزِهِ وعَنْ مَرْكُوبٍ وَعَرَضٍ بَذَلَهُ وكُتُبِ عِلْمٍ يَحْتَاجُ إلَيْهَا وَثِيَابِ تَجَمُّلٍ وكِفَايَتِهِ ومَنْ يَمُونُهُ دَائِمًا وَوَفَاءِ دَيْنٍ

قوله: (مبني على زكاة) والمذهبُ: أنه شرطٌ للوجوب، لا للأداء، ووقت وجوبٍ هنا وقتُ عودٍ، وفي رمضان وقت وطء، وفي قتل زمن زهوقٍ، وفي يمين وقت حنثٍ. قوله:(فيعتق رقبةً) أي: ناويًا ما يملكه. قوله: (لا تجحف) ولو كثيرة، بخلاف ماء الوضوء؛ لتكرره. قوله:(وعرض بذلةٍ) أي: يحتاج إلى استعماله، كلباسه، وفراشه، وأوانيه، وآلة حرفته. قوله:(وثياب تجمل) أي: لا تزيد على ملبوس مثله. قوله: (لذلك) أي: لما يحتاجه وكفايتُه وعيالُه. قوله: (ووفاء دينٍ) لله تعالى، أو

ص: 359

وَمَنْ لَهُ فَوْقَ مَا يَصْلُحُ لِمِثْلِهِ مِنْ خَادِمٍ وَنَحْوَهُ وَأَمْكَنَ بَيْعُهُ وَشِرَاءُ صَالِحٍ لِمِثْلِهِ ورَقَبَةٍ بِالْفَاضِلِ لَزِمَهُ فَلَوْ تَعَذَّرَ أَوْ كَانَ لَهُ سُرِّيَّةٌ يُمْكِنُ بَيْعُهَا وَشِرَاءُ سُرِّيَّةٍ وَرَقَبَةٍ بِثَمَنِهَا لَمْ يَلْزَمْهُ وَشُرِطَ رَقَبَةٍ فِي كَفَّارَةٍ مُطْلَقًا ونَذْرٍ عِتْقُ مُطْلَقٍ إسْلَامٌ وسَلَامَةٌ مِنْ عَيْبٍ مُضِرٍّ ضَرَرًا بَيِّنًا بِالْعَمَلِ كَعَمًى وشَلَلِ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَوْ قَطْعِ إحْدَاهُمَا أَوْ سَبَّابَةٍ أَوْ وُسْطَى أَوْ إبْهَامٍ مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَوْ خِنْصَرٍ وَبِنْصَرٍ مِنْ يَدٍ

لآدمي، ولو مؤجلا.

قوله: (في كفارة) أي: مطلقًا. قوله: (إسلام) أي: ولو عن ذمي، قوله:(من يد) أي: واحدةٍ؛ بدليل ما بعده. ومفهومُه: لو قطعت خنصره وبنصره معًا من رجلٍ، فإنه يجزيء، ويخالفه مفهوم قوله الآتي: (ويجزيء من قطعت بنصره من إحدى يديه، أو رجليه

إلخ) فإنه يدل بمفهومه على أنهما لو قُطعتا من واحدةٍ، فإنها لا تجزيء، فقد تعارض مفهوما كلامه، وقضيَّة تسويته بين اليد والرجل في قطع إبهام وسبابةٍ، أو وسطى تبعًا "للتنقيح"، العمل بالمفهوم الثاني، وهو عدم الإجزاء، فيكون قوله هنا:(من يدٍ) أي: ورجلٍ، على حد:(تقيكم الحر). [النحل: 81] أي: والبرد، وكلام "الإقناع" صريحٌ في خلاف ذلك، فإنه صرَّح بأنه لو قُطعت كل أصابع

ص: 360

وَقَطْعِ أُنْمُلَةٍ مِنْ إبْهَامٍ أَوْ أُنْمُلَتَيْنِ مِنْ غَيْرِهِ كُلِّهِ وَيُجْزِئُ مَنْ قُطِعَتْ بِنَصْرِهِ مِنْ إحْدَى يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ وخِنْصَرُهُ مِنْ الْأُخْرَى أَوْ جَدْعِ أَنْفِهِ أَوْ أُذُنِهِ أَوْ يُخْنَقُ أَحْيَانًا أَوْ عُلِّقَ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ لَمْ تُوجَدْ ومُدَبَّرٌ وَصَغِيرٌ وَوَلَدُ زِنًا وَأَعْرَجُ يَسِيراً

رجلٍ، فإنه يجزيء بخلافِ اليدِ، وخالف "التنقيح" في ذلك تابعًا لما صرَّح به في "الرعاية"، وفهم من كلام "الفروع"، فإنه قال في "الفروع": وقيل: أي: لا يجزيء فيهن من يدٍ، ففهم صاحب "الإقناع" أن قوله:(من يدٍ) احترازٌ عن اليدين فالمقدَّم لا فرق، وأما الرجل فمسكوت عنها، اعتمد فيها كلام "الرعاية"، وأما صاحب "التقيح" ففهم أن قوله:(من يد) احترز به عن الرجل، فيكون المقدَّم عند صاحب "الفروع" التسوية بين اليد والرجل.

وما فهم المنقح أولى بالتقديم؛ لأنَّه المحرر للمذهب والمنقح له. قال في "التنقيح": وإن وجدت فيه لفظًا أو حكمًا، مخالفًا لأصله، أو غيره، فاعتمده، فإنه وضع عن تحريرٍ.

قوله: (ككلة) أي: كقطع الأصبع كلِّه. قوله: (أو جدع) هو بالدال المهملة. قال في "المصباح": جدعتُ الأنف جدعًا من باب نفع: قطعته، وكذلك الأذن واليد والشفةُ.

ص: 361

ومَجْبُوبٌ وَخَصِيٌّ وَأَصَمُّ وَأَخْرَسُ تُفْهَمُ إشَارَتُهُ وَأَعْوَرُ وَمَرْهُونٌ وَمُؤَجَّرٌ وَجَانٌّ وَأَحْمَقُ وَحَامِلٌ ومُكَاتَبٌ مَا لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا لَا مِنْ أَدَّى شَيْئًا أَوْ اشْتَرَى بِشَرْطِ عِتْقٍ أَوْ يُعْتَقُ بِقَرَابَةٍ لَا مَرِيضٌ مَأْيُوسٌ مِنْهُ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْعَمَلِ ومَغْصُوبٌ مِنْهُ وزَمِنٌ وَمُقْعَدٌ ونَحِيفٌ عَاجِزٌ عَنْ عَمَلٍ وأَخْرَسُ أَصَمُّ وَلَوْ فُهِمَتْ إشَارَتُهُ وَمَجْنُونٌ مُطْبَقٌ وَغَائِبٌ

قوله: (ومجبوب) أي: مقطوعُ الذكر من غير السيدِ. قوله: (وخصي) يعني: ولو مجبوبًا. منصور البهوتي. قوله: (وحامل) أي: ولو استثنى حملها. قوله: (لا من أدى) لعله مالم يعجز. قوله: (بشرط عتقٍ) ظاهره. ولو عن ذلك الواجبِ، أو تلك الكفارة بعينها. وفيه نظر، وفاقا للحجاوي في واجب معينٍ فقط. تاج الدين البهوتي. قوله:(بقرابةٍ) أي: فلا يجزيء. قوله: (مأيوس) لعدم تمكنِه من العمل، وهو مهموز على وزن مأكول: انقطع الأمل منه. قوله: (ومغصوبٌ) أي: لعدم تمكنه من منافعه. قوله: (وزمنٌ) الزمن: المبتلى. والمقعدُ: العاجز عن القيام. وعبارةُ "المصباح": زمن الشخص زمناً وزمانةً، فهو زمن، من باب: تعب، وهو: مرض يدوم طويلاً. قال: وأقعد بالبناء للمفعول: أصابَه داءٌ في جسده، فلا يستطيعُ

ص: 362

لَمْ تَتَبَيَّنْ حَيَاتُهُ ومُوصَى بِخِدْمَتِهِ أَبَدًا أَوْ أُمُّ وَلَدٍ وجَنِينٌ وَمَنْ أَعْتَقَ جُزْءًا ثُمَّ مَا بَقِيَ أَوْ نِصْفَ قِنَّيْنِ أَجْزَأَ لَا مَا سَرَى بِعِتْقِ جُزْءٍ وَمَنْ عُلِّقَ عِتْقُهُ بِظِهَارٍ ثُمَّ ظَاهَرَ عَتَقَ وَلَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ كَمَا لَوْ نَجَزَهُ عَنْ ظِهَارِهِ ثُمَّ ظَاهَرَ أَوْ عَلَّقَ ظِهَارَهُ بِشَرْطٍ

المشي، فهو مقعد، وهو الزمن أيضًا. انتهى.

قوله: (لم تتبيَّن حياتُه) لأن وجوده غير محقق، فإن أعتَقَه، ثم تبيَّن بعد كونه حيًا، فإنه يجزئه قولاً واحدًا. قاله في "الإنصاف". قوله:(أبدًا) لعل مثله موصى بخدمته مدة لا يعيش لمثلها غالبا، كمئة سنةٍ، وهو ابن خمسين سنةً، مثلاً. قوله:(أو أم ولدٍ) لاستحقاق عتقها.

قوله: (ومن أعتق جزءًا) أي: من مُشتركٍ، وهو موسِرٌ. قوله:(أو نصفَ قنَّينِ) أي: لأن الأشقاص كالأشخاص، وكذا هديٌ، وأضحيةٌ، وعقيقةٌ. قوله:(لا ما سرى يعتق جزءٍ) اعلم: أنه إذا أعتق جزءًا من عبدٍ، فإما أن يكون مالكًا لبقيته، أو لا، وعلى كل منهما، فإما أن ينوي كونه بتمامه عن كفارتِهِ، أو كون ذلك الجزء فقط. فهذه أربع صور: صورتان منها في المشترك بينه وبين غيرهِ، وصورتان في ملكه. وعلى كونه لغيره: إمَّا أن يكون موسرًا، أو معسرا، فتكون الصور ستَّا، يجزيء عتقه عن الكفارةِ

ص: 363

فَأَعْتَقَهُ قَبْلَهُ وَمَنْ أَعْتَقَ غَيْرَ مُجْزِئٍ ظَانًّا إجْزَاءَهُ نَفَذَ

فصل

فإن لم يجد صَامَ حُرًّا أَوْ قِنًّا شَهْرَيْنِ وَيَلْزَمُهُ تَثْبِيتُ النِّيَّةِ وتَعْيِينُهَا جِهَةَ الْكَفَّارَةِ والتَّتَابُعُ لَا نِيَّتُهُ وَيَنْقَطِعُ بِوَطْءِ مُظَاهَرٍ مِنْهَا

في واحدةٍ منها، وهي: ما إذا كان ملكًا له، ونوى بعتق بعضه كونه بتمامه عن الكفارة، كما صرح به في "الإقناع"، ويحتملُه كلام المصنف. وأما بقية الصور، فلا يقع عن الكفارة إلا الجزءُ المملوك له الذي أعتقَهُ عن الكفارة، فيكملُ عليه. إذا علمت ذلك، فقول المصنف: (لا ما سرى

إلخ) ظاهر في المشترك، والمعتق موسرٌ، وفي المملوك له بتمامه، إذا أعتق البعض، ولم ينو كونه بتمامه عن الكفَّارة، ولا يشمل ما إذا كان ملكًا له بتمامِه، وأعتقَ بعضَه، ونوى كون كله كفارة؛ لما علمت أن صاحب "الإقناع" صرح بإجزائها، فحملُه على ذلك حمل على صورةٍ غير صحيحة، فلا يصحُّ حمله عليها. فتأمل، وتمهل.

قوله: (قبله) لأنَّه لا يجزيء التكفير قبل انعقاد سببه.

قوله: (لا نيَّته) أي: فيكفي حصولُه.

ص: 364

وَلَوْ نَاسِيًا أَوْ مَعَ عُذْرٍ يُبِيحُ الْفِطْرَ أَوْ لَيْلًا لَا غَيْرَهَا فِي الثَّلَاثَةِ وبِصَوْمِ غَيْرِ رَمَضَانَ وَيَقَعُ عَمَّا نَوَاهُ وبِفِطْرٍ بِلَا عُذْرٍ لَا رَمَضَانَ أَوْ فِطْرٍ وَاجِبٍ كعِيدٍ وَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَجُنُونٍ وَمَرَضٍ مَخُوفٍ وحَامِلٍ وَمُرْضِعٍ خَوْفًا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ لِعُذْرٍ يُبِيحُهُ كَسَفَرٍ وَمَرَضٍ غَيْرِ مَخُوفٍ وحَامِلٍ وَمُرْضِعٍ لِضَرَرِ وَلَدِهِمَا ومُكْرَهٍ وَمُخْطِئٍ وَنَاسٍ لَا جَاهِلٍ

فصل

فإن لم يستطع صوما لكبر أَوْ مرض ولو رجي برؤه ويُخَافُ زِيَادَتُهُ أَوْ تَطَاوُلُهُ أَوْ لِشَبَقٍ أَطْعَمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْسَ بْنَ الصَّامِتِ بِالصَّوْمِ قَالَتْ امْرَأَتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهُ شَيْخٌ كَبِيرٌ مَا بِهِ مِنْ صِيَامٍ قَالَ: فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا» مُسْلِمًا حُرًّا وَلَوْ أُنْثَى وَلَا يَضُرُّ وَطْءُ مُظَاهَرٍ مِنْهَا أَثْنَاء إِطْعَامِ

قوله: (بلا عذر) ولو نسي وجوب التتابع، أو ظن أنه أتم. قوله:(ومخطيء) أي: كآكل يظنه ليلا، فبان نهاراً. قوله:(وناسٍ) أي: للصوم. قوله: (لا جاهلٍ) بوجوب التتابع.

قوله: (ولا يضرُّ وطءُ مظاهرٍ منها) أي: ويحرم.

ص: 365

وَيُجْزِئُ دَفْعُهَا إلَى صَغِيرٍ مِنْ أَهْلِهَا وَلَوْ لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ ومُكَاتَبٍ ومَنْ ظَنَّهُ مِسْكِينًا فَبَانَ غَنِيًّا وإلَى مِسْكِينٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مِنْ كَفَّارَتَيْنِ وَلَا إلَى مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ وَلَا تَرْدِيدُهَا عَلَى مِسْكِينٍ سِتِّينَ يَوْمًا إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ غَيْرَهُ وَلَوْ قَدَّمَ إلَى سِتِّينَ سِتِّينَ مُدًّا وَقَالَ هَذَا بَيْنَكُمْ فَقَبَلُوهُ، فَإِنْ قَالَ بِالسَّوِيَّةِ أَجْزَأَهُ وَإِلَّا فَلَا مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ كُلًّا أَخَذَ قَدْرَ حَقِّهِ وَالْوَاجِبُ فِي الْكَفَّارَاتِ مَا يُجْزِئُ فِي فِطْرَةٍ مِنْ مُدَبَّرٍ مِنْ غَيْرِهِ مُدَّانِ وَسُنَّ إخْرَاجُ أُدْمٍ مَعَ مُجْزِئٍ وَلَا يُجْزِئُ خُبْزٌ وَلَا غَيْرُ مَا يُجْزِئُ فِي فِطْرَةٍ وَلَوْ كَانَ قُوتَ بَلَدِهِ وَلَا أَنْ يُغَدِّيَ الْمَسَاكِينَ أَوْ يُعَشِّيَهُمْ أَطْعِمْ ثَلَاثَةَ آصُعَ مِنْ تَمْرٍ سِتَّةَ مَسَاكِينَ بِخِلَافِ نَذْرِ إطْعَامِهِمْ وَلَا الْقِيمَةُ

قوله: (لحاجةٍ) كفقير، ومسكين، وابن سبيلٍ، وغارمٍ لمصلحةِ نفسهِ. قوله:(من بر مدٌّ) وحب أفضل من دقيقٍ وسويقٍ، ويعتبران بوزن الحب. قوله:(بخلاف نذر إطعامهم) أي: فيجزيء أن يغديهم أو يعشيهم.

ص: 366

وَلَا عِتْقٌ وصَوْمٌ وإطْعَامٌ إلَّا بِنِيَّةٍ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى وَلَا تَكْفِي نِيَّةُ التَّقَرُّبِ فَقَطْ فَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةٌ لَمْ يَلْزَمْهُ تَعَيُّنُ سَبَبِهَا وَيَلْزَمُهُ مَعَ نِسْيَانِهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِنْ عَيَّنَ غَيْرَهُ غَلَطًا وَسَبَبُهَا مِنْ جِنْسٍ يَتَدَاخَلُ أَجْزَأَهُ عَنْ الْجَمِيعِ وَإِنْ كَانَتْ أَسْبَابُهَا مِنْ جِنْسٍ لَا يَتَدَاخَلُ أَوْ أَجْنَاسٍ كَظِهَارٍ وَقَتْلٍ وصَوْمِ وَيَمِينٍ فَنَوَى إحْدَاهَا أَجْزَأَ عَنْ وَاحِدَةٍ وَلَا يَجِبُ تَعيينُ سَبَبِهَا

قوله: (فقط) أي: دون نية الكفارة. قوله: (لا يتداخل) كظهاره من نسائه بكلماتٍ، وتخرج بقرعةٍ.

ص: 367

صفحة فارغة

ص: 368