المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب المحرمات في النكاح - حاشية ابن قائد على منتهى الإرادات - جـ ٤

[ابن قائد]

الفصل: ‌باب المحرمات في النكاح

‌باب المحرمات في النكاح

ضربان: ضَرْبٌ عَلَى الْأَبَدِ وهُنَّ أَقْسَامٌ خمسة قِسْمٌ بِالنَّسَبِ وَهُنَّ سَبْعٌ الْأُمُّ وَالْجَدَّةُ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ وَإِنْ عَلَتْ وَالْبَنَاتُ وَبَنَاتُ الْوَلَدِ وَإِنْ سَفَلَ وَلَوْ مَنْفِيَّاتٍ بِلِعَانٍ مِنْ زِنًا وَالْأُخْتُ مِنْ الْجِهَاتِ الثَّلَاثِ وَبِنْتٌ لَهَا أَوْ لِابْنِهَا أَوْ لَبِنْتِهَا وَبِنْتُ كُلِّ أَخٍ وَبِنْتُهَا وَبِنْتُ ابْنِهَا وَإِنْ نَزَلْنَ كُلُّهُنَّ وَالْعَمَّةُ وَالْخَالَةُ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ وَإِنْ عَلَتَا كَعَمَّةِ أَبِيهِ وأمه وَعَمَّةِ الْعَمِّ لِأَبٍ لَا لِأُمٍّ وعَمَّةِ الْخَالَةِ لِأَبٍ

قوله: (قِسمٌ) خير لمبتدأ محذوف لتقديره: الأول، وقوله:(بالنسب) صفة لـ (قسم) متعلق بمحذوف معلوم من المقام، تقديره: محرم بالنسب، أو يحرم بالنسب. قوله:(وهن سبع: الأم) الأولى: الأم والجدة. قوله: (أو من زنا) ويكفي في التحريم أن يعلم أنها بنته ظاهراً، إن كان النسب لغيره. قوله:(لأبٍ) هو متعلق بـ (العم) لا بـ (العمة) وكذا قوله: (وعمة الخالةِ لأبٍ)

ص: 82

لَا عَمَّةُ الْخَالَةِ لِأُمٍّ وكَخَالَةِ الْعَمَّةِ لِأُمٍّ لَا الْعَمَّةِ لِأَبٍ فَتَحْرُمُ كُلُّ نَسِيبَةٍ سِوَى بِنْتِ عَمٍّ وعَمَّةٍ وَبِنْتِ خَالٍ وَبِنْتِ خَالَةٍ والثَّانِي بِالرَّضَاعِ وَلَوْ أَكْرَهَ امْرَأَةً عَلَى إرْضَاعِ طِفْلٍ وَتَحْرِيمُهُ كَنَسَبٍ حَتَّى فِي مُصَاهَرَةٍ فَتَحْرُمُ زَوْجَةُ أَبِيهِ ووَلَدِهِ مِنْ رَضَاعٍ كَمِنْ نَسَبٍ لَا أُمُّ أَخِيهِ وأُخْتُ ابْنِهِ مِنْ رَضَاعٍ

فإنهما عمَّتا أبيه وأمه، وإنما احتاج إلى التنصيص على عمة العم والخالة؛ لأن فيهما قيدًا ليس في عمة الأب والأم، وذلك لأن عمة الأب والأم تحرمان من كل جهة، أعني: لأبوين، أو لأب، أو لأم، بخلاف العم والخالة، فإنهما إن كانا لغير أمٍّ حرمت عمتاهما، وإن كانا لأم فلا؛ لأن عمتهما أجنبيتان، وأما عمة الشقيق، فهي عمة الأب بلافرق، وكذا عمة الخالة الشقيقة.

قوله: (وتحريمه كنسب) ولو من لبن زناً. قوله: (لا أم أخيه

إلخ) هذه العبارة أصلها لابن البناء، وتبعه ابن حمدان، وصاحب "الوجيز". قال صاحب "الإقناع""يعنون: فلا يحرمان، وفيها صور، ولهذا قيل إلا المرضعة وبنتها على أبي المرتضع وأخيه من النسب، وعكسه، والحكمُ صحيح. انتهى، وكذا قال المصنف في "شرحه": وإن الصور أربع. انتهى.

ص: 83

_________

وتوضيح ذلك أن قولهم: (إلا المرضعة

إلخ) من قبيل اللف والنشر المشوش، أي: إلا المرضعة على أخي المرتضع من النسب، وإلا بنتها على ابنه من النسب، وكذا عكسه، أي: أم المرتضع وأخته من النسب على أبيه وأخيه من الرضاع. وعبارة ابن البناء ومن تبعه محتملة لذلك، فإن قولهم: لا أم أخيه وأخت ابنه من رضاع يحتمل أن يكون: (من رضاع) متعلقاً في المعنى بكل من المضاف، الذي هو أم وأخت، والمضاف إلىه، الذي هو الأخ والابن، على أن يكون حذف من أحدهما، لدلالة الآخر عليه، فالمعنى: أن المرضعة وبنتها يحلان لأبي المرتضع وأخيه من النسب، وأن أم المرتضع وأخته من النسب يحلان لأبيه وأخيه من الرضاع، وبهذا تصير الصور أربعاً، فيوافق ما ذكره المصنف في "شرحه" وصاحب "الإقناع". هذا وقد قال في "التنقيح" وغيره. الصواب عدم الاستثناء. وقال في "الإقناع": والأظهر عدم الاستثناء. قالوا: لأنهن في مقابلة من يحرم بالمصاهرة لا في مقابلة من يحرم بالنسب، والشارع إنما حرم من الرضاع ما يحرم من النسب، لا من يحرم من المصاهرة. انتهى. فقولهم: لأنهن في مقابلة من يحرم من المصاهرة، بيانه: أن المرضعة مع أخي المرتضع بمنزلة

ص: 84

الثَّالِثُ: بِالْمُصَاهَرَةِ وَهُنَّ أَرْبَعٌ أُمَّهَاتُ زَوْجَتِهِ وَإِنْ عَلَوْنَ وحَلَائِلُ عَمُودَيْ نَسَبِهِ وَمِثْلُهُنَّ مِنْ رَضَاعٍ فَيَحْرُمْنَ بِمُجَرَّدِ عَقْدٍ لَا بَنَاتُهُنَّ وَأُمَّهَاتُهُنَّ

زوجة أبيه، وبنت المرضعة مع أبي المرتضع بمنزلة الربيبة، وأم المرتضع نسباً مع أخيه من الرضاع بمنزلة زوجة أبيه أيضاً، وأخت المرتضع نسباً مع أبيه من الرضاع بمنزلة الربيبة أيضا، فإن قلت: كيف جزمتم بالإباحة في الصور الأربع، نظرا إلى أنهن في مقابلة من يحرم بالمصاهرة، مع أنه قد تقدم: أنه يحرم بالرضاع ما يحرم بالنسب، حتى في مصاهرة، فهل هذا إلا تناقض؟ قلت: يمكن الفرق بوجود المصاهرة وتقديرها؛ فحيث وجدت المصاهرة بالفعل، فمن حرم بها لنسب ألحق به من الرضاع، وأما حيث لم توجد المصاهرة وإنما وجد بالرضاع تقديرها؛ فلا أثر له. وفي كلام بعضهم إشارة إلى هذا، كما أوضحته في رسالة مستقلة فيا يتعلق بالرضاع حِلَّاً وحرمة.

والله تعالى أعلم بالصواب.

قوله: (بالمصاهرة) هي مصدر صاهر القوم: تزوج منهم. قوله: (وهن أربع

إلخ) ومثلهن من رضاع. قاله في "شرح الإقناع". ويمكن أن يشمله قول المنصف بعد: (ومثلهن من رضاع) ولا يختص بحلائل عمودي نسبه. قوله: (وحلائل عمودي نسبه) أي: زوجات، والزوج حليل؛ لأنها تحل له.

ص: 85

والرَّبَائِبُ وَهُنَّ بَنَاتُ زَوْجَتِهِ دَخَلَ بِهَا وَإِنْ سَفَلْنَ أَوْ كُنَّ لِرَبِيبٍ أَوْ ابْنِ رَبِيبِهِ فَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ دُخُولٍ أَوْ أَبَانَهَا بَعْدَ خَلْوَةٍ وَقَبْلَ وَطْءٍ لَمْ يَحْرُمْنَ وَتَحِلُّ زَوْجَةُ رَبِيبٍ وبِنْتُ زَوْجِ أُمٍّ وزَوْجَةُ زَوْجِ أُمٍّ ولِأُنْثَى ابْنُ زَوْجَةِ ابْنٍ وزَوْجُ زَوْجَةِ أَبٍ أَوْ زَوْجَةِ بْنٍ وَلَا يُحَرَّمُ فِي مُصَاهَرَةٍ إلَّا بِتَغْيِيبِ حَشَفَةٍ أَصْلِيَّةٍ فِي فَرْجٍ أَصْلِيٍّ وَلَوْ دُبُرًا أَوْ بِشُبْهَةٍ أَوْ بِزِنًا بِشَرْطِ حَيَاتِهِمَا وكَوْنُ مِثْلِهِمَا يَطَأُ وَيُوطَأُ وَيَحْرُمُ بِوَطْءِ ذَكَرٍ مَا يَحْرُمُ بامْرَأَةٍ فَلَا يَحِلُّ لِكُلٍّ مِنْ لَائِطٍ وَمَلُوطٍ بِهِ أُمُّ الْآخَرِ، وَلَا ابْنَتُهُ الرَّابِعُ بِاللِّعَانِ فَمَنْ لَاعَنَ زَوْجَتَهُ وَلَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ بَعْدَ إبَانَةٍ

قوله: (وهن بنات زوجة

إلخ) أي: ولو من رضاع. قوله: (لربيب) أي: ابن الزوجة. قوله: (فإن ماتت) أي: الزوجة. قوله: (لم يحرمن) أي: البنات. قوله: (وتحل زوجة ربيب

إلخ) أي: لزوج أمه. قوله: (وبنت زوج أم) اي: لابن امرأته. قوله: (إلا تغييب حشفة) أي: فلا يحرم تحمل الماء وفاقاً "للإقناع"، خلافا لصاحب "الرعاية" وما يأتي في الصداق.

قوله: (الرابع: باللعان

إلخ) مما يلحق بذلك في التحريم المؤبد لو قتل

ص: 86

لَنَفْيِ وَلَدٍ حُرِّمَتْ أَبَدًا وَلَوْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ

الْخَامِسُ: زَوْجَاتُ نَبِيِّنَا عَلَى غَيْرِهِ وَلَوْ مَنْ فَارَقَهَا وَهُنَّ أَزْوَاجُهُ دُنْيَا وَأُخْرَى

فصل

الضرب الثاني: إلَى أَمَدٍ وَهُنَّ نَوْعَانِ نَوْعٌ لِأَجْلِ الْجَمْعِ فَيَحْرُمُ بَيْنَ أُخْتَيْنِ وبَيْنَ امْرَأَةٍ وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا وَإِنْ عَلَتَا مِنْ كُلِّ جِهَةٍ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ وبَيْنَ خَالَتَيْنِ أَوْ عَمَّتَيْن

رجل آخر ليتزوج امرأته؛ فإنهما لا تحل للقاتل أبدا؛ عقوبة له، ولو خبب رجل امرأة زوجها؛ يعاقب عقوبة بليغة، ونكاحه باطل في أحد قولي العلماء في مذهب مالك وأحمد وغيرهما، ويجب التفريق بينهما. قاله الشيخ تقي الدين.

قوله: (وإلى أمد) غاية، كالمدى. قله:(بين أختين) من نسب، أو رضاع. قوله:(بين خالتين) كأن تزوج كل من رجلين بنت الأخر، فتلد له بنتا، فالمولودتان كل منهما خالة الأخرى لأب. قوله:(أو عمتين) بأن تزوج كل من رجلين أم الآخر، فتلد له بنتا، فكل من المولودتين عمة الأخرى لأم.

ص: 87

أَوْ عَمَّةٍ وَخَالَةٍ أَوْ امْرَأَتَيْنِ لَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا ذَكَرًا وَالْأُخْرَى أُنْثَى حَرُمَ نِكَاحُهُ لَهَا لِقَرَابَةٍ أَوْ رَضَاعٍ وبَيْنَ أُخْتِ شَخْصٍ مِنْ أَبِيهِ وَأُخْتِهِ مِنْ أُمِّهِ وَلَا بَيْنَ مُبَانَةِ شَخْصٍ وَبِنْتِهِ مِنْ غَيْرِهَا وَلَوْ فِي عَقْدٍ فَمَنْ تَزَوَّجَ أُخْتَيْنِ أَوْ نَحْوَهُمَا فِي عَقْدٍ أَوْ عَقْدَيْنِ مَعًا بَطَلَا وفِي زَمَنَيْنِ يَبْطُلُ مُتَأَخِّرٌ فَقَطْ كَوَاقِعٍ فِي عِدَّةِ الْأُخْرَى وَلَوْ بَائِنًا فَإِنْ جُهِلَ فُسِخَا وَلِإِحْدَاهُمَا نِصْفُ مَهْرِهَا بِقُرْعَةٍ وَمَنْ مَلَكَ أُخْتَ زَوْجَتِهِ أَوْ عَمَّتَهَا أَوْ خَالَتَهَا صَحَّ وَحَرُمَ أَنْ يَطَأَهَا حَتَّى يُفَارِقَ زَوْجَتَهُ وَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا وَمَنْ مَلَكَ أُخْتَيْنِ أَوْ نَحْوَهُمَا مَعًا صَحَّ وَلَهُ وَطْءُ أَيِّهِمَا شَاءَ وَتَحْرُمُ بِهِ الْأُخْرَى حَتَّى يُحَرِّمَ الْمَوْطُوءَةَ بِإِخْرَاجٍ عَنْ مِلْكِهِ وَلَوْ بِبَيْعٍ

قوله: (أو عمة) كأن تزوج رجل امرأة، وابنه أمها، فتلد كل منهما بنتا، فبنت الابن خالة بنت الأب، وبنت الأب عمة بنت الابن. قوله:(أو امراتين) من عطف العامِّ على الخاصِّ. قوله: (معا) أي: في وقت واحد. قوله: (بطلا) لكن لو تزوج أما وبنتا في عقد؛ بطل في الأم فقط، كما سيجيء. قوله:(فسخا) أي: فسخ النكاحيْن حاكم إن لم يطلقها زوج. قوله: (ولو ببيعٍ) أي: لازمٍ في حقه.

ص: 88

لِلْحَاجَةِ أَوْ هِبَةٍ أَوْ تَزْوِيجٍ بَعْدَ اسْتِبْرَاءٍ وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ تَحْرِيمِ أَوْ كِتَابَةِ أَوْ رَهْنٍ أَوْ بَيْعِ بِشَرْطِ خِيَارٍ لَهُ فَلَوْ خَالَفَ وَوَطِئَ لَزِمَهُ أَنْ يُمْسِكَ عَنْهُمَا حَتَّى يُحَرِّمَ إحْدَاهُمَا كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ عَادَتْ لِمِلْكِهِ وَلَوْ قَبْلَ وَطْءِ الْبَاقِيَةِ لَمْ يُصِبْ وَاحِدَةً حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُخْرَى إنْ لَمْ يَجِبْ اسْتِبْرَاءٌ فَإِنْ وَجَبَ لَمْ يَلْزَمْ تَرْكُ الْبَاقِيَةِ فِيهِ الْمُنَقِّحُ وَهُوَ حَسَنٌ وَمَنْ تَزَوَّجَ أُخْتَ سُرِّيَّتِهِ وَلَوْ بَعْدَ إعْتَاقِهَا زَمَنَ اسْتِبْرَائِهَا لَمْ يَصِحَّ وَلَهُ نِكَاحُ أَرْبَعٍ سِوَاهَا

قوله: (للحاجة) أي: للحاجة إلى التفريق. قوله: (أو هبة) أي: مقبوضةٍ لغير ولدِهِ. قوله: (بعد استبراء) قيد في التزويج، فلا يصح قبله بخلاف البيع والهبة، فإنهما يصحَّان قبل الاستبراء، لكن الحِلَّ يتوقف على الاستبراء. قوله:(وهو حسنٌ) لتحريمها زمن الاستبراء، ومثل ذلك لو عادت إليه معتدة. قوله:(لم يصح) لأن النكاح عقد تصير به المرأة فراشًا، فلم يجز أن يرد على فراش الأختِ، كالوطء، بخلاف الشِّراء؛ لأنه يراد للوطء وغيره، ولذا صحَّ شراء الأختين في عقد واحد. قوله:(سواها) أي: سوى أخت سريته ونحوها؛ لأن تحريم نحو الأخت لمعنى لا يوجد في غيرها.

ص: 89

وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ تَحْرِيمِ السُّرِّيَّةِ واسْتِبْرَائِهَا ثُمَّ رَجَعَتْ إلَيْهِ السُّرِّيَّةُ فَالنِّكَاحُ بِحَالِهِ وَمَنْ وَطِئَ امْرَأَةً بِشُبْهَةٍ أَوْ زِنًا حَرُمَ فِي عِدَّتِهَا نِكَاحُ أُخْتِهَا ووَطْؤُهَا إنْ كَانَتْ زَوْجَةً أَوْ أَمَةً وأَنْ يَزِيدَ عَلَى ثَلَاثٍ غَيْرِهَا بِعَقْدٍ أَوْ وَطْءٍ وَلَا يَحِلُّ نِكَاحُ مَوْطُوءَةٍ بِشُبْهَةٍ فِي عِدَّتِهَا إلَّا مِنْ وَاطِئٍ لَهَا لَا إنْ لَزِمَتْهَا عِدَّةٌ مِنْ غَيْرِهِ وَلَيْسَ لِحُرٍّ جَمْعُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ إلَّا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَيِّ عَدَدٍ شَاءَ وَفُسِخَ تَحْرِيمُ الْمَنْعِ وَلَا لِعَبْدٍ جَمْعُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْنِ وَلِمَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ فَأَكْثَرُ جَمْعُ ثَلَاثِ

قوله: (وإن تزوَّجها) أي: أخت سريته ونحوها. قوله: (بعد تحريم) أي: بنحو بيع. قوله: (بحاله) لكن لا تحل له السرية حتى تبينَ الزوجة وتعتد، ولا يحل له وطء الزوجة حتى يحرم السرية. وله:(نكاح أختها) أي: ونحوها. قوله: (أو وطء) أي: لو كان له أربع زوجاتٍ، ووطيء امرأة بشبهةٍ أو زناً؛ لم يحل له أن يطأ منهنَّ أكثر من ثلاثٍ حتى تنقضي عدة موطوءَته. قوله:(لا إن لزمتها عدة) فلا حتى تنقضي العِدَّتان، كما في "المحرر" وغيره. ابن نصر الله: القياس: أنَّ له نكاحها إذا دخلت في عدة وطئه. قوله: (بأي عدد شاء) تكرمة له من الله تعالى، ومات عن تسع.

ص: 90

وَمَنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْ نِهَايَةِ جَمْعِهِ حَرُمَ تَزَوُّجُهُ بَدَلَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا بِخِلَافِ مَوْتِهَا فَإِنْ قَالَ أَخْبَرَتْنِي بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَكَذَّبَتْهُ فَلَهُ نِكَاحُ أُخْتِهَا وَنِكَاحُ بَدَلِهَا وَتَسْقُطُ الرَّجْعَةُ لَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ ونَسَبُ الْوَلَدِ

فصل

النوع الثاني: لِعَارِضٍ يَزُولُ فَتَحْرُمُ زَوْجَةُ غَيْرِهِ ومُعْتَدَّتِهِ ومُسْتَبْرَأَةٌ مِنْهُ وزَانِيَةٍ عَلَى زَانٍ وَغَيْرِهِ حَتَّى تَتُوبَ بِأَنْ تُرَاوَدَ عَلَى الزِّنَا فَتَمْتَنِعَ

قوله: (وبدلها) قال في "الإقناع": في الظاهر. قال في "شرحه": قلت: وأما في الباطن؛ فليس له ذلك إن كان كاذبًا، أو لم يغلب على ظنه انقضاء عدَّتها. انتهى. قوله:(ونسب الولد) أي: مالم يثبت إقرارها بانقضاء عدتها بالقروء، ثم يأتي به لأكثر من ستة أشهر بعدها.

قوله: (بأن تراود

إلخ) أي: يراودها ثقة عدل على الزنا فتأبى، إذ غير العدل لا يقبل خبره. وعلم منه: أن المراودة جائزة للحاجة. وهل يكفي واحد أم لا؟

ص: 91

ومُطَلَّقَتُهُ ثَلَاثًا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وتَنْقَضِيَ عِدَّتُهُمَا ومُحْرِمَةٌ حَتَّى تَحِلَّ ومُسْلِمَةٌ عَلَى كَافِرٍ حَتَّى يُسْلِمَ وعَلَى مُسْلِمٍ وَلَوْ عَبْدًا كَافِرَةٌ غَيْرُ حُرَّةٍ كِتَابِيَّةٍ أَبَوَاهَا كِتَابِيَّانِ وَلَوْ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ

قوله: (زوجاً غيره) يعني: ولو كافرًا في كتابية. قوله: (عدتهما) أي: الزانية والمطلقة، ولعل عدة الزانية من آخر وطء. قوله:(أبواها كتابيان) علم منه أنها لو تولدت بين كتابي وغيره؛ لم تحل، وكذا لو كان أبواها غير كتابيين، واختارت دين أهل الكتاب. قال في "الإنصاف" و "المبدع". وهو المذهب. وقيل: تحل. وقطع به في "الإقناع" في أواخر الذمة، ومشى هنا على ما ذكره المصنف، فظاهرُه الحرمةُ.

وأهل الكتاب، من دان بالتَّوراة والإنجيل خاصة، كاليهود، والسامرة منهم، والنصارى، ومن وافقهم من الإفرنج، والأرمن وغيرهم، فأما المتمسك من الكفار بصحف إبراهيم وشيث، وزبور داود؛ فليسوا بأهل كتاب، لا تحل مناكحتهم ولا ذبائحهم، كالمجوس، وأهل الأوثان، وكذا الدروز ونحوهم. قوله:(من بني تغلب) تغلب في الأصل: مضارع غلب

ص: 92

وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمْ حَتَّى تُسْلِمَ وَمُنِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ نِكَاحِ كِتَابِيَّةٍ كَأَمَةٍ مُطْلَقًا وَلِكِتَابِيٍّ نِكَاحُ مَجُوسِيَّةٍ ووَطْؤُهَا بِمَلْكِ يَمِينٍ لَا مَجُوسِيٍّ لِكِتَابِيَّةٍ وَلَا يَحِلُّ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ نِكَاحُ أَمَةٍ مُسْلِمَةٍ إلَّا أَنْ يَخَافَ عَنَتَ الْعُزُوبة

كضرب، ثم سمي بهذا المضارع المبدوء بتاء الخطاب، بني تغلب: وهم قوم من مشركي العرب، طلبهم عمر رضي الله عنه بالجزية، فأبوا أن يعطوها باسم الجزية، وصالحوا على اسم الصدقة مضاعفة، ويروى أنَّه قال: هَاتُوها وسموها ما شئتم. كذا في"المصباح".

قوله: (ومن في معناهم) أي: من نصارى العرب ويهودِهم. منصور البهوتي. قوله: (مطلقاً) أي: في كل زمان، وعلى كل حال. منصور البهوتي. حتي بالملك على المذهب، خلافاً "لعيون المسائل". قوله:(لا مجوسي) أي: لا يحل لمجوسي وطء لكتابية بنكاح، بل بملك على الصحيح. قوله:(ولا يحل لحر) أي: كامل الحرية. قوله: (عنت العزوبة) أي: ولو خصياً أو مجبوباً خاف التلذذ حراماً.

ص: 93

لِحَاجَةِ مُتْعَةٍ أَوْ خِدْمَةٍ وَلَوْ مَعَ صِغَرِ زَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ أَوْ غَيْبَتِهَا أَوْ مَرَضِهَا وَلَا يَجِدُ طَوْلًا حَاضِرًا يَكْفِي لِنِكَاحِ حُرَّةٍ وَلَوْ كِتَابِيَّةً لَا غَائِبًا وَلَوْ وَجَدَ مَنْ يُقْرِضُهُ أَوْ رَضِيَتْ الْحُرَّةُ بِتَأْخِيرِ صَدَاقِهَا أَوْ بِدُونِ مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ تَفْوِيضِ بُضْعِهَا أَوْ وُهِبَ لَهُ فَتَحِلُّ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى ثَمَنِ أَمَةٍ وَلَا يَبْطُلُ نِكَاحُهَا إنْ أَيْسَرَ وَلَهُ إنْ لَمْ تُعِفُّهُ نِكَاحُ أَمَةٍ أُخْرَى إلَى أَنْ يَصِرْنَ أَرْبَعًا وَكَذَا عَلَى حُرَّةٍ لَمْ تُعِفَّهُ بِشَرْطِهِ وَكِتَابِيٌّ حُرٌّ فِي ذَلِكَ كَمُسْلِمٍ وَلَا يَصِحُّ نِكَاحُ أَمَةٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَا تَصِيرُ إنْ وَلَدَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَلَا يَكُونُ وَلَدُ الْأَمَةِ حُرًّا إلَّا بِاشْتِرَاطِ

قوله: (ولا يجد طولا) أي: فضلاً. قوله: (فتحل

إلخ) قال في "الإقناع": والصبر عنها مع ذلك خير وأفضل ونكاح مبعضة أولى من أمة. قوله أيضاً على قوله: (فتحلُّ) هذا إن لم تجب نفقته على غيره، وإلا فالمنفق يعفُّه بحرة. قوله:(ولو قدر على ثمن أمة) خلافاً "للإقناع". قوله: (ونحوه) كبرءٍ من مرض، وقدوم زوجة. قوله:(إن لم تعفَّه) أي: لم تكفه عن الحرام. قوله: (إلا باشتراط) أي: على مالكها. قاله في "شرحه". قال في

ص: 94

ولِقِنٍّ وَمُدَبَّرٍ وَمُكَاتَبٍ وَمُبَعَّضٍ نِكَاحُ أَمَةٍ وَلَوْ لِابْنِهِ حَتَّى عَلَى حُرَّةٍ وجَمْعٌ بَيْنَهُمَا فِي عَقْدٍ لَا نِكَاحُ سَيِّدَتِهِ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ الْعَبْدِ يَنْكِحُ سَيِّدَتَهُ فَقَالَ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَنَحْنُ بِالْجَابِيَةِ وَقَدْ نَكَحَتْ عَبْدَهَا فَانْتَهَرَهَا عُمَرُ وَهَمَّ أَنْ يَرْجُمَهَا وَقَالَ لَا يَحِلُّ لَك ولِأَمَةٍ نِكَاحُ عَبْدٍ وَلَوْ لِابْنِهَا لَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِسَيِّدِهَا وَلَا لِحُرٍّ أَوْ حُرَّةٍ نِكَاحُ أَمَةِ أَوْ عَبْدِ وَلَدِهِمَا وَإِنْ مَلَكَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الزَّوْجَ الْآخَرَ أَوْ أَوْ وَلَدُهُ الْحُرُّ أَوْ مُكَاتَبُهُ أَوْ مُكَاتَبَ وَلَدِهِ الزَّوْجَ الْآخَرَ أَوْ بَعْضَهُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَمَنْ جَمَعَ فِي عَقْدٍ بَيْنَ مُبَاحَةِ وَمُحَرَّمَةٍ كَأَيِّمٍ وَمُزَوَّجَةٍ صَحَّ فِي الْأَيِّمِ وبَيْنَ أُمٍّ وَبِنْتٍ صَحَّ فِي الْبِنْتِ

"شرح الإقناع": وفيه إيماء إلى أن ناظر الوقف، وولي اليتيم ونحوه، ليس للزوج اشتراط حريَّة الولد عليه؛ لأنه ليس بمالك، وإنما يتصرف للغير بما فيه حظ، وليس ذلك من مقضى العقد، فلا أثر لاشتراطه. انتهى.

قوله: (عبد ولدهما) يعني: من النسب، بخلاف أبيهما. قوله:(أو بعضه) قال في "شرح الإقناع": قلت: والمكاتبة في ذلك كالمكاتب.

ص: 95

وَمَنْ حَرُمَ نِكَاحُهَا حَرُمَ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ إلَّا الْأَمَةَ الْكِتَابِيَّةَ وَلَا يَصِحُّ نِكَاحُ خُنْثَى مُشْكِلٍ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ وَلَا يَحْرُمُ فِي الْجَنَّةِ زِيَادَةُ الْعَدَدِ والْجَمْعُ بَيْنَ الْمَحَارِمِ وَغَيْرُهُ

قوله: (حرم وطؤها بملك) شمل هذا المطلقة ثلاثاً إذا كانت أمة، فاشتراها مطلقها، ولهذا قال أبو الوفاء في "الفنون": حلها بعيد في مذهبنا؛ لأن الحل يتوقف على زوج وإصابةٍ، قال: ومتى زوَّجها مع ما ظهر من تأسُّفه عليهما؛ لم يكن قصده بالنكاح إلا التحليل. والقصد عندنا يؤثر في النكاح.

ص: 96