الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الرضاع
وَهُوَ شَرْعًا مَصُّ لَبَنٍ ثَابَ عَنْ حَمْلٍ مِنْ ثَدْي امْرَأَةٍ أَوْ شُرْبُهُ وَنَحْوَهُ وَيُحَرِّمُ كَنَسَبٍ فَمَنْ أَرْضَعَتْ وَلَوْ مُكْرَهَةً بِلَبَنِ حَمْلٍ لَاحِقٍ بِالْوَاطِئِ
كتاب الرضاع
رضع الصغير رضعًا، كتعب: لغة نجدٍ، ومن باب: ضرب: لغة أهل تهامة، ومن باب: نفع: لغةٌ ثالثةٌ. رضاعًا ورضاعة -بفتح الراء- وهي مرضع ومرضعة. وقال الفرَّاء وجماعة: إن قصد الوصف بالرضاع حقيقة، فبغير هاء، أو مجازًا بمعنى: أنها محل الإرضاع فيما كان أو سيكون، فبالهاء، وعليه قوله تعالى:(يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت). [الحج: 2]. قاله في "المصباح" ملخصًا.
قوله: (وهو) أي: لغةً: مص لبن من ثديٍ وشربُهُ. قوله: (مص لبن) أي: في الحولين. قوله: (ثاب) أي: اجتمع. قوله: (ونحوه) كأكله مجبَّنًا.
قوله: (لاحقٍ بالواطيء) يعني: يَلحق الواطيء نسبُ ذلك الحملِ، كأن يكون من وطءِ زوج، أو سيد، أو شبهةٍ. وهذا الاحتراز من جهة الواطيء وحده، دون المرضعة فيلحقها مطلقًا.
طِفْلًا صَارَا فِي تَحْرِيمِ نِكَاحٍ وثُبُوتِ مَحْرَمِيَّةٍ وإبَاحَةِ نَظَرٍ وخَلْوَةٍ أَبَوَيْهِ وهُوَ وَلَدَهُمَا وأَوْلَادُهُ وَإِنْ سَفَلُوا أَوْلَادَ وَلَدِهِمَا وأَوْلَادُ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْآخَرِ أَوْ غَيْرِهِ فَالذُّكُورُ مِنْهُمْ يَصِيرُونَ إخْوَتَهُ، وَالْبَنَاتُ أَخَوَاتِهِ. وآبَاؤُهُمَا أَجْدَادَهُ وجَدَّاتِهِ. وأَخَوَاتُهُمَا وَإِخْوَانِهِمَا أَعْمَامَهُ وَأَخْوَالَهُ وَخَالَاتِهِ وَلَا تُنْشَرُ حُرْمَةُ إلَى مَنْ بِدَرَجَةِ مُرْتَضِعٍ أَوْ فَوْقَهُ مِنْ أَخٍ وَأُخْتٍ مِنْ نَسَبٍ وَأَبٍ وَأُمٍّ وَعَمٍّ وَعَمَّةٍ وَخَالٍ وَخَالَةٍ فَتَحِلُّ مُرْضِعَةٌ لِأَبِي مُرْتَضِعٍ وَأَخِيهِ مِنْ نَسَبٍ وأُمُّهُ وَأُخْتُهُ مِنْ نَسَبٍ لِأَبِيهِ وَأَخِيهِ مِنْ رَضَاعٍ كَمَا يَحِلُّ لِأَخِيهِ مِنْ أَبِيهِ أُخْتُهُ مِنْ أُمِّهِ وَمَنْ أَرْضَعَتْ بِلَبَنِ حَمْلٍ مِنْ زِنًا أَوْ نَفْيٍ بِلِعَانٍ طِفْلًا صَارَ وَلَدًا لَهَا وَحَرُمَ عَلَى الْوَاطِئ تَحْرِيمَ مُصَاهَرَةٍ وَلَمْ تَثْبُتْ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ فِي حَقِّهِ
قوله: (صارا) أي: الواطيء والمرضعةُ. قوله: (في تحريم) متعلق بـ (صارا) والألف: اسم صار، والخبر:(أبويه). فتدبر. قوله: (وخلوةٍ) أي: لا في نفقةٍ وارث، وعتق، وشهادةٍ. قوله:(وإن سفلوا) من باب: قعد، وفي لغة من باب: قرب. قوله: (في حقه) أي: لعدم النسب هنا.
وَإِنْ أَرْضَعَتْ بِلَبَنِ اثْنَيْنِ وَطِئَاهَا بِشُبْهَةٍ طِفْلًا وَثَبَتَتْ أُبُوَّتُهُمَا أَوْ أُبُوَّةُ أَحَدِهِمَا لِمَوْلُودٍ فَالْمُرْتَضِعُ ابْنُهُمَا أَوْ ابْنُ أَحَدِهِمَا وَإِلَّا بِأَنْ مَاتَ مَوْلُودٌ قَبْلَهُ أَوْ فَقَدَتْ قَافَةٌ أَوْ نَفَتْهُ عَنْهُمَا أَوْ أَشْكَلَ أَمْرُهُ ثَبَتَتْ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ فِي حَقِّهِمَا وَإِنْ ثَابَ لَبَنٌ لِمَنْ لَمْ تَحْمِلْ وَلَوْ حَمَلَ مِثْلُهَا لَمْ يَنْشُرْ الْحُرْمَةَ كَلَبَنِ رَجُلٍ وَكَذَا لَبَنُ خُنْثَى مُشْكِلٍ. وبَهِيمَةٍ وَمَنْ تَزَوَّجَ أَوْ اشْتَرَى ذَاتَ لَبَنٍ مِنْ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ قَبْلَهُ فَزَادَ بِوَطْئِهِ
قوله (في حقهما) أي: الواطئين، فإن كان أنثى، لم تحل لواحد منهما، ولا لأولادهما، أو آبائهما ونحوهم؛ تغليبًا للخطر، وإن كان ذكرًا، حرم عليه بناتهما، وأمهاتهما، وأخواتهما، ونحوهن لذلك. وظاهره: لا تثبت المحرمية، ولا إباحة النظر، والخلوة لأولادهما ونحوه. قاله منصور البهوتي. والظاهر: أنه لا مفهوم لقوله: لأولادهما، بل إنَّه لا تثبت المحرمية أيضًا للواطئين، فلا يحل لواحد منهما النظر إلى المرتضعة لو كانت أنثى، ولا الخلوة بها؛ تغليبًا لجانب الحظر، فلا يباح النظر والخلوة مع الشكِّ، كما لا يباح النكاحُ معه؛ عملا بالأحوط. فتدبر. قوله:(فزاد بوطئه) أي: فهو للأول.
أَوْ حَمَلَتْ وَلَمْ يَزِدْ أَوْ زَادَ قَبْلَ أَوَانِهِ فلِلْأَوَّلِ وفِي أَوَانِهِ وَلَوْ انْقَطَعَ ثُمَّ ثَابَ أَوْ وَلَدَتْ فَلَمْ يَزِدْ وَلَمْ يَنْقُصْ فلَهُمَا فَيَصِيرُ مُرْتَضِعُهُ ابْنًا لَهُمَا وَإِنْ زَادَ بَعْدَ وَضْعٍ فلِلثَّانِي وَحْدَهُ
فصل
وللحرمة شرطان
أَحَدُهُمَا أَنْ يَرْتَضِعَ فِي الْعَامَيْنِ، فَلَوْ ارْتَضَعَ بَعْدَهُمَا بِلَحْظَةٍ لَمْ تَثْبُتْ
قوله: (ولم يزد) أي: في أوانه. قوله: (أو زاد قبل أوانِه) الذي يثوب فيه لبن الحامل غالبًا. قوله: (وفي أوانِه) أي: بعد حملٍ، فلهما. قوله:(ثم ثاب) أي: ثاب قبل الوضع، فلهما.
قوله: (وللحرمة شرطان) زاد في "الإقناع" ثالثا، وهو: أن يصل اللبن إلى جوفه من حلقه، بخلاف نحو الحقنة. قوله:(في العامين) أي: ولو كان قد فطم قبل الرَّضاع. قوله: (بلحظةٍ) أي: ولو قبل فِطامِه، أو ارتضع الخامسة كلها بعدهما، بخلاف ما لو شرع في الخامسة، فحال الحول قبل كمالها، فإنه يكتفى منها بما وُجد في الحولين. قاله في "شرح الإقناع".
الثَّانِي: أَنْ يَرْتَضِعَ خَمْسَ رَضَعَاتٍ وَمَتَى امْتَصَّ ثُمَّ قَطَعَهُ وَلَوْ قَهْرًا أَوْ لِتَنَفُّسٍ أَوْ مُلْهٍ أَوْ لِانْتِقَالٍ إلَى ثَدْيٍ آخَرَ أَوْ مُرْضِعَةٍ أُخْرَى فرَضْعَةٌ ثُمَّ إنْ عَادَ وَلَوْ قَرِيبًا ثِنْتَانِ وَسَعُوطٌ فِي أَنْفٍ وَوَجُورٌ فِي فَمٍ كَرَضَاعٍ وَيُحَرِّمُ مَا جَبَنَ أَوْ شِيبَ أَوْ حُلِبَ مِنْ مَيْتَةٍ وَيَحْنَثُ بِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ لَبَنًا لَا حُقْنَةُ وَلَا لِوَاصِلٍ جَوْفًا لَا يُغَذِّي كَمَثَانَةٍ وَذَكَرٍ وَمَنْ أُرْضِعَ خَمْسُ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ بِلَبَنِ زَوْجَةٍ لَهُ صُغْرَى كُلُّ
قوله: (وسعوط) مصدرٌ، وبالفتح: المصبوب، وكذا الوجور. قوله:(وصفاتُهُ) أي: طعمه، ولونه، وريحه باقيةٌ، فلو غلب ما خلطه، لم يحرم. قوله:(ويحنث به) أي: بما ذكر من المشوب الباقي الصفات، ومن لبن الميتة. قوله:(لا يغذي) أي: بوصوله فيه. قوله: (كمثانةٍ) أي: وجائفة.
وَاحِدَةٍ رَضْعَةً حَرُمَتْ لِثُبُوتِ الْأُبُوَّةِ وَلَا أُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ الْأُمُومَةِ وَلَوْ كَانَتْ الْمُرْضِعَاتُ بَنَاتِهِ أَوْ بَنَاتِ زَوْجَتِهِ فَلَا أُمُومَةَ وَلَا يَصِيرُ أَبُو الْمُرْضِعَاتِ جَدًّا وَلَا زَوْجَتُهُ جَدَّةً وَلَا إخْوَةُ الْمُرْضِعَاتِ أَخْوَالًا وَلَا أَخَوَاتُهُنَّ خَالَاتٍ وَمَنْ أَرْضَعَتْ أُمُّهُ وَبِنْتُهُ وَأُخْتُهُ وَزَوْجَتُهُ وَزَوْجَةُ ابْنِهِ طِفْلَةً رَضْعَةً رَضْعَةً لَمْ تُحَرَّمْ عَلَيْهِ وَمَنْ أَرْضَعَتْ بِلَبَنِهَا مِنْ زَوْجٍ طِفْلًا ثَلَاثَ رَضَعَاتٍ ثُمَّ انْقَطَعَ ثُمَّ أَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِ زَوْجٍ آخَرَ رَضْعَتَيْنِ ثَبَتَتْ الْأُمُومَةُ لَا الْأُبُوَّةُ وَلَا يَحِلُّ مُرْتَضِعٌ لَوْ كَانَ أُنْثَى لِوَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ وَمَنْ زَوَّجَ أُمَّ وَلَدِهِ بِرَضِيعٍ حُرٍّ لَمْ يَصِحَّ
قوله: (حرمت) أي: الزوجةُ. قوله: (بناته) أي: بنات رجلٍ واحدٍ. قوله: (من الزوجين) لأنها بنت امرأةٍ دخل بها. قوله: (لم يصح) أي: لعدم خوف العنت، إلا إن احتاج لخدمةٍ، وعدم طول الحرة.
فَلَوْ أَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِهِ لَمْ تَحْرُمْ عَلَى السَّيِّدِ
فصل
ومن تزوج ذات لبن ولم يدخل بها وصَغِيرَةً فَأَكْثَرَ فَأَرْضَعَتْ وَهِيَ زَوْجَةٌ أَوْ بَعْدَ إبَانَةِ صَغِيرَةً حُرِّمَتْ أَبَدًا وَبَقِيَ نِكَاحُ الصَّغِيرَةِ حَتَّى تَرْضَعَ ثَانِيَةً فَيَنْفَسِخَ نِكَاحُهُمَا كَمَا لَوْ أَرْضَعَتْهُمَا مَعًا
وَإِنْ أَرْضَعَتْ ثَلَاثًا مُفْرَدَاتٍ أَوْ ثِنْتَيْنِ مَعًا وَالثَّالِثَةُ مُنْفَرِدَةً
قوله: (بلبنه) أي: لبن السيد لم تحرم على السيد؛ لأن الحر إذن ليس بزوج، بخلاف ما لو كان الحر الرضيع خائفًا عنت العزوبة؛ لحاجة الخدمة وعدم طول الحرة، أو كان الزوج الرضيع رقيقًا، فإنها إذا أرضعته بلبن السيد خمس رضعاتٍ، انفسخ النكاح، وحرمت عليهما على الأبد. أما الزوج؛ فلأنها أمه، وأما السيد؛ فلأنها حليلةُ ابنِه.
قوله: (ومن تزوج ذات لبن) أي: من غيرِه. قوله: (ولم يدخل بها) فلو دخل بها، من باب أولى. قوله:(وبقي نكاح الصغيرة) لأنها ربيبةٌ لم يدخل بأمها. قوله: (فينفسخ نكاحهما) أي: لاجتماع أختين في نكاحه. قوله: (معًا) أي: في زمن واحد.
انْفَسَخَ نِكَاحُ الْأُولَيَيْنِ وَبَقِيَ نِكَاحُ الثَّالِثَةِ وَإِنْ أَرْضَعَتْ الثَّلَاثَ مَعًا بِأَنْ شَرِبْنَهُ مَحْلُوبًا مَعًا مِنْ أَوْعِيَةٍ إحْدَاهُنَّ مُنْفَرِدَةً ثُمَّ ثِنْتَيْنِ مَعًا انْفَسَخَ نِكَاحُ الْجَمِيعِ ثُمَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْ الْأَصَاغِرِ وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِالْكُبْرَى حُرِّمَ الْكُلُّ عَلَى الْأَبَدِ لَا الْأَصَاغِرُ إنْ ارْتَضَعْنَ مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ وَمَنْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ بِنْتُ امْرَأَةٍ كَأُمِّهِ وَجَدَّتِهِ وَأُخْتِهِ وكَرَبِيبَتِهِ إذَا أَرْضَعَتْ طِفْلَةً حَرَّمَتْهَا عَلَيْهِ أَبَدًا وَمَنْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ بِنْتُ رَجُلٍ كَأَبِيهِ وَجَدِّهِ وَأَخِيهِ وَابْنِهِ إذَا أَرْضَعَتْ زَوْجَتُهُ بِلَبَنِهِ طِفْلَةً حَرَّمَتْهَا عَلَيْهِ
قوله: (الجميع) أي: لاجتماع الأخوات في نكاحه. قوله: (من الأصاغر) أي: لأن تحريمهن تحريم جمع. قوله: (على الأبد) لأنهن ربائب دخل بأمهنَّ. قوله: (من أجنبية) لكن متى اجتمع أختان، فعلى ما تقدَّم قريبًا. قوله:(حرمتها عليه) لأنها صارت بنت تحرم بنته عليه. قوله: (إذا أرضعت زوجته) المراد بها: صاحبة لبنه، زوجة كانت، أو أم ولده، أو موطوءته بشبهةٍ، فهو من قبيل المجاز. قوله:(بلبنه) أي: أو لبن له فيه شرك.
وَيَنْفَسِخُ فِيهِمَا النِّكَاحُ إنْ كَانَتْ زَوْجَةً وَمَنْ لِامْرَأَتِهِ ثَلَاثُ بَنَاتٍ مِنْ غَيْرِهِ فَأَرْضَعْنَ ثَلَاثَ نِسْوَةٍ لَهُ كُلُّ وَاحِدَةٍ وَاحِدَةً إرْضَاعًا كَامِلًا وَلَمْ يَدْخُلْ بِالْكُبْرَى حُرِّمَتْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُ وَاحِدَةٍ مِنْ الصِّغَارِ وَإِنْ أَرْضَعْنَ وَاحِدَةً كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ رَضْعَتَيْنِ حُرِّمَتْ الْكُبْرَى وَإِذَا طَلَّقَ زَوْجَةً لَهَا لَبَنٌ مِنْهُ فَتَزَوَّجَتْ بِصَبِيٍّ فَأَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِهِ إرْضَاعًا كَامِلًا انْفَسَخَ نِكَاحُهَا وَحُرِّمَتْ عَلَيْهِ أَبَدًا وعَلَى الْأَوَّلِ أَبَدًا
قوله: (وينفسخ فيهما) أي: في الصورتين السابقتين وهما:
إذا أرضعت امرأةٌ، تحرم بنتها على شخصٍ، زوجة ذلك الشخص. وإذا أرضعت زوجة رجلٍ، تحرمُ بنته على شخصٍ، زوجة ذلك الشخص، فينفسخ النكاحُ في الصورتين؛ لأنَّ الزوجة حينئذ صارت بنت من تحرم بنته. قوله:(من الصغار) لأنهنَّ ربائب لم يدخل بأمهن، وهن بنات خالاتٍ. قوله:(حرمت الكبرى) لأنها جدَّةُ امرأتِه في الأصحِّ. قاله في "شرحه" تبعًا لجمعٍ. ومقتضى ما تقدَّم: لا حرمةَ؛ لأن الجدُودَة فرع الأمومة، ولم تثبتْ. قوله:(بصبيٍّ) أي: لم يتمَّ له حولان. قوله: (وحرمت عليه) لأنها أمه، وعلى الأول؛ لأنها من حلائل أبنائه.
وَلَوْ تَزَوَّجَتْ الصَّبِيَّ أَوَّلًا ثُمَّ فَسَخْت نِكَاحَهُ لِمُقْتَضٍ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ كَبِيرًا فَصَارَ لَهَا مِنْهُ لَبَنٌ فَأَرْضَعَتْ بِهِ الصَّبِيَّ أَوْ زَوَّجَ رَجُلٌ أَمَتَهٌ بِعَبْدٍ لَهُ رَضِيعٍ ثُمَّ عَتَقَتْ فَاخْتَارَتْ فِرَاقَهُ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بِمَنْ أَوْلَدَهَا فَأَرْضَعَتْ بِلَبَنِهِ زَوْجَهَا الْأَوَّلَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمَا أَبَدًا فصل
وكل امرأة أفسدت نكاح نفسها برضاع قبل الدخول فلا مهر لها وَإِنْ كَانَتْ طِفْلَةً بِأَنْ تَدِبَّ فَتَرْتَضِعَ مِنْ نَائِمَةٍ أَوْ مُغْمًى عَلَيْهَا وَلَا يَسْقُطُ بَعْدَهُ وَإِنْ أَفْسَدَهُ غَيْرُهَا لَزِمَهُ قَبْلَ دُخُولٍ نِصْفُهُ وبَعْدَهُ كُلُّهُ وَيَرْجِعُ فِيهِمَا عَلَى مُفْسِدٍ وَلَهَا الْأَخْذُ مِنْ الْمُفْسِدِ
قوله: (أولا) أي: قبل الرجل. قوله: (فأرضعت به الصبي) حرمت عليهما أبدًا؛ لأنها أم الصبي، وحليلة ابن الرجل. قوله:(فاختارت فراقه) أي: فراق زوجها العبدِ الرضيعِ.
قوله: (فلا مهر لها) أي: لمجيء الفرقةِ من قبلها، كما لو ارتدَّت. قوله:(وإن طفلةً) لأنه لا فعلَ للزوجِ في ذلك، فلا مهر عليه. قوله:(لزمه) أي: الزوج.
ويوزع مَعَ تَعَدُّدِ مُفْسِدٍ عَلَى رَضَعَاتِهِنَّ الْمُحَرِّمَةِ لَا عَلَى رُءُوسِهِنَّ فَلَوْ أَرْضَعَتْ امْرَأَتُهُ الْكُبْرَى الصُّغْرَى وَانْفَسَخَ نِكَاحُهُمَا فَعَلَيْهِ نِصْفُ مَهْرِ الصُّغْرَى يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْكُبْرَى وَلَمْ يَسْقُطْ مَهْرُ الْكُبْرَى وَإِنْ كَانَتْ الصُّغْرَى دَبَّتْ فَارْتَضَعَتْ مِنْهَا وَهِيَ نَائِمَةٌ فَلَا مَهْرَ لِلصُّغْرَى وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِمَهْرِ الْكُبْرَى إنْ دَخَلَ بِهَا وَإِلَّا فَبِنِصْفِهِ وَمَنْ لَهُ ثَلَاثُ نِسْوَةٍ لَهُنَّ لَبَنٌ مِنْهُ فَأَرْضَعْنَ لَهُ زَوْجَةً صُغْرَى كُلُّ وَاحِدَةٍ رَضْعَتَيْنِ لَمْ تَحْرُمْ الْمُرْضِعَاتُ حُرِّمَتْ الصُّغْرَى وَعَلَيْهِ نِصْفُ مَهْرِهَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِنَّ أَخْمَاسًا خُمْسَاهُ عَلَى مَنْ أَرْضَعَتْ مَرَّتَيْنِ وَخُمْسُهُ عَلَى مَنْ أَرْضَعَتْ مَرَّةً
قوله: (ويوزع) أي: ما لزم زوجًا. قوله: (ولم يسقط مهر الكبرى) أي: لتقرره بالدخول. قوله: (فلا مهر للصغرى) لمجيء الفرقة من قبلها. قوله: (وإلا) أي: وإلا يدخل بالكبرى فبنصفه يرجع به على الصغرى، ولا تحرم الصغرى إذن حيث لم يكن اللبنُ له، وإلا حرمت أيضًا. قوله:(وحرمت الصغرى) أي: لأنها بنته. قوله: (على من أرضعت مرتين) اعلم: أن "من" هنا واقعة على مثنى المؤنث، وراعى في (أرضعت) لفظ:"من". والتقدير: على اللتين أرضعتا؛ وذلك لأنَّه صدر من الأولى والثانية كل واحدة رضعتين رضعتين. وقوله: (على من أرضعت مرة)"من" فيه واقعةٌ على الواحدة؛ لأن الثالثة لم يوجد منها محرمة إلا الأولى فقط.
فصل
وإن شك في رضاع أَوْ عَدَدِهِ بَنَى عَلَى الْيَقِينِ وَإِنْ شَهِدَتْ بِهِ امْرَأَةٌ مَرْضِيَّةٌ ثَبَتَ وَمَنْ تَزَوَّجَ ثُمَّ قَالَ: هِيَ أُخْتِي فِي الرَّضَاعِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ حُكْمًا وفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إنْ كَانَ صَادِقًا وَإِلَّا فَالنِّكَاحُ بِحَالِهِ وَلَهَا الْمَهْرُ بَعْدَ الدُّخُولِ وَلَوْ صَدَّقَتْهُ مَا لَمْ تُطَاوِعْهُ عَالِمَةً بِالتَّحْرِيمِ وَيَسْقُطُ قَبْلَهُ إنْ صَدَّقَتْهُ وَإِنْ قَالَتْ هِيَ ذَلِكَ وَأَكْذَبَهَا فَهِيَ زَوْجَتُهُ حُكْمًا وَإِنْ قَالَ هِيَ ابْنَتِي مِنْ الرَّضَاعِ وَهِيَ فِي سِنٍّ لَا يَحْتَمِلُ ذَلِكَ لَمْ تَحْرُمْ لِتَيَقُّنِ كَذِبِهِ وَإِنْ اُحْتُمِلَ فَكَمَا لَوْ قَالَ هِيَ أُخْتِي مِنْ الرَّضَاعِ وَلَوْ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ خَطَأً لَمْ يُقْبَلْ كَقَوْلِهِ ذَلِكَ لِأَمَتِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ
قوله: (وإن شهدت به
…
إلخ) أي: سواء شهدت على فعل نفسها، أو على فعل غيرِها، والرجل في ذلك أولى، كما في "الإقناع". قوله:(بعد الدخول) أي: بما نال منها. قوله: (قبله) اي: قبل الدخولِ. قوله: (إن صدَّقته) وهي حرة.
وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا ذَلِكَ قَبْلَ النِّكَاحِ لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ ظَاهِرًا وَمَنْ ادَّعَى أُخُوَّةَ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ بُنُوَّتَهَا مِنْ الرَّضَاعِ وَكَذَّبَتْهُ قُبِلَتْ شَهَادَةُ أُمِّهَا وبِنْتِهَا مِنْ نَسَبٍ بِذَلِكَ لَا أُمِّهِ وَلَا بِنْتِهِ وَإِنْ ادَّعَتْ ذَلِكَ هِيَ وَكَذَّبَهَا فَبِالْعَكْسِ وَلَوْ ادَّعَتْ أَمَةٌ أُخُوَّةَ بَعْدَ وَطْئِهِ لَمْ يُقْبَلْ وقَبْلَهُ يُقْبَلُ فِي تَحْرِيمِ وَطْءٍ لَا ثُبُوتِ عِتْقٍ وَكُرِهَ اسْتِرْضَاعُ فَاجِرَةٍ وَمُشْرِكَةٍ وَحَمْقَاءَ وَسَيِّئَةِ الْخُلُقِ وجَذْمَاءَ وَبَرْصَاءَ
قوله: (أجنبيةٍ) أي: غير زوجتِه. قوله: (بذلك) عليها إن كانت مرضية. قوله: (فبالعكس) فتقبل شهادة أمه عليه من نسبٍ، لا أمها وبنتها. قوله:(أخوة بعد وطءٍ) أي: أخوَّة سيدها بعد وطء مطاوعة. قوله: (فاجرة) لأن الرضاع يغيِّر الطباع، ويخشى تعدي الضرر، وفي "المجرد" يكره من بهيمةٍ. وفي "الإقناع": وزنجيةٍ.
صفحة فارغة