الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسائل مع تمثيلها بالشواهد الشرعية. وتنزيلها على ما ليس متداولاً من الفروع الفقهية. لتكون في ذلك دربة على استخدام الأصول للفقيه وقد أعرضت عن التطويل بجلب الأقوال. لأن في ذلك ما يضيع الزمان ويؤدي إلى الملال. وعن الإكثار من المسائل والفوائد. والتطوح إلى المستطردات الشوارد. فإن في هذا الكتاب وفاء بما يحتاج إليه من صميم علم الأصول بما ضمت عليه جوانح العبارات. وأومأت إليه لواحظ الإشارات. وتعرضت إلى ترجمة من لم تكن ترجمته شهيرة. أو كان في ذكره عبرة للمتعلم وبصيرة.
قال شهاب الدين رحمه الله
(الباب الأول في الاصطلاحات وفيه عشرون فصلاً)
أراد من هذا الباب بيان ألفاظ اصطلح أهل هذا العلم عليها يكثر ورودها في أكثر المواضع من كلامهم ويتوقف على بيانها فهم قواعدهم فلا يكون الناظر في كتاب من كتب علومهم مستفيداً تمام الاستفادة ما لم يعلم معاني تلك الألفاظ من وقت الشروع والذي ذكره المصنف هنا نوعان أولهما مسائل من علم الأصول سيأتي البحث فيها ولكن التربص بالشارع في هذا الكتاب إلى وقت الوصول لها يحول دونه ودون فهم المراد منها عند وقوعها في أثناء المباحث من الآن فذكرها هنا مقدمة كتاب. النوع الثاني مسائل من علوم أخرى نقلت إلى هذا العلم وجعلت أمام المقصود لارتباط له بها وانتفاع بها فيه وهذه مقدمة علم الأصول فقد اعتاد علماء هذا الفن تصديره بذكر مسائل ترجع إلى ثلاثة علوم: العربية والأحكام والكلام لاستمداد علم الأصول منها أما العربية فلأن الكتاب والسنة ومنهما معظم الأدلة عربيان. وأما الأحكام فهي شعبة من شعب علم الفقه ولكنها أخذت هنا باعتبار كونها شائعة متعارفة بين المسلمين قبل تدوين علمي الفقه والأصول لما يعرفه كل أحد من قولك
حرام وواجب فلا يرد ما يقال إنه يلزم توقف الأصل على فرعه ولذلك قال ابن الحاجب أن المراد تصورها أي تصور حقائقها وأقسامها أي لأنها الغاية من أدلة الأصول. وأما الكلام فلأن علم الكلام اسم للعلم الجامع لتحقيق مدارك العلوم النظرية بوجه لا يخالف الأصول الشرعية فهو قد أودع مسائل المنطق والفلسفة بعد تجريدها مما يجافي الدين فلما كان للأصولي فضل احتياج إلى قواعد من هذين العلمين وكان علم الأصول ومنازع الاجتهاد تشغل جل وقت المشتغل بها لزمهم أن يكفوا طلاب علمهم مؤنة ما يحتاجون إليه من هذين العلمين لصون الذهن عن الخطأ في النظر ولم يرضوا أن يتنازلوا إلى أخذها من علم غير إسلامي لئلا يكون علمهم الذي هو رئيس العلوم الشرعية على التحقيق مستمداً من علم غير إسلامي هذا قصارى ما نوجه به صنيعهم في الاستمداد من الكلام. ووجه ابن الحاجب ذلك بما لا يتم وإنما يصلح أن يجعل توجيهاً لاحتياج صحة الإيمان إلى علم الكلام. وبهذا يظهران هذا الباب مقدمة علم وكتاب معاً ولا ضير في ذلك عند التحقيق. غير أن أهل الأصول جروا على ابتداء كتبهم بتعريف العلم ثم يذكرون بعد ذلك المبادئ والمصنف رحمه الله عكس فقدم تعريف الحد على تعريف أصول الفقه وله وجه وجيه. وهو أن البحث عن تعريف الحد لا غرض منه إلا التحقيق فيما يرد من التعاريف كتعريف العام والمجمل مثلاً ليعلم الجامع والمانع من غيره ولما كان تعريف علم الأصول محتاجاً إلى ذلك كان البحث عن تمييز أحكام الحدود جديراً بالتقديم على كل تعريف يرد في هذا العلم على أن المصنف ترك توجيهه بهذا وعدل إلى الجواب الراجع إلى أن العلم تصور وتصديق والتصور سابق على التصديق الخ وهو لا يحسن هنا بل يحسن من المنطقي الذي يبحث عن طرق العلم لأن
موضوع علمه هو المعلوم من حيث هو تصور وتصديق فيقدم في الوضع ما هو مقدم منهما في الطبع أما الأصولي فلا داعي يدعوه إلى البحث عن العلم حتى يوجه كلامه بمثل هذا التوجيه المحتاج إلى توجيه (قوله. والتصديق مسبوق بالتصور آه) مسبوقية الكل بجزئه على رأي الإمام أو مسبوقية المشروط بشرطه على رأي الأقدمين كما لا يخفى (قوله قال والمختار عندي الخ) ليس هذا قولاً آخر أو مخالفة لما اقتضاه كلامه كما قد يتوهم بل هـ شرح لمعناه بوجه محقق أي والمختار في تقريره (قوله. قال أما اللفظي والرسمي فلا ينضبط عددهما الخ. هكذا نقل عبارة الغزالي ولم يتعرض بالصراحة لحكم الحد
الحقيقي هل يتعدد أم لا وهو لا يتعدد ووجهه أن الحد الحقيقي هو ما تركب من الذاتيات والذاتي ما لا يعقل فهم الذات قبل فهمه فلو تعدد الحد الذاتي لزم إما أن يكون أحد الحدين ذاتياً دون الآخر وإما أن تفهم الذات بدون فهم بعض ذاتياتها وهو ينافي حقيقة الذاتي اللهم إلا إذا أريد تغيير العبارات وهو حد لفظي (قوله نعني باللفظ لفظ السائل الخ) إنما بني التعريف على حال السؤال لأنه لا يكون إلا في جواب سؤال محقق أو مقدر لأن الذي يساق إليه التعريف أما سائل عن حقيقة المعرف وأما في قوة السائل لتردده وأما الجاهل البحت فلا معنى لسوق التعريف إليه إلا عند قصد التعليم وحاله حينئذ كحال السائل (قوله وهو غير المحدد الخ) هذا هو الموضع الذي تقتضي صناعة التأليف ذكر الخلاف المنقول من كلام الغزالي عنده (قوله وقولنا جامع هو معنى قولنا مطرد الخ)
خالف هنا اصطلاح كافة المناطقة إذ المطرد عندهم هو المانع والمنعكس هو الجامع وقد تعمد ذلك واعتذر فيما نقله عنه الزركشي بأنه أنسب بالاستعمال اللغوي لأن أطرد بمعنى استمر مطاوع طرده فالمطرد هو المستمر في إحاطته بمحدوده بحيث يجمع سائرها وهو اعتبار حسن لولا مخالفته للاصطلاح الشائع على أن له فيه سلفاً من المتكلمين فقد نقل الزركشي عن التذكرة لأبي علي التميمي أنه قال الجمع يسمى في اصطلاح علمائنا طرداً والمنع عكساً فاندفع اعتراض الرهوني على المنصف الذي ذكره حلو لو واقره (قوله قاعدة أربعة لا يقام عليها دليل الخ) أي دليل جدلي من المستدل في جواب المعترض وليس المراد أنها لا سبب لها إذ ما من حادث إلا وله سبب ولذلك يمكن أن يسأل عنه بلم ولكنه ليس سؤالاً يجعل المسئول مستدلاً حتى يلزم بالجواب عنه. فالحد علته أن المحدود كذلك في الخارج وأن مفهوم الحد صادق عليه مانع من دخول غيره وكفى بهذا دليلاً على صحته ومميزاً بين الصحيح والفاسد. والعوائد ناشئة عن أسباب تاريخية وحاجات مدنية. والإجماع لابد له من مستند. والعقائد والمراد بها هنا الوجدانيات كذلك وإن كانت أضعف إذ يكثر خفاء أسبابها كالجوع مسبب عن فراغ المعدة وظاهر كلام المصنف أنه أراد بالعقائد ما هو أعم لأنه تأول أن الذي لا يقام عليه الدليل هو كونها في النفس لا صحة وقوعها في نفس الأمر يريد أن المعتقد لا يستطيع أن يقيم الدليل على أنه يعتقد كذا ولا يطالب بالدليل على ذلك بل يكتفي منه بقوله أني اعتقد فإذا ذكر دليل المعتقد في الخارج غلب على ظننا أنه اعتقد في نفسه ما يقتضيه الدليل لأن شأن أهل العقول تسليم الأدلة الصحيحة (وقوله المراد بالمساوي أي في الجهالة الخ)