الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ترجمة ابن سيناء
وابن سيناء هذا هو أكبر وأشهر فلاسفة الإسلام وهو أبو علي الحسين ابن عبد الله بن سيناء (بالمد) البلخي ثم البخاري ولد بقرية من قرى بخاري سنة 370 سبعين وثلاثمائة وتوفي بهمذان في رمضان سنة 428 ثمان وعشرين وأربعمائة وقيل في أصبهان. تضلع في علوم الفلسفة والطبيعة وعمره ست عشرة سنة واتصل بالأمير نوح بن نصر السلماني صاحب خراسان وقلده أعمالاً كثيرة ثم انتقل بعد تنقلات إلى همذان قولي الوزارة للأمير شمس المعالي قابوس بن وشكمير وكان يداوي الناس تأدباً لا تكسباً وكان نادرة في علمه وذكائه وتصانيفه وله شعر رفيع منه.
لقد طفت في تلك المعاهد كلها
…
وسيرت طرفي بين تلك المعالم
فلم أر إلا واضعاً كف حائر
…
على ذقن أو قارعاً سن نادم
ومن تصانيفه في الفلسفة الشفاء والنجاة والإشارات وفي الطب القانون وهو عمدة الفن بعده (قوله وما ذكرتموه مجازاً الخ) لأن اسم الفاعل حقيقة في الحال وما ذكروه يقتضي وصف اللفظ بأنه دال أي قابل للدلالة فيصير مجازاً (قوله والذي اختاره أن دلالة اللفظ إفهام السامع الخ) أي إفهام اللفظ سامعه ليخرج الإفهام بدون لفظ من صفير وأنين. وحاصل هذا الذي اختاره يرجع إلى المذهب الثاني الذي ذكره ابن سيناء لأن إفهام اللفظ سامعه فرع
كون اللفظ بحيث يدل (قوله قلت لا بل يكفي الظن وأدنى ملازمة الخ) هذا اصطلاح جديد في دلالة الالتزام لأنها عند متأخري المناطقة عبارة عن اللزوم العقلي أي امتناع الانفكاك بالنظر إلى الماهية والوجود في جميع الأذهان كالزوجية للأربعة وهو لازم الماهية والتحيز للجرم وهو لازم وجوده. وأما اللوازم العارضة لبعض الأذهان فليست معتبرة. ولهذا فاللزوم عندهم لا يكون إلا قطعياً. لأن الملازمة للماهية أو الخارج محققة. وعند متقدميهم يكفي الجزم باللزوم عند تصور أمرين وهو اللازم البين بالمعنى الأعم وهو يقتضي الجزم بالتلازم أيضاً. وعند علماء البلاغة يكفي اللزوم عرفاً وربما اقتضى ذلك اغتفار الظن لأن الأمور العرفية مبنية
على المقامات الخطابية. فأما أدنى ملازمة فلا تعتبر فعلى اصطلاح المناطقة يكون الأمران مستدركين. وعلى اصطلاح الأدباء يستدرك أدنى ملازمة فقط. ولولا ما فسر به المصنف أدنى ملازمة لأمكن حملها على اللزوم البين بالمعنى الأعم وهو أن يلزم من تصور الأمرين الجزم باللزوم (قوله قلت هذا السؤال صعب وقد أوردته في شرح المحصول الخ) ملخص ما أجاب به في شرح المحصول أحد أمرين أما أن لفظ الكلية موضوع للقدر المشترك بقيد التتبع للأفراد كلها فرداً فرداً فيكون قيد التتبع جزء ما وضع له اللفظ وتتبع جميع الأفراد يدل على تتبع بعضها بالتضمن لأنه جزء جزء الموضوع له وجزء الجزء جزء فلا مانع من عد دلالة اللفظ عليه تضمناً. وأراد بالنكادة أن إطلاق التضمن على الدلالة على جزء الجزء غريب كما قاله. وأما أن يفسر الجزء بما يشمل الجزءي فيراد به البعض. ونكادة هذا مخالفته لإطلاقاتهم. وعلى الأمرين نكادة أخرى وهي أن تكون دلالة العام على أفراده بالتضمن مع أن الذهن إنما ينصرف عند سباعه إلى الأفراد كأنها الموضوع له لغة. وشأن دلالة التضمن أن لا تخطر بالأذهان إلا عند التنبيه أو البحث. وغاية ما لاح لي في دفع هذا البحث أن صيغة العموم تطلق بمعنى القضية الكلية الدالة على حكم عام. وتطلق على الأدوات الموضوعة للعموم كما في قولهم ما من صيغ العموم سواء وقعت في قضية أم لا: فأما الإطلاق الأول نحو "كل عبد لي فهو حر" فقد نقل عن الأصفهاني في شرح المحصول أنه قال هي في قوة صيغ متعددة وقضايا كثيرة تؤول إلى معنى عبدي فلان حر وعبدي فلان حر. اهـ. فتكون موضوعة لكل واحدة من تلك الصيغ سواء انفردت أم اجتمعت وذلك معنى قولهم "مدلول صيغة العموم كلية" أي محكوم فيها على كلي لا أنها كلي ولا كل. وأما الإطلاق الثاني أي اللفظ العام فهو اللفظ الكلي أما مفرد كالذي أو جمع كالمشركين. وكل
ذلك كلي دال على كل واحد من جزئياته أو على كل واحد من الجموع التي يشملها اللفظ لا بقيد الانحصار فهي دلالة مطابقة. غاية الأمر أن دلالة المطابقة قد تكون على احد بعينه كالأعلام والجزئيات. وقد تكون على واحد لا بعينه بل مع جواز الإطلاق على آخر كاسم الجنس والمشترك اللفظي وكان الموضوع له في اسم الجنس هو العنوان المعبر عنه بالفرد الدائر وإطلاق اسم الجنس على الفرد المشاهد أو المحكوم عليه إنما هو باعتبار كونه مظهراً لذلك العنوان. وقد تكون على واحد مع جواز غيره وإرادته معه كصيغ العموم واستعمال المشترك في معنييه والكناية. والكل مطابقة. نعم إن معنى المطابقة خفي في هذا القسم الثالث (قوله والدلالة باللفظ الخ) أراد أن يفرق بين دلالة اللفظ على معناه أو جزئه أو لازمه وبين استعماله في معناه أو في غيره وأن الموصوف بالحقيقة والمجاز هو الثاني. وحاصل التفرقة مع تكميل ذهل عنه المصنف أن اللفظ أن دل بنفسه على معناه المعلوم لللغوي أو على جزئه أو لازمه تبعاً له فهو لا يوصف بهذا الاعتبار بحقيقة ولا مجاز وإنما وصفه بالحقيقة والمجاز عند استعمال المتكلم إياه ولا شبهة أنه عندما يستعمله في معناه أو جزئه أو لازمه تبعاً للأصل فهو موصوف بالحقيقة لا محالة لأن ذلك هو ما وضع له. أما إذا استعمل في غير معناه أو استعمل في جزء معناه استقلالاً به لا تبعاً لكله أو في لازمه استقلالاً لا تبعاً لملزومه فجميع ذلك مجاز. فلا شك أن دلالة المطابقة والتضمن والالتزام توصف بأنها حقيقة لأنها لا تكون إلا بعد الاستعمال وإنما الذي لا يوصف بحقيقة ولا مجاز هو فهم المعنى في ذهن السامع أو استفادته من اللفظ وإفادة اللفظ له. وهذه أمور اعتبارية والمقصود هو دلالة اللفظ عند استعماله فالتفرقة بين الدلالتين ليس وراءه كبير جدوى. وكان الأولى أن