الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في الحقيقة وإن كان العصيان في غير التشريع وكان أمره جازماً فعصيانه من الجفاء والغواية ولا يذانه برقة الديانة وضعف احترام الرسول وهو لا ينطوي عليه قلب مليء إيماناً. وإن كان أمره إشارة على غير وجه جازم فلا ضير في عدم امتثاله ولذلك لما كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة لتراجع زوجها مغثيثاً قالت: أتأمرني يا رسول الله فقال بل أتشفع فقالت لا حاجة لي به ولم يلمها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فمن ترك هذا التنبيه كان مذموماً لما فاته من الإشارة اللطيفة. أما حديث أحب غليه مما سواهما فإنما سوغه أن السواءية ليست أمراً متفاوتاً في جنب الله ورسوله بل هي متواطي فليس في العدول عن جمع الضمير إلى العطف فيه شيء زائد على ما في الإضمار فترجح الإضمار بكونه الاعتبار المناسب ولا مقتضى للعدول عنه هذا خلاصة ما لاح لي في الجواب، وبه تندفع التوقفات التي عرضت لذوي الألباب. فأبقت الأشكال بعد طول البحث وراء حجاب، وهذا الخطيب الذي جرى ذكره قيل هو ثابت بن قيس بن شماس الصحابي خطيب الأنصار. وقيل هو عدي بن حاتم الطاءي.
ترجمة عز الدين
وعز الدين ابن عبد السلام هو عبد العزيز بن عبد السلام الشافعي الشامي ثم المصري
ولد سنة 577 سبع وسبعين وخمسمائة وتوفي سنة 660 ستين وستمائة كان إماماً قدوة واسع العلم شديداً في الحق نشأ بالشام إلى أثناء أيام الصالح إسماعيل الملقب بابي الجيش فلما استغاث إسماعيل
بالإفراج وأعطاهم مدينة "صفد" فأنكر عليه الشيخ عز الدين والشيخ ابن الحاجب وتركا الدعاء له غضب السلطان منهما فخرجا إلى الديار المصرية سنة 639 فأولاه سلطانها الملك الصالح أيوب القضاء بها وخطابة جامع عمرو بن العاص فاتفق أن أستاذ دار السلطان فخر الدين بن شيخ الشيوخ اتخذ بناء فوق مسجد بمصر فأمر عز الدين بهدمه واستعفى من القضاء فأولاه السلطان بعد ذلك تدريس الصالحية وبها درس ونفع وأخذ عنه جلة الأعلام مثل الشهاب القرافي وألف كتباً كثيرة أهمها القواعد الكبرى في الفقه والأصول ومجاز القرآن. والفتاوى المصرية. ورسال مستقلة في أغراض حققها. وله تفسير مختصر لحمه الله (قوله نحو من دخل داري فله دينار الخ) لأن وجد الفاء دليل السببية والتعليق بخلاف العكس لجواز كون من موصولة وله دينار خبر وأما دخول الفاء في خبر المبتدأ فقليل جداً فلا يكون احتمالاً وإن كان الموصول قريباً من الشرط في الاستعمال. وأما قوله في نحو إن دخلت الدار فأنت طالق أنه لو حذف الفاء طلقت في الحال فغريب لأن وجود الشرط دليل على أن ما بعده جزاء حذف الفاء من جواب يستحقها لا ينافي الشرطية وقد بين المص وجهه بأنه يعد منقطعاً عن الأول فيكون الشرط معدولاً عنه وتعاره قاعدة أن إعمال الكلام خير من إهماله إلا إذا ألغيت هذه القاعدة هنا لمعارضتها بقاعدة الاحتياط والتشديد في أمر النكاح والعتق (قوله وقد تستعمل لتراخي الترب الخ) ذلك خاص بعطفها للجمل كما صرح به الإمام المرزوقي في شرح قول جعفر بن علبة الحارثي من الحماسة.
ولا يكشف الغماء إلا ابن حرة
…
يرى غمرات الموت ثم يزورها
وتلا على ذلك آية. ثم كان من الذين آمنوا ولا شك أنه يزيد من عطف الجمل التي لم يقصد تشريكها في حكم الأعراف أعني أن يكون المراد من الجملة المعطوفة الابتداء لا العطف على محل ما قبلها وذلك بتمام الكلام من الأولى والترقي إلى ما بعدها لأن ذلك هو الصالح بقصد مجرد ترتيب الإخبار والأوفق بالمثالين اللذين ذكرهما. أما المعطوف على المحل فكالمفرد كما تقرر في البلاغة ولا تفارق فيه ثم حينئذ معنى المهلة فأما الآية التي ذكرها المصنف فلا شاهد فيها لأن المراد خلق الجنس وهو خلق آدم على التحقيق على حد هو الذي خلقكم من طين وأما البيت الذي ذكره فقد ذكره ابن عصفور وأجاب عنه: بأن مراد الشاعران سياد الممدوح هي التي جرت السيادة لأبيه ثم لجده فثم فيه على أصلها على أن في بيت
الحماسة بحثاً لي ذكرته في شرحي على ديوان الحماسة (قوله والقائلون بالتبعيض اشترطوا الخ) ممن قال به الأصمعي وابن مالك وتمسكوا بقوله تعالى عيناً يشرب بها عباد الله أي منها والظاهر أن معنى الباء في الآية السببية على إبقاء يشرب بمعناه أو على تضمين يشرب معنى يروى وفيه فائدة بيان أن الشرب منها سبب الري وأما كما جعل صاحب الكشاف يشرب بمعنى شرب الخمر وأن العين يمزجون بها شرابهم بحذف مفعول يشرب لعلمه من قوله إن الأبرار يشربون من كاس (قوله حتى لا تكون للتعدية الخ) باء التعدي هي التي تعدي الفعل القاصر من الفاعل إلى مفعول على معنى الإيقاع مثل الهمزة كقولهم ذهب الله بنورهم أي أذهبه وليس المراد التي يتعدى بها الفعل للمجرور لأن كل حرف جر يعدي الفعل. وبهذا تعلم أن قول المصنف آخر التقرير فتتعين الباء فيها للتعدية سهو إذ الباء على تقريره للالة (قوله وزعموا أن من ذلك قوله وامسحوا برءوسكم الخ) فيكون المطلوب مسح بعض الرأس وحاصل جواب المصنف عنه بالمعارضة وهي أن ما قالوه في وجود الفرق صحيح في الجملة لكن الفرق بصورة أخرى ولم يقصد المص بهذا إثبات مذهب مالك رحمه
الله لأن ما ذكره من المعارضة يقتضي أنه لا يتعين استيعاب الرأس إذا الآلة لا يلزم استعمال جميعها وإنما أراد المص إبطال تعيينهم التبعيض بناء على ما هو مقرر في آداب البحث والجدل من أن المانع لا مذهب له. والتحقيق أن الباء في الآية لتأكيد اللصوق لقصد التنصيص على أن المراد مماسة اليد للرأس لا المسح على العمامة وشبهها لأن المسح ربما كان يفهم منه قصد الشارع للتخفيف فكان المقام لدفع توهم المبالغة فيه والباء تدفع ذلك ومما وردت فيه الباء بمثل هذا المعنى في كلامهم قول النابغة في النعمان ابن المنذر.
لك الخير إن وارت بك الأرض واحدا
…
وأصبح جد الناس يضلع عاثرا
يريد وارتك الأرض للتنبيه على شدة اتصال الأرض به عند مواراته وذلك إياس في عودته. وأما حديث المغيرة ابن شعبة الذي ذكر فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح ناصيته فمع احتماله المجاز حملاً على مشهور الأحاديث والعمل، هو حديث غريب فيما تتوفر الدواعي على نقله وعلمه. أما معنى الآلة الذي يحاوله المص وعبر عنه بالتعدية فيستلزم أن تكون الأيدي مغسولة ممسوحة وأن لا يكون للرأس حظ إلا كونه منديلاً ينمسح به وكلاهما من السخافة بحيث تنزه الشريعة
عن قصده (قوله ومنها الفرق بين قول الفقهاء إذا قال كلما دخلت الدار وبين قوله ان ومتى الخ) اعلم أن المذهب في متى أنها مساوية لأن كما وقع في العتبية في كتاب الإيمان بالطلاق في سماع عيسى ابن دينار من ابن القاسم في المسألة الثالثة من رسم نقدها نقدها أنه إن قال متى تزوجت فلانة فهي طالق فتزوجها فطلقت ثم عاد لها أنها لا تطلق عليه ثانية إلا أن ينوي بمتى معنى كلما وهو عند مالك احتمال مرجوح كما أفصح عنه ابن رشد في شرحه البيان والتحصيل وعليه فما يأتي من عد متى في صيغ العموم إنما هو نظر لبعض استعمالاتها وهو الاستعمال المرجوح عند مالك