الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل السادس في حكمه بعد التخصيص
أي هل هو حقيقة أم مجاز حتى إذا عارضه نص تساوياً على القول بأنه حقيقة فيطلب له مرجح أو يقدم عليه على القول بأنه مجازان الحقيقة أرجح وأما العام المخصوص بمتصل فالصواب إخراجه من الخلاف كما قال أبو الحسين لأن الكلام لا ينطق به إلا في مهلة والاعتبار بأواخره أما غيره فهو محل الخلاف والتحقيق فيه أن صيغ العموم إنما تدل على مفهوماتها من ذات معروفة بصلة من الموصولات أو جنس في النكرة المنفية أو نحو هذا وأما الدلالة على الشمول فهي استعمال لا وضع كما تقدم فتارة لا يتحقق هذا الاستعمال وذلك في المخصص بمتصل لأن الكلام بأواخره حتى قلنا فيما تقدم أنه جدير بأن يسمى الخاص وتارة يطلق التركيب مؤذناً بالشمول ويدل دليل غير متصل به في اللفظ بل لفظي منفصل أو عقلي أو حسي مثلاً على أنه مراد منه بعض الأفراد فما هو حينئذ من استعمال اللفظ المفرد في غير ما وضع له بل هو استعمال المركب في غير ما وضع ليستعمل فيه أي في غير ما وضع له بالنوع وذلك بقتضي كونه مجازاً مركباً تمثيلياً بناء على أن استعمال الخبر في الإنشاء منه على مختار التفتازاني في شرح الكشاف إلا أن ذلك الدليل إن كان لفظياً منفصلاً فقد خصصه بعد استعماله فيما وضع له مدة قبل ورود هذا المخصص وهذا غريب لاقتضائه طريان المجاز على اللفظ بعد كونه مستعملاً مدة حقيقة فالذي يظهر أنه ليس من المجاز إذ لم يعهد له نظير ولاكنه من التعارض وإلا يلزم عليه أن تكون سائر القيود مجازاً وذلك يفضي إلى تكثير المجاز
وللزم أن يكون المجاز يعرض للكلام بعد الاستعمال بمهلة. وأما العام المراد به الخصوص من أول الأمر وهو الذي قامت القرينة كالحس والعقل على تخصيصه فهو مجاز مركب قطعاً ولا يظهر كونه مجازاً مفرداً إلا في كلمته كل خاصة لأن دلالتها على الشمول بالوضع لا بالاستعمال كما تقدم فإذا استعملت في الخصوص كانت مجازاً مفرداً. وغلى هذا التحقيق ترجع وتنكشف الأقوال السبعة في حكم العام المخصوص المستقراة من كتب الأصول وينتسب بعضها من بعض على ما فيها من تداخل وقلة جدوى وطائل (قوله حتى قال القاضي وجماعة أن الثمانية لها عبارتان الخ) مبالغة في اعتبار المستثنى مع المستثنى منه كلمة واحدة فلذلك لم تبطل به نصوصية الأعداد ولا يريد القاضي أنهما عبارتان لأنه أكبر من ذلك بل أراد أن عشرة إلا اثنين اسم عدد مركب مثل واحد وعشرين فكما يركب بالزيادة يركب بالنقص (قوله وقد قيل ما من عام إلا وقد خص الخ) كثير من العمومات لم يخص فيد صرح الشاطبي في أول الباب الثالث من كتابه المسمى بالاعتصام أن كل دليل شرعي كلي إذا تكرر في مواضع كثيرة ولم يقترن به تقييد ولا تخصيص فذلك دليل على بقائه على
أصله ومقتضى لفظه من العموم كقوله تعالى ولا تزر وازرة وزر أخرى (قوله هذه حجة الإمام الخ) أي على منع كون العام المخصوص حجة لا على تقييده المخصص تخصيصاً إجمالياً وحاصل احتجاج الإمام على عادته راجع إلى التجويز العقلي أي أنه لا مانع عقلاً من كونه حجة في الباقي بعد التخصيص وهذا لا يلاقي ما احتج به منكر وحجيته من عدم وجود ما يعين المراد من مجازاته وهي الأبعاض الباقية (قوله ذلك أن التوقف قسمان معي وسبق الخ) الدور معي وتبعي وحاصل الدور ف الوجود ممنوع لأنه لا يكون إلا تبعياً لاستحالة الضايف في الأعيان والجواهر وأما الأمور الاعتبارية فيكون الدور فيها لأنه اعتبار مثل ما في مقولة الإضافة. أما ما نحن بصدده فما هو من الدور إلا في الفهم لأن لفظ العام غير لفظ المخصص ولاكنهما بعد العلم بهما يفهمان معنى وهو تخصيص مدلول العام بمدلول المخصص ونسبة معنى المخصص إلى مدلول العام وذلك دور في الفهم لا في اللفظ هو قبيح في التعاريف