المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل السادس في أسماء الألفاظ - حاشية التوضيح والتصحيح لمشكلات كتاب التنقيح - جـ ١

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌(الباب الأول في الاصطلاحات وفيه عشرون فصلاً)

- ‌ترجمة الخسروشاهي

- ‌الفصل الثاني في تعريف أصول الفقه

- ‌ترجمة المازري

- ‌هو الإمام محمد بن علي بن عمر بن محمد التميمي المازري (بفتح الزاي عند الأكثر نسبة إلى مازرة بلدة من جزيرة صقلية

- ‌ترجمة أبي إسحق الشيرازي

- ‌هو الإمام إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزبادي "بكسر الفاء" الشيرازي الشافعي

- ‌ترجمة الآمدي

- ‌وسيف الدين الآمدي: هو علي ابن أبي علي الآمدي (بالمد وكسر الميم وبالدال المهملة منسوب إلى آمد مدينة كبيرة في ديار بكر مجاورة لبلاد الروم (أي الأرمن)

- ‌ترجمة ابن عطية

- ‌وابن عطية هو القاضي عبد الحق بن أبي بكر بن غالب القيسي (من قيس عيلان بن مضر) الغرناطي المالكي

- ‌الفصل الثالث في الفرق بين الوضع والاستعمال والحمل

- ‌الفصل الرابع في الدلالة

- ‌ترجمة ابن سيناء

- ‌الفصل الخامس في الكلي

- ‌الفصل السادس في أسماء الألفاظ

- ‌الفصل السابع في الفرق بين الحقيقة والمجاز

- ‌الفصل الثامن في التخصيص

- ‌الفصل التاسع في لحن الخطاب

- ‌ترجمة القاضي عبد الوهاب

- ‌والقاضي عبد الوهاب هو عبد الوهاب بن علي بن نصر بن أحمد بن حسين البغدادي المالكي

- ‌ترجمة الباجي

- ‌والباجي هو القاضي أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعدون التجيبي

- ‌ترجمة التبريزي

- ‌والتبريزي هو أمين الدين مظفر بن إسماعيل بن علي الواراني التبريزي الشافعي

- ‌الفصل العاشر في الحضر

- ‌ترجمة الأصمعي

- ‌والأصمعي هو إمام اللغة عبد الملك الأصمعي نسبة إلى أصمع بفتح الهمزة والميم أحد أجداده من قيس عيلان ويقال الباهلي

- ‌الفصل الثاني عشر في التصديق

- ‌ترجمة المتنبي

- ‌والمتنبي هو أبو الطيب أحمد بن الحسين الجعفي الكوفي

- ‌الفصل الثالث عشر في الحكم

- ‌الفصل الرابع عشر في أوصاف العبادة

- ‌الفصل الخامس عشر فيما تتوقف عليه الأحكام

- ‌الفصل السادس عشر في الرخصة والعزيمة

- ‌الفصل السابع عشر في الحسن والقبيح

- ‌ترجمة الأبهري

- ‌والأبهري هو أبو بكر محمد بن عبد الله بن عمر بن حفص بن عمر بن مصعب بن الزبير التميمي المالكي

- ‌ترجمة أبي الفرج

- ‌وأبو الفرج هو القاضي عمر بن محمد بن عمر البغدادي المالكي

- ‌ترجمة أبي الحسين البصري

- ‌وأبو الحسين هو محمد بن علي البصري المعتزلي الشافعي أحد أيمة المعتزلة

- ‌الفصل الثامن عشر في بيان الحقوق

- ‌الفصل التاسع عشرفي العموم والخصوص والمساواة

- ‌الفصل العشرون في المعلومات

- ‌الباب الثاني في معاني حروف

- ‌ترجمة سحيم

- ‌وسحيم اسمه حية وهو عبد لنبي الحسحاس وبهذا الوصف اشتهر بين

- ‌ترجمة عز الدين

- ‌وعز الدين ابن عبد السلام هو عبد العزيز بن عبد السلام الشافعي الشامي ثم المصري

- ‌ترجمة صهيب رضي الله عنه

- ‌وصهيب هو صهيب بن سنان النمري من المهاجرين رضي الله عنه

- ‌ترجمة ابن يعيش

- ‌وابن يعيش هو موفق الدين يعيش بن أبي السرايا بن محمد بن علي الأسدي الموصلي ثم الحلبي المعروف بابن الضايع

- ‌الباب الثالث في تعارض مقتضيات الألفاظ

- ‌ترجمة أبي بكر الباقلاني

- ‌والقاضي هو أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني البصري المالكي

- ‌ترجمة الابياري

- ‌والابياري هو علي بن إسماعيل بن علي بن حسين بن عطية المالكي التلكماني ثم الابياري نسبة (للأبيار بفتح الهمزة وسكون الموحدة قرية بجزرية بني نصير بين مصر والإسكندرية ذكره ياقوت) يلقب شمس الدين

- ‌ترجمة سعيد بن المسيب

- ‌وسعيد بن المسيب بكسر الياء المشددة المخزومي القرشي المدني

- ‌الباب الرابع في الأوامر وفيه ثمانية فصول

- ‌الشريعة كلها طلب فعل أو ترك فلا شبهة أن الأوامر نصفها

- ‌الفصل الأول في مسماه

- ‌ترجمة ابن القصار

- ‌وابن القصار هو القاضي أبو الحسن علين بن عمر بن القصار البغدادي

- ‌الفصل الثاني إذا ورد بعد الحظر

- ‌الفصل الثالث في عوارضه

- ‌الفصل الرابع يجوز تكليف ما لا يطاق

- ‌الفصل الخامس فيما ليس من مقتضاه

- ‌الفصل السادس في متعلقه

- ‌ترجمة الكرخي

- ‌والكرخي هو عبد الله بن الحسن بن دلهم الكرخي منسوب "لكرخ جدان" بفتح الكاف وسكون الراء وضم الجيم وتشديد الدال بليدة في منتهى العراق

- ‌ترجمة أبي الطاهر

- ‌وأبو الطاهر هو الشيخ أبو الطاهر محمد بن أحمد بن عبد الله الذهلي

- ‌الفصل السابع في وسيلته

- ‌الفصل الثامن في خطاب الكفار

- ‌الباب الخامس في النواهي

- ‌الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني في أقسامه

- ‌الفصل الثالث في لازمه

- ‌الباب السادس في العمومات

- ‌الفصل الأول في أدواته

- ‌ترجمة ابن السيد

- ‌وابن السيد هو عبد الله بن محمد بن السيد (بكسر السين) البطليوسي بفتح الباء نسبة لبطليوس مدينة بالأندلس

- ‌ترجمة عبد القاهر

- ‌والجرجاني هو الشيخ عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني الشافعي الأشعري

- ‌ترجمة صاحب إصلاح المنطق

- ‌وصاحب إصلاح المنطق هو يعقوب بن إسحق السكيت بكسر السين وتشديد الكاف لأنه كثير السكوت أصله من دورق بفتح الدالي والراء من أعمال خوزستان

- ‌ترجمة الكراع

- ‌والكراع هو علي بن حسن الهنائي شهر كراع النمل بضم الكاف المصري

- ‌الفصل الثاني في مدلوله

- ‌ترجمة الصيرفي

- ‌والصيرفي هو أبو بكر محمد بن عبد الله المعروف بالصيرفي الشافعي

- ‌الفصل الثالث في مخصصاته

- ‌ترجمة عيسى بن أبان

- ‌وعيسى بن ابان قال الخطيب في تاريخ بغداد عيسى بن أبان بن صدقة أبو موسى كان من أصحاب محمد بن الحسن

- ‌الفصل الرابع فيما ليس من مخصصاته

- ‌ترجمة أبي ثور

- ‌وأبو ثور هو إبراهيم بن خالد بن اليماني الكلبي البغدادي الشافعي

- ‌الفصل الخامس فيما يجوز التخصيص إليه

- ‌الفصل السادس في حكمه بعد التخصيص

- ‌ترجمة القاضي إسماعيل

- ‌والقاضي إسماعيل هو إسماعيل بن إسحق بن إسماعيل بن حماد بن زيد الجهضمي الأزدي مولى آل جرير بن حازم البصري ثم البغدادي

- ‌الفصل السابع في الفرق بينهوبين الشيخ والاستثناء

- ‌الباب السابع في أقل الجمع

- ‌ترجمة أبي إسحق الاسفرائيني

- ‌والأستاذ أبو إسحق لقب إذا أطلق في هذا الفن ينصرف إلى الشيخ إبراهيم بن محمد الاسفرائيني الشافعي ولد باسفرائين (بكسر الهمزة وسكون السين المهملة وفتح الفاء والراء بلدة بنوحي نيسابور) وتوفي في نيسابور

- ‌ترجمة عبد الملك بن الماجشون

- ‌وابن الماجشون هو عبد الملك بن عبد العزيز بن أبي سلمة شهر الماجشون المالكي

- ‌ترجمة ابن الأنباري

- ‌وابن الأنباري هو عبد الرحمان بن محمد أبو البركات كمال الدين النحوي الشافعي

الفصل: ‌الفصل السادس في أسماء الألفاظ

يفعل ذلك إلا بالقرينة. فالأولى الاقتصار على التمثيل للكل بأسماء العدد.

‌الفصل السادس في أسماء الألفاظ

كان المناسب تنكير الألفاظ إنما ذكر أسماء قليلة من الألفاظ الاصطلاحية وعبارته تقتضي العموم لأنها جمع معرف بالإضافة. وارد هنا بيان مسمى ألفاظ اصطلاحية يكثر ورودها وقد يخفى مسماها لدقة معناها (قوله كزيد والإنسان الخ) سهو لأن التواطؤ من صفات المفهوم الكلي لأنه من عوارض أفراد مفهوم واحد وليس هو من النسب كالتباين والعموم والخصوص وقد صرح بهذا في المتن. غذ قال المتواطئ "هو اللفظ الموضوع لمعنى كلي

ص: 32

مستوفى محاله" واعلم أن هاته المذكورات منها ما هو من النسب وهو التباين ونظائره التساوي والعموم والخصوص بنوعيه ولم يذكرها هنا. ومنها ما هو من صفة اللفظ باعتبار معناه أي من نسبة اللفظ لمعناه وهو الاشتراك والترادف. ومنها ما هو من نسبة أفراد الكلي وهو التواطؤ والتشكك. (قوله سؤال قوي الخ) حاصله استفسار عن تمييز الاختلاف الذي تقتضي التشكك والاختلاف الذي لا ينافي التواطؤ وحاصل الجواب اختيار الشق الأول وبيان الفرق بين التفاوتين بأن النظر إلى التفاوت في مفهوم اللفظ لا إلى التفاوت في الصفات الخارجية إذ لا تخلو عنه أفراد كلي ولذلك كان التشكيك بين الشمس والقمر والمصباح باعتبار وصف المنير لا باعتبار الجسمية أو الشكل وأشار بقوله حتى عد الرجل بالألف إلى قول الشاعر:

ولم أر أمثال الرجال تفاوتاً

لدى الفضل حتى عد ألف بواحد

(قوله قلت نعم ذلك حق الخ) ليس هو من الحق في شيء لأن تعريف المتواطئ دال على المعرف بلا نقص فإن قوله فيه "الموضوع لمعنى

ص: 33

كلي مستوفي محاله" أي في أفراده يدل صريحه على أن المستوى إنما هو المعنى الموضوع له اللفظ أعني المفهوم الكلي فهو في أفراده غير متفاوت ومقابلته بعكس ذلك في تعريف المشكك تزيد المقام إيضاحاً، وبطلان السؤال افتضاحاً، على أن في زيادة كلمة بجنسه خللاً لأنها تقتضي جعل جنس للكلي إذ يصير التعريف هكذا "موضوع لمعنى كلي مختلف في محاله بجنسه" والذي جر هذا السهو هو آخر التقرير من الكلام على اختلاف الجزئيات والتفرقة بين ما إذا كان اختلافها بالجنس أو بغيره فتصلح هذه الزيادة لو كان التعريف له باعتبار تساوي المفهوم (قوله والمتباينة الخ) إن أراد بالتباين مصطلح المناطقة والنسبة العقلية بين الكليين أي تفارقهما تفارقاً كلياً مثل الإنسان والفرس إذ لا شيء من أحدهما بصادق عليه الآخر لم يصح قوله ولو كانت للذات والصفة الخ وإن أراد به ما قابل الترادف كما يناسب كلامه فهو اصطلاح جديد لأن الترادف يقابله الاشتراك فتأمل (قوله والعلم هو الموضوع لجزئي الخ) قد يشكل بأن المعارف كلها كذلك وسيأتي تحقيق الجواب عنه عند الكلام على وضع الضمير (قوله وقيل في اسم الله تعالى أنه علم قاله صاحب الكشاف الخ) كلام الكشاف الذي أشار إليه المصنف لم يتعرض إلا لكونه غير صفة قال "فإن قلت أاسم هو أم صفة قلت بل اسم غير صفة الأتراك تصفه ولا تصف به لا تقول شيء إله كما لا تقول شيء رجل وتقول إله واحد صمد كما تقول رجل كريم خير" فليس في كلامه زيادة على الحكم بأنه

ص: 34

اسم لا صفة وذلك لا يقتضي كونه علماً ويرشد لذلك تنظيره مرتين برجل وجعل صفته نكرة فقال إلاه واحد والمصنف غير كلامه وذكر له صفات معروفة فلعل المصنف فهم أنه أراد من الاسم العلم نظراً لكون اسم الله لا يطلق على غيره لكن ذلك حاصل من التعريف فصار علماً بالغلبة لا بالوضع لتصريح صاحب الكشاف بأن أصله الإله فصار الله لكثرة الاستعمال كما صار الأناس الناس. فإن قلت: لعل سبب استنتاج العلمية من كلام الكشاف تعليله بأنه يوصف ولا يوصف به لما شاع في النحو من أن العلم لا يوصف به قلت: النحاة لم يقصدوا قصر ذلك على العلم بل كل ما لا يدل على معنى توصيفي لا يوصف به ألا ترى أن العلم والاسم الجامد لو تضمن وصفاً لوقع نعتاً وخبراً ومتعلقاً نحو جاء رجل حاتم "وأنت غربال الأهاب" و "أسد علي". نعم أن شراح الكشاف اختلفوا هل في كلامه ما يدل على أن اسم الجلالة قد صار علماً لقوله وأما الله بحذف الهمزة فمخصوص بالمعبود بحق لم يطلق على غيره فاختار السيد في حواشيه وحواشي المطول أنه أراد منه تحقيق الغلبة بالتغيير بحذف الهمزة. وأما التفتازاني في المطول في بحث العلمية فاختار أن ذلك التغيير كوضع جديد صار به علماً وأن الغلبة حصلت من قبل بالتعريف (قوله وتحرير الفرق بين علم الجنس وعلم الشخص الخ) أتي في التفرقة بينهما بما لا يزيد على الإقناع. فإن التفرقة بمعرفة تصور الواضع عند وضعه تستدعي البحث عن ضمير الواضع وتنقلنا بعد تحقق مراده إلى البحث عن سبب اختلاف

ص: 35

تصوره مع كون الموضوع له واحداً في الخارج ثم أي معنى يعقل لوضع اسم أسد للصورة التي في ذهن غير الواضع فإن أراد به أنه موضوع للماهية المعروفة لكل أحد فهل الصورة التي في ذهن الواضع ووضع لها لفظ أسامة الأمثال منها أي الماهية فلم يبق من فرق بين اللفظين أسد وأسامة من جهة المعنى الموضوع له خصوصاً وقد زاد فقال أن الصورة من حيث عمومها وخصوصها تنطبق على كل أسد في العالم فإنه صريح في أن هاته الصورة صورة الماهية وإنما جزئيتها وكليتها باعتبار كونها في ذهن واحد أو في أذهان كثيرة على أن تسليم كون تعدد الحصول في الأذهان مما يؤثر جزئية أو كلية "دونه خرط القتاد" لأن الكلي هو المفهوم الذي لم تعتبر فيه المشخصات والجزئي بخلافه فهو نسبة من المفهوم وإفراده وإذا ثبت كون اللفظين موضوعين لما يشمل كل أسد في العالم بطل الفرق من جهة المعنى بعد طول العناء وأطناب العبارة ولزم الرجوع إلى التفرقة اللفظية ولم أر أحداً حاول إفهام التفرقة بين هذين العلمين وبلغ لما أراد. فالذي يبدو في تحقيق الفرق بين اسم الجنس وعلمه على وجه أنسب بثبوت اختلاف الأحكام اللفظية الثابتة لهما أنه النظر لشرط الواضع وذلك أن ثمة وضعاً وشرطاً واستعمالاً على مقتضاهما فالواضع لما وضع الأسد وضعه اسماً لهذا الجنس أي للماهية كلها باعتبار أفرادها ليطلق على كل واحد من الأفراد أو على نفس الماهية عند تعريفه بلام الحقيقة ولم يشترط شيئاً في صحة استعماله فيما ذكر ولما وضع لفظ أسامة وضعه ليستعمل علماً على فرد مخصوص من أفراد الأسد بعد تعيينه عند المتكلم ووضع له جديد وهو قصد المتكلم لتمييز هذا الفرض عن غيره من أفراد الماهية بجعل اللفظ دليلاً عليه دونها

ص: 36

كما وضع لفظ آدم مثلاً ليدل على فرد معين من جنس الإنسان بعد تعينه ووضع جديد من مسميه. فعلم الجنس وعلم الشخص سيان في المعنى واللفظ. وعلم الجنس واسم الجنس مختلفان اختلاف النكرة والعلم بحسب شرط الواضع في الإطلاق وإنما لما كانت أفراد الأسد مما لا يعرف بعينه لضعف مشخصاتها بتشابه أفرادها كان وضع العلم لها مؤقتاً بحال حضورها بمرأى من المتكلم أو عند حديثه عنها حاكياً لمرآها بخلاف أعلام الأناسي فإنها تدوم معها لأن الحاجة إلى تمييز المسمى بها عمن سواه دائمة مادام المسمى موجوداً. وهو فرق لا يترك للاشتباه بعد اليوم مسلكاً إلى الأذهان (قوله فائدة جليلة اختلف الفضلاء في مسمى لفظ المضمر الخ) ذكر هنا مذهبين في تحقيق المعنى الموضوع له الضمائر وهو خلاف يسري إلى بقية المعارف ومنشأ الخلاف النظر إلى حال الاستعمال وهو نظر المذهب الأول. أو إلى عدم الاختصاص بواحد وهو نظر المذهب الثاني وهو التحقيق فإن الضمائر وسائر المعارف كليات بحسب الوضع وسائر الموضوعات اللغوية بحسب الوضع كلية لأن الواضع ما وضع لفظاً لذات معينة لا يطلق على غيرها حتى الكليات المنحصرة في أفراد كشمس وسماء فذلك بحسب العروض إلا أن كلية كل شيء بحسب ما وضع له فإذاً لم يبق لنا نظر في الوضع ولا حكم لنا على مقتضاه بكلية أو جزئية. وإنما النظر إلى أمرين آخرين وهما شرط الواضع واستعمال المتكلم فأما شرط الواضع فهو ما شرطه في وضع الكلمة وجعله قيداً مصححاً لإطلاقها مأخوذاً من تتبع استعماله ولبيان ذلك وضع علم متن اللغة وعلم الصرف

ص: 37

وعلم النحو. وهذا كوضعه الرجل للذكر البالغ الآدمي. ووضعه فعل لما مضى من الأحداث. ووضعه الرفع للدلالة على العمدية في الكلام لا يختص جميع ذلك بشخص دون آخر ولا بحدث دون غيره ولا بعمدة دون عمدة. وبالنظر إلى شرط الواضع يحكم على الكلمات بالكلية والجزئية وبالتنكير والتعريف. فأما الأفعال والحروف فما شرط الواضع فيها أكثر من تحقق مفهومها فهي كليات وضعاً وشرطاً. وإن لم يشع في الاصطلاح الحكم عليها بكلية أو جزئية ولا بتعريف أو تنكير لأن القصد من ذلك التفرقة وهي كلها نوع واحد وأما الأسماء فمنها نكرات ومعارف فالنكرات لم يشترط الواضع فيها إلا تحقق مدلولها فكانت كلية لأن شرطها كلي وذلك في الجوامد ظاهر وأما في المشتقات فلأن وجود مدلولها كاف في صحة حملها فإن قائم يوصف به الرجل باعتبار أنه اتحد بمدلوله لا باعتبار كونه هو الشخص القائم والألم يصح وصفه به إذ لا يوصف الشيء نفسه. وأما المعارف فقد شرط الواضع لصحة إطلاقها خصوص من تطلق عليه أي أنها تطلق على من قام به مدلولها باعتبار كون قيام مدلولها به خاصاً غير منظور إلى غيره. فأما العلم فأعلاها وهو موضوع ليدل على ذات خاصة من الأشياء لتميز به عن غيرها وشرط الواضع لصحة إطلاقها على ذات أن يوضع لها وضعاً ثانياً وهو المعبر عنه بالتسمية ثم البقية وضعت لمعان كلية على شرط أن لا تستعمل إلا عند قصد الجزئية "فأنا" وضع لمتكلم فهو كلي بحسب صلوحيته لأن يستعمله كل متكلم لكن شرط الواضع أن لا يستعمله إلا شخص حاضر في حالة تكلمه فإذا قلت أنا لم تلاحظ فيه إلا كونه علامة عليك. لا يشاركك فيها غيرك من المتكلمين ما دام

ص: 38

لم يستعمل كلمة أنا وبهذا يظهر الفرق بينهما وبين قولك متكلم لأن متكلم يصدق على كل متكلم وإن لم يخطر بباله الحديث عن نفسه بذلك ولهذا لم يصح الإخبار بالضمائر لا تقول رجل أنا مريداً به رجل متكلم و"هذا" وضع ليدل على مشار إليه مشروطاً أن لا يستعمل إلا عند قصد ذات معينة فلا يصح فيمن أشير إليه بالبنان أن تطلق عليه أنه هذا فتقول رجل هذا أي مشار إليه. وكذا الأمر أظهر في الموصول والمحلى بأل لأن التعريف فيهما عارض بالصلة والعهد. وأما ما يرد من الأخبار أو التوصيف بالعلم أو الضمير نحو رجل حاتم وقوله "وأني من القوم الذين هم هم، فذلك لتأويل الأول بالصفة. وكون الثاني من باب الأخبار بعين المبتدأ للدلالة على البقاء على حد "شعري شعري" واستعمال المتكلم لجميع ما ذكر على وفق شرط الواضع وهو في العلم متوقف على الوضع الجديد المشروط. وبهذا يظهر مرادهم من قولهم كليات وضعا جزئيات استعمالاً. لأن الاستعمال على وفق الشرط الجزئي وإنما لم يقولوا ذلك في العلم لتنزيل الوضع الحاصل من التسمية منزلة وضع الواضع فجعلوه جزئياً وضعاً واستعمالاً على وجه التسامح (قوله والقاعدة العقلية أن الدال على الأعم فيرد إلا على الأخص الخ) بما قدمناه يتبين عدم تسليم كون الضمير مثلاً دالاً على الأعم لأنه إنما دل على متكلم بشرط خصوصه لتعينه فليست الصغرى من القياس صادقة (قوله وثانيهما أن يوضع اللفظ الخ) هذا محل الجواب ومرجعه إلى كون المعارف من باب الكلي المنحصر في فرد وهو يقتضي كون شمس

ص: 39

وسماء معرفة وبطلانه واضح إلا أن يفرق بين البابين بالأغلبية وعدمها كما أشار إليه قوله فلما كان الغالب حصر الواقع الخ وفيه حزازة فالأولى في الجواب ما قدمنا من اعتبار شرط الواضع عند الوضع (قوله يقيد الاختصار والإيجاز في التعبير الخ) أراد بهذا لازمه وهو تقدم معاد وذلك مناط الفرق لأن ضمير الغيبة لا يطلق إلا على غائب معروف وهو المعاد بخلاف لفظ غائب كما أشار له آخر كلامه (قوله كأسماء الأعداد اهـ) وأعلام البلدان وأعلام الأجناس التي لم تشتهر بوصف يشبه بها فيه مثل أرض ونمل وشجر لأن جميع ذلك لا يحتمل المجاز وتمثيل بأسماء الأعداد بناء على المختار من عدم احتمالها للمجاز وعليه بحث شهير للمصنف في الفروق ومن بعده من حذاق المتأخرين وفيه بحث الشيخ الجد رحمه الله المشهور من استعمالها في الكثرة نحو ذرعها سبعون ذراعاً والتحقيق في الجواب ما استنبطه الشيخ

ص: 40

الجد مما أشار له صاحب الكشاف من كون الاستعمال في الكثرة على طريقة التمثيل ولفظه حقيقة. هذا والمصنف مثل للنص المفرد لأن المحث في أسماء الألفاظ مع أنه يوصف به المركب أيضاً وهو كل مركب كانت مفرداته نصوصاً ولم يحتمل مجازاً عقلياً ولا قصراً إضافياً ولا تخريجاً على خلاف مقتضى الظاهر ومثله الباجي بقوله تعالى ولا تقربوا. وفي المثال نظر لأن النهي ظاهر في التحريم لا نص فيه وقد ذكرناه هنا لأنه لا يجيئ من بعد (قوله وقيل من ما دل على معنى قطعاً وإن احتمل غيره الخ) إذا كان ذلك الغير يتحقق معه ذلك المعنى المدلول عليه وزيادة كالاستغراق فإنه يدل على أقل الجمع وزيادة وهو الواحد (قوله وقيل ما دل على معنى كيف ما كان الخ) أي لفظ دل فيكون مقابله دلالة العلة وهي القياس الذي يلقبه القدماء

ص: 41

بالمعنى كما أشار له المصنف هنا فإذا قال المجتهد هذا: حكم منصوص أراد أنه ليس بقياس وإذا قال المقلد: هذا منصوص أراد أنه من قول الأئمة لا من تخريجه أو تخريج المتأخرين (قوله هو الموضوع لمعنى كلي بقيد تتبعه الخ) متعلق بقوله الموضوع أو بحال من قوله لمعنى (قوله أي بالحكم الخ) متعلق بقوله تتبع أي تتبعها بالحكم فنحو والسارق والسارقة فاقطعوا نتبع محال السرقة بالحكم وهو القطع فحيثما وجدنا محلاً وضعنا له الحكم وهو القطع إذ العموم من عوارض التركيب فلابد فيه من حكم هو المظروف في العموم (قوله وسبب هاته العبارة والاحتياج إليها أشكال كبير عادتي أورده الخ) حاصله ترديد بين ثلاثة وجوه هي التي يمكن فرضها هنا وإبطال لكل واحد من الثلاثة وذلك حيرة: وحاصل جوابه باختيار الشق الأول من الترديد مع زيادة قيد التتبع وهو ضعيف لأن المقصود من صيغ العموم في التخاطب والتفاهم إنما هو الأفراد أولاً فإذا سمعنا والسارق والسارقة فاقطعوا تبادر لنا الأشخاص لا وصف السرقة وعليه فينبغي أن يكون اللفظ موضوعاً للمتبادر منه عرفاً. ولأن أدوات العموم مثل كل وجميع ومن وإينما إنما تفيد أفراداً من مدخولها فلا جرم كان مسمى العموم الأفراد وإنما المفهوم الكلي طريق لاستحضارها فهو حاصل تبعاً ولذلك فنحن لو سلمنا أن صيغة العموم موضوعة للوضع فإنا نختار الترديد الثاني فتكون صيغة العموم موضوعة للخصوصيات على وجه الإحاطة بها لأن الكلمات الدالة على العموم تفيد الإحاطة مثل كل وحيثما وهي المعبر عنها بالأسوار في المنطق ومدخولها الدال على الجنس يفيد الأفراد فحصل من مجموع ذلك أفراد مستغرقة لأن صيغ العموم إنما يقصد بها الأفراد ابتداء وما يدل عليها هو الموضوع في قضية العموم وأدوات العموم أسوار له ولا يرد ما

ص: 42

أورده المصنف من لزوم الاشتراك اللفظي لأن الاشتراك اللفظي هو الوضع للخصوصيات المختلفة بالذات التي لا تجمعها جهة وحدة ظاهرة أما التي تجمعها جهة وحدة مثل مدلول صفة العموم فجمعها مانع من الاشتراك اللفظي فالاختلاف نوعان أحدهما يوجب الاشتراك اللفظي والآخر يوجب الاشتراك المعنوي وهو الاختلاف في الخصوصيات مع اتحاد النوع وغير هذين اتحاد لا يوجب اشتراكاً البتة مسماه جزئي واحد مشخص. وبهذا أيضاً يندفع الرد الثاني وهو تعذر الوضع لهذا المعنى الذي أشار له بقوله "ووضع لفظ المشترك بين أمور غير متناهية محال" لأن غير المتناهي إذا استحضر بعنوان عام لم يستحل الوضع له كما في أسماء الأجناس والأحداث. وهذا يدفع الأشكال عن صيغ العموم وعن الكلي وعن المشكك أيضاً لأن الاختلاف الحاصل بين أفراده قد يرد عليه أنه موجب لكون اللفظ الموضوع لها مشتركاً لفظياً على أننا لا نسلم كون صيغة العموم موضوعة لشيء. إذ العموم عارض من عوارض الألفاظ عند تركيبها واستعمالها وليس هو من المدلولات الموضوع لها الألفاظ ولذلك يقولون صيغ العموم ولا يقولون ألفاظ العموم كما سيأتي في بابه فقولك كل رجل كلمتان إحداهما كل موضوعة للإحاطة بالأفراد إذ لا يفهم منها عند سماعها إلا ذلك والأخرى رجل وهو موضوع للنوع المعروف فإذا أضيف أحدهما للآخر أفاد استغراق أفرد هذا النوع. وكذلك حيثما مع فعل الشرط تدل على استغراق أفراد مدلول فعلها وهو نوع الحدث المشتق هو منه ففي إطلاق اسم الموضوع عليه تساهل إلا أن يراد الوضع النوعي. والغفلة عن هذا أوجبت إضطراباياتي في تعريف العام. وأما جواب البعض الذي حكاه المصنف وزيفه فما هو ببعيد من كلامه لأن قيد العدد يؤذن بالتتبع له وإلا لقال المجيب بقيد الفرد المبهم نعم إن كلمة مفهوم العدد وقعت في تقرير المجيب ولعلها سهو

ص: 43

منه فإيراد المصنف عليه بأن مفهوم العدد كلي فيه توقف لأن العدد في اصطلاح المناطقة هو الكثرة المنتشرة أعني أفراد الماهية وليست هي من المفاهيم إذ المفاهيم لا تحقق لها في الخارج والأفراد متحققة والكلي منتشر فيها. فالحق أن جواب البعض لا يرد عليه إلا كونه غير واضح في مراده فتدبر حق التدبر (قوله وهو أن صيغة العموم بين أفرادها قدر مشترك الخ) الظرف وهو بين أفرادها خبر مقدم وقدر مشترك مبتدأ مؤخر والجملة منها خبران المفتوحة والمعنى أن كل صيغة عموم يوجد قدر مشترك بين أفرادها وإنما قدم الخبر ليدفع إيهام كون قدر مشترك خبراً إن حتى تكون صيغة العموم هي القدر المشترك (قوله والمطلق هو اللفظ الموضوع لمعنى كلي الخ) أي بلا قيد وبهذا فارق العام والمراد بالمعنى الكلي ما يشمل معنى لام الطبيعة فنحو الزنا مطلق. ونحو طالق مطلق فهو يساوي النكرة ويساوي مدخول لام الحقيقة وهذا وجه الجمع بين كلامي ابن الحاجب والسبكي فيما أرى. وأما المقيد فهو ما دل على الماهية بقيد من أنواعها أو أحوالها نحو طالق ثلاثاً وزناً المحصن وبهذا فارق القيد المأخوذ في العام لأنه قيد لاستيعاب أفراد

ص: 44

الماهية فافهم (قوله موضوعة للكلام اللساني مجازفي النفساني الخ) كيفما كان فإنه متعارف في اللساني إذ الأصولي لا يبحث عن النفساني بل عن اللساني لأن أدلة الأحكام من الكلام اللساني.

ص: 45