المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الثالث في تعارض مقتضيات الألفاظ - حاشية التوضيح والتصحيح لمشكلات كتاب التنقيح - جـ ١

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌(الباب الأول في الاصطلاحات وفيه عشرون فصلاً)

- ‌ترجمة الخسروشاهي

- ‌الفصل الثاني في تعريف أصول الفقه

- ‌ترجمة المازري

- ‌هو الإمام محمد بن علي بن عمر بن محمد التميمي المازري (بفتح الزاي عند الأكثر نسبة إلى مازرة بلدة من جزيرة صقلية

- ‌ترجمة أبي إسحق الشيرازي

- ‌هو الإمام إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزبادي "بكسر الفاء" الشيرازي الشافعي

- ‌ترجمة الآمدي

- ‌وسيف الدين الآمدي: هو علي ابن أبي علي الآمدي (بالمد وكسر الميم وبالدال المهملة منسوب إلى آمد مدينة كبيرة في ديار بكر مجاورة لبلاد الروم (أي الأرمن)

- ‌ترجمة ابن عطية

- ‌وابن عطية هو القاضي عبد الحق بن أبي بكر بن غالب القيسي (من قيس عيلان بن مضر) الغرناطي المالكي

- ‌الفصل الثالث في الفرق بين الوضع والاستعمال والحمل

- ‌الفصل الرابع في الدلالة

- ‌ترجمة ابن سيناء

- ‌الفصل الخامس في الكلي

- ‌الفصل السادس في أسماء الألفاظ

- ‌الفصل السابع في الفرق بين الحقيقة والمجاز

- ‌الفصل الثامن في التخصيص

- ‌الفصل التاسع في لحن الخطاب

- ‌ترجمة القاضي عبد الوهاب

- ‌والقاضي عبد الوهاب هو عبد الوهاب بن علي بن نصر بن أحمد بن حسين البغدادي المالكي

- ‌ترجمة الباجي

- ‌والباجي هو القاضي أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعدون التجيبي

- ‌ترجمة التبريزي

- ‌والتبريزي هو أمين الدين مظفر بن إسماعيل بن علي الواراني التبريزي الشافعي

- ‌الفصل العاشر في الحضر

- ‌ترجمة الأصمعي

- ‌والأصمعي هو إمام اللغة عبد الملك الأصمعي نسبة إلى أصمع بفتح الهمزة والميم أحد أجداده من قيس عيلان ويقال الباهلي

- ‌الفصل الثاني عشر في التصديق

- ‌ترجمة المتنبي

- ‌والمتنبي هو أبو الطيب أحمد بن الحسين الجعفي الكوفي

- ‌الفصل الثالث عشر في الحكم

- ‌الفصل الرابع عشر في أوصاف العبادة

- ‌الفصل الخامس عشر فيما تتوقف عليه الأحكام

- ‌الفصل السادس عشر في الرخصة والعزيمة

- ‌الفصل السابع عشر في الحسن والقبيح

- ‌ترجمة الأبهري

- ‌والأبهري هو أبو بكر محمد بن عبد الله بن عمر بن حفص بن عمر بن مصعب بن الزبير التميمي المالكي

- ‌ترجمة أبي الفرج

- ‌وأبو الفرج هو القاضي عمر بن محمد بن عمر البغدادي المالكي

- ‌ترجمة أبي الحسين البصري

- ‌وأبو الحسين هو محمد بن علي البصري المعتزلي الشافعي أحد أيمة المعتزلة

- ‌الفصل الثامن عشر في بيان الحقوق

- ‌الفصل التاسع عشرفي العموم والخصوص والمساواة

- ‌الفصل العشرون في المعلومات

- ‌الباب الثاني في معاني حروف

- ‌ترجمة سحيم

- ‌وسحيم اسمه حية وهو عبد لنبي الحسحاس وبهذا الوصف اشتهر بين

- ‌ترجمة عز الدين

- ‌وعز الدين ابن عبد السلام هو عبد العزيز بن عبد السلام الشافعي الشامي ثم المصري

- ‌ترجمة صهيب رضي الله عنه

- ‌وصهيب هو صهيب بن سنان النمري من المهاجرين رضي الله عنه

- ‌ترجمة ابن يعيش

- ‌وابن يعيش هو موفق الدين يعيش بن أبي السرايا بن محمد بن علي الأسدي الموصلي ثم الحلبي المعروف بابن الضايع

- ‌الباب الثالث في تعارض مقتضيات الألفاظ

- ‌ترجمة أبي بكر الباقلاني

- ‌والقاضي هو أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني البصري المالكي

- ‌ترجمة الابياري

- ‌والابياري هو علي بن إسماعيل بن علي بن حسين بن عطية المالكي التلكماني ثم الابياري نسبة (للأبيار بفتح الهمزة وسكون الموحدة قرية بجزرية بني نصير بين مصر والإسكندرية ذكره ياقوت) يلقب شمس الدين

- ‌ترجمة سعيد بن المسيب

- ‌وسعيد بن المسيب بكسر الياء المشددة المخزومي القرشي المدني

- ‌الباب الرابع في الأوامر وفيه ثمانية فصول

- ‌الشريعة كلها طلب فعل أو ترك فلا شبهة أن الأوامر نصفها

- ‌الفصل الأول في مسماه

- ‌ترجمة ابن القصار

- ‌وابن القصار هو القاضي أبو الحسن علين بن عمر بن القصار البغدادي

- ‌الفصل الثاني إذا ورد بعد الحظر

- ‌الفصل الثالث في عوارضه

- ‌الفصل الرابع يجوز تكليف ما لا يطاق

- ‌الفصل الخامس فيما ليس من مقتضاه

- ‌الفصل السادس في متعلقه

- ‌ترجمة الكرخي

- ‌والكرخي هو عبد الله بن الحسن بن دلهم الكرخي منسوب "لكرخ جدان" بفتح الكاف وسكون الراء وضم الجيم وتشديد الدال بليدة في منتهى العراق

- ‌ترجمة أبي الطاهر

- ‌وأبو الطاهر هو الشيخ أبو الطاهر محمد بن أحمد بن عبد الله الذهلي

- ‌الفصل السابع في وسيلته

- ‌الفصل الثامن في خطاب الكفار

- ‌الباب الخامس في النواهي

- ‌الفصل الأول

- ‌الفصل الثاني في أقسامه

- ‌الفصل الثالث في لازمه

- ‌الباب السادس في العمومات

- ‌الفصل الأول في أدواته

- ‌ترجمة ابن السيد

- ‌وابن السيد هو عبد الله بن محمد بن السيد (بكسر السين) البطليوسي بفتح الباء نسبة لبطليوس مدينة بالأندلس

- ‌ترجمة عبد القاهر

- ‌والجرجاني هو الشيخ عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني الشافعي الأشعري

- ‌ترجمة صاحب إصلاح المنطق

- ‌وصاحب إصلاح المنطق هو يعقوب بن إسحق السكيت بكسر السين وتشديد الكاف لأنه كثير السكوت أصله من دورق بفتح الدالي والراء من أعمال خوزستان

- ‌ترجمة الكراع

- ‌والكراع هو علي بن حسن الهنائي شهر كراع النمل بضم الكاف المصري

- ‌الفصل الثاني في مدلوله

- ‌ترجمة الصيرفي

- ‌والصيرفي هو أبو بكر محمد بن عبد الله المعروف بالصيرفي الشافعي

- ‌الفصل الثالث في مخصصاته

- ‌ترجمة عيسى بن أبان

- ‌وعيسى بن ابان قال الخطيب في تاريخ بغداد عيسى بن أبان بن صدقة أبو موسى كان من أصحاب محمد بن الحسن

- ‌الفصل الرابع فيما ليس من مخصصاته

- ‌ترجمة أبي ثور

- ‌وأبو ثور هو إبراهيم بن خالد بن اليماني الكلبي البغدادي الشافعي

- ‌الفصل الخامس فيما يجوز التخصيص إليه

- ‌الفصل السادس في حكمه بعد التخصيص

- ‌ترجمة القاضي إسماعيل

- ‌والقاضي إسماعيل هو إسماعيل بن إسحق بن إسماعيل بن حماد بن زيد الجهضمي الأزدي مولى آل جرير بن حازم البصري ثم البغدادي

- ‌الفصل السابع في الفرق بينهوبين الشيخ والاستثناء

- ‌الباب السابع في أقل الجمع

- ‌ترجمة أبي إسحق الاسفرائيني

- ‌والأستاذ أبو إسحق لقب إذا أطلق في هذا الفن ينصرف إلى الشيخ إبراهيم بن محمد الاسفرائيني الشافعي ولد باسفرائين (بكسر الهمزة وسكون السين المهملة وفتح الفاء والراء بلدة بنوحي نيسابور) وتوفي في نيسابور

- ‌ترجمة عبد الملك بن الماجشون

- ‌وابن الماجشون هو عبد الملك بن عبد العزيز بن أبي سلمة شهر الماجشون المالكي

- ‌ترجمة ابن الأنباري

- ‌وابن الأنباري هو عبد الرحمان بن محمد أبو البركات كمال الدين النحوي الشافعي

الفصل: ‌الباب الثالث في تعارض مقتضيات الألفاظ

‌الباب الثالث في تعارض مقتضيات الألفاظ

يريد تعارض مقتضيات اللفظ الواحد إذا كانت من حيث المعنى اللغوي، سواء كان من الوضع أم من الفحوى ودليل هذا المراد ما ذكره من تقديم العموم على الخصوص والإطلاق على التقييد فإنه لو تعارض لفظان أحدهما عام والآخر خاص لحمل العام على خصوص الخاص وكذا المطلق والمقيد. أما هذا الباب فهو باب الحمل أي على أي الاحتمالات يجمل اللفظ الواحد وإنما جمع الألفاظ باعتبار أنواع الاحتمالات ولو أفراد اللفظ لكان أوضح في المراد. فليس صرف اللفظ عن معناه لتأويل أو دليل أو لغير ذلك مراداً هنا وإن ورد في بعض أمثلة المص على وجه التسامح أو السهو كما سنبينه (قوله يحمل اللفظ على الحقيقة دون المجاز الخ) أي متى تساويا في الاشتهار وفي المناسبة للمقام ولم تقم قرينة ولا عادة من الاستعمال فإذ ورد نحو قوله تعالى أو لامستم النساء حمل على الوطء مجازاً لأن عادة القرآن ترك التصريح بمثل هذا وبهذا يرجح كون المراد من النكاح العقد فقوله ولفظ النكاح يحمل الخ فيه أنه يثبت اشتراكه

ص: 126

من تتبع اللغة بل ثبت كونه أغلب في العقد والذي ألجأ المص إلى هذا هو حمل النكاح على ما بعد العقد في آية حتى تنكح زوجاً غيره لثبوت شرط المسيس في حديث زوجة رفاعة حين أرادت أن تراجعه بعد أن تزوجت بزوج معترض فالوجه أن السنة قيدت الإطلاق بدليل أن المرأة وهي عربية ظنت إباحة المراجعة بالعقد (قوله يقول الشافعي يقتلوا أن قتلوا الخ) فراراً من تفويض الأمر إلى الشاهية إذا حمل التخيير على ظاهرة وذهب سعيد ومجاهد وعطاء والتخعي إلى كونه موكولاً لاجتهاد الإمام. والجمهور على أنه إشارة إلى اختلاف أحوال الحرابة واختلفوا في بيان ذلك في سبعة أقوال منها قول الشافعي المذكور هنا. ومذهب مالك أنه تخيير ظاهري وهو كغيره موكولاً للاجتهاد بتنزيل العقاب على قدر الجرم وكثرة المقام على الفساد وإلى ذلك يشير قول المدونة في كتاب المحاربين "رب محارب لم يقتل هو أخوف وأعظم فساداً ممن قتل إلى أن قال وليس كل المحاربين سواء منهم من يخرج بعصى أو خشبة فيؤخذ على تلك الحالة ولم يخف السبيل فهذا لو أخذ فيه بأيسر الحكم لم أر به بأساً اهـ" ويؤيد مذهب مالك أشياء الأول أن الله تعالى ناط العقوبة بالحرابة حيث قال إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله فإن الموصول يومئ إلى التعليل فلو قلنا يقتل إن قتل كنا لم نؤاخذه لأجل الحرابة ولم نعد به إخوانه من القاتلين وليس هذا المراد من تنكيل شأن الحرابة وشق العصا. أما عدم جواز عقاب القاتل من المحاربين بالنفي الذي هو من جملة ما خير فيه فذلك لأن شرط العقوبة مساواتها للجريمة وتندرج الحرابة في القتل قال في المدونة "ولا يجتمع مع القتل قطع ولا ضرب اهـ". الثاني أن الله تعالى قال أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وليس السارق

ص: 127

كذلك لأنه إنما تقطع يده فقط إلا عند العودة فقد قيس حكمه فيها على المحارب في أصل جواز قطع الرجل ثم المحارب قد يجمع له بين الأمرين من أول مرة وليس جمع الضمير في قوله أيديهم لتوزيع أصناف المحاربين من أخذ في المرة الأولى أو الثانية إذ لو كان كذلك لأتى بأو عوضاً عن الواو. الثالث قوله إلا الذين تابعوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم ليس إعلاماً لنا بما سيصنع بهم في الآخرة لأن ذلك لا يهمنا وإنما هو حكم بان من جاء منهم تائهاً قبل القدرة عليه يعفى عنه إلا في حقوق الناس من دم أو مال وقد وقع الإجماع على هذا فلو كانت العقوبة منوعة على حسب ما أتاه لما صح العفو عنه في ذلك. الرابع ما ذكره المصنف من تقديم الاستقلال على الإضمار (قوله وقيل ليست زائدة الخ) لا خلاف في كون المراد من الجملة على كلا الوجهين القسم فأما القسم على وجه الزيادة فظاهر. وأما على وجه النفي فاستعمال الجملة في القسم تمثيل لحال المقسم في تعظيمه أمر المقسم به بحال من يحب أن يحلف ويخشى الحنث الذي بكسر السين ليس بأمر هين عنده فيترك الحلف فكأنه يقول لا أقسم بهذا البلد وفي وقت حلولك فيه فالواو للحال لا للعطف وإنما أشير إلى كونه فيه حلالاً غير محرم لدفع توهم أن التعظيم لابسه من وصف الإحرام بل هو تعظيم ذاتي. والآية جاءت على أسلوب العرب تعظيماً للمقسم به بتعظيم ساكنه فكان شأنه تعالى وتقدس كشأن من يترك الحلف خشية الحنث وأما تقدير المص النفي على حقيقته وتقدير ليس محذوفه فتكلف لأن حذف النافي خاص بلا بشرطين والكل مفقود هنا على أن الآية مكية والنبي صلى الله عليه وسلم هناك فأي معنى للامتناع من القسم عند عدم

ص: 128

وجوده فيه (قوله والعرب لا تزيد فيه التأكيد على ثلاث الخ) فيكون ما وقع فيه السورة من التكرير وهو إعادة الجملة لغرض غير التحقيق من التهديد أو التوبيخ أو غيره فليس هو من التأكيد لاختلاف الغرضين فما جاء للتوبيخ ما في سورة الرحمان. ومنه للتهديد ما وقع في سورة المرسلات. ومما جاء للتهويل والتحميس قول الحرث بن عباد البكري لما قتلت تغلب ابن أخيه بجيرا بكليب في مبدأ حرب البسوس.

قربا مربط النعامة مني

أن بيع الكريم بالشسع غالي

فكررها نحواً من أربعين مرة (1) وقد يجيء لإلقاء التبعة وقطع المعذرة مثل تكرير جملة "ألا هل بلغت اللهم اشهد" في خطبة حجة الوداع (قوله فروع أربعة الخ) هذان الفرعان الأولان يتعلقان بحكم المشترك وقد بحث فيه المص بحثاً مجملاً فأردت أن أبين ما يكون عوناً على المباحث الآتية. والبحث في المشترك عن ثلاثة. أشياء وقوعه. واستعماله. والعمل فيه عند وروده. أما وقوعه فقد أثبته الجمهور وأنكره قليل من علماء اللغة والأصول وليس هو عبارة عن وضع الواضع اللفظ لمعنى ثم وضعه لمعنى آخر لأن ذلك ينافي الغرض من وضع اللغة الذي هو تمايز الأشياء لقصد التفاهم واحتمال نسيان الواضع لا يذكر هنا لأن كلا اللفظين مستعمل ولكن الاشتراك يعرض للغة بثلاثة أسباب أولها تعدد لغات قبائل العرب بعد تفرقهم في أطراف الجزيرة أثر سيل العرم فلما وقع التعارف بينهم من

(1) النعامة اسم فرسة وذلك أن جساس بن مرة من بكر ابن وائل قتل كليب بن ربيعة من تغلب على شأن ناقة لعجوز تدعى البسوس فلما اشتد ما بين القبليتين وخيف الحرب أرسل الحرث بن عباد بن بكر ابن أخيه بجيرا ليقتل قوداً بكليب فلما قتلته تغلب قالوا عند قتله بوبشسع نعل كليب.

ص: 129

بعد نقلت كل قبيلة لغتها للأخرى ويلحق بهذا المعرب. ثانيها شهرة المجاز ومنه استعمال الحرف في معنى حرف آخر. ثالثها التلطف للتفاؤل ونحوه كقولهم الجون للأبيض والأسود وللأعمى بصير وللملدوغ سليم والظاهر أن من أنكره غفل عن هذا فيوشك أن يكون الخلاف لفظياً فالاشتراك يعرض بعد الاستعمال لا من أصل الوضع ولما كان بحث الأصولي عن وقوعه في الاستعمال فلا حاجة به إلى الغوص في أعماق الوضع. وأما استعماله فلا شك أن استعمال كل لفظ يكون على حسب الوضع وإنما المراد أنه هل يصح أن يستعمل المتكلم مريداً به جميع مسمياته أو صبره منها وهل إذا صح ذلك وورد لفظ مشترك بدون قرينة مبينة يحمل على إرادة الجميع أم إرادة واحدة ونقل المصنف عن مالك رحمه الله أنه يقول بجواز ذلك فلعله مأخوذ من فروع مذهبه إذ لم يعهد من مثله التكلم في مسائل الجواز فإن كان في الكلام ما يعين المراد مثل التكرير بقدر الموضوع له صح ولا إجمال. ودون ذلك الإتيان بصيغة المثنى والجمع لأن الجمع خصوصاً يؤذن بإرادة جميع المعاني فإن انضمت القرينة فأجدر بالجواز مثل قول الحرير.

جاد بالعين حين أعمى هواه

عينه فانثنى بلا عينين

لأن تقديم ذكر لفظ العين في معنيين دل على المراد من التثنية. وأما حكم حمله عند السامع فأما المشترك إذا ورد غير ظاهر المراد منه بأن كان مفرداً منكراً أو مثنى ومعانيه أكثر من اثنين وهي وإن كانت مبنية على مسألة جواز الاستعمال إلا أن معنى الحمل بيان مقدار ما أراده المستعمل من جميع المعاني أو بعضها فالحمل إذاً أخص من الاستعمال ولا يجوزان

ص: 130

تثبت صحة الاستعمال ويمنع الحمل إلا إذا أريد أنه يستعمل بقرينة فحمله كذلك يكون للقرينة ولهذا أخذ السبكي من منع القاضي حمل اللفظ على حقيقته ومجازه أنه يمنع استعماله فيهما وهو الصواب وما حاوله الزركشي من التفصيل من كلام القاضي وأنه أراد معنى حمله عليهما لا منع استعمال المتكلم ذلك بالقرينة محاولة لا طائل تحتها فإن منع الاستعمال منع حمله على متعدد وإن أجيز فلم ينقل المص عن مالك شيئاً وسنبين تحقيق مذهبه. وقال الشافعي: يحمل على جميع ما يصلح له كالعام للاحتياط وهو حقيقة لجواز استعماله في ذلك عنده فالاحتياط في مراد المتكلم لا ينافي جواز الاستعمال حقيقة فمن نقل عن الشافعي القول بحمله على الجميع للاحتياط مثل البيضاوي فقد صدق ومن نقل عنه العموم وهو الآمدي فقد صدق لأنه أراد أن حمله كحمل العام ولهذا تترجم هذه المسألة "بعموم المشترك" وتوقف المص في الثاني ناشئ عن توهم كون المراد جعله من العام وقال الباقلاني بمثل قول الشافعي فنقل عنه أن للاحتياط كالمجمل وأنه كحمل العام أي في جميع ما يصدق عليه والمئال أيضاً في النقلين واحد ولا يرد عليه استشكال الابياري لأنه وإن كان متوقفاً في صيغ العموم لكنه معترف بوجود عموم حتى فرض القول في صيغة وتوقف غير أنه لما رأى صيغ العموم قد تستعمل في غيره لم يجزم بتعيين صيغة خاصة بالعموم فقد شبه حمله بحمل العام ولم يجعله من صيغ العموم أو جعله مثل صيغ العموم في استعمال مرة لجميع ما يصلح له ومرة للبعض فلا إشكال في كلامه واختار الإمام أنه مجمل لا يحمل على شيء حتى يدل دليل على بعض المعاني أو الجميع وهو الذي نقله المص في الفرع الثاني تبعاً للمحصول ولم يتعقبه فهو يوافق القاضي في المبدأ وهو الإجمال ولا يوافقه في الغاية

ص: 131

وهي الحمل على الجميع كما أن القاضي وافق الشافعي في الغاية دون المبدأ لأنه عنده مجمل وعند الشافعي ظاهر. أما مذهب مالك فيه فهو الذي وفى بقضاء حق الاحتياط فالذي يؤخذ من مذهبه أنه يحمل المشترك على ما يقتضيه الاحتياط في مراد المتكلم فاللفظ المشترك إما أن تكون معانيه متداخلة أو متباينة أو متناقضة. فإن كان الأول حمل على المعنى الشامل لها للاحتياط فلذك قال في قول الرجل لزوجته أنت خلية وبرية وحبلك على غاربك انه يحمل على الثلاث في المدخول بها لأن اللفظ لما دار بين الرجعي والبائن حمل على البينونة وهي لا تحصل في المدخول بها إلا بالثلاث لأن البينونة حكم للطلاق لا لفظ من ألفاظه وينوي في غير المدخول بها لا مكان حصول البينونة بمطلق الطلاق فلم يبق إلا احتمال الثلاث. وإن كانت المعاني متباينة فالأمر سهل وهو الحمل على جميعها. وإن كانت متناقضة فهاهنا انقطع عنا سلك الحكاية عن الشافعي والقاضي إلا أن المص قال لا يجمعون بين المعاني عند امتناع الجمع فلنرجع بهما إلى قول مالك رحمه الله فإنه يحمله في كل مكان على ما يقضي حق الاحتياط فإنه حمل الإقراء على الاطهار في الخروج من العدة واحلل للتزوج وعلى الحيض في منع مراجعة الزوج الأول لها إلا بصداق وولي فدخولها في الحيضة الثالثة مانع من المراجعة والطهر الثالث هو الذي تحل به للأزواج هذا ملاك مسألة المشترك بحسب ما انتهى إليه العلم خصوصاً في فروع مذهب مالك وبه لا تعوزكم الفروع المتشابهة والأبحاث المتناثرة التي أتى بها المص في تضاعيف هاته الفروع الأربعة. هذا حكم حمل المشترك وأما استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه المشهور وقد عددناه في بحث وقوعه

ص: 132