الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سؤال عن التكرار فهو مشترك الالزام لأنه كما دل السؤال على توهم التكرار كذلك يدل على توهم عدمه وإلا لما سئل عنه فيحتج به أيضاً للفور. وأما ثالثاً فلما نقله المازري في أماليه أن النبي صلى الله عليه وسلم انتهر السائل. وقد تردد النقل عن مالك رحمه الله في هاته المسألة فنقل القاضي عبد الوهاب عن المذهب أنه للمرة واختاره ابن الحاجب سواء كانت المرة مدلوله أم لازم مدلوله وهو طلب الماهية قال المازري في أمالي البرهان احتجوا بما وقع في أول كتاب الوضوء من المدونة لما سئل ابن القاسم عن وجوب تكرير غسيل الأعضاء فاستدل على نفيه بقوله تعالى فاغسلوا وجوهكم ونقل ابن القصار عنه أنه للتكرار ونسبه المازري أيضاً إلى ابن خويزمنداد واحتجوا بقوله بإعادة التيمم لكل صلاة. قلت ولا حجة فيه لأنهم عللوه باحتمال وجدان الماء فتجب إعادة الطلب ولا تكون عبادة مشكوكة البقاء وقد روي عن مالك في المريض الذي لا يستطيع استعمال الماء والمتذكر لصلوات كثيرة أنهما يصليان بتيمم واحد صلواتهما فإن قلت: إذا كان الصحيح أن الأمر لطلب الماهية أو المرة المبهمة فهو مطلق وهو عند عدم القرية يحمل على أكمل أفراده كما سيأتي فلنحمله على التكرار لأن حالة التكرار أكمل حالات فرده قلت: ليس تكرار الفرد الواحد من الحمل على أكمل الأفراد.
ترجمة ابن القصار
وابن القصار هو القاضي أبو الحسن علين بن عمر بن القصار البغدادي
المتوفى سنة 397 سبع وتسعون وثلاثمائة أخذ عن الأبهري وولي قضاء بغداد. ألف كتاب الخلاف احتج فيه لمذهب مالك فكان أبو حامد
الاسفرائيني الشافعي يقول ما ترك لقائل ما يقول رحمه الله (قوله وأما التكرار فلصحة الاستثناء الخ) ذكر المصنف هذا الدليل في المتن ولم يشرحه استغناء عنه بالدليل الذي ذكره في الشرح وهو احتجاجهم بورود النسخ ومئال الدليلين واحد وهو أن استثناء أزمنة من الفعل وإخراج الأزمنة الباقية بالنسخ دليل على أن الأمر شامل لما أخرج فلولا الإخراج لوجب التكرار في البقية وقد سلمهما المص. وجوابهما فيما يلوح لي أن الخلاف في دلالة الأمر على التكرار دلالة مطردة لا في قبوله للتكرار لأنه قد تقدم في التراخي أن لا خلاف فيه وتقدم هنا أن الخلاف فيما اشتبه حاله فنحن نسلم أن الاستثناء والنسخ يقتضيان كون المستثنى منه والمنسوخ دالين على التكرار ولكن هل يلزم من ذلك انسحاب التكرار على كل أمر كما أن صحة الاستثناء أو النسخ لا تدل على أكثر من صلوحيته للتكرار لا وقوعه بالفعل (قوله وقال الشيخ أبو إسحاق الخ) المراد بأوقات الضرورات أوقات قضاء الحاجات العادية والتكاليف السابقة كما نقله المص في شرح المحصول لا خصوص الضرورات التي لا تستقيم الحياة إلا بها مثل الأكل والنوم ولا يخرج عن تكليف ما لا يطاق لأنهم قالوه في حق الله تعالى خاصة والكلام هنا في مقتضى الأمر لغة إذ اللغة ما وضعت إلا للممكن عادة (قوله ولأنه ضد النهي الخ) مدفوع بأن شرط القياس وجود الجامع وانتفاء الفارق ولا نسلم تحقيق الشرط في النهي وقوله أن الشيء يحمل على ضده غير معهود ودعوى أن لا نصيب حملاً على إن ضدها ممنوع بل نصبت بنفس العلة التي نصبت بها ان وهو كونها لتأكيد النفي
كما كانت ان لتأكيد الإثبات (قوله قال وهو الصحيح آهـ) إذ ليس من مقتضى الشرط التكرار بل حصول الفعل عند شرطه مرة وإلا كان القائل أن أتيتني بألف فلك كذا قفيزاً من قمح مقتضياً أن يسلم له أضعافه عند تعدد الآفة أما الشروط الدالة على العموم فلا خلاف في دلالتها على التكرار نحو مهما وكذا ما يشعر بسببية أو علية أو حكمة ومنه المعلق على الصفة ولهذا فصل القاضي أبو بكر الباقلاني فقال المعلق على شرط لا يتكرر والمعلق على الصفة يتكرر (قوله مسألة قال القاضي عبد الوهاب فإن كرر الأمر الخ) القول بأن تكرار اللفظ يقتضي التكرار غريب فقد قال مالك ليس على من كرر اليمين في شيء واحد غير كفارة واحدة لأن شأن تكرير الجملة الواحدة التأكيد نعم يقرب هذا القول في تكرار المفعول المطلق لشبهة بالفعل من جهة وبمتعلقاته من جهة ولهذا اختلفوا في قوله تعالى كلا إذا دكت الأرض دكاً دكا هل المراد دكاً شديداً أو دكاً بعد دك بخلاف والملك صفاً صفاً لأن بقية متعلقات الفعل يفيد تكرارها التعدد مثل دخلوا واحداً واحداً وباباً باباً (قوله مسألة إذا عطف على الأول أمر آخر الخ) أي أنه إذا عطف أمر على أمر فهل يحمل على التأسيس حتى
يكون من باب الأمر المكرر الذي قيل أنه يفيد التكرار أم لا والقصد هنا التفصيل فظهرت المناسبة بينها وبين ما تقدم إذ المتقدم تكرير الأمر بلفظه وهذا برادفه (قوله فرع مرتب الخ) هو قولهم ذكر بعض أفراد العام لا يخصصه ومناسبتها بمسألتنا أن العطف لا يدل على أمر جديد حتى يقتضي التكرار (قوله قال وإلا شبهة إذا عطف العام على الخاص الوقف الخ) إنما يكون الوقف عند تعارض الأدلة وما يقتضيه العطف من المغايرة لا يعارض العموم للاكتفاء بمغايرة العموم والخصوص وقد تقرر أن عطف الخاص على العام لا يخصص وبالأولى عطف العام فيعمل العموم ولا يعارضه العطف فلا وجه للتوقف (قوله لا مفهوم له يدل الخ) يدل صفة لمفهوم وليس استئنافاً لأن المقصود عدم دلالته على عدم الطلاق لا دلالته
على عدم الطلاق كما لا يخفى (قوله إنه لا يلزم الخ) مفعل يفيد (قوله قال المتكلمون ومن وافقهم في إثبات الصفات ونفي خلق القرآن الخ) يريد أن هاته المسألة فرضها المتكلمون الذي نوعوا الكلام في الازل لأمر وغيره وأطلق عليهم هاته الأوصاف لأنهم كانوا معروفين بها في القديم لا للدلالة على ارتباط
هاته المسألة بمسألة خلق القرآن (قوله ولا يشترط فيه علوا الآمر الخ) المراد بالعلو كون الآمر عالياً في المقدار على المأمور وإن لم يأت في أمره بما يدل على إظهار ذلك. والمراد من الاستعلاء اقتران صيغة أمره بلفظ أو قرينة يدل على الجزم في طلب الامتثال. والمراد من المسألة هل يشترط في تحقق مفهوم الأمر العلو أو الاستعلاء حتى إذا تجردت الصيغة عن أحدهما عند من يعتبره كانت التماساً أو دعاء أم لا يشترط كذا أشار له العضد وصاحب التلويح. وقد ذهب الأشعري وجمهور أتباعه إلى عدم اشتراط شيء منهما وحجته أن الصيغة تعتبر أمراً بلفظها وتخصيص بعض أنواعها باسم الدعاء أو الالتماس تادب. وذهب جماعة من الشافعية والمعتزلة إلى اشتراط كون الآمر عالياً في الواقع وإلا لم يعد أمره أمراً. وذهب المحققون إلى اشتراط الاستعلاء وهو قول الباجي وابن الحاجب والحنفية والإمام وأبي الحسين البصري ويتفرع على الخلاف أن الأمر إذا اقترن بما يدل على العظمة كان أمراً كاملاً ودل على الوجوب. وإن اقترن بما دون ذلك أو تجرد لم يدل لأنه يشبه الالتماس حتى ولو كان من الأعلى للأدنى مثل المقترن
بترغيب نحو قوله تعالى ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة إلى قوله أن يغفر الله لكم فيدل على ندب المأمور به لأنه شابه الالتماس وفيه تخيير وإنما لم يشترطوا العلو لجواز كون أمر المساوي واجب الامتثال. هذا غاية ما أمكن في تصوير أثر للمسألة في هذا العلم وكأنها باللغة أعلق منها بالأصول أما لو فرضوا اعتبار العلو والاستعلاء في الاستدلال على الوجوب ودونهما في الاستدلال على الندب لكان وجهاً وجيهاً إذ كلاهما يدل على الجزم في الأمر وقد أخرج البخاري في باب اتباع النساء الجنازير عن أم عطية رضي الله عنها أنها قالت نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا (قوله ولذلك يصفون من فعل ذلك بالحمق الخ) هذا دليل مثبتي شرط الاستعلاء كما أشار له العضد وقرره التفتازاني في حاشيته بعد أن ضلت فيه افهام وحاصله أنه لولا اعتبارهم الاستعلاء في مفهوم الأمر لما ذموا الأدنى بأمره الأعلى بل حملوه على الالتماس والتالي باطل لأن الأدنى إذا أمر الأعلى بدون تلطف كان ملوماً في العرف وهذا الوجه نفسه بتبين به بطلان قول العلو لأنه لو كان العلو شرطاً في تحقق ماهية الأمر لما اعتبر طلب الأدنى من الأعلى أمراً حتى يذم لأجله لظهور قرينة حاله أنه لا يريد الأمر فلا وجه لذمة فقوله من فعل ذلك أي أمر مع الدنو كما يشير له متقدم كلامه إذ لا يوصف الآمر بالحمق إلا إذا كان دنيا فتأمل (قوله مع أن الله تعالى خاطب عباده أحسن الخطاب الخ) أي فيما هو متعين للوجوب وهو تقوى الله والجواب عن هذا أنا نسلم أن الله خاطف عباده أحسن الخطاب لكن في مواقع الترغيب أو التخيير كما قدمنا أما ما ذكروه فليس من اللين في شيء إذ التذكير بالنعم أو بالعبودية أو بعظمة الله الذي
نتساءل به من قبيل الاستعلاء وما شاع من أن الخطاب بعبادي خاص بالمؤمنين في مقام التلطف بنقضه قوله تعالى ويوم نحشرهم جميعاً فيقول أنتم أضلتتم عبادي هؤلاء (وقالت بلقيس الخ) إنما هو من قول فرعونوساق المس حكاية الآية وبيت دريد وبيت عمرو بن العاص شاهداً على إطلاق اسم الأمر لغة على ما لا علو فيه ولا استعلاء لقوله ويرد على الفريقين لكن على سبيل التوزيع إذ الآية ليس فيها استعلاء لتنازل فرعون ولكن ثمة العلو. والبيتان ليس فيهما العلو ويحتملان الاستعلاء وبعد فيرد على الجميع أن الكلام فرعون ورد في حال ضيقة في خطب بعثة موسى عليه السلام فكان جديراً ب التنازل عن جبروته ليستهوي قومه، بلين قوله، وهذا دأب الجبارين عند حلول المضائق بهم لأن سوابق مكرهم تناجيهم بتوقع المكر من رعاياهم فيتحيلون لاستخلاص نصحهم بلين الحديث لأنهم يستعظمون في الثواب رد الجواب وعادة الضعفاء أن يستعبدهم رضى جبابرتهم كالكلب المزجور ترمي له اللقمة بعد زجره وسبه فيأتيها مبصبصاً بذنبه ولذلك جعل الأمر أمرهم والأرض أرضهم فقال يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون وإذا كان كذلك فقد جعل نفسه طوع أمرهم فإطلاق اسم الأمر على إشارتهم تمثيل لحاله، أو حكاية لمرادف مقاله. ولا حاجة إلى دعوى المجاز التي حاولها صاحب التلويح. وأما بيت دريد فأمره واضح لأنهم لما تبينوا أصالة رأيه كان له أن يستعلي عليهم فيسمي إشارته أمراً على أنه كان من سادة قومه. وأما بيت عمرو بن العاص فكذلك لأنه لما قال له فأصبحت نادماً كان جديراً أن يمت عليه ويتطاول ويسمي إرشاده أمراً للاستعلاء هذا والرواية المعروفة في بيت عمرو بن العاص