الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ترجمة الصيرفي
والصيرفي هو أبو بكر محمد بن عبد الله المعروف بالصيرفي الشافعي
المتوفي سنة 330 قيل فيه أنه أعلم الناس بالأصول بعد الشافعي وله مع الأشعري مناظرة في شكر المنعم لأن الصيرفي كان يرى وجوب شكر المنعم عقلاً كما قالت المعتزلة (قوله وكذلك يندرج المخاطب الخ) هذا شمول عرفي إذا الوضع لم يجعل الكلام شاملاً لقائله إلا بقرينة والمراد بالمخاطب به المتكلم ولو لم يكن مخاطباً وهذا القول هو قول الجمهور وإليه مال البخاري رحمه الله في طالع كتاب الوقف من صحيحه وعندي أن الحجة لهذا القول ما وقع في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من يشتري بئر رومة فيكون دوله فيها كدلاء المسلمين فاشتراه عثمان رضي الله عنه ووقفها على المسلمين فهو ممتثل لأمر النبي صلى الله عليه وسلم الذي منه جعل دلوه فيها كدلاء المسلمين فلا شك أنه علم دخوله في لفظ المسلمين من قوله عند تحبيسها أنها حبس على المسلمين وإن كان هو الناطق به وهذا في العقود والأخبار وأما الأوامر فاستثناها جماعة ويدل لهم أن الأوامر موضوعة للخطاب خاصة (قوله والصحيح عندنا اندراج النساء الخ) لأن الصيغ
المختصة بالذكور في اللغة تشملهم لما تعارفه العرب من تغليب المذكر على المؤنث عند الحكم عليها ألا ترى أن سبب نزول آية ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض هو سؤال النسوة الإذن لهن بالجهاد ليشاركن الرجال في فضله ومع ذلك وقع الخطاب بصيغة التذكير وبقرينة عموم التشريع وهو ما أشار له القاضي عبد الوهاب فتكون تلك الصيغ مغلباً فيها الذكور لأن الكلام جار على أسلوب العرب وهم يغلبون التذكير لأن مرجع التغليب إلى سبق المغلب للذهن والناس لا تسبق إلى أذهانهم عند المخاطبة إلا الذكور لأنهم الذين اعتادوا تكليمهم وهم الشاغلون لمظاهر المدينة كلها (قوله فائدة قال الأصوليون من وما في الاستفهام للعموم الخ) تلخيص الأشكال مع بيانه أنه لو سأل سائل فقال من في الدار لحسن في جوابه أن يقال زيد والجواب لا يحسن إلا متى طابق السؤال فيلزم أن يكون زيد مطابقاً لمن وزيد جزءي فتكون من جزءيا. وحاصل جواب المص أن عموم الاستفهام لا ينافي خصوص الجواب إذا كان مدلول العموم منحصراً في واحد فالسؤال عن كل من يصح كونه في الدار
والجواب بواحد لأنه الذي انحصر فيه الكون في الدار فأشبه الكلي المنحصر في فرد وكأن المص أراد بذلك الإشارة إلى مثار شبهة القائلين بعموم من وما في الاستفهام مع التفرقة بين صلوحية الاستفهام للعموم بهذا المعنى دون اللفظ الدال على المستفهم عنه على عادته من الاحتفال بالتفرقة بين العبارات المتشابهات ظاهراً المختلفات حقائق وفي هذا الجواب مع إجماله إيهام الاعتراف بإثبات عموم لحكم الاستفهام مع أن القصد إبطال قول من توهمه. والذي يفصح لك عن إبطاله أنه لا شك أن لنا في صيغة الاستفهام ثلاثة أشياء استفهاماً ومستفهماً عن ثبوت الحكم له وحكماً فإن أراد تعلق العموم بالأول أي بأنواع الاستفهامات الصادرة من الناس أو من المتكلم فهو واضح الفساد وإن أراد أن العموم في الحكم فكذلك لأنه غير مسئول عنه بمن وما فلا ينسحب عليه عمومها لأن من وما يسأل بهما عن الذات والتصور فلم يبق إلا المستفهم عن ثبوت الحكم له ولا شك أن السائل لا يريد من استفهامه معنى عموم المستفهم عنه عموما شمولياً أي بتتبع أفراده فرداً فرداً لأن ذلك غير مقصود له بل إنما يسأل عن فرد مهم يطلب تعيينه من بين من يصلح له وهو كلي لا ينحصر فيه واحد من الكائنين في الدار مثلاً دون آخر ولا شك أن الكلي غير العام لأن العام قضية كلية وإنما العموم هنا بدلي وهو معنى المطلق عند الأصوليين وكأن هذا معنى قول المص "وكان المستفهم قال إني أسألك عن كل أحد يتصور أن يكون في الدار - إلى أن قال - فالعموم ليس باعتبار الوقوع بل باعتبار الاستفهام" أما قول المص "ونظير هذا أن الله تعالى إذا قال اقتلوا المشركين الخ" تعبر عنه بالنظير لأنه ليس
من نوع العموم الذي أثبته المص للاستفهام أعين العموم البدلي بل الآية من باب العام إلا أن محل التنظير هو كون الواقع قد ينحصر في فرد حتى في العموم الشمولي بله العموم البدلي فإن لم تكن هاته التأويلات هي مراد المص فجوابه باطل إذ الصواب التصريح ببطلان عموم من وما في الاستفهام وإبطال مستند السائل في قوله "والجواب مطابق للسؤال" بأنه كما يطاقه قولنا زيد يطابقه قولنا الزيدان والزيدون ورجال وكل الرجال فلم تتعين من للواحد ولا لجميع الأفراد وتلك سنة المطلق كالنكرة وبأنه يصح الجواب بزيد فقط ولو كان فيها زيد وغيره إذ المجيب لا يلزمه استقراء كل من في الدار ولو كان السؤال عن عموم الكائنين لما صح الاقتصار في الجواب على البعض نعم إذا كان الاستفهام إنكارياً أفاد العموم لأنه كالنفي كما صرح به النحاة في بحث مسوغات الابتداء بالنكرة فجعلوا وقوعها في حيز النفي وشبهة مسوغاً للابتداء لأجل العموم وجعلوا مسوغ نحو من عندك هو مسوغ نحو هل فتى عندك وهو كون النكرة مستفهماً عنها لأن ذلك ينافي مجوليتها لظهور أنه لا عموم في هل فتى عندك وكأن مراد من قال بأن ما ومن في الاستفهام للعموم إنما هو الاستفهام الإنكاري وقد تقدم الكلام على من وما في الشرط والموصولية في الفصل الأول (قوله فائدة صيغ العموم وإن كانت عامة في الأشخاص فهي مطلقة في الأزمنة والبقاع والأحوال الخ) هذه القاعدة من مخترعات بعض المتأخرين وقد لهج بها المص قال تقي الدين ابن دقيق العيد في شرح العمدة ما حاصله: أولع بعض أهل العصر (لعيه يعني المص) بأن قالوا أن العام في الأشخاص مطلق في الأحوال
والأزمنة والبقاع والمتعلقات ثم يقولون المطلق يكفي في العمل به صورة واحدة فلا حاجة للتخصيص ح وهذا باطل لأن العموم يقتضي أن لا يشذ فرد وإذا قلنا بإطلاق الزمان يلزم عليه شذوذ بعض الأفراد" وحاصل مثال هذه القاعدة أن المخرج من العموم أن كان نوعاً مما يتناوله العام أو فرداً منه في جميع أحاله بحيث لا يثبت له حكم العموم فهو تخصيص كتخصيص الأنبياء من آية المواريث وتخصيص بيع الربا من آية وأحل الله البيع وإلا فهو تقييد كإخراج الولد القاتل من آية المواريث فإنه لا يقتضي إخراج واحد من الأولاد ولا صنفاً بل إخراج ولد في حال خاص وقد يرث لو كان في غير ذلك الحال أو لو كان ذلك الحال يقبل الارتفاع كالشك في النسب فإنه مانع من الإرث فلو زال رجع الإرث. هذا حاصل ما يؤخذ من كلام المص في مواضع من كتبه خصصاً في مبحث تخصيص الكتاب بخبر الواحدز فالمصنف يرى قضية العموم من قبيل القضية الكلية المطلقة العامة وهي التي حكم فيها بثبوت النسبة للموضوع بالفعل أي في الجملة بدون ضرورة ولا دوام مثل كل إنسان متنفس وعليه فيكون تخصيصها الذي هو من قبيل التناقض قضية جزئية دائمة وهي المحكوم فيها بدوام المحمول للموضوع ما دامت ذات الموضوع لا باعتبار بعض أوصافه نحو كل إنسان حيوان فلذلك رأى المص أن إخراج الولد بوصف كونه قاتلاً ليس إخراجاً له ما دامت ذاته لأن حرمانه لم يكن لذاته بل لكونه قاتلاً بخلاف إخراج الأنبياء من الإرث فإنه ثابت لهم ما دامت ذواتهم لا في حالة مخصوصة. وليس مراده من المطلق هنا المطلق المصطلح عليه عند الأصوليين أعني ما دل عليه الماهية بلا قيد إذ ليس ثم
لفظ دال على الزمان أو المكان بل المراد أن صيغة العموم لما لم تدل إلا على الأفراد كان غير الأفراد مسكوتاً عنه فهو الإطلاق بالمعنى اللغوي. والذي أثار هاته الشبهة اختلاف مقتضى الحكم أعني الأمر بأنه دال على المرة وكذلك ما في معنى الأمر من الخبر المراد به الإنشاء والباقي على حاله، مع مقتضى المحكوم عليه في صيغة العموم الذي هو اللفظ الشامل فإن العموم كما قدمنا لا يقع إلا في تركيب ولا بد له من شيء يتعلق هو به وهو المسند من فعل أمر وهو الغالب أو فعل مراد به الأمر أو اسم فاعل ونحوه مراد به ذلك وكذلك الخبر الصريح أيضاً عند وقوع العموم فيه ولا شك أن مقتضى هذا المسند مطلق فلما نظر المص فوجد في صيغة العموم رائحة إطلاق من جهة المسند توهم أن الإطلاق جاء من الجهة التي جاء منها العموم ولما كان الإطلاق لا يقتضي تكرار ما تعلق به العام بل يحصل الامتثال باستغراق المسند للافراد مرة في زمن ما جعل الأزمنة مطلقة فبنى عليه أن نحو اقتلوا المشركين لا يقتضي الا قتل الموجودين في مكان ما فلو استأصل المسلمون مشركي بدر مثلاً حصل الامتثال ولم يلزم تتبع البقية وزاد المص في مبحث تخصيص الكتاب بالسنة فقال: إن نحو قوله صلى الله عليه وسلم القاتل لا يرث ليس تخصيصاً لآية يوصيكم الله في أولادكم لأن حالة كونه قائلاً غير مشمولة لعموم آية المواريث وذهل عن كونه في حالة القتل يطلق عليه أنه ولد وذلك كله خلاف التحقيق إذ التحقيق أن العام يقتضي تتبع الإفراد أينما وجدت ومتى ما وجدت وكيفما وجدت نحو افعل كل خير فيجب أن تتبع ما يصدق عليه أنه خير ف كل زمان ومكان وإلا لبطلت ماهية العموم. والتحقيق أن قضية العموم
إما كلية دائمة مطلقة إن كان الحكم على الأجناس نحو كل ولد يرث وهو التي الحكم فيها بدوام النسبة ما دامت ذات الموضوع. وإما عرفية عامة وهي التي حكم فيها بدوام النسبة ما دام وصف الموضوع وذلك عندما يكون الحكم على أوصاف نحو أسماء الموصولات والشروط وترتيب الحكم على الوصف والأولى نقيضها المطلقة العامة وهي التي حكم فيها بفعلية النسبة في الجملة أي في وقت ما ولا شك أنها مع ذلك جزءية لأنها نقيض الكلية فيثبت التناقض مع حالة ما كما أن نقيض العرفية العامة هو المطلقة العامة الحينية أي بزيادة قيد كونها في بعض الأحيان فظهر أن نقيضهما سواء وأن التناقض ثابت بمجرد خروج بعض الأفراد ولو في بعض الأحوال فإنكار كون إخراج فرد في حالة ما تخصيصاً إنكار لا تساعد عليه اللغة ولا المنطق ولا الاصطلاح الأصولي على أن كلام المصنف في تعريف الاستثناء من الباب الثامن ينافي هذه القاعدة حيث رأى في الشرح تغيير الحد الذي ذكره الإمام فأبدله بقوله "ما لا يدخل في الكلام إلا لإخراج بعضه أو بعض أحواله أو متعلقاته" فجعل إخراج الأحوال والمتعلقات من الاستثناء وهو تخصيص. وأما الذي بناه على هاته الشبهة وهو أنه لو لزم الاستيعاب في سائر الأزمان والبقاع والأحوال للزم عليه أن لا ينكف المكلف عن الفعل وأن يتعذر حصول الامتثال للأمر الوارد بشيء عام فدفعه وكشفه أن الامتثال يحصل باستيعاب الحكم لجميع الأفراد لكن مرة واحدة لأن المرة هي مقتضى الأمر ويحصل الامتثال في أوقات المكنة والتيسير وكذلك أمكنتها لأن ذلك مقتضى عدم التوقيت إن قلنا أن الأمر لا يدل على الفور فلو قيل أكرم جميع أهل العلم فأكرمهم في بلد ثم وجدهم في بلد آخر لم تلزم إعادة الاكرام لأن الأمر للمرة وكذا لو وجدهم في يوم آخر فإذاً ليس
عدم التكرار لعدم العموم بل لتحقق الامتثال من مقتضى الأمر فالعموم في متعلق الحكم والإطلاق في الحكم وأما ما يرد في بعض الأوامر من الدلالة على الاستيعاب فتوكيد لما فهم التزاماً من العموم يدل لهذا كله أنه لو وقع الفعل في حيز النفي أو النهي وكان متعلقه من صيغ العموم استفيد العموم في الأمرين معاً نحو لا تكرم أحداً لم تبق رائحة الإطلاق المدعى في عموم الأشخاص وبهذا تتزلزل هذه القاعدة المخترعة من أسوسها كما كادت هي أن تزلزل باب العموم (قوله وبلى لمخالفة النفي الخ) أي في الغالب وقد تجيء بمعنى نعم كما تجيء نعم في موقعها إلا أن نعم لما كانت للتصديق لم تدل بعد الاستفهام عن النفي على كون الجواب للنفي أو للمنفي وما نسبه المص للعلماء وهو مروي عن ابن عباس قيل أراد من الكفر عدم التصريح بالإيمان قيل لأنها أظهر في تقرير المسئول عنه وقال السهيلي الاستفهام التقريري كالإيجاب فلا يضر جوابه بنعم (قوله فإن قلت من عندك تصديق الخ) عليه منع ظاهر وهو عدم التساوي بين الخبرية النحوية أي الجملة وبين التعريف والقضية المنطقية بل بينهما العموم المطلق فكل تصديق خبر ولا عكس فإن الخبرية المشكوكة خبر لا تصديق ألا ترى أنهم قالوا أن المكسورة الهمزة يؤكد بها الخبر مع تصريح الشيخ