الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني عشر في التصديق
أعلى أقسامه العلم وهو الجزم المطابق للواقع عن دليل فمن الجزم يخرج الظن والشك والوهم والجهل ومن المطابق للواقع يخرج الجهل المركب ومن الدليل يخرج التقليد الصحيح لأنه لا يفيد يقيناً (قوله جمع المتنبي ثلاث جهالات الخ) جهلان بسيطان وواحد مركب وهو قوله "يجهل جهله".
ترجمة المتنبي
والمتنبي هو أبو الطيب أحمد بن الحسين الجعفي الكوفي
المولود سنة 303 ثلاث وثلاثمائة بالكوفة المتوفى قتيلاً في موضع يقال له الصافية من الجانب الغربي من سواد بغداد سنة 354 أربع وخمسين وثلاثمائة وهو جعفي من مذحج. وأما الذين يقولون الكندي فنسبة
إلى محلة كندة جهة بالكوفة لا إلى قبيلة كندة. نشأ بالشام وكان إماماً في اللغة والأدب حتى عد فيمن يحتج في العربية بكلامه من المولدين. أخذ عنه أبو علي الفارسي وابن جني وهو من أشعر شعراء الإسلام. وشعره مملوء حكمة ومعاني عالية ولولا أنه شوهه بكثرة المديح لكان ديوانه أول دواوين شعراء العربية. ولو أن أحداً عمد إلى ديوانه فقطعه نصفين لخرج نصفه الأعلى حكمة وشعراً بديعاً. ونصفه الأسفل شحاذة. وسبب قتله أنه تعرض له فاتك بن أبي الجهل الأسدي في عدة من أصحابه فقاتلوه في عدة من أصحابه حتى قتل والظاهر أنه مغرى به من أعدائه وحساده الكثيرين (قوله فائدة قال بعض اللغويين محسوسات لحن الخ) يقع مثل هذا كثيراً في كلام العرب قصداً للتخفيف وقد جاء في صحيح البخاري في باب فضل من شهد بدراً من كتاب المغازي خرج عشرة من المسلمين فيهم عاصم بن ثابت فلما بلغوا الهدة نفر لهم حي من لحيان فلما حسن بهم عاصم الخ ونظيره قولهم المعلول والعلة قال في القاموس وأعله الله فهو معل
ولا تقل معلول والمتكلمون يقولونها وليست منه على ثلج (قوله ضربت أخماسي في أسداسي الخ) لم تقل العرب ذلك وإنما قالت العرب في أمثالها "ضرب أخماساً لأسداس" يضرب لمن يظهر أمراً ليتوصل منه إلى ما وراءه كمن يماطل في وعده يوماً يوماً أو من يداوم عملاً ليصل إلى زلفى ونحوها أو مخادعة. وأصله أنهم يسقون إبلهم بعد خمس ليال أو خمسة أيام ثم يسقونها بعد ستة وهكذا حتى تعتاد الظمأ فهو يظهر لها أنه يسقيها بعد خمس وأنشد الميداني في مجمع الأمالي عن ثعلب:
الله يعلم لولا أني فرق
…
من الأمير لعاتبت ابن نبراس
في موعد قاله لي غير مكترث
…
غداً غدا ضرب أخماس لأسداس
وإرادة الجهات منه لا تصح لأن الأخماس والأسداس جمع والحواس والجهات خمس وست لا جملة أخماس وأسداس على أن بعض الحواس لا يصح استعماله في بعض الجهات كالذوق واللمس فالأصح هو ما حكاه المصنف بقيل (قوله ووجه تركب المستند في المتواترات من الحس والعقل إلى الخ) المتواتر خبر جمع يمتنع تواطؤهم على الكب عن محسوس ولا يتقيد بعدد وإنما حصول العلم عقبه هو دليل استكمال شروطه فالجزم فيه يحصل تدريجاً
كما توصل الخطوات إلى الغاية وسيأتي تحقيقه في موضعه (قوله سؤال يلزم أن الاستدلال بوجود العالم على وجود الصانع من هذا الباب الخ) وجه اللزوم أنه استدلال عقلي مستند إلى الحس كما علله بقوله فإن الحسن الخ. والجواب أن المحسوس في المجريات هو الذي يثبته العقل فالمقدمات فيها عين النتيجة فالذي تثبته بعد التجربة هو حرارة النار وهي عين المحسوس بخلاف النظر فإن المثبت به غير المحسوس فالمحسوس هو تغيير العالم والمثبت به هو وجود الصانع فهو محتاج إلى حد وسط بخلاف التجربة ولعل هذا هو مراد المصنف من قوله "إن هذا عقلي والملازمة بينهما عقلية" وأما الفروق الثلاثة فأولها مصادرة وثانيها ممنوع إذ قد يكون العقلي محتاجاً لتكرار النظر. وثالثها لا طائل تحته إذ ليس الدليل العقلي المستند إلى الحس بخاصة بهذا المثال بل يكون في الأمور الممكنة كالاستدلال بالأثر على حياة المؤثر فيطلب حينئذ الفرق فتدبر (قوله فائدة اختلف العلماء هل الحواس الخ) الصواب الثاني إذ لو كان