الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تجدّدت ولايته من الخلفاء وسيأتي بيان عدد أبواب المسجد وبيان محالها في الثامن عشر.
"
الفصل العاشر " فيما يتعلق بالحجرة المنيفة الحاوية للقبور الشريفة
والحائز الذي أدير عليها وصفة القبور الشريفة بها
تقدّم إنها بنيت لما بنى المسجد على نعت بنائه الأوّل من لبن وجريد النخل ويؤخذ مما سبق أن البيت كان مبنيا باللبن وله حجرة من جريد النخل مستورة بمسوح الشعر وكان عمر بن الخطاب أبدل الجريد بجدار فلأبن سعد عن عمرو بن دينار وعبيد الله بن أبي زيد قالا لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم على بيت النبي صلى الله عليه وسلم حائط فكان أوّل من بنى عليه جدارا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال عبيد الله بن أبي زيد كان جداره قصيرا ثم بناه عبد الله بن الزبير اه وقال الحسن البصري كنت أدخل بيوت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا غلام مراهق وأنال السقف بيدي وكان لكل بيت حجرة وكانت حجره
من أكسية من شعر مربوطة في خشب عرعر ولأبن عساكر عن داود بن قيس قال أظن عرض البيت من الحجرة إلى باب البيت نحو أمن ست أو سبع أذرع وأظن سمكه بين الثمان والتسع نحو ذلك ووقفت عند باب عائشة رضي الله عنه فإذا هو مستقبل المغرب ويؤيد كون الباب في المغرب قصة كشفه صلى الله عليه وسلم لسجف الباب أي ستره في مرضه وترجيل عائشة شعره وهو في معتكفه وهي في بيتها لكن سبق في الرابع أن بابها مستقبل الشام ولأبن عساكر عن أبن أبي فديك أنه سأل محمد بن هلال عن بيت عائشة فقال كان بابه من جهة الشام قلت مصراعا كان أو مصراعين قال باب واحد قلت من أي شيء كان قال من عرعر أو ساج ولذا قال أبن عساكر وباب البيت شامي لم يكن عليه غلق مدّة حياة عائشة اه والصواب الجمع بأنه كان له بابان شامي وغربي وهو الذي سبق وأن عليا رضي الله عنه كان يجلس عند أسطوانة المحرس في مقابلته
وقد روى أبن سعد صلاة الصحابة على النبي صلى الله عليه وسلم بحجرته وفي بعض طرقه لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا طيف نصلي عليه قالوا ادخلوا من ذا الباب أرسالا أرسالا فصلوا عليه وأخرجوا من الباب الآخر وهو صريح في البابين وكذا في خبر لأحمد برجال الصحيح فكانوا يدخلون من ذا الباب فيصلون عليه ثم يخرجون من الباب الآخر ونقل أبن زبالة إنه كان بين بيت حفصة وبين منزل عائشة الذي فيه القبر الشريف طريق وكانتا يتهاديان الكلام وهما في منزليهما من قرب ما بينهما وكان بيت حفصة عن يمين الخوخة أي خوخة آل عمر كما سبق فهو موقف الزائرين اليوم داخل مقصورة الحجرة وخارجها وسبق في حدود المسجد النبوي إنه زيد فيه من حجرة عائشة مما يلي الروضة والظاهر أنه مما كان محجرا عليه بالجريد لمرافق البيت وأن ما بنى عليه من ذلك صفة بيت عائشة التي وقع الدفن بها وحائز عمر بن عبد العزيز من المغرب فيما ترك من الحجرة لا أنه انتقص به الروضة والمسجد كما وهم فيه بعضهم
ولأبن زبالة عن عائشة رضي الله عنها قالت ما زلت أضع خماري وأنفصل في ثيابي حتى دفن عمر فلن أزل متحفظة في ثيابي حتى بنيت بيني وبين القبور جدارا وعن عبد المطلب كانوا يأخذون من تراب القبر فأمرت عائشة بجدار فضرب عليهم وكانت في الجدار ركوة فكانوا يأخذون منها فأمرت بالكوة فسدت وفي طبقات ابن سعد أخبرني موسى بن داود قال سمعت مالك بن أنس يقول قسم بيت عائشة باثنين قسم كان فيه القبر وقسم كان تكون فيه عائشة وبينها حائط وكانت عائشة ربما دخلت حيث القبر فلما دفن عمر رضي الله عنه لم تدخله إلا وهي جامعة عليه ثيابها ولأبن شبة عن أبي غسان لم يزل بيت النبي صلى الله عليه وسلم الذي دفن فيه ظاهر حتى بنى عمر بن عبد العزيز عليه الخطار المزور حين بنى المسجد في خلافة الوليد وإنما جعله مزورا كراهة أن يشبه تربيعه تربيع
الكعبة وأن يتخذ قبلة فيصلى إليه وعن عروة قال نازلت عمر بن عبد العزيز في قبر النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يجعل في المسجد أشدّ المنازلة فأبى وقال كتاب أمير المؤمنين لا بدّ من أنفاذه قال فقلت فإن كان لا بدّ فأجعل له جؤجؤا أي وهو الموضع المزور تشبه المثلث خلف الحجرة قال أبو غسان وقد سمعت غير واحد من أهل العلم يزعم أنّ عمر بنى البيت غير بنائه الذي كان عليه وسمعت من يقول بنى على بيت النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة جدر فدون القبر ثلاثة جدر جدار بناء بيت النبي صلى الله عليه وسلم وجدار البيت الذي يزعم أنه بنى النبي عليه وجدار الخطار الظاهر قلت لم نجد على الحجرة الشريفة عند انكشافها في العمارة التي أدركناها غير جدار واحد جوف الخطار الظاهر مبني
بالحجارة المنقوشة المطابقة إلا الشرق منه كما سيأتي فإنه حادث البناء بالحجر الغشيم
مبني بالحجارة عن رجاء بن حياة كتب الوليد إلى عمر وكان قد أشترى الحجرات أن أهدمها ووسع بها المسجد فقعد عمر في ناحية ثم أمر بهدمها فما رأيت أكثر باكيا من يومئذ ثم بناها كما أراد فلما هدم البيت الأول ظهرت القبور الثلاثة وكان الرمل الذي عليها قد أنهار وذكر آمره بمزاحم مولاه لإصلاحها بعد أن أراد أن يقوم فيسويها بنفسه وليحيى وأبن زبالة عن عبد الله بن محمد بن عقيل كنت أخرج كل ليلة من آخر الليل حتى أتي المسجد فأبدأ بالنبي صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه ثم أتي مصلاي فخرجت في ليلة مطيرة حتى إذا كنت عند دار المغيرة بن شعبة لقيتني رائحة لا والله ما وجدت مثلها قط فجئت المسجد فبدأت بالقبر فإذا جداره قد انهدم من المشرق كما في رواية غيره فدخلت فسلمت فلم ألبث أن سمعت الحس فإذا عمر بن عبد العزيز فأمر به فستر بالقباطي فلما أصبح دعا وردان البناء فدخل فكشف فقال لابد من رجل فكشف عمر ساقه ليدخل فكشف القاسم بن محمد فكشف سالم بن عبد الله فقال عمر ما لكم قالوا ندخل معك فقال والله لا نؤذيهم بكثرتنا اليوم
ادخل يا مزاحم فناوله وفي رواية لهما عن محمد بن عبد العزيز الزهريّ إنه أمر أبن وردان أن يكشف عن الأساس فبينما هو يكشف إلى أن رفع يده وتنحى واجما فقام عمر فزعا فقال له عبد الله بن عبيد الله لا يروعنك فتانك قدما جدك عمر بن الخطاب ضاق البيت عنهما فحفر لهما في الأساس فقال يابن وردان غط ما رأيت وفي الصحيح عن هشام بن عروة عن أبيه إنه لما سقط عنهم الحائط زمن الوليد أخذوا في بناءه فبدت لهم قدم ففزعوا وظنوا إنها قدم النبي صلى الله عليه وسلم فما وجدوا أحدا يعلم ذلك حتى قال لهم عروة والله ما هي قدم النبي صلى الله عليه وسلم ما هي إلا قدم عمر ولأبن زبالة عن غير واحد من أهل العلم إن البيت مربع مبني بحجارة سود وقصة الذي يلي القبلة منه أطول والشرقي والغربي سواء والشامي أنقصها وباب البيت مما يلي الشام مزدود بحجارة سود وقصة ثم بنى عمر بن عبد العزيز عليه هذا البناء الظاهر وزواه لئلا يتخذه
الناس قبلة تخص فيه الصلاة من بين المسجد قالوا والبناء الذي حول البيت بينه وبين البناء الظاهر اليوم مما يلي المشرق ذراعان ومما يلي المغرب ذراع ومما يلي القبلة تشبر مما يلي الشام فضاء كله وفي الفضاء الذي يلي الشام مركن مكسور ومكيل خشب قال عبد العزيز بن محمد يقال أن البناءين نسوه هناك اه وليحيى عن أبي غسان محمد بن يحيى سمعت من يقول في الخطار الذي على قبر النبي صلى الله عليه وسلم مركن وخشبة وحديدة مسندة قال محمد بن يحيى وقال عبد الرحمن بن أبي الزناد هو مركن تركه العمال هناك وقال محمد بن يحيى فأما أنا فأني أطلعت في الخطار فلم أرى شيئاً فزعم لي زاعم إنه قد رآى ثم المركن وشيأ موضوعا مع المركن وأما أنا فلم أراه ولم أعلم أحدا يدري من آخذه ولم أرى للبيت الذي في الخطار بابا ولا موضع بابه وقد أخبرني أبن أبي فدية إنه رأى باب بيت النبي صلى الله عليه وسلم مما يلي الشام اه قلت لم نرى للبيت عند انكشافه في العمارة التي أدركناها بابا ولا موضعه لا في جهة الشام ولا في غيرها ونقل أبن شبة عن أبي غسان أنه أطلع من بين سقفي المسجد وعاين الخطار الظاهر الذي على البيت وما فيه حين انكسر خشب سقف المسجد
فكشف السقف من تلك الناحية لعمارته سنة ثلاث وتسعين ومائة وذكر في تصويره الفرجة بين الجدارين في المشرق ثلاثة أذرع وبينهما في المغرب ذراع وبينهما في القبلة أقل من ذراع ورأس هذه الفرجة مما يلي المشرق ذراع قلت الذي تحرر لنا من مشاهدة ذلك صحة ما ذكره في الفرجة بين القبلتين فإنها مما يلي المشرق نحو ذراع فإذا قرب من الوجه الشريف تضيقت نحو شبر ثم أقل من ذلك وقريب من ابتدائها في المشرق بناء يمنع المرور في محاذاة الأسطوانة البارز بعضها في الحائز الظاهر من القبلة نحو عرضها كما سيأتي في تصويره وأما الغربيان فلم يكن بينهما فرجة ولا مغرز أبرة ومعلوم أن الجدار الظاهر لم يغير عن محله لصحة ما وصفه به المؤرخون بالنسبة إلى الأمور المحاذية له من خارجه وشاهد الحال من رؤية البناء الداخل قاض بأنه لم يغير منه إلا جهة المشرق وما يليها من القبلة والشام كما ستوضحه وما ذكره
أبو غسان من أن الفرجة بين الشرقيين ثلاثة أذرع مخالف لما سبق عن أبن زبالة والظاهر أنها كانت كما ذكره أبو غسان لا على ما ذكره أبن زبالة ولا على ما وجدناها عليه لأنا وجدناها نحو ذراع اليد مما يلي الشام ونحو شبر مما يلي القبلة لكن وجد الجدار الشرقي الداخل وما اتصل به من القبلة والشام ليس مبنيا من جنس بناء بقية الحجرة فإن الحجرة مبنية بالحجارة الوجوه المنحوتة من داخل الجدار وخارجه بخلاف هذه الجهة ووجد عند نقض جدارها الشامي من داخله رأس جدار من محاذاة الأسطوانة الآتي تصويرها خلف هذا الجدار الشامي يشهد الحال أنه كان آخذا من الشامي إلى ما يحاذيه من القبلة عند الأسطوانة التي هناك وكان ذلك محل الجدار الشرقي من البناء الداخل
وقد صوّره أبو غسان في محاذاة الأسطوانتين المذكورتين فكأنه انهدم وعند إعادته لم يعد في محله بل وسعوا في الحجرة من الفرجة المذكورة حذرا مما سبق من ظهور ساق عمر رضي الله عنه عند حفر الأساس
لكن لم ينبه أحد من المؤرخين على ذلك غير أنّ في رحلة أبن عاث النفزي حدّثت بالمدينة الشريفة أو بمدينة السلام بأنهم سمعوا منذ سنين قريبا من الأربعين هدّة في الروضة أي الحاوية للقبور الشريفة فكتب في ذلك إلى الخليفة فاستشار الفقهاء فأفتوا أن يدخلها رجل فاضل من القوم على المسجد فاختاروا لذلك بدرا الضعيف كان يقوم الليل ويصوم النهار من فتيان بني العباس فدلى حتى دخل فوجد الحائط الغربي قد سقط وهو حائط دون الحائط الظاهر فصنع له لبن من تراب المسجد فبناه وأعاده كما كان ووجد هناك قعبا من خشب أصابه وقوع الحائط فكسره فحمل إلى بغداد مع شيء من تراب الحائط وكان يوم وصوله إلى بغداد يوما مشهودا تجمع لاستقباله الناس وعطلت الصناعات والبيع ورحلة أبن عاث سنة ثلاث عشرة وستمائة وقد قال قريبا من أربعين سنة فيكون ذلك في نحو السبعين وخمسمائة في دولة المستضيئ فلعل هذه
الواقعة هي التي كان فيها التغيير المذكور وكأنه أطلق الغربي على المنهدم بالنسبة إلى الجدار الخارج الذي يليه في المشرق ولم يبن إلا بالحجر لكنه غير منقوش كما قدّمناه ولعله أراد باللبن ما وجد من سترة هناك على رأس الجدار يشهد الحال بتجدّدها لزيادتها عما ذكره الأقدمون من الذرع لكن في كلام أبن النجار ما يقتضي أنه لم يقع دخول إلى الحجرة الشريفة من سنة أربع وخمسين وخمسمائة إلى زمنه وكانت وفاته سنة ثلاث وأربعين وستمائة فإنه قال أعلم أن في سنة ثمان وأربعين وخمسمائة سمعوا صوت هدّة في الحجرة وكان الأمير قاسم بن مهنى الحسني فأخبروه فقال ينبغي أن ينزل شخص ليبصر ففكروا فيمن يصلح فلم يجدوا إلا شيخ شيوخ الصوفية بالموصل عمر النشائي كان مجاورا بالمدينة فذكر أنّ به فتقا يحوجه إلى التردّد للغائط فألزموه فأستمهل ليروّض نفسه ثم أنزلوه في الحبال من الخوخة الآتي ذكرها بالسقف إلى الحظير الذي بناه عمر ودخل منه إلى الحجرة ومعه شمعة يستضيء بها فرأى شيئاً من طين السقف قد وقع على القبور فأزاله وكنس التراب بلحيته قيل إنه كان مليح الشيبة هذا ما سمعته من أفواه جماعة والله أعلم بحقيقة الحال في ذلك ثم قال أبن النجار في شهر ربيع الآخر من سنة أربع وخمسين وخمسمائة في أيام قاسم أيضا وجدوا من الحجرة رائحة منكرة فأمرهن الأمير قاسم
بالنزول فنزل بيان الأسود الخصي أحد خدام الحجرة مع الصفي الموصليّ متولي عمارة المسجد ونزل معهما هارون الشادي الصوفي فوجدوا هرا هبط في الحائز بين الحجرة والمسجد أي بين الجدارين ومات وجف فأخرجوه وذلك يوم السبت الحادي عشر من ربيع الآخر ومن ذلك التاريخ إلى يومنا هذا لم ينزل أحد إلى هناك اه والظاهر إن قضية أبن عاث متحدة مع ما ذكره أبن النجار ولم يقع تحريرها لعدم تدوينها ثم ظفرت في كلام بعض حفاظ عصرنا فسح الله في أجله أن مما وقع عند رأس المائة الرابعة أنه في سنة سبع وأربعمائة اتفق تشعيث الركن اليماني من الكعبة وسقوط جدار قبر النبيّ صلى الله عليه وسلم وسقوط القبة الكبيرة عل صخرة بيت المقدس فعدّ ذلك من أغرب الاتفاق وأعجبه اه فيستفاد منه سبق ذلك بكثير على ما ذكره أبن عاث وأبن النجار وقد ذكر أبن النجار تصوير الحجرة الشريفة وتبعه عليه أبن عساكر والزين المراغي وهو مخالف للتصوير الذي نقله أبن شبة عن أبي غسان وللتصوير الذي نقله طاهر بن
يحيى عن أبيه ولما شاهدناه من تصوير الحجرة الشريفة وقد أوضحنا ذلك في الأصل ولا شك أن البناء الذي في جوف الحائز الظاهر مربع وقد صوّره أبن النجار وأتباعه بصورة البناء الظاهر مخمسا فهو خطأ وقد ذرعت الحجرة الشريفة من داخلها بجريدة طويلة فكان ذرع مقدّمها الذي يلي القبلة بين المغرب والمشرق عشرة أذرع وثلثي ذراع وذرع مؤخرها مما يلي الشام أحد
عشر ذراعا وربع وسدس وذرع عرضها من القبلة إلى الشام في كل من جانبيها الغربي والشرقي سبعة أذرع بتقديم السين ونصف وثمن وهو قريب من الذرع الذي ذكره أبن شبة ويحيى في تصويرهما وعرض منقبة الجدار الداخل من الجوانب كلها ذراع ونصف وقيراطان إلا الشرقي المجدّد فإنه ذراع وربع وثمن فقط وعرض منقبه الحائز الظاهر ذراع وربع وثمن وارتفاعه في السماء من أرض المسجد حوله ثلاثة عشر ذراعا وثلث ذراع يزيد في بعض الجهات يسيرا وهو مبنيّ بالحجر الغشيم ورؤيته من داخله شاهدة بأنه زيد في أعلاه نحو نصف ذراع بالآجر لما زيد في الجدار الداخل سترة للسقف الآتي ذكره ليساويه ولذا قال أبو غسان إنّ ارتفاعه عشر ذراعا غير سدس فوافق ذلك ذرعنا المتقدّم وأمّا ما ذكره أبن النجار ومن تبعه في ذرعه من أنه ثلاثة وعشرون ذراعا فقد أدخلوا في ذلك طول الشباك المتصل من رأس هذا الجدار إلى سقف المسجد فإنّ عمر بن عبد العزيز لم يبلغ بحائزة سقف المسجد وقد ذكر أبن النجار أن الجمال الأصفهاني عمل للحجرة أي لحائزها مشبكا من الصندل والأبنوس وأداره حولها مما يلي السقف اه فهو الشباك المذكور ولعل الأصفهاني أوّل من أحدثه ولا ذكر له في كلام المتقدّمين وقد ذكرنا في الأصل ذرع كل صفحة من صفحات هذا الحائز المخمس وارتفاع الجدار الداخل في السماء من خارجه بين الجدارين خمسة عشر ذراعا ومع ذلك فتظهر مساواته للحائز الخارج وسببه علوّ أرض المسجد خارج الحائز على الأرض الداخلة بين الحائزين بأرجح من ذراع ونصف والرحبة التي شبه المثلث بين الجدارين خلف الجدار الشامي وجدت مجدولة
بالحجارة وطولها من القبلة إلى الشام ثمانية أذرع والأرض من داخل الحجرة منخفضة أيضا عما بين الحائزين بذراع وربع
وسيأتي في الرابع عشر ما أحدثه متولي العمارة الشمس بن الزمن من التغيير في ذلك وتصوير ما استقرّ عليه الأمر وذكر أبن النجار أن على الحجرة أي سقفها ثوبا مشمعا مقل الخيمة وفوقه سقف المسجد وفيه أي فيما تحت المشمع المذكور خوخة عليها ممرق أي طابق مقفول وفوق الخوخة في سقف السطح أي سقف المسجد خوخة أخرى فوق تلك الخوخة وعليها ممرق مقفول أيضا وبين سقف المسجد وبين سقف السطح فراغ نحو الذراعين أي بين السقف الثاني لسطح المسجد والأوّل فإنه سقفان كما سيأتي بينهما فراغ نحو الذراعين وهذا الذي ذكره كان قبل الحريق الأوّل وأما بعده فقد أدركت بين سقفي المسجد في سقفه الذي يلي الحجرة ألواحا مسمرة سمر عليها ثوب مشمع وفيها طابق مقفل في محاذاة وسط بناء الحجرة الداخل لا كما قال المطري إنه إذا فتح يكون النزول منه إلى ما بين حائط بيت النبي صلى الله عليه وسلم وبين الحائز الذي بناه عمر بن عبد العزيز قال وسقف الحجرة بعد الحريق إنما هو سقف المسجد وهو خطأ أيضا بل شاهدت عليها سقفا متقنا عمل بعد الحريق الأوّل لأنّ آثار خشب السقف المحترق ظهرت لنا تحت هذا السقف المجدّد عليها سترة من لبن ولم ير من جدّد هذا السقف وضعه في محل تلك الأخشاب لما يترتب عليه من إخراج رؤوس تلك الأخشاب المحترقة من الجدار فجعله فوق تلك السترة وجدّد له سترة نحو نصف ذراع وجعله من ألواح ساج على حزم من الساج
وجعله قطعا مكلبة بقضبان من الحديد بعضها في بعض ولم يجعل فيه طابقا وجعل عليه ستارة من المحابس اليمنية مبطنة وقال أبن رشد في بيانه ولقد أخبرني من أثق به أنه لا سقف للقبر الشريف اليوم تحت سقف المسجد اه ووفاة أبن رشد سنة عشرين وخمسمائة فهو قبل الحريق الأوّل بمدّة مديدة فهو مخالف لقضية كلام المؤرخين ولما سيأتي عن مالك رحمه الله في الكسوة ولا شك في كونه كان مسقوفا قبل الحريق لما سبق وقد وجدنا بقية ميزابه في العمارة التي أدركناها من عرعر ولا شك أيضا في كونه كان مسقوفا في الصدر الأوّل ولذا روى الدارميّ في صحيحه عن أبي الجوزاء قال قحط أهل المدينة قحطا شديدا فشكوا إلى عائشة رضي الله عنه فقالت
فانظروا قبر النبي صلى الله عليه وسلم فاجعلوا منه كوة إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف ففعلوا فمطروا حتى نبت العشب وسمنت الإبل حتى تفتقت من الشحم فسمى عام الفتق
قال الزين المراغي وفتح الكوة عند الجدب سنة أهل المدينة حتى الآن يفتحون كوة في سفل قبة الحجرة أي القبة الزرقاء المحترقة في زماننا يفتحونها من جهة القبلة وإن كان السقف حائلا بين القبر الشريف وبين السماء قلت وسنتهم اليوم فتح الباب المواجه للوجه الشريف من المقصورة المحيطة بالحجرة الشريفة والاجتماع هناك ثم إن الشجاعي شاهين الجمالي لما بنى أعالي القبة الخضراء الآتي ذكرها في الفصل بعده اتخذ في ذلك كوة عليها شباك حديد ثم فتح كوة في محاذاتها بالقبة السفلى المتخذة بدل سقف الحجرة الشريفة الآتي ذكرها في الثاني عشر وجعل على هذه الكوة شباكا أيضا وجعل على هذا الشباك بابا يفتح عند الاستسقاء للجدب " وأما صفة القبور الشريفة بالحجرة المنيفة " فقد اختلف فيها على نحو سبع كيفيات ذكرناها في الأصل بأدلتها والذي عليه الأكثر أن قبر النبي صلى الله عليه وسلم أمامها إلى القبلة مقدما أي لجدار القبلة كما سيأتي ثم قبر أبي بكر رضي الله عنه حذاء منكبي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبر أبي بكر رضي الله عنه حذاء منكبي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبر عمر رضي الله عنه حذاء منكبي أبي بكر رضي الله عنه وهذه صفتها
ونقل المراغي أن رزينا ويحيي جزما بهذه الصفة وهو كذلك في كلام رزين رواها عن عبد الله ابن محمد بن عقيل في خبره المتقدم في انهدام حائط الحجرة وأما يحيي فقال في كتابه حدثنا هارون بن موسى قال سمعت أبي بكر عن نافع بن أبي نعيم وغيره من المشايخ ممن له سنّ وثقة وذكر ما تقدم وفي النسخة التي رواها ابنه طاهر عند تصوير القبور الشريفة كذلك وقال إنها صفة القبور الشريفة فيما وصف بعض أهل الحديث عن عروة عن عائشة ثم ذكر صفة أخرى رواها ابن زبالة عن القاسم بن محمد ذكرناها في الأصل وأرجح ما روى عن القاسم بن محمد ما رواه أبو داود الحاكم وصحح إسناده عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق قال دخلت على عائشة رضي الله عنه فقلت لها يا أمته اكشفي لي عن قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه فكشفت عن ثلاثة قبور ولا مشرفة ولا لاطئة مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء زاد الحاكم فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدما وأبا بكر رأسه بين كتفي النبي صلى الله عليه وسلم وعمر رضي الله عنه رأسه عند رجلي النبي صلى الله عليه وسلم
قال ابن عساكر وهذه صفته وليحيي عن إسماعيل بن أبي أويس عن أبيه وإسماعيل صدوق أخطأني أحاديث من قبل حفظه وأبوه صدوق يهم وبقيه رجاله ثقات عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها وصفت لنا قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر أبي بكر وقبر عمر رضي الله عنه وهذه القبور في سهوة في بيت عائشة رضي الله عنها رأس النبي صلى الله عليه وسلم مما يلي المغرب وقبر أبي بكر رضي الله عنه عند رأسه عند رجلي النبي صلى الله عليه وسلم وقبر عمر رضي الله عنه خلف النبي صلى الله عليه وسلم وبقي موضع قبر وهذه صفة قبورهم علة ما وصف ابن أبي أويس عن يحيي بن سعيد وعبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة رضي الله عنه قال ابن عساكر بعد رواية ذلك من طريق ابن زبالة وهذه صفته
قلت ويردها ما ثبت في الصحيح من أن الذي بدت قدمه عند هدم الجدار إنما هو عمر لأن الجدار المنهدم هو الشرقي ولو صحت هذه الرواية لكان البادي قدم أبي بكر رضي الله عنه وأشهر الروايات الأولى والثانية صححها الحاكم كما سبق فهاتان الروايتان أرجح مما ورد في ذلك وبقية الروايات تركناها لضعفها وقد اشتملت رواية أبي داود والحاكم على أن القبور الشريفة لم تكن مسنمة ولأبن زبالة عن عائشة رضي الله عنها ربع قبر النبي صلى الله عليه وسلم وجعل رأسه مما يلي المغرب وأما ما في الصحيح عن سفيان التمار أنه رأى قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسنما زاد أبو نعيم في المستخرج وقبر أبي بكر وعمر كذلك فلا يعارض ما سبق لأن سفيان ولد في زمن معاوية رضي الله عنه فلم ير القبر أول الأمر فيحتمل كما قال البيهقي أن القبر تسنم لما سقط عنه الجدار ولذا روى يحيي عن عبد الله بن الحسين قال رأيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسنما زمن
الوليد بن هشام ويدل لما سبق من
بقاء قبر عرض عائشة رضي الله عنه علي عبد الرحمن بن عوف حين نزل به الموت أن يدفن عند النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه كما رواه ابن شبة وكذا ما روى من أذنها للحسن رضي الله عنه ومنع بني أمية له وكان قولها لأبن الزبير كما في الصحيح لا تدفني معهم ادفني مع صواحبي بالبقيع زاد الإسماعيلي وكان في بيتها موضع قبر لا ينافيه إرسال عمر رضي الله عنه يسألها أن يدفن مع صاحبيه وقولها كما في الصحيح كنت أريده لنفسي فلأوثرنه اليوم على نفسي لاحتمال أن الذي آثرت به هو ما يقرب من قبريهما فلا ينفي وجود مكان آخر ولذا جاء في رواية أن موضع القبر الباقي في السهوة الشرقية قال سعيد بن المسيب فيه يدفن عيسى بن مريم عليه السلام والسهوة قيل كالصفة وقيل شبه المخدع والخزانة وللترمذي من طريق أبي مودود عن عثمان بن الضحاك عن محمد بن يوسف عن عبد الله بن سلام عن أبيه عن جده قال مكتوب في التوراة صفة محمد وعيسى بن مريم يدفن معه قال فقال أبو مودود قد بقى موضع قبر قال الترمذي حديث غريب وفي بعض النسخ حسن غريب وهكذا قال عثمان بن الضحاك المعروف الضحاك بن عثمان اه ولفظ الطبراني في روايته يدفن عيسى بن مريم عليه السلام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنه فيكون قبرا رابعا وفيه عثمان بن الضحاك وثقة ابن حبان وضعفه أبو داود وقد أخرجه أبو ذر الهروي في كتاب السنة له من طريقه ثم أخرج عقبة من طريق حماد عن أيوب قال قيل لعمر بن عبد العزيز لو أتيت المدينة وأمت بها فإن مت دفنت في الرابع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فقال والله لأن يعذبني الله عز وجل بكل عذاب إلا النار أحب إليّ من أن يعلم أني أرى نفسي لذلك أهلا وليحيي بن النجار عن كعب الأحبار قال ما من فجر يطلع إلا نزل سبعون ألفا من الملائكة حتى يحفون بالقبر يضربون بأجنحتهم ويصلون على النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا أسوا عرجوا وهبط مثلهم فصنعوا مثل ذلك حتى إذا انشقت الأرض خرج في سبعين ألفا من الملائكة صلى الله عليه وسلم وفي صحيح الدرامي نحوه وبوّب عليه باب ما أكره الله به نبيه صلى الله عليه وسلم بعد موته ورواه البيهقي ورواه أيضا في شعبه. رضي الله عنه علي عبد الرحمن بن عوف حين نزل به الموت أن يدفن عند النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه كما رواه ابن شبة وكذا ما روى من أذنها للحسن رضي الله عنه ومنع بني أمية له وكان قولها لأبن الزبير كما في الصحيح لا تدفني معهم ادفني مع صواحبي بالبقيع زاد الإسماعيلي وكان في بيتها موضع قبر لا ينافيه إرسال عمر رضي الله عنه يسألها أن يدفن مع صاحبيه وقولها كما في الصحيح كنت أريده لنفسي فلأوثرنه اليوم على نفسي لاحتمال أن الذي آثرت به هو ما يقرب من قبريهما فلا ينفي وجود مكان آخر ولذا جاء في رواية أن موضع القبر الباقي في السهوة الشرقية قال سعيد بن المسيب فيه يدفن عيسى بن مريم عليه السلام والسهوة قيل كالصفة وقيل شبه المخدع والخزانة
وللترمذي من طريق أبي مودود عن عثمان بن الضحاك عن محمد بن يوسف عن عبد الله بن سلام عن أبيه عن جده قال مكتوب في التوراة صفة محمد وعيسى بن مريم يدفن معه قال فقال أبو مودود قد بقى موضع قبر قال الترمذي حديث غريب وفي بعض النسخ حسن غريب وهكذا قال عثمان بن الضحاك المعروف الضحاك بن عثمان اه ولفظ الطبراني في روايته يدفن عيسى بن مريم عليه السلام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنه فيكون قبرا رابعا وفيه عثمان بن الضحاك وثقة ابن حبان وضعفه أبو داود وقد أخرجه أبو ذر الهروي في كتاب السنة له من طريقه ثم أخرج عقبة من طريق حماد عن أيوب قال قيل لعمر بن عبد العزيز لو أتيت المدينة وأمت بها فإن مت دفنت في الرابع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فقال والله لأن يعذبني الله عز وجل بكل عذاب إلا النار أحب إليّ من أن يعلم أني أرى نفسي لذلك أهلا وليحيي بن النجار عن كعب الأحبار قال ما من فجر يطلع إلا نزل سبعون ألفا من الملائكة حتى يحفون بالقبر يضربون بأجنحتهم ويصلون على النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا أسوا عرجوا وهبط مثلهم فصنعوا مثل ذلك حتى إذا انشقت
الأرض خرج في سبعين ألفا من الملائكة صلى الله عليه وسلم وفي صحيح الدرامي نحوه وبوّب عليه باب ما أكره الله به نبيه صلى الله عليه وسلم بعد موته ورواه البيهقي ورواه أيضا في شعبه.