الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
الفصل الحادي عشر " فيما جعل علامة لتمييز جهتي الرأس والوجه الشريفين
ومقام جبريل عليه السلام من الحجرة الشريفة وتأزيرها بالرخام وكسوتها وتخليقها والمقصورة التي أديرت عليها والقبة المحاذية لها بأعلى سطح المسجد الشريف النبوي
وأما علامة جهة الرأس الشريف فصندوق مصفح بالفضة بأصل الأسطوانة اللاصقة بحائز القبر الشريف عند نهاية الصفحة الغربية منه مما يلي القبلة في صف أسطوانة السرير وأسطوانة التوبة ولو أعلم ابتداء حدوثه واقدم من ذكره ابن جبير في رحلته وكانت قبل الحريق الأول عام ثمانين وخمسمائة وقال أنه قبالة رأس النبي صلى الله عليه وسلم قلت وفيه تجوز فقد ظهر لنا أنه في محاذاة الجدار والداخل القبلي واللحد الشريف إلى الجدار المذكور كما سيأتي والأصل في ذلك ما روى جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده رضي الله عنه أنه كان إذا جاء يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وقف عند الأسطوانة التي تلي الروضة أي وهي المتقدمة ثم يقول ههنا رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم
والمراد منه ما قدمناه وكان فوق هذا الصندوق قائم من خشب يحيط بما ظهر من الأسطوانة إلى رأس أعلى رخام الحجرة مختم مصفح بصفائح الفضة المموهة فلما أحترق مع الصندوق في الحريق الثاني أعيد الصندوق وجعل موضع القائم رخام كتب فيه البسملة والصلاة والتسليم على النبي صلى الله عليه وسلم وغير ذلك وأما علامة الوجه الشريف فمسمار فضة بينه وبين ابتداء الصفحة الغربية نحو خمسة أذرع والمذكور في كلام الأقدمين التعليم يجعل القنديل على الرأس قال ابن أبي مليكة إذا جعلت القنديل على رأسك والمرمرة المدخولة في جدار القبر قبالة وجهك استقبلت وجه النبي صلى الله عليه وسلم قال المطري هذا كان قبل احترق المسجد فإنه يقابل الوجه الشريف غير قنديل واحد ولما جدد جعل هناك عدة قناديل وإنما العلامة اليوم مسمار فضة في رخامة حمراء اه وهو يوهم حدوث التعليم بذلك بعد الحريق وليس كذلك فقد ذكر العليم به ابن النجار فقال عقب نقل كلام ابن أبي مليكة وهناك اليوم علامة
واضحة وهي مسمار فضة في حائط الحجرة إذا قابله الإنسان كان القنديل على رأسه فيقابل وجه النبي صلى الله عليه وسلم وقال ابن الجوزي في مثير العزم الساكن وثم ما هو أوضح علما من القنديل وهو مسمار صفر في حائط الحجرة إذا حاذاه القائم كان القنديل فوق رأسه وكذا قال ابن جبير في رحلته وكل هؤلاء كانوا قبل الحريق واقتضى كلام الغزالي إلى أن الواقف تحت القنديل يكون بينه وبين السارية التي عند رأس القبر عند زاويته الغربية وهي أسطوان الصندوق نحو أربعة أذرع فهو قريب مما سبق في محل المسمار المذكور وقال الأقشهري أنه سقط سنة عشرين وسبعمائة ولم يرد إلى موضعه إلا في رجب عام أربع وعشرين وسبعمائة " قلت " وقد أخرج في زماننا عند ترخيم الحجرة الأولى وأعيد إلى محله مع مسمار في أول الصفحة القبلية ومسمارين آخرين في طرف الصفحة الغربية أحدثها متولي العمارة ابتدعا منه ثم أزال الحريق الحادث في زماننا ذلك ثم أعيد المسمار والنذور فقط إلى محله في الترخيم المتجدد بعد حريق زماننا وفي كلام يحيي ما يوهم أن محل الوجه الشريف بقرب الأسطوانة جدار الحائز وبينها وبين المسمار المذكور نحو ثلاثة أذرع ومشاهدة الحجرة من داخلها قاضية برد ذلك وتشبيك باب المقصورة القبلي الذي أحدثه متولي العمارة ضيق قد يمنع مشاهدة المسمار إلا بتأمل يشغل القلب فإنه في
مقابلة الصرعة الثانية مما يلي المشرق فمن حاذاها كان محاذيا للمسمار المذكور وهو مموه بالمذهب ثم أن المقرّ الشجاعي شاهين الجمالي أبدل الباب المذكور بشباك نحاس فأتضح به شهود المسمار المذكور لمن أراده وأما مقام جبريل عليه السلام فعند مربعة القبر كما سبق فيها وكان هناك مسمار فضة في منحرف المربعة إلى الزاوية الشمالية من حائز الحجرة علامة عليه ذكره المراغي وكأنه سقط ولم يعد وقد ذكر ابن جبير في رحلته هذا المحل من الحجرة قال وعليه ستر مسبل يقال أنه مهبط جبريل عليه السلام اه وقد ترجم ابن شبة لمقام جبريل عليه السلام ثم ذكر ما سيأتي عنه في باب جبريل وسقط من النسخة التي وقعت لنا بقية الكلام فيه وسنذكر من كلام ابن زبالة هناك ما يحتمل أنه يريد به هذا المحل وأما تأزير الحجرة الشريفة بالرخام فلم يذكره بالرخام فلم يذكره ابن زبالة لكن ذكر يحيي ما حاصله أن حجرا كان لاصقا بجدار القبر قريبا من المربعة كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي إليه إذا دخل إلى فاطمة أو فاطمة رضي الله عنه وقال علي بن موسى الرضا أن فاطمة ولدت
الحسن والحسين رضي
الله عنه على ذلك الحجر قال يحيي ورأيت الحسين بن عبد الله إذا أشتكى شيئاً من جسده كشف الحصى عنه فمسح به ذلك الموضع ولم يزل ذلك الحجر نراه حتى عمر الصانع المسجد ففقدناه عند ما أزرا اقبر الرخام قال راوي كتاب يحيي الصانع هذا هو إسحاق بن سلمة كان المتوكل وجه به على عمارة المدينة ومكة " قلت " خلافة المتوكل هذا سنة أثنين وثلاثين ومائتين وتوفى سنة سبع وأربعين فتأزير الحجرة إنما كان في زمنه والظاهر أنه فرش أيضا الرخام الذي حول الحجرة بالأرض لما ذكر من كشف الحصى عن الحجر المذكور وللتبرك به قال ابن النجار ثم في خلافة المقتفي سنة ثمان وأربعين وخمسمائة جدده جمال الدين الأصفهاني وزير بني زنكة وجعل الرخام حولها قامة وبسطة " قلت " يذكر أحد من المؤرخين من جدده بعد ذلك والظاهر أنه جدد بعد الحريق الأول وقد جدد في زماننا في دولة الأشرف قايتباي مرتين الأولى سنة إحدى وثمانين وثمانمائة قبل حريق زماننا بعده سنة سبع وثمانين وثمانمائة وكل ما يوجد اليوم من الرخام بالحجرة وغيرها قد جدد في العمارة الثانية ولم يكن بعد الحريق الأول بجدار المسجد القبلي رخام سوى المحراب
العثماني ويسير من جنبتيه وفي دولة الظاهر جقمق جعل فيه وزرة كاملة بين المنارتين الشرقية والغربية وزادوا في العمارة الثانية ترخيم المنارة الشرقية وشيئاً مما بعدها في المشرق وترخيم باب السلام وعمل المنبر ودكة المؤذنين من الرخام وترخيم الدعائم المحدثة حول الحجرة الشريفة وأما كسوة الحجرة الشريفة فلم يتعرض لها ابن زبالة ولا يحيي مع ذكر ابن زبالة لكسوة المنبر وجعل السترة على أبواب المسجد وقال ابن النجار بعد ذكر ترخيم الحجرة وإدارة الأصفهاني للشباك المتقدم على حائزها وتحتيمه بالصندل والأبنوس ولم تزل الحجرة على ذلك حتى عمل لها الحسين بن أبي الهيجاء صهر الصالح وزير الملوك المصريين ستارة من الدبيقي الأبيض وعليها الطروز الجامات المرقومة وخيطها وأدار عليها زنارا من الحرير الأحمر مكتوبا عليه سورة يس وأراد تعليقها على الحجرة فمنعه قاسم بن مهنى أمير المدينة قال حتى نستأذن المستضيئ بأمر الله فبعث إلى العراق يستأذن فجاءه الأذن فعلقها نحو العامين ثم جاءت من الخليفة ستارة من الأبريسم البنفسجي عليها الطراز والجامات المرقومة وعلى طرازها أسم المستضيئ بأمر الله فشيلت لك ونفذت إلى مشهد علي بالكوفة وعلقت هذه عوضها فلما ولي الناصر لدين الله نفذ ستارة أخرى من الأبريسم
الأسود فوق تلك فلما حجت الحاجة أم الخليفة وعادت إلى العراق عملت ستارة كالتي قبلها ونفذتها فعلقت على هذه ففي يومنا على الحجرة ثلاث ستاير بعضهن على بعض انتهى وظاهره أن ابن أبي الهيجاء أول من كسا الحجرة لكن قال رزين في ضمن خبر عن محمد بن إسماعيل ما ألفضه فلما كانت ولاية هارون الرشيد وقدمت معه الخيزران أمرت بتخليق مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وتخليق القبر وكسته الزنانير وشبائك الحرير اه وفي العتبية مسجد لمالك أنه ينبغي أن ينظر في قبر النبي صلى الله عليه وسلم كيف يكسون سقفه قثيل يجعل عليه خيش فقال وما يعجبني الخيش فإنه ينبغي أن ينظر فيه انتهى وفي عشر الستين وسبعمائة أشترى السلطان الصالح إسماعيل بن الناصر محمد قرية من بيت مال المسلمين بمصر ووقفها على كسوة الكعبة المشرفة في كل سنة وعلى كسوة الحجرة والمنبر في كل خمس سنين مرة وذكره التقي
الفاسي والزين المراغي إلا أنه قال في كسوة الحجرة في كل ست سنين مرة تعمل من الديباج الأسود مرقوما بالحرير الأبيض ولها طراز منسوج بالفضة المذهبة دائر عليها الكسوة المنبر فإنها بتفصيص أبيض انتهى والعادة قسم الكسوة العتيقة عند ورود الجديدة والحكم فيه كحكم كسوة الكعبة وقد قال العلائي أنه لا تردد في جواز قسمتها لأن الوقف عليها كان بعد استقرار العادة بذلك والعلم بها وأما تخليق الحجرة الشريفة وكذا المسجد فقال لبن زبالة قدمت الخيزران سنة سبعين ومائة فأمرت بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم يخلق وولى ذلك من تخليقه مؤنسة جاريتها فقام إليها إبراهيم بن الفضل مولى هشام بن إسماعيل فقال هل لكم أن تسبقوا من بعدكم وأن تفعلوا ما لم يفعله من كان قبلكم قالت مؤنسة وما ذاك قال تخلقون البركة ففعلوا وإنما كان يخلق منه ثلثاه أو أقل وأشار عليهم فزاد في خلوق أسطوانة
التهوية والأسطوانة التي هي علم عند مصلى النبي صلى الله عليه وسلم فخلقوهما حتى بلغوا بهما أسفلهما وزادوا في الخلوق في أعلاهما انتهى وقد ترك أمر الخلوق في زماننا
وأما معاليق الحجرة الشريفة ألت تعلق حولها من قناديل الذهب والفضة ونحوهما فلم أقف على ابتداء حدوثها إلا أن ابن النجار قال في سقف المسجد الذي بين القبلة والحجرة رؤس الزوار إذا وقفوا أي وهو من داخل المقصورة اليوم معلق نيف وأربعون قنديلا كبارا وصغارا من الفضة المنقوشة والساذجة وفيها اثنان من بلور وواحد من ذهب وقمر من فضة مغموس في الذهب وهذه متنفذ من البلدان ومن الملوك وأرباب الحشمة انتهى وعمل من ذكر مستمر بذلك وإذا كثرت رفع بعضها ووضع بالقبة التي وسط المسجد فأجتمع شئ كثيرة فأتفق في سنة إحدى عشر وثمانمائة أن فوض الناصر فرج لحسن بن عجلان الحسني سلطنة الحجاز كله والنظر في إمرة المدينة وكان أميرها جماز بن هبة الجمازي فاقتضى رأي حسن تولية ثابت بن نغير المنصوري فيرافق المراسيم له بذلك ولم يصل الخبر إلا بعد وفاة ثابت فأظهر جماز العصيان وجمع المفسدين وأباح بهب بعض بيوت المدينة ثم كسر باب القبة وأخذ جميع ما فيها وأحضر السلم لإنزال قناديل الحجرة وكسوتها فصرفه الله عن ذلك ثم أرتحل على جمال السواني وزنة ما أخذ من قناديل الفضة سبعة وعشرون قنطارا وخوشخانات مختومة يقال إنها ذهب وصندوقان ذهبا ويقال أنه دفن غالب ذلك ثم قتل سنة اثنتي عشرة وثمانمائة فلم يعلم مكان ذلك ثم تجدد بالحاصل المذكور أشياء فأخذ
منها الأمير عزيز بن هيازع بن هبة الجمازي سنة أربع وعشرين وثمانمائة جانبا من ذلك زاعما على سبيل القرض فأمتحن بعض قضاة المدينة بسببه ثم حمل عزيز للقاهرة محتفظا به ومات بها مسجونا ثم لم تزل هذه القناديل في زيادة حتى عدا برغوث بن بتسيرين حريس الحسيني ودبوس بن سعد الحسيني الطفيلي على طائفة من المعلق منها حول الحجرة الشريفة في الجمعة سنة ستين وثمانمائة صارا يدخلان من دار الشباك التي موضعها اليوم سبيل المدرسة الأشرفية بباب الرحمة وكانت خالية فيتسوّر جدار المسجد ثم يدخلان من بين سقفي المسجد إلى هناك فأخذ أشياء كثيرة ولم يطلع إلا بعد مدة ثم أمسكا وقتلا بعد استرجاع طائفة من ذلك ثم بلغنا أن متولي العمارة الشمس بن الزمن حسن للسلطان الأشرف حمل ما أجتمع من ذلك بالقبة إلى مصر وصرفه في مصالح المسجد فحمل جانب منه قبل الحريق الثاني وقد ألف السبكي تأليفا سماه تنزل السكينة على قناديل المدينة وذهب فيه إلى جوازها وقفها وعدم جواز صرف شئ منها لعمارة المسجد وقد لخصناه في الأصل مع مباحث حسنة فراجعه ومن أحسن ما رأيت من معاليق الحجرة قنديلا من فولاذ كبيرا حسن
التكوين محزما مكفتا بذهب يضيء إذا أسرج فيه وعليه مكتوب أن الناصر محمد بن قلاوون علقه بيده هناك وكان بالقبة فعلقه الشجاعي الجمالي قبالة المصلى النبوي وأما المقصورة التي أديرت على الحجرة الشريفة وبيت فاطمة رضي الله عنه بين الأساطين فقد أحدثها السلطان الظاهر ركن الين بيبرس وذلك أنه لما حج سنة سبع وستين وستمائة أراد جعلها من دربزين خشب فقاس ما حول الحجرة الشريفة بيده وقدره بحبال وحملها معه وعمل الدرابزين وأرسله سنة ثمان وستين وأداره عليها وعمل ثلاثة أبواب قبليا وشرقيا وغربيا نصبه بين الأساطين التي تلي الحجرة الشريفة إلا من ناحية الشام فإنه زاد فيه إلى متهجد النبي صلى الله عليه وسلم وكان ارتفاعه نحو القامة فزاد عليه العادل زين الدين كتبغا سنة أربع وتسعين وستمائة شباكا دائرا عليه ورفعه حتى وصله بسقف المسجد ثم زيد لهذه المقصورة باب رابع شامي بطرف صحن المسج عند زيادة الرواقين بمؤخر السقف القبلي سنة تسع وعشرين وسبعمائة في دولة الناصر ثم أحدث أما هذا الباب من جهة الصحن سقف لطيف نحو ستة أذرع يحيط به رفوف وبسط بأرضه الرخام سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة في دولة
الظاهر جقمق ثم أحترق ذلك كله في الحريق الثاني عام ست وثمانين وثمانمائة فجعلوا بدل الناحية القبلية منها شبابيك نحاس وعلى أعلاها شبكة من شريط النحاس كالزردبين أخشاب متصلة بالعقود المحدثة هناك محيطة بالحجرة الشريفة وعلى كل شباك شبكة من الشريط أيضا لمنع الحمام وجعلوا لبقيتها من جهة الشام وما أتصل بها من المشرق والمغرب مشبكا من الحديد
المشاجر وبأعلاه شريط النحاس أيضا وجعلوا أبوابها من الحديد المشاجر أيضا إلا القبلي فمن سياج مشبك ثم أبدل بشباك نحاس كما سبق وأحدثوا مشبكا من الحديد المشاجر أيضا لم يكن قبل ذلك متوسطا بين مشبك الحجرة الشامي وما يقابله فاصلا بين الرحبة التي خلف مثلث الحجرة الشريفة وبينها وبها بعض المثلث المذكور وبه بابان أحدهما عن يمين المثلث والآخر عن يساره فصار ما خلف الحجرة من بيت فاطمة رضي الله عنه كأنه مقصورة مستقلة يدخل منه إلى مقصورة الحجرة والظاهر أن هذا الموضع من بيت فاطمة رضي الله عنه كان به مقصورة قبل الحريق الأول لأن ابن النجار قال كما سبق في بيت فاطمة رضي الله عنه أن حوله اليوم مقصورة وفيه محراب وهو خلف حجرة النبي صلى الله عليه وسلم انتهى فهذا مستند الظاهر ركن الدين فيما أحدثه وإن كان وسع الدائرة فقال المطري وظن الملك الظاهر أن ما فعله تعظيما للحجرة الشريفة فحجر طائفة من الروضة مما يلي بيت النبي صلى الله عليه وسلم ومنع الصلاة فيها مع ما ثبت من
فضلها فلو عكس ما حجره وجعله خلف بيت النبي صلى الله عليه وسلم من الناحية الشرقية وألصق الداربزين بالحجرة مما يلي الروضة أخف ولم يبلغني أحد من أهل العلم والصلاح ممن حضر ولا منمنم رآه بعد تحجيره أنكر ذلك أو تفطن له وألقى له بالا وهذا من أهم ما ينظر فيه قال الزين المراغي عقبه أن للظاهر سلفا في ذلك وهو ما حجره عمر بن عبد العزيز على الحجرة من جهة الروضة لكنه قليل انتهى وهو غلط لما قدمناه في حدود المسجد النبوي وغيره من أن عمر ترك من الحجرة طائفة زادها في المسجد من تلك الجهة ولو سلم ما ذكره فذاك لمصلحة حفظ القبر وأيضا ألف بناءه بناء الكعبة ولئلا يتأتى استقباله وهذه المقصورة بضدّ ذلك وقال البدر بن فرحون أن سيدي العارف بالله تعالى الشيخ عليا الواسطي بعث إلى الملك الناصر يقول له أنا أضمن لك على الله تعالى قضاء ثلاث حوائج إن قضيت لي حاجة واحدة وهي إزالة هذه المقصورة فبلغه ذلك فتوقف ولن يفعل قال البدر بن فرحون وليته فعل لأنها حجرت كثيرا من الروضة وطائفة من المسجد انتهى
وقال المجد اللغوي عقبة أن ذلك موجه غير أن أحد الأبواب مفتوح دائما لمن قصد الدخول لصلاة أو زيارة وإنما التعطيل من كسل المصلين " قلت " وما ذكره صحيح بالنسبة إلى زمنه فإن الباب المذكور كان مفتوحا حتى في أيام الموسم كما ذكره العز بن جماعة في منسكه محاولا غلقه في تلك الأيام فقط لأن المحل يصير مأوى بأولادهن الصغار وربما قدروا هناك قال وقد كلمت الناصر في ذلك فسكت ولم يجبني بشيء انتهى وقد حدث بعد غلق الأبواب كلها في الموسم وغيره ولا يمكن الدخول للزيارة إلا من له وجاهة أو يتوقع منه دنيا فيدخل ليلا فتحقق التعطيل وأزيد منه وحرم الناس التبرك بما سبق مما في جوف هذه المقصورة وكان ذلك في دولة الأشرف برسباي بسعي نجم الدين بن حجي في ذلك لما ولى ديوان الإنشاء وأنكر عليه الولي أبو زرعة العراق وكان شيخنا شيخ الإسلام ففيه العصر الشرف المناوي يقول تلك البقعة من المسجد بلا شك فإن كان وجود القذر بها مقتضي لصونها بالغلق والتعطيل فليغلق المسجد بأجمعه واختصاص ما يقرب من المحل الشريف بمزيد التعظيم يكفي فيه الجدران هناك قلت وقد نشأ عن تأييد هذه المقصورة اشتهارها بالحجرة الشريفة ويظن من لا علم له بالتأريخ إنها ليست من المسجد ثم الطامة الكبرى وهو ما ابتناه متولي العمارة بأرضها من الدعائم العظيمة للقبة الآتي ذكرها بعد تصريحي بأن
ذلك غير جائز فزعموا أنهم يجعلونها على رؤوس السواري كالأولى من غير انتقاص للأرض ثم لم يفوا بذلك لما جبل عليه متولي العمارة سامحه الله تعالى وأما قبة الحجرة الشريفة المحاذية لها بأعلى سطح المسجد تكييزا لها فلم تكن قبل حريق المسجد الأول ولا بعده إلى دولة المنصور قلاوون الصالحي بل كان قديما حول ما يوازي الحجرة في سطح المسج حظير من آجر مقدار نصف قامة تمييزا لها عن بقية سطح المسجد حتى كانت سنة ثمان وسبعين وستمائة فعمل هناك قبة مربعة من أفلها مثمنة من أعلاها أخشاب أقيمت على رؤس السواري المحيطة بالحجرة الشريفة في صف أسطوان الصندوق وسمر عليها ألواح من خشب ومن فوقها ألواح الرصاص وفي أسفلها طاقة يبصر الناظر منها سقف المسجد الأسفل الذي كان به الطابق وعليه المشمع وكان حول
هذه القبة بالسطح الأعلى ألواح رصاص مفروشة فيما قرب منها ويحيط بها وبالقبة درازبين من الخشب جعل مكان حظير الآجر وتحته أيضا السقفين شباك خشب يحكيه وكان المتولي لعملها الكمال أحمد بن البرهان الربعي ناظرقوص ذكره في الطالع السعيد قال وقصد خيرا وتحصيل ثواب وقال بعضهم أساء الأدب بعلوا النجارين ودق الحطب قال وفي تلك السنة حصل بينه وبين بعض الولاة كلام كثير فوصل مرسوم بضرب الكمال فضرب فكان من يقول أنه أساء الأدب يقول أن هذا مجازاة له وأدره الأمير علم الدين الشجاعي وخرب داره وأخذ رخامها وخزائنها ويقال أنها بالمدرسة المنصورية انتهى وجددت القبة الشريفة المذكورة أيام الناصر حسن محمد بن قلاوون فاختلت الألواح الرصاص من موضعها فخشوا من الأمطار فجددت أيضا وأحكمت أيام الأشرف شعبان بن حسين بن محمد سنة خمس وستين وسبعمائة وأصلح فيها متولي العمارة شيئاً في عمارته الآتية في الفصل بعده ثم احترقت في حريق المسجد الثاني فاقتضى رأي متولي العمارة سنة سبع وثمانين وثمانمائة اتخاذها في العلو وأن تكون من آجر وأن يؤسس لها دعائم عظام بأرض المسجد وعقود حولها فأتخذ هذه الدعائم التي في موازاة الأساطين التي إليها المقصورة السابقة وأبدل بعض الأساطين بدعائم وأضاف إلى بعضها أسطوانة أخرى وقرن بينهما وحصل فيما بين جدار المسجد الشرقي وبين العائم المحدثة هناك ضيق فهدم الجدار الشرقي هنالك إلى باب جبريل وخرج بالجدار في البلاط ناحية موضع الجنائز نحو ذراع ونصف وأحدث دعامتين عن يمين مثلث الحجرة ويساره الأولى منهما في المحل الذي سبق في الرابع إن الناس يحترمونه ويقال أن قبر فاطمة الزهراء به فبدا لحد القبر وبعض عظامه أخبرني بذلك جمع شاهدوه ثم لما تمت هذه القبة تشققت أعاليها فرمت فلم ينفع الترميم فيها لخسة مؤنتها فقوض الأشرف قايتباي أعز الله أنصاره وأعلى في سلوك العدل منارة للشجاعي شاهين الجمالي النظر في ذلك وفي المنارة الرئيسية السابق ذكرها في الثامن وولاه شيخ الخدام وناظر الحرم فاقتضى الرأي بعد مراجعة أهل الخبرة هدم المنارة كلها وهدم أعالي هذه القبة واختصار يسير منها فأتخذ أخشابا في طاقاتها وأتخذ سقفا هناك يمنع ما يسقط عند الهدم بالحجرة الشريفة ثم هدم أعاليها وأعاد بناءه مع الأحكام بحيث أتخذ في بنائها الجبس الأبيض حمله معه من مصر فجاءت متقنة وأتخذ أساقيل شرقيّ المسجد لصعود العمال في عمارتها وعمارة تلك المنارة ولم تنتهك حرمة المسجد في دعة وسكون وكان العمارة ليست به وكان في زمن غيره كالسوق ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وكان ذلك في عام اثنتين وتسعين وثمانمائة. لسطح الأعلى ألواح رصاص مفروشة فيما قرب منها ويحيط بها وبالقبة درازبين من الخشب جعل مكان حظير الآجر وتحته أيضا السقفين شباك خشب يحكيه وكان المتولي لعملها الكمال أحمد بن البرهان الربعي ناظرقوص ذكره في الطالع السعيد قال وقصد خيرا وتحصيل ثواب وقال بعضهم أساء الأدب بعلوا النجارين ودق الحطب قال وفي تلك السنة حصل بينه وبين بعض الولاة كلام كثير فوصل مرسوم بضرب الكمال
فضرب فكان من يقول أنه أساء الأدب يقول أن هذا مجازاة له وأدره الأمير علم الدين الشجاعي وخرب داره وأخذ رخامها وخزائنها ويقال أنها بالمدرسة المنصورية انتهى وجددت القبة الشريفة المذكورة أيام الناصر حسن محمد بن قلاوون فاختلت الألواح الرصاص من موضعها فخشوا من الأمطار فجددت أيضا وأحكمت أيام الأشرف شعبان بن حسين بن محمد سنة خمس وستين وسبعمائة وأصلح فيها متولي العمارة شيئاً في عمارته الآتية في الفصل بعده ثم احترقت في حريق المسجد الثاني فاقتضى رأي متولي العمارة سنة سبع وثمانين وثمانمائة اتخاذها في العلو وأن تكون من آجر وأن يؤسس لها دعائم عظام بأرض المسجد وعقود حولها فأتخذ هذه الدعائم التي في موازاة الأساطين التي إليها المقصورة السابقة وأبدل بعض الأساطين بدعائم وأضاف إلى بعضها أسطوانة أخرى وقرن بينهما وحصل فيما بين جدار المسجد الشرقي وبين العائم المحدثة هناك ضيق فهدم الجدار الشرقي هنالك إلى باب جبريل وخرج بالجدار في البلاط ناحية موضع الجنائز نحو ذراع ونصف وأحدث دعامتين عن يمين مثلث الحجرة ويساره الأولى منهما في المحل الذي سبق في الرابع إن الناس يحترمونه ويقال أن قبر فاطمة الزهراء به فبدا لحد القبر وبعض عظامه أخبرني بذلك جمع شاهدوه ثم لما تمت هذه القبة تشققت أعاليها فرمت فلم ينفع الترميم فيها لخسة مؤنتها فقوض الأشرف قايتباي أعز الله أنصاره وأعلى في سلوك العدل منارة للشجاعي شاهين الجمالي
النظر في ذلك وفي المنارة الرئيسية السابق ذكرها في الثامن وولاه شيخ الخدام وناظر الحرم فاقتضى الرأي بعد مراجعة أهل الخبرة هدم المنارة كلها وهدم أعالي هذه القبة واختصار يسير منها فأتخذ أخشابا في طاقاتها وأتخذ سقفا هناك يمنع ما يسقط عند الهدم بالحجرة الشريفة ثم هدم أعاليها وأعاد بناءه مع الأحكام بحيث أتخذ في بنائها الجبس الأبيض حمله معه من مصر فجاءت متقنة وأتخذ أساقيل شرقيّ المسجد لصعود العمال في عمارتها وعمارة تلك المنارة ولم تنتهك حرمة المسجد في دعة وسكون وكان العمارة ليست به وكان في زمن غيره كالسوق ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وكان ذلك في عام اثنتين وتسعين وثمانمائة.