الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيه أربعة فصول:
الأول في وادي العقيق وعرصته وحدوده وشيء من قصوره
وبعض ما قيل في ذلك من الشعر وما يتعلق به. في الصحيح عن أبن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بوادي العقيق أتاني الليلة آت فقال صلي في هذا الوادي المبارك ولأبن شبة عن عمر مرفوعا العقيق واد مبارك قال أبو غسان وأخبرني غير واحد من ثقات أهل المدينة أن عمر رضي الله عنه كان إذا انتهى إليه أن وادي العقيق قد سل قال اذهبوا بنا إلى هذا الوادي المبارك وإلى الماء الذي لو جاءنا من حيث جاء لتمسحنا به
ولأبن زبالة عن عامر بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب إلى العقيق ثم رجع فقال يا عائشة جئنا من هذا العقيق فما ألين موطئه وأعذب ماء قالت يا رسول الله أفلا ننتقل إليه قالوا كيف وقد ابتنى الناس وعن خالد العدواني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في عرصة العقيق نعم المنزل العرصة لولا كثرة الهوام وللسيد العباسي العراقي في ذيله عن أنس قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وادي العقيق فقال يا أنس خذ هذه المطهرة وأملأها من هذا الوادي فإنه يحبنا ونحبه. ولأبن شبة عن سلمة بن الأكوع قال كنت أصيد الوحش وأهدى لحومها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتفقدني فقال يا سلمة أين كنت تصيد الوحش فقلت يا رسول الله تباعد الصيد فأنا أصيد بصدر قناة نحو ثيب فقال لو كنت تصيد بالعقيق لشيعتك إذا خرجت وتلقيتك إذا جئت
وللطبراني نحوه وللزبير بن بكار عن هشام بن عروة العقيق ما بين قصر المراجل فهلم صعد إلى النقيع وما أسفل من ذلك أي من قصر المراجل فمن زغابة وعن المنذر بن عبد الله أنه سمع من أهل العلم أن العرصة أي عرصة العقيق ما بين محججة بين أي وهي الطريق القفرة اليوم شامي الجماوات إلى محججة الشام وهي أول الجرف وأن العقيق من محججة بين فأذهب به وأصعد إلى النقيع وحدثني آخرون أن العقيق من العرصة أبدا إلى النقيع قال الزبير ولم أزل أسمع من أهل العلم أن العقيق الكبير مما يلي الحرة ما بين أرض عروة بن الزبير إلى قصر المراجل ومما يلي الجماء ما بين قصر عبد العزيز بن عبد الله العثماني أي التي بسفح جماء تضارع إلى قصر المراجل ثم أذهب بالعقيق صعد إلى منتهى النقيع ويقولون لما أسفل من المراجل إلى منتهى العرصة العقيق الصغير فأعلى أودية العقيق النقيع وفي شعر الخنساء إطلاقة عليه ونقل الهجري أن النقيع يبتدئ من برام إلى حضير فهو آخر النقيع فأول العقيق مما يلي النقيع حضير إلى آخر منتهاه من العقيق الصغير ثم يصب في زغابة وهي مجتمع السيول بأعلى أضم
فقول المطري أنه من بئر المخرم إلى غربي بئر رومة المسمى بالعقيق بحسب ما أشتهر في زمانه فقط لأنه المجاور للمدينة وهو المنقسم إلى أصغر وأكبر ولذا قال عياض النقيع صدر العقيق وهما عقيقان أدناهما عقيق المدينة وهو أصغر وأكبر فالأصغر فيه بئر رومة والأكبر فيه بئر عروة والعقيق الآخر على مقربى منه وهو من بلاد مزينة انتهى وسمي عقيقا لأن سيله عق في الحرة أي شق وقطع ومرّ تبع بالعرصة وكانت تسمى بالسليل فقال هذه عرصة الأرض فسميت العرصة ومرّ بالعقيق فقال هذا عقيق الأرض فسمي به وقيل سمي بذلك الحمرة موضعه وللزبير بن بكار أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحرث المزني العقيق ولم يعمل فيه شيئاً وأن عمر رضي الله عنه قال له أن قويت على ما أعطاك رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتمله فما اعتملت فهو لك فإن لم تعتمله قطعته بين الناس ولم
تحجزه عليهم وفي رواية أنظر ما أطقت أن تقوى عليه فأمسكه وأردد إلينا ما بقى نقطعه فأبى فترك عمر بيد بلال بعضه وقطع ما بقى للناس ولما دنا عمر من موضع قصر عروة وقف في موضع بئر عروة بن الزبير التي عليها سقايته وهو يقطع الناس فقال أين المستقطعون فنعم موضع المغيرة فأستقطعه ذلك خوات بن جبير الأنصاري فأقطعه ما بين حرة والوبرة إلى ضفيرة المغيرة بن الأخنس وكان يقال لذلك خيف حرة الوبرة فأشترى عروة موضع قصره وبناه بعد وجماء تضارع تواجه بئر عروة الزبير وتسيل عليها وعلى قصر عاصم بن عمرو بن عثمان الذي في قبل الجماء المذكورة ويظهر أنها البئر المطمومة اليوم على يمينك وأنت متوجه إلى ذي الحليفة إذا جاوزت الحصن المعروف بأبي
هاشم بنحو ثلث ميل وقريب من الجماء المذكورة وهي بئر شهيرة فيها أخبار وأشعار قال
الزبير بن بكار رأيت الخراج من المدينة إلى مكة وغيرها يمر بالعقيق ويتخففون من الماء حتى يتزودوه من بئر عروة وإذا قدموا منها بماء يقدمون به على أهلهم يشربونه في منازلهم عند مقدمهم قال ورأيت أبي يا مزية فيغلي ثم يجعل في القوارير ويهديه إلى أمير المؤمنين وهارون بالرقة قال جابر الزمعي فيها: لزبير بن بكار رأيت الخراج من المدينة إلى مكة وغيرها يمر بالعقيق ويتخففون من الماء حتى يتزودوه من بئر عروة وإذا قدموا منها بماء يقدمون به على أهلهم يشربونه في منازلهم عند مقدمهم قال ورأيت أبي يا مزية فيغلي ثم يجعل في القوارير ويهديه إلى أمير المؤمنين وهارون بالرقة قال جابر الزمعي فيها:
يعرضها الآتي من الناس أهله
…
ويجعلها زادا له حين يذهب
وقال السري بن عبد الرحمن الأنصاري
كنوني أن مت في درع أروى
…
واستقوا لي من بئر عروة مائي
سخنه في الشتاء باردة الصيف
…
سراج الليلة الظلماء
وأسفل من هذه البئر بئر أبي هاشم ين المغيرة بن أبي العاص ويظهر أن قصر وهو المعروف اليوم بحصن أبي هاشم وكان يعرف بقصر بنت الرازقي ولعبد الله بن عمرو بن عثمان الناحية الأخرى المراجل والمنيف والآبار والمزارع التي
هناك وقصر أبن عبد العزيز مما يلي الجماء يقابل أرض عروة وابتنى عنبسة بن سعيد بن العاص قصره بالعقيق الصغير وأعانه هشام بن عبد الملك على بنائه بعشرين ألف دينار بعث إليه بأربعين بختيا ينضح عليها في مزارعه وأظنها المعروفة اليوم بالعنابس وكان جعفر بن سليمان في ولايته على المدينة نزل قصر عنبسة وابتنى إليه أرباضا أسكنها حشمه ثم تحول منه إلى العرصة عرصة الماء فابتنى في قبل الجماء العاقر في حضن الجبل وسكنها حتى عزل فخرج منها ولها يقول أبن الذكي
أوحشت الجماء من جعفر
…
وطالما كانت به تعمر
كم صارخ يدعو وذي كربة
…
يا جعفر الخيرات يا جعفر
وقال الشاعر أيضا:
إني مررت على العقيق وأهله
…
يشكون من مطر الربيع نزورا
ما ضركم أن كان جعفر جاركم
…
أن لا يكون عقيقكم ممطورا
وكان بنو أمية يمنعون البناء في العرصة ضنا بها ولا يقطع سلطان الدينة فيها قطيعة إلا بأذن الخليفة وأبتنى مروان بن الحكم بعرصة البقل قصرا واحتفر وضرب لها عينا وأزدرع وابتنى سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية أحد مشاهير الأجواد قصره بسرة العرصة واحتفر بها وغرس النخل والبساتين وكانت
نخلها أبكر سيء بالمدينة لا يطير حمامها وعند نخله كان قصره وهو الذي يقول فيه أبو قطيفة:
القصر والنخل والجماء بينهما
…
أشهى إلى النفس من أبواب جيرون
وكانت تسمى عرصة الماء وسماها بعضهم العرصة الصغرى لأن العقيق الكبير يكنفها من أحد جانبيها وتكنفها عرصة البقل من الجانب الآخر وتختلط عرصة البقل بالجرف فتتسع فهي العرصة الكبرى وهي التي تلي رومة وفي عرصة الماء يقول ذويب الأسلمي
قد أقر الله عيني
…
بغزال يا أبن عون
طاف من وادي حين
…
بفتى طلق اليدين
بين أعلى عرصة الما
…
إلى قصر زبين
فقضا لي في منامي
…
كل موعود ودين
وفي العرصتين يقول الوليد بن زيد:
لم أنس بالعرصتين مجلسنا
…
بالسفح بين العقيق والسند
وقال إبراهيم بن موسى الزبيري:
ليت شعري هل للعقيق فسلع
…
فقصور الجماء فالعرصتان
فإلى مسجد الرسول فما حاز
…
المصلي فجانبا بطحان
فبنو مازن على العهد أم ليس كعهدي في سالف الأزمان وأنشد عبد السلام بن يوسف وهو في غاية العذوبة:
على ساكني بطن العقيق سلام
…
وأن أسهروني بالفراق وناموا
حظرتم عليّ الهموم وهو محلل
…
وحللتم التعذيب وهو حرام
وقال إعرابي:
أياسر حتى وادي العقيق سقيتما
…
حيا غضة الأنفاس طيبة الورد
ترويكما مج الثرى وتغلغلت
…
عروقكما تحت الندى في ثرى جعد
ولا يهنمين ظلا كما أن تباعدت
…
بي الدار من يرجو ظلا لكما بعدي
وجماوات العقيق ثلاثة الأولى جماء تضارع المقابلة لميد مكة ما لم يستبطن العقيق فإذا أستبطنه كانت عن يمينه وتسيل على بئر عروة وعلى قصر عاصم العثماني وهو منزل طاهر ين يحيي الحسيني وولده وتحتها المكين مكيمن الجماء متصل بها يمين الذاهب إلى مكة ولأبن شبة حديث لا تسيل تضارع إلا في عام ربيع الثانية جماء خالد في هب الشمال من الأولى تسيل على قصر محمد بن عيسى الجعفري وفي أصلها بيوت الأشعث وقصر يزيد النوفلي وفيه الخبار وبينها وبين جماء العافر طريق من جهة بئر رومة وفيفاء الخبار من
جماء أم خالد ونقل وجود قبر أرمى على هذه الجماء مكتوب فيه أنا أسود بن سوادة رسول عيسى بن مريم إلى أهل هذه القرية وفي رواية إلى قرى عرينة وفي أخرى أن القبر أربعون ذراعا في أربعين وأنه أوصى بدفنه هناك وفي أخرى رسول سليمان بن داود إلى أهل يثرب الثالثة جماد العاقر بالراء وقيل باللام وإليها قصر جعفر بن سليمان بالعرصة وخلفها المشاش وهو واد يصب في العرصة وكان لسعيد بن زيد بأرض الشجرة موضع توفى به وخاصته أروى بنت أويس فيه فقال اللهم أن كانت ظلمتني فأعم بصرها وأجعل قبرها في بئرها فأستجيب له ونزل أبو هريرة بالشجرة قبل أن تكون مزدرعا فمرّ به مروان وقد أستعمله معاوية على المدينة فأقطع أبا هريرة أرضه وحفرها له ولم يزل العقيق نخلا حتى عملت العيون وكانت ثنية السريد لرجل من بني سليم بقية أهل بيته فقيل له الشريد وكانت أعنابا ونخلا لم ير مثلها فقدم معاوية فطلبها منه فأبى ثم أنه وجد عماله في الشمس فقال ما لكم قالوا نستجم البئار فركب إلى معاوية فباعه إياها ومزارعها من أرض المخرمين إلى أرض المسور بن إبراهيم وبها منازل وآبار كثيرة يحفها شرقيا غير الوارد غربيا جبل يقال له الفراو
يفضي الليل منها إلى الشجرة التي بها المخرم والمعرس ثم يلي ذلك مزارع أبي هريرة ثم تتابع القصور يمنة ويسرة ولأبن زبالة ما يقتضي أن الجمعة تقام بالشجرة ونقل أبن النجار عن أهل السير أن النبي صلى الله عليه وسلم ولى العقيق لهيصم المزني وأن ولاة المدينة لا يزالون يولون عليه حتى كان داود بن عيسى فتركه سنة ثمان وتسعين ومائة " قلت " هذا إنما ذكروه في جماء النقيع فكأنه جرى على رأى من جعله من العقيق ولم يبق من عمارات العقيق إلا بعض الآبار والنفوس ترتاح برؤيتها وتنتعش الأرواح بانتشاق نسمتها وقال أبو عبيدة أن العقيق ينشق من قبل الطائف ثم يمر بالمدينة ثم يلقي من أضم البحر وقال غيره أعلى أودية العقيق النقيع ما دفع في النقيع من قدس وما قبل من الحرة يقال له تطاويح فيصب ذلك في النقيع على أربعة برد من المدينة في يمانيها ثم يصب في غدير يلبن ويدفع فيه
وادي اليناع ويصب فيه نقعاء فيلتقين جمع أسفل موضع يقال له نقع ثم يذهب السيل مشرقا فيصب على واديين يعترضهما يسارا ويدفع عليه واد يقال له همان ثم يستجمعن فيلقياهن وادي بأسفل الخليقة خليقة عبد الله بن أبي أحمد بن جحش ثم يصب على الأئمة وعلى الحمام ثم يفضي إلى حمراء الأسد فيستبطن واديها وتدفع عليه الحرتان شرقا وغربا ينتهي إلى ثنية الشريد ثم يفضي إلى الوادي فيأخذ في ذي الحليفة حتى يصب بين أرض أبي هريرة رضي الله عنه وبين أرض عاصم بن عدي ثم يستبطن الوادي حتى يفضي إلى أرض عروة بن الزبير وبئره ثم يستبطن بطن الوادي فيأخذ منه شطيب إلى خليج عثمان بن عفان رضي الله عنه الذي حفر إلى أسفل العرصة ث يفترش سيل العقيق إذا أخرج من قراقر عبد الله بن عنبسة بن سعد يمنة ويسرة ثم يستجمع حتى يصب في زغابة ومن غدرة تراحم ومختبيات فليح الزبيري ومزج الطفيتين وغير ذلك من الغدران والأودية التي ذكرناها في الأصل مرتبة وسنقف على أشياء من ذلك في الفصل الرابع.