الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
الفصل التاسع " في زيادة المهدي
نقل أبن زبالة ويحيى أن المسجد لم يزل على حاله ما زاد فيه الوليد إلى أن همّ أبو جعفر المنصور بالزيادة فيه ثم توفى ولم يزد فيه حتى زاد فيه المهدي فلا يغتر بما ذكروه فيه من الكتابات للخلفاء على جدران المسجد كالسفاح أوّل خلفاء بني العباس وغيرهم من الأمراء بعمارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم والزيادة فيه ونحوه لكتابته لمن تجدّدت وليته وإن لم يزد قال أبن زبالة عن غير واحد من أهل العلم لم يزل المسجد على حاله ما زاد فيه الوليد حتى ولى أبو جعفر يعني المنصور فهم بالزيادة وكتب إليه الحسن بن زيد بصف له ناحية موضع الجنائز ويقول إن زيد في المسجد من المشرق توسط القبر الشريف المسجد النبوي فكتب إليه أبو جعفر عرفت الذي أردت فأكفف عن ذكر دار الشيخ عثمان رضي الله عنه فتوفى أبو جعفر ولم يزد فيه شيأ ثم حج المهدي يعني أبن أبي جعفر سنة ستين ومائة فقدم المدينة منصرفه عن الحج فاستعمل عليها جعفر بن سليمان سنة إحدى وستين وأمر بالزيادة فيه وولى بناءه عبد الله بن عاصم بن عمر بن عبد العزيز وعبد الملك بن خبيب الغساني فمات أبن عاصم
فولي مكانه عبد الله بن موسى الحمصي وزاد فيه مائة ذراع من ناحية الشام ولم يزد في القبلة ولا في المشرق والمغرب شيئاً وذلك عشر أساطين في صحن المسجد إلى سقائف النساء أي إلى آخر سقائف النساء وخمسا لسقائف النساء أي من العشرة المذكورة وقد أدرك أبن زبالة هذه العمارة وقد روى ذلك يحيى عنه وعن غيره وأقره وهو مخالف لمقتضى ما سبق من أن طول المسجد زمن الوليد مائتا ذراع لاقتضائه أنه صار بزيادة المهدي هذه ثلاثمائة ذراع وقد صرح أبن زبالة إن ذرع المسجد مائتا ذراع وأربعون ذراعا واختبرت أنا ذرعه فكان مائتي ذراع وثلاثة وخمسين ذراعا وهذا التفاوت لاختلاف الأذرعة والمعول عليه ما هنا لما سبق وقد أدركت في المسقف الشرقي أسطوانة هي التاسعة مما يلي جدار المسجد الشامي أسفلها مربع مرتفع عن الأرض بقدر الجلسة هي الخامسة عشر من مربعة القبر فهي علامة لابتداء زيادة المهدي لأن الذرع منها إلى آخر المسجد يقرب من المائة ولأن الوليد إذا كان له أربع عشرة أسطوانة من مربعة القبر كما سبق كان الجدار الشامي زمنه في هذا المحل وكانت هي معدودة من العشر التي زادها المهدي وقد اقتضى ما سبق أن المسقف الشامي المعبر عنه بسقائف النساء كان خمس أساطين وهو اليوم أربع فقط نقصوه أسطوانة لما زيد في المسقف القبلي رواقان بمؤخره وفي خبر لأبن زبالة إن مما أدخله المهدي من الدور دار مليكة وكانت
لعيد الرحمن بن عوف أدخل بعضها في المسجد وبعضها في رحبة المشارب وبعضها في الطريق وأدخل دار شرحبيل بن حسنة وبقيت منها بقية فابتاعها يحيى بن برمك فأدخلت في الحش حش طلحة وأدخل بقية دار عبد الله بن مسعود التي يقال لها دار القرى ودار المسور بن مخرمة وفرغ من بنيان المسجد سنة خمس وستين ومائة وفي خبر ليحيى إن المهدي زاد في المسجد من جهة الشام إلى منتهاه اليوم ثم خفض المقصورة وكانت مرتفعة ذراعين من الأرض فوضعها في الأرض على حالها اليوم فسدّ على آل عمر بن الخطاب خوختهم التي في دار حفصة وأمر بسدّها فتكلموا فيها حتى كثر الكلام ثم ذكر مصالحتهم على ما سيأتي فيها من جعلها شبه السرب في الأرض خارج المقصورة ويؤخذ من كلام أبن زبالة ويحيى في ذكر ما كان مكتوبا بأعلى أبواب المسجد زمن المهدي أنه زخرف المسجد بالفسيفساء كما فعل الوليد ويشهد لذلك بقية أدركناها في مؤخر المسجد مما يلي المنارة الغربية الشامية زالت في حريق زماننا وليس في كلام متقدّمي المؤرخين أن المسجد الشريف زيد فيه بعد المهدي
بل كلامهم كالصريح في نفيه وقال الزين المراغي ما لفظه وقيل إن المأمون زاد فيه وأتقن بنيانه أيضا في سنة ثنتين ومائتين قال السهيلي وهو على حاله ورزين ينكره وهو بعيد جداً الآن من أدرك زمن المأمون من مؤرخي المدينة لم يذكروا ذلك نعم في المعارف لأبن قتيبة بعد ذكر زيادة المهدي وزاد فيه المأمون زيادة كثيرة ووسعه وقرأت على موضع زيادة المأمون أمر عبد الله بعمارة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة ثنتين ومائتين وذكر أشياء من الأمر بالعدل وتقوى الله تعالى وكأنه أخذ نسبة الزيادة من هذا ولا دلالة فيه وقد حكى يحيى وأبن زبالة أمثال هذه الكتابة لمن لم يزد في المسجد
ممن تجدّدت ولايته من الخلفاء وسيأتي بيان عدد أبواب المسجد وبيان محالها في الثامن عشر.