المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثالث في الأحماء ومن حماها وشرح حال حمى النبي صلى الله عليه - خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى - جـ ٢

[السمهودي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الرابع في عمارة مسجدها الأعظم النبوي ومتعلقاته والحجرات المنيفات

- ‌الأول في عمارته صلى الله عليه وسلم له وذرعه في زمنه وما يتميز به

- ‌ الفصل الثاني " في مقامه صلى الله عليه وسلم للصلاة قبل تحويل القبلة

- ‌ الفصل الثالث " في خبر الجذع والمنبر وما يتعلق بهما وبالأساطين

- ‌ الفصل الرابع " في حجره صلى الله عليه وسلم وحجرة أبنته فاطمة رضي الله

- ‌ الفصل الخامس " في الأمر بسدّ الأبواب وما أستثنى منها

- ‌ الفصل السادس " في زيادة عمر رضي الله عنه في المسجد واتخاذه البطيحاء

- ‌ الفصل السابع " في زيادة عثمان رضي الله عنه واتخاذه المقصورة

- ‌ الفصل الثامن " في زيادة الوليد واتخاذه المحراب والشرفات والمنارات

- ‌ الفصل التاسع " في زيادة المهدي

- ‌ الفصل العاشر " فيما يتعلق بالحجرة المنيفة الحاوية للقبور الشريفة

- ‌ الفصل الحادي عشر " فيما جعل علامة لتمييز جهتي الرأس والوجه الشريفين

- ‌ الفصل الثاني عشر " في العمارة المتجدّدة بالحجرة الشريفة وإبدال سقفها

- ‌ الفصل الثالث عشر ". في الحريق الأوّل المستولي على ما سبق وعلى سقف

- ‌ الفصل الرابع عشر " فيما احتوى عليه المسجد من الأروقة والأساطين

- ‌ الفصل الخامس عشر " في أبواب المسجد وخوخاته وما يميزها من الدور

- ‌ الفصل السادس عشر " في البلاط المجعول حول المسجد وما أطاف به من الدور

- ‌الباب الخامس في مصلى الأعياد ومساجدها النبوية ومقابرها وفضل أحد الشهداء به وفيه ستة فصول

- ‌ الأول " في مصلى الأعياد

- ‌ الفصل الثاني " في مسجد قباء وخبر مسجد الضرار

- ‌ الفصل الثالث " في بقية المساجد المعلومة العين في زماننا " مسجد

- ‌ الفصل الرابع " فيما علمت جهته ولم تعلم عينه من مساجدها

- ‌ الفصل الخامس " في فضل مقابرها وتعيين بعض من دفن بالبقيع من الصحابة

- ‌ الفصل السادس في فضل أحد والشهداء به

- ‌الباب السادس في آبارها المباركات والعين والغراس والصدقات التي هي للنبي صلى الله عليه وسلم منسوبات

- ‌ الأول " في الآبار المباركات على ترتيب الحروف

- ‌ الفصل الثاني في صدقاته صلى الله عليه وسلم وما غرسه بيده الشريفة

- ‌الباب السابع فيما يعزى إليه صلى الله عليه وسلم من المساجد التي صلى

- ‌الأول في مساجد الطريق التي كان يسلكها صلى الله عليه وسلم إلى مكة في الحج وغيره

- ‌الفصل الثاني فيما كان من ذلك بالطريق التي يسلكها الحاج في زماننا إلى

- ‌الفصل الثالث في بقية المساجد المتعلقة بغزواته صلى الله عليه وسلم وعمره

- ‌الباب الثامن في أوديتها وأحمائها وبقاعها وأطامها وبعض أعمالها وجبالها

- ‌الأول في وادي العقيق وعرصته وحدوده وشيء من قصوره

- ‌الفصل الثاني في بقية أودية المدينة

- ‌الفصل الثالث في الأحماء ومن حماها وشرح حال حمى النبي صلى الله عليه

- ‌الفصل الرابع في بقاعها وآطامها وبعض أعمالها وأعراصها وجبالها وضبط

الفصل: ‌الفصل الثالث في الأحماء ومن حماها وشرح حال حمى النبي صلى الله عليه

‌الفصل الثالث في الأحماء ومن حماها وشرح حال حمى النبي صلى الله عليه

وسلم بالنقيع

الحمى بالقصر وقد يمدّ موضع من الموات يمنع من التعرض له ليتوفر فيه الكلأ فترعاه مواش مخصوصة وقد أشتهر بذلك مواضع من جهات المدينة منها:

" حمى النقيع " بنون مفتوحة وقاف مكسورة وعين مهملة وأصله كل موضع يستنقع فيه الماء وبه سمي هذا الوادي قال أبن شبة وهو واد كثير الدّر وهو من المدينة على أربعة برد في يمانيها انتهى وقيل هو على ستين ميلا من المدينة ولعل مراد قائله طرفه الأقصى من المدينة وقد تقدم أنه صدر وادي العقيق وأن العقيق يبتدئ من حضير فيكون انتهاء النقيع إليه ونقل الهجري أنه أول الأحماء وأفضلها وأشرفها وأن طوله بريد وعرضه ميل في بعض ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما حماه لخيل المسلمين أمر رجلا صيتا فاتكا على عسيب وصاح بأعلى صوته فكان مدى صوته بريا وهو قاع

ص: 529

مدر طيب ينبت أحرار البقل والطرائف ويستأجم أي يستأصل أصله ويغلظ نبته حتى يعود كالأجمة يغيب فيه الراكب إذا أحيا وفيه العضاة والغرقد والسدور السيال والسلم والطلح والسمر والعوسج ويحف ذلك القاع حرة بني سليم شرقا والصخرة غربا مع أعلام مشهورة في المغرب برام والوبرة وضاف والشقراء وببطن النقيع غدر تصيف وأعلاها يراجم ثم ألبن وبعضهم يقول يلبن وهو أعظمهما وأذكرهما انتهى ولأبي داود والزبير بن بكار بسند حين عن الصعب بن خثامة أن النبي صلى الله عليه وسلم حمى النقيع وقال لا أحمي إلا لله وزاد الزبير ولرسوله ولأحمد عن أبن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم حمى النقيع للخيل فقلت له لخيله قال لا لخيل المسلمين ولأبن شبة أن النبي صلى الله عليه وسلم حمى قاع النقيع لخيل المسلمين وفي رواية له حمى النقيع للخيل وحمى الربذة للصدقة

ص: 530

وللزبير بن بكار عن غير واحد من الثقات عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى على مقمل وحماه وما حوله من قاع النقيع لخيول المسلمين وزادت بنو أمية بعدو والأمراء أضعاف ما حمى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنقيع وعن هيصم المزني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشرف على مقمل ظرب وسط النقيع فصلى عليه سجدة هناك وقال لهيصم أني مستعملك على هذا الوادي فما جاء من ههنا يشير إلى مطلع الشمس ومغربها فأمنعه فقال أني رجل ليس لي إلا بنات وليس معي أحد يعاونني قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل سيرزقك ولدا ويجعل لك وليا قال فعمل عليه وكان له بعد ذلك ولد فلم تزل الولاة يولون عليه واليا منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم يستعمله والي المدينة حتى كان داود بن عيسى فتركه سنة ثمان وتسعين ومائة لأن الناس جلوا عنه للخوف فلم يبق أحد يستعمله عليه انتهى وحمى أبو بكر بعد النبي صلى الله عليه وسلم ثم عمر بعده غير النقيع كما سيأتي لكثرة خيل المسلمين وإبلهم وفي الموطأ عن يحيي بن سعيد أن عمر كان يحمل في العام الواحد على أربعين ألف بعير يحمل الرجل إلى الشام على بعير ويحمل الرجلين إلى العراق على بعير ونقل عن مالك أن الخيل التي أعدها عمر رضي الله عنه ليحمل عليها في الجهاد من لا مركوب له عدتها أربعون ألفا.

ص: 531

ومنها " حمى الربذة " قرية بنجد من عمل المدينة على نحو أربعة أيام منها نزلها أبو ذر الغفاري وتوفى بها قال الأصمعي إنها من المشرق الذي كبد نجد وإنها الحي الأيمن وقال الأهوازي إنها خربت سنة تسع عشرة وثلاثمائة لاتصال الحروب بين أهلها وأهل ضرية فأستنجد أهل ضرية بالقرامطة فارتحل أهل الربذة عنها وتقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم حماها لأبل الصدقة وفي الكبير برجال الصحيح عن أبن عمر رضي الله عنه قال حمى النبي صلى الله عليه وسلم الربذة لأبل الصدقة وقيل حماها أبو بكر وقيل عمر رضي الله عنه وهو الأشهر ولأبن شبة بإسناد صحيح عن أبن عمر رضي الله عنه حمى الربذة لنعم الصدقة فتعين الجمع بأن النبي صلى الله عليه وسلم حمى منها شيئاً ثم زيد بعده في حماها

ص: 532

لكن نقل الهجري أن عمر رضي الله عنه أول من أحمى الحمى بالربذة وأن سعة حماه بريد في بريد وأن سرة حمى الربذة كانت الحرة ثم زاد الولاة بعد في الحمى وآخر من حماه أبو بكر الزبيري لنعمه وكان يرعى فيه أهل المدينة وكان جعفر بن سليمان في عمله الأخير على المدينة أحماه لظهره بعدما أبيحت الأحماء وفي ولاية المهدي ثم لم يحمه أحد بعد بكار الزبيري انتهى.

ومنها " الشرف " حماه عمر رضي الله عنه وليس هو شرف الروحاء بل موضع بكبد نجد وقيل واد عظيم تكنفه جبال حمى ضرية والظاهر أنه مراد من غاير بينهما وقال الأصمعي الشرف كبد نجد وكانت منازل بني حجر آكل المرار الكندي وفيها اليوم حمى ضرية وفي أول الشرف الربذة وهو الحمى الأيمن والشريف إلى جنبه يفصل بينهما السرير فما كان مشرقا فهو الشريف وما كان مغربا فهو الشرف وقال الحمى يعني بنجد حميان حمى ضرية وحمى الربذة وزاد عليه صاحب المعجم حمى فيد وغيره فيحتل لأن المراد بقولهم حمى عمر الشرف والربذة حمى ضرية والربذة ولذا لم يفرد الهجري الشرف بالذكر ونقل أنه كان يقال لعامل ضرية عامل الشرف

ص: 533

وقال الأصمعي كان يقال من تصنيف الشرف الخرم وشتى الصمان وفي نسخة الرمال فقد أصاب المرعى اه.

ومنها " حمى ضرية " بالضاد المعجمة وكسر الراء وتشديد المثناة التحتية قرية على نحو سبع مراحل من المدينة بطريق حاج البصرة إلى مكة سميت باسم بئر عذبة هناك يقال لها ضرية قال أبن الكلبي سميت بضرية بنت نزار أم جلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة وهو أشهر الأحماء وأسيرها ذكرا وكان حمى كليب بن وائل فيما يزعم أهل البادية ومعروف قبر كليب به عندهم ونقل الهجري أن أول من أحمى بضرية عمر بن الخطاب رضي الله عنه أحمى ستة أميال من كل ناحية وضرية وسط الحمى فكثر النعم زمن عثمان حتى ضاق عنه الحمى وبلغ أربعين ألف بعير فأمر عثمان أن يزاد ما يسع أبل الصدقة وظهر أن الغزاة فزاد زيادة لم يحددوها إل أن عثمان أشرى ماء من مياه بني

ص: 534

ضبية كان أدنى مياه غني إلى ضرية يقال له البركة عندها هضبات يقال لها البكرات على نحو عشرة أميال من ضرية ويذكر أنها دخلت في حي عثمان ثم لم تزل الولاة تزيد فيه واتخذوه مأكله ومن أشدّهم فيه انبساطا ومنعا إبراهيم بن هشام المخزومي زاد فيه وضيق على أهله وأتخذ فيه من كل لون من ألوان الإبل ألف بعير ولم تزل حوائط الحمى يقاتلون عليه أشد القتال ويكون فيه الدماء وكانت ضرية من مياه الضباب في الجاهلية يروون أن ذا الجوشن الضبابي والد شمر قاتل الحسين بن علي رضي الله عنه وكانت مسلمة الضباب يروون أن ذا الجوشن قال في الجاهلية:

دعوت الله إذ سفبت عيالي

ليجعل لي وسط طعاما

فأعطاني ضرية خير بئر

تمج الماء والحب التؤاما

ووسط جبل على ستة أميال من ضرية يطأه الحاج المصعد خيشومة وبناحيته اليسرى دارة في أعلاها الماء الذي يقال له قنيع وهي بين وسط عسعس ويقال لها أيضا دارة عسعس وعسعس جبل أحمر مجتمع في السماء كهيئة رجل جالس وأما عين ضرية وسيحها فيقال أنه كان لعثمان أبن عنيسة بن أبي سفيان احتفرها وغرس نخلها وضفربها ضفيرة بالصخر لينجس الماء وهو سد يعترض الوادي فيقطع ماءه ليكون أغزر للعين فلما قام بنو العباس كان ذلك فيما

ص: 535

قبضوا ففي آخر ولاية أبي العباس وكان تحته امرأة من بني جعفر بن كلاب المخزوميين وفد عليه خالها معروف فسأله أن يقطعه عين ضرية فأقطعه وكان بدويا ذا نعم فلما أرطب نخلها أنزلها بأهله وكانت نعمة ترد عليه وصار يطعم الضيفان الرطب ويحلب لهم من أبله فأتاه ضيفان بعدما ولى الرطب فأرسل فلم يؤت إلا بقليل وقال له الرسول صلى الله عليه وسلم ذهب الرطب فقال المشولي أعود على ضيفاني من نخلكم وأتاه قيمه بشيء من قثائها فقال قبح الله ما جئت به أحذر أن يراه عيالي وكره النخل فاشتراه منه عبد الله الهاشمي عامل اليمامة بألفي دينار فأحدث بسوق ضرية حوانيت جعلها سماطين داخلين في سماطي ضرية الأولين فربما جمعت غلة الحوانيت والنخل والزرع ثمانية آلاف درهم في السنة وقد أكثر الشعراء وغيرهم من ذكر هذا الحي وأعلامه وأخباره وقد ذكرنا نبذة من ذلك في الأصل ومنها حي فيد بالفاء ثم مثناة تحتية ساكنة منزل بنجد في طريق الحاج العراقي وبه

ص: 536

سوق وبرك ونخل وعيون قيل سمى بفيد بن حام لأنه أول من سكنه وعين النخل التي به احتفرها عثمان بن عفان رضي الله عنه والأخرى التي في وسط الحصن والسوق تعرف بالحارة احتفرها المنصور والثالثة على الطريق خارج المنزل حفرها المهدي قاله الأسدي وذكر أبن جبير ما يقتضي أنه على نحو تسع مراحل من المدينة وقال الهجري أنه لم يجد أحد عنده بمن كان أول من أحماه ولا كم كانت منعته أول ما أحمى إلا أنه كان فلاة بين أسد وطي وذكر من لقيت من أهله أن أول من حفر به في الإسلام أبو الديلم مولى لفزارة في ولاية بني مروان فاحتفر العين التي هي اليوم قائمة وأساحها وغرس عليها وكانت في يده حتى قام بنو العباس فقبضوها قلت وكأنه لم يقف على ما سبق عن الأسدي من أنّ عين النخل لعثمان ولعله أول من حماه.

ص: 537