المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفصل الثاني " في مسجد قباء وخبر مسجد الضرار - خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى - جـ ٢

[السمهودي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الرابع في عمارة مسجدها الأعظم النبوي ومتعلقاته والحجرات المنيفات

- ‌الأول في عمارته صلى الله عليه وسلم له وذرعه في زمنه وما يتميز به

- ‌ الفصل الثاني " في مقامه صلى الله عليه وسلم للصلاة قبل تحويل القبلة

- ‌ الفصل الثالث " في خبر الجذع والمنبر وما يتعلق بهما وبالأساطين

- ‌ الفصل الرابع " في حجره صلى الله عليه وسلم وحجرة أبنته فاطمة رضي الله

- ‌ الفصل الخامس " في الأمر بسدّ الأبواب وما أستثنى منها

- ‌ الفصل السادس " في زيادة عمر رضي الله عنه في المسجد واتخاذه البطيحاء

- ‌ الفصل السابع " في زيادة عثمان رضي الله عنه واتخاذه المقصورة

- ‌ الفصل الثامن " في زيادة الوليد واتخاذه المحراب والشرفات والمنارات

- ‌ الفصل التاسع " في زيادة المهدي

- ‌ الفصل العاشر " فيما يتعلق بالحجرة المنيفة الحاوية للقبور الشريفة

- ‌ الفصل الحادي عشر " فيما جعل علامة لتمييز جهتي الرأس والوجه الشريفين

- ‌ الفصل الثاني عشر " في العمارة المتجدّدة بالحجرة الشريفة وإبدال سقفها

- ‌ الفصل الثالث عشر ". في الحريق الأوّل المستولي على ما سبق وعلى سقف

- ‌ الفصل الرابع عشر " فيما احتوى عليه المسجد من الأروقة والأساطين

- ‌ الفصل الخامس عشر " في أبواب المسجد وخوخاته وما يميزها من الدور

- ‌ الفصل السادس عشر " في البلاط المجعول حول المسجد وما أطاف به من الدور

- ‌الباب الخامس في مصلى الأعياد ومساجدها النبوية ومقابرها وفضل أحد الشهداء به وفيه ستة فصول

- ‌ الأول " في مصلى الأعياد

- ‌ الفصل الثاني " في مسجد قباء وخبر مسجد الضرار

- ‌ الفصل الثالث " في بقية المساجد المعلومة العين في زماننا " مسجد

- ‌ الفصل الرابع " فيما علمت جهته ولم تعلم عينه من مساجدها

- ‌ الفصل الخامس " في فضل مقابرها وتعيين بعض من دفن بالبقيع من الصحابة

- ‌ الفصل السادس في فضل أحد والشهداء به

- ‌الباب السادس في آبارها المباركات والعين والغراس والصدقات التي هي للنبي صلى الله عليه وسلم منسوبات

- ‌ الأول " في الآبار المباركات على ترتيب الحروف

- ‌ الفصل الثاني في صدقاته صلى الله عليه وسلم وما غرسه بيده الشريفة

- ‌الباب السابع فيما يعزى إليه صلى الله عليه وسلم من المساجد التي صلى

- ‌الأول في مساجد الطريق التي كان يسلكها صلى الله عليه وسلم إلى مكة في الحج وغيره

- ‌الفصل الثاني فيما كان من ذلك بالطريق التي يسلكها الحاج في زماننا إلى

- ‌الفصل الثالث في بقية المساجد المتعلقة بغزواته صلى الله عليه وسلم وعمره

- ‌الباب الثامن في أوديتها وأحمائها وبقاعها وأطامها وبعض أعمالها وجبالها

- ‌الأول في وادي العقيق وعرصته وحدوده وشيء من قصوره

- ‌الفصل الثاني في بقية أودية المدينة

- ‌الفصل الثالث في الأحماء ومن حماها وشرح حال حمى النبي صلى الله عليه

- ‌الفصل الرابع في بقاعها وآطامها وبعض أعمالها وأعراصها وجبالها وضبط

الفصل: ‌ الفصل الثاني " في مسجد قباء وخبر مسجد الضرار

"‌

‌ الفصل الثاني " في مسجد قباء وخبر مسجد الضرار

في الصحيح عن عروة في خبر قدومه صلى الله عليه وسلم قال فلبث في بني عمر وبن عوف بضع عشرة ليلة وأسس المسجد الذي أسس على التقوى يعني ببني عمرو بن عوف كما في رواية عبد الرزاق عنه ولبن عائذ عن ابن عباس رضي الله عنه مكث في بني عمرو بن عوف ثلاث ليال وأتخذ مكانه مسجدا فكان يصلي فيه ثم بناه بنو عمرو بن عوف فهو الذي أسس على التقوى وبين ابن زبالة وغيره موضعه مربد وهو الموضع الذي يجفف فيه التمر كان لكلثوم بن الهدم أخذ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسسه وبناه مسجدا وللطبراني في الكبير وفيه ضعيف عن جابر بن سمرة قال لما سأل أهل قباء النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يبني لهم مسجدا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقم بعضكم

ص: 267

فيركب الناقة فقام أبو بكر رضي الله عنه فركبها فحرّكها فلم تنبعث فرجع فقعد فقام عمر رضي الله عنه فركبها فلم تنبعث فرجع فقعد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه ليقم بعضكم فيركب الناقة فقام عليّ رضي الله عنه فلما وضع رجله في غرز الركاب وثبت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرخ زمامها وأبنوا على مدارها فإنها مأمورة وعنه أيضا لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة قال لأصحابه انطلقوا بنا إلى أهل قباء نسلم عليهم فأتاهم فسلم عليهم فرحبوا به ثم قال يا أهل قباء ائتوني بأحجار من هذه الحرة فجمعت عنده أحجار كثيرة ومعه عنزة له فحط قبلتهم بها فأخذ حجرا فوضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال يا أبا بكر خذ حجرا فضعه إلى حجري ثم قال يا عمر خذ حجرا فضعه إلى جنب حجر أبي بكر ثم قال يا عثمان خذ حجرا فضعه إلى جنب حجر عمر ثم ألتفت إلى الناس فقال يضع كل رجل حجره حيث أحب على ذلك الخط

ص: 268

وللطبراني أيضا ورجاله ثقات عن الشموس بنت النعمان قالت نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم ونزل وأسس هذا المسجد قباء فرأيته يأخذ الحجر أو الصخرة حتى يهصره أي يميله وأنظر إلى بياض التراب على بطنه وسرّته فيأتي الرجل من أصحابه فيقول بأبي وأمي يا رسول الله أكفيك فيقول لأخذ مثله حتى أسسه ويقول إنّ جبريل عليه السلام هو يؤمّ الكعبة قالت فكان يقال إنه أقوم مسجد قبلة قلت لعل هذا في بناء غير الأوّل بعد تحويل القبلة فقد روى أبن شبة إنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم لما ورد قباء صلى بهم في مسجد قباء إلى بيت المقدس ثم روى إنه صلى الله عليه وسلم بنى مسجد قباء وقدم القبلة إلى موضعها اليوم وقال جبريل يؤمّ بي البيت وأنّ أبن رواحة كان يقول وهم يبنون في مسجد قباء. أفلح من يعالج المساجدا.

ص: 269

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم المساجدا فقال عبد الله. يقرأ القرآن قائما وقاعدا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقاعدا وقد اختلف في المراد بقوله لمسجد أسس على التقوى من أوّل يوم فالجمهور على أن المراد مسجد قباء وعند أبي داود بإسناد صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال نزلت فيه رجال يحبون أن يتطهروا في أهل قباء كانوا يستنجون بالماء فنزلت فيهم هذه الآية وهذا هو ظاهر الآية كما سبق في الثالث من الباب الثاني مع الأحاديث الدالة على أن المراد مسجد المدينة والجمع بأن كلا منهما أسس على التقوى يوم تأسيسه مع بيان السر في تخصيصه صلى الله عليه وسلم لمسجد المدينة بالذكر لما سأل عن ذلك على أن يحيي روى بسند لا بأس به عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه إن النبي صلى الله عليه وسلم قال المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم هو مسجد قباء

ص: 270

قال الله جل ثناؤه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ولأحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال انطلقت إلى مسجد التقوى أنا وعبد الله بن عمر وسمرة بن جندب فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا لنا أنطلق نحو مسجد التقوى فانطلقنا نحوه فاستقبلنا يداه على كاهلي أبي بكر وعمر الحديث وفي الصحيحين عن أبن عمر رضي الله عنه كان صلى الله عليه وسلم يزور قباء أو يأتي قباء راكبا وماشيا زاد في رواية لهما أيضا فيصلي فيه ركعتين

ص: 271

وللبخاري والنسائي إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأتي مسجد قباء كل سبت راكبا وماشيا وكان عبد الله يفعله ولأبن حبان في صحيحه كل يوم سبت فيرد به على من قال السبت الأسبوع ولأبن شبة عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر مرسلا إن النبي صلى الله

عليه وسلم كان يأتي قباء صبيحة يوم الاثنين وعن محمد بن المنكدر مرسلا إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي مسجد قباء صبيحة سبع عشرة من رمضان ورواه يحيى عن أبن المنكدر عن جابر متصلا وفي كتاب رزين عن أبن المنكدر أدركت الناس يأتون مسجد قباء صبح سبع عشرة من رمضان وليحيى عن أبن المنكدر نحوه وعن أبي غزية قال كان عمر بن الخطاب يأتي مسجد قباء يوم الاثنين ويوم الخميس فجاء يوما من تلك الأيام فلم يجد فيه أحدا من أهله فقال والذي نفسي بيده لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر في أصحابه ينقلان حجارته على بطونهما يؤسسه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده وجبريل عليه السلام يأم به البيت ومحلوف عمر بالله لو كان مسجدنا هذا بطرف من الأطراف لضربنا إليه أكباد الأبل ثم قال اكسروا لي سعفة واجتنبوا العواهن أي ما يلي القلب من السعف فقطعوا السعفة فأتى بها فأخذوا ذمة أي سيرا فربطها فمسحه فقالوا نحن نكفيك يا أمير المؤمنين قال لا تكفونيه ولأبن زبالة عن زيد بن أسلم قال الحمد لله الذي قرب منا مسجد قباء ولو كان في أفق من الأفاق لضربنا إليه أكباد الإبل ولأبن شبة بسند صحيح من طريق عائشة بنت سعد بن أبي وقلص قالت سمعت أبي يقول لأن أوصلي في مسجد قباء ركعتين أحب إلي من أن أتي بيت المقدس مرتين لو يعلمون ما في مسجد قباء لضربوا إليه أكباد الإبل ورواه الحاكم عن عامر بن سعد وعائشة بنت سعد سمع أباهما رضي الله عنه يقول سمعنا أبا هريرة يقول لأن أصلي في مسجد قباء أحب إلي من أن أصلي في بيت المقدس قال الحاكم إسناده صحيح على شرطهما وللترمذي عن أسيد بن ظهير الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الصلاة في مسجد قباء كعمرة قال الترمذي وفي الباب عن سهل بن حنيف وحديث أسيد حديث حسن غريب ولا نعرف لأسيد شيئاً يصح غير هذا الحديث ولأبن حبان في صحيحه عن أبن عمر رضي الله عنه وقد قيل له أين تؤم يا أبا عبد الرحمن قال أهل هذه المسجد في بني عمر وبن عوف فأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من صلى فيه كان كعدل عمرة ولأبن ماجه وأبن شبة بسند جيد عن سهل بن حنيف قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة كان كأجر عمرة ورواه أحمد والحاكم وقال صحيح الإسناد ورواه أبن شبة أيضا من طريق موسى بن عبيدة وهو ضعيف بلفظ من توضأ فأحسن وضوءه ثم جاء مسجد قباء فركع فيه أربع ركعات كان له كعدل عمرة ومن طريق يوسف بن طعمان وهو ضعيف بلفظ ما من مؤمن يخرج على طهر إلى مسجد قباء لا يريد غيره حتى يصلي فيه إلا كان بمنزلة عمرة ولأبن شبة أيضا عن سعيد بن الرقيش الأسدي قال جاءنا أنس بن مالك إلى مسجد قباء فصلى ركعتين إلى بعض هذه السوارة ثم سلم وجلس وجلسنا حوله فقال سبحان الله ما أعظم حق هذا المسجد ولو كان على مسيرة شهر كان أهلا أن يؤتى من خرج من بيته يريده متعمدا إليه ليصلي فيه أربع ركعات أقبله الله بأجر عمرة قال أبن شبة قال أبو غسان ومما يقوي هذه الأخبار ويدل على تظاهرها في العامة والخاصة قول عبد الرحمن بن الحكمعليه وسلم كان يأتي قباء صبيحة يوم الاثنين وعن محمد بن المنكدر مرسلا إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي مسجد قباء صبيحة سبع عشرة من رمضان ورواه يحيى عن أبن المنكدر عن جابر متصلا وفي كتاب رزين عن أبن المنكدر أدركت الناس يأتون مسجد قباء صبح سبع عشرة من رمضان وليحيى عن أبن المنكدر نحوه

ص: 272

وعن أبي غزية قال كان عمر بن الخطاب يأتي مسجد قباء يوم الاثنين ويوم الخميس فجاء يوما من تلك الأيام فلم يجد فيه أحدا من أهله فقال والذي نفسي بيده لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر في أصحابه ينقلان حجارته على بطونهما يؤسسه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده وجبريل عليه السلام يأم به البيت ومحلوف عمر بالله لو كان مسجدنا هذا بطرف من الأطراف لضربنا إليه أكباد الأبل ثم قال اكسروا لي سعفة واجتنبوا العواهن أي ما يلي القلب من السعف فقطعوا السعفة فأتى بها فأخذوا ذمة أي سيرا فربطها فمسحه فقالوا نحن نكفيك يا أمير المؤمنين قال لا تكفونيه ولأبن زبالة عن زيد بن أسلم قال الحمد لله الذي قرب منا مسجد قباء ولو كان في أفق من الأفاق لضربنا إليه أكباد الإبل ولأبن شبة بسند صحيح من طريق عائشة بنت سعد بن أبي وقلص قالت سمعت أبي يقول لأن أوصلي في مسجد قباء ركعتين أحب إلي من أن

ص: 273

أتي بيت المقدس مرتين لو يعلمون ما في مسجد قباء لضربوا إليه أكباد الإبل ورواه الحاكم عن عامر بن سعد وعائشة بنت سعد سمع أباهما رضي الله عنه يقول سمعنا أبا هريرة يقول لأن أصلي في مسجد قباء أحب إلي من أن أصلي في بيت المقدس قال الحاكم إسناده صحيح على شرطهما وللترمذي عن أسيد بن ظهير الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الصلاة في مسجد قباء كعمرة قال الترمذي وفي الباب عن سهل بن حنيف وحديث أسيد حديث حسن غريب ولا نعرف لأسيد شيئاً يصح غير هذا الحديث ولأبن حبان في صحيحه عن أبن عمر رضي الله عنه وقد قيل له أين تؤم يا أبا عبد الرحمن قال أهل هذه المسجد في بني عمر وبن عوف فأني

ص: 274

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من صلى فيه كان كعدل عمرة ولأبن ماجه وأبن شبة بسند جيد عن سهل بن حنيف قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة كان كأجر عمرة ورواه أحمد والحاكم وقال صحيح الإسناد ورواه أبن شبة أيضا من طريق موسى بن عبيدة وهو ضعيف بلفظ من توضأ فأحسن وضوءه ثم جاء مسجد قباء فركع فيه أربع ركعات كان له كعدل عمرة ومن طريق يوسف بن طعمان وهو ضعيف بلفظ ما من مؤمن يخرج على طهر إلى مسجد قباء لا يريد غيره حتى يصلي فيه إلا كان بمنزلة عمرة

ص: 275

ولأبن شبة أيضا عن سعيد بن الرقيش الأسدي قال جاءنا أنس بن مالك إلى مسجد قباء فصلى ركعتين إلى بعض هذه السوارة ثم سلم وجلس وجلسنا حوله فقال سبحان الله ما أعظم حق هذا المسجد ولو كان على مسيرة شهر كان أهلا أن يؤتى من خرج من بيته يريده متعمدا إليه ليصلي فيه أربع ركعات أقبله الله بأجر عمرة قال أبن شبة قال أبو غسان ومما يقوي هذه الأخبار ويدل على تظاهرها في العامة والخاصة قول عبد الرحمن بن الحكم

فإن أهلك فقد أقررت عينا

من المتعمرات إلى قباء

وأما مصلاه صلى الله عليه وسلم من هذا المسجد فلأبن زبالة عن أبن أبي ليلى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد قباء إلى الأسطوانة الثالثة في الرحبة إذا دخلت من الباب الذي بفناء دار سعد بن خيثمة أي المسدود اليوم ومحله بين في

ص: 276

الحائط الغربي من خارجه كان شارعا في الرواق الذي يلي رحبة المسجد والثالثة في الرحبة هي التي عندها اليوم محراب مبني بحرفها الشرقي وهذا هو المصلى قبل تحويل القبلة لقول أبي غسان وأخبرني من أثق به من الأنصار من أهل قباء إن موضع قبلة مسجد قباء قبل صرف القبلة إن القائم كان يقوم بالقبلة الشامية فيكون موضع الأسطوان الشارعة في رحبة مسجد قباء التي في صف الأسطوان المخلقة المقدّمة أي التي سيأتي إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى حرفها يعني بعد التحويل لأنه قال عقبة وأخبرني أيضا إن مصلى صلى الله عليه وسلم في مسجد قباء بعد صرف القبلة كان إلى حرف الأسطوان المخلق كثير منها المقدمة أي في صف الأساطين التي تلي محراب القبلة إلى حرفها الشرقي قال وهي دون محراب مسجد قباء عن يمين المصلى فيه قلت وهي الثالثة في القبلة من أسطوان الرحبة المتقدمة أيضا والمصلى إلى حرفها الشرقي يكون محاذيا محراب المسجد وتوصف أسطوان الرحبة بالمخلقة أيضا ولذا روى الواقدي عن سعيد بن عبد الرحمن بن رقيش قال كان المسجد في موضع الأسطوان المخلقة الخارجة في رحبة المسجد ثم روى عن أبن وقيش قال بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجد قباء وقدم القبلة إلى موضعها اليوم قال أبن رقيش فحدثني نافع إن أبن عمر كان بعد إذا جاء مسجد قباء صلى إلى الأسطوان المخلقة يقصد بذلك مسجد النبي صلى الله عليه وسلم الأوّل وقوله المخلقة أي التي في الرحبة بدليل ما بعده وما قبله وقوله وقدم القبلة إلى موضعها اليوم ظاهر في إن المصلى بعد التحويل عند محراب القبلة خلاف ما سبق عن أبي غسان فينبغي الجمع بين ذلك وأما الدكة المرتفعة يسيرا التي بالرواق الذي يلي الرحبة بمحرابها حجر كتب فيه لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه الآية وإن ذلك مقام النبي صلى الله عليه وسلم فقد ذكرها أبن جبير في رحلته لكنه قال إنها في رحبة المسجد مما يلي القبلة ووصف رحبة المسجد وأروقته وأساطينه بما هو عليه اليوم فعلمنا بذلك إن هذه الدكته وذلك الحجر إنما كان بالمحراب الذي عند الأسطوان الثالثة في الرحبة وكأنه تهدم بعد أبن جبير فأعيد في غير محله فلا يعول عليه فقد صرح أبن جبير بأن ذلك في الرحبة وإنه أول قال موضع صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فينبغي إعادته إلى محله ويقرب الثالثة في الرحبة محاريب ما عملت أصلها وأما الحظيرة التي بصحن المسجد فقال أبن حبير إنها

ص: 277

مبرك ناقة النبيّ صلى الله عليه وسلم ولم أقف له على أصل في كلام من قبله لكنه اليوم مشهور بين الناس قال أبو غسان طول مسجد قباء

ص: 278

وعرضه سواء وهو ست وستون ذراعا قال وطول رحبته التي في جوفه يعني صحنه خمسون ذراعا وعرضها ست وعشرون ذراعا وذكر أبن النجار نحوه فقال طوله ثمان وستون ذراعا تشفّ وعرضه كذلك قلت وقد اختبرته فكان كذلك يزيد يسيرا جدّا لاختلاف الأذرعة أو رخاوة الحبل الذي قيس به وذلك الرحبة أيضا لم يقع فيها تغيير وقد ذكرنا في الأصل ما ذكره أبن جبير وغيره من عدد أروقته وأساطينه وغير ذلك وروى أبن شبة عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن ما بين الصومعة أي المنارة إلى القبلة زيادة زادها عثمان بن عفان رضي الله عنه قلت وفيه ردّ لقول المطري ومن تبعه إنه لم يزل على ما بناه النبيّ صلى الله عليه وسلم حتى زاد فيه الوليد

ص: 279

وذكر أبن النجار أن عمر بن عبد العزيز وسعه ونقشه بالفسيفساء وعمل له منارة وسقفه بالسياج وجعله أروقة وفي وسطه رحبة فيتهدّم على طول الزمان حتى جدّد عمارته جمال الدين الأصفهاني وزير بني زنكي الملوك بالموصل أي سنة خمس وخمسين وخمسمائة كما قال المطري وفي الحجر الذي بالمحراب المتقدّم ذكره أنه جدّد بعد ذلك سنة إحدى وسبعين وستمائة وجدّد فيه الناصر بن قلاوون شيئاً سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة وجدّد غالب سقفه الأشرف برسباي سنة أربعين وثمانمائة على يد شيخ الخدام قاسم المحلي وسقطت منارته سنة سبع وسبعين وثمانمائة فجدّدن سنة إحدى وثمانين وثمانمائة مع العمارة السابقة بالمسجد النبوي على يد

الشمس بن الزمن بعد هدم المنارة الأساس التي كانت مفتوحة فيه مما يلي السقف نسبة طيقانه الباقية وجدّد بعض سقفه وابتنى البركة والسبيل المقابلين له بحديقة العيني

ص: 280

وأما طريقه صلى الله عليه وسلم إليه فعن أسحق بن أبي بكر بم أسحق أن مبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم في مركبه إلى قباء أن يمر على المصلى ثم يسلك في موضع الزقاق بين دار كثير بن الصلت ودار معاوية بالمصلى أي يمرّ بين الدارين بجهة

ص: 281

قبلة مسجد المصلى إلى ناحية بطحان قال ثم يرجع راجعا على طريق دار صفوان بن سلمة التي عند سقيفة محرق ثم يمر على مسجد بني زريق من كتاب عروة حتى يخرج إلى البلاط أي من ناحية زقاق عبد الرحمن بن الحرث السابق في رجوعه صلى الله عليه وسلم من المصلى وذلك في قبله سور المدينة اليوم مما يلي درب سويقة كما إن الذهاب من جهة الدرب المذكور وفي الصحيح كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذهب إلى قباء يدخل على أم حرام وكانت تحت عبادة بن الصامت فاقتضى إنه كان يمرّ بدار بني سالم غربي مسجد الجمعة لأنّ دار عبادة بها ومما يتبرك به بقباء دار سعد بن خيثمة في قبلة مسجد قباء وفي قبلة ركن المسجد الغربي موضع يسمونه مسجد عليّ لعله مسجد دار سعد بن حيثمة ولأبن شبة إن النبيّ صلى الله عليه وسلم اضطجع في البيت الذي في دار سعد بن خيثمة

ص: 282

ولأبن زبالة يزعمون إن النبيّ صلى الله عليه وسلم توضأ من المهراس الذي في داره وفي قبلة المسجد أيضا دار كلثوم ابن الهدم الذي نزل عليه صلى الله عليه وسلم لما قدم قباء ثم أهله وأهل أبي بكر وبئر أريس سيأتي محلها " وأما مسجد الضرار " فللبيهقيّ عن أبن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى والذين اتخذوا مسجد أضرارهم أناس من الأنصار ابتنوا مسجدا فقال لهم أبو عامر أبنوا مسجدكم فأني ذاهب إلى قيصر ملك الروم فآني بجند أخرج محمد أو أصحابه فلما فرغوا من مسجدكم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا إنا قد فرغنا من بناء مسجدنا فنحب أن نصلي فيه فأنزل الله تعالى لا تقم فيه أبدا إلى قوله فأنهار به في نار جهنم يعني قواعده والله لا يهدي القوم الظالمين ولأبن شبة عن عروة كان موضع مسجد قباء لامرأة يقال لها لية كانت تربط حمارا لها فيه فأتيناه سعد بن حيثمة مسجدا فقال أهل مسجد الضرار نحن نصلي في مربط حمار لية لا لعمر الله لكنا نبني مسجدا فنصلي فيه حتى

ص: 283

يجيء أبو عامر فيؤمتنا فيه وكان أبو عامر فر من الله ورسوله فلحق بمكة ثم بالشام فتنصر فمات بها فأنزل الله تعالى (والذين اتخذوا مسجداً ضراراً) الآيات ولأبن إسحاق عن الزهري وغيره إن النبي صلى الله عليه وسلم لما قفل من غزوة تبوك ونزل بذي أوان بلد بينه وبين المدينة ساعة من نهار نزل عليه القرآن في شأن مسجد الضرار فدعا مالك بن الدغشم ومعن بن عدي أو أخاه عاصم بن عدي فقال انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فأهدماه وحرقاه فانطلقا مسرعين ففعلا وحرقا بنار في سعف وللبغوي فانطلقوا أي المأمورون بهدمه وإحراقه حتى أتوا سالم بن عوف رهط مالك بن الدغشم فأخذ سعفا فأشعل فيه نارا ثم خرجوا يشتدون حتى أتوا المسجد وفيه أهله فحرقوه وهدموه وتفرق عنه أهله فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخذ ذلك كناسة يلقى فيها الجيف والنتن والقمامة وقال أبن عطية الظاهر من قوله فأنهار به في نار جهنم ومما صح في خبرهم وهدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجدهم إنه خارج مخرج المثل أي حالهم كمن ينهار بنيانه في نار جهنم وقيل بل ذلك حقيقة وإن ذلك المسجد بعينه انهار

ص: 284

في نار جهنم قاله قتادة وأبن جريج وعن جابر بن عبد الله وغيره إنه رأى الدخان يخرج منه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ونقل إنهم لم يصلوا فيه أكثر من ثلاثة أيام وأنهار في الرابع قال أبن عطية وهذا كله بإسناد لين والأول أصح وأسند الطبري عن خلف بن يامين إنه قال رأيت مسجد المنافقين ورأيت فيه مكان يخرج منه الدخان زمن أبي جعفر المنصور قال المطري ولا أثر بمسجد الضرار ولا يعرف له مكان فيما بين حول مسجد قباء ولا غيره أي خلاف قول أبن النجار إنه قريب من مسجد قباء كبير حيطانه عالية ويأخذ منه الحجارة وكان بناءه مليحة انتهى قال المطري وهو وهم لا أصل له قلت وما سبق من أمره صلى الله عليه وسلم بهدمه وتحريقه وغير ذلك مما سبق ظاهر في رده وإن قال المجدان غير أبن النجار سبقه

لذلك فهذا البشاره يقول

ص: 285

ومنها مسجد الضرار تطوع العوام بهدمه وتبعه ياقوت في معجمه وأبن جبير في رحلته ولفظ أبن جبير وهذا المسجد مما يتقرب الناس إلى الله يرجمه وهدمه وكان مكانه بقباء انتهى.

ص: 286