المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفصل الخامس " في فضل مقابرها وتعيين بعض من دفن بالبقيع من الصحابة - خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى - جـ ٢

[السمهودي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الرابع في عمارة مسجدها الأعظم النبوي ومتعلقاته والحجرات المنيفات

- ‌الأول في عمارته صلى الله عليه وسلم له وذرعه في زمنه وما يتميز به

- ‌ الفصل الثاني " في مقامه صلى الله عليه وسلم للصلاة قبل تحويل القبلة

- ‌ الفصل الثالث " في خبر الجذع والمنبر وما يتعلق بهما وبالأساطين

- ‌ الفصل الرابع " في حجره صلى الله عليه وسلم وحجرة أبنته فاطمة رضي الله

- ‌ الفصل الخامس " في الأمر بسدّ الأبواب وما أستثنى منها

- ‌ الفصل السادس " في زيادة عمر رضي الله عنه في المسجد واتخاذه البطيحاء

- ‌ الفصل السابع " في زيادة عثمان رضي الله عنه واتخاذه المقصورة

- ‌ الفصل الثامن " في زيادة الوليد واتخاذه المحراب والشرفات والمنارات

- ‌ الفصل التاسع " في زيادة المهدي

- ‌ الفصل العاشر " فيما يتعلق بالحجرة المنيفة الحاوية للقبور الشريفة

- ‌ الفصل الحادي عشر " فيما جعل علامة لتمييز جهتي الرأس والوجه الشريفين

- ‌ الفصل الثاني عشر " في العمارة المتجدّدة بالحجرة الشريفة وإبدال سقفها

- ‌ الفصل الثالث عشر ". في الحريق الأوّل المستولي على ما سبق وعلى سقف

- ‌ الفصل الرابع عشر " فيما احتوى عليه المسجد من الأروقة والأساطين

- ‌ الفصل الخامس عشر " في أبواب المسجد وخوخاته وما يميزها من الدور

- ‌ الفصل السادس عشر " في البلاط المجعول حول المسجد وما أطاف به من الدور

- ‌الباب الخامس في مصلى الأعياد ومساجدها النبوية ومقابرها وفضل أحد الشهداء به وفيه ستة فصول

- ‌ الأول " في مصلى الأعياد

- ‌ الفصل الثاني " في مسجد قباء وخبر مسجد الضرار

- ‌ الفصل الثالث " في بقية المساجد المعلومة العين في زماننا " مسجد

- ‌ الفصل الرابع " فيما علمت جهته ولم تعلم عينه من مساجدها

- ‌ الفصل الخامس " في فضل مقابرها وتعيين بعض من دفن بالبقيع من الصحابة

- ‌ الفصل السادس في فضل أحد والشهداء به

- ‌الباب السادس في آبارها المباركات والعين والغراس والصدقات التي هي للنبي صلى الله عليه وسلم منسوبات

- ‌ الأول " في الآبار المباركات على ترتيب الحروف

- ‌ الفصل الثاني في صدقاته صلى الله عليه وسلم وما غرسه بيده الشريفة

- ‌الباب السابع فيما يعزى إليه صلى الله عليه وسلم من المساجد التي صلى

- ‌الأول في مساجد الطريق التي كان يسلكها صلى الله عليه وسلم إلى مكة في الحج وغيره

- ‌الفصل الثاني فيما كان من ذلك بالطريق التي يسلكها الحاج في زماننا إلى

- ‌الفصل الثالث في بقية المساجد المتعلقة بغزواته صلى الله عليه وسلم وعمره

- ‌الباب الثامن في أوديتها وأحمائها وبقاعها وأطامها وبعض أعمالها وجبالها

- ‌الأول في وادي العقيق وعرصته وحدوده وشيء من قصوره

- ‌الفصل الثاني في بقية أودية المدينة

- ‌الفصل الثالث في الأحماء ومن حماها وشرح حال حمى النبي صلى الله عليه

- ‌الفصل الرابع في بقاعها وآطامها وبعض أعمالها وأعراصها وجبالها وضبط

الفصل: ‌ الفصل الخامس " في فضل مقابرها وتعيين بعض من دفن بالبقيع من الصحابة

"‌

‌ الفصل الخامس " في فضل مقابرها وتعيين بعض من دفن بالبقيع من الصحابة

وأهل البيت والمشاهد المعروفة بها

في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما كان ليلتي منه يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون غدا مؤجلون وأنا إن شاء الله بكم لاحقون اللهم أغفر لأهل بقيع الفرقد

ص: 355

وفي رواية له عنها بعد ذكر خروجه صلى الله عليه وسلم لما كانت ليلتها قالت ثم انطلقت على أثره حتى جاء البقيع فقام فأطال القيام ثم رفع يديه ثلاث مرات الحديث وفيه قال فإن جبريل عليه السلام أتاني حين رأيت فناداني فأخفاه منك فأخفيته منك فقال إن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم قلت فكيف أقول لهم يار سول الله قال قولي السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين يرحم الله المستقدمين والمستأخرين وفي رواية للموطأ قالت قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فلبس ثيابه ثم خرج فأمرت جاريتي بريرة تتبعه فتبعته حتى جاء البقيع فوقف في أدناه ما شاء الله أن يقف ثم أنصرف فسبقته فأخبرتني فلم أذكر شيئاً حتى أصبح ثم ذكرت له فقال إني بعثت إلى أهل البقيع

ص: 356

لأصلي عليهم وفي رواية لأبن شبة إنه قال في دعائه اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم وفي رواية للبيهقي بيان إن ذلك كان في ليلة النصف من شعبان وللترمذي عن أبن عباس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ بقبور أهل المدينة فأقبل عليهم بوجهه فقال السلام عليكم يا أهل القبور ويغفر الله لنا ولكم أنتم لنا سلف ونحن بالأثر ولأبن شبة عن أبي موهبة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أهبني رسول الله صلى الله عليه وسلم من جوف الليل فقال أني أمرت أن أستغفر لأهل البقيع فأنطلق معي فانطلقت معه فلما وقف بين أظهرهم قال السلام عليكم يا أهل المقابر ليهن لكم ما أصبحتم فيه مما أصبح الناس فيه أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أولها الآخرة شر من الأولى ثم استغفر لهم طويلا

ص: 357

ولأبن زبالة عن خالد بن عوسجة قال كنت أدعو ليلة إلى زاوية دار عقيل بن أبي طالب التي تلي باب الدار فمر بي جعفر بن محمد يريد العريض معه أهله فقال لي أعن أثر وقفت ههنا قلت لا قال هذا موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل إذا جاء يستغفر لأهل البقيع وسيأتي إن من دار عقيل المشهد المعروف به قال المراغي فينبغي الدعاء فيه وقد أخبرني غير واحد إن الدعاء هناك مستجاب قلت الأماكن التي دعا بها صلى الله عليه وسلم كلها أماكن إجابة وإذا يستحب الدعاء فيها ولأبن شبة وأبن زبالة عن أبن كعب القرظي مرفوعا من دفن في مقبرتنا هذه شفعنا له أو شهدنا له

ص: 358

وقد سبق في الحث على الموت بها ذكر الشهادة أو الشفاعة لمن مات بها مع أشياء داخلة في فضل البقيع فراجعه وللطبراني في الكبير وأبن شبة من طريق نافع مولى حمنة عن أم قيس بنت محصن وهي أخت عكاشة أنها خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى البقيع فقال يحشر من هذه المقبرة سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب كأن وجوههم القمر ليلة البدر فقام رجل فقال يا رسول الله وأنا فقال وأنت فقام آخر فقال يا رسول الله وأنا فقال سبقك بها عكاشة قال قلت لها لم لم يقل للآخر فقالت أراه كان منافقا ولأبن شبة عن أبن المنكدر رفعه مرسلا يحشر من البقيع سبعون ألفا على صورة القمر ليلة البدر كانوا لا يكتوون ولا يتطيرون

ص: 359

وعلى ربهم يتوكلون قال وكان أبي يخبرنا أن مصعب بن الزبير دخل المدينة من طريق البقيع ومعه أبن رأس الجالوت فسمعه مصعب وهو خلفه حين رأى المقبرة يقول هي هي فدعاه مصعب فقال ماذا تقول فقال نجد هذه المقيرة في التوراة بين حرتين محفوفة بالنخل اسمها كفتة يبعث الله منها سبعين ألفا على صورة القمر ولأبن زبالة عن المقبري قدم أبن الزبير ومعه أبن رأس الجالوت فدخل المدينة من نحو البقيع فلما مرّ بالمقبرة قال أبن رأس الجالوت إنها لهي قال مصعب ما هي قال أنا نجد في كتاب الله صفة مقبرة في شرقيها نخل وغربيها بيوت يبعث منها سبعون ألفا كلهم على صورة القمر ليلة البدر فطفت مقابر الأرض فلم أر تلك الصفة حتى رأيت هذه المقبرة وعن عبد الحميد عن جعفر عن أبيه قال أقبل أبن رأس الجالوت فلما أشرف على البقيع قال هذه الني نجدها في كتال الله كغتة لا أطوها قال فأنصرف عنها إجلالا لها وعن كعب الأحبار قال نجدها في التوراة كفتة محفوفة بالنخيل

ص: 360

وموكل بها الملائكة

كلما امتلأت أخذوا بأطرافها فكفؤها في الجنة وللواقدي عن عثمان بن صفوان قال لما حج مصعب بن الزبير ومعه أبن رأس الجالوت فانتهى إلى حرة بني عبد الأشهل وقف ثم قال بهذه الحرة مقبرة فقالوا نعم فقال هل من وراء المقبرة حرة أخرى سوى هذه الحرة قالوا نعم قال إنا نجد في كتاب الله أنها تسمى كفتة قال الواقدي يعني تسرع البلا وكفتة يبعث الله منها يوم القيامة سبعين ألفا كلهم وجوههم على صورة البدر ليلة أربع عشرة من الشهر ولأبن زبالة عن جابر مرفوعا يبعث الله من هذه المقبرة واسمها كفتة مائة ألف كلهم على صورة القمر ليلة البدر لا سترقون ولا يرقون ولا يتداوون وعلى ربهم يتوكلون وعن المطلب بن حنطب مرفوعا يحشر من مقبرة المدينة يعني البقيع سبعون ألفا لا حساب عليهم تضيء وجوههم غمدان اليمن

ص: 361

وجاء ما يقتضي مثله في مقبرة بني سلمة التي بمنزل بني حرام منهم فلأبن شبة عن أبي سعيد المقبري إن كعب الأحبار قال نجد مكتوبا في الكتاب أن مقبرة بغربي المدينة على حافة سيل يحشر منها سبعون ألفا ليس عليهم حساب وقال أبو سعيد المقبري لأبنه سعيد إن أنا هلكت فادفني في مقبرة بني سلمة التي سمعت من كعب وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا مقبرة بغربي المدينة يعترضها السيل يسارا يبعث منها كذا وكذا لا حساب عليهم قال عبد العزيز بن مبشر لا أحفظ العدد وعن عقبة بن عبد الرحمن عن جابر وأبن أبي عتيق وغيرهما من مشيخة بني حرام مرفوعا مقبرة بين سيلين غربية يضيء نورها يوم القيامة ما بين

ص: 362

السماء إلى الأرض ولأبن زبالة عن سهل عن أبيه عن جده قال دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتلى أحد في مقبرة بني سلمة وعن يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة قال أصيب أبو عمرة بن سكن يوم أحد فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فنقل فكان أول من دفن في مقبرة بني حرام وسبق في مسجد بني بياضة فضل المقبرة التي بينها وبين بني سالم. وأما من دفن بالبقيع فأكثر الصحابة ممن توفى في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعده به وفي مدارك عياض عن مالك أنه مات بالمدينة من الصحابة نحو عشرة آلاف اه وكذا سادة أهل البيت والتابعين غير إن غالبهم لا يعرف عين قبره لا جهته لاجتناب السلف البناء والكتابة على القبور مع طول الزمان فمن المعروف عينا أو جهة إبراهيم أبن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعثمان بن مظعون لآبن زبالة عن قدامة بن موسى أول من دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبقيع عثمان بن مظعون فما توفى ابنه إبراهيم قالوا يا رسول الله أين تحفر له

ص: 363

قال عند فرطنا عثمان بن مظعون ولأبن شبة عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه لما توفى إبراهيم أبن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن يدفن عند عثمان بن مظعون فرغبت الناس في البقيع وقطعوا الشجر واحتازت كل قبيلة ناحية فمن هنالك عرفت كل قبيلة مقابرها وعن قتادة بن موسى كان البقيع غرقدا فلما هلك عثمان بن مظعون دفن بالبقيع وقطع الغرقد عنه وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للموضع الذي دفن فيه عثمان هذه الروحاء وذلك كان ما حازت الطريق من دار محمد بن زيد أي التي كانت شرقي مشهد سيدنا إبراهيم إلى زاوية دار عقيل اليمانية أي ومنها المشهد المعروف به اليوم ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم هذه الروحاء للناحية الأخرى فذلك كل ما حازت الطريق من دار محمد بن زيد إلى أقصى البقيع يومئذ وعن محمد بن عبد الله بن سعيد بن جبير قال دفن إبراهيم إبن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالزوراء موضع السقاية التي على يسار من سلك البقيع ثم مصعد إلى جنب دار محمد بن زيد بن علي فيستفاد منه تسمية ذلك الموضع بالزوراء وبالروحاء ولأبن زبالة عن سعيد بن محمد أنه رأى قبر إبراهيم عند الزوراء قال عبد العزيز بن محمد وهي الدار التي صارت لمحمد بن زيد بن علي

ص: 364

وعن جعفر بن محمد إن قبر إبراهيم وجاه دار سعيد بن عثمان التي يقال لها الزوراء بالبقيع فهدمت مرتفعا عن الطريق وعن قدامة قال دفن إبراهيم إلى جنب عثمان بن مظعون وقبره حذاء زاوية دار عقيل بن أبي طالب من ناحية دار محمد بن زيد ولأبن شبة عن محمد بن قدامة عن أبيه عن جدّه قال لما دفن النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن مظعون أمر بحجر فوضع عند رأسه قال قدامة فلما ضاق البقيع وجد ذلك الحجر فعرفنا إنه قبر عثمان بن مظعون ثم نقل أبن شبة ما

يقتضي إن ذلك الحجر فضل من حجارة لحده لما ألحده رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمله رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعه وأن مراون لما ولى المدينة مرّ عليه فأمر به فرمى وقيل جعله على قبر عثمان بن عفان رضي الله عنه. إن ذلك الحجر فضل من حجارة لحده لما ألحده رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمله رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعه وأن مراون لما ولى المدينة مرّ عليه فأمر به فرمى وقيل جعله على قبر عثمان بن عفان رضي الله عنه.

" رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم " في حديث الطبراني برجال ثقات وفي بعضهم خلاف عن أبن عباس رضي الله عنه لما ماتت رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الحقي بسلفنا عثمان بن مظعون

ص: 365

ورواه أبن شبة وزاد أن فاطمة رضي الله عنه بكت على شفير القبر فجعل النبيّ صلى الله عليه وسلم يمسح الدموع عن عينيها بطرف ثوبه ثم أشار أبن شبة إلى رواية ما يخالفه من أنه صلى الله عليه وسلم خلف عثمان وأسامة بن زيد على رقية وهي وجعة أيام بدر وأن زيد بن حارثة جاء بشيرا بوقعة بدر وعثمان قائم على قبر رقية يدفنها والثابت في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم حضر دفن ابنته أم كلثوم زوجة عثمان فلعل ما تقدم فيها أو في أختها زينب والظاهر أنهن جميعا عند عثمان أبن مظعون لقوله صلى الله عليه وسلم لما وضع الحجر عند رأس عثمان بن مظعون أتعلم به قبر أخي وأدفن إليه من مات من أهلي رواه أبن ماجه والحاكم.

ص: 366

" فاطمة بنت أسد أم علي بن أبي طالب رضي الله عنه " لأبن زبالة عن محمد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت أسد بن هاشم الروحاء مقابل حمام أبي قطيفة قال وثم قبر إبراهيم أبن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبر عثمان وسيأتي ما نقله أبن شبة في قبر العباس من أنه عند قبر فاطمة بنت أسد بن هاشم في أول مقابر بني هاشم الذي في دار عقيل ويؤيده ما نقله أبو الشيخ أبن حبان في كتاب السنة الكبير له من أنه لما أتى بالحسن ليصلي عليه قال الحسين لسعيد بن العاص أمير المدينة تقدّم فلولا أنها سنة ما قدّمتك فصلى عليه سعيد بن العاص ودفن بالبقيع عند جدته فاطمة بنت أسد بن هاشم اه وكله صريح في مخالفة ما عليه الناس اليوم في المشهد المنسوب إليها وأول من ذكر أنها به أبن النجار ولم أقف له على مستند غي قوله إنها دفنت مقابل حمام أبي قطيفة وقد اقتصر عليه أبن النجار ثم قال واليوم يقابلها نخل يعرف بالحمام اه

ص: 367

وهذا النخل هو الذي قرب مشهد سيدنا إبراهيم في شامية وهو بعيد جدا من المشهد المعروف بفاطمة وإن كان في غربية مع إن بقية الرواية تزدّ إرادة ذلك وكان أبن النجار لم يقف عليها ويبعد كل البعد أن يدفنها صلى الله عليه وسلم في فم زقاق أقصى البقيع بل ليس هو منه لما سيأتي من أن محل عثمان بن عفان رضي الله عنه لم يكن منه ويترك ما قارب عثمان بن مظعون مع قوله وأدفن إليه من مات من أهلي ونقل أبن شبة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينزل في قبر أحد إلا خمسة قبور قبر خديجة بمكة وأربعة بالمدينة قبر ابن الخديجة كان في حجر النبي صلى الله عليه وسلم وتربيته وهو على قارعة الطريق بين زقاق عبد الدار وبين البقيع الذي يتدافن فيه بنو هاشم وقبر عبد الله المزني الذي يقال له ذو النجادين وقبر أم رومان أن عائشة بنت أبي بكر وقبر فاطمة بنت أسد أم عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ثم روى عن محمد بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنها لما توفيت خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بقبرها فحفر في موضع المسجد الذي يقال له اليوم قبر فاطمة ثم لحد لها فلما فرغ نزل فأضطجع في اللحد وقرأ فيه القرآن ثم نزع قميصه فأمر أن تكفن فيه ثم صلى عليها عند قبرها فكبر تسعا وقال ما أعفى أحد من ضغطة القبر إلا فاطمة بنت أسد قيل يا رسول الله ولا القاسم قال ولا إبراهيم وكان إبراهيم أصغرهما

ص: 368

وفي الكبير والأوسط للطبراني برجال الصحيح الأروح بن صلاح وقد وثقه أبن حبان والحاكم وفيه ضعف عن أنس قال لما ماتت فاطمة بنت أسد دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس عند رأسها وقال رحمك الله يا أمي بعد أمي وذكر ثناءه عليها وتكفينها ببرده وأمره بحفر قبرها قال فلما بلغوا اللحد حفره رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده وأخرج ترابه بيده فلما فرغ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فاضطجع فيه ثم قال الله الذي يحيي ويميت وهو حي لا يموت أغفر لأمي فاطمة بنت أسد ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي فإنك أرحم الراحمين ولأبن شبة عن جابر في هذا حديث طويل ذكرناه في الأصل وكذا ما لأبن عبد البر عن أبن عباس.

" عبد الرحمن بن عوف " لابن زبالة عن حميد بن عبد الرحمن قال أرسلت عائشة إلى عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه حين نزل به الموت أن هلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى

ص: 369

أخويك فقال ما كنت مضيقا عليك بيتك إني كنت عاهدت أبن مظعون أينا مات دفن إلى جنب صاحبه قالت فمرّوا به عليها فصلت عليه ولأبن شبة عن حفص بن عثمان بن عبد الرحمن نحوه وعن عبد الواحد بن محمد أن عبد الرحمن أبن عوف أوصى أن هلك بالمدينة أن يدفن إلى عثمان بن مظعون فلما هلك حفر له عند زاوية دار عقيل الشرقية فدفن هناك.

" سعد بن أبي وقاص " لأبن شبة عن أبي دهقان قال دعاني سعد بن أبي وقاص فخرجت معه إلى البقيع وخرج بأوتاد حتى إذا جاء من موضع زاوية دار عقيل الشرقية الشامية أمرني فحفرت حتى إذا بلغت باطن الأرض ضرب فيها الأوتاد ثم قال إن هلكت فادللهم على هذا الموضع يدفنوني به فلما هلك قلت ذلك لولده فخرجنا حتى دللتهم على ذلك الموضع فوجدوا الأوتاد فحفروا له هناك ودفنوه.

ص: 370

" عبد الله بن مسعود " لابن سعد في طبقاته عن أبي عبيدة بن عبد الله أن أبن مسعود قال ادفنوني عند قبر عثمان بن مظعون وعن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال مات أبن مسعود رضي الله عنه بالمدينة ودفن بالبقيع سنة اثنتين وثلاثين.

" خنيس بن حذافة السهمي " زوج حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحاب الهجرتين قال أبن عبد البرّ نالته جراحة يوم أحد فمات بسببها بالمدينة قال أبو عبد الله محمد بن يوسف الزرندي في سيرته وذلك في الثالثة من الهجرة ودفن عند عثمان بن مظعون وكان عثمان توفى قبله في شعبان من السنة المذكورة وقيل في الثانية قلت يشكل عليه أنه صلى الله عليه وسلم تزوج بحفصة في شعبان من الثالثة وقيل في الثانية فلعل خنيسا كان قد طلقها

ص: 371

وقال أبن سيد الناس المعروف إنه مات على رأس خمسة وعشرين شهرا بعد رجوعه من بدر.

" أسعد بن زرارة أحد بني غنم بن مالك أبن النجار " شهد العقبتين وتوفى في الأولى قال أبو غسان أخبرني بعض أصحابنا قال لم أزل أسمع إن قبر عثمان بن مظعون وأسعد بن زرارة بالروحاء من البقيع والروحاء المقبرة التي بوسط البقيع يحيط بها طرق مطرقة وسط البقيع قلت فينبغي السلام على هؤلاء كلهم عند زيارة مشهد سيدنا إبراهيم ولذا قدمنا ذكرهم معه.

" فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم على القول بأنها بالبقيع وهو الأرجح " لابن شبة عن محمد بن علي بن عمر رضي الله عنه إنه كان يقول إن قبرها زاوية دار عقيل اليمانية الشارعة في البقيع وعن منبوذ بن حويطب والفضل بن أبي رافع إن قبرها وجاه زقاق نبيه

ص: 372

وإنه إلى زاوية دار عقيل أقرب وعن عمر بن علي بن حسين بن علي رضي الله عنه إن قبرها حذو الزقاق الذي يلي زاوية دار عقيل قال أبو غسان بن معاوية بن أبي مزرد إنه ذرع من حيث أشار له عمر بن علي فوجده خمسة عشر ذراعا إلى القناة أي التي في دار عقيل وقيل بينهما ثلاثة وعشرون ذراعا وعن عمر أبن عبد الله مولى عفرة إن قبرها حذاء زاوية دار عقيل مما يلي دار نبيه وعن عبد الله بن أبي رافع إن قبرها مخرج الزقاق الذي بين دار عقيل ودار أبي نبيه ثم نقل أبن شبة إن عبد العزيز بن عمر إن روى عن جعفر بن محمد عن أبيه قال دفن عليّ فاطمة رضي الله عنه ليلا في منزلها الذي دخل في المسجد فقبرها عند باب المسجد المواجه دار أسماء بنت حسن بن عبد الله أي الذي في شاميّ باب النساء في المشرق

ص: 373

قال أبن شبة وأظن هذا غلطا لأن الثبت جاء في غيره ثم روى بسند جيد عن فائدة مولى عبادل وهو صدوق أن عبد الله بن عليّ أخبره عمن مضى من أهل بيته إن الحسن بن عليّ قال ادفنوني في المقبرة إلى جنب أمي فدفن في المقبرة إلى جنب فاطمة مواجه الخوخة التي في دار نبيه بن وهب طريق الناس بين قبرها وبين خوخة نبيه أطن الطريق سبعة أذرع فلما كان زمن حسن بن زيد وهو أمير على المدينة أستعدى بنو محمد أبن عمر بن علي بن أبي طالب علي آل عقيل في قناتهم التي في دورهم الخارجة في المقبرة وقالوا إن قبر فاطمة رضي الله عنها عند هذه القناة فاختصموا إلى حسن فدعاني حسن فأخبرته عن عبد الله بن أبي رافع ومن بقى من أهلي وعن حسن بن عليّ في قوله ادفنوني إلى جنب أمي فقال حسن بن زيد أنا على ما تقول وأقرّ قناة آل عقيل ثم ذكر أبن شبة إن أبا غسان حدّثه عن عبد الله بن إبراهيم بن عبيد الله إن جعفر بن محمد كان يقول قبر فاطمة في بيتها الذي أدخل في المسجد وانه وجد كتابا عن أبي غسان فيه إن عبد العزيز بن عمر إن كان يقول دفنت في بيتها وصنع بها ما صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم إنها دفنت في موضع فراشها ويحتج

ص: 374

بأنها دفنت ليلا ولم يعلم بها كثير من الناس ثم أشار أبن شبة إلى ردّه بما حدّثه أبو عاصم النبيل قال حدّثنا كهمس بن الحسن قال حدثني يزيد قال كمدت فاطمة رضي الله عنها بعد وفاة أبيها سبعين بين يوم وليلة فقالت إني لأستحي من جلالة جسمي إذا أخرجت على الرجال غدا وكانوا يحملون النساء كما يحملون الرجال فقالت أسماء بنت عميس وأم سلمة إني رأيت شيئاً يصنع بالحبشة فصنعت النعش فاتخذ ذلك سنة أي ولو دفنت في بيتها كذلك لم يحتج إليه ويتلخص أن الراجح دفنها قرب قبر الحسن وهو مقتضى صنيع أبن زبالة أيضا وذكر المسعودي ما حاصله أن هناك رخامة مكتوب فيها هذا قبر فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدة نساء العالمين وقبر الحسن بن عليّ وعليّ بن الحسين بن عليّ وقبر محمد بن عليّ وجعفر بن محمد رضي الله عنه ذكره في سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة بل في كلام سبط بن الجوزي ما يقتضي نقل ذلك عن الواقدي وهو مدني

ص: 375

مولده بالمدينة سنة ثلاثين ومائة فهو دال على أن تلك الكتابة قديمة وقال المحب الطبري في ذخائر العقبى في فضائل ذوي القربي أخبرني أخ في الله إن الشيخ أبا العباس المرسي كان إذا زار البقيع وقف أمام قبلة قبة العباس وسلم على فاطمة وذكر أنه كشف له عن قبرها هناك اه وقيل دفنت في بيتها فقيل بمؤخره شامي باب النساء كما سبق عن عبد العزيز وهو بعيد جدا وقيل بمقدمه مكان المحراب الخشب خلف الحجرة داخل مقصورتها قال أبن جماعة وهو أظهر الأقوال وظاهر صنيع يحيى اعتماده حيث قال حدثنا أسحق بن موسى قال حدثنا جعفر بن محمد قال حدثني أبي موسى عن أبيه عن جدّه إن عليا دفن فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتها في المسجد عند زور قبر النبيّ صلى الله عليه وسلم أي الموضع المزور شبه المثلث وقد قدّمنا في الحادي عشر من الباب الرابع إن متولي العمارة أتخذ دعامة للقبلة عن يمين المثلث المذكور أمام المحراب المذكور فبد الحد قبر وبعض عظامه فحصل للناس أمر

عظيم بسببه وحكى أبن جماعة في قبرها قولين آخرين أحدهما إنه الصندوق الذي أمام مصلى الإمام بالروضة قال وهو بعيد جدّا قلت لم أقف له على أصل ولعله أشتبه على قائله بالمحراب الذي ببيتها لأن أمامه صندوقا أيضا على إنه سبق أن متولي العمارة لما أتخذ في موضع الصندوق أمام المصلى النبوي دعامة لمحرابه ظهر قبر بدا لحده وبعض عظامه وقد حرّف الأقدمون أساس الأسطوانة التي هناك عنه ثانيهما أنه بالمسجد المنسوب إليها بالبقيع أي البناء المربع في جهة قبلة قبة العباس للمشرق وهو المعنى بقول الغزالي ويصلي في مسجد فاطمة قال أبن جبير وهو المعروف ببيت الحزن يقل إن فاطمة أقامت به أيام حزنها على أبيها والقول بدفنها به من فروع الدفن بالبقيع وهو بعيد من الروايات الواردة فيه الحسن بن عليّ رضي الله عنه لأبن شبة عن فائد مولى عبادل أن عبيد الله بن عليّ أخبره عمن مضى من أهل بيته أن حسن بن عليّ رضي الله عنه أصابه بطن فلما عرف من نفسه الموت أرسل إلى عائشة أن تأذن له أن يدفن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت نعم ما كان بقى إلا موضع قبر واحد فلما سمعت بنو أمية استلأموا هم وبنو هاشم للقتال وقالت بنو أمية لا يدفن فيه أبدا فيلغ حسن بن علي فأرسل إلى أهله أما إذا كان هذا فلا حاجة لي به ادفنوني في المقبرة إلى جنب أمي فاطمة فدفن في المقبرة إلى جنبها وعن نوفل بن الفرات نحوه وذكر أبن النجار أن مع الحسن في قبره أبن أخيه زين العابدين ومحمد الباقر بن زين العابدين وجعفر الصادق بن محمد الباقر ويشهد له ما سبق عن المسعودي وللزبير بن بكار عن أبي روق قال حمل الحسن بن علي أبن أبي طالب فدفن بالبقيع وذكر أبن سعد أن يزيد بن معاوية بعث برأس الحسين رضي الله عنه إلى عمرو بن سعيد بن العاص عامله في المدينة فكفنه ودفنه بالبقيع عند قبر أمه فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا بأس السلام على هؤلاء كلهم هناك " العباس بن عبد المطلب " قال أبو غسان قال عبد العزيز أنه دفن عند قبر فاطمة بنت أسد بن هاشم في أول مقابر بني هاشم التي في دار عقيل فيقال أن ذلك المسجد بني قبالة قبره قال وقد سمعت من يقول دفن في موضع من البقيع متوسطا. م بسببه وحكى أبن جماعة في قبرها قولين آخرين

ص: 376

أحدهما إنه الصندوق الذي أمام مصلى الإمام بالروضة قال وهو بعيد جدّا قلت لم أقف له على أصل ولعله أشتبه على قائله بالمحراب الذي ببيتها لأن أمامه صندوقا أيضا على إنه سبق أن متولي العمارة لما أتخذ في موضع الصندوق أمام المصلى النبوي دعامة لمحرابه ظهر قبر بدا لحده وبعض عظامه وقد حرّف الأقدمون أساس الأسطوانة التي هناك عنه ثانيهما أنه بالمسجد المنسوب إليها بالبقيع أي البناء المربع في جهة قبلة قبة العباس للمشرق وهو المعنى بقول الغزالي ويصلي في مسجد فاطمة قال أبن جبير وهو المعروف ببيت الحزن يقل إن فاطمة أقامت به أيام حزنها على أبيها والقول بدفنها به من فروع الدفن بالبقيع وهو بعيد من الروايات الواردة فيه الحسن بن عليّ رضي الله عنه لأبن شبة عن فائد مولى عبادل أن عبيد الله بن عليّ أخبره عمن مضى من أهل بيته أن حسن بن عليّ رضي الله عنه أصابه بطن فلما عرف من نفسه الموت أرسل إلى عائشة أن تأذن له أن يدفن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت نعم ما كان بقى إلا موضع قبر واحد فلما سمعت بنو أمية استلأموا هم وبنو هاشم للقتال وقالت بنو أمية لا يدفن فيه أبدا فيلغ حسن بن علي فأرسل إلى أهله أما إذا كان هذا فلا حاجة لي به ادفنوني في المقبرة إلى جنب أمي فاطمة فدفن في المقبرة إلى جنبها

ص: 377

وعن نوفل بن الفرات نحوه وذكر أبن النجار أن مع الحسن في قبره أبن أخيه زين العابدين ومحمد الباقر بن زين العابدين وجعفر الصادق بن محمد الباقر ويشهد له ما سبق عن المسعودي وللزبير بن بكار عن أبي روق قال حمل الحسن بن علي أبن أبي طالب فدفن بالبقيع وذكر أبن سعد أن يزيد بن معاوية بعث برأس الحسين رضي الله عنه إلى عمرو بن سعيد بن العاص عامله في المدينة فكفنه ودفنه بالبقيع عند قبر أمه فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا بأس السلام على هؤلاء كلهم هناك " العباس بن عبد المطلب " قال أبو غسان قال عبد العزيز أنه دفن عند قبر فاطمة بنت أسد بن هاشم في أول مقابر بني هاشم التي في دار عقيل فيقال أن ذلك المسجد بني قبالة قبره قال وقد سمعت من يقول دفن في موضع من البقيع متوسطا.

ص: 378

" صفية بنت عبد المطلب " قال عبد العزيز دفنت صفية آخر الزقاق الذي يخرج إلى البقيع عند باب دار المغبرة بن شعبة التي أقطعها عثمان لازقا بجدار الدار فبلغني إن الزبير بن العوام رضي الله عنه أجتاز بالمغيرة وهو يبني داره فقال يا مغيرة أرفع مطمرك عن قبر أمي فأدخل المغيرة جداره فالجدار اليوم منحرف بما بين ذلك الموضع وبين باب الدار اه والمعروف اليوم بذلك هو المشهد الآتي خارج باب البقيع.

" أبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب " قال عبد العزيز بلغني إن عقيل بن أبي طالب رأى أبا سفيان بن الحرث يجول بين المقابر فقال يا ابن عم مالي أراك هنا قال أطلب موضع قبر فأدخله داري وأمر بقبر فحفر في قاعتها فقعد عليه أبو سفيان ساعة ثم أنصرف فلم يلبث إلا يومين حتى توفى فدفن فيه وقال أبن قدامة قيل إنه حفر قبره بنفسه قبل موته بثلاثة أيام ودفن في دار عقيل بعد مقدمه من الحج سنة عشرين اه والظاهر إنه بالمشهد المنسوب اليوم لعقيل إذ هو من دار عقيل ولم يذكر

ص: 379

أبن شبة دفن عقيل بها بل ذكر ما سبق عن عبد العزيز بل المنقول إن عقيلا توفي بالشام وأول من ذكر إن ذلك مشهد عقيل أبن النجار قال ومعه في القبر أبن أخيه عبد الله جعفر الطيار بن أبي طالب الجواد المشهور وقد ذكر أبو اليقظان إنه كان أجود العرب وإنه توفى بالمدينة وقال غيره دفن بالأبواء سنة تسعين.

" أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ما عدا خديجة فبمكة وميمونة فبسرف " في الصحيح إن عائشة رضي الله عنها أوصت عبد الله بن الزبير لا تدفن معهم تعني النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه وادفني مع صواحبي بالبقيع ولأبن زبالة عن محمد بن عبيد الله بن علي قال قبور أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من خوخة بيته إلى الزقاق الذي يخرج إلى البقال ولأبن شبة عن زيد بن السائب قال أخبرني جدي قال لما حفر عقيل بن أبي طالب في داره بئر وقع على حجر منقوش مكتوب فيه قبر أم حبيبه

ص: 380

بنت صخر بن حرب أي أم المؤمنين فدفن عقيل البئر وبنى عليه بيتا قال أبن السائب فدخلت ذلك البيت فرأيت فيه ذلك القبر قلت فهو الأصل في زيارتهن بالمشهد المعروف بهن في قبلة مشهد عقيل ولأبن شبة عن محمد بن يحيى سمعت من يذكر أن قبر أم سلمة بالبقيع حيث دفن محمد بن زيد بن علي قريبا من موضع فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنه كان حفر فوجد على ثمانية أذرع حجر مكسور مكتوبا في بعضه أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فبذلك عرف إنه قبرها وعن قائد مولى عبادل قال لي منقذ الحفار في المقبرة قبران مطابقان بالحجارة قبر حسن بن علي وقبر عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فنحن لا نحركهما.

" عثمان أبن عفان أمير المؤمنين رضي الله عنه " نقل أبن شبة إنهم أرادوا دفنه مع النبي صلى الله عليه وسلم وكان قد استوهب من عائشة رضي الله عنها موضع قبر فوهبته له فأبوا يعني المصريين وقالوا والله لا نصلي عليه وأن الزهري قال جاءت أم حبيبه فوقفت على باب المسجد فقالت لتخلن بيني وبين دفن هذا الرجل أو لأكشفنا ستر رسول الله صلى الله عليه وسلم

ص: 381

فخلوها فجاء جبير أبن مطعم وحكيم بن حزام وعبد الله بن الزبير في أخريين فحملوه فانتهوا به إلى البقيع فمنعهم من دفنه أبن بحرة ويقال أبن نجدة الساعدي فأنطلق به إلى حش كوكب وهو بستان فصلى عليه جبير وفي رواية حكيم بن حزام وأدخل بنو أمية حش كوكب في البقيع وهو في أصل الحائط الذي يقال له خضرا أبان وهو أبان بن عثمان وفي طبقات أبن سعد عن مالك بن أبي عامر قال كان الناس يتوقون أن يدفنوا موتاهم في حش كوكب فكان عثمان يقول يوشك أن يهلك رجل صالح فيدفن هنالك فيتأسى به الناس قال فكان عثمان أول من دفن به.

" سعد بن معاذ الأشهلي رضي الله عنه " لابن شبة عن عبد العزيز إنه أصيب في الخندق فدعا فحبس الله عنه الدم حتى حكم في بني قريظة ثم أنفجر كله فمات في منزله في بني عبد الأشهل فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفنه في طرف الزقاق الذي بلزق دار المقداد بن الأسود التي يقال لها دار أبن أفلح في أقصى البقيع عليها جنيدية اه

ص: 382

وهو صادق على المشهد المنسوب اليوم لفاطمة بنت أسد فلعله قبره لما قدمناه في قبرها.

" أبو سعيد الخدري " لابن شبة عن عبد الرحمن بن أبي سعيد قال لي أبي يا بني أني قد كبرت وذهب أصحابي وخادمي فخذ بيدي فأخذت بيده حتى إذا جاء إلى البقيع فجئت أقصى البقيع مكانا لا يدفن فيه فقال يا بني إذا هلكت فحفر لي ها هنا وأسلك بي زقاقا عنقه.

" وأما المشاهد المعروفة اليوم بالمدينة " فمشهد العباس بن عبد المطلب والحسن بن عليّ ومن معهما عليهم قبة شامخة

ص: 383

قال أبن النجار وهي كبيرة عالية قديمة البناء وعليها بابان

ص: 390

قلت وهو يبعد قول المطري بناها الناصر أحمد بن المستضيئ بأنه توفى سنة اثنتين وعشرين وستمائة فقد عاصر أبن النجار وكل من القبرين مرتفع محشي بالصاج وصفائح الصفر والأمر بعمل ذلك على قبر العباس رضي الله عنه المسترشد بالله سنة تسع عشرة وخمسمائة والظاهر إن القبة مقدمة على ذلك وفي غربيها بناء قبة أبن أبي الهيجاء وزير العبيديين وبناء أخر فيه أبن أبي النضر وفي شرقيها حضيرتان في إحداهما الأمير جوبان صاحب الجوبانية وفي الأخرى بعض من نقل من الأعيان ومشهد أمهات المؤمنين في قبلة المشهد المنسوب لعقيل قال أبن النجار وهناك أربعة قبور ظاهرة ولا يعلم تحقيق من فيها منهن قلت وباطن هذا المشهد اليوم كله رحبة ليست فيها علامة قبر وكان حضيرا مبنيا بالحجارة قابلني عليه قبة الأمير بردبك المعمار سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة ثم تشعشعت فأصلحها الشجاعي شاهين الجمالي عام خمس وتسعين وثمانمائة.

ص: 391

" مشهد عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه على ما ذكر أبن النجار وأتباعه " وقد قدمنا ما فيه في قبر أبي سفيان بن الحرث وإنه من دار عقيل وتقدم استجابة الدعاء عند زاوية الدار المذكورة ومشهد قرب مشهد عقيل وأمهات المؤمنين وكان عليه قبة فتهدمت قال أبن جبير وتبعه المجد فيه ثلاثة من أولاد النبي صلى الله عليه وسلم ولم أقف على أصل لما ذكر.

" مشهد سيدنا إبراهيم ابن سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم " وقبره على نعت قبر الحسن والعباس ملصق بجدار المشهد القبلي وقول المجد إنّ محله هو المعروف ببيت الحزن مردود وشامي قبر إبراهيم بهذا المشهد قبران الظاهر أن بناءهما حادث إذ لم يذكره أبن النجار وأتباعه.

ومشهد صفية بنت عبد المطلب عمه رسول الله صلى الله عليه وسلم على يسارك إذا خرجت من باب البقيع وهو بناء من حجارة أرادوا عقد قبة عليه فلم يتفق قاله المطري.

ومشهد أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه عليه قبة عالية أنشأها أسامة

ص: 392

بن سنان أحد أمراء صلاح الدين بن أيوب سنة إحدى وستمائة قاله المطري ويشكل عليه عدم ذكر أبن النجار لها مع إدراكه لذلك ونقل أبو شامة أن الباني لها عز الدين سلمة وبمشهد سيدنا عثمان قبر متولي عمارة القبة وفي غربي المشهد بناء مربع وحظيرتان حدث ذلك كله في زماننا.

ومشهد فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بأقصى البقيع على ما ذكره أبن النجار وسبق ما فيه

ص: 393

والظاهر إنه مشهد سعد بن معاذ لما سبق.

ومشهد الإمام أبي عبد الله مالك بن أنس الأصبحي إذا خرجت من باب البقيع كان مواجها لك عليه قبة صغيرة وإلى جانبه في المشرق والشام قبة لطيفة لم يتعرض لها المطري فمن بعده ويقال إن بها نافعا مولى أبن عمر

ص: 394

واقتضى كلام أبن جبير إن بين مشهد مالك ومشهد سيدنا إبراهيم تربة بها ولد لعمر بن الخطاب يعرف بأبي شحمة جلده أبوه الحدّ فمرض ومات وهو منطبق على هذه القبة.

ومشهد إسماعيل بن جعفر الصادق وهو كبير يقابل مشهد العباس في المغرب وهو ركن السور هناك وبنى قبل السور فصار بابه من داخل المدينة بناه حسين بن أبي الهيجاء وزير العبديين سنة ست وأربعين وخمسمائة وعلي يمين الداخل إلى المشهد بين الباب الأوسط والأخير حجر منقوش فيه وقف الحديقة التي في غربي المشهد عليه من أبن أبي الهيجاء وأن المسجد الذي بطرف الحديقة بجانب المشهد لزين العابدين وإن عرضة المشهد داره وأن البئر التي بين الباب الأول والمشهد بئره وإنه يتداوى بها وقد ذكر أبن شبة في هذا المحل دارا لولد زين العابدين زيد بن علي بن حسين فلعلها دار أبيه ونسبها أبن شبة له الاشتهارها به وبقى بالمدينة ثلاثة مشاهد ليست بالبقيع.

مشهد مالك بن سنان والد أبي سعيد الخدري غربي المدينة بلصق السور لما سيأتي في الفصل بعده من دفنه هناك وعليه قبة قديمة البناء فيها محراب ومحله سوق المدينة القديم.

ص: 395

ومشهد النفس الزكية محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن أبن عليّ بن أبي طالب المقتول أيام أبي جعفر المنصور ومشهده بناء في جوف مسجد كبير شرقي سلع قصدوا بناء قبة عليه فلم يتفق وفي قبلة المسجد منهل من عين الأزرق هذا هو المستفيض بين أهل المدينة وذكره المطري وأتباعه وذكر سبط أبن الجوزي إن كثيرا من الناس كان قد بايعه فخرج على المنصور بعد حبسه لأبيه وأقاربه فجهز إليه المنصور عمه عيسى بن موسى في أربعة آلف وذكر قتله عند أحجار الزيت أي عند مشهد مالك بن سنان وإن جدّه دفن بالبقيع وكان معه ذو الفقار سيف عليّ رضي الله عنه ثم أنتقل إلى الرشيد قيل وبسبب محمد هذا ضرب عيسى بن موسى مالك بن أنس.

ص: 396

ومشهد سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم الآتي ذكره مع شهداء أحد وعليه قبة عالية متقنة وبابه كله مصفح بالحديد بنته أم الخليفة الناصر لدين الله أبي العباس أحمد بن المستضيئ كما قاله أبن النجار وذلك سنة تسعين وخمسمائة بتقديم التاء على السين قال وجعلت على القبر ملبن ساج أي كهيئة قبر سيدنا إبراهيم فإنه غير فيه بمثله وكذا الحسن والعباس وقبر حمزة اليوم محصص ولا خشب عليه وقد أثبت فيه مسن مسجد المصرع الذي بناه أبن أبي الهيجاء كما قدمناه فيه فنزعه الشجاعي شاهين الجمالي وردّه لمحله ثم أعاده بعض الجهال وسيأتي أنه كان على قبر حمزة قديما مسجد ذكره عبد العزيز بن عمران وهو في المائة الثانية فكان أم الخليفة وسعته وجعلته على هذه الهيئة وقد زاد فيه سلطان زماننا الأشرف قايتباي من جهة المغرب زيادة أدخل فيها البئر التي كانت خارجة في غربيه وأتخذ هناك أخلية لمن يريد الطهارة وأوصلها بالسطح نعم نفعه واحتفر بئرا خارجه يرتفق بها المارة وأتخذ لها درجا وذلك سنة ثلاث وتسعين وثمانمائة على يد الشجاعي شاهين الجمالي شيخ الخدام بالحرم الشريف وشاد عمائره والقبر الذي بصحن المشهد عند رجلي سيدنا حمزة قبر سنقر التركي متولي عمارة المشهد والقبر

ص: 397

الذي بصحن المسجد قبر بعض أمراء المدينة من الأشراف فلا يظنّ إنهما من قبور الشهداء وينبغي إن يسلم بالمشهد على عبد الله بن جحش ومصعب بن عمير لما سيأتي.

ص: 398