الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الناس فيما اختلفوا فيه، كما قال تعالي {كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه} البقرة: 213، وهو مثل الحكم بين سائر الأمم بالكتاب فيما اختلفوا فيه من المعاني التي يعبرون عنها بوضعهم وعرفهم، وذلك يحتاج إلي معرفة معاني الكتاب والسنة، ومعرفة معاني هؤلاء بألفاظهم.
ثم اعتبار هذه المعاني بهذه المعاني ليظهر الموافق والمخالف.
وأما قول السائل: فإن قيل بالجواز فما وجهه، وقد فهمنا منه عليه الصلة والسلام النهي عن الكلام في بعض المسائل؟
الرد علي المسألة الثانية
فيقال: قد تقدم الاستفسار والتفصيل في جواب السؤال، وأن ما هو في الحقيقة أصول الدين الذي بعث الله به رسوله، فلا يجوز أن ينهي عنه بحال بخلاف ما سمي أصول الدين وليس هو أصولاً في الحقيقة لا دلائل ولا مسائل، أو هو أصول لدين لم يشرعه الله بل شرعه من شرع من الدين ما لم يأذن به الله.
وأما ما ذكره السائل من نهيه، فالذي جاء به الكتاب والسنة النهي عن أمور:
المسائل التي نهي عنها الكتاب والسنة
منها: القول علي الله بلا علم، كقوله تعالي {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} [الأعراف: 33] ، وقوله {ولا تقف ما ليس لك به علم} [الإسراء: 36] .
ومنها: أن يقال علي الله غير الحق، كقول {ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق} [الأعراف: 169] .
وقوله {لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق} [النساء: 171] .
ومنها: الجدل بغير علم كقوله تعالي {ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم} [آل عمران: 66] .
ومنها: الجدل في الحق بعد ظهوره، كقوله تعالي {يجادلونك في الحق بعد ما تبين} [الأنفال: 6] .
ومنها: الجدل بالباطل، كقوله:{وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق} [غافر: 5] ومنها: الجدل في آياته، كقوله تعالي {ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا} [غافر: 4] ، وقوله {الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا} [غافر: 35] ، وقال تعالى {إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه} [غافر: 56] ، وقوله {ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص} [الشورى: 35] ، ونحو ذلك قوله {والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم} [الشورى: 16] ،
وقوله {وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال} [الرعد: 13]، وقوله {ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير} [الحج: 8] .
ومن الأمور التي نهي الله عنها في كتابه التفرق والاختلاف، كقوله {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا} ـ إلي قوله {ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم * يوم تبيض وجوه وتسود وجوه} [آل عمران: 103ـ 106] قال ابن عباس: تبيض وجوه أهل السنة والجماعة، وتسود وجوه أهل البدعة والفرقة.
وقال تعالي: {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله} ـ إلي قوله {ولا تكونوا من المشركين * من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا} [الروم: 30-32] .
وقد ذم أهل التفرق والاختلاف في مثل قوله تعالي {وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم} [آل عمران: 19] ، وفي مثل
قوله تعالي: {ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم} [هود: 119]، وفي مثل قوله {وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد} [البقرة: 176] .
وكذلك سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم توافق كتاب الله، كالحديث المشهور عنه الذي وري مسلم بعضه عن عبد الله بن عمرو، وسائره معروف في مسند أحمد وغيره، من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، «أن رسول الله صلي الله عليه وسلم خرج على أصحابه وهم يتناظرون في القدر، ورجل يقول: ألم يقل الله كذا؟ ورجل يقول: ألم يقل الله كذا؟ فكأنما فقئ في وجهه حب الرمان، فقال: أبهذا أمرتم؟ إنما هلك من كان قبلكم بهذا، ضربوا كتاب الله بعضه ببعض، وإنما نزل كتاب الله يصدق بعضه بعضاً، لا ليكذب بعضه بعضاً، انظروا ما أمرتم به فافعلوه، وما نهيتم عنه فاجتنبوه» .
هذا
الحديث أو نحوه، وكذلك قوله:«المراء في القرآن كفر» .
وأما أن يكون الكتاب والسنة نهياً عن معرفة المسائل التي تدخل فيما يستحق أن يكون من أصول الدين فهذا لا يجوز، اللهم إلا أن ينهيا عن بعض ذلك في بعض الأحوال، مثل مخاطبة شخص بما يعجز عن فهمه فيضل، كقول عبد الله بن مسعود: ما من رجل يحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان