المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قيل لكم: وهكذا يقول كل من علم مراد الرسول قطعاً: - درء تعارض العقل والنقل - جـ ١

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌القانون الكلي للتوفيق عند المبتدعة

- ‌طريقتا المبتدعة في نصوص الأنبياء. أولاً ـ طريقة التبديل: أهل التبديل نوعان. أهل الوهم والتخييل

- ‌أهل التحريف والتأويل

- ‌لفظ التأويل

- ‌ثانياً ـ طريقة التجهيل

- ‌خلاصة ما سبق

- ‌فصل هدف الكتاب بيان فساد قانونهم الفاسد

- ‌استطراد في الرد على سؤال وجه إلى ابن تيمية وهو في مصر. نص السؤال

- ‌الرد على المسألة الأولى

- ‌أصول الدين: مسائل ودلائل هذه المسائل، المسائل

- ‌دلائل المسائل

- ‌الأدلة علي المعاد في كتاب لله

- ‌تنزيه القرآن لله تعالي عن الشركاء

- ‌أصول المتكلمين ليس هي أصول الدين

- ‌جواز مخاطبة أهل الاصطلاح باصطلاحهم

- ‌الرد علي المسألة الثانية

- ‌المسائل التي نهي عنها الكتاب والسنة

- ‌الرد علي المسألة الثالثة

- ‌الرد على المسألة الرابعة

- ‌الرد علي المسألة الخامسة

- ‌تنازع النظار في الاستطاعة

- ‌تنازعهم في المأمور به الذي علم الله أنه لا يكون

- ‌الرد علي المسألة السادسة

- ‌عودة إلي مناقشة قانون التأويل

- ‌جواب إجمالي

- ‌الجواب التفصيلي من وجوه. الوجه الأول

- ‌الوجه الثاني

- ‌الوجه الثالث. نفي قاعدة أن العقل أصل النقل

- ‌اعتراض: نحن نقدم علي السمع المعقولات التي علمنا بها صحة السمع. الرد عليهم من وجوه. الأول

- ‌الثاني

- ‌الثالث

- ‌الرابع

- ‌الخامس

- ‌السادس

- ‌الأنبياء لم يدعوا إلي طريقة الأعراض

- ‌للمنازعين في هذا الكلام مقامان. للمنازعين فيه مقامان: المقام الأول

- ‌المقام الثاني

- ‌الجواب علي المسلك الأول من وجوه. الأول

- ‌الثاني

- ‌الثالث

- ‌نقض الاستدلال بقصة إبراهيم عليه السلام

- ‌لفظ أحد وواحد

- ‌لفظ الصمد

- ‌لفظ الكفء

- ‌الرابع

- ‌مناقشة قولهم: ما لا يسبق الحوادث فهو حادث

- ‌المعاني المختلفة لحدوث العالم عند النظار

- ‌المعني الأول

- ‌المعنى الثاني

- ‌المعنى الثالث

- ‌الخامس

- ‌الجواب لأهل المقام الثاني من وجوه. الأول

- ‌الثاني

- ‌الثالث

- ‌الرابع

- ‌الخامس

- ‌الوجه الرابع

- ‌الوجه الخامس

- ‌الوجه السادس

- ‌مهمة العقل

- ‌الوجه السابع

- ‌الوجه الثامن

- ‌الوجه التاسع

- ‌معارضة دليلهم بنظير ما قالوه. الوجه العاشر

- ‌تقديم النقل لا يستلزم فساد النقل في نفسه

- ‌اعتراض

- ‌الرد عليه. الجواب الأول

- ‌الجواب الثاني

- ‌اعتراض آخر

- ‌الرد عليه

- ‌المقصودون بالخطاب في هذا الكتاب

- ‌اعتراض: الشهادة بصحة السمع ما لم يعارض العقل

- ‌الرد عليه من وجوه: الأول

- ‌الثاني

- ‌الثالث

- ‌الرابع

- ‌الخامس

- ‌السادس

- ‌السابع

- ‌الوجه الحادي عشر. كثير مما يسمي دليلاً ليس بدليل

- ‌الوجه الثاني عشر. كل ما عارض الشرع من العقليات فالعقل يعلم فساده

- ‌الوجه الثالث عشر. الأمور السمعية التي يقال إن العقل عارضها معلومة من الدين بالضرورة

- ‌العلم بمقاصد الرسول علم ضروري يقيني. الوجه الرابع عشر

- ‌الدليل الشرعي لا يقابل بكونه عقلياً وإنما بكونه بدعياً. الوجه الخامس عشر

- ‌المعارضون ينتهون إلي التأويل أو التفويض وهما باطلان. الوجه السادس عشر

- ‌العقليات المبتدعة بنيت علي أقوال مشتبهة مجملة تشتمل علي حق وباطل. الوجه السابع عشر

- ‌المبتدعة يستعملون ألفاظ الكتاب والسنة واللغة ولكن يقصدون بها معاني أخر

- ‌معني لفظ التوحيد في الكتاب والسنة مخالف لما يقصده المبتدعة

- ‌إما أن نمتنع عن التكلم بالألفاظ المبتدعة. وإما نقبل ما وافق معناه الكتاب والسنة

- ‌الألفاظ نوعان. النوع الأول

- ‌النوع الثاني

- ‌مثال: الكلام على الرؤية

- ‌مثال آخر: كلمة جبر

- ‌مثال ثالث: اللفظ بالقرآن

- ‌معنى الاستواء على العرش

- ‌ما يعارضون به الأدلة الشرعية من العقليات فاسد متناقض. الوجه الثامن عشر

- ‌معنى المركب

- ‌مذهب النفاة في الصفات والرد عليه

- ‌الرد على نفاة الصفات من وجوه. الأول

- ‌الثاني

- ‌الثالث

- ‌وجود الله هل هو ماهيته أو زائد على ماهيته

- ‌رأي ابن تيمية

- ‌كيف نعرف الضلال ونتجنبه

- ‌حجة الأعراض عند المتكلمين

- ‌بطلان استدلال المتكلمين بقصة الخليل على رأيهم

- ‌الوجه الأول

- ‌الوجه الثاني

- ‌الوجه الثالث

- ‌الوجه الرابع

- ‌بطلان الاستدلال بحدوث الحركات والأعراض. الوجه التاسع عشر

- ‌آراء المتكلمين في إرادة الله تعالى

- ‌آراء الفلاسفة

- ‌اعتراض الأرموي على الرازي

- ‌رد ابن تيمة على الأرموي

- ‌المقصود مما تقدم

- ‌مثال في الإجابة على الفلاسفة. الرد على قولهم بقدم العالم. الكلام على امتناع التسلسل

- ‌ملخص الرد على حجة التأثير

- ‌عمدة الفلاسفة في قدم العالم على مقدمتين

- ‌جواز التسلسل

- ‌الترجيح بلا مرجح

- ‌كل ما يحتج به النفاة يدل على نقيض قولهم

- ‌إبطال الأبهري حجة الفلاسفة على قدم العالم

- ‌رد الأبهري على الرازي وتعليق ابن تيمية

الفصل: قيل لكم: وهكذا يقول كل من علم مراد الرسول قطعاً:

قيل لكم: وهكذا يقول كل من علم مراد الرسول قطعاً: يمتنع أن يقوم دليل عقلي يناقضه، وحينئذ فيبقي الكلام: هل قام سمعي قطعي علي مورد النزاع أم لا؟ ويكون دفعكم للأدلة السمعية بهذا القانون باطلاً متناقضاً.

الوجه الثاني: أنه إذا كنتم لا تردون من السمع إلا ما لم تعلموا أن الرسول أرداه، دون ما علمتم أن الرسول أراده، بقي احتجاجكم بكون العقل معارضاً للسمع احتجاجاً باطلاً لا تأثير له.

الثالث: أنكم تدعون في مواضع كثيرة أن الرسول جاء بهذا، وأنا نعلم ذلك اضطراراً، ومنازعوكم يدعون قيام القاطع العقلي علي مناقض ذلك كما في المعاد وغيره، فكذلك يقول منازعوكم في العلو والصفات: إنا نعلم اضطرار مجيء الرسول بهذا، بل هذا أقوي، كما بسط في موضع آخر.

‌السادس

السادس: أن هذا يعارض بأن يقال: دليل العقل مشروط بعدم معارضة الشرع، لأن العقل ضعيف عاجز، والشبهات تعرض له كثيراً، وهذه المتائه والمحارات التي اضطرب فيها العقلاء لا أثق فيها بعقل يخالف الشرع.

ومعلوم أن هذا أولي بالقبول من الأول، بأن يقال ما يقال في:

‌السابع

السابع: وهو: أن العقل لا يكون دليلا مستقلاً في تفاصيل الأمور الإلهية واليوم الآخر، فلا أقبل منه ما يدل عليه إن لم يصدقه الشرع ويوافقه، فإن الشرع

ص: 187

قول المعصوم الذي لا يخطئ ولا يكذب، وخبر الصادق الذي لا يقول إلا حقاً، وأما آراء الرجال فكثيرة التهافت والتناقض، فأنا لا أثق برأيي وعقلي في هذه المطالب العالية الإلهية، ولا بخبر هؤلاء المختلفين المتناقضين الذين كل منهم يقول بعقله ما يعلم العقلاء أنه باطل، فما من هؤلاء أحد إلا وقد علمت أنه يقول بعقله ما يعلم أنه باطل، بخلاف الرسل، فإنهم معصومون، فأنا لا أقبل قول هؤلاء إن لم يزك قولهم ذلك المعصوم: خبر الصادق المصدوق.

ومعلوم أن هذا الكلام أولي بالصواب، وأليق بأولي الألباب، من معارضة أخبار الرسول، الذي علموا صدقه وأنه لا يقول إلا حقاً، بما يعرض لهم من الآراء والمعقولات، التي هي في الغالب جهليات وضلالات.

فإنا في هذا المقام نتكلم معهم بطريق التنزل إليهم، كما نتنزل إلي اليهودي والنصراني في مناظرته، وإن كنا عالمين ببطلان ما يقوله، اتباعاً لقوله تعالي {وجادلهم بالتي هي أحسن} [النحل: 125] ، وقوله {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن} [العنكبوت: 46] .

وإلا فعلمنا ببطلان ما يعارضون به القرآن والرسول، ويصدون به أهل الإيمان عن سواء السبيل ـ وإن جعلوه من المعقول بالبرهان ـ أعظم من أن يبسط في هذا المكان.

وقد تبين بذلك أنه لا يمكن أن يكون تصديق الرسول فيما أخبر به معلقاً بشرط، ولا موقوفاً علي انتفاء مانع، بل لا بد من تصديقه في كل ما أخبر به

ص: 188

تصديقاً جازماً، كما في أصل الإيمان به، فلو قال الرجل: أنا أؤمن به إن أذن لي أبي أو شيخي، أو: إلا أن ينهاني أبي أو شيخي ـلم يكن مؤمناً به بالاتفاق، وكذلك من قال: أؤمن به إن ظهر لي صدقه، لم يكن بعد قد آمن به، ولو قال: أؤمن به إلا أن يظهر لي كذبه، لم يكن مؤمنا.

وحينئذ فلا بد من الجزم بأنه يمتنع أن يعارض خبره دليل قطعي: لا سمعي ولا عقلي، وأن ما يظنه الناس مخالفاً له إما أن يكون باطلاً، وإما أن يكون مخالفاً، وأما تقدير قول مخالف لقوله وتقديمه عليه: فهذا فاسد في العقل، كما هو كفر في الشرع.

ولهذا كان من المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام أنه يجب علي الخلق الإيمان بالرسول إيماناً مطلقاً جازماً عاماً: بتصديقه في كل ما أخبر، وطاعته في كل ما أوجب وأمر، وأن كل ما عارض ذلك فهو باطل، وأن من قال: يجب تصديق ما أدركته بعقلي، ورد ما جاء به الرسول لرأيي وعقلي، وتقديم عقلي علي ما أخبر به الرسول، مع تصديقي بأن الرسول صادق فيما أخبر به، فهو متناقض، فاسد العقل، ملحد في الشرع.

وأما من قال: لا أصدق ما أخبر به حتى أعلمه بعقلي، فكفره ظاهر، وهو ممن قيل فيه {وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله

ص: 189

الله أعلم حيث يجعل رسالته} [الأنعام: 124]، وقوله تعالى {فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون * فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين * فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا} [غافر: 82-85] .

ومن عارض ما جاءت به الرسل برأيه فله نصيب من قوله تعالى {كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب} [غافر: 34] وقوله تعالى {الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار} [غافر: 35] وقوله تعالى {الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه} [غافر: 56] والسلطان: هو الكتاب المنزل من السماء، فكل من عارض كتاب الله المنزل بغير كتاب الله الذي قد يكون ناسخاً له أو مفسراً له، كان قد جادل في آيات الله بغير سلطان أتاه.

ومن هذا قوله تعالى {وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب} [غافر: 5]، وقوله تعالى {وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق واتخذوا آياتي وما أنذروا هزوا} [الكهف: 56] وأمثال ذلك مما في كتاب الله تعالي مما يذم به الذين عارضوا رسل الله وكتبه بما عندهم من الرأي والكلام.

ص: 190

والبدع مشتقة من الكفر، فمن عارض الكتاب والسنة بآراء الرجال كان قوله مشتقاً من أقوال هؤلاء الضلال، كما قال مالك: أو كلما جاءنا رجل أجدل من رجل تركنا ما جاء به جبريل إلي محمد صلي الله عليه وسلم لجدل هذا؟

فإن قيل: هذا الوجه غايته أنه لا تصح معارضة الشرع بالعقل، ولكن إذا طعن في العقل لم يبق لنا دليل علي صحة الشرع.

قيل: المقصود في هذا المقام أنه يمتنع تقديم العقل علي الشرع، وهو المطلوب.

وأما ثبوت الشرع في نفسه وعلمنا به، فليس هذا مقام إثباته، ونحن لم ندع أن أدلة العقل باطلة، ولا أن ما به يعلم صحة السمع باطل، ولكن ذكرنا أنه يمتنع معارضة الشرع بالعقل وتقدميه عليه، وأن من قال ذلك تناقض قوله، ولزمه أن لا يكون العقل دليلاً صحيحاً، إذ كان عنده العقل يستلزم صحة ما هو باطل في نفسه، فلا بد أن يضطره الأمر إلي أن يقول: ما عارضه الدليل العقلي فليس هو عندي دليلا في نفس الأمر، به هو باطل، فيقال له: وهكذا ما عارضه الدليل السمعي فليس هو دليلاً في نفس الأمر، بل هو باطل، وحينئذ فيرجع الأمر إلي أن ينظر في دلالة الدليل، سواء كان سمعيا أو عقلياً، فإن كان دليلاً قطعياً لم يجز أن يعارضه شيء، وهذا هو الحق.

وأيضاً، فقد ذكرنا أن مسمي الدليل العقلي ـ عند من يطلق هذا اللفظ ـ جنس تحته أنواع، فمنها ما هو حق ومنها ما هو باطل باتفاق العقلاء، فإن الناس متفقون علي أن كثيراً من الناس يدخلون في مسمي هذا الاسم ما هو حق وباطل.

ص: 191