الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما يعارضون به الأدلة الشرعية من العقليات فاسد متناقض. الوجه الثامن عشر
ما يعارضون به الأدلة الشرعية من العقليات فاسد متناقض.
الوجه الثامن عشر
أن يقال: ما يعارضون به الأدلة الشرعية من العقليات في أمر التوحيد والنبوة والمعاد قد بينا فساده في غير هذا الموضع وتناقضه، وأن معتقد صحته من أجهل الناس وأضلهم في العقل، كما بينا انتهاءهم في نفي الصفات والأفعال إلى حجة التركيب والتشبيه والاختصاص، وانتهاءهم في جحد القدر إلى تعارض الأمر والمشيئة، وانتهاءهم في مسألة حدوث العالم والمعاد إلى إنكار الأفعال.
وبينا أن ما يذكرونه على النفي ألفاظ مجملة مشتبهة تتناول حقاً وباطلاً، كقولهم: إن الرب تعالى لو كان موصوفاً بالصفات من العلم والقدرة وغيرها مباينا للمخلوقات لكان مركباً من ذات وصفات، ولكان مشاركاً لغيره في الوجود وغيره، ومفارقاً له في الوجوب وغيره، فيكون مركبا مما به الاشتراك والامتياز، ولكان له حقيقة غير مطلق الوجود، فيكون مركباً من وجود وماهية، ولكان جيماً مركباً من الجواهر الفردة، أو من المادة والصورة، والمركب مفتقر إلى جزئه، والمفتقر إلى جزئه لا يكون واجباً بنفسه.
معنى المركب
وقد بينا فساد هذا الكلام بوجوه كثيرة يضيق عنها هذا الموضع، فإن مدار هذه الحجة على ألفاظ مجملة، فإن المركب يراد به ما ركبه غيره، وما كان مفترقاً فاجتمع، كأجزاء الثوب والطعام والأدوية من السكنجبين وغيره، وهذا هو المركب في لغة العرب وسائر الأمم.
وقد يراد بالمركب ما يمكن تفريق بعضه عن بعض، ومعلوم أن الله تعالى منزه عن جميع هذه التركيبات.
ويراد بالمركب في عرفهم الخاص ما تميز منه شيء، كتميز العلم عن القدرة، وتميز ما يرى ونحو ذلك، وتسمية هذا المعنى تركيباً وضع وضعوه ليس وافقا للغة العرب، ولا لغة أحد من الأمم، وإن كان هذا مركبا فكل ما في الوجود مركب، فإنه ما من موجود إلا ولا بد أن يعلم منه شيء دون شيء، والمعلوم ليس الذي هو غير معلوم.
وقولهم: إنه مفتقر إلى جزئه تلبيس، فإن الموصوف بالصفات اللازمة له يمتنع أن تفارقه أو يفاقها، وليست له حقيقة غير الذات الموصوفة حتى يقال: إن تلك الحقيقة مفتقرة إلى غيرها، والصفة اللازمة يسميها بعض الناس غير الموصوف، وبعض الناس يقول: ليست غير الموصوف.
ومن الناس من لا يطلق عليها لفظ المغايرة بنفي ولا إثبات حتى يفصل ويقول إن أريد بالغيرين ما جاز العلم بأحدهما دون الآخر فهي غير، وإن أريد بهما ما جاز مفارقة أحدهما للآخر بزمان أو مكان أو فليست بغير، فإن لم يقل: هي غير الموصوف لم يكن هناك غير لازم للذات، فضلا عن أن تكون مفتقرة إله، وإن قيل: هي غيره فهي والذات متلازمان لا توجد إحداهما إلا مع الأخرى، ومثل هذا التلازم بين الشيئين يقتضي كون وجود أحدهما مشروطا بالآخر، وهذا ليس بممتنع، وإنما الممتنع أن يكون يقتضي كون وجود أحدهما إلا مع الأخر، وهذا ليس بممتنع، وإنما الممتنع أن يكون كل من الشيئين موجبا للآخر، فالدور في العلل ممتنع، والدور في "الشروط جائز.