الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوجه الثالث عشر. الأمور السمعية التي يقال إن العقل عارضها معلومة من الدين بالضرورة
الوجه الثالث عشر.
الأمور السمعية التي يقال إن العقل عارضها معلومة من الدين بالضرورة
أن يقال: الأمور السمعية التي يقال: إن العقل عارضها كإثبات الصفات والمعاد ونحو ذلك، هي مما علم بالاضطرار أن الرسول صلي الله عليه وسلم جاء بها، وما كان معلوما بالاضطرار من دين الإسلام امتنع أن يكون باطلاً، مع كون الرسول رسول الله حقاً، فمن قدح في ذلك وادعي أن الرسول لم يجيء به، كان قوله معلوم الفساد بالضرورة من دين المسلمين.
العلم بمقاصد الرسول علم ضروري يقيني. الوجه الرابع عشر
العلم بمقاصد الرسول علم ضروري يقيني.
الوجه الرابع عشر
أن يقال: إن أهل العناية بعلم الرسول، العلمين بالقرآن، وتفسير الرسول صلي الله عليه وسلم، والصحابة والتابعين لهم بإحسان، والعلمين بأخبار الرسول والصحابة والتابعين لهم بإحسان، عندهم من العلوم الضرورية بمقاصد الرسول ومراده ما لا يمكنهم دفعه عن قلوبهم، ولهذا كانوا كلهم متفقين علي ذلك من غير تواطؤ ولا تشاعر، كما اتفق أهل الإسلام علي نقل حروف القرآن، ونقل الصلوات الخمس والقبلة، وصيام شهر رمضان، وإذا كانوا قد نقلوا مقاصده ومراده عنه بالتواتر، كان ذلك كنقلهم حروفه وألفاظه بالتواتر.
ومعلوم أن النقل المتواتر يفيد العلم اليقيني، سواء كان التواتر لفظياً أو معنوياً، كتواتر شجاعة خالد وشعر حسان وتحديث أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم، وفقه الأئمة الأربعة، وعدل العمرين، ومغازي النبي صلي الله عليه وسلم مع
المشركين وقتاله أهل الكتاب، وعدل كسري، وطب جالينوس، ونحو سيبويه، يبين هذا أن أهل العلم والإيمان يعلمون من مراد الله ورسوله بكلامه أعظم مما يعلمه الأطباء من كلام جالينوس، والنحاة من كلام سيبويه، فإذا كان من ادعي في كلام سيبونه وجالينوس ونحوهما ما يخالف ما عليه أهل العلم بالطب والنحو والحساب من كلامهم كان قوله معلوم البطلان، فمن ادعي في كلام الله ورسوله خلاف ما عليه أهل الإيمان كان قوله أظهر بطلاناً وفساداً، لأن هذا معصوم محفوظ.
وجماع هذا: أن يعلم أن المنقول عن الرسول صلي الله عليه وسلم شيئان: ألفاظه وأفعاله، ومعاني ألفاظه ومقاصده بأفعاله، وكلاهما منه ما هو متواتر عند العامة والخاصة، ومنه ما هو متواتر عند الخاصة، ومنه ما يختص بعلمه بعض الناس، وإن كان عند غيره مجهولاً أو مظنوناً مكذوباً، وأهل العلم بأقواله كأهل العلم بالحديث والتفسير المنقول والمغازي والفقه يتواتر عندهم من ذلك ما لا يتواتر عند غيرهم ممن لم يشركهم في علمهم، وكذلك أهل العلم بمعاني القرآن والحديث والفقه في ذلك يتواتر عندهم من ذلك ما لا يتواتر عند غيرهم من معاني الأقوال والأفعال المأخوذة عن الرسول، كما يتواتر عند النحاة من أقوال الخليل
وسيبويه والكسائي والفراء وغيرهم ما لا يعلمه غيرهم، ويتواتر عند الأطباء من معاني أقوال أبقراط وجالينوس وغيرهما ما لا يتواتر عن غيرهم، ويتواتر عند كل أحد من أصحاب مالك والشافعي والثوري والأوزعي وأحمد وأبي داود وأبي ثور وغيرهم من مذاهب هؤلاء الأئمة ما لا يعلمه غيرهم، ويتواتر عند أتباع رؤوس أهل الكلام والفلسفة من أقوالهم ما لا يعلمه غيرهم، ويتواتر عند أهل العلم بنقله الحديث من أقوال شعبة ويحيى بن سعيد وعلي بن المديني ويحيى بن معين وأحمد بن حنبل وأبي زرعة وأبي حاتم والبخاري وأمثالهم في الجرح والتعديل ما لا يعلمه غيرهم، بحيث يعلمون بالاضطرار اتفاقهم علي تعديل مالك والثوري وشعبة