الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الممتنع عند أهل الإسلام أن يكون عليه السلام يغفل أن يبين للناس ما لا يصح لأحد الإسلام إلا به، ثم يتفق على إغفال ذلك أو تعمد ترك ذكره جميع أهل الإسلام، ويبينه هؤلاء الأشقياء، ومن ظن أنه وقع من الدين على ما لا يقع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كافر بلا خلاف.
فصح أن هذه المقالة خرق للإجماع، وخلاف لله ولرسوله، ولجميع أهل الإسلام قاطبة) .
تعليق ابن تيمية
قلت: قبول الإسلام الظاهر يجري على صاحبه أحكام الإسلام الظاهرة: مثل عصمة الدم، والمال، والمناكحة، والموروثة، ونحو ذلك.
وهذا يكفي فيه مجرد الإقرار الظاهر، وإن لم يعلم ما في باطن الإنسان.
كما قال صلى الله عليه وسلم: «فإذا قالوها عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله» .
وقال: «إني لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أن أشق بطونهم» .
ولهذا يقاتل الكافر حتى يسلم أو يعطي الجزية، فيكون مكرهاً على أحد الأمرين.
ومن قال: لا تؤخذ الجزية من وثني قال: إنه يقاتل حتى يسلم.
وأما الإيمان الباطن الذي ينجي من عذاب الله في الآخرة، فلا يكفي فيه مجرد الإقرار الظاهر، بل قد يكون الرجل مع إسلامه الظاهر منافقاً، وقد كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم منافقون، وقد ذكرهم الله تعالى في القرآن في غير هذا موضع، وميز سبحانه بين المؤمنين والمنافقين في غير موضع.
وقال تعالى: {قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم
من أعمالكم شيئا إن الله غفور رحيم * إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون} .
وهؤلاء قد قالت طائفة: إنهم أسلموا ظاهراً مع كونهم منافقين.
وقال الأكثرون: بل كانوا مسلمين غير منافقين ولا واصلين إلا حقيقة الإيمان، فإنه قد قال فيهم:{وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئاً إن الله غفور رحيم} .
والمنافق عمله حابط لا يتقبله الله، ومن هذا الباب قوله صلى الله عليه وسلم:«لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولايسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن» وغير ذلك من الأحاديث التي تكلم عليها في غير هذا الموضع، فإن مسألة الإيمان والكفر والنفاق متعلقة بمسألة أول الواجبات، ووجوب النظر، بالفاسق الملي، وتكفير أهل البدع، وغير ذلك من المسائل التي تكلم عليها الناس.