الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بيدي} [ص 75] ، وأن له عينين بلا كيف، كما قال:{تجري بأعيننا} [القمر: 15] ، إلى أن قال
(ونعول فيما اختلفنا فيه على كتاب الله، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، إجماع المسلمين، وما كان في معناه، ولا نبتدع في دين الله بدعة لم يأذن الله بها، ولا نقول على الله ما لا نعلم، ونقول إن الله يجيء يوم القيامة، كما قال:{وجاء ربك والملك صفا صفا} [الفجر: 22]، وأن الله يقرب من عباده كيف يشاء كما قال:{ونحن أقرب إليه من حبل الوريد} [ق: 16]، وكما قال:{ثم دنا فتدلى * فكان قاب قوسين أو أدنى} [النجم: 8-9] .
تعليق ابن تيمية
فهذا الكلام وأمثاله في كتبه وكتب أئمة أصحابه: يبينون أنهم يعتصمون في مسائل الأصول التي تنازع فيها الناس بالكتب والسنة والإجماع، وأن دينهم التمسك بالكتاب والسنة، وما روي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث ثم خصوا الإمام أحمد بالاتباع والموافقة، لما أظهر من السنة بسبب ما وقع له من المحنة.
فأين هذا من قول من لا يجعل الكتاب والسنة والإجماع طريقاً إلى معرفة صفات الله، وأمثال ذلك من مسائل الأصول؟ فضلاً عمن يدعي تقديم عقله ورأيه على مدلول الكتاب والسنة، وما كان عليه سلف الأئمة، ومن يقول: إذا تعارض القرآن وعقولنا قدمنا عقولنا على القرآن.
ولهذا كان الأشعري وأئمة الصحابة من المثبتين لعلو الله بذاته على العالم، كما كان ذلك مذهب ابن كلاب، والحارث المحاسبي وأبي العباس القلانسي، وأبي بكر الصبغي، وأبي علي الثقفي وأمثالهم.
لكن للبقايا التي بقيت على ابن كلاب وأتباعه من بقايا التهجم والاعتزال، كطريقة حدوث الأعراض وتركيب الأجسام، احتاج من سلك طريقهم إلى طرد تلك الأقوال، فاحتاج أن يلتزم قول الجهمية والمعتزلة في نفي الصفات الخبرية، ويقدم عقله على النصوص الإلهية، ويخالف سلفه والأئمة الأشعرية، وصار ما مدح به الأشعري وأئمة الصحابة من السنة والمتابعة النبوية عنده من أقوال المجسمة الحشوية، كما أن المعتزلة لما نصروا الإسلام في مواطن كثيرة، وردوا على الكفار بحجج عقلية، لم يكن أصل دينهم تكذيب الرسول، ورد أخباره ونصوصه، لكن احتجوا بحجج عقلية: إما ابتدعوها من تلقاء أنفسهم وإما تلقوها عمن احتج بها من غير أهل الإسلام، فاحتجوا أن يطردوا أصول أقوالهم التي احتجوا بها وتسلم عن النقص والفساد، فوقعوا في أنواع من رد المعاني الأخبار الإلهية، وتكذيب الأحاديث النبوية.
وأصل ما أوقعهم في نفي الصفات والكلام والأفعال، والقول بخلق القرآن، وإنكار الرؤية، والعلو لله على خلقه - هي طريقة حدوث الأعراض وتركيب الأجسام، وعنها لومهم ما خالفوا به الكتاب والسنة والإجماع في هذا المقام، مع مخالفتهم للمعقولات الصريحة التي لا تحتمل