الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإذا كان كذلك تبين أن العلم بصدق الرسول صلى الله عليه وسلم ليس موقوفا على شيء من المقدمات المناقضة لإثبات الصفات الخبرية والرؤية والعلو على العرش ونحو ذلك مما دل عليه السمع، وهو المطلوب.
فصل
ومما يوضح ذلك أن هذه الطرق المبتدعة في الإسلام في إثبات الصانع، التي أحدثها المعتزلة والجهمية، وتبعهم عليها من وافقهم من الأشعرية، وغيرهم من أصحاب الأئمة الأربعة وغيرهم، قد طعن فيها جمهور العقلاء، فكما طعن فيها السلف والأئمة وأتباعهم، وذموا أهل الكلام بها، كذلك طعن في حذاق الفلاسفة وبينوا أن الطرق التي دل عليها القرآن العزيز أصح منها، وإن كان أولئك المعتزلة والأشعرية أقرب إلى الإسلام من هؤلاء الفلاسفة من وجه آخر.
كلام ابن عساكر في تبيين كذب المفتري عن ذم الأئمة لأهل الكلام
فأما ذم السلف والأئمة لهذا الكلام فمشهور كثير.
وقد قال أبو القاسم بن عساكر في كتابه المعروف بـ تبيين كذب المفتري فيما ينسب إلى الأشعري: فإن قيل: (غاية ما تمدحون به أبا الحسن أن تثبتوا أنه
متكلم، وتدلونا على أنه بالمعرفة برسوم الجدل متوسم، ولا فخر في ذلك عند العلماء من ذوي التسنن والاتباع، لأنهم يرون أن من تشاغل بذلك من أهل الابتداع، فقد حفظ عن غير واحد من علماء الإسلام عيب المتكلمين، وذم أهل الكلام، ولو لم يذمهم غير الشافعي لكفى، فإنه قد بالغ في ذمهم وأوضح حالهم وشفى، وأنتم تنتسبون إلى مذاهبه، فهلا اقتديتم في ذلك به) .
ثم روى ابن عساكر بإسناده عن الفريابي، حدثني بشر ابن الوليد سمعت أبا يوسف يقول: من طلب الدين بالكلام تزندق، ومن طلب غريب الحديث كذب، ومن طلب المال بالكيمياء أفلس.
قال البيهقي، وروي هذا أيضا عن مالك بن أنس، وقال: قال البيهقي: وإنما يريد - والله أعلم - بالكلام
كلام أهل البدع، فإن في عصرهما إنما كان يعرف بالكلام أهل البدع، فأما أهل السنة فقلما كانوا يخوضون في الكلام حتى اضطروا إليه بعد) .
قال ابن عساكر: (وأما قول الشافعي: فأخبرنا فلان - وذكر من كتاب مناقب الشافعي لـ عبد الرحمن بن أبي حاتم: ثنا يونس بن عبد الأعلى، سمعت الشافعي يقول: لأن يبتلي المرء بكل ما نهى الله عنه - سوى الشرك - خير له من الكلام، ولقد اطلعت من أهل الكلام على شيء ما ظننت أن مسلما يقول ذلك.
قال ابن أبي حاتم ثنا أحمد بن أصرم المزني قال: قال أبو ثور: سمعت الشافعي يقول: ما تردى أحد بالكلام فأفلح.
وقال ابن أبي حاتم: ثنا الربيع، قال رأيت الشافعي وهو نازل من الدرجة وقوم في المجلس يتكلمون بشيء من الكلام.
فصاح فقال: إما أن تجاورونا بخير، وإما أن تقوموا عنا) .
وروي أيضا (عن ابن عبد الحكم: سمعت الشافعي يقول: لو علم الناس ما في الكلام في الأهواء لفروا منه كما يفر من الأسد) .
قال ابن عساكر: (فإنما عنى الشافعي الكلام البدعي المخالف عند اعتباره للدليل الشرعي) .
قال: (وقد بين زكريا بن يحيى الساجي في روايته هذه الحكاية عن الربيع أنه أراد بالنهي عن الكلام قوما تكلموا في القدر، ولذلك حكم بالتبديع، ويدل عليه ما أخبرنا فلان) .
وروى بإسناده (عن محمد بن إسحاق بن خزيمة: سمعت يونس بن عبد الأعلى: يقول: جئت الشافعي بعد ما كلم حفصا الفرد، فقال: غبت عنا يا