الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجواز طريان الاجتماع والافتراق عليها، أو تبدل بعضها ببعض، وهي بذاتها لا تجتمع ولا تفترق، لأن حكم الذات ل يتبدل، فلا بد إذاً من جامع فارق) .
قال: (وقد أخذ الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني هذه الطريقة فكساها عبارة أخرى) .
تعليق ابن تيمية
قلت: هذه الطريقة: إنما أراد بها امتناع قدم جميع الجواهر، فهي مبنية على إثبات الجوهر الفرد، حتى يمكن أن يفرض إمكان اجتماع الجواهر وافتراقها، وإلا فإذا قيل: إن من الأجسام ما هو واحد في نفسه، أو كل جسم متشابه فهو واحد في نفسه، أو قيل: إنه مركب من المادة والصورة - لم يلزم الافتراق فيما هو واحد في نفسه، ولا يسلم المنازع إمكان افتراق كل جسم، فيمنع قوله:
(لا يخلو من اجتماع وافتراق، وجواز طريان الاجتماع والافتراق) بل ويمكن مع هذا أن يقال: هي مركبة من الجواهر، ويمنع قبول كل منهما للافتراق، لكن يبنيه على أن الجواهر متماثلة، فما جاز على أحدهما جاز على الآخر.
ولا ريب أن تماثل الجواهر والأجسام: إن سلمه المنازع، كان القول بحدوث الأجسام كلها ظاهراً، فإن منها ما هو حادث قطعاً، فيكون جميعها قابلاً للحدوث، وما قبل الحدوث لم يكن بنفسه موجوداً، فلا بد له من صانع، وهو الذي سماه جامعاً فارقاً.
لكن هم يقولون: إن الحادث المعلوم حدوثه هو الأعراض، وحينئذ فلا يكون في الجواهر ما يعلم حدوثه إلا بالدليل، وإن أراد به امتناع قدم بعض الجواهر، فهذا لا ينازعه فيه من يقول: إن الأعيان المحدثة جواهر، وهم اكثر العقلاء، فإنه من المعلوم بالاضطرار حدوث ما يشهد حدوثه من الحيوان والنبات والمعدن، لكن من يقول بأن الأجسام مركبة من جواهر، قد يقول: إن المحدث تأليف وتركيب، وهي أعراض.
وأما جمهور العقلاء فيقولون: إن المحدث المشهود جواهر قائمة بأنفسها.
فالمقصود أن من قال: الأجسام مركبة من الجواهر المنفردة، فهذه الحجة توجب أنه لا بد لذلك التركيب من مركب.
وكلام الأشعري - الذي ذكره الشهرستاني - مبني على هذه الأصل، ومن نازع في ذلك لم يفده شيئاً.