الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في قبر، ثم لم تطب نفسي أن أتركه مع الآخر فاستخرجته بعد ستة أشهر، فإذا هو كيوم وضعته هنية غير أذنه.
وذكره أبو داود في [سننه] في (باب تحويل الميت من موضعه للأمر يحدث) ، والنسائي في [المجتبى] في (باب إخراج الميت من القبر بعد أن يدفن فيه) ، وابن سعد في [طبقاته] ، وأورده المجد ابن تيمية في [المنتقى] في (باب ما جاء في الميت ينقل أو ينبش لغرض صحيح) .
ذكر بعض من
أقوال أهل العلم في حكم تحويل الميت من قبره إلى آخر لغرض صحيح:
ذكر أبو يعلى في [الأحكام السلطانية] عن الإمام أحمد في رواية أبي طالب في الميت يخرج من قبره إلى غيره (إن كان من شيء يؤذيه، قد حول طلحة) وفي رواية المروذي في قوم دفنوا في بساتين، ومواضع ردية فقال: قد نبش معاذ امرأته، وكانت قد كفنت في خلقان، فكفنها ولم ير بأسا أن يحولها.
وجاء في الجزء الرابع والعشرين (ص 303) من [فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية] : لا ينبش الميت من قبره إلا لحاجة، مثل: أن يكون المدفن الأول فيه ما يؤذي الميت فينقل إلى غيره، كما نقل بعض الصحابة في مثل ذلك.
وقال الحطاب في [مواهب الجليل على مختصر خليل]، على قول خليل:(والقبر حبس، لا يمشى عليه، ولا ينبش إلا أن يشح رب كفن غصبه) . قال الحطاب: وكذلك إذا احتيج للمقبرة لمصالح المسلمين كما فعل سيدنا معاوية رضي الله عنه في شهداء أحد، عن جابر رضي الله عنه
وذكر الأثر، وقال المواق في كتابه [التاج والإكليل على مختصر خليل] : انظر في حديث لمالك عن أبي الرجال من التمهيد أنه يجوز النبش لعذر وأن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أخرج أباه من قبره ودفنه بغير ذلك الموضع وكذلك فعل معاوية بمحضر الصحابة ولم ينكروه عليه. اهـ. .
ثم نقل المواق عن ابن عرفة أن معاوية رضي الله عنه إنما فعل ذلك لمصلحة عامة حاجية، كبيع الحبس لتوسيع جامع الخطبة. اهـ.
وقال الباجي في [المنتقى على الموطأ]- في معرض كلامه على رواية مالك: حفر السيل قبر عبد الله بن عمرو بن حرام وعمرو بن الجموح: ولا بأس بحفر القبر وإخراج الميت منه، إن كان ذلك لوجه مصلحة، ولم يكن في ذلك إضرار، وليس من هذا الباب نبش القبور، فإن ذلك لوجه الضرر أو لغير منفعة. اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في [الفتح] : في حديث جابر دلالة على جواز الإخراج لأمر يتعلق بالحي، لأنه لا ضرر على الميت في دفن ميت آخر معه وقد بين ذلك جابر بقوله: فلم تطب نفسي، وذكر الحافظ أن ترجمة البخاري لأحاديث جابر التي ذكرها بقوله:(باب هل يخرج الميت من القبر واللحد لعلة؟) إشارة منه إلى الرد على من منع إخراج الميت من قبره مطلقا، أو لسبب دون سبب، كمن خص الجواز بما لو دفن بغير غسل أو بغير صلاة. اهـ.
وقال العيني في [عمدة القاري] على ترجمة البخاري المشار إليها: وفي الحديث الثاني والثالث- يعني: الروايتين اللتين ذكرهما عن جابر - إخراجه أيضا لعلة، وهي: تطييب قلب جابر. ثم قرر العيني: أن الإخراج لذلك إخراج لمصلحة الحي.
وقال صاحب [عون المعبود] في شرحه لحديث جابر عند أبي داود: فيه دلالة على جواز الإخراج لأمر متعلق بالحي؛ لأنه لا ضرر على الميت في دفن ميت آخر معه وقد بين ذلك جابر بقوله: (فكان في نفسي من ذلك حاجة) .
وقال البغوي في [شرح السنة] بعد تحريمه نبش قبور المسلمين لغير حاجة قال: فإن وقعت الحاجة فقد روي عن جابر قال: دفن مع أبي رجل وكان في نفسي من ذلك حاجة فأخرجته بعد ستة أشهر.
وقال في موضع آخر: ويكره نقل الميت من بلد إلى بلد آخر وأن ينقل عن مكانه بعدما دفن لغير حاجة ثم أورد قصة تحويل جابر أباه من قبره إلى مكان آخر دليلا على جواز التحويل إذا كان ثم حاجة.
ومما تقدم يتضح: أن القائلين بالمنع من نبش قبور الموتى قد عللوا ذلك: بأن قبر الميت حبس عليه ومنزل له وأن في نبشه إهانة وامتهانا له واعتداء عليه وعلى حقه، إذ يبعد نبشه قبل بلاه دون كسر عظم أو أكثر من عظامه، وقد ورد النهي عن كسر عظم الميت، وإنه ككسر عظمه حيا، كما يظهر تقدم من أهم مبررات القول ينبش قبر الميت لحاجة تتلخص فيما تعود مصلحته على الميت، كما هو الحال في تحويل قبر طلحة ونبش معاذ زوجته من قبرها، أو على الحي، كتحويل جابر لأبيه من قبره إلى مكان
آخر، أو على المصلحة العامة، كنبش قبور شهداء أحد ممن مر بهم مجرى العين التي أمر بها معاوية.
وبعد فيبقى النظر فيما يأتي:
1 -
هل أمر معاوية- على فرض ثبوته- بإجراء العين على قبور شهداء أحد وتنفيذ ذلك بمحضر من الصحابة يصلح أن يكون سندا في جواز نبش القبور للمصلحة العامة مع قول أبي سعيد في رواية عبد الرزاق حينما أصابت المسحاة رجل رجل من الشهداء: لا ينكر بعد هذا منكرا أبدا.
ومع ما تشعر به كتابة عامل معاوية إليه من أنه لا يتمكن من إجراء العين إلا على قبور الشهداء من أن المعهود لدى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم استنكار نبش القبور.
2 -
هل تحويل جابر لوالده عن قبره إلى مكان آخر؛ ليطيب خاطره يصلح أن يكون مستندا في نقل الميت من قبره لمصلحة الحي، لا سيما أن فعله معارض بأن والده دفن مع عمرو بن الجموح في قبر واحد بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على مرأى منه؟
3 -
هل من المتعين توسعة شارع الملك فيصل بنبش جزء من هذه المقبرة أم يمكن الاستغناء عن التوسعة بأمر آخر؟
4 -
النظر في تطبيق ما صح لدى أصحاب الفضيلة أعضاء هيئة كبار العلماء من ذلك على مسألتنا هذه.
وقبل أن تختم اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بحثها هذا توصي بتزويد كل عضو من أعضاء هيئة كبار العلماء بما يأتي:
1) صورة من فتوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله الصادرة
عنه بتاريخ 10\ 2\ 1376 هـ.
2) صورة من فتوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله عدد (1022\ ط) في 10\ 5\ 1388 هـ، بخصوص: منع وزارة المواصلات من أن تمر خط المدينة تبوك بمقبرتين من مقابر تلك الجهات.
3) صورة فتوى من سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله بعدد (2881\ 1) في 20\9\ 1388 هـ، بخصوص: القبور التي تعرض لها مشروع الري والصرف في الأحساء.
4) صورة من قرار اللجنة التي كلفت من قبل سمو نائب وزير الداخلية للكشف على الجزء الذي يستفتى في اقتطاعه من المقبرة الواقعة شرق شارع الملك فيصل؛ توسعة للشارع المذكور.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
عضو
…
نائب الرئيس
…
الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع
…
عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان
…
عبد الرزاق عفيفي
…
إبراهيم بن محمد آل الشيخ