الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانيا: أن يطمئن إلى أن هذا المبلغ موجود في مكان أمين حتى يستفيد منه عندما يحتاج إليه في عملياته التجارية المختلفة.
فلو أن العميل أراد أن يصل إلى هذين عن طريق العقود المدنية فإنه لا بد أن يلجأ إلى عقدين لا إلى عقد واحد. يلجأ أولا إلى اقتراض المبلغ الذي يكفيه، ثم يلجأ إلى إيداع هذا المبلغ عند أمين. إذا لا بد له من عقد قرض يتبعه عقد وديعة. ولما كان العميل يقترض من البنك ثم يقوم بالإيداع في ذات البنك فلا مناص من اندماج هذين العقدين في عملية واحدة هي بلا شك عملية فتح الاعتماد.
ومن ذلك يتضح لماذا لا يتبع فتح تسليم المبلغ كما هو الأمر في القرض؟
ذلك أن اندماج القرض مع عقد الإيداع عند ذات المقرض يؤدي إلى امتناع التسليم والتسلم، بينما عقد القرض يقتضي تسليم المبلغ من البنك للعميل، فإن عقد الإيداع الذي يتبعه يقتضي تسليم ذات المبلغ من العميل إلى البنك، فإذا اندمج هذان العقدان لم يعد هناك موجب لأن يتبادل الطرفان تسليم وتسلم المبلغ المتفق عليه (1) .
(1)[العقود وعمليات البنوك التجارية](329) وما بعدها.
هـ -
آثار عقد فتح الاعتماد:
لعقد فتح الاعتماد آثار هي ما يقتضيه من التزامات كل من العميل والبنك، وفيما يلي ما يلزم به كل منهما:
1 -
التزامات العميل:
قال الدكتور علي البارودي: يلتزم العميل برد المبالغ التي استعملها في الميعاد المتفق عليه مع الفوائد المتفق عليها، وبأن يدفع العمولة إذا نص عليها العقد.
ولكنه لا يلتزم بأن يستعمل النقود التي يضعها البنك تحت تصرفه بمقتضى العقد حتى ولو كان البنك قد قام بما يكفل وجود هذه النقود مائة في المائة في خزانته، أو امتنع عن التصرف فيها لغيره من العملاء، ففتح الاعتماد يمنح العميل حق الخيار في الاستفادة أو عدم الاستفادة منه ما لم يتفق على تقييد هذا الحق صراحة، كأن يشترط البنك مثلا فسخ الاعتماد بغير إخطار إذا لم يستعمله العميل خلال أجل معين.
على أن البنوك لا تلجأ عادة إلى وضع هذا القيد، ولكنها قد تشترط على العميل مثلا أن يقصر بعض عملياته التجارية عليها، وعلى الأخص خصم الأوراق التجارية.
وقال الدكتور محمد جمال الدين عوض: استخدام الاعتماد شخصي للمستفيد منه: رأينا أن الاعتماد يفتح للعميل لاعتبارات شخصية فيه، ولذلك لا يجوز لهذا الأخير أن يحيل حقه إلى شخص آخر بدون رضا البنك، وإن كان يمكنه توكيل غيره في استخدامه، ويظل هو مرتبطا في مواجهة البنك. وكذلك لا يجوز للبنك أن يحول حقوقه والتزاماته إلى غيره، بل يظل مرتبطا أمام العميل، كما لا ينتقل حق العميل إلى الورثة.
كما أن المطالبة ذاتها بتنفيذ الاعتماد شخصية ترجع إلى تقدير شخص المستفيد فلا يجوز لدائنيه أن يحلوا محله في طلبها ولا أن يحجزوا على هذا الحق تحت يد البنك (1) .
وقال الدكتور محمد جمال الدين عوض موضحا العمولة التي يأخذها البنك: ويلتزم العميل أن يدفع للبنك عمولة معينة تستحق - غالبا - بمجرد إبرام عقد فتح الاعتماد، سواء استخدمه أو لم يستخدمه، وتبرر العمولة بأنها مقابل ما يتحمله البنك؛ ليكون مستعدا لمواجهة احتياجات العميل، والغالب أن ينص على عمولة أخرى تستحق إذا طلب العميل الإفادة من الاعتماد، وإذا فتح للاعتماد حساب لدى البنك استحقت عمولة أخرى نظير فتح هذا الحساب وتشغيله (2) .
(1)[عمليات البنوك من الوجهة القانونية](329، 330) .
(2)
[عمليات البنوك من الوجهة القانونية](330، 331) .
2 -
التزامات البنك:
يقول الدكتور علي البارودي: أهم هذه الالتزامات أن يضع النقود التي وعد بها تحت تصرف العميل طوال الأجل المعين، ويتأكد هذا الالتزام إذا كان العميل يقوم بدفع عمولة مقابل هذا الوعد. إلا أن البنوك لا تأخذ عادة عمولة على مجرد فتح الاعتماد اكتفاء بالفوائد وبالعمولات الأخرى المختلفة عن العمليات التي يكلف بها العميل.
ومع ذلك فعدم الاتفاق على عمولة لا يعطي البنك حق فسخ العقد حتى ولو لم يستعمل العميل المبالغ الموضوعة تحت تصرفه.
ولا يجوز للبنك الرجوع في الوعد قبل الأجل المحدد، ولا يكون صحيحا الشرط الذي يعطي البنك حق الرجوع فيه متى شاء؛ لأنه يعتبر شرطا إراديا محضا، ولكن فتح الاعتماد يستند إلى ثقة البنك في العميل، وله لذلك طابع شخصي واضح، لذلك فالرأي مستقر على أنه يفسخ العقد أو ينهيه، ليس فقط عند وفاة العميل أو إفلاسه أو نقص أهليته (كما هو الأمر في سائر العقود التي تقوم على الاعتبار الشخصي) وإنما يكون له ذلك أيضا إذا حدث تغيرات هامة في سمعة العميل أو في إمكانيته، كما إذا أدين في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة، أو ثبت دخوله في عمليات خطرة لها طابع المقامرة.
ولكي يتجنب البنك ما قد يثيره العميل من منازعات قضائية في هذه الظروف، فإنه يعمد عادة إلى وضع شرط صريح في العقد، يسمح لنفسه فيه بأن يطلب - في أي وقت يشاء - إنهاء العقد فورا، واسترداد ما يكون العميل قد أخذه من المبلغ المفتوح به الاعتماد دون تقيد بمدة محدودة، وبديهي أن البنك لا يقدم على استعمال هذا الشرط إلا في الحالات التي تختل فيها ثقته في العميل، إذ إنه يفضل في الظروف العادية أن يحصل على الفوائد المتفق عليها خلال مدة فتح الاعتماد.
وفي رأينا أن هذا الشرط - في جميع الأحوال - يخضع لرقابة القضاء، ولا يمكن أن يكون مطلقا حتى إذا كانت صياغته تحمل معنى الإطلاق. ويقع على البنك عبء إثبات الأسباب الجدية التي تبرر سحب ثقته في العميل، وللقضاء في ذلك سلطة تقديرية واسعة.